الرئيسة \  ملفات المركز  \  انجازات بشار الأسد التي لم يحلم بها العدو

انجازات بشار الأسد التي لم يحلم بها العدو

11.06.2020
Admin



ملف مركز الشرق العربي 10/6/2020
عناوين الملف :
  1. ديارنا :20 عاما على حكم الأسد، من ربيع دمشق إلى دولة منبوذة
  2. الحل :الأسدُ البائِس: بعد عشرين عاماً في السّلطة.. أيْنَ المَفَر؟
  3. السعودي 24 :عدل الدستور وباع بلاده.. تقرير يكشف كيف تسبب بشار الأسد في خراب سوريا
  4. حرمون :أسواق النار والطائفية ومستقبل سورية
  5. اقتصاد :لعنة 50 عاماً.. إلى أين أوصلت الليرة السورية؟
  6. الرأي العام :حافظ الأسد... ثلاثة عقود في حكم سورية
  7. المدن :موسكو:مضى زمن الأسد؟
  8. القدس:حافظ الأسد.. ثلاثة عقود في حكم سوريا
  9. الحرة :20 عاما في السلطة.. الأسد وعد السوريين بالانفتاح فشردهم من وطنهم
  10. عربي 21 :20 عاما على حكم الأسد الابن.. حرب أهلية ومصائب تتراكم
  11. العرب اللندنية :20 عاما على رحيل حافظ الأسد: من ربيع دمشق إلى جراح الحرب
  12. الرياض :كيف صنع (السيد 5 %) إمبراطورية توازي ميزانية الدولة بأكلمها؟...آل الأسد وآل مخلوف.. منافسة تاريخية على نهب سورية
  13. الشرق الاوسط :الذكرى الـ20 لرحيل حافظ الأسد.. سوريا من لاعب إلى ملعب
 
ديارنا :20 عاما على حكم الأسد، من ربيع دمشق إلى دولة منبوذة
شاب سوري يرفع صورة كاريكاتورية للرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء مشاركته في تظاهرة بمدينة إدلب احتجاجا على الهجوم الذي شنه النظام السوري والروس على المحافظة الشمالية في 21 شباط/فبراير. [محمد الرفاعي/وكالة الصحافة الفرنسية]
مع تولي الرئيس السوري بشار الأسد السلطة بعد ثلاثة عقود من حكم والده الحديدي، عم الأمل بأن يشكل هذا الحدث خطوة أولى نحو الانفتاح الديموقراطي. لكن بعد 20 عاما على حكمه، باتت سوريا معزولة تمزق الحرب أوصالها.
اليوم، تبدو سوريا الواقعة تحت وطأة انكماش اقتصادي مؤلم وعقوبات وتسع سنوات من الحرب، بعيدة كل البعد عن الصورة التي أوحاها الأسد عندما صعد إلى كرسي الرئاسة بعد شهر من وفاة والده حافظ في 10 حزيران/يونيو 2010.
وعن هذا الموضوع، تحدث فيصل عيتاني من مركز السياسة العالمية وقال: "ساد قدر كبير من القلق في المراحل الأولى إذ لم تشهد سوريا انتقالا سلميا للسلطة منذ عقود، وكان حافظ الأسد هو الرئيس الوحيد الذي عرفه الكثير من الناس".
لكن "سرعان ما استتب الوضع مع ترسيخ بشار موقعه وإحاطة نفسه بهالة من الحداثة والشباب والانفتاح"، على حد قوله.
مركز لتحويل الأموال وصرف العملات في دير الزور أغلقه النظام السوري. [حقوق الصورة لصدى الشرقية]
ومع إدائه اليمين في سن الرابعة والثلاثين، كان طبيب العيون الذي درس في لندن يلبس لبوس المصلح الذي يمكنه تغيير السياسة السورية بشكل جذري عبر تحرير الاقتصاد والانفتاح المحدود على الغرب.
وبعد فترة وجيزة من انتخابه في اقتراع لم يشارك فيه سوى مرشح واحد، شهدت سوريا موجة مستجدة من النقاش والنشاط السياسي، بعد نحو 40 عاما من قبوعها تحت قانون الطوارئ.
وفي وصف لبشار، قال الخبير السوري والأستاذ المساعد في جامعة جورجتاون، دانيال نيب، إنه "شخصية مختلفة جدا عن شخصيات النظام البارزة الأخرى".
وأضاف نيب أنه "في بلد لم يشهد أي انفتاح سياسي أو اقتصادي مهم منذ أكثر من عقد، بدا صعود بشار إلى الرئاسة مؤشرا على تحقيق الإصلاح الذي طال انتظاره".
’فكرة المحرر ماتت بسرعة‘
وفي أيلول/سبتمبر من العام 2000، دعا نحو 100 مثقف إلى إجراء إصلاحات تشمل رفع حالة الطوارئ واحترام الحريات العامة والتعددية السياسية فيما أصبح يعرف باسم ربيع دمشق.
وأكد عيتاني أن "فكرة بشار كمحرر ماتت بسرعة كبيرة".
وبحلول صيف عام 2001 بدأ بقمع المعارضة، وتلاشى الوعد بالتحرير الاقتصادي وباتت الثروات ملكا حصريا لشركائه في النظام.
وتابع عيتاني أن "اقتصاد السوق الاجتماعي الذي دشنه بشار تحول إلى وصفة للفساد الجشع ضمن الدائرة المقربة منه".
"تعمق التفاوت الاقتصادي، ووقع الكثير من أبناء الطبقة الوسطى وسكان الريف في فقر مدقع"، حسبما أردف.
وما قوض شرعيته الدولية هو قمعه الوحشي للاحتجاجات المناهضة للحكومة التي اندلعت عام 2011، إضافة إلى الحرب التي قتلت منذ ذلك الحين أكثر من 380 ألف شخص وشردت الملايين.
وأدت سلسلة من العقوبات التي فرضها كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى تفاقم أزمة الشلل الاقتصادي، ومن المقرر أن يشهد الشهر الجاري دخول آخرها حيز التنفيذ.
ويعيش معظم السكان في فقر وانخفضت قيمة الليرة السورية مقابل الدولار إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، ما أثار موجة جديدة من المعارضة في المناطق التي يسيطر عليها النظام، في الوقت الذي يستمر فيه العنف بضرب المناطق التي لا تخضع لسيطرة الأسد.
تشظي الاقتصاد السوري
وفي حديث لديارنا، أوضح الاقتصادي السوري محمود مصطفى، أن المناطق التي يسيطر عليها النظام تشهد ارتفاعا هائلا للأسعار وإغلاق للمحلات واختفاء السلع الأساسية من الأسواق.
وأضاف أنه لا يمكن وصف ارتفاع الأسعار الأخير سوى بأنه "جنوني"، مشيرا إلى أن أسعار بعض السلع ارتفعت بنسبة تصل إلى 300 في المائة.
وقال إن سعر صرف الليرة مقابل الدولار تجاوز مبلغ 3000 ليرة للدولار الواحد، وحتى أنه بلغ في بعض المناطق 3500 ليرة للدولار الواحد.
وتابع مصطفى أن أسعار الصرف هذه دفعت التجار إلى التوقف عن تزويد الأسواق بالمواد والسلع، كما أقفلت معظم الأفران والمحلات التجارية على أنواعها خصوصا تلك التي تبيع المواد الغذائية.
ولفت إلى أن ارتفاع الأسعار هذا وضع معظم السوريين تحت خط الفقر مع التراجع الكبير في قدرتهم الشرائية.
===========================
الحل :الأسدُ البائِس: بعد عشرين عاماً في السّلطة.. أيْنَ المَفَر؟
 ترجمة خاصة- الحل نت
 ۰۹ يونيو ۲۰۲۰
الرقمُ المتداوَل بين السّوريين على شبكاتِ التّواصلِ الاجتماعي، يرتفعُ كما وأنهم في مزاد: 1800، 2400، 3000، 3500، 3800. هذا الرقم هو سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي، وذلك حتى قبل دخولِ العقوبات الأميركية الجديدة على #دمشق حيز التنفيذ.
فقد صوّت #الكونغرس نهاية العام الماضي على #قانون_قيصر، وهو مستوحى من الاسم المستعار للشخص الذين التقط صوراً لعشرات الآلاف من ضحايا التعذيب في السجون السورية.
وقد شجبت وسائل الإعلام الرسمية السورية هذا القانون واصفةً إياه بأنه «إرهابٌ اقتصادي». وقد جاء “قانون قيصر” هذا، ليشدّ الحبل في محاولة لخنق الاقتصاد السوري الذي يعاني أصلاً.
إنه كارثة، لكنها ليست الوحيدة التي يواجهها #بشار_الأسد اليوم، والذي تتراكم عليه خيبات الأمل. فبعيداً عن عدم القدرة على تذوق طعم ما حققه من نصر عسكري أو حتى سياسي، يرى الأسد اليوم المصائب وهي تتراكم عليه وتمنعه ​​من الحصول على السلام المنشود.
وبينما يصادف هذا الأسبوع الذكرى السنوية العشرون لوصوله إلى رئاسة الجمهورية، فإن بشار الأسد، خليفة أبيه، لا يمكنه الاحتفال بسجله خلال هذه الأعوام، وبعد تسع سنوات من الحرب المدمرة في بلاده، يواجه الأسد اليوم تصدعاً غير مسبوق داخل عائلته التي حكمت #سوريا منذ عام 1970.
كما كشفت الضجة التي أثارها ابن خاله #رامي_مخلوف، حوت الأعمال في سوريا لمدة عشرين سنة، انقسام العائلة وكذلك الطائفة العلوية، الذي ضحت بعشرات الآلاف من أبنائها في القتال من أجل بقاء الأسد في الحكم. وأكدت للسوريين الفساد ونهب موارد البلاد من قبل حاشية الأسد.
إيران وروسيا تنأيان بنفسيهما
مصدر قلقٍ آخر للأسد، وهو ليس أقل من غيره، هو عدم الرضا الذي أبداه الحلفاء الذين يدين لهم ببقائه: إيران وروسيا. حيث قال نائب إيراني، عضو لجنة مجلس النواب حول الأمن القومي والشؤون الخارجية، في مقابلة نشرت يوم 20 أيار الماضي على موقع “اعتماد” أونلاين الرسمي: «لقد أعطينا سوريا ما بين 20 مليار دولار إلى 30 مليار دولار، وعلينا استعادتها».
وهو تصريحٌ غير مسبوق، في الوقت الذي تنأى فيه #إيران بنفسها، مركزةً على مشاكلها الصحية والاقتصادية المحلية. في الوقت ذاته، نددت سلسلة من المقالات المنشورة في الصحافة القريبة من #الكرملين في #روسيا بالفساد وعدم كفاءة السلطة في دمشق.
بعد تسعة أعوام من الحرب، لم يسيطر بشار الأسد على كامل الأراضي السورية. فقد أفلتت منطقتان رئيسيتان منه: الشمال الشرقي، الذي تديره إدارة ذاتية كردية، ومحافظة #إدلب في الشمال الغربي.
وإن كان لا يزال موجوداً في المنطقة الأولى، ولا سيما في الحسكة والقامشلي، حيث يقع المطار تحت رعايته، فإن الإدارة الكردية تستمر في المطالبة باستقلالها وتسعى إلى اتفاق مع دمشق. كما أن الجنود الأميركيون لا يزالون منتشرين في مناطق النفط.
من جهةٍ أخرى، فإن نصف محافظة إدلب خارج السيطرة، وإن كان استرجاعها يعتبر أولوية بالنسبة لدمشق. فقد شنت هذه الأخيرة هجوماً في شهر كانون الأول الماضي، بدعم من روسيا، ولكن ليس بدعم إيران، التي لا تعتبر المنطقة أولوية بالنسبة لها.
وردت #السلطات_التركية بإرسال تعزيزات من الجنود والعربات المدرعة إلى سوريا. وفي شهر آذار الماضي، انتهت #موسكو وأنقرة إلى التوقيع على اتفاقية لوقف إطلاق النار. وتم تسيير دوريات عسكرية مشتركة بين جيشيهما على طول الطريق السريع M4 الذي يربط العاصمة بحلب شمالاً.
وتوقف القتال والضربات الجوية إلى حد كبير منذ ذلك الحين، على الرغم من أن روسيا شنت غارات في أوائل حزيران الجاري، للمرة الأولى منذ ثلاثة أشهر. وكان القصد منها منع الجماعات المسلحة من الاقتراب من الطريق السريع.
فأعاد الوضع الراهن إحياء الاحتجاجات العامة، حيث تجمع يوم الأحد الماضي آلاف الأشخاص في مدينة إدلب بشعارات معادية لحكومة بشار الأسد، وكذلك ضد #أبو_محمد_الجولاني، زعيم التنظيم الجهادي #هيئة_تحرير_الشام، الذي يسيطر على المحافظة.
وامتدت الاحتجاجات كذلك إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية. كما حصل في محافظة #السويداء “الدرزية”، حيث خرج المتظاهرون إلى الشوارع رداً على الانهيار الاقتصادي.
وكذلك كان الحال في محافظة #درعا، التي انطلقت شرارة الاحتجاجات الشعبية منها ربيع عام 2011. ووصفت المنطقة بأنها “هادئة” من خلال “اتفاق مصالحة” نفذته روسيا عام 2018، لكن الجماعات المسلحة عادت للظهور وبدأت هجمات صغيرة ضد القوات الموالية للحكومة.
وبالتالي فإن عدم الاستقرار الدائم هذا يمثل تحدياً لروسيا، حيث يشهد جنوبي سوريا بالفعل علامات التمرد المشتعل، بحسب تقرير صادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في شهر أيار الماضي. ومن المرجح أن تواجه القوات الموالية للأسد هذا النوع من عدم الاستقرار في الشمال الشرقي إذا ما عادت إلى هناك.
العقوبات لا تلعب سوى دور ثانوي في الأزمة
بالنسبة للصحفي الاقتصادي “جهاد يازجي”، فإن الوضع الاقتصادي السوري المتدهور «يعود في المقام الأول إلى عواقب سنوات الحرب الطويلة. فالوضع لم يكن أكثر خطورة في سوريا مما هو عليه اليوم، بين الأزمة الاقتصادية والحرب الأهلية والدمار. ومع دخول العقوبات الأميركية الجديدة على دمشق حيز التنفيذ، فإن وضع الاقتصاد سيكون صعباً جداً،  بعد تسع سنوات من الحرب التي دمرت البنية التحتية، فضلا عن ثلث المساكن».
لقد غادر معظم المستثمرين ورؤوس الأموال البلاد، وكذلك الحال بالنسبة للكفاءات واليد العاملة الماهرة. واليوم، 85٪ من الشعب السوري يعيشون تحت خط الفقر. وانخفضت القوة الشرائية أكثر مع انهيار الليرة مقابل الدولار الأميركي، الأمر الذي تسارع بدخول العقوبات الجديدة حيز التنفيذ. فمتوسط ​​راتب المعلم، على سبيل المثال ، يتراوح بين 50 ألف و 60 ألف ليرة سورية، أي أقل من 25 يورو.
وقد تسارع التدهور مؤخراً بسبب الأزمة المالية في لبنان، الرئة السورية للعالم الخارجي. ويجب أن يضاف إلى ذلك عواقب فيروس #كورونا. وأخيراً النزاع بين بشار الأسد وابن خاله رامي مخلوف، الذي كان حتى ذلك الحين يسيطر على جزء أساسي من الاقتصاد السوري. و”قانون قيصر” هذا يأتي مكملاً للعقوبات الأميركية والأوروبية، لأنه يستهدف دولاً أو شركات ثالثة تميل إلى الاستثمار في سوريا.
