الرئيسة \  مشاركات  \  تاريخ العمالة للخميني (4)

تاريخ العمالة للخميني (4)

13.01.2022
المهندس هشام نجار




أنهيت الجزء الثالث والخميني مع بعض مريديه رحلوا إلى باريس وأقاموا تحت حماية المخابرات الفرنسية والامريكيه ، في الوقت الذي كانت فيه الثورة داخل إيران قد إقتربت من النضوج .
وسرعان ما تحول مقر إقامة الخميني في نوفل لو شاتو إلى خلية لإدارة الانقلاب ضد الشاه.
كان تأثير أشرطة التسجيل التي يرسلها الخميني إلى الداخل الإيراني واسعاً ، وكان يستقبلها الايرانيون بالداخل عن طريق الخطوط الجوية الفرنسية.
السوفييت إحتلوا افغانستان ، فكان لابد من الولايات المتحدة الإعتماد على دعم أي توجه إسلامي لتكون عناصره كبش الفداء في قتال السوفييت، ويمكن أن نتلمس اثر ذلك في قرارات إدارة كارتر بخصوص التخلي عن الشاه لتركيب تحالف من الشعوب الأفغانية – الايرانية - الخليجية لمنع موسكو من تثبيت أقدامها في أفغانستان.
إذن ، كان وجود إيران خمينية ضروري لأمريكا لانهاء حلفاء السوفييت فيها من حزب تودا القوي وحلفائهم اليساريين.
حصلت بين الإدارة الأمريكية وبين معسكر خميني عدة جلسات لبحث آخر التطورات، حيث بينت محاضر الجلسات بينهما إلى أن معسكر الخميني يخشى وقوع إنقلاب عسكري بعد تسليم الشاه مسؤولية رئاسة الوزراء للاصلاحي شهبور بختيار والالتفاف على حركته ، الا أن الخميني إطمأن إلى أن إدارة كارتر لم تكن تشجع الجيش على الاستيلاء على السلطة .كما ان معسكر الخميني أقتنع ايضاً من أن الرئيس كارتر وصل لقناعة من أن الشاه حاكم "استبدادي"، وعليه أن يغادر إيران. وبالمقابل فقد أكد الخميني للرئيس كارتر بان يكون صديقاً مخلصاً موضحاً في رسالته له“سترون أننا لسنا في أي عداء معكم”.
جاءت رسالة الخميني ضمن وثائق رفعت عنها واشنطن السرية وتدل على حوار أميركي مع الخميني نتيجة لمحادثات مباشرة جرت لمدة أسبوعين بين رئيس أركان الخميني وممثل للحكومة الأميركية في فرنسا.
وتكشف الوثائق أنه بعد مغادرة الشاه أخبرت واشنطن مبعوث الخميني أن “الولايات المتحدة مع فكرة تغيير الدستور الإيراني، وإلغاء النظام الملكي، وأن القادة العسكريين الإيرانيين سيجدون مرونة بشأن مستقبلهم”. وتشير الوثائق إلى أن “الخميني يعتقد أن وجود الأميركيين في إيران أمر مهم للغاية وذلك لمواجهة النفوذ السوفييتي والبريطاني”.
ووصل الأمر بتكتيك خميني أن يبعث بتاريخ 5 كانون الثاني / يناير 1979 برسالة مطمئنة إلى واشنطن، تنص على أنه “يجب ألا تكون هناك أي مخاوف على النفط، وليس صحيحاً أننا لن نبيعه إلى الولايات المتحدة”، وسيستمر تدفق النفط بعد قيام الجمهورية الإسلامية إلى امريكا ،مضيفا: “إيران بحاجة إلى مساعدة الآخرين، لا سيما الأميركيين لتطوير البلاد”.
