الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ترامب والجولان السوري المحتل

ترامب والجولان السوري المحتل

18.04.2019
رضوان زيادة


سوريا تي في
الاربعاء 17/4/2019
وقع الرئيس الأمريكي ترامب أمرا تنفيذيا ينص على اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية فوق الجولان السوري المحتل، وذلك بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتتنياهو الذي وصف الخطوة بأنها "تاريخية"، الاعتراف هذا لم يصدر من خلال تشريع أمريكي عبر الكونغرس كما هي حال الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وإنما جاء كـ"هدية" من قبل ترامب إلى صديقه نتنياهو الذي يمر بأيام صعبة سواء من خلال التحقيقيات القضائية غير المنتهية بحقه أو من خلال تدهور شعبيته في استطلاعات الرأي الخاصة بالانتخابات البرلمانية التي ستجري منتصف الشهر القادم.
لقد سبق إعلان الرئيس ترامب هذا نيته القيام بذلك من خلال  تغريدة على حسابه على التويتر عبر فيها عن نية الولايات المتحدة الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية فوق هضبة الجولان السورية المحتلة مما أثار عاصفة من المفاجأة في الشرق الأوسط حيث أدانت كل من جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وحتى الاتحاد الأوروبي وعدد من قادة الدول العربية هذه الخطوة التي سيكون لها تداعيات خطيرة ليس على سياسة الولايات المتحدة فيما يتعلق بسورية التي يعتريها الكثير من التخبط وانعدام الاستراتيجية، وإنما فيما يتعلق بالقانون الدولي الذي تعتبر الولايات المتحدة أحد الدول الرئيسية في إرساء دعائمه منذ الحرب العالمية الثانية.
ولذلك أتى موقف الرئيس ترامب ليشير إلى اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية فوق الجولان بينما وزير الخارجية الأمريكي بومبيو يزور إسرائيل قبل الانتخابات المقررة منتصف الشهر القادم والتقى برئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الذي اعتبر هذه الخطوة بأنها "تاريخية" وقبل هذه الخطوة أسقطت الخارجية الأمريكية تعبير "المحتلة" في صفتها للجولان عند إصدار تقريرها عن حقوق الإنسان في العالم فيما اعتبر مؤشرا على تغيير الوضعية السياسية للجولان المحتل وفق الخارجية الأمريكية.
هذه الخطوة تزيد من اضطراب السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط حيث تضع سياسة ترامب ليس في الصف الإسرائيلي فحسب وإنما تعبر عن دعم أعمى لسياسة اليمين المتطرف في إسرائيل وسيكون لها انعكاسات خطيرة على القانون الدولي وعلى السياسة المستقبلية للولايات المتحدة في العالم العربي.
قرار ترامب هذا لا يمثل تشريعا بقدر ما يعكس قراراً سياسيا من إدارة ترامب يستطيع أي رئيس أمريكي لاحق أن يلغيه
وهكذا فقرار ترامب هذا لا يمثل تشريعا بقدر ما يعكس قراراً سياسيا من إدارة ترامب يستطيع أي رئيس أمريكي لاحق أن يلغيه، لكن خطورة هذا القرار على القانون الدولي تعتبر مؤذية للولايات المتحدة نفسها، حيث رفضت الولايات المتحدة الاعتراف بالسيادة الروسية فوق شبه جزيرة القرم التي احتلها بوتين من أوكرانيا واعتبرها جزء من الأراضي الروسية، وعندها رفضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هذه الخطوة وقاموا بفرض عقوبات بحجة أنه لا يجوز اقتطاع أراضي الغير بالقوة واعتبارها جزءا من أرضها كما ينص على ذلك ميثاق الأمم المتحدة، باعتراف ترامب بالسيادة الإسرائيلية فوق الجولان يكون قد نسف الموقف الأمريكي من القانون الدولي، لكن وكما نعرف فإن ترمب قلما يقيم اعتباراً للقانون الدولي أو تطبيقاته.
إذ رفضت الولايات المتحدة خلال إدارة أوباما أن تعترف بضم الرئيس الروسي بوتين شبه جزيرة القرم لأنه يخالف القانون الدولي الذي يمنع ضم أراضي الغير بالقوة، وبموجب ذلك فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات قاسية على روسيا بسبب رفضها الانسحاب من القرم، ولذلك فباعتراف الولايات المتحدة اليوم بالسيادة الإسرائيلية على الجولان تكون قد ناقضت سياستها في روسيا، وهو ما عبر عنه الكثير من أعضاء الكونغرس من الديمقراطيين.
ولذلك فالقرار التنفيذي الذي وقعه ترامب سيكون له تداعيات خطيرة على القانون الدولي وفي العلاقات الدولية التي يقوم ميثاق الأمم المتحدة اليوم بتنظيمها وينص بشكل صريح على رفض ضم أراضي الغير بالقوة، لكن وكما هو واضح فإن إدارة ترامب نادرا ما تعير اهتماما لحقوق الإنسان أو القانون الدولي وخاصة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، فقد اتخذت إدارة ترامب مجموعة من القرارات المتتالية ضد الفلسطينيين يهدف من خلالها ما يسمى الاعتراف بالحقائق على الأرض ورفض حل الدولتين، هذه الكلمة التي رفض وزير الخارجية الأمريكي ذكرها خلال جلسة استماع في الكونغرس وكرر أكثر من مرة أننا يجب أن نتعامل مع الحقائق على الأرض كما هي ، في مدخل للتطبيع مع المنطق الإسرائيلي القائم على القوة وامتلاك أراضي الغير وبعدها المماطلة في الحلول السياسية حتى تصبح غير واقعية.
للأسف لم يقابل موقف ترامب إلا بقرار هزيل من جامعة الدول العربية، ويبدو النظام السوري معدوم القوة أو الإرادة أو القدرة السياسية على القيام بأي شيء ذي معنى يغير من الحقيقة القائمة على السيطرة الإسرائيلية على الجولان بعد أن استنفذ كل قواه في تدمير مقدرات سورية وتدمير كل قواها البشرية والمادية، مما حول المجتمع السوري إلى مجتمع مشلول بالكامل منعدم الأمل مسلوب الإرادة،  وهو ما يعني بالنهاية أن القانون الدولي بجانب الموقف السوري لكن القوة الدولية بجانب الموقف الإسرائيلي ودائما ما يكون الموقف الدولي انعكاساً للقوة على الأرض، ولذلك ليس لدى السوريين من عزاء اليوم سوى التفكير في بناء سوريا المستقبل القائمة على القوة واحترام القانون وحقوق الإنسان، فهو ما سيعيد لهم سوريتهم وجولانهم