الرئيسة \  برق الشرق  \  المانيا- مؤتمر الاستشراق الدولي

المانيا- مؤتمر الاستشراق الدولي

23.09.2017
هيثم عياش


كاتب ومفكر سياسي
ينا‏22‏/09‏/2017
أوصى خبراء الاسلام ومنطقة الشرق الاوسط من علماء الاستشراق وخبراء شئون السياسة الاستراتيجية ببيانهم الذي اصدروه في ختام مؤتمرهم الذي استمر منذ يوم الاثنين المنصرم 18 أيلول/ سبتمبر حتى هذا اليوم الجمعة بمدينة ينا / شرق / الحكومة الالمانية والاتحاد الاوروبي ومنظمة الامم المتحدة التريث باعترافهم بدولة مستقلة للاكراد اذا ما تم تنفيذ الاستفتاء الذي يريده زعيم دويلة الاكراد العراقية بالسليمانية مسعود برزاني وعدم وقوع خطأ مثل خطأهم باعترافهم بدويلة جنوب السودان التي تعيش بدوامة العنف بين زعماء السياسة بتلك الدويلة  كما ان استقلال الاكراد سيؤدي بحدوث حروب بمنطقة الشرق الاوسط واوروبا ويتطور الوضع الى اخطر مما عليه الان حاثين الحكومة الالمانية السعي لمحاولة اقناع الاكراد بعدم اجراء استفتاء في الوقت الحالي ، فالحرب في سوريا وعدم استقرار العراق والضغوط التي تعاني منها تركيا لا تسمح بذلك .
وحث المشاركون الذي تلاه عنهم  رئيس جمعية المستشرقين الالماني بيتر شتاين الحكومة الالمانية والاتحاد الاوروبي التعاون مع منظمة الامم المتحدة من اجل انهاء الاوضاع المضطربة بمنطقة الشرق الاوسط ولا سيما الحرب في سوريا اذ ان استمرار بقاء بشار اسد على راس نظامه سيؤدي الى كسب الارهاب قوة اكثر كما سيؤدي الى مساعدة ايران بفرض هيمنتها السياسية والدينية بالمنطقة المذكورة مطالبين بالوقت نفسه اقناع روسيا بالتعاون مع المجتمع الدولي بالشأن السوري والعمل على وضع حد لارتفاع ظاهرة الكراهية بين الاكراد والعرب بتلك المنطقة عير الحوار .
واعتبر المشاركون ان جماعة الاخوان المسلمين التي يصفها بعض الدول العربية بالارهابية لا علاقة لها بالإرهاب ويعتبرون الوسطية في الاسلام والضرورة ملحة بذل الاوروبيين جهودهم لوساطة يقومون بها بين حكومات الدول العربية التي تصنف الاخوان بالارهاب للجلوس معهم على طاولة الحوار اذ بإمكان جماعة الاخوان المسلمين اقناع جميع الفصائل التي تحمل أفكارا متطرفة بانهاء التطرف / مؤكدين ان أسباب التطرف انتهاكات الحرية وحقوق الانسان .
واعتبر المشاركون بالمؤتمر بروز قوة الشعوبية والمعاداة للاسلام في اوروبا والولايات المتحدة الامريكية أداة لوقوع حرب بين الاقليات الدينية والعرقية في اوروبا واداة لإشعال حرب بين الاسلام والمسيحية حاثين الحكومة الالمانية التي لها علاقة قوية مع الكيان الصهيوني انهاء سياسة بناء المستوطنات والكف عن تهويد الاراضي الفلسطينية والمحافظة على المقدسات المسيحية والاسلامية في فلسطين المحتلة .
ودعا مشاركو المؤتمر الحكومة الالمانية والاوروبيين ومنظمة الامم المتحدة تكثيف الحوار بين الاسلام والغرب وجذب السعودية الى هذا الحوار بأكثر من ذي قبل فمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار الذي يتخذ من فيينا مقرا له يجب تنشيطه بشكل اكثر فعالية للمساهمة بحوار مع الاحزاب القومية المتطرفة في اوروبا مشيرين ان المانيا التي تقف على بوابة الانتخابات البرلمانية تقف عبر مفترق طرق خطير باستلام الحزب البديل لالمانيا مقاعد بالبرلمان الاتحادي الامر الذي يعني بان الخطر على الديموقراطية والتعايش السلمي في المانيا واوروبا     اصبح قائما .
