الرئيسة \  برق الشرق  \  المانيا/ تركيا على مفترق طرق

المانيا/ تركيا على مفترق طرق

16.04.2017
هيثم عياش

بسم الله الرحمن الرحيم

برلين / ‏15‏/04‏/2017 يتوجه الاتراك يوم غد الاحد 16 نيسان / أبريل الى صناديق الاقتراع للمشاركة باستفاء دعا اليه رئيس الدولة رجب الطيب اردوغان لتغيير الدستور التركي من دولة ذات نظام  برلماني الى نظام رئاسي يعطي لرئيس الدولة صلاحيات كثيرة  ولا سيما بالسياسة الخارجية مع الابقاء على البرلمان  بشكل رمزي وصلاحيات محدودة .
 
ويخشى  مراقبو  تطورات  ما يجري بتركيا من المعهد الاوروبي للدراسات السياسية والعلاقات الاستراتيجية  ومقره لندن وبرلين ، من احتمالات فشل الاستفتاء اي ان تكون نتيجته  مناوئة لرغبة وطموحات اردوغان ان يسفر عن نتيجة الاستتفاء بـ/ لا / لتغيير الدستور التركي  استعمل اردوغان القوة والعنف  بشعبه وسيسفر دعوة اردوغان لانتخابات جديدة ببلاده وستعاني تركيا من اضطرابات واحداث عنف خطيرة تمتد الى العمق الاوروبي  وأخطار تحدق باللاجئين الذين يعيشون في تركيا مثل السوريين والعراقيين  ، كما سيؤدي فشل الاستتفاء الى زيادرة ظاهرة العداء لاوروبا ، فالعلاقات الاوروبية لتركية تشهد فتورا قويا منذ محاولة الانقلاب الفاشلة اتلتي استهدفت تركيا يوم الخامس عشر من تموز / يوليو عام 2016 الماضي بل ان الفتور بدأ عندما أقال اردوغان رئيس الوزراء السابق احمد داود اوغلو بعيد الاتفاق التركي الاوروبي حول اللاجئين  واضطرار اردوعان مصالحة زعيم الكرملين فلاديمير بوتين الذي كان اول  من بادر بجشب المحاولة الانقلابية قبل الاوروبيين بالرغم من ان المستشارة انجيلا ميركيل اكدت فور فشل الانقلاب استنكارها لتلك المحاولة ، الا ان ذلك لم يساهم بتحسين العلاقات الاوروبية التركية بل ازدادت تدهورا منذ امتناع بعض الدول الاوروبية  مجيء مسئولين اتراك للاجتماع مع ابناء بلدهم لتوضيح  مغزى تغيير الدستور ببلادهم . \
 
فالاعتقاد السائد في تركيا ولدى بعض المسلمين ان اوروبا ترفض اي تغيير يطرأ على الدستور التركي
واحتمال فشل الاستتفاء ناجم عن تشجيع الاوروبيين لمناوئيه فالرئيس اردوغان يتهم المانيا بأنها المعارضين له في مقدمتهم جماعة  رجل الدين فتح غولين الذي يملك جماعت في المانيا مركزا اعلاميا ضخما مع معهد للحوار  ، كما ارتفعت نبرة مهاجمة اردوغان للاوروبيين  واتهامهم بالعنصرية لوضعهم عوائق  دون تحقيق حلم الاتراك الممتد لاكثر من خمسين عاما حصول بلادهم على عضوية الاتحاد الاوروبي ، ويتهم الالمان  بانهم لا يزالون يحملون الفكر النازي  بالرغم من اعلانهم معاداته . فنبرة الاتهامات والانتقادات المتبادلة ساهمت بتوسيع الهوة بين الاوروبيين والاتراك  .
 
عدا عن ذلك فالعلاقات التركية مع الولايات المتحدة الامريكية تمر ايضا بمرحلة حرجة فانقرة تتهم واشنطن بحماية فتح الله غولين ودعم شيعة العراق ودعم  الحزب الديموقراطي الكردي السوري الذي يقوده صالح مسلم بقيام دويلة للاكراد بمناطق الشرق السوري ويدعمون اي تحالف يقوم بين اكراد العراق وسوريا وتركيا . أما واشنطن  فتنظر الى الوضع الداخلي في تركيا في غاية الخطورة وترى الى ضرورة الابقاء على استراتيجيتها مع تركيا التي تنظر بدورها الى موسكو وبكين وطهران بريبة شديدة مؤكدة انهم غير شركاء استراتيجيين ولا احد يستطيع أمن غدرهم .
 
هذا اذا ما تعرض الاستفتاء للفشل الذي يعتبر بالنسبة لاردوغان خيبة امل كبيرة  .
 
ولكن اذا  نجح الاستفتاء ، فان بعض خبراء السياسة التركية يبدون مخاوفهم اعلان اردوغان الغاء النظام العلماني ببلاده ، فتركيا دولة مسلمة ورئيس البرلمان التركي اسماعيل قهرمان كان قد دعا  الى وضع الاسلام دين الدولة بالدستور التركي الامر الذي رفضه الكثير من اعضاء البرلمان التركي .
 
ويعتقد هؤلاء الخبراء انتهاج اردوغان سياسة براغماتية مع جميع فئات شعبه ومع الاوروبيين ايضا وعدم الاستغناء عن حلف شمال الاطلسي / الناتو / فتركيا لا ترى عن / الناتو / بديلا بالرغم من عدم تجاوبه مع انقرة لانهاء الوضع في سوريا بالقوة  وعدم ثقتها بدعم وتضامن  بعض الدول العضوة،بالحلف مع تركيا .  عدا عن ذلك فان / الناتو / وان يضع نصب عينيه انتهاج سياسة الاستقرار الامني والعمل على اعادة قوة الاقتصاد التركي فالكثير من اعضاء حزب العدالة والتنمية التركي الذي كان لهم الفضل بقوة تركيا اقتصاديا يطالبون اردوغان التحلي بالمرونة والعمل على احياة قوة الاقتصاد التركي من جديد  فالحرب ضد الاكراد بشكل خاص ساهمت الى حد كبير بتراجع الحركة الاقتصادية وتشجيع الحركة التجارية مع كل من الصين ودول جنوب شرق اسيا ، فالعلاقات التجارية بين تركيا وتلك الدول وصلت نسبتها خلال اعوام مابين 2012 و 2016 الى 26 بالمائة ويتطلع الرئيس التركي الى رفع نسبتها لتصل الى ما بين 35 و 38 بالمائة ، ويطالب الاقتصاديون بتقوية العلاقات الاقتصادية والصنماعية مع دول السعودية وقطر وبعض دول الخليج الى اكثر مما عليه الآن .
 
وينصح الخبراء اردوغان الدعوة الى عفو عام واطلاق سراح السجناء السياسيين والعمل على تحسين
صورته من جديد ، كما ويتوقعون ان تسفر نتائج الاستفتاء ان كانت لصالح اردوغان ارتفاع نبرة التوتر مع الاوروبيين الا  انه اذا  ما انتهح الرئيس التركي سياسة المرونة والمراوغة  فالفتور سيزول وعلى اردوغان انتهاج سياسة الحكمة ونهاء سياسة الطيش وابراز العضلات .
هـ/ع
Haitham Aiash- Postfach 080442, 10004 Berlin- Tel.: 030- 22488980/F22488981- Mob.: 0175- 1600631