وهكذا فإن #الصين أو الإمارات العربية المتحدة أو اللبنانيين سيتوقفون أو يفكرون مرتين قبل الالتزام. حيث تشمل المجالات المذكورة في القانون المذكور إعادة الإعمار، ولكن على نطاق أوسع كل شيء يمكن للدولة السورية الاستفادة منه. وهذا يفتح الطريق أمام التفسيرات التي ستدفع الشركات الأجنبية إلى الإحجام. وبالتالي يتم حظر أي احتمال لإعادة الإعمار.
ويأتي كل هذا، في الوقت الذي تحتاج فيه سوريا إلى إعادة تشغيل عشرات المليارات من الدولارات، بحسب “يازجي”. فهناك حاجة إلى استثمارات أساسية في البنية التحتية والكهرباء والهياكل السياحية. وفي هذا السياق، لن تعود البلاد مركز اهتمام كبار المستثمرين الأجانب.
من جهة أخرى، يرى “يازجي” بأنه من المرجح أن يكون تراكم عوامل الأزمة الاقتصادية وتقليص حجم الكعكة التي سيتم تقاسمها قد ساهم في هذا الخلاف غير المسبوق داخل عائلة الأسد، حتى لو لم يحدث شيء هناك.
فقد أدى ظهور جهات فاعلة جديدة لعبت دوراً في اقتصاد الحرب، إلى زعزعة مكانة رامي مخلوف باعتباره المستفيد الرئيسي من عقود الدولة. في الوقت نفسه، فَقَدَ رامي مخلوف نفوذه القوي بعد وفاة والدة بشار الأسد ومرض خاله محمد مخلوف، والد رامي.
وأسماء، زوجة الرئيس ، تغتنم الفرصة لدفع بيادقها وتقديم أقاربها للأعمال التجارية. ويقال في دمشق أنها قالت لبشار: «إنك مدين بثروتك لأخوالك، والآن حان دور أطفالك ليتمكنوا من الاعتماد على أخوالهم!».
فهل يمكن لتخفيف العقوبات، وخاصة من الاتحاد الأوروبي، أن يفيد الشعب السوري؟ يؤكد “يازجي” بأن العقوبات لها دور ثانوي فقط في الوضع الاقتصادي الحالي في سوريا. فالأسباب الرئيسية لتدهور الاقتصاد تتمثل بالدمار الذي خلفته الحرب والفساد واختلاس المال العام وهروب رأس المال.
واليوم، العقوبات هي آخر بطاقة ضغط متبقية لحل سياسي، وعودة اللاجئين، وإطلاق سراح المعتقلين. وبالتالي، من الضروري التفكير في شروط رفع بعض العقوبات على مراحل. وبالنظر إلى وضع الناس على الأرض، سيكون ذلك مشروعاً، لكن لا يزال بإمكان الأسد الاستفادة من الأمر سياسياً.
إن السوريين اليوم هم أكثر فقراً وجوعاً من اليمنيين. لقد كانوا يتأقلمون مع الأسوأ منذ سنوات دون أن يرتفع لهم صوت. لكننا لم نشهد مثل هذا الوضع في سوريا مع الانهيار الاقتصادي والحرب الأهلية والدمار. ولم يعد هناك أي احتمال غير الانتفاضة، فمن المستحيل على من تبقى من الشعب الذهاب إلى المنفى واللجوء إلى مكان آخر.
 المصدر: (Libération.fr)
===========================
السعودي 24 :عدل الدستور وباع بلاده.. تقرير يكشف كيف تسبب بشار الأسد في خراب سوريا
كشف تقرير نشره موقع “الحرة”، الوضع في سوريا منذ تولي بشار الأسد سدة الحكم عقب وفاة الرئيس السابق حافظ الأسد، مؤكدا أنه بعد عشرين عاما، حول بشار الأسد سوريا إلى بلد معزول مزقته الحرب وأنهكت العقوبات اقتصاده.
وأظهر التقرير تسلم الأسد الابن (55 عاما)، طبيب العيون الذي تخصص في بريطانيا، مقاليد السلطة بعد شهر من وفاة والده في 10 يونيو 2000، وتم ذلك بعد تعديل دستوري خفض سن الترشح من أربعين إلى 34 عاما.
وأشار إلى أنه بدا حينها الرئيس الشاب بمظهر الإصلاحي الذي يخطط لتحرير الاقتصاد والانفتاح بخجل على الغرب.
وأضاف: إلا أن هذه الصورة تبدلت تدريجيا خصوصا بعد احتجاجات شعبية ضده في منتصف مارس 2011 قمعتها قوات الأمن بالقوة، وما لبثت أن تحولت نزاعا داميا تعددت أطرافه.
ربيع دمشق
ويقول الباحث في مركز السياسة العالمية فيصل عيتاني لوكالة فرانس برس إنه حين تبوأ الابن السلطة “ساد الكثير من القلق، فسوريا لم تكن قد شهدت قط انتقالا سلميا للسلطة منذ عقود، لكن ذلك سرعان ما تبدد مع تسلمه الحكم وعكسه هالة الحداثة والشباب والانفتاح”.
وأوضح التقرير أن سوريا شهدت بين سبتمبر 2000 وفبراير 2001 فترة انفتاح وسمحت السلطات نسبيا بحرية التعبير. ودعا نحو مئة من المثقّفين والفنانين السلطات إلى “العفو” عن سجناء سياسيين وإلغاء حالة الطوارئ السارية منذ 1963.
وأضاف: لكن توقيف عشرة معارضين صيف العام 2001 وضع حدا لـ”ربيع دمشق” القصير الأمد والذي جاء بعد أربعين سنة من حكم الأسد الأب بيد من حديد.
وأشار إلى ارتباط اسم الرئيس الراحل بالقمع الدموي لانتفاضة الإخوان المسلمين في مدينة حماة عام 1982، ما تسبب بمقتل عدد تتراوح التقديرات بشأنه بين عشرة آلاف وأربعين ألفاً.
ويوضح الخبير في الشأن السوري في جامعة جورجتاون دانيال نيب أنه “في بلد لم يشهد انفتاحا سياسيا أو اقتصاديا هاما (…)، بدا وكأن وصول بشار إلى الرئاسة يعد بإصلاح طال انتظاره”.
ويضيف “اختلف بشار تماما عن الشخصيات الأخرى في النظام، فقد كان شابا وتلقى تعليمه في الخارج”.
وأكد التقرير أن الأسد الأب كان يعد ابنه البكر باسل لخلافته، لكن وفاته في حادث سيارة عام 1994 غير المعادلة.
وأوضح التقرير أنه لم يدم التفاؤل طويلا، و”سرعان ما ماتت فكرة بشار الليبرالي” وفق عيتاني، بينما “كانت خيبة الأمل الكبيرة على المستوى الاقتصادي” بعدما “تبين أن اقتصاد السوق الاجتماعي الذي مارسه هو عبارة عن صيغة للفساد الجشع وسط الدائرة القريبة منه”.
وتابع: تسبب ذلك “بتعميق التفاوت الاقتصادي، ووقع كثيرون من الطبقة المتوسطة وسكان المناطق الريفية في فقر مدقع”.
وواصل التقرير: باءت محاولات الأسد الذي استقبله الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عام 2008 وشكلت زوجته أسماء محط أنظار الإعلام الغربي الذي أسهب في وصف أناقتها وثقافتها، لجعل سوريا أكثر قربا من الغرب، بالفشل.
قمع المتظاهرين
واستطرد: بعد قمعه للتظاهرات السلمية التي تحولت نزاعا داميا تسبّب بمقتل أكثر من 380 ألف شخص منذ العام 2011 وأدى إلى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل سوريا وخارجها، طالبت دول غربية وعربية برحيل الأسد عن السلطة ودعمت معارضيه. لكنها تخلّت لاحقاً عن هذا المطلب بعدما ركزت جهودها على التصدي للتنظيمات الجهادية.
وأضاف: تلاحق نظام الأسد عقوبات قاسية أنهكت اقتصاده، وسيدخل آخرها ويُعرف باسم قانون قيصر حيز التنفيذ الأسبوع المقبل. وقد أقره الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
واختتم التقرير: يعيش اليوم الجزء الأكبر من السوريين تحت خط الفقر، وتشهد الليرة السورية انهيارا غير مسبوق ومتواصلا أمام الدولار يؤدي الى تآكل القدرة الشرائية للسوريين الذين خرج العشرات منهم في مدينة السويداء (جنوب) في اليومين الأخيرين إلى الشارع تعبيراً عن غضبهم مطلقين شعارات مناوئة للأسد. وفي موازاة ذلك، لا تزال مناطق عدة في شمال شرق سوريا وشمال غربها خارجة عن سيطرة القوات الحكومية.
===========================
حرمون :أسواق النار والطائفية ومستقبل سورية
رشيد الحاج صالح
في بدايات الثورة، لم يفكر السوريون كثيرًا بمستقبلهم، في حال أُجبر بشار الأسد على مغادرة سدة الرئاسة، على اعتبار أن الأمور ستسير بشكل قريب من الذي حصل في مصر أو تونس. ولكن اليوم، بعد نحو عشر سنوات من الثورة والصراعات الرهيبة التي عاشوها، وبعد التصاق غالبية القوى الفاعلة بطوائفها وانتماءاتها القومية؛ يمكن القول إن تفكير السوريين في بعضهم -بوصفهم فئات مختلفة الطوائف والأعراق والأيديولوجيات عليها أن تعيش معًا- أمرٌ لم يقدّروا حاجتهم إليه على الوجه الكافي.  
كان الشعار الأكثر انتشارًا في السنوات الأولى من الثورة هو شعار “الشعب السوري واحد”، وذلك كنوع من الرد المباشر على تخويف النظام للسوريين من بعضهم البعض، ولا سيّما عندما بدأ يعزف على منوال وصف نفسه كحامي الأقليّات الدينية: (العلويين، الإسماعيليين، الدروز، المسيحيين، وغيرهم) إضافة إلى الأقليات القومية، ولا سيما الأكراد في شمال سورية. وكذلك تقديم نفسه للمجتمع الدولي على أنه “النظام العلماني الوحيد في المنطقة”، على الرغم من إصرار بشار الأسد على أن يكون دين رئيس الدولة هو الإسلام، في الدستور الذي أُقرّ 2012.
عقلية الإنكار التي تقف خلف شعار “الشعب السوري واحد” تتجاهل عقودًا عدة من حقبة آل الأسد، كانت مثالًا لتحريض السوريين على بعضهم، وزرع عقلية الشك وعدم الثقة، فضلًا عن انتشار تنميط السوريين لبعضهم بطريقة غير مسبوقة، وتغوّل طائفة بعينها على فواصل الدولة الأمنية ومقدرات البلد الاقتصادية. 
هذه العقود الطويلة من تهديد النظام لكل السوريين، وإمكانية سحق أي فئة أو طائفة تتجاوز الخطوط الحمر التي وضعها عنوة (كما حصل في بداية الثمانينيات في حماة وإدلب، ثم تعميم القمع الدموي المنظم بعد عام 2011) أدت إلى انكفاء غالبية السوريين إلى داخل طوائفهم وكياناتهم التقليدية، كنوع من البحث عن الشعور بالأمان، بالتزامن مع انتشار ثقافة شفهية/ همسية تعقلن وتزيد من شعور السوريين بعدم الثقة ببعضهم البعض، وتشكك في عقائدهم، وتفترض أن الأغلبية لديها نيّات باطنية سلبية تجاه الآخر الطائفي أو القومي. حصل ذلك، وما زال يحصل، تحت نظر الأجهزة الأمنية وبرضاها ورعايتها، على اعتبار أن تخويف السوريين من بعضهم، وزرع روح الشك تجاه الآخرين، يبقى في النهاية حجر الزاوية في مواجهة أي انتفاضة شعبية مستقبلية، كان من المستبعد حدوثها قبل 2011.
الضغط على الكيانات الجمعية السورية، ولا سيّما الطوائف الدينية، بدأ عندما تسلم حافظ الأسد السلطة، واستبعد من الجبهة التقدمية التي شكّلها جماعةَ “الإخوان المسلمين” الذين كانوا يرون أنفسَهم الممثلين التقليدين لسنّة سورية، ثم لجأ إلى أسلوب الإبادة الجماعية، كما حصل عندما اقتحم أحياء من حماة، ودمّرها لمجرد وجود مسلحين في تلك الأحياء (يقدر محمد حسنين هيكل عدد القتلى بعشرة آلاف شخص)، واستمر مسلسل الضغط حتى إن قوات “سرايا الدفاع” نزلت إلى الشوارع، وبدأت نزع الحجاب عن السيّدات السنّيات المحجبات، بطريقة همجية تنم عن احتقار وازدراء واضحين للطائفة السنية، التي يُعدّ الحجاب عندها رمزًا أكثر من غيرها.
 
ويضاف إلى ذلك أن التوزيع غير العادل للتعليم الجامعي والثروات الوطنيّة والمشاريع الاقتصادية زاد من شعور فئات مناطقية واسعة بالظلم المقصود، وبأن النظام لا يرى فيهم سوى مواطنين من الدرجة الثانية، وأن عليهم أن يتكيفوا مع هذه الأوضاع. هكذا تم تحويل الجامعة التي كان مزمع افتتاحها في دير الزور، إلى اللاذقية في عام 1971، وتأخر افتتاح جامعة في محافظة درعا (وهي المحافظة التي تحتل المرتبة التعليمية الأولى لعدة سنوات في سورية) حتى عام 2006، كما جلبت وزارة الزراعة 10 آلاف موظف وفني، إلى مشروع حوض الفرات الضخم في الرقة، من مناطق علوية، فضلًا عن احتلال دمشق وظائفيًا، حتى تخال نفسك، عندما تدخل إلى بعض الدوائر في دمشق، أنك في اللاذقية أو طرطوس (ولا سيّما دوائر الجمارك، الإعلام، المشافي، الجامعات والبنوك…)  طبعًا هناك عشرات الأمثلة التي يتحدث بها السوريون ولا يمكن سردها كلها.
أما على المستوى الأمني، فقد أنشأ حافظ الأسد “إدارة المخابرات الجوية”، ووسّع من سلطات وحجم الفروع الأمنية الأخرى، وعلونها بطريقة شبه علنيّة، حتى أصبحت اللهجة العلوية لهجة السلطة والنفوذ، وباتت الأشهر على مستوى سورية، التي أمست دولة أمنية مترامية الأطراف تتدخل في كل شاردة وواردة، همّها الأول والأخير النهبُ المنظم، وإخضاع المجتمع إلى أقصى درجة ممكنة، بصلاحيات شبه مطلقة.
يعتقد غالبية السوريين بأن النظام الأسدي هو أكبر مصدر للتمييز الطائفي، وأكبر مصدر أيضًا للتوزيع غير العادل للثروات، مثلما هو أيضًا مؤسس للامساواة والظلم المنتشر في سورية.
بعد 2011، تبيّن أن مناطق السنّة هي المناطق التي تعرّضت أكثر من غيرها للتدمير والتخريب، سواء من قبل النظام وطيرانه أو من قبل الكتائب الإسلامية المسلحة، أو من قبل قوات التحالف الدولي، وينطبق ذلك أيضًا على عدد القتلى وتدمير البنى التحتية والتهجير. وهذا الأمر يعود إلى انتهاج النظام لأسلوب الأرض المحروقة والعقوبات الجماعية، حتى إن تهديد ضابط “الحرس الجمهوري” المعروف عصام زهر الدين، للسوريين المهجرين في حال عودتهم إلى سورية، يراد منه تهديد الطائفة السنية على وجه التحديد، ولا سيما أن التهديد أريد له أن يخرج من ضابط غير علوي.
