الرئيسة \  مشاركات  \  النقد الموجّه إلى المعارضة السورية .. بين التحفيز والتعجيز

النقد الموجّه إلى المعارضة السورية .. بين التحفيز والتعجيز

05.02.2018
عبدالله عيسى السلامة




قد يختلط التحفيز بالتعجيز، في النقد ، وقد ينفصل كل منهما عن الآخر!
1) التحفيز :
*) المعارضة الجادّة ، بعناصرها الأساسة ، وكتلها الفاعلة .. قد تنقد نفسها ، عبر بعض رموزها ، مبيّنة بعض نقاط الضعف التي لديها ، على سبيل التحفيز! ويصعب ، هنا ، افتراض نيّة التعجيز، إلاّ في حالات شاذّة ، أو في حالات انقسام واضح ، بين الكتل الأساسية ، وتوجّه كل منها باتّجاه الأخرى ، تلومها ، وتلقي عليها بالمسؤولية ، عن أيّ ضعف ، أو تقصير! وهذا لا يدخل في سياق حديثنا ، هنا ، عن نقد المعارضة ، تحفيزياً كان ، أم تعجيزياً !
*) بعض العناصر الجادّة المسؤولة ، في فصائل المعارضة ، قد يوجّه النقدَ ، لأداء المعارضة ، عامّة .. أو أداء بعض فصائلها ، خاصّة ، بقصد استثارة الهمم ، والتحفيز.. وقد يقسو بعضهم بالكلام ، دون نيّة التعجيز!
*) بعض الجهات الشعبية والوطنية ، قد يوجّه نقداً إلى المعارصة ، بقصد التحفيز، لتقديم أفضل أداء ممكن ، بهدف إنقاذ البلاد والعباد ، من فساد الحكّام المجرمين .. وقد يقسو بعض الناقدين بالكلام ، دون نيّة التعجيز!
*) بعض الجهات الخارجية ، الصديقة لسورية وشعبها ، قد يوجّه نقداً للمعارضة ، يتّهمها فيه ، بالبطء في الأداء ، أو التقصير فيه ، حثاً لها ، على العمل الجادّ السريع، لإنقاذ بلادها ، من بلائها !
 2) التعجيز:
 * - النظام السوري ، عبر مؤسّساته الأمنية والإعلامية ، وأنصاره المكشوفين والمستورين، في الخارج والداخل .. قد يوجّه نقداً للمعارضة السورية ، لأدائها ، أو لسلوكها ، أو لأشخاصها ، أو لأهدافها ! ويصعب تصوّر أن النظام ، هنا ، ينقد معارضته ، بقصد تحفيزها على تغييره ، أو إسقاطه !
* - بعض القوى الهامشية في المعارضة ، على مستوى الأحزاب والشخصيات .. قد يوجّه نقداً للمعارضة ، يتّهمها فيه بتهم شتّى ، بقصد تشويه سمعتها ، أو أهدافها .. في إطار المنافسة ، أو المشاكسة ، أو الحقد ، أو الإحساس بالضآلة ، أمام المعارضة القويّة الجادة، الفاعلة المؤثّرة في الساحة ، خارجياً ، أو داخلياً !
 * - بعض القوى السياسية ، والثقافية ، والفكرية ، الخارجية .. قد يوجّه نقداً للمعارضة السورية ، بسبب تصدّيها لنظام آل أسد الممانع ! وقد يوجّه إليها التهمَ ، ذاتَها ، التي توجّهها مؤسّسات السلطة السورية وأنصارها ! كما أن بعض هذه القوى ، قد يبتكر تهماً خاصّة به ، تناسب طرائق تفكيره ، وفهمه لما يجري ، على الساحة السورية ، والعربية، والدولية !
 3) تغطية التعجيز بالتحفيز :
 قد يختلط التحفيز بالتعجيز .. فيوجّه بعض القوى نقداً معيّناً ، في ظاهره الحرصُ على التحفيز ، وهو يخفي وراءه ، نيّات غير سليمة ، وأهدافاً غير حميدة .. منها : التعجيز، والتشهير، وتثيبط الهمم ، ودفع المتفائلين إلى الإحباط ! وبالطبع ، لاينسى أصحاب هذا النقد ، أن يؤكّدوا للناس ، سلامة نيّتهم ، وحرصهم على الإصلاح والتسديد ، وحقّهم في ممارسة النقد البنّاء ، في إطار الحوار الديموقراطي الحرّ ، الذي لايصادَر فيه الرأي ، ولا تخنَق فيه حرّية الكلمة !
4) كيفية التمييز بين الأنواع وأصحابها ، والتعامل معها ، ومع أصحابها :
*) حين ينفصل الهدفان ، ويبرز كل منهما ، منفرداً عن صاحبه ، يسهل على المعنيّين بالأمر، التعامل مع كل منهما وأصحابه ، بما يناسبه ويناسبهم ، بالحكمة التي تضع الأمور في مواضعها .. حسب ظروف كل حالة ومقتضياتها ! فتوضع المرونة واللين والاستيعاب ، في مواضعها.. كما يوضع الحزم والتنبيه والتحذير، في مواضعها!
*) وحين تختلط الأمور، وتلتبس ، وتعمّى النيّات والأهداف .. تبرز، كذلك ، الحكمة! فمِن الناس مَن يعرَف بلحن القول ، ومِن الكلام ماتدرَك أهدافه ، من خلال أسلوبه ، وظروف طرحه ، وتاريخ أصحابه ! وكما تبرز الحكمة في تمييز الكلام ، تبرز في كيفية التعامل معه ، ومع أصحابه : بين التجاهل ، واللين ، والنصح ، والحزم ، والمناقشة المتأنّية الجادّة ، والإعراض ..! ورصيد الحكيم ، الباحث عن الحكمة ، كثير، في مصادر الحكمة : القرآن والسنّة .. وكثير، في الأثر: شعره ونثره ! كما أن رصيد الحازم ، الذي يؤثِر الحزمَ ، كثيرٌ في مصادر الحكمة ، وكثير في الأثر: شعرهِ ونثرهِ ! ولولا الحرص على الإيجاز والتركيز، لأوردنا الكثير، هنا ، من الشعر والنثر؛ ممّا يمكن أن يقال بعضه في سياق ، وبعضه الثاني في سياق ثان ، وبعضه الثالث في سياق ثالث ، وهكذا ..! بَيد أنا نرى ذخائر أصحاب الشأن ، كبيرة .. من كل ما تُستجلَب به الحسنة ، وتُدرأ به السيّـئة ! وحسبنا ، هنا ، بيتان ، أعجبا رسول الله محمداً (صلى الله عليه وسلم) فدعا لصاحبهما ، بألاّ يَفضّ الله فاه .. وهما !
ولاخيرَ في حِلم، إذا لم يكن لـه       بَوادر تَحمي صفوَه أن يـُكـدّرا
ولاخيرَ في جهل ، إذا لم يكن له       حليم ، إذا ماأوردَ الأمرَ، أصدَرا