واكد المشاركون ان الازمة بين دول الخليج العربي أساءت الى سمعة تلك الدول من ناحية حرصها على قوة الاسلام مشيرين انه من الضرورة انهاء الازمة فاذا ما وقعت حرب بين تلك الدول فان أوروبا ستتأثر من اضرارها الاقتصادية مطالبين بالوقت نفسه الاوروبيين اخذ مبادرة انهاء الصراعات بالخليج والشرق الاوسط والشمال الافريقي من الولايات المتحدة الامريكية فتلك الدولة لا تشارك الشرق الاوسط وشمال افريقيا بحدود معها معتبرين الخلاف الاوروبي التركي من الاخطاء الجسيمة التي يرتكبها الطرفان معربين عن أملهم زوال الخلاف بالحوار الجاد بين اوروبا وتركيا تلتي يجب ان تأخذ دورا رائدا باحلال السلام بمنطقة الشرق الاوسط اذا ما تم ضمها الى الاتحاد الاوروبي الذي يجب عليه ان يكون اتحادا منفتحا على الثقافات على حد قولهم .
هذا وكان رئيس وزراء ولاية تورينجين بودو راميلوف قد رأى بكلمة افتتح بها مؤتمر الاستشراق الألماني والاوروبي  يوم الاثنين من 18 الشهر الحالي ان دور حبراء دارسي الإسلام وعلى علم واطلاع لا بأس به بقضايا شعوب الشرق الأوسط والعالم الإسلامي يكمن بمساهمتهم باحلال السلام بمنطقة الشرق الأوسط والمناطق الملتهبة  في العالم من خلال مساعدتهم الحكومة الألمانية والاتحااد الأوروبي ومنظمة الأمم المتحدة وغيرهم من المحافل الدولية لإنهاء معاناة هذه الشعوب ، فتهجير مسلمي بيرما / مينمار/ الذي يطلق عليهم الروهينجا له أسبابه المباشرة وغير المباشرة وهذا لا يكفي ان تستنكر منظمة الأمم المتحدة ما يجري بتلك المناطق ، كما ان مرور سبعة أعوام على انتفاضة الشعب السوري وتدخل دول متعددة بالحرب بتلك الدولة إضافة الى العراق واليمن واجهاض ما يطلق عليه بثبـ / الربيع العربي / المتمثل يثورات الحرية كان بإمكان المجتمع الدولي وخبراء السياسة الاستراتيحية  انهاء هذه الازمات لو استعان بخبراء المنطقة الاكاديميين في مقدمتهم الذين يجيدون لغة شعوب العالم الإسلامي قي مقدمتهم العرب .
وحث راميلوف المشاركين بالمؤتمر بذل جهودهم لوضع الأفكار والخط يقومون بتقديمها الى الحكومة الألمانية لإنهاء معاناة تلك الشعوب  بالتعاون مع جميع االجهات الدولية المؤثرة على قضايا الشرق الأوسط والعالم الإسلامي بأكمله معتبرا الاستشراق وسيطا للسياسة وغلى الاستشراق ان يكون لاعب سلام ، مشيرا ان صورة المستشرقين بالعالم الإسلامي التي ينظر اليها بريبة وانها وراء تشجيع الاستعمار الغربي لشعوب مسلمة في افريقيا وآسيا والشرق الأوسط يجب ان تمحى  ويحل مكانها صورة حسنة بان الاستشراق يمكنه إحلال السلام بالعالم الإسلامي وتشجيع حوار علمي واقعي بين الإسلام والغرب وخاصة في ظل تنامي ظاهرة الشعوبية في أوروبا ومعاداتها للاسلام والتحريض على المسلمين مؤكدا ان الدستور الألماني والاوروبي اللذين يؤكدان على حرية  الاعتقاد يجب المحافظة عليه فحرية التدين والاعتقاد من حقوق الانسان الرئيسية التي نصت عليها القوانين منذ فجر الإنسانية على حد قوله .
ومن  خلال مناقشة حول حقوق الانسان بالاسلام رأت الرشيد بأن الاسلام كفل للانسان حريته بالاعتقاد والتفكير / لا اكراه في الدين / الا ان حكومات الدول العربية لم تأبه للاوامر الربانية بحفظ الانسان كرامته وحرية تعبيره ، فالحكومة السعودية التي تؤكد تمسكها بالشريعة الاسلامية الا انها لا تتمسك بمبدأ حرية الرأي، مشيرة الى حملة اعتقالات تشمل اكثر مثقفي السعودية وانه من الضرورة مناقشة اوروبا السعودية لوضع حد للاعتقالات وانتهاكات حقوق الانسان منتقدة اوروبا والولايات المتحدة الامريكية وغيرهما لبذل جهودهم بالقضاء على ما يُطلق عليه بـ / الربيع العربي / الذي كان من اجل الحرية .