بحسب علم الاجتماع، فإن لجوء الناس إلى كياناتهم الطائفية والقومية يتناسب عكسًا مع قلة ثقتهم بالدولة ومؤسساتها. هذه المعادلة يعرفها النظام جيدًا، ولذلك يكاد يُفاجَأ المرء بأن النظام كان يحسب حساب هذا النقطة جيدًا، عندما اندلعت الثورة في عام 2011، كيف لا وهو الذي يعتقد أن الورقة الطائفية إحدى أهم ركائز استمراره في السلطة. طبعًا بالإضافة إلى مرونته في التعامل مع القوى العالمية الفاعلة. 
كما يمكن للناس أن يتحولوا من انتماء طائفي إلى آخر، إذا كان هناك فرق في القوة والدعم، كما لاحظ ذلك بحق أبو حامد الغزالي، ولذلك يجهد النظام في دعم بعض عشائر شمال وشرق سورية، عن طريق كتائب شيعية، لدفعها إلى تغيير مذهبها على المدى المتوسط والبعيد. وكذلك يمارس النظام ضغطًا متواصلًا على الطائفة الدرزية في السويداء، منذ عام 2013، عبر تخويفها من أهل حوران أحيانًا، وتحريض بعض البدو المتعاونين مع الفروع الأمنية الذين يسكنون في مناطق قريبة ثانيًا، أو عبر غض النظر عن ألوية متعاونة مع تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) والسماح لها بالاقتراب من مناطقهم وارتكاب عدد من الجرائم بحقهم ثالثًا، أو عبر اغتيالات بعض وجهاء الجبل الذين يحرّضون أهل السويداء على عدم مشاركة النظام في جرائمه وقمعه الدموي للسوريين رابعًا. وذلك لدفعهم إلى المشاركة في الأعمال العسكرية، ولا سيما بعد رفض عدد كبير من أبنائهم الخدمة في الجيش السوري. 
يعتقد غالبية السوريين بأن النظام الأسدي هو أكبر مصدر للتمييز الطائفي، وأكبر مصدر أيضًا للتوزيع غير العادل للثروات، مثلما هو أيضًا مؤسس للامساواة والظلم المنتشر في سورية، خلال العقود القليلة الماضية، كما يرى غالبيتهم أيضًا أن دولة القانون والمساواة والحريات هي التي ستخرجهم من كل تلك الأوضاع. ولكن كيف؟
لم تتمكن جماعة “الإخوان المسلمون”، وهي الحزب السياسي المعارض الأكبر في سورية، من تكوين مشروع سياسي وخطاب شامل يحمل تصورات واضحة ومحددة لمستقبل سورية وتعايش مكوناتها. بقيت الجماعة تتحفظ على العلمانية والحريات، ولم تتوجه بخطاب واضح لبقية أبناء الطوائف والديانات غير الإسلامية، كما أن المطّلع على صفحات الجماعة يجد أن خطابهم ما زال يعتد بمصطلحات من قبيل: (كفار، مشركين، فاسقين) حتى إنهم كثيرًا ما يصفون الثورة السورية بـ “الجهاد”. فضلًا عن أن كل أبناء الفئات غير السنية لا يقبلون بهم، كما هم في صورتهم الحالية.
أما أكراد سورية، فأمورهم ليست بأحسن حالًا؛ حيث يعاني “المجلس الوطني الكردي” تغوّلَ حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي PYD وسيطرته على المشهد الكردي. أما المفاوضات الكردية – الكردية الأخيرة، التي عُقدت في نيسان/ أبريل الماضي في الحسكة، برعاية أميركية من أجل دفع الأكراد إلى تقديم تصور مشترك لمستقبل سورية، وترتيب البيت الكردي بما يضمن مشاركة جميع القوى الكردية في الحياة السياسية، فيبدو أن نتائجها غير مبشرة. وأن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ماضٍ في مغامرته العسكرية في شمال سورية، ما دامت أميركا تقدم له الدعم. مثلما بات من الواضح انتهاج PYD لمبادئ الأسدية في السياسة التي تقوم على الركائز الثلاثة المعروفة: إعطاء الأولوية للقوة العسكرية والأساليب الأمنية، المرونة مع القوى الخارجية، والتشدد ضد المجتمع المحلي وتهميشه.
يضاف إلى ذلك أن تجربة الائتلاف الوطني الطويلة لم تعُد تعني السوريين كثيرًا؛ إذ كثر الحديث عن فساده، وارتهانه سياسيًا أما لجهات خارجية دولية، أو ارتهانه داخليًا لجهات وقوى سياسية معينة. حتى بات يمكن القول إن بؤرة توجيهه لم تعد تؤشر إلى سورية وما يدور فيها، فضلًا عن عجزه الذي بات واضحًا للقاصي قبل الداني.
لم يتمكن إذًا القوميون، والإسلاميون، بكل تنوعاتهم، والإخوان المسلمون، والأكراد، وممثلو الإسلام الدعوي، وجماعة الائتلاف، من تكوين تفكير متحرر من الأُمنيات والأحلام السياسية والتاريخية الشعبوية.
كذلك نجد أن القوى والأحزاب القومية والدينية في سورية بعد 2011 لم تتمكن من تطوير نفسها، وتقديم خطاب عقلاني وواقعي يلتم حوله السوريون، ويشجعهم على تجاوز محنة عدم الثقة، ويفتح ملف تورط فئات واسعة من الشعب السوري بأعمال العنف التي عانتها سورية خلال السنوات الماضية. بقي خطابهم ينوس بين نزعة شعبوية، أكل الدهر عليها وشرب، تريد، من جهة، استنساخ تجارب تنتمي إلى عصور خلت، أو تستند، من جهة أخرى، إلى نفخ الواقع المعقد والصعب بالأيديولوجيا وأحلامها التي دفع السوريون أكثر من غيرهم ثمن زيفها. أيديولوجيات يشعر المرء بأنها تقف مع الأمة لكنها ضد الفرد، مع الماضي لكنها ضد المستقبل، مع التسامح لكنها لا تولي للتفاهم الدور الرئيس، مع الواجبات لكنها تغض النظر عن الحقوق، في محاولات يائسة لاسترجاع صور مكررة وباهتة من الأسدية والناصرية، وأحلام الخلافة.
أما جماعة الإسلام الدعوي والمتصوفة، فإن غالبيتهم طوّروا خطابًا يطالب السوريين بالتعايش والتحلي بأخلاق التسامح والرحمة. ولكنه في المقابل خطاب يفتقر إلى أبسط مكونات النظريات السياسية، لأنه بقي مجرد كلام وعظي بلا معنى سياسي، يُرجع مصائب المجتمع السوري إلى الذنوب التي يرتكبها المسلمون السوريون، وإلى عدم مثابرتهم على العبادات وتراجع صلة التراحم. حتى الحلول بقيت خارج نطاق إرادة السوريين تنتظر فرج الله ورحمته.
فالسياسة معطلة بشكل شبه كلّي، بالنسبة إلى الدعاة، بمعنى أنها ليست هي السبب في ما حصل للسوريين، وبالتالي ليست هي المفتاح للحلول أيضًا. ولذلك بقي خطابهم خطابًا تصبيريًّا أكثر من كونه خطابًا تفعيليًا، إنه خطاب يدفع الناس إلى الانتظار والبحث عن الخلاص بشكل فردي، عبر التركيز على سلوك وعبادات الفرد، على اعتبار أنها في النهاية هي التي ستدخله الجنة. ولذلك بقي خطابًا يرضي الجميع، على حساب الجميع.
لم يتمكن إذًا القوميون، والإسلاميون، بكل تنوعاتهم، والإخوان المسلمون، والأكراد، وممثلو الإسلام الدعوي، وجماعة الائتلاف، من تكوين تفكير متحرر من الأُمنيات والأحلام السياسية والتاريخية الشعبوية، التي تعطي عالَم (ما نحب أن يكون) الأولويةَ، على عالم ما هو كائن بالفعل، وتقدّم عالم المستحيل على عالم الممكن. هكذا بقيت هذه القوى بعيدة عن تكوين وعي واقعي، يعي الممكنات ويتحرز من الأماني السياسية الشعبوية، ويحمل على عاتقه المسؤولية الوطنية وتعقيدات المرحلة الحالية. 
 يسأل غالبية المؤيدين، بخبث وسذاجة مقصودتين: ما البديل؟ في إشارة إلى أن السوريين لم ينجحوا في تشكيل كيانات يجتمع حولها كل السوريين الذين يرون أن سورية للجميع، كيانات تقوّم التأسيس للتعايش والتفاهم، والعمل بشكل واقعي على شعار” الشعب السوري واحد”، طبعًا، دون أن يدرك أولئك أن النظام يبقى أسوأ البدائل على الإطلاق.
التفكير في خطاب يجمع كل السوريين على قاعدة التفاهم وبناء الثقة، والاعتراف بكل المخاوف والهواجس البينية، والتخلي عن رواسب الطائفية التي اجتهد نظام الأسد في زرعها وسقايتها لأكثر من خمسين سنة، والعمل على بناء مجال جديد للسياسة يحتوي كل السوريين ومخاوفهم، ويعيد تكوينهم من جديد على مستوى الهوية والطائفة المواطنة، أمورٌ ملحّة أكثر من أي وقت مضى. ومن دون ذلك؛ سيبقى السوريون يدفعون ثمن صراع بين أطراف غريبة عن أحلامهم السياسية التي أشعلت ثورتهم.
===========================
اقتصاد :لعنة 50 عاماً.. إلى أين أوصلت الليرة السورية؟
بواسطة خاص - اقتصاد -- 10 حزيران 2020 -- 0 تعليقات
يصادف يوم الأربعاء، 10 حزيران/ يونيو، الذكرى السنوية العشرين، لوفاة مؤسس النظام الراهن، حافظ الأسد. وهي مناسبة للتذكير بما قدّمته هذه الحقبة للاقتصاد السوري، ولمعيشة السوريين، على مدار خمسة عقود. وقد يكون أفضل تجسيد لذلك، الليرة السورية، التي تمثل معيار الثقة بهذا الاقتصاد، والتعبير عن قوته، وعن قوة دخل مواطنيه.
فكيف كانت الليرة قبل آل الأسد؟، وإلى أين أوصلوها في خمسة عقود؟
ولدت الليرة السورية، التي نعرفها اليوم، رسمياً، في العام 1953. وقبل ذلك كانت مرتبطة بالفرنك الفرنسي، وبالليرة اللبنانية، منذ بداية الانتداب الفرنسي. ولأول مرة، رُبطت الليرة بالدولار، كان في العام 1947، حيث قُيّم الدولار الواحد بـ 2,19 ليرة سورية.
وبقي سعر صرف الليرة السورية مستقراً عند هذا الرقم، حتى العام 1961، حيث بدأ يتراجع. وطوال حقبة الستينات، التي حكم حزب البعث، البلاد، في معظمها، واصل سعر صرف الليرة السورية تراجعه، وصولاً إلى العام 1970، الذي وصل فيه، حافظ الأسد، إلى سدة الحكم، بانقلاب عسكري. حينها كان الدولار بـ 3,65 ليرة سورية. أي أن الليرة خسرت في حقبة الستينات، 66%، من قيمتها.
أما في حقبة حكم الأسد الأب، التي امتدت 30 عاماً، فقد هوت الليرة من 3,65 مقابل الدولار، إلى 46,50 مقابل الدولار، في العام 2000، حين توفي حافظ الأسد.
أي أن الليرة خسرت 1173% من قيمتها، في حقبة الأسد الأب.
أما في عهد الأسد الابن، الذي قارب الـ 20 عاماً، تراجعت الليرة، حتى الآن فقط، من 46,50 ليرة للدولار الواحد، إلى 2600 ليرة للدولار الواحد. أي أن الليرة خسرت من قيمتها 5491%، في عهد الأسد الابن.
أي أن الليرة السورية، خسرت في 50 عاماً من حكم آل الأسد، 6664% من قيمتها. حتى كتابة هذه السطور.
باختصار، تلك خلاصة ما قدمه حكم هذه العائلة، لمعيشة السوريين، على مدار خمسة عقود مريرة.
===========================
الرأي العام :حافظ الأسد... ثلاثة عقود في حكم سورية
10 يونيو 2020
بيروت - أ ف ب - حكم الرئيس السابق حافظ الأسد سورية بقبضة من حديد على مدى ثلاثة عقود حتى وفاته في العاشر من يونيو 2000.
- تولي سدّة الحكم
في 16 نوفمبر 1970، نفّذ الأسد الذي تولّى منصب وزير الدفاع انقلاباً عسكرياً عُرف بـ«الحركة التصحيحية» وأطاح برئيس الجمهورية حينها نور الدين الأتاسي.
في 12 مارس 1971، انتخب الأسد الذي كان يترأس حزب البعث العربي الاشتراكي، رئيساً للجمهورية ضمن انتخابات لم يكن فيها مرشحٌ سواه.
وأصبح أول رئيس للبلاد من الطائفة العلوية، إحدى الأقليات الإسلامية التي تضمّ عشرة في المئة من تعداد السكان.
- الحرب ضد إسرائيل
في السادس من أكتوبر 1973، شنّت مصر وسورية هجوماً مفاجئاً على إسرائيل من جهة قناة السويس غرباً، ومرتفعات الجولان شرقاً، في محاولة لاستعادة ما خسره العرب من أراض خلال نكسة يونيو 1967، لكن تمّ صدهما.
في مايو 1974، انتهت الحرب رسمياً بتوقيع اتفاقية فضّ الاشتباك في مرتفعات الجولان.
- التدخّل في لبنان
في يونيو 1974، زار الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون العاصمة السورية، معلناً إعادة إرساء العلاقات الديبلوماسية مع سورية، بعدما كانت مجمّدة منذ العام 1967.
بعد عامين، تدخّلت القوات السورية في الحرب الأهلية اللبنانية بموافقة أميركية.
ومنذ مايو 1977، بدأت المواجهات بين القوات السورية، التي انتشرت في معظم أجزاء البلاد ما عدا المنطقة الحدودية مع إسرائيل، والقوات المسيحية التي احتجت على الوجود السوري في مناطق كانت تحت نفوذها.
وطيلة ثلاثة عقود، بقيت سورية قوة مهيمنة على المستوى العسكري في لبنان وتحكمت بكل مفاصل الحياة السياسية حتى انسحابها عام 2005.
- التباين مع العراق:
عام 1979، تدهورت العلاقات بين سورية والعراق، اللذين حكمهما فرعان متنافسان من حزب البعث العربي الاشتراكي، بعد اتهام الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين الوافد حديثاً إلى السلطة دمشق بالتآمر.
وقطعت بغداد علاقتها الديبلوماسية مع دمشق في أكتوبر 1980، بعدما دعمت الأخيرة طهران في نزاعها مع العراق.
- قمع «الإخوان»
في فبراير 1982، تصدى النظام السوري لانتفاضة مسلّحة قادها الإخوان المسلمون في مدينة حماة (وسط)، وذهب ضحيتها بين عشرة آلاف وأربعين ألف شخص.
