الرئيسة \  مشاركات  \  الودّ ، بين اختلاف الرأي ، واتّفاقه !

الودّ ، بين اختلاف الرأي ، واتّفاقه !

24.08.2019
عبدالله عيسى السلامة




قال أحمد شوقى ، فى رائعته "مجنون ليلى" ، على لسان ابن ذريح ، وهو يتحدّث لفتيات بنى عامر، عن الخلاف ، بين الحسين بن علىّ ، رضى الله عنه ، ويزيد بن معاوية الأموى  :
ما الذي أضحَكَ منّي الظَبِيات العامريّهْ ؟    
ألأنّي ، أنا ، شيعيٌّ ، وليلى أمَويّهْ ؟
اختلافُ الرأي لا يُفسد ، للودّ ، قَضيّهْ !
المسرحية تقتضي هذا الكلام ، أمّا الواقع ، فربّما اقتضى ، في أكثر الأحيان ، أن يقال : اختلافُ الرأي لا يَتركْ للودّ قضيّه !
والرأي : قد يكون سياسياً ، وهذا مذاهبه شتّى ، وسبله متنوّعة ، وربّما متعرّجة ، وعلى أساسه ، قد تُشكّل أحزاب وجمعيات ، ومنتديات ، وتكتّلات مختلفة !
وقد يكون الرأي اقتصادياً : اقتصادياً صرفاً ، أو ممزوجاً برؤية سياسية .. عامّاً أو خاصّاً ، يتعلّق باقتصاد : أسرة ، أو شركة ، أو مؤسّسة ، أو دولة !
وقد يكون الرأي اجتماعياً : حول مسألة اجتماعية صرف ، أو ممزوجة برؤية : اقتصادية ، أو سياسية .. أو نحو ذلك !
وقد يكون الرأي ثقافياً فكرياً، له طابع: تاريخي ، أو اجتماعي، أو سياسي، أو يشمل أموراً عدّة!
ومن طرائف الاختلاف ، ماورد عن شوقي ، نفسه ، والشاعر الفلسطيني المعروف ، إبراهيم طوقان ؛ إذ نظم شوقي قصيدة ، يطري فيها المعلّم ، ويثني عليه ، وعلى جهوده ، في تعليم الأجيال ، مطلعها:
قمْ للمعلّم ، وفّهِ التَبجيلا    كادَ المعلّمُ أن يكون رسولا!
فكتب إبراهيم طوقان - وكان يمارس التعليم - قصيدة طريفة ، يردّ فيها ، على قصيدة شوقي، معبّراً عن حال المعلّم ، وممّا قاله فيها :
شوقي يقول ، وما دَرى بمصيبتي :    قمْ للمعلّم وفّهِ التَبجيلا
لو جرّبَ التعليمَ شوقي ، ساعة      لقضى الحياةَ جَهالةً وخُمولا!
والقصيدة طويلة وطريفة ، يمكن أن يُرجَع إليها ، في مظانّها !
وقد يكون الرأي أدبيا : يتعلق بشاعر، أو قاصّ ، أو بظاهرة أدبية معيّنة !
وقد يكون الرأي علمياً : يتعلّق بمسالة علمية ، من نوع ما ، من أنواع العلوم !
وقد يكون الرأي دينياً ، وهذا أخطرُها : لأن الناس يَنظرون إلى الدين ، نظرة خاصّة ، والاختلاف في المسائل الدينية ، قد يؤدّي إلى نوع من الاقتتال ، بين المختلفين ؛ إذ يكفّر المختلفون ، بعضُهم بعضاً، أو يكفّر أحدهم الآخرين، باجتهادات معيّنة، وربما استحلّ دماءهم!
أمّا الحوار المتعلّق بمصالحَ ، تسعى الأطرافُ المتحاورة إلى تحقيقها ، فالأمر فيه مختلف ؛ إذ ينبغي فيه ، أن يقدّم كلّ طرف ، بعض التنازلات ، كي يصل الجميع ، إلى صيغة ، ترضي الأطراف المتحاورة ، حسب وزن كلّ منها ، وقوّته في الساحة !
وغنيّ عن البيان ، أن الاختلاف في الآراء ، قد يكون بين علماء ، وقد يكون بين جهلة !  فاختلاف العلماء الحقيقيين الثقات ، قلّما يخرج عن حدود الأدب ، أو يتحوّل إلى : شجار، أو قطيعة ، أو خصومة شخصية ! أمّا اختلافات الآخرين ، ممّن هم دونهم ، فقلّما تخلو، من عنصر، من العناصر المذكورة !
وممّا ورد عن الإمام  الشافعي ، قوله : ماجادلتُ عالِماً ، إلاّ غلبتُه .. وما جادلني جاهلٌ ،  إلاّ غلبني !