ترويحة المساء…
أكتبها بعد تعب ونصب…
بعض أحبائي يظلون يهددوني.. يهدوننا بقرار حافظ الأسد بحكم الإعدام فينا، يؤكدون قريبا سينفذ عليكم..
ثم يفيضون في التخويف والإنذار.. فإذا المتربصون، أرخبيل عبر المحيطات بل عبر الأرضين والسموات..
مخالبهم وأنيابهم ممتدة، ويزعمون أن لحمنا طري، وأنه لا عاصم اليوم من الماء…
يقول صديقنا وهو يضحك أن اسمنا هو رابع المعطوفات التي سكت براك عنها على طريقة من يقول ادسترا…
ذكرتني هذه الإنذارات المتكررة منذ خمسة وأربعين عاما بحكاية لطيفة كان يحكيها لنا شيخ لطيف على سببل الإحماض..
يقول الشيخ رحمه الله تعالى ورفع مقامه في عليين..
كان في دمشق في حي العمارة، وليسامحني أهل الحي فأنا لا أعرف عنه لا قليلا ولا كثيرا..
يقول كان في الحي امرأتان قاربتا الثمانين، مسلمة ونصرانية، تسكنان في دار عربية من غرفتين صغيرتين، كل منهما في غرفة. كان للدار صحن صغير، فيه شجرة ياسيمين..
وكانت العجوز النصرانية يعجبها في كل أيام الصيف أن تخرج بفنجان قهوتها تحت شجرة الياسمين فتشربها مع ساعات الصباح الأولى..
بينما تكون المسلمة قد سبقتها فصلت الفجر، وكنست أرض الدار، ورطبت الأرض، وحضرت ما تسميه "كسر الصفراء" يحكي الشيخ رحمه الله تعالى فيقول: وكان يروق للعجوز المسلمة أن تقوم مع كل صباح بدعوة أم جورج للإسلام، فتلقي عليها موعظتها الصباحية، عن جمال الإسلام والتوحيد ومذاق صلاة قيام الليل ثم صلاة الفجر في الغسق، وتؤكد عليها أن كل ذلك أطيب مذاقا من فنجان قهوتها الذي ترتشفه كل يوم، ويضيف الشيخ:وتختم أم عبدو موعظتها اليومية بقولها: يا أم جورج أنا والله خائفة عليكِ، واعلمي أنك مع طيبتك وحنيتك، إذا مت نصرانية فستذهبين إلى النار!!
يقول الشيخ: وكانت أم جورج لكثرة ما سمعت هذه الموعظة من أم عبدو، مع كل صباح، منذ أربعين سنة، تعودت أن تجيبها لتكتفي الخصام والجدال والأخذ والرد..
تجيب واعظتها التي تظل تهددها بالنار، فتقول مستسلمة: على النار.. على النار…
نعم يا صديقي الذي ما زلت تهددنا مرة بترامب ومرة ببوتين ومرة بالانكليزي ومرة بالفرنسي ومرة بحافظ ومرة ببشار..ومرة بشاهر ومرة بماهر.. ومرة.. ومرة..
يا أخي قد بعناها..
فإن تكن كما تقول فليكن ما تقول فقط سأبدل جواب أم جورج البسيط: يا عزيزي على الجنة.. الجنة..
"﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ۖ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾
18/11/2025