الرئيسة \  مشاركات  \  المطرقة والمسمار

المطرقة والمسمار

23.03.2020
د. محمد أحمد الزعبي




 ((هذه المقالة ترجمة لمقتطفات من إحدى فقرات كتاب ميشيل لودرزMichael Lueders ذي العنوان ( حصاد العاصفة -كيف دمر الغرب سوريا بالفوضى ) في طبعته الرابعة ، الصادرة عن (Verlag C.H Beck München ) هذا وتحمل الفقرة المعنية عنوان ( المطرقة والمسمار ) وتحتل الصفحات 74-76من الكتاب .))
في شهر مارس 2017 قدم (وسلي كلاركWesley Clark ) في لقاء تلفزيوني وجهة نظر هامة حول الآمور الداخلية للسلطة في الولايات المتحدة الأمريكية ، وكان ذلك بعد حوالي العشرة أيام من أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 (9/11) عندما كان في زيارة لوزير الدفاع دونالد رامز فيلد ونائبه باول فولفوفيتس في البنتاجون . يقول كلارك : وأخيراً عندما نزلت إلى أحد الطوابق لكي ألتقي بمجموعة من الضباط الذين كانوا يعملون معي ،حيث رحبوا بي ، ومن ثم دعاني أحد الجنرالات الى مكتبه ... قال هذا الجنرال : لقد قررنا أن نجتاح العراق ، و كان ذلك يوم 20 سبتمبر 2001. قلت له : نحن ( يقصد أمريكا ) سنجتاح العراق ؟ ، أجاب : ليس لدي فكرة ... ببساطة هم من قرر أن يعلن الحرب على العراق . وأنا اعتقد أن أحداً لايعرف بالضبط كيف يتصرف بصورة أفضل مع الإرهابيين . إن لدينا جيشاً قوياً ، نستطيع بواسطته تدمير الحكومات، إنني أتصور بأنه ، إذا ماكانت هذه الوسيلة الوحيدة التي أمتلكها ، والتي هي المطرقة ، فينبغي علي إذن أن أنظر إلى أية مشكلة كما لو كانت هي المسمار.
بعد مضي عدة أسابيع ، كنت في البنتاجون ثانية ، وقد كان قصف أفغانستان على أشده ، ومجددا التقيت بذلك الجنرال الذي سبق أن تكلمت معه ، سألته : هل مازلنا مصممين على شن حرب على العراق ؟، أجاب الجنرال : أوه ، بل إنها أسوأ بكثير ، ثم أخرج ورقة من درج مكتبه وهو يقول : أظن أنها جاءت من جهات عليا (وكان يعني بتلك الجهات العليا مكتب وزير الدفاع ) انها ( الورقة ) وصلت اليوم للتو قال الجنرال . لقد ورد في هذه الMomerandum ، أنه علينا أن نسقط ausschalten سبعة بلدان في خمسةأعوام ، بادئين من العراق ، ثم يأتي بعدها ، سوريا ولبنان وليبيا والصومال والسودان ، خاتمين ذلك بالوصول إلى الهدف الرئيسي الذي هو إيران .
(وهنا المؤلف ) إن استحضار/ الإستشهاد بغضب شخص ما طاعن في السن ، لايجب اعتباره مفتاحا / تفسيراً للعلاقة السياسية الأمريكية ، بل ولا للجانب القيمي من هذه العلاقة ... العلاقة بين المطرقة والمسمار ... إن الجملة المفتاحية لهذه العلاقة هي ماقاله بأول فولفوفيتز" إنني اعتقد ، أن أمامنا خمس إلى عشر سنوات حتى نستطيع أن نفكفك علاقة التبعية مع الاتحاد السوفييتي السابق لكل من سوريا وإيران والعراق. إنه لا سوريا ولا العراق بل ولا إيران ، كنّ ذات يوم من أتباع السوفييت ". لاشك إن فولفوفييتز يعرف ، أن فراغ السلطة ، بعد نهاية الحرب الباردة ، وسقوط كل من الاتحاد السوفييتي وجدار برلين ... فكيف يفكر إذن ( فولفوفيتز ) بالتعاون حتى غير المباشر والصداقة مع روسيا ؟ على العكس من ذلك ، أرادت أمريكا ، أن تستفيد ( من الحددث ) وتحدد مطالبها قبل " ان تدخل روسيا الحلبة كقوة عظمى وتضع لنا ( لأمريكا ) حدا " وهو ماحدث فعلياً في سوريا لاحقاً .
 لقد قبلت موسكو مشروع تغيير النظام في أفغانستان ، لأنّ طالبان ، من وجهة نظر روسية ، كانت تمثل تهديدا لروسيا ، كما أنها انتقدت الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 ، ولكنها تركت الأمور تمر ، ولكن على مضض . كما أنه قد تم تجاوز الخط الأحمر من قبل الأمريكان وفق المنظور الروسي أيضاً 2011 في ليبيا ، وكان ذلك بحجة حماية المدنيين الليبيين . و قد توافقت أمريكا و بريطانيا العظمى وفرنسا. تحت هذا الشعار Schutzmandat ، بينما تحفظت موسكو وبكين في التصويت على القرار ١٩٧٣ في مجلس الأمن .
إن انعدام الثقة بين موسكو وواشنطن ، قد أوضحه الموقف المتصلب لموسكو في سورية ، حيث لم يعد هناك مكان للحلول الوسطKompromisse : فلا منطقة حظر جوي ، ولاتفاهم مع أي معارضة تعيش في المنفى ( خارج سوريا Exil-Opposition ) . سوريا هي حديقتنا( والكلام لموسكو ) الخلفية ، تماماً كما هي حال أوكرانيا . إن التلاعب الغربي هنا ( في سوريا )، إنما يقع على الضد من أجندتنا ، ويتعلق الأمر بصورة أساسية ، بثلاث قواعد عسكرية لاأكثر ، أقامتها روسيا في سورية ، وهي نقاط الحماية الوحيدة لروسيا خارج حدود الإتحاد السوفييتي السابق . وعلى سبيل المقارنة فإن للولايات المتحدة ، أكثر من 700 قاعدة عسكرية ، في أكثر من 100 بلد . هذا وستطلب روسيا من أمريكا أن تخرج من سورية ، كما يتوقع فولفو فيتز. أما في حال نفي أمريكا لحالة انعدام الثقة مع روسيا ، فإن النار سوف تبقى تحت الرماد .