وجاء ذلك بعد قرابة ثلاث سنوات من هجوم بالرصاص والقنابل اليدوية على الكلية الحربية في مدينة حلب، أدى إلى مقتل ثمانين جندياً من الطائفة العلوية. وتوجّهت حينها أصابع الاتهام إلى الإخوان بالوقوف خلف الهجوم.
- تنافس أخوي
في نوفمبر 1983، أصيب الأسد بأزمة قلبية نقل على إثرها إلى أحد مستشفيات دمشق. ودخل في غيبوبة لساعات عدّة، حاول خلالها شقيقه الأصغر رفعت الاستيلاء على السلطة عبر انقلاب فاشل، قبل أن يستعيد الأسد عافيته. وبعد عام، أُجبر رفعت على مغادرة سورية.
- التودّد إلى الغرب
خلال عامي 1990 و1991، بدأ الجليد الذي شاب علاقات سورية مع الولايات المتحدة بالذوبان، عقب انهيار الاتحاد السوفياتي الذي وقعت سورية معه اتفاقية صداقة وتعاون عام 1980.
انضمت سورية إلى القوات متعددة الجنسية في التحالف الذي قادته الولايات المتحدة ضد صدام حسين بعد غزو العراق للكويت. وفي أكتوبر 1994، زار الرئيس الأميركي بيل كلينتون، الأسد في دمشق.
بعد أربع سنوات، زار الأسد فرنسا في أول زيارة له إلى بلد غربي منذ 22 عاماً، واستقبل بحفاوة من نظيره الفرنسي جاك شيراك.
- تولي الابن السلطة
توفي الأسد في 10 يونيو 2000، عن عمر ناهز 69 عاماً، وكان شيراك الرئيس الغربي الوحيد الذي حضر جنازته.
وبعد شهر، تولّى نجله بشار السلطة، بعد تعديل دستوري سمح له بالترشّح. وحاز في استفتاء لم يضم أي مرشح آخر سواه على 97 في المئة من الأصوات.
===========================
المدن :موسكو:مضى زمن الأسد؟
بسام مقداد|الأربعاء10/06/2020شارك المقال :0
موسكو:مضى زمن الأسد؟
تجاهل الكرملين وإعلامه أنباء الإحتجاجات السورية الأخيرة على تدهور الوضع المعيشي وانهيار الليرة السورية ، وبقي اهتمامه شبه محصور بالحدث الليبي وتأثيراته السلبية المحتملة على الوجود الروسي في سوريا والمنطقة . واللافت في هذا الصدد ، أن إعلاميين  روس معروفين قاربوا الحدث الليبي من زاوية الصراع المستمر في سوريا . فقد كتب المتابع للشأن السوري في صحيفة القوميين الروس "sp" زاور كارايف في 7 الشهر الجاري يقول ، بأنه إذا ما حاول الكرملين تطبيق السيناريو السوري في ليبيا ، فسوف يصطدم بمشاكل كبيرة ، إذ أنه لا يملك الحجة الوازنة المتمثلة بدعوة السلطات الرسمية له للدخول، كما في سوريا . صحيح أن الأسد كان يكرهه الجميع عشية دخول روسيا ، إلا أن أحداً لم يكن بوسعه الإعتراض على صفته الرسمية. أما خليفة حفتر فهو رسمياً لا أحد ، ولم يمنحه أحد الحق بتنصيب نفسه ديكتاتوراً على ليبيا ، وبالتالي ، فإن تأييد مثل هذه الشخصية ، ليس السيناريو الأفضل ، سيما أنه عمل لفترة طويلة مع المخابرات الأميركية ، مما يخلق مخاطر جدية بالنسبة للكرملين.
ويقول هذا الإعلامي أن موسكو تتنازع ليبيا مع تركيا ، بصورة أساسية ، ولدى أنقرة مع موسكو قصة غير منجزة في سوريا ، هي إدلب . وتنازلات محددة من قبل موسكو في ليبيا ، سوف تمنحها إمكانيات واسعة في إدلب . فالأتراك ، وفي مطلق الأحوال ، لن يصلوا إلى النفط السوري ، وبالتالي ، فإن احتفاظهم بإدلب وبجزء من حلب ، لن يعود عليهم سوى بالخسارة إقتصادياً . أما في ليبيا ، فالأمر مختلف كلياً ، حيث يمتلك إردوغان إتفاقية مبرمة مع فايز سراج حول تسويق النفط الليبي عبر تركيا . لكن بالنسبة لموسكو فليس لديها في ليبيا ، حتى الآن ، إمكانيات واسعة، على العكس مما في سوريا ، وبالتالي ، فإن التنازلات هناك من شأنها أن تمنحها إمكانيات تسوية الوضع في إدلب بسرعة .   
في العودة إلى الشأن السوري ، فقد بقي صمت الكرملين وإعلامه شبه مطبق بشأن احتجاجات السوريين ، على الرغم من أن هذه الإحتجاجات تخطت درعا والسويداء وريف دمشق ، وبلغت وسط دمشق ، على ما ذكرت مواقع السوشال ميديا السورية الثلاثاء في 9 الشهر الجاري ، حين ثارت ثائرة مواطن سوري على غلاء الأسعار ، وشتم الأسد ونظامه وسط دهشة السوريين من حوله .
قد تكون صحيفة القوميين الروس المذكورة هي الوحيدة ، التي خرقت صمت الكرملين هذا ، حين نشرت  في 8 من الشهر الجاري لكاتبها المذكور أيضاً مقالة بعنوان "السوريون يتمردون مجدداً : الأسد - إلى الإستقالة ، الروس – إرحلوا من هنا" ، أُرفق بعنوان ثانوي "صدامات واحتجاجات في المناطق ، التي يسيطر عليها الرئيس" . ويقول بأنه يبدو أن المشاكل في سوريا لن تنتهي أبداً ، مما يعني أنه ليس لدى روسيا أفاقاً واسعة هناك ، وما يجري الآن يقول بضرورة تغيير الكثير في هياكل السلطة السورية . فإضافة إلى الأميركيين والأتراك والإيرانيين والأسديين والإرهابيين وسواهم من القوى الأخرى الكثيرة ، برز لدى الروس وجع رأس آخر ، تمثل في السوريين ، الذين عادوا منذ  سنوات إلى حضن السلطات الشرعية . ويأخذ الكاتب على هؤلاء السوريين ، بأنهم عاشوا سنوات تحت سلطة "الإرهابيين والمعارضة المسلحة" ، ولم يفكروا بالإحتجاجات ، لأنهم لم يكونوا يسمحوا لهم بذلك ، كما يبدو، لكن مع مجيئ الأسد برزت مجدداً ، برأيه،  إمكانية الإحتجاج .
وبعد أن يستطرد الكاتب في الحديث عن ما يجري منذ قرابة الشهر في جنوب غرب سوريا من "إضطرابات جدية"، يقول بان كل شيئ يبدأ مجدداً من درعا ، التي انطلقت منها العام 2011 الثورة السورية وتطورت إلى حرب أهلية حولت سوريا مؤقتاً إلى ليبيا ، ثم إلى شبيه ما بالعراق ، حيث الأميركيين والأتراك والأكراد مع دولتهم المعلنة ذاتياً . القصة تتكرر من جديد ، برأيه، ولا يتردد في وصف ما يجري بأنه "الإرهاب بعينه" ، أو محاولة أخرى  لبدء "حرب تحرير" جديدة.
يعرج الكاتب في حديثه  على احتجاجات السويداء ، ويقول بأن الناس كانوا هنا أكثر صراحة ، إذ لم يحتجوا فقط على غلاء الأسعار وخلو جيوبهم من النقود ، بل دعوا صراحة لإسقاط الأسد ، ولم ينسوا الأجانب ، ليس كل الأجانب ، بل الروس والإيرانيين حلفاء الأسد ، من دون أن يأتوا على ذكر الأتراك والأميركيين. ويرى أن مشكلة الإحتجاجات تتمثل في توسع جغرافيتها ، وانتقالها من مدينة إلى أخرى ، تماماً كما حدث في العام 2011 ، حيث بدأ كل شيئ من درعا ، وانتقل لاحقاً إلى بقية المدن والمناطق السورية .
ويتساءل الكاتب عما يقوله كل ذلك لروسيا ؟ ويرى أن المقالات ضد الأسد ، التي نُشرت منذ فترة قريبة في مواقع إعلامية موالية للكرملين ، لم تكن نتيجة خطأ أو خلاف بشأن نسيب الأسد رامي مخلوف ، بل كانت خطوة مهمة ، ولسبب جدي ، أمكن معالجته خلال أسبوعين. أما استياء السكان من الأسد ، الذي تحدثت عنه المقالات المذكورة ، فهو استياء موجود فعلاً ، ومن المستبعد إمكان التخلص منه بالقوة الخشنة . فالسوريون الذين عرفوا كل فظائع الحرب ، من المستبعد إمكان تخويفهم بالعسكر ، بل سيدفعهم ذلك ، على الأرجح،  إلى عدوانية أكثر ، مما يحتم بالتالي البحث عن وسائل أخرى مختلفة .
ويرى الكاتب أن الحل الأفضل يتمثل ، بالطبع ، في إحياء الإقتصاد وتثبيت سعر صرف الليرة السورية وتوفير فرص عمل ، وما إلى ذلك ، لكن من المستبعد إمكان تحقيق ذلك خلال السنوات العشر القادمة . ولا يتبقى ، بالتالي ، سوى القليل من الوسائل . وقد يكون من الأفضل بالنسبة لروسيا فيما لو ظهر في منصب الرئاسة السورية شخص آخر غير الأسد .  فالإنتخابات الرئاسية السورية قريبة في العام 2021 ، فليمض الأسد سنته الرئاسية الأخيرة هذه ، وليرحل في ما بعد . وليبق يعمل ، على ألا يتولى مناصب رسمية . فالمشكلة ، برأي الكاتب ،  في أن صورة الأسد ترتبط لدى الكثيرين من السوريين بالدمار والمصائب والفقر ، خاصة لدى الأشخاص ، الذين في سن 18 وأكثر بقليل . فالجزء الأعظم من حياة هؤلاء الواعية مضى في ظروف الحرب ، وفي ظل بشار الأسد رئيساً لسوريا . فمن المستبعد أن تحب رئيساً ، حتى لو كان أفضل من الأسد بكثير، إذا ما كان في حوش منزلك حفرة انفجار بدلاً من ساحة للعب الأطفال ، وبدلاً من شباك المنزل أكياس نايلون تستر الفجوة ، التي تشكلت في الجدار . كما من المستبعد أيضاً أن تحب رئيساً إذا لم يكن طفلك قد أكل حتى الشبع منذ ولادته ، وإذا كان والداك العجوزان قد ماتا في العوز والإذلال. لعله يكون من العقلانية أكثر، برأي الكاتب،  لو تم تجديد السلطة ، وتنصيب شخص ليس مرتبطاً لدى السوريين بالمصائب والمشاكل ، حتى لو كان النسخة السورية (لرئيس الوزراء الروسي السابق) ديمتري ميدفيديف ، لكن في ظل التقديم الحذق له ، سوف يتمكن ، على الأقل، من تخليص سوريا من الإحتجاجات ، التي ليست موسكو أيضاً بحاجة لها مطلقاً.
===========================
القدس:حافظ الأسد.. ثلاثة عقود في حكم سوريا
09-06-2020 | 12:13
بيروت- "القدس" دوت كوم- (أ ف ب)- حكم الرئيس السابق حافظ الأسد سوريا بقبضة من حديد على مدى ثلاثة عقود حتى وفاته في العاشر من حزيران/يونيو 2000.
أدناه أبرز المحطات التي طبعت مسيرته:
تولي سدّة الحكم
في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1970، نفّذ الأسد الذي تولّى منصب وزير الدفاع انقلاباً عسكرياً عُرف بـ"الحركة التصحيحية" وأطاح برئيس الجمهورية حينها نور الدين الأتاسي.
في 12 آذار/مارس 1971، انتخب الأسد الذي كان يترأس حزب البعث العربي الاشتراكي، رئيساً للجمهورية ضمن انتخابات لم يكن فيها مرشحٌ سواه.
وأصبح أول رئيس للبلاد من الطائفة العلوية، إحدى الأقليات الإسلامية التي تضمّ عشرة في المئة من تعداد السكان.
الحرب ضد إسرائيل
في السادس من تشرين الأول/أكتوبر 1973، شنّت مصر وسوريا هجوماً مفاجئاً على إسرائيل من جهة قناة السويس غرباً، ومرتفعات الجولان شرقاً، في محاولة لاستعادة ما خسره العرب من أراض خلال نكسة حزيران/يونيو 1967، لكن تمّ صدهما.
في أيار/مايو 1974، انتهت الحرب رسمياً بتوقيع اتفاقية فضّ الاشتباك في مرتفعات الجولان.
التدخّل في لبنان
في حزيران/يونيو 1974، زار الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون العاصمة السورية، معلناً إعادة إرساء العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، بعدما كانت مجمّدة منذ العام 1967.
بعد عامين، تدخّلت القوات السورية في الحرب الأهلية اللبنانية بموافقة أميركية، بناء على طلب من قوى مسيحية محاصرة.
ومنذ أيار/مايو 1977، بدأت المواجهات بين القوات السورية، التي انتشرت في معظم أجزاء البلاد ما عدا المنطقة الحدودية مع إسرائيل، والقوات المسيحية التي احتجت على الوجود السوري في مناطق كانت تحت نفوذها.
وطيلة ثلاثة عقود، بقيت سوريا قوة مهيمنة على المستوى العسكري في لبنان وتحكمت بكافة مفاصل الحياة السياسية حتى انسحابها عام 2005.
التباين مع العراق
عام 1979، تدهورت العلاقات بين سوريا والعراق، اللذين حكمهما فرعان متنافسان من حزب البعث العربي الاشتراكي، بعد اتهام الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين الوافد حديثاً إلى السلطة دمشق بالتآمر.
وقطعت بغداد علاقتها الدبلوماسية مع دمشق في تشرين الأول/أكتوبر 1980، بعدما دعمت الأخيرة طهران في نزاعها مع العراق.
قمع وحشي
في شباط/فبراير 1982، تصدى النظام السوري لانتفاضة مسلّحة قادها الإخوان المسلمون في مدينة حماه، وذهب ضحيتها بين عشرة آلاف وأربعين ألف شخص.
وجاء ذلك بعد قرابة ثلاث سنوات من هجوم بالرصاص والقنابل اليدوية على الكلية الحربية في مدينة حلب، أدى إلى مقتل ثمانين جندياً سورياً من الطائفة العلوية. وتوجّهت حينها أصابع الاتهام إلى الإخوان المسلمين بالوقوف خلف الهجوم.
تنافس أخوي
في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1983، أصيب الأسد بأزمة قلبية نقل على إثرها إلى أحد مشافي دمشق. ودخل في غيبوبة لساعات عدّة، حاول خلالها شقيقه الأصغر رفعت الاستيلاء على السلطة عبر انقلاب فاشل، قبل أن يستعيد الأسد عافيته. وبعد عام، أُجبر رفعت على مغادرة سوريا.
التودّد إلى الغرب
خلال عامي 1990 و1991، بدأ الجليد الذي شاب علاقات سوريا مع الولايات المتحدة بالذوبان، عقب انهيار الاتحاد السوفياتي الذي وقعت سوريا معه اتفاقية صداقة وتعاون عام 1980.
انضمت سوريا إلى القوات المتعددة الجنسيات في التحالف الذي قادته الولايات المتحدة ضد صدام حسين بعد غزو العراق للكويت. وفي تشرين الأول/أكتوبر 1994، زار الرئيس الأميركي بيل كلينتون الأسد في دمشق.
