الرئيسة \  مشاركات  \  الهويّة الوطنيّة ، والهويّة الطائفيّة .. في سورية : أيّهما تنتصر، في النهاية !؟

الهويّة الوطنيّة ، والهويّة الطائفيّة .. في سورية : أيّهما تنتصر، في النهاية !؟

19.03.2018
عبدالله عيسى السلامة




       *) بدأ الصراع بين الهويّة الوطنية ، والهويّة الطائفيّة ، يسري ، بين بعض النخب السياسيّة والعسكريّة ، التي حكمت سوريّة ، منذ بدايات استلام حزب البعث السلطة، في سورية ، بعد انقلاب الرفاق ،على الحكم الدستوري الديموقراطي، عام /1963/ !
        *) كان الصراع مكتوماً ، بين النخب الحاكمة .. تمارسه فئات بسرّية وتكتّم ، ويلاحظه أفراد ، من فئات أخرى ، فيتغافلون عنه ، لأسباب شتّى ، تغلب عليها المصالح الفرديّة ، المغطّاة باسم المصلحة الوطنية .. بينما يغفل عنه آخرون ! وحين ينبَّهون إليه ، يستنكرون التنبيه ، لايستنكرون الفعل ويسعون إلى إيقافه .. بل يستنكرون التنبيه إليه ! وكان المواطن المتابع لما يجري ، يرى بعض الآثار، عبر الممارسات اليوميّة ! وتبدو الآثار أكثرَ وضوحاً ، عبر الانقلابات العسكرية ، والتصفيات المستمرّة ، التي كان الرفاق يمارسونها ، بعضهم ضدّ بعض !
       *) اتّضحت الصورة ، تماماً ، بعد انقلاب حافظ أسد ، الذي سمّاه الحركة التصحيحية ، وصفّى ، فيه ، خصومه (الرفاق) بشكل قاس ، بين السجون والقبور والمنافي !
       *) استقطب حافظ أسد ، الكثيرين من أبناء طائفته ، بإغراءات شتّى ، وضمّهم إلى جوقة أنصاره ومؤيّديه ، وملأ بهم المواقع الحسّاسة ، في الأجهزة الأمنية والجيش ، وبعض الموقع العليا ، في الأجهزة المدنية .. وظلّ قسم كبير منهم ، معارضاً له ، أو مناوئاً !
       *) حرص حافظ ، على تغطية حكمه الطائفي ، بأغطية مختلفة ، منها : الغطاء الحزبي البعثي ، ومنها : الغطاء السياسي الوطني التعدّدي ، باسم : الجبهة الوطنية التقدمية ، وهي جبهة ديكورية معروفة ، مكوّنة من أفراد منتفعين ، منشقّين عن أحزابهم .. لاوزن لهم ، إلاّ الوزن الضئيل ، الذي منحهم إيّاه حافظ ، الذي كان يمرّر مايريده ، من قرارات مهمّة ، تحت اسم الحزب ، واسم الجبهة.. ويغطّي بعض هذه القرارات ، بغطاء دستوري ، عبر مجلس الشعب ، الذي تختار أجهزة المخابرات أعضاءه ، قبل ترشيحهم للمجلس .. وانتخابِهم في صناديق الاقتراع !
       *)  ورث بشار التركيبة ، عن أبيه ، وحافَظ عليها ، تحت شعار: التطوير مع الاستمرار!
       *) أحَسّ بعض الساسة، من مختلف الفئات، بخطورة الهاوية، التي تقود أسد، البلادَ إليها ، عبرالممارسات الطائفية ، التي صارت مكشوفة للجميع !
       *) تبلورت صورة الصراع ، بين أسرة أسد وأعوانها ، من جهة .. وبين سائر القوى الوطنية الأخرى ، من جهة ثانية .. تبلورت في محورين :
       1) المحور الأسدي الطائفي : المرتكز، أساساً ، على العناصر الطائفية ، في الجيش ، والميليشيات المسلّحة ، والمخابرات..والمطعّم ببعض العناصر الديكورية، من الفئات الأخرى ، ليصدّق الناس شعارات أسرة أسد ، حول الوحدة الوطنية ، المطلوب تكوينها ، والتفافها حول الأسرة ..!
       2) والمحور الوطني العامّ ، الذي يضمّ الجمهرة العظمى ، من القوى السياسية الوطنية ،على اختلاف مشاربها، وتنوّع طوائفها، بما فيها الطائفة العلوية ، نفسها ! وقد عبّرهذا المحور، عن نفسه ، في مظاهر شتّى ، من التجمّعات ، واالتكتّلات ، والتحالفات.. مثل : تجمّع إعلان دمشق ، وجبهة الخلاص الوطني.. وقبلها مجموعات المثقّفين ، التي عبّرت عن نفسها ، في عرائض وبيانات ، تحمل الطابع الوطني ، الواضح ، الذي لا لبس فيه !
       *) مايزال الصراع مستمراً ، بين المحورين ، الطائفي والوطني .. تعزّزه ، من ناحية ، المبادرات الوطنية الإيجابية ، للقوى السياسية المتنوّعة ، المعارضة ، الهادفة إلى إعادة سيادة الوطن ، إلى أهله ، عبر العمل السلمي ، الإيجابي البنّاء .. وتهيّجه ، من الناحية الثانية ، في الاتجاه السلبي .. ممارسات الأسرة الأسدية ، عبر الحملات المسعورة ، ضدّ المواطنين ، عامّة .. وضدّ القوى المعارضة ، خاصة .. لخنق كل صوت ، ينطلق ضدّ حكم الأسرة الأسدية ، أو يسعى إلى تخليص البلاد ، من ظلمها وفسادها !
       *) إنهما هويّتان،  تتصارعان على أرض سورية :هويّة المحورالوطني العامّ، الهادف إلى مَحورة الوطن ، كله ، حول مفهومه الحضاري الإنساني ..! وهويّة المحور الطائفي ، الذي تقوده أسرة أسد ، للحفاظ على كراسي حكمها ، وعلى سلطاتها المطلقة ، في النهب والفساد والإفساد .. والتي لا يبدو في الأفق ، أيّ أمل ، لتنازلها عنها ، حتى تُغلب على أمرها ، تماماً ، بقوّة المدّ الشعبي العارم ، من سائر أطياف الشعب السوري ، وطوائفه !
       *) سورية ، اليوم ، أمام واحد من طريقين : طريق الهاوية ، التي تقود البلاد ، إليها ، أسرة أسد.. وطريق الإنقاذ الوطني ، الذي يحرّر البلاد والعباد ، من الأسرة الأسدية، وفسادها واستبدادها ! وكل ضعف ، لدى أحد الفريقين المتصارعين ، يصبّ قوّة لمصلحة الفريق الآخر! لكن الشعوب ، مهما ضعفت ، تظلّ أقوى من الأجزاء المتجزّئة منها ! لاسيما حين يكون الصراع بين قضيّتين : قضيّة مناصب ومكاسب ، لحفنة أفراد..وقضيّة حرية ، وكرامة ، وسيادة ، ومصير..لشعب بأسره !
       *) والأرض لله ، يورثها مَن يشاء مِن عباده !