الرئيسة \  تقارير  \  الفلسطينيون المنسيون في سوريا

الفلسطينيون المنسيون في سوريا

15.04.2024
ريتشارد فولك




الفلسطينيون المنسيون في سوريا
ريتشارد فولك
ترجمة وتحرير: نون بوست
الاحد 14/4/2024
كانت الحرب الأهلية السورية الصراع الجيوسياسي الأطول والأكثر تعقيدًا الذي نشأ عن الربيع العربي، مما خلق إرثًا معقدًا يتعين على المحللين اليساريين البحث فيه. وفي هذه المقابلة الحصرية لموقع “كاونتر بانش”، قدّم المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة وباحث العلاقات الدولية، ريتشارد فولك، تحليلًا لوضع فلسطين وسوريا والتاريخ والسياسة التي تقف وراء أزمة اللاجئين من وجهة نظر اليسار.
في كثير من الأحيان، تحاول وسائل إعلام يمين الوسط التركيز على سوريا، ليس لمصلحة الفلسطينيين، وإنما لصرف الانتباه عن العدوان الأمريكي/ الإسرائيلي. وقد سلط فولك، وهو منتقد شرس للسياسات الخارجية للولايات المتحدة وإسرائيل، الضوء على تعقيد وضع الفلسطينيين في سوريا وكيف أن مجموعة من السياسات الداخلية والخارجية ووجهات النظر العالمية من اليسار واليمين تفاقم أزمة الفلسطينيين وتهدّد بقاءهم ومساعيهم إلى التحرير في مواجهة الاستعمار الاستيطاني المستمر الذي ترعاه الولايات المتحدة.
كم عدد الفلسطينيين في سوريا، وكم مضى على وجودهم هناك؟
ريتشارد فولك: من الصعب أن نكون دقيقين للغاية فيما يتعلق بإحصائيات اللاجئين والنازحين بسبب الاضطرابات الداخلية السورية التي طال أمدها على مدار أكثر من عقد من الزمن، وما زالت مستمرة. قبل الحرب الأهلية السورية التي بدأت في سنة 2011، بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الأونروا في سوريا 526.744 لاجئًا، وقد جاء غالبيتهم إلى سوريا خلال النكبة سنة 1947، هربًا بشكل خاص مما كان يعرف آنذاك بشمال فلسطين، المحتل حاليًا. اختارت نسبة كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا العيش خارج المخيمات، إذ يعيش ما لا يزيد عن 111 ألفاً من أصل أكثر من نصف مليون في المخيمات التسعة الرسمية، وثلاثة غير رسمية، حسب تقديرات سنة 2002.
تصل الحسابات الحالية إلى أرقام أقل إلى حد ما بسبب هروب السوريين إلى الدول المجاورة وإلى أوروبا، ويُعتقد أن عددهم الآن حوالي 450 ألفاً داخل حدود سوريا. خلال تهجير الفلسطينيين في سوريا أثناء الحرب الأهلية، انعكست مخاطر كونهم لاجئين في منطقة قتال، خاصة في مواجهة العداء المتزايد بين الحكومة السورية واللاجئين الفلسطينيين، بسبب اصطفافاتهم المتعارضة في الحرب الأهلية السورية.
ما هي أنواع الدمار الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي يعاني منه الفلسطينيون الذين يعيشون في سوريا؟ وقد أشار ستيفن زونس إلى أن الأعداد الموثوقة للمدنيين الفلسطينيين الذين قتلوا بسبب الهجمات العسكرية السورية في حدود حوالي 4000
ريتشارد فولك: حتى بداية الحرب الأهلية في سنة 2011، بدت العلاقات بين الحكومة السورية واللاجئين إيجابية، خاصة بالمقارنة مع السمات السلبية للمعاملة والتجربة الفلسطينية في الدول العربية الأخرى، وخاصة الأردن (‘أيلول الأسود 1970‘) الذي شجع على التهجير الطوعي للفلسطينيين القادمين من سوريا واللجوء إلى أماكن أخرى خاصة تركيا وأوروبا الغربية.
قبل الحرب الأهلية، كان اللاجئون الفلسطينيون يتمتعون بحقوق متساوية إلى حد كبير في سوريا مع السكان، وكان بإمكانهم التملك والعمل في مختلف قطاعات الاقتصاد. وبعد سنة 2011، نظرت حكومة دمشق إلى الفلسطينيين على أنهم وجود معادٍ نظرا لدعمهم العام للقوى السياسية المناهضة للحكومة، وهو ما يعكس جزئيا القيادة السياسية التي يهيمن عليها الشيعة وقوى المعارضة التي يهيمن عليها السنة. ومن التطورات الأخرى حرب افتراضية شنتها سوريا على مخيمات اللاجئين في سوريا، وأبرزها مخيم اليرموك الواقع على أطراف دمشق، مما أدى إلى مقتل وتهجير العديد من الفلسطينيين وانتشار الجوع في الفترة ما بين سنة 2011 وسنة 2018.