بعد أربع سنوات، زار الأسد فرنسا في أول زيارة له إلى بلد غربي منذ 22 عاماً، واستقبل بحفاوة من نظيره الفرنسي جاك شيراك.
تولي الإبن السلطة
توفي الأسد في 10 حزيران/يونيو 2000، عن عمر ناهز 69 عاماً، وكان شيراك الرئيس الغربي الوحيد الذي حضر جنازته.
وبعد شهر، تولّى نجله بشار السلطة، بعد تعديل دستوري سمح له بالترشّح. وحاز في استفتاء لم يضم أي مرشح آخر سواه على 97 في المئة من الأصوات.
===========================
الحرة :20 عاما في السلطة.. الأسد وعد السوريين بالانفتاح فشردهم من وطنهم
في يونيو 9, 2020
عند وفاة الرئيس السابق حافظ الأسد، أمل السوريون بتغيير مع تبوء نجله الشاب سدة الرئاسة. لكن بعد عشرين عاما، حول بشار الأسد سوريا إلى بلد معزول مزقته الحرب وأنهكت العقوبات اقتصاده.
وتسلم الأسد الابن (55 عاما)، طبيب العيون الذي تخصص في بريطانيا، مقاليد السلطة بعد شهر من وفاة والده في 10 يونيو 2000. وتم ذلك بعد تعديل دستوري خفض سن الترشح من أربعين إلى 34 عاما.
وبدا حينها الرئيس الشاب بمظهر الإصلاحي الذي يخطط لتحرير الاقتصاد والانفتاح بخجل على الغرب.
إلا أن هذه الصورة تبدلت تدريجيا خصوصا بعد احتجاجات شعبية ضده في منتصف مارس 2011 قمعتها قوات الأمن بالقوة، وما لبثت أن تحولت نزاعا داميا تعددت أطرافه.
ويقول الباحث في مركز السياسة العالمية فيصل عيتاني لوكالة فرانس برس إنه حين تبوأ الابن السلطة “ساد الكثير من القلق، فسوريا لم تكن قد شهدت قط انتقالا سلميا للسلطة منذ عقود، لكن ذلك سرعان ما تبدد مع تسلمه الحكم وعكسه هالة الحداثة والشباب والانفتاح”.
وشهدت سوريا بين سبتمبر 2000 وفبراير 2001 فترة انفتاح وسمحت السلطات نسبيا بحرية التعبير. ودعا نحو مئة من المثقّفين والفنانين السلطات إلى “العفو” عن سجناء سياسيين وإلغاء حالة الطوارئ السارية منذ 1963.
لكن توقيف عشرة معارضين صيف العام 2001 وضع حدا لـ”ربيع دمشق” القصير الأمد والذي جاء بعد أربعين سنة من حكم الأسد الأب بيد من حديد.
وارتبط اسم الرئيس الراحل بالقمع الدموي لانتفاضة الإخوان المسلمين في مدينة حماة عام 1982، ما تسبب بمقتل عدد تتراوح التقديرات بشأنه بين عشرة آلاف وأربعين ألفاً.
ويوضح الخبير في الشأن السوري في جامعة جورجتاون دانيال نيب أنه “في بلد لم يشهد انفتاحا سياسيا أو اقتصاديا هاما (…)، بدا وكأن وصول بشار إلى الرئاسة يعد بإصلاح طال انتظاره”.
ويضيف “اختلف بشار تماما عن الشخصيات الأخرى في النظام، فقد كان شابا وتلقى تعليمه في الخارج”.
وكان الأسد الأب يعد ابنه البكر باسل لخلافته، لكن وفاته في حادث سيارة عام 1994 غير المعادلة.
لم يدم التفاؤل طويلا، و”سرعان ما ماتت فكرة بشار الليبرالي” وفق عيتاني، بينما “كانت خيبة الأمل الكبيرة على المستوى الاقتصادي” بعدما “تبين أن اقتصاد السوق الاجتماعي الذي مارسه هو عبارة عن صيغة للفساد الجشع وسط الدائرة القريبة منه”.
وتسبب ذلك “بتعميق التفاوت الاقتصادي، ووقع كثيرون من الطبقة المتوسطة وسكان المناطق الريفية في فقر مدقع”.
وباءت محاولات الأسد الذي استقبله الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عام 2008 وشكلت زوجته أسماء محط أنظار الإعلام الغربي الذي أسهب في وصف أناقتها وثقافتها، لجعل سوريا أكثر قربا من الغرب، بالفشل.
بعد قمعه للتظاهرات السلمية التي تحولت نزاعا داميا تسبّب بمقتل أكثر من 380 ألف شخص منذ العام 2011 وأدى إلى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل سوريا وخارجها، طالبت دول غربية وعربية برحيل الأسد عن السلطة ودعمت معارضيه. لكنها تخلّت لاحقاً عن هذا المطلب بعدما ركزت جهودها على التصدي للتنظيمات الجهادية.
وتلاحق نظام الأسد عقوبات قاسية أنهكت اقتصاده، وسيدخل آخرها ويُعرف باسم قانون قيصر حيز التنفيذ الأسبوع المقبل. وقد أقره الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ويعيش اليوم الجزء الأكبر من السوريين تحت خط الفقر، وتشهد الليرة السورية انهيارا غير مسبوق ومتواصلا أمام الدولار يؤدي الى تآكل القدرة الشرائية للسوريين الذين خرج العشرات منهم في مدينة السويداء (جنوب) في اليومين الأخيرين إلى الشارع تعبيراً عن غضبهم مطلقين شعارات مناوئة للأسد.
في موازاة ذلك، لا تزال مناطق عدة في شمال شرق سوريا وشمال غربها خارجة عن سيطرة القوات الحكومية.
وبعد أكثر من تسع سنوات من الحرب، تمكن الأسد من الاحتفاظ بالسلطة وتسيطر قواته على أكثر من سبعين في المئة من مساحة البلاد بفضل دعم رئيسي من حليفين أساسيين هما إيران وروسيا. إلا أن بلاده تحولت لساحة للتنافس بين قوى دولية.
ويقول عيتاني “ترأس حافظ الأسد دولة مستقرة سياسيا وآمنة للغاية، حتى لو كانت “فقيرة أيضا”.
وشكلت دمشق في عهده لاعبا استراتيجيا على المستوى الإقليمي، سهّلت انخراط حزب الله بمواجهة اسرائيل ومارست وصاية في لبنان على مدى سنوات طويلة.
ويعتبر أن الأسد الأب “أبقى دائما على سوريا مستقلة عن التدخل الأجنبي” فيما “أصبح بشار مدينا للنفوذ الخارجي من أجل الحفاظ على نظامه سليماً”.
وفيما يُتوقع أن تغرق سوريا في مزيد من الفقر في المرحلة المقبلة، كشف الصراع الأخير بين رجل الأعمال البارز رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري، والسلطات التي تطالبه بتسديد مبالغ مالية وحجزت على أمواله تصدعا جديدا في دائرة الأسد الاقتصادية.
لكن ذلك لن يغير من موقع الأسد.
ويقول عيتاني “يشبه بشار حافظ في مثابرته وقدرته على إبقاء قلب النظام سليما، لكنه ليس كفوءا ولا محظوظا كما كان والده”.
===========================
عربي 21 :20 عاما على حكم الأسد الابن.. حرب أهلية ومصائب تتراكم
تم نشره الثلاثاء 09 حزيران / يونيو 2020 05:43 مساءً
مرت 20 عاما على وفاة الرئيس السابق، حافظ الأسد، واستلام نجله بشار مكانه، تحولت فيها سوريا إلى بيئة تسودها الحرب الأهلية منذ تسع سنوات، وتنهكها العقوبات الاقتصادية.
وتسلّم الأسد الابن "55 عاما"، طبيب العيون الذي تخصّص في بريطانيا، مقاليد السلطة بعد شهر من وفاة والده في 10 حزيران/ يونيو 2000. وتمّ ذلك بعد تعديل دستوري خفّض سن الترشّح من أربعين إلى 34 عاما.
وتكشفت صورة بشار الأسد تدريجيا، بعد احتجاجات شعبية ضده في منتصف آذار/ مارس 2011 قمعتها قوات الأمن بالقوة، وما لبثت أن تحولت نزاعا داميا تعددت أطرافه.
ونقلت وكالة فرنس برس، عن الباحث في مركز السياسة العالمية فيصل عيتاني، أنه حين تبوأ الابن السلطة "ساد الكثير من القلق، فسوريا لم تكن قد شهدت قط انتقالا سلميا للسلطة منذ عقود، لكن ذلك سرعان ما تبدّد مع تسلّمه الحكم، وعكسه هالة الحداثة والشباب والانفتاح".
وشهدت سوريا بين أيلول/ سبتمبر 2000 وشباط/ فبراير 2001 فترة انفتاح، وسمحت السلطات نسبيا بحرية التعبير. ودعا نحو مئة من المثقّفين والفنانين السلطات إلى "العفو" عن سجناء سياسيين، وإلغاء حالة الطوارئ السارية منذ 1963.
لكن توقيف عشرة معارضين صيف العام 2001 وضع حدا لـ"ربيع دمشق" قصير الأمد، الذي جاء بعد أربعين سنة من حكم الأسد الأب بيد من حديد.
وارتبط اسم الرئيس الراحل بالقمع الدموي لانتفاضة الإخوان المسلمين في مدينة حماة عام 1982، ما تسبب بمقتل عدد تتراوح التقديرات بشأنه بين عشرة آلاف وأربعين ألفا.
ويوضح الخبير في الشأن السوري في جامعة جورجتاون، دانيال نيب، أنه "في بلد لم يشهد انفتاحا سياسيا أو اقتصاديا هاما، بدا كأن وصول بشار إلى الرئاسة يعد بإصلاح طال انتظاره".
وأضاف: "اختلف بشار تماما عن الشخصيات الأخرى في النظام، فقد كان شابا، وتلقى تعليمه في الخارج".
لم يدم التفاؤل طويلا، و"سرعان ما ماتت فكرة بشار الليبرالي"، وفق عيتاني، بينما "كانت خيبة الأمل الكبيرة على المستوى الاقتصادي"، بعدما "تبيّن أنّ اقتصاد السوق الاجتماعي الذي مارسه هو عبارة عن صيغة للفساد الجشع وسط الدائرة القريبة منه".
وباءت محاولات الأسد الذي استقبله الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عام 2008، وشكلت زوجته أسماء محط أنظار الإعلام الغربي الذي أسهب في وصف أناقتها وثقافتها، لجعل سوريا أكثر قربا من الغرب، بالفشل.
بعد قمعه للتظاهرات السلمية التي تحولت نزاعا داميا تسبّب بمقتل أكثر من 380 ألف شخص منذ العام 2011، وأدى إلى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل سوريا وخارجها، طالبت دول غربية وعربية برحيل الأسد عن السلطة، ودعمت معارضيه.
وتلاحق نظام الأسد عقوبات قاسية أنهكت اقتصاده، وسيدخل آخرها ويُعرف باسم قانون قيصر حيز التنفيذ الأسبوع المقبل. وقد أقره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويعيش اليوم الجزء الأكبر من السوريين تحت خط الفقر، وتشهد الليرة السورية انهيارا غير مسبوق ومتواصلا أمام الدولار، يؤدي إلى تآكل القدرة الشرائية للسوريين الذين خرج العشرات منهم في مدينة السويداء (جنوبا) في اليومين الأخيرين إلى الشارع؛ تعبيرا عن غضبهم، مطلقين شعارات مناوئة للأسد.
في موازاة ذلك، لا تزال مناطق عدة في شمال شرق سوريا، وشمال غربها، خارجة عن سيطرة القوات الحكومية.
وبعد أكثر من تسع سنوات من الحرب، تمكّن الأسد من الاحتفاظ بالسلطة، وتسيطر قواته على أكثر من 70 بالمئة من مساحة البلاد، بفضل دعم رئيسي من حليفين أساسيين، هما إيران وروسيا. إلا أنّ بلاده تحوّلت ساحة للتنافس بين قوى دولية.
ويعتبر عيتاني أنّ الأسد الأب "أبقى دائما على سوريا مستقلة عن التدخل الأجنبي"، فيما "أصبح بشار مدينا للنفوذ الخارجي من أجل الحفاظ على نظامه سليما".
وفيما يُتوقّع أن تغرق سوريا في مزيد من الفقر في المرحلة المقبلة، كشف الصراع الأخير بين رجل الأعمال البارز رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري، والسلطات التي تطالبه بتسديد مبالغ مالية وحجزت على أمواله، تصدّعا جديدا في دائرة الأسد الاقتصادية.
بدورها، قالت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، إن المصائب تتراكم على الأسد ونظامه، مع استمرار العقوبات الدولية ضده.
وأضافت الصحيفة الفرنسية أن الأسد يواجه اليوم، بعد تسع سنوات من الحرب المدمرة على بلاده، تمزقا غير مسبوق داخل حاشيته التي تتحكم في شؤون الدولة السرية منذ عام 1970.
ولفتت إلى أن ما يحصل حاليا مع ابن خاله رامي مخلوف، قرش عالم الأعمال في سوريا منذ 20 سنة، أكد للسوريين حجم الفساد وتحويل موارد البلاد من قبل هذه الحاشية الحاكمة، كما أنه يقسم العائلة، خاصة الطائفة العلوية، التي ضحت بعشرات الآلاف من أبنائها في القتال من أجل بقاء النظام.
وأشارت إلى أنه بعد تسع سنوات من الحرب، لم يستطع الأسد السيطرة على كامل الأراضي السورية، بعد أن فشل في إحكامها على منطقتين رئيسيتين، في الشمال الشرقي، الذي تديره إدارة كردية، ونصف محافظة إدلب بشمال غرب البلاد، التي ما تزال خارج سيطرته.
ونوهت إلى أن قصف الطيران الحربي الروسي والسوري بإدلب أدى لكارثة إنسانية، حيث فر نحو مليون مدني إلى الحدود مع تركيا.
وأشارت إلى أن الاحتجاجات العامة عادت من جديد، ففي مدينة إدلب، تجمع الآلاف رافعين شعارات معادية لنظام بشار الأسد.
وأضافت أن هذه الاحتجاجات تمت أيضا في مناطق سيطرة النظام، كما هول الحال في السويداء وفي درعا.
عربي 21
===========================
العرب اللندنية :20 عاما على رحيل حافظ الأسد: من ربيع دمشق إلى جراح الحرب
بيروت – عند وفاة الرئيس السابق حافظ الأسد أمل السوريون بتغيير مع تبوّؤ نجله الشاب سدّة الرئاسة، لكن بعد عشرين عاما يرأس الرئيس الحالي بشار الأسد بلدا معزولا مزّقته الحرب وأنهكته العقوبات الاقتصادية.
وتسلّم الأسد الابن (55 عاما)، طبيب العيون الذي تخصّص في بريطانيا، مقاليد السلطة بعد شهر من وفاة والده في 10 يونيو 2000. وتمّ ذلك بعد تعديل دستوري خفّض سن الترشّح من أربعين إلى 34 عاما.
وبدأ حينها الرئيس الشاب بمظهر الإصلاحي الذي يخطط لتحرير الاقتصاد والانفتاح بخجل على الغرب، إلا أنّ هذه الصورة تبدّلت تدريجيا خصوصا بعد احتجاجات شعبية ضده في منتصف مارس 2011 قمعتها قوات الأمن بالقوة، وما لبثت أن تحولت نزاعا داميا تعدّدت أطرافه.