شعر شاه إيران أن الماء تجري من تحته فحاول امتصاص ردود الأفعال بقدر مايستطيع ، محاولاً في شهر كانون الثاني / يناير 1979 احتواء ثورة الخميني داخل إيران، فعين شهبور بختيار رئيساً للوزراء، وأثناء توليه منصبه الجديد حاول أن يقوم ببعض الإصلاحات الداخلية ففكك "السافاك" (الشرطة السرية) وأطلق سراح المعتقلين السياسيين وأعطى ترخيصا للعديد من الصحف المعارضة.
لكن كل تلك الجهود ذهبت أدراج الرياح بعد عودة الخميني من منفاه في فرنسا .
ففي 1 شباط / فبراير 1979،غادر الخميني مع مريديه المقربين فرنسا عبر الخطوط الجوية الفرنسية وبحراسة المخابرات الفرنسية بعد أن أثمرت المحادثات مع الجانب الأمريكي إلى اتفاقات سرية بينهما ، ووصل طهران وسط حشد مليوني من قارعي الصدور بانتظاره .
أصبح الخميني بالنسبة لأتباعه شخصاً "شبه مقدس"، وأوضح الخميني في كلمة القاها في يوم وصوله رفضه لرئيس الوزراء شهبور بختيار قائلا: "سوف أحطم أسنانهم لقلعها" فانهارت حكومة بختيار بسرعة في نفس يوم وصول الخميني لطهران، فاختفى بختيار عن الأنظار إلى أن استطاع الفرار إلى فرنسا في نيسان / أبريل من العام نفسه، وهناك أسس حركة المقاومة الوطنية في المنفى.
نجا بختيار من محاولتين لاغتياله، لكنه قتل في الثالثة، حيث وجد مقتولا بعدة طعنات في الصدر في بيته بباريس عام 1991 برفقة سكرتيره الخاص من قبل ثلاثة أشخاص كما قتل أحد جيرانه ورجل شرطة ذبحا بسكين، ولم تكتشف وفاته إلا بعد مرور 36 ساعة واتهم أطراف من الحرس الثوري الإيراني بجريمة الاغتيال. فر إثنان من القتلة إلى إيران، في حين أعتقل الثالث "علي وكيلي راد" في سويسرا وسلم إلى فرنسا برفقة "زيال سارهادي" وهو قريب للرئيس الإيراني آنذاك هاشمي رفسنجاني وتمت محاكمة علي وكيلي راد وحكم عليه بالسجن المؤبد في 1994.
بعد هروب بختيار، عين الخميني منافسه مهدي باذرگان مؤقتاً رئيساً للوزراء، وقال: "بما أنني قد عينته، فيجب أن يطاع". واعتبرها "حكومة الله في ارضه" وحذر من عصيانها، فأي عصيان لها "عصيان لله". فيما راحت حركة الخميني تكتسب مزيداً من الزخم، بدأ الجنود بالانضواء إلى جانبه. ولكن هذا لم يمنع من اندلاع قتال بين الجنود الموالين والمعارضين، فأعلن الخميني "الجهاد" على الجنود الذين لم يسلموا أنفسهم. وفي 11 شباط / فبراير أعلن المجلس العسكري الأعلى نفسه محايداً في النزاعات السياسية الراهنة لمنع المزيد من الفوضى وإراقة الدماء.
بدأ الخميني على الفور بالتخطيط للالتفاف على حلفائه المقربين لينفرد في قيادة إيران حيث توفي بعضهم في ظروف غامضة، وقتل البعض الآخر في السنوات اللاحقة. فنفذ بذلك القول الماثور : (الثورة كالقطط تأكل ابناءها) ، وهذا ينطبق على كل الانقلابيين العسكريين في بلادنا ، فانقلاب مصر عام 1952 بقيادة عبد الناصر قضت على اللواء محمد نجيب وداعميه من الإصلاحيين الديموقراطيين ليستمر حكم الفرد ، وكذلك فعل القذافي، والانقلابيون البعثيون عام 1963 في سوريا عندما غدروا بالناصريين شركاءهم بالانقلاب ثم انهى حافظ اسد رفاقه ايضاً بانقلاب عام 1970. فتفكير الديكتاتوريين واحد والهدف هو الاستفراد بالسلطة، وهذا امر مرغوب فيه لدى الولايات المتحدة ، فباتصال هاتفي يمكن حل أعقد الامور مع الديكتاتور دون حاجة لمجلس تشريعي منتخب بطريقة ديموقراطية .