ورأى خبير شئون منطقة الخليج العربي كريستيان كول استمرار الغرب بتوريده السعودية واالامارات العربية المتحدة وغيرهم من دول الخليج معدات عسكرية  دعم  لهذه الدول بانتهاكاته حقوق الانسان مشيرا ان المصالح الانسانية يجب ان تفوق المصالح المادية فلا أحد في اوروبا تطرق الى انتهاكات حقوق الانسان بدولة الامارات العربية المتحدة ، مشيرا الى وجود حوار مع السعودية بشأن قضايا حقوق الانسان الا ان هذا الحوار بالرغم من اهميته الا انه يبقى ضعيفا معربا عن رأيه بأن السعودية تستطيع جراء تأثيرها الديني والسياسي اقناع دول الخليج الاخرى بتغيير سياستها تجاه حقوق الانسان والحفاظ على كرامته ، فدول الخليج وخاصة الامارات كانت ترى بـ/الربيع العربي/ ضررا لها ولذك حاولت إجهاضه علما ان فائدته تعود على حكومة الامارات قبل كل شيء .
ونفى المصري غيث عبد الحليم ان يكون بالاسلام حرية للرأي ، فالاسلام يأمر بطاعة ولي الامر طاعة عمياء والربيع العربي خروج عن الطاعة ووراء الفوضى والعنف الذي يسود الدول العربية التي انطلق منها الربيع المذكور .
أما أستاذة علوم الاسلام والعربية في جامعة فيينا أنماري ساديكوفا، فقد اعتبرت الهجمة على الاسلام والهجمة على السعودية في اوروبا والخلاف بين دول الخليج مؤامرة خبيثة ، مؤكدة ان الاسلام دين حوار والغرب لم يأبه بأهمية الحوار الاسلامي المسيحي بشكل فعال وعدم اجراء حوار مع المسلمين وخاصة الاخوان المسلمين يعتبر جبن وهروب من مسئولية احلال السلام بالعالم ، فالاعتقالات بالسعودية سببها عدم اهتمام الغرب بالحوار الفعال مع القيادة السعودية وبحوار صريح مع تركيا التي يريد الغرب لها الضرر سياسيا وامنيا واقتصاديا وأي حرب مع الاسلام تعود اضراره على الغرب نفسه  على حد رأيهم
وهناك فرق بين الاستشراق والاستغراب والاستعراب ، فكل من درس الاسلام ولغات شعوب الشرق الاوسط وعاش بينهم ولم يعتنق الاسلام فهو مستشرق ، ولا يعني ذلك ان الاستشراق هو وراء معاداة  الغرب للاسلام جراء وضع بعض المستشرقين مواضيع تحذر اوروبا وغيرها من الاسلام بل هناك مستشرقون وضعوا كتبا انصفوا الاسلام ووضعوا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في قمة عظاء التاريخ كما كان الفضل لعلماء الاسلام من الغربيين الذين لم يعتنقوا الدين الحنيف للكثير من الباحثين المسلمين فقد وضع المستشرق الالماني جورج فون فوجل / 1796- 1855/ فهرسة آيات القرآن الكريم على حسب الاحرف الابجدية وفهرسة الاحاديث النبوية فكل من يريد ايبحث عن آية بالقرآن الكريم او حديث نبوي يلجأ الى هذين الكتابين فيجد موقع الاية في سورة ما او حديث باحد كتب الصحاح ، هذان الكتابان قام الباحث المصري وعالم الحديث النبوي فؤاد عبد الباقي  / 1882- 1867 / بتهذيبهما ونسبهما الى نفسه. كما وضع عالم القرآن الكريم استاذ علوم العربية والاسلام تيودور نولديكيه /1836-1930/ قصة القرآن الكريم ، ودافع جيرنوت روتر / 1941- 2010/ عن الاسلام بكتبه التي وضعها نافح فيها عن هذا الدين وانتقد اولئك الذين يزعمون معرفتهم بالاسلام وشهروا سيوفهم وأقلامهم عليه . أما الاستعراب فيطلق على اولئك الذين درسوا علوم الاسلام والعربية واعتنقوا الدين الاسلامي وبقوا طيلة حياتهم يكتبون بالعربية ومنهم من توفي ببعض الدول العربية مثل محمد أسد صاحب كتاب / الطريق الى مكة المكرمة / وترجمته معاني القرآن الكريم وغيرهم .
أما الاستغراب فيطلق على اولئك الذين يحملون اسماءً اسلامية  واصدروا فتاوى ووضعوا كتبا تهاجم الاسلام والنيل منه مثل المغربي محمد اراكون والمصريان حامد عبد العظيم  ونصر ابو زيد والسوري صادق جلال العظم وغيرهم .
وكان حوالي 783 عالما بمجال علوم الاسلام والشرق الاوسط والعالم الاسلامي من جميع الدول الاوروبية ومن مصر والاردن والعراق  الى جانب خبراء بالسياسة الاستراتيجية قد شاركوا بمؤتمر المستشرقين الالمان الثالث والثلاثين الذي عقد بمدينة ينا خلال الفترة ما بين 18 و 22 أيلول / سبتمبر  في وقت تعيش المانيا بأجواء الانتخابات والخلاف الاوروبي التركي وتدهور الوضع بالشرق الاوسط .