ويشير الباحث في مركز السياسة العالمية فيصل عيتاني إلى أنه حين تبوأ الابن السلطة “ساد الكثير من القلق، فسوريا لم تكن قد شهدت قط انتقالا سلميا للسلطة منذ عقود، لكن ذلك سرعان ما تبدّد مع تسلّمه الحكم وعكسه هالة الحداثة والشباب والانفتاح”.
وشهدت سوريا بين سبتمبر 2000 وفبراير 2001 فترة انفتاح وسمحت السلطات نسبيا بحرية التعبير. ودعا نحو مئة من المثقّفين والفنانين السلطات إلى “العفو” عن سجناء سياسيين وإلغاء حالة الطوارئ السارية منذ 1963.
لكن توقيف عشرة معارضين صيف العام 2001 وضع حدا لـ”ربيع دمشق” القصير الأمد والذي جاء بعد أربعين سنة من حكم الأسد الأب بيد من حديد.
ويوضح الخبير في الشأن السوري في جامعة جورجتاون دانيال نيب أنه “في بلد لم يشهد انفتاحا سياسيا أو اقتصاديا هامّا، بدا وكأن وصول بشار إلى الرئاسة يعد بإصلاح طال انتظاره”. ويضيف “اختلف بشار تماما عن الشخصيات الأخرى في النظام، فقد كان شابا وتلقى تعليمه في الخارج”.
وكان الأسد الأب يعدّ ابنه البكر باسل لخلافته، لكن وفاته في حادث سيارة عام 1994 غيّرت المعادلة.
خيبة كبيرة
"ربيع دمشق".. قصير الأمد
عقوبات قاسية تلاحق نظام الأسدلم يدم التفاؤل طويلا، و”سرعان ما ماتت فكرة بشار الليبرالي”، بينما “كانت خيبة الأمل الكبيرة على المستوى الاقتصادي” بعدما “تبيّن أنّ اقتصاد السوق الاجتماعي الذي مارسه هو عبارة عن صيغة للفساد الجشع وسط الدائرة القريبة منه”.
وتسبّب ذلك “بتعميق التفاوت الاقتصادي، ووقع كثيرون من الطبقة المتوسطة وسكان المناطق الريفية في فقر مدقع”.
وباءت محاولات الأسد الذي استقبله الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عام 2008 وشكلت زوجته أسماء محط أنظار الإعلام الغربي الذي أسهب في وصف أناقتها وثقافتها، لجعل سوريا أكثر قربا من الغرب، بالفشل.
وبعد قمعه للتظاهرات السلمية التي تحوّلت نزاعا داميا تسبّب بمقتل أكثر من 380 ألف شخص منذ العام 2011 وأدى إلى نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل سوريا وخارجها، طالبت دول غربية وعربية برحيل الأسد عن السلطة ودعمت معارضيه، لكنها تخلّت لاحقا عن هذا المطلب بعدما ركزت جهودها على التصدي للتنظيمات الجهادية.
وتلاحق نظام الأسد عقوبات قاسية أنهكت اقتصاده، وسيدخل آخرها ويُعرف باسم قانون قيصر حيز التنفيذ الأسبوع المقبل. وقد أقره الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ويعيش اليوم الجزء الأكبر من السوريين تحت خط الفقر، وتشهد الليرة السورية انهيارا غير مسبوق ومتواصلا أمام الدولار يؤدي إلى تآكل القدرة الشرائية للسوريين الذين خرج العشرات منهم في مدينة السويداء (جنوب) في اليومين الأخيرين إلى الشارع تعبيرا عن غضبهم مطلقين شعارات مناوئة للأسد.
وفي موازاة ذلك، لا تزال مناطق عدة في شمال شرق سوريا وشمال غربها خارجة عن سيطرة القوات الحكومية.
مدين للخارج
من المتوقع أن تغرق سوريا في المزيد من الفقر مستقبلامن المتوقع أن تغرق سوريا في المزيد من الفقر مستقبلا
بعد أكثر من تسع سنوات من الحرب، تمكّن الأسد من الاحتفاظ بالسلطة وتسيطر قواته على أكثر من سبعين في المئة من مساحة البلاد بفضل دعم رئيسي من حليفين أساسيين هما إيران وروسيا، إلا أنّ بلاده تحوّلت ساحة للتنافس بين قوى دولية.
ويقول عيتاني “ترأس حافظ الأسد دولة مستقرة سياسيا وآمنة للغاية، حتى لو كانت ‘فقيرة أيضا’”.
وشكّلت دمشق في عهده لاعبا استراتيجيا على المستوى الإقليمي، سهّلت انخراط حزب الله بمواجهة إسرائيل ومارست وصاية في لبنان على مدى سنوات طويلة.
وطيلة ثلاثة عقود، بقيت سوريا قوة مهيمنة على المستوى العسكري في لبنان وتحكمت بكافة مفاصل الحياة السياسية حتى انسحابها عام 2005.
وفي مقارنة بين التوجهات الخارجية للنظام السوري بين حافظ الأسد ونجله، يلاحظ أنّ الأسد الأب “أبقى دائما على سوريا مستقلة عن التدخل الأجنبي”، فيما “أصبح بشار مدينا للنفوذ الخارجي من أجل الحفاظ على نظامه سليما”.
وفيما يُتوقّع أن تغرق سوريا في مزيد من الفقر في المرحلة المقبلة، كشف الصراع الأخير بين رجل الأعمال البارز رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري، والسلطات التي تطالبه بتسديد مبالغ مالية وحجزت على أمواله تصدّعا جديدا في دائرة الأسد الاقتصادية، لكنّ ذلك لن يغير من موقع الأسد حسب المتابعين.
ويخلص عيتاني بالقول “يشبه بشار حافظ في مثابرته وقدرته على إبقاء قلب النظام سليما، لكنه ليس كفؤا ولا محظوظا كما كان والده”.
===========================
الرياض :كيف صنع (السيد 5 %) إمبراطورية توازي ميزانية الدولة بأكلمها؟...آل الأسد وآل مخلوف.. منافسة تاريخية على نهب سورية
تقرير-ابراهيم الشمري
يقول بشار الأسد إنَّ كارثةً ستحصل في سورية إذا ما ازدادت حالات الإصابة بكورونا، لا يُدرك أن الكارثة الحقيقية حلَّت بها على يديه منذ عشرة أعوام، عند اندلاع الانتفاضة السورية، بل حلَّت منذ انقلاب الأب قبل خمسين عاماً والاستيلاء على سورية لتصبح مزرعة لآل الأسد وطائفته من آل مخلوف وشاليش وسليمان ودوبا وغيرهم من اللصوص.
ويشهد التاريخ السوري أن جميع هذه الأسر مجرد خادمة وعاملة بالنسبة المئوية عند بشار ومن قبله أبوه حافظ، ومجرد أدوات تستخدم عند الطلب، ومن كبيرها إلى صغيرها لا تقدح من رأسها، ولا تعمل على أهوائها، ولا تتصرف حسب رغباتها، كلّه متفق عليه.
وكما كان محمد مخلوف واجهةَ حافظ الأسد الاقتصادية، كذلك أصبح رامي مخلوف واجهةً لبشار الأسد، ليرثَ كلُّ واحدٍ منهما أباه، والمليارات أصبحت إرثاً لأُسر طائفية، تتظاهر بالوطنية، وما هي إلا مجردُ لصوصٍ تتاجر بكلِّ ما هو ممنوع.سورية المنهوبة
تعدّ أسرة الأسد وآل مخلوف مافيا متماسكة بشدة منذ عقود رغم المنافسة وعملوا يداً بيد لنهب موارد الدولة.
وبمجرد أن أصبح رئيساً لسورية في 1970م، مكّن حافظ الأسد طائفته من الهيمنة على الدولة وهياكل السلطة المختلفة، وهنا يدخل محمد مخلوف إلى الصورة، وكان من أكثر رجال النظام فساداً، وسيئ السمعة على وجه الخصوص في عمليات التهريب.
وتمكنت أنيسة زوجة الأسد وشقيقة مخلوف المنحدرة من الأسرة الأكثر نفوذاً في الدوائر العلوية، لذكائها وقوة شخصيتها، من التأثير في قصر الحكم على الرغم من اختفائها عن أضواء الإعلام، لكنها لعبت الدور الأكبر في قرارات الأسد، وجلبت أسرتها ومكنتها من التغلغل في الاقتصاد بقيادة شقيقها محمد مخلوف الذي انتقل بقدرة قادر من موظف صغير إلى مدير عام مؤسسة حصر التبغ والتنباك، ليسيطر على وكالات شركات الدخان الأجنبية في سورية، ثم عين مديراً للبنك العقاري السوري ليمنح القروض لمن يشاء، ثم تحوّل إلى رجل أعمال في القطاع النفطي ليؤسس شركة الفرات للنفط، وتمكن من خلالها الاستيلاء تدريجياً على قطاع الطاقة، وأسس عدداً من محطات توليد الكهرباء، وأنشأ مكتباً لتسويق النفط السوري يقتطع عمولة 7 ٪ من قيمة كل برميل نفط، ما جعل النفط السوري يباع بأقل من سعره، وحسب معلومات أدلى بها فراس طلاس ومسؤولون سوريون رفيعون كانت حصة الأسد ومخلوف من النفط السوري سبعة ملايين دولار يومياً.
فتحوّل مخلوف الأب منذ بداية الثمانينات الميلادية وأبناؤه إلى بنك لأسرة الأسد، الأمر الذي دفع رفعت الأسد للمطالبة بقسمة عادلة في الحكم والمال، فحاصر دمشق بقوات سرايا الدفاع وزاحم حافظ على السلطة، ثم أُبعد إلى خارج سورية في إطار صفقة ضمنت له مليارات الدولارات، ومكاسب كبيرة من تجارة الآثار السورية التي قام بتهريبها على مدى سنوات، دون رقيب أو حسيب، وتحفّظ الإعلام السوري الرسمي حتى الآن عن تشويه سمعته، ولعبت أنيسة مخلوف دوراً أساسياً في استبعاده وإزاحة خطر كبير يهدد آل مخلوف، ومن ثم ورثة الحكم.
وبعد وفاة حافظ الأسد 2000م، ظهرت حاكمة الظل أنيسة بقوة لتتسلم زمام الأمور وترتب تسليم كرسي الحكم للرئيس الجديد، فاجتمعت بالأسرة واستدعت وزير الدفاع وكبار الضباط وحددت لهم طريقة التوريث لابنها، ووجهته لقتل من تريد وطرد الآخر، وحوّلت سورية إلى مزرعة طائفية، وبفضل دعمها بنى آل مخلوف إمبراطوريتهم الاقتصادية.
وأصبحت أنيسة قوة في حد ذاتها ولم تكن تثق بزوجة ابنها أسماء صاحبة الجنسية البريطانية، واستخدمت نفوذها لتهميش دورها العام، وينبع كرهها من قلة ثقتها بابنها بشار المعروف بكونه وديعاً وضعيف الشخصية، ولم يُجهَّز قط لدور رئيس، بل وفاة أخيه باسل عام 1994م، قدمته للرئاسة كوريث له، على الرغم من أن الأم أنيسة دفعت حافظ الأسد لاختيار الأخ الأصغر لبشار ماهر، لكن حافظ كان يرى ماهر على أنه عنيف ومتهور.
إمبراطورية مخلوف الاقتصادية
يتربع مخلوف على رأس إمبراطورية اقتصادية تشمل أعمالاً في قطاع الاتصالات والكهرباء والعقارات والبترول والمصارف وغيرها من الأنشطة.
ولُقّب رامي مخلوف، بـ (السيد 5 %) نسبةً إلى تقاضيه عمولة 5 % على أي صفقة تعقد في سورية، عبر استخدام نفوذه الممنوح له من بشار الأسد لنهب الاقتصاد السوري على مدار سنوات طويلة، والذي قُدر بما يزيد على 70 مليار دولار.
دخل رامي مخلوف السوق التجارية أواخر الثمانينات الميلادية وهو في المرحلة الثانوية، وتعلّم على يدي أبيه سبل الفساد، واهتم بداية بتهريب السجائر الأجنبية من لبنان إلى سورية عبر معبر الجدَيدة، وكذلك عن طريق مؤسسة الريجي (مؤسسة حصر التبغ والتنباك)، بمساعدة والده الذي يرأسها والوكيل الحصري لشركات السجائر الأجنبية، ثم أنشأ شركة (غوتا) التي تتولّى التفاوض مع شركات السجائر الأجنبية والمشروبات الكحولية وترتب دخولها السوق السورية.
وهيأ مخلوف الأب لابنه محامين يدربونه على كيفية التباحث مع الشركات حول العمولات، وطرق فرض الرشوة المنظمة (النسبة المئوية) عليهم.
وخلال مدة قصيرة توصّل إلى البنك العقاري الذي يرأسه والده، وحصل على قروض وهمية طويلة الأجل وعقود بنكية مع أكبر التجار والصناعيين باستثناءات خاصة ودون فوائد، واستفاد من تشغيلها.
منح البنك العقاري رامي مخلوف قرضاً بقيمة 350 مليون ليرة باسم شخص متوفى لإقامة مشروع سياحي في مدينة الرقة على البحيرة، واُكتشف بعد ذلك أن الأرض أملاك للدولة وتحديداً لوزارة الزراعة، ومنح قرض آخر بمبلغ 270 مليون ليرة في مدينة حلب لبناء مشروع صناعي دون فوائد، ومُنح قرض بقيمة 500 مليون ليرة بكفالة منشأة عليها حجوزات من قبل الورثة، وصاحب القرض مقيم في قبرص، وجميع هذه القروض لم تسدد.
واستمرت الحال على ما هي عليه من نهب لمقدرات الشعب السوري إلى وفاة حافظ عام 2000م، وتعيين بشار رئيساً لسورية، فاستخدمت (أنيسة) نفوذها لتقوية أقاربها ليصبحوا مراكز قوة حقيقية داخل سورية، فوسع شقيقها محمد مخلوف وأولاده نفوذهم بشكل كبير.
في ذلك العام أسس رامي مخلوف شركة (سيرياتيل)، وهي واحدة من شركتَيْ اتصالات فقط في سورية تسيطر على 70 ٪ من السوق المحلية، وبنى رامي ووالده محمد إمبراطورية تجارية ضخمة وقيمة صافية تقدر بـ 5 مليارات دولار في بداية الألفية الثالثة، بينما يمارس أخواه حافظ وإياد مخلوف هيمنة متزايدة على أجهزة أمن الدولة لترهيب المنافسين، لترتفع عدد شركات آل مخلوف في سورية وحدها على ما يزيد 50 شركة مهيمنة على اقتصاد سورية بشكل كامل.
ويمتلك رامي مخلوف وإخوانه عدة شركات في سورية، منها: (إيلتيل ميدل إيست)، و(تي بي راماك ليمتد)، و(شام القابضة) التي تملك استثمارات في قطاع السياحة الفاخرة، والمطاعم، والعقارات، وأكبر شركة عقارات (بنا للعقارات) وأهم شركات السياحة (المدائن)، وأول شركة طيران خاصة (لؤلؤ)، وشركة بيلسان للإدارة والإطعام لتعهدات شركات الطيران.
كما هيمن مخلوف على القطاع المصرفي كاملاً من خلال الشراكات أو الملكية الكاملة كالبنك الإسلامي الدولي لسورية، بنك بيبلوس، بنك البركة، بنك قطر الدولي، بنك الشام، بنك الأردن في سورية، وشركات التأمين، وشركات الخدمات المصرفية، والأسواق الحرّة.