فتم تصفية معظم من رافقوا آية الله الخميني في الطائرة التي أعادته إلى إيران في الأول من فبراير/ شباط 1979 وباتوا ضحايا للتطورات السياسية بعد الثورة. ومنهم
1- مرتضى مطهري: أحد منظري الثورة وأحد مؤسسي مجلس شورى الثورة الإسلامية أغتيل في الأول من ايار / مايو 1979 في طهران.
2- حسن لاهوتي أشكوري : الحليف المقرب من آية الله الخميني، بيد أنه بعد الثورة مباشرة بات أقرب إلى الرئيس الإيراني أبو الحسن بني صدر، . وبعد سنتين من الثورة اقتيد أشكوري إلى السجن وتوفي هناك بعد أيام. وتقول عائلته أنه قد سُمم.
3- صادق قطب زاده: وزير خارجية إيران بعد الثورة حتى اب / أغسطس1980. وقد أعدم في أيلول/ سبتمبر1982، بعد اتهامه بالتآمر لاغتيال آية الله الخميني والإطاحة بالجمهورية الإسلامية.
4- صادق طباطبائي: تولى عددا من المناصب الحكومية بعد الثورة من بينها نائب رئيس الوزراء في حكومة مهدي بزركان، بيد أنه أبعد نفسه عن السياسة لاحقا. توفي بسرطان الرئة في ألمانيا
5- ابو الحسن بني صدر وكان على متن الطائرة، المتوجهة من باريس إلى طهران عام 1979والتي كانت تقل لاحقا آية الله خميني، وفي العام التالي أصبح بني صدر أول رئيس منتخب للجمهورية الإسلامية الإيرانية. لكنه اضطر في وقت لاحق إلى الهروب من إيران، وهو يعيش اليوم في المنفى في فرنسا.
اما عن المحاكمات الصورية فحدث عنها ولاحرج والتي ذهب ضحيتها عشرات الالاف من المعارضين، فقد تم تعيين إبراهيم رئيسي رئيس ايران الحالي بمنصب مدعياً عاماً في مدينة كرج قرب طهران، وهو لما يزل في العشرين من العمر.
ثم امضى قرابة ثلاثة عقود في هيكلية السلطة القضائية لإيران، متنقلاً بين مناصب عدة، منها مدعي عام طهران بين 1989 و1994، ومعاون رئيس السلطة القضائية اعتباراً من 2004 حتى 2014 حين تم تعيينه مدعياً عاماً للبلاد.
وفي عام 2019 تم تعيينه على رأس السلطة القضائية، أحد الأركان الأساسية للنظام السياسي فكان بمثابة جلاد المعارضة طيلة اربعين عاماً .
في الجزئين الخامس والسادس الاخير سأكتب عن رفض الولايات المتحدة منح الشاه حتى إقامة مؤقتة في الولايات المتحدة رغم مرضه بالسرطان وحاجته لعناية طبية عاجلة ، وكذلك سأتناول موضوع حجز الرهائن الأمريكيين في السفارة الأمريكية كنوع من السياسة المعروفة ب( سياسة الايذاء الذاتي لتحقيق مكاسب افضل ) وسأضرب امثلة على هذه السياسة. كما سأتطرق لحروب إحتلال العراق وتسليمه لإيران عربون الاخلاص المتبادل مع الغرب ، لاصل الى مؤامرة الرئيس أوباما النووية وإغماض عينيه عن استفزاز دول الخليج، للجوء هذه الدول لحضن اسرائيل وهذا كان أحد مكاسب إسرائيل الرئيسية ، هذا الاستفزاز الذي رفضه الشاه في حينه ، وكان أحد أسباب التخلي عنه. ثم التمدد غرباً للسيطرة على المشرق العربي .واختم بالمعارضة الايرانية بقيادة السيدة مريم رجوي .