الرئيسة \  مشاركات  \  بشار الأسد ومحطات الصعود إلى القاع

بشار الأسد ومحطات الصعود إلى القاع

21.06.2020
د. محمد أحمد الزعبي





( سوف نكتفي بالنسبة للمحطات الفرعية ، بتعدادها ، دونما شرح موسع ، اعتقادا منا ، أن هذه المحطات باتت معروفة لمعظم قرائنا الكرام )
1.محطة الوحدة المصرية السورية عام 1958 :
+ يعتير حل الحزب عام 1958 المحطة الفرعية ، التي شهدت الإنشقاق الأول في الحزب ، والذي عرف آنذاك بانشقاق القطريين ( فرع الحزب في دير الزور ) الذين لم يوافقوا على حل الحزب لصالح أحد شعاراته الثلاثة ( الوحدة ) على حساب شعاريه الآخرين ( الحرية والإشتراكية ) .
+ يعتبر تشكل اللجنة العسكرية الخماسية ( محمد عمران ، صلاح جديد ، حافظ الأسد ، عبد الكريم الجندي ، أحمد الأمير ) في القاهرة1959 ، والتي مثلت عملياً " البذرة " الطائفية التي سيطرت بعد الإنفصال على الحزب والجيش والتي تعتبر المحطة الفرعية الأهم من مراحل نبتة 8 آذار 1963 الطائفية ، وبالتالي صعود عائلة الأسد بداية إ لى كرسي الحكم ، ومن ثم إلى التوريث ، وأخيراً إلى القاع . هذا وتعتبر ( ثورة الثامن من آذار 1963 )، الأخت الشقيقة لثورة الثامن من شباط اليسارية في العراق ( انقلاب علي صالح السعدي ) ، حيث المسافة الزمنية بينهما ثلاثين يوما فقط
+ انعقاد المؤتمر القومي الخامس في حمص 1962 ومشاركة صلاح جديد فيه كمراقب ( كون الحزب محلول في سوريا ) وكممثل عن لجنة القاهرة العسكرية الخماسية ، وإفتائه ( المؤتمر) بضرورة تفعيل نشاط الحزب في سوريا ، الذي سبق أن حلته القيادة الثلاثية للحزب ( عفلق ، الحوراني ، البيطار ) عام 1958.
2. محطة ثورة الثامن من آذار 1963 :
+المؤتمر القومي السادس 1963 ، الذي عقدته قيادة حمود الشوفي القطرية اليسارية بدمشق ، بالتعاون مع مجموعة علي صالح السعدي العراقية ، والتي كان حافظ الأسد أحد أعضائها البارزين الثمانية آنذاك ، والتي كانت خليطاً من المدنيين والعسكريين .
+ بعض المنطلقات النظرية ، التي كتبها حيينها و بتكليف من حمود الشوفي ، السيدان الياس مرقص و ياسين الحافظ ، والتي تمثل باكورة الإنقسام وبالتالي الصراع القومي ( ميشيل عفلق ) القطري ( اللجنة العسكرية الخماسية ، التي كانت ماتزال تحمل طابعاً سرياً / تقوياً) . هذا مع العلم أن " دستور " الحزب الذي أقره المؤتمر التأسيسي عام 1947 كان يعتير المرجعية النظرية ( الأيديولوجية ) للتيار العفلقي ، في حين مثلت "بعض المنطلقات النظرية " التي اقرها المؤتمر القومي السادس 1963 المرجعية النظرية ( الأيديولوجية ) للتيار اليساري في البعث ، والذي كان قريباً من الماركسية ومن الإشتراكية العلمية .
3. محطة المؤتمر القطري التوافقي ( بين عفلق والعسكر) عام 1965 ،
+ تمت في هذا المؤتمر ، توسعة القيادة القطرية من 8 إلى 15 عضواً ، والتوافق على تسمية أعضائها بين ميشيل عفلق وكبار الضباط البعثيين ( عملياً مجموعة صلاح جديد )، والذين كان من المفروض أن تذاع هذه الأسماء من إذاعة دمشق ،في نشرة الأخبار الصباحية ، إلاّ أن المفاجأة كانت أن إذاعة الكيان الصهيوني قد أذاعت هذه الأسماء قبل إذاعة دمشق . وهو الأمر الذي جعل المخابرات السورية ( المرحوم اللواء أحمد سويداني ) تكثف بحثها عن جاسوس ما داخل المؤتمر أو قريب منه ،هو من قام بتسريب هذه الأسماء وهكذا تم اكتشاف الجاسوس الإسرائيلي " إيلي كوهين " والذي كان متخفياً تحت اسم تاجر عربي يدعى " كامل أمين ثابت " ويقطن في بناية قريبة من قصر الضيافة في المالكي ، حيث العديد من السفارات الأجنبية . لقد تم اكتشاف الجاسوس كوهين ، في الأيام القليلة التي تلت المؤتمر ، وتمت محاكمته ، ومن ثم إعدامه في ساحة المرجة بدمشق بتاريخ 18 ماي 1965 .
+ حل القيادة القطرية الموسعة ( ال15) من قبل القيادة القومية 1965 وتعيين قادة قطرية بديلة ، وتمرد القطرية المحلولة التي كان يقودها عملياً صلاح جديد وحافظ الأسد وعبد الكريم الجندي ، على القيادة القومية ، وعلى أمينها العام الدكتور منيف الرزاز ، الذي سبق أن تم اسدال عفلق به بناء على رغبة الجناح العسكري ( عملياً لجنة القاهرة الخماسية ) في الحزب :
4. محطة حركة 23 شباط 1966 :
+الإنقلاب العسكري القطري الطائفي ( مجموعة صلاح جديد وحافظ الأسد ) على القيادة القومية ( ميشيل عفلق ومنيف الرزاز ) ، كرد قطري على حل القيادة القومية للقيادة القطرية السورية 1965 .
+ تكليف نور الدين الأتاسي بمهمة الأمين العام للحزب و برئاسة الدولة ، ومحمد الزعبي بمهمة الأمين العام المساعد ، وصلاح جديد بمهمة الأمين العام المساعد لشؤون القطر السوري ، وتكليف يوسف الزعين برئاسة مجلس الوزراء وحافظ الأسد بوزارة الدفاع ، وابراهيم ماخوس بوزارة الخارجية ، ومحمد الزعبي بوزارة الإعلام إضافة إلى مهمته الحزبية كأمين عام مساعد للحزب (!!). وكان السبب الكامن وراء هذا التكليف الأخير ، بروتوكولياً ، أي تطبيقياً إزاحة محمد الزعبي عن مهمته الحزبية ، كأمين عام مساعد للحزب ، وتحويله إلى منصب سياسي ( وزير إعلام ) بعيداً عن قيادة الحزب القومية .
+ مداخلة محمد الزعبي النقدية في اجتماع القيادتين بتاريخ 26.03.1967 ومغادرته قاعة الإجتماع ، تأكيداً وتنفيذاً لتلك المداخلة النقدية ، التي كانت تحمل اتهامات ضمنية شبه صريحة بالطائفية لبعض أعضاء القيادة القطرية والقومية .
+ قرار القيادة بإدانة مداخلة الزعبي ، وتكليف حاكم الفايز بإبلاغه بهذا القرار ( في منزله ) بتاريخ 27.03.1967 ، وتسليمه ورقة تحتوي على نص قرار القيادة ، والذي قال المرحوم حاكم الفايز ، أنها ( الورقة القرار) بخط المرحوم اللواء أحمد سويداني ، وهي ( الورقة القرار ) ماأحتفظ به لدي حتى اليوم . وهذا هو نص قرار القيادة ، كما جاء في هذه الورقة المرسلة إلي :
 ( قامت القيادة بمناقشة ماطرحه الرفيق محمد الزعبي في جلسة القيادة يوم 26/3/67 وقررت ، شجب ماورد بحديثه من أفكار وعبارات تمس مقررات المؤتمر القومي التاسع وتوصيات ومقررات المؤتمرين القطريين الثاني الإستثنائي والثالث ، وما ورد من أسس وشعارات وحقائق في البيان الذي طرحته حركة 23 شباط 1966 . كما قررت أن تطلب إلى الرفيق محمد الزعبي أن ينقد نفسه نقداً ذاتياً واضحاً وصريحاً ، وأن يعترف بخطئه وبعدم صحة ماتدل عليه بعض ألفاظ حديثه المشار إليه ، وأنه قد قال ذلك عن غير قصد منه ) .
+ واقع الحال أنني لم أستجب لقرار القيادة بالإعتذار ، ولم تقم القيادة باتخاذ أي إجراء حزبي ضدي ، ولم أتقدم بدوري بالإستقالة لامن الحزب ولا من القيادة أو الوزارة ، وهكذا بقيت في وضع حزبي إشكالي مزدوج، ( لامعلق ولا مطلق ) حتى التغيير الوزاري بعد هزيمة 1967. حيث تركت الجمل بما حمل وغادرت إلى ألمانيا لدراسة الدكتوراة .
+ قبيل حرب حزيران 1967 ،وفي أحد اجتماعات القيادة والذي كان يجمع عادة بين القيادتين القومية والقطرية ، أبلغني صلاح جديد ، أن القيادة قلقة من أداء وزارة الإعلام ، قياساً على إذاعة القاهرة ، وسألني فيما إذا كنت أوافق على أن يشرف معي على هذه الوزارة كل من الرفيقين نور الدين الأتاسي ( الأمين العام للحزب ) وصلاح جديد ( الأمين العام المساعد لشؤون القطر السوري ) ، فكان جوابي بالموافقة . وهكذا أصبحت وزارة الإعلام تحت إشراف " مزدوج " ، وهو مااستمرت عليه الحال حتى انعقاد المؤتمر القطري بعيد هزيمة 1967 ( في مقر اللواء 70 قرب " الكسوة " على ماأظن )، حيث اعتزلت العمل الحزبي والسياسي ، ورفضت عرض الدكتور يوسف زعين رئيس الوزراء ، ان أشترك معه في الوزارة الجديدة ( وزارة مابعد الهزيمة ) كنائب لرئيس الوزراء للشؤون الثقافية ، و بقيت مصراً على موقفي ( ترك الجمل بما حمل ) وسافرت إلى ألمانيا للدراسة ( صيف 1968 ) كما سبق أن ذكرت .
5. المحطة الكبرى ، حرب حزيران 1967 والبلاغ العسكري 66 :
 + لقد كتبت ونشرت الكثير حول كل ماأعرفه وما عرفته ( كشاهد عيان ) عن خلفيات هذا الموضوع . ولقد أكد كافة من استشهدت بهم وخاصة ( اللواء أحمد سويداني ، مروان حبش ، فؤاد بريك ) أن أياً من جنود العدو ، لم تكن قد وطأت قدمه مدينة القنيطرة ، عندما أذيع البلاغ العسكري رقم 66 ، الذي أصدره وزير الدفاع حافظ الأسد . وما أرغب أن أقوله الآن ، وهنا ، هو مايلي : إذا كان حافظ الأسد عندما أصدر البلاغ 66 كان على علم بأن مدينة القنيطرة ، ماتزال بيد أهلها ( لم تسقط ) ، ورغم ذلك أصدر البلاغ ، فإنني أضع ألف إشارة استفهام وتعجب وشبهة ، على موقفه في حرب حزيران عام 1967 ( بما في ذلك البلاغ 66 ) بل وعلى موقف وريثه وابنه بشار من ضياع هضبة الجولان والتبرع بها لنتنياهو ، مقابل أن يتكفل هذا الأخير بحماية الكرسي الذي ورثه عن أبيه ، كي تظل مسألة البلاغ 66 سراً خالصاً ضمن العائلة الأسدية فقط لاغير .
+ أظن هنا ، - والله أعلم - أننا أمام طغمة من الطائفيين. بذرتها خماسية القاهرة 1959 وثمرتها المرّة كل ماشهدناه ونشهده وربما سنشاهده ، من آلام ومآس ودماء وأشلاء وتهجير وإخفاء قسري وموت تحت التعذيب في السجون ومقابر جماعية ومجازر منذ 1963 وحتى ساعتنا هذه . و أجزم أيضاً ( كشاهد عيان ) ، أن سكوت نظام الأسدين على احتلال الكيان الصهيوني لهضبة الجولان ، وعلى الدور القذرالذي لعبه مؤخراً الرئيس الأمريكي " ترامب " ومعه بعض الأنظمة العربية ، في هذا الموضوع ( ضم إسرائيل لهضبة الجولان ) إنما يدخل في باب الخيانة الوطنية بشحمها ولحمها . لقد هتف شباب ثورة آذار 2011 " اللي بيقتل شعبه خاين " ، فكيف به إذا فرط بأرض هذا الشعب بعد قتله . ( إقرأ في الحوا ر المتمدن ، مقالنا " هضبة الجولان والمتآمرون الثلاثة " ، تاريخ 21 ماي 2020 ) .
6. الحركة التصحيحية لحافظ ( الأب ) 1970 :
+ تنتمي هذه الحركة ، والتي يسميها الكاتب ( الحركة التضليلية ) إلى مرحلة الصراع بين صلاح جديد وجناحه المدني في القيادة القطرية من جهة ، وحافظ الأسد وزير الدفاع في حرب حزيران 1967 ، وصاحب البلاغ 66 المشبوه، وجناحه العسكري الطائفي في الجيش والحزب من جهة أخرى . ولاسيما بعد وقف القتال وصدور قرار مجلس الأمن 242 .
+ لقد سمحت هذه الحركة ذات البعد العسكري الطائفي لحافظ الأسد ، وخاصة بعد ان وضع صلاح جديد ومجموعته في السجن ، أن يحكم سورية حكماً فرديا ديكتاتورياً طيلة حياته التي امتدت حتى عام 2000 ، وأن يورث هذا الحكم من بعده لابنه بشار ، الذي سلم سورية ( الجمهورية العربية السورية ) بدوره بعد 2011 إلى كل من الحرس الثوري الإيراني وحسن نصر الله اللبناني وفلادمير بوتن الروسي ، وبعد أن أبلغ ابن خالته رامي مخلوف إسرائيل أن أمنها واحتفاظها بهضبة الجولان باتا مرتبطين بأمن بشار وأمن نظامه ، أي عملياً باستمرار بشار بالسلطة - كما والده - حتى الموت ، ثم توريثها لولده حافظ من بعده ، - أيضاً كما فعل والده - .
+ لقد كانت " الجزرة " التي كان بشار يغري بها ، كل من خف لمساعدة نظامه على البقاء والصمود في وجه ثورة آذار 2011 ، في الشرق والغرب ، هي أن " سوريا الأسد" باتت خالية من "ألإسلام المعتدل " ( السنّي )الذي كان يقض مضاجعهم ويشجعهم على أن يخفوا ( بتشديد الفاء ) لفورهم لحمايته وحماية نظامه العلماني ، الذي لاينظر إلاّ إلى حاضر سوريا وإلاّ إلى مستقبلها ، بعيداً عن "ماضيها " القريب أو البعيد ، الماضي الذي بات – بنظر هؤلاء العلمانيين - شيئاً من التاريخ لابد من نسيانه !! . إن المضحك والمبكي في هذا التصور ( العرفاني !!) عند كل من الشرق والغرب ، هو أن عليا ابن أبي طالب ( رضي الله عنه ) وولديه الحسن والحسين وأمهم فاطمة الزهراء ، إنما ينتمون إلى القرن العشرين ، قرن الخميني والخامنئي وبوتن ونتنياهو وترامب ، وليس إلى القرن السابع الميلادي . اللهم أدم علينا عقولنا . آمين .
+ نأمل أن يقوم قانون قيصر بتغيير السياسة الأمريكية وإنصاف الشعب السوري المظلوم من عائلة الأسد ، في إطار القانون الدولي وحقوق الإنسان
7. ثورة العشرين تعود في ثوبها الجديد :
+ الثوب الجديد هنا يشير إلى أمرين متلازمين ، الأول إلى الثورة السورية التي قادها سلطان باشا الأطرش ضد الفرنسيين في عشرينات القرن المنصرم ، والثاني إلى انخراط أحفاد قائد ثورة العشرين ، أبناء مدينة السويداء الأشاوس ، عاصمة محافظة جبل العرب ، في ثورة 2011 ، ومطالبتهم عبر هتافاتهم وشعاراتهم المعلنة برحيل نظام عائلة الأسد ( الشعب يريد إسقاط النظام ).
+ إن هذه الثورة الشعبية الجديدة ، في السويداء إنما تمثل- برأينا - غرس المسمار الأخير في نعش بشار الكيماوي ( أبو البراميل ) ، ونعش النظام الذي ورثه عن أبيه ، ذلك النظام المشبوه والمدان ، الذي بدأ ه الأب بالمساومة على الجولان ( البلاغ 66 ) ، واختتمه الإبن بالمساومة على الوطن ( ج ع س ) كلّهً حيث قام بوضعه تحت تصرف بوتن وولي الفقيه ونتنياهو وترامب ، بل وتحت تصرف لكل من يتطوع من الدول العظمى والصغرى لحمايته وحماية نظامه من غضبة الشعب عليه ، أي حمايته من السقوط إلى القاع .
+ وختاماً : تحية إلى أبناء السويداء الأشاوس ، والذين سيتم على أيديهم -إنشاء الله- إسقاط هذا النظام . وليرحم الله شهداء ثورة 2011 المستمرة ، ويرحم قبلهم شهداء ثورة العشرين ، وقائدها العظيم سلطان باشا الأطرش . آمين.