وكذلك نشاط كبير في قطاع الوقود والنفط والغاز، من خلال شركة جلف ساندز البريطانية للنفط، وشركة سنا للاستثمار المحدودة المسؤولية والتي تعمل في استكشاف ومعالجة وتسويق النفط والغاز، وشركة لمد الجسور والطرق، وأنشطة في العقارات، كشركة الفجر، وباترا، وشركة الحدائق، واستثمارات واسعة في وسائط الإعلام، كصحيفة الوطن، تلفزيون نينار، قناة الدنيا الفضائية، وشركات الدعاية والإعلان، كشركة بروميديا، وفي التعليم، كمدرسة الشويفات الدولية، كما يملك الشركة السورية الإيطالية المتحدة لنقل وتصدير زيت الزيتون، وتجارة بيع وتصدير الخيول الأصيلة العربية إلى بريطانيا، إضافة لتصدير الذهب والألماس.
وكذلك أصبح رامي مخلوف الوكيل الحصري لشركة المرسيدس، والذي انتزعها من أسرة (سنقر) الوكلاء التاريخيين لها (50 عاماً)، حيث منعهم من توريد قطع الصيانة، وقد تدخل حينها المستشار الألماني غيرهارد شرويدر للتوسط لدى بشار الأسد في زيارته لألمانيا في يوليو 2001م، كي يفرج رامي مخلوف عن شحنة تحتوي على مئة سيارة مرسيدس مستوردة لصالح القصر الجمهوري قام بمنعها من المرور من مرفأ طرطوس لشهور عدّة، حتى إن الصدأ بدأ يهددها بالتلف، مع أنها كانت في عقد موقع ما بين الوكلاء الرسميين (سنقر) وممثلي القصر الجمهوري.
كما لمخلوف أملاك كبيرة في جزيرة فيرجن الأميركية، وقد رفعت ضده دعوى قضائية، بسبب تلك الحيازات، فتم نقلها إلى أخيه إيهاب مخلوف، وعشرات الشركات في أوروبا الشرقية.
لم تكن الشركات المعلنة في سورية والمملوكة لرامي مخلوف وإخوانه سوى الرأس الظاهر للعيان من جبل الجليد، بينما تختبئ العمليات المعقدة والشركات الأم في الملاذات الضريبية الآمنة، لتحافظ على سرية حسابات عملائها، فتساعدهم عن طريق أسماء وهمية في الدخول في شراكات وصفقات سرية، وتمرر الأموال بعيداً عن الرقابة المالية العالمية.
تبييض الأموال
استمر رامي مخلوف وعبر واجهاته الاقتصادية من مؤسسات ورجال أعمال في أعماله داخل سورية وخارجها، وفي إيداع الأموال في الملاذات الآمنة، واستمرت جهات دولية بالتعامل معه رغم الحظر الأوروبي والأميركي بعد انتفاضة الشعب السوري، إذ كشفت وثائق سربت من فرع بنك HSBC في جنيف، وعُرفت بـ «سويسليكس»، والتي سربها موظف في البنك للسلطات الضريبية الفرنسية، ثم سربتها السلطات الفرنسية لصحيفة لوموند الفرنسية، أن مخلوف أودع 10.5 مليارات جنيه إسترليني عام 2006م، في حسابات سرية بسويسرا، وذكر البنك أنه لم يجمد تلك الحسابات، إلى أن قدمت وكالات رقابية طلباً خاصاً في مايو 2011م.
كما كشفت الوثائق أن هناك خمس شركات مخفية فيما يسمى شركات الأوف شور مسجلة في جزر العذراء البريطانية، وهي: (.....)، ومرتبط بهذه الشركات رجل الأعمال الإسرائيلي فريدي زينغر، المقيم بمستوطنة كريات شمونة، ويدير جمعية دعم التعليم في إسرائيل، وبعضَ الشركات الطبية التي سجلت اختراعات طبية، ظهر في حسابات هذه الشركات كمفوض يسمح له دخول حسابات كل من ضابط الأمن السوري حافظ مخلوف وإخوانه رامي وإيهاب وإياد، كما أظهرت الوثائق أيضاً، أنّ هؤلاء الأربعة هم مالكون للحساب المصرفي المسجل باسم الإسرائيلي زينغر.
وأظهرت الوثائق شخصاً من حزب الله يدعى محمد عباس، وهو أحد واجهات مخلوف في رومانيا وجمهورية التشيك، ويدير مجموعة مشروعات، منها مطاعم ووسائل إعلام وشركة طيران تسمى «الأجنحة»، حاول رامي مخلوف إطلاقها من سورية، لكنّ الاثنين وثقا عنوانهما في السجلات الرسمية للشركة على أنّه بنك HSBC في سويسرا.
وفي وثاِئق من السجل التجاري في بنما ظهر اثنان من أشهر الواجهات التي تغطي أموال مسؤولين ونافذين حول العالم، وهما هوزيه جيمي مالانديز وليزت مورينو، ويطلق عليهما في أنظمة إخفاء الأموال اسم «بروكسي» أي وكيل أو واجهة شكلية لصاحب المال، كمديرين لشركة «راماك ليمتد» المملوكة لمخلوف المسجلة في بنما، والتي تدير تعهدات ضخمة في سورية ولبنان حالياً، وتحصل على المناقصات والعطاءات كشركة أجنبية، لكنها في الواقع مملوكة لآل مخلوف.
ومن الألغاز التي كشفتها الوثائق، اللقاء الذي عقده محمد مخلوف وزوجته مع إدارة بنك HSBC لإدارة استثماراتهما، بتاريخ 05 يناير 2005م.
كما كشفت الوثائق عن سيولة مالية تم تمريرها إلى شركاء وشركات الملاذات الضريبية الآمنة، ضمن حسابات آل مخلوف المذكورة، وأظهرت أن الحسابات لم تكن لاكتناز الأموال، وإنما لتمرير أموال ولربط أسماء وشخصيات وشركات بهذه الحسابات، وتحويلها إلى بنوك وشركات أخرى مخفية.
ثم كشفت وثائق غربية عن تهريب أموال من سورية بعشرات المليارات من الدولارات، من شركة واحدة فقط هي شركة الاتصالات (سيرياتيل)، وقيل إنها 47 مليار دولار، عدا الشركات الكبرى المتعددة التي يمتلكها رامي مخلوف في سورية، ومئات الشركات المتوسطة والصغيرة المسجلة في ملكية أشخاص آخرين، لكن ملكيتها تعود في الحقيقة إلى رامي مخلوف، وجميعها لا يعرف أين تذهب عوائدها، ما أثر في تدهور الوضع الاقتصادي وصرف الليرة السورية.
كما جاءت طرق تهريب الأموال عبر فنانين وفنانات عرب وأجانب متعاونين ومتعاطفين مع آل مخلوف، منهم من يلتقي مباشرة برامي، ومنهم من يلتقي بالوسيط عبدالقادر صبرا، رجل الأعمال المسؤول عن الشحن البحري في ميناء طرطوس، مقابل نسبة متفق عليها بين الأطراف.
وكذلك يتم تبييض الأموال عن طريق ضباط مخابرات سوريين حاملين صفة مدنية، ولديهم أكثر من جنسية، ويتجولون بأكثر بلاد العالم، ولديهم من الطرق العديدة كتحويل الأموال لمصاغ ذهبي، أو على شكل عقاري بأسماء أشخاص آخرين، أو توضع كاستثمارات في شركات عالمية، أو مصارف داخلية وخارجية، أو في تجارة شراء وبيع الأسلحة عن طريق أسماء متعددة وليست بشكل مباشر لتغذية حروبهم الطائفية في أماكن متعددة، فآل مخلوف لديهم من الخطط المحكمة والطرق التعجيزية ما يحول دون تعقبهم أو اكتشاف أملاكهم في أنحاء العالم.
ظهور السيدة الأولى
في العقد الأول من رئاسة بشار الأسد لم تكن أسماء البريطانية والتي تعود جذورها إلى أسرة تجار سنية من حمص ودمشق، لاعباً مهماً.
ولم يكن رقباء النظام يسمحون للإعلام بالإشارة إلى أسماء على أنها السيدة الأولى على عكس أنيسة والدة بشار التي كانت تعرف دائماً بالسيدة الأولى في عهد الأب حافظ.
لكن أنيسة مخلوف تُوفِّيت في فبراير 2016م، ومنذ ذلك الحين ارتفع نجم أسماء الأخرس، ما أدى إلى بناء قاعدة قوة مستقلة لنفسها ولأسرتها متحدية الآخرين من أسرة الأسد وآل مخلوف.
ومع تدخلها الاقتصادي أصبحت أسماء أكثر تركيزاً على إعداد أطفالها ليحلوا مكانهم في حكم سورية، وغالبًا ما تنقّل أبناؤها حافظ وزين وكريم الأسد في رحلات لرفع معنويات الميليشيات المقاتلة، أو افتتاحهم مرافق جديدة من مستشفيات أو مدارس مبنية حديثاً، كما حرصت على إظهار نفسها أنها امرأة ذات لمسة ناعمة يمكن أن تشفي علل البلاد، فتسلمت إدارة الملف الاقتصادي من خلال رئاستها للفرقة المالية التابعة للقصر الجمهوري، فوجهت أنظارها إلى آل مخلوف لتبدأ بشن هجمات متفاوتة عليهم عبر لجنة مكافحة غسيل الأموال التي استحدثتها، وعيّنت زوجها رئيساً عليها، ليتضح أن أسماء تريد الحصول على ما أسسته أنيسة ولكن على طريقتها، وذلك للسيطرة على إمبراطورية مخلوف الاقتصادية التي توازي أموالها ميزانية سورية بأكملها، وأثناء ذلك طالبت روسيا بأموالها من الأسد الذي عجز عن الدفع والسداد، فأشارت إليه أن يدفع من أموال رامي مخلوف المخبأة في الخارج، ليرفض رامي دفع المبلغ، وهنا تفجر الخلاف وظهرت أسماء من جديد للواجهة، فلعبت دوراً بارزاً بوضع ضرائب بمليارات الليرات على شركاته، وقبل ذلك أدخلت أقاربها من آل الأخرس وآل الدباغ وغيرهم للاقتصاد السوري، فنجحت بتحجيم إمبراطورية مخلوف ثم ابتلعتها بمشاركة الروس الذين يبدو لهم ثلثا الخاطر في الذي تديره أسماء الأسد، مع استمرار رامي مخلوف في الظهور فيسبوكياً مناشداً سيده الرئيس إنصافه من أشخاص يريدون بلع اقتصاد الوطن.
فأصبح الصراع على أشده بين الحرس الاقتصادي القديم الذي يمثله آل مخلوف المسنود علوياً وإيرانياً، وبين تيار أسماء المدعوم روسياً، واستطاع الأخير السيطرة على إمبراطورية رامي السورية، فتحولت أملاك الدولة السورية من سارق إلى آخر.
صراع الحلفاء
مع مساعدة الحلفاء الدبلوماسية والعسكرية له على شعبه، أصبح الأسد أقرب إلى مستعمرة روسية - إيرانية، ثم بدأت وسائل الإعلام الروسية ذات العلاقات الوثيقة بالكرملين انتقاد الأسد بطرق لم يكن من الممكن تصورها قبل أعوام، معتبرة إياه رئيساً يرعى الفاسدين، وطالبته بسداد الديون الروسية عليه، وفي المقابل طالب مسؤولون إيرانيون الأسد بمبلغ 30 ملياراً صرفوها على قتل الشعب السوري وتشريده، أو تعويضهم باستثمارات في عقود طويلة الأمد في القطاعات الاقتصادية الحيوية.
وكلاهما يعلم بعدم قدرة الأسد على السداد، فاحتدم التنافس بينهما للسيطرة على القطاعات الحيوية السورية مقابل الأموال التي صرفوها، ما أدى ذلك الضغط لرضوخ الأسد لتنفيذ مطالبهما السياسية والاقتصادية والعسكرية، في الوقت ذاته يعلم الأسد أن مفاصل الاقتصادي السوري تحت سيطرة شركات ابن خاله رامي مخلوف، وعيون الحلفاء مصوبة تجاهه، فكانت هذه فرصة لروسيا لمقايضة أملاك مخلوف بديونها، بينما تخسر إيران أهم حلفائها، ولذلك يعود التنافس الروسي - الإيراني في سورية إلى صراع عسكري وآخر اقتصادي.
- صراع عسكري: أثار حفيظة روسيا بدء إيران مشروع بناء خط سكة حديد (شلمشة) الذي يربط طهران باللاذقية من خلال محطات في البصرة والبوكمال ودمشق، ما يسبب بعزل قاعدة حميميم عن القوات الروسية في وسط وجنوبي سورية، ويمكّن طهران من إيصال الأسلحة والذخيرة بسرعة إلى ميليشياتها في اللاذقية، فتنبهت روسيا لهذا الخطر، وأرادت من خلال سيطرتها العسكرية أبعاد إيران عن مناطق نفوذها، وقامت بتفكيك الميليشيات المسلحة لجمعية البستان التابعة لرامي مخلوف والموالية لإيران وعدد عناصر 22 ألفاً.
كما قامت بدمج الميليشيات فيما أسمته الفرقة 25 للقوات الخاصة، ومن بينها ميليشيا «قوات النمر» الخاضعة لأوامر رامي مخلوف، حليف إيران، وبذلك منعت إيران من استخدام «قوات النمر» عبر مخلوف لبناء معقل عسكري موازٍ لميليشيات الأسد.
وأمرت روسيا الأسد بتغيير كبار الضباط الموالين لإيران واعتماد الخطط العسكرية التي يقرها الجيش الروسي، ثم أمرت الأسد باعتقال اللواء غسان بلال رئيس مكتب شقيقه ماهر، قائد الفرقة الرابعة والابن البار لإيران التي كانت ستوليه رئاسة الاستخبارات العسكرية قبل اعتقاله، مما أزعجها ذلك.
 - صراع اقتصادي: تسعى روسيا إلى تقديم الأسد كرمز للاستقرار في سورية قادرٍ على جذب مليارات الدولارات التي تستعد الشركات الروسية لاستقبالها في إطار إعادة إعمار سورية، لكن هذا لن يكون ممكناً بسبب عمل أقارب الأسد كمافيات، ودعمهم القـوات الإيرانية، وعلى رأسهم رامي مخلوف الذي يتحكم وأسرته بالمشروعات الحيوية والاستراتيجية في سورية، ويمتلك أكبر شبكة اتصالات في البلاد، ويعد صديقاً وفياً لإيران، ما جعله هدفاً لروسيا التي تريد التوسع في سيطرتها الاقتصادية على حساب حليفتها، فصوبت روسيا أنظارها تجاه محيط مدينة كسب السياحية حتى البحر لإقامة قاعدة عسكرية روسية على الحدود التركية، ومينا البيضا بالقرب من اللاذقية لتحويله لميناء روسي سياحي كبير، ومنطقة البحوث البحرية مع امتداد قرية الصيادين، وهي منطقة سياحية للفنادق والمنتجعات، ومنطقة الصنوبر، وهي منطقة اصطياف لإقامة مشروعات سياحية روسية، ومنطقة المنطار جنوب طرطوس وصولاً إلى وادي خالد، ومناطق أخرى في حلب وحماه، وجميع هذه المناطق توجد لمخلوف أملاك واسعة فيها.
إذاً هناك صراع اقتصادي بين الحليفتين، فروسيا تسعى إلى الانفراد في هذه المشروعات لمصلحة شركاتها، حتى تصبح نموذجاً للنجاح في هذا المجال، وتجني ثمار ذلك في دول أخرى في المنطقة.
بينما إيران في المقابل تعي ذلك جيداً، وعلت أصوات رسمية فيها تتهم الحليفة روسيا بأنها تسعى منفردة للاستحواذ على الأصول الاقتصادية والإستراتيجية بحجة استيفاء مستحقاتها المالية، وأن الروس لا ينظرون إلى الإيرانيين كشركاء على الأراضي السورية، كما أنهم يخططون للسيطرة على الاتصالات وصناعة البتروكيميائيات والموانئ والسياحة.
لكن الثابت الوحيد والأكيد أن الإيعاز الروسي بتصفية النفوذ الإيراني في سورية قد بدأ يؤتي ثماره.
وكما مثّل صعود رامي مخلوف جزءاً من تحول في بنية النظام السوري، فإن أفوله اليوم ومحاولات تحجيمه وإزاحته عن الساحة الاقتصادية، قد يشير إلى بدايات وملامح تحوّل جديد تمثل بتصاعد أثر العقوبات الاقتصادية واقتراب فرض قانون قيصر، مقابل ضغط الحلفاء الاقتصادي في إطار استرداد فاتورة التدخل العسكري، والتزاحم على التغلغل في بنية الاقتصاد السوري والتنافس على تحصيل عقود طويلة الأمد في قطاعاته الحيوية.
رامي على الفيسبوك
منذ بداية انتفاضة الشعب السوري عام 2011م، حذر رامي مخلوف الغرب من عدم الاستقرار والفوضى إذا سقط النظام السوري، قائلاً: «إذا لم يكن هناك استقرار هنا فلن يكون هناك أي استقرار في إسرائيل»، فربط استقرار إسرائيل بوجود الأسد رئيساً لسورية.
ظهر مخلوف في فيديوهاته الثلاثة ونشراته الفيسبوكية محذراً ابن عمته الأسد من مصادرة أملاكه، قائلاً: «في حال استمر الأمر على هذا النحو سيكون الأمر خطيراً»، معلناً عدم رضوخه للضغوط وعدم تنازله عما يملكه، والذي هو حسب تعبيره «جني العمر»، وأن الكثير من هذه الأموال ليست له، بل هو «مؤتمن عليها في ابتلاء إلهي»، وأضاف مصعداً نبرته: «نحن أمام تفاصيل لن نكون قادرين على السيطرة عليها إذا ما استمرت الضغوط علينا «والتي أصبحت غير مقبولة ولا إنسانية»، متوعداً بأيام قادمة «ستكون صعبة وأنا جاهز لها»، وموجهاً رسالة إلى الطائفة العلوية من خلال استخدام كلمات معينة لها دلالاتها، قائلاً: «لا تدعوا الآخرين يتحكموا بقراراتكم»، في إشارة واضحة إلى "أسماء الأخرس السُّنية"، كما عبر عن استغرابه من تصرفات الأجهزة الأمنية مع شركاته ومؤسساته، متسائلاً: «هل كان يتوقع أحد أن تستهدف الأجهزة الأمنية شركات رامي مخلوف، الذي كان أكبر داعم لها، وخادمها الرئيس، وأكبر راعٍ لها خلال الحرب».
فمثّل هذا التصريح اعترافاً صريحاً وواضحاً بدعمه المخابرات وأمن الدولة في سورية، والمسؤولة عن ارتكاب جرائم حرب بحق المدنيين، الأمر الذي دفع غرف العدل الدولية وعدّة منظمات وجهات حقوقية وقانونية، تطالب بضرورة محاسبة رامي مخلوف لدوره في المجازر المرتكبة.
فظهور رامي مخلوف خرج عن المألوف لناحية سلوك أحد رموز النظام في التعاطي مع الإشكاليات الداخلية وتصديرها، وحمل الكثير من الرسائل والدلالات في إطار تشويه سمعة النظام وأركانه ورموزه ضمن دائرة الحكم، خصوصاً الطائفية، بينما في المقابل النظام هو من مكّن رامي ليصبح غنياً، والنظام نفسه يخبره أن عليه أن يعيد الأموال، لأنه انتهك عدالة القسمة بأخذ أكثر مما ينبغي، والسيناريو الأفضل لمخلوف هو خسارة كل شيء وإنقاذ مستقبله، فما تنازل عنه لغاية الآن لا يكفي، لأن العمل مع الأنظمة العسكرية البوليسية معروف النتائج، كلما ظهرت رأس قوية يجب استبدالها، للبرهنة لرجال الأعمال والتابعين الآخرين أن لا أحد أقوى من الأسد، مهما ظن أنه مقرب أو ذو نسب.
وختاماً، النظام السوري أبعد ما يكون عن محاولة وضع حد لمظاهر الفساد والهدر، وإنما في واقع الأمر حرب نفوذ اقتصادية لا تخلو من خلفيات سياسية داخلية وخارجية، ولعل أغلب تحركات النظام على مستوى المحاسبة، هو الغطاء الروسي، خصوصاً في الأمور التي تستدعي صداماً مع مراكز القوى داخل الطائفة، واحتواء أي آثار محتملة لهذا الصدام.
===========================
الشرق الاوسط :الذكرى الـ20 لرحيل حافظ الأسد.. سوريا من لاعب إلى ملعب
10 حزيران 2020 07:36
لم يشارك الرئيس فلاديمير بوتين في جنازة الرئيس الراحل حافظ الأسد قبل عقدين. لكن القوات الروسية باتت، في الذكرى العشرين لرحيله، موجودة في سوريا ومعززة بقواعد عسكرية، يطمح بوتين إلى توسيعها وتعزيزها بـ«إقامة ناعمة» في الاقتصاد والثقافة والسياسة.
حضر الرئيس التركي السابق نجدت سيزر في تشييع الأسد. وها هي قواته تنتشر حالياً في جيوب واسعة في شمال غربي سوريا وشمالها وشمالها الشرقي. كما هو الحال مع الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، حيث إن «الحرس» الإيراني يقيم «دولة ظل» ويدرب وينشئ ميليشيات سورية وغير سورية. أيضاً، الجيش الأميركي موجود بعدته وقواعده في شرق الفرات، بعد عشرين سنة على مشاركة وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت في الجنازة.
وعندما حضر الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك أو وزير الخارجية البريطاني روبن كوك إلى دمشق لوداع الأسد، لم يتوقعا أن قوات بلديهما ستكون أيضاً في عداد التحالف الدولي الذي يملك سماء شمال شرقي سوريا ويمنع الطيران السوري منها.
التحالف يدعم في الأرض، حلفاءه من «قوات سوريا الديمقراطية» التي تضم «وحدات حماية الشعب» الكردية. هذه «الوحدات» التي تدرب بعض عناصر على أيدي «حزب العمال الكردستاني» وزعيمه عبد الله أوجلان، الذي يقيم في سجن تركي بعد قرار الأسد فتح الباب له للخروج من سوريا، لتجنب حرب مع تركيا في منتصف 1998. أيضاً، لم يكن الرئيس اللبناني الأسبق إميل لحود الذي كان آخر من تحدث مع الأسد قبل وفاته وأول الواصلين للإقامة في دمشق والمشاركة في العزاء، يتوقع أن يتدخل حليفه «حزب الله» في سوريا في 2012 للمساهمة في «إنقاذ النظام» وتنتشر قواته في مناطق مختلفة من سوريا ويكون صاحب الكلمة والهامش لـ«الدور السوري في لبنان»، في شكل تصاعدي بدءاً من مشاركة زعيمه حسن نصر الله في مراسم التشييع في القرداحة في يونيو (حزيران) قبل عقدين.
استعراض قائمة المشاركين في تشييع الرئيس الأسد بعد وفاته في 10 يونيو 2000، تدل على حجم التغيير الذي طرأ في سوريا ودورها. كانت لاعباً إقليمياً وتتمتع بعلاقات دولية واسعة، تحولت إلى ملعب تتصارع فيه دول إقليمية ودولية. كان «وكلاؤها» وعناصر جيشها وضباطه واستخباراته يقيمون في دول مجاورة وأخرى بعيدة. أما، الآن، فإن «وكلاء» الآخرين وجيوشهم يقيمون في أرضها وجوها.
- «التصحيح»
بعدما لعب دوراً في اللجنة العسكرية في حزب «البعث» الحاكم، نفذ بصفته وزيراً للدفاع في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) انقلاباً عسكرياً عُرف بـ«الحركة التصحيحية» وأطاح برئيس الجمهورية حينها نور الدين الأتاسي ووضعه في السجن، ثم أصبح رئيساً في مارس (آذار) في العام اللاحق. وفي 6 أكتوبر (تشرين الأول) 1973، خاض مع الرئيس المصري أنور السادات «حرب تشرين» ضد إسرائيل، وقّع بعدها بسنة «اتفاق فك الاشتباك» مع إسرائيل في الجولان برعاية أميركية. وفي يونيو، زار الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون دمشق لاستعادة العلاقات الدبلوماسية المجمدة بعد «نكسة حزيران» 1967.
وأول تدخل خارجي مباشر لسوريا، كان في 1976 لدى دخول الجيش السوري في الحرب الأهلية اللبنانية بضوء أخضر أميركي ومباركة سوفياتية. وبعد ذلك بعام، انتشر في معظم الأراضي اللبنانية. بقيت القوات والاستخبارات السورية في لبنان إلى أبريل (نيسان) 2005، لدى خروجها وتنفيذها القرار 1559 تحت ضغوط دولية هائلة بعد اغتيال رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري.
وإذا كانت العلاقات مع الجار الجنوبي، الأردن، اتخذت منحى آخر بعد تسلم الأسد السلطة من «اليسار» في «البعث»، فإن العلاقات مع الجار على الحدود الشرقية كانت أكثر تعقيداً. في عام 1979، اتهم الرئيس العراقي صدام حسين، الذي برز دوره في بغداد، الأسد بـ«التآمر». دخل البلدان، اللذان يحكمهما فرعان متنافسان لـ«البعث»، في صراع وتنافس وتآمر. لكن السنوات الأخيرة، من حكم الأسد شهدت عودة العلاقات التجارية بين البلدين بفعل حاجة الطرفين، ثم استئناف العلاقات الدبلوماسية التي قطعت في 1980 بعد دعم دمشق لطهران في الحرب العراقية - الإيرانية.
- «التوازن»
ومجرد وصول علي الخميني إلى الحكم بعد «الثورة» في طهران في 1979، فتحت صفحة استراتيجية في العلاقات السورية - الإيرانية ستترك آثارها في الشرق الأوسط لعقود. لكن الأسد، كان يوازنها في التسعينات بعلاقات مع «الحضن العربي» والدولتين العربيتين الكبيرتين، السعودية ومصر، وما عرف لاحقاً بـ«الحلف الثلاثي» السوري - السعودي – المصري، الذي شكل ركيزة أساسية للعمل العربي ووفّر خيمة لقرارات وتنسيق في منعطفات أساسية.
وفي فبراير (شباط) 1982، تصدى الأسد لانتفاضة قادها «الإخوان المسلمون» في مدينة حماة، وذهب ضحيتها بين عشرة آلاف وأربعين ألف شخص. وفي نهاية 1983، أصيب الأسد بأزمة قلبية نقل على إثرها إلى مستشفى في دمشق. وقتذاك، حاول شقيقه رفعت الاستيلاء على السلطة عبر انقلاب، قبل أن يستعيد الشقيق الأكبر عافيته. وبعد عام، أُجبر رفعت على مغادرة سوريا بتسوية إقليمية دولية. ولا يزال مقيماً في أوروبا رغم محاولته الانغماس بعد وفاة شقيقه في 2000.
- من دون غطاء
وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، الذي وقّعت سوريا معه اتفاقية صداقة وتعاون عام 1980، اتجه الأسد إلى الغرب وحسّن علاقته مع أميركا. هو كان امتنع عن توقيع اتفاق استراتيجي مع «السوفيات» أو إعطائهم قواعد عسكرية دائمة باستثناء ميناء صغير في طرطوس، كي يترك خياراته مفتوحة مع الغرب. واستفاد من هذا القرار بعد زيارته إلى موسكو في أيامه الأخيرة ولقائه الرئيس السوفياتي الأخير، ميخائيل غورباتشوف، حيث أيقن بانهيار حليفه الأكبر وضرورة الاتجاه غرباً بحثاً عن غطاء جديد. وفي بداية التسعينات، انضمت سوريا إلى القوات المتعددة الجنسيات في التحالف الذي قادته الولايات المتحدة ضد صدام بعد غزو العراق للكويت. وفي نهاية 1991، شاركت سوريا في افتتاح مؤتمر مدريد لإطلاق المفاوضات العربية - الإسرائيلية.
وفي أكتوبر 1994، التقى الرئيس الأميركي بيل كلنتون الأسد في دمشق التي كان زارها عشرات المرات وزراء خارجية أميركا لتطوير العلاقات الثنائية وتحريك مفاوضات السلام مع إسرائيل، علماً بأن الأسد كان يلتقي الرؤساء الأميركيين في جنيف. وبعد أربع سنوات، زار الأسد باريس في أول زيارة له إلى بلد غربي منذ 22 عاماً، واستقبل بحفاوة من شيراك، الذي لعب دوراً رئيسياً في فتح الباب أمام الأسد أوروبياً.
- 5 وزراء... 5 جيوش
قبل وفاة الأسد، كانت القوات السورية في لبنان، ودمشق صاحبة «كلمة السر» فيه. كانت سوريا جزءاً من المحور الثلاثي مع تركيا وإيران للتنسيق ضد إقامة كيان كردي شمال العراق. في الوقت نفسه، كانت ضمن مجموعة «إعلان دمشق» التي تضم السعودية ومصر والدول العربية و«الحلف الثلاثي» مع السعودية ومصر. كانت فتحت الباب مع صدام، وتركت معارضيه لديها.
كانت سوريا تستضيف المنظمات المعارضة لإسرائيل، وكانت تفاوض إسرائيل برعاية أميركية. وفي نهاية مارس عقدت قمة بين الأسد وكلنتون في جنيف في آخر محاولة لإنجاز السلام.
وفي ربيع 1996، كان في دمشق في آن واحد، وزراء الخارجية لخمس دول متناقضة المصالح، الأميركي والروسي والفرنسي والإيراني والاتحاد الأوروبي لإنجاز «تفاهم نيسان» بعد عملية «عناقيد الغضب» الإسرائيلية في جنوب لبنان.
الآن، سوريا خارج الجامعة العربية. هناك عزلة وعقوبات أميركية وأوروبية. فيها خمسة جيوش، الأميركي والروسي والإيراني والتركي والإسرائيلي (جواً). بعد احتجاجات 2011، نصف الشعب السوري خارج منازله و690 ألف ضحية وخسائر اقتصادية بقيمة 530 مليار دولار أميركي، حسب مركز أبحاث. فيها مظاهرات وأزمة غذاء ودواء وماء.
سوريا التي كانت تصارع في خارج حدودها، باتت مسرحاً لصراعات الآخرين. من لاعب إلى ملعب. ربما الشيء الوحيد الذي ارتفع سعره، هو الدولار الأميركي. كان يساوي 44 ليرة قبل عشرين سنة، أصبح الآن 3000 ليرة.
المصدر: الشرق الاوسط (ابراهيم حميدي - لندن)
===========================