دفعت مثل هذه الظروف العديد من اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات السورية الاثني عشر إلى المخاطرة بخوض رحلة الهجرة متزايدة الخطورة إلى أوروبا، وهو الوضع الذي تفاقم أكثر عندما قام ترامب بوقف تمويل الأونروا في سنة 2018. قبل الحرب الأهلية في سوريا، كان اللاجئون الفلسطينيون أكثر تنظيما بكثير، وكانت خياراتهم الاقتصادية والاجتماعية مقيدة في لبنان، مع توازنه الديموغرافي الدقيق بين المسلمين والمسيحيين، وفي الأردن حيث اعتبرت الحكومة اللاجئين الفلسطينيين تهديدا سياسيا.
هل هناك مشكلة لدى اليسار في الولايات المتحدة في تقويض محنة الفلسطينيين في سوريا فيما يتعلق بوجهات نظر اليسار المتباينة بشأن الحرب الأهلية السورية؟
ريتشارد فولك: نعم، يبدو أن عداء اليسار المتشدد للتدخل ضد نظام بشار الأسد، على الرغم من تكتيكاته القمعية والحكم الاستبدادي والفظائع الصريحة، يعتمد بشكل مفرط على الانحياز إلى ما تذرعت به القوى السياسية في شكل حجج مناهضة للإمبريالية ضد الانحياز إلى المعارضة المناهضة لدمشق، التي تضمنت عناصر أكثر إنسانية وديمقراطية مما كانت عليه الحكومة، على الأقل في بداية الصراع.
وفي الوقت نفسه، كانت التعقيدات موجودة بغض النظر عن الجانب الذي يحظى بالدعم في الحرب الأهلية المريرة. أولاً، استخفت الولايات المتحدة وتركيا بقدرات وولاءات القوات المسلحة السورية، وسرعان ما اعتقدت أنه سيكون من السهل التخلّص من نظام الأسد أكثر مما كان عليه الأمر بالنسبة لحلف الناتو لإحداث التغيير من خلال نظام مناهض للقذافي في ليبيا. كانت حسابات الناتو خاطئة في ليبيا. وبدلاً من إرساء نظام صديق للغرب العالمي، تدهور الوضع في ليبيا من حالة الاستقرار الاستبدادي إلى حالة من الفوضى السياسية والصراع المدني بين المجتمعات العرقية، ليتحول الوضع من الاستبداد إلى الفوضى.
كان هذا القياس المضلل بين ليبيا وسوريا بمثابة سوء تقدير مكلف، خاصة بالنسبة لتركيا، وتفاقم بسبب بعض التحالفات الانتهازية الغريبة كما هو الحال مع تنظيم الدولة الذي بدا وكأنه ينضم إلى المعارضة الليبرالية لدمشق على أساس الانتماءات مع الإسلام السني. ومرة أخرى، وقفت روسيا وإيران إلى جانب الحكومة السورية، ولمزيج من الأسباب الجيوسياسية والأيديولوجية. وكانت الحرب الأهلية السورية هي الصراع الأكثر تعقيدًا والأطول فترة الذي انبثق عن الربيع العربي، ربما في العصر الحديث، مع الأخذ بعين الاعتبار تنوع الجهات الفاعلة والقضايا المطروحة على المحك داخليًا وإقليميًا وعالميًا
ما هي أوجه الاختلاف والتشابه بين اللاجئين الفلسطينيين الذين يحاولون البقاء على قيد الحياة في جميع أنحاء العالم العربي؟
ريتشارد فولك: على نطاق أوسع، تباينت المواقف تجاه اللاجئين الفلسطينيين عبر الزمن ومن بلد إلى آخر، متأثرة بالدبلوماسية الإسرائيلية/ الأمريكية التي روجت لتطبيع العلاقات الإسرائيلية/ العربية خلال السنوات الأخيرة من رئاسة ترامب في إطار اتفاقيات إبراهيم. وفي الآونة الأخيرة، أدت الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة إلى جعل الدول العربية أكثر تقبلاً لاحتياجات الفلسطينيين، بما في ذلك الرد على ما يتم تعريفه بشكل متزايد من قبل وجهات النظر المؤيدة للفلسطينيين على أنه نكبة ثانية، وهو في الواقع تهجير قسري – مما يخلق ضغوطًا إنسانية لتوفير المأوى خارج فلسطين المحتلة، التي تفاقمت بسبب وقف التمويل الغربي للأونروا منذ أواخر كانون الثاني/ يناير 2024.
وفي الوقت الحاضر، ردًا على حالة الطوارئ الإنسانية في رفح، واستمرار التهديدات الإسرائيلية بشن هجوم عسكري على المدينة التي تؤوي أكثر من مليون فلسطيني عاجز، ترد مصر بطريقتين: 1) من خلال استنكار الضغوط القسرية عبر الحدود على الفلسطينيين لمغادرة غزة أو الموت، و2) الاستعداد لنزوح جماعي للفلسطينيين من غزة من خلال بناء منشأة كبيرة محاطة بأسوار للاجئين في منطقة صحراء سيناء.
إن القضية المطروحة مأساوية بالنسبة للفلسطينيين في غزة الذين بقوا في وطنهم على الرغم من الصعوبات والانتهاكات منذ إعادة احتلالها من قبل إسرائيل في سنة 1967، والتوغلات العسكرية العقابية الدورية من البر والجو والبحر في السنوات 2008-2009، و2012، و2014، 2021، والحصار الخانق منذ سنة 2007.
إن دور حماس في غزة معقد: فقد أفادت التقارير بأنها فازت في الانتخابات الدولية في سنة 2007 لأنها قاومت الانتهاكات الإسرائيلية، واكتسبت الشرعية بين الفلسطينيين في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة لأنها لم تكن ملوثة بالتعاون أو الفساد مثل السلطة الفلسطينية في رام الله.
منذ توليها الحكم، تم تجاهل حماس عندما اقترحت وقف إطلاق نار طويل الأمد في عدة مناسبات منذ سنة 2006، وفضلت إسرائيل مواجهة المقاومة من خلال إبقاء سكان غزة على “نظام الكفاف الغذائي” مدعوم بسياسة “جز العشب” حسب الحاجة، فضلاً عن وجود منطقة لإطلاق النار الحر لاختبار الأسلحة والتكتيكات، وإرسال رسالة إلى الحكومات الإقليمية مفادها أن إسرائيل لا يقيدها القانون والأخلاق عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع أعدائها. ولا يمكن فهم قضايا اللاجئين بشكل صحيح دون مثل هذا السياق التاريخي.
لقد تمكن القادة في أمريكا، سواء كانوا ديمقراطيين أو جمهوريين، من التظاهر بالقلق على مجموعات مثل الأكراد والأويغور في الماضي. لماذا لا تستطيع المؤسسات الرئيسية دعم فلسطين في مواجهة الأسد؟
ريتشارد فولك: الإجابة المختصرة هي إسرائيل. وكما أظهر مؤلفون مثل رشيد الخالدي وإدوارد سعيد، استمر الفلسطينيون على مدار سنوات عديدة في وضع ثقتهم في واشنطن بسذاجة. كان عليهم أن يتعلموا من الأداء المنحاز للولايات المتحدة أن ادعاءها بأنها “وسيط نزيه” كان مضللاً للغاية منذ بدء عملية السلام بعد الانتفاضة الأولى في أواخر الثمانينات.
وفي حالة الأكراد، وحتى الأويغور، وجدت الولايات المتحدة أنه من المفيد سياسيًا دعم الأقليات الساخطة لممارسة الضغط على الصين في حالة واحدة، وعلى تركيا في الحالة الأخرى. يجب أن يكون واضحًا الآن أن المشكلة الحقيقية بالنسبة للولايات المتحدة ليست مع فلسطين، بل مع حليفتها إسرائيل، وضغوطها ونفوذ المانحين داخل الولايات المتحدة الذي يقوض الادعاءات المعيارية للغرب العالمي وينتهك المصلحة الوطنية للولايات المتحدة وأوروبا في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
أخشى أن يتم غسل أدمغة المؤسسات الرئيسية في الولايات المتحدة، سواء في المجتمع المدني أو وسائل الإعلام، للاعتقاد بأن اللاجئين الفلسطينيين المقاومين هم بالضرورة إرهابيون لا يحظون بالدعم حتى في سياق مثل سوريا حيث القضية المهيمنة هي إرهاب الدولة لنظام دمشق رغم مواجهاته العدائية مع إسرائيل.
وربما إذا استمرت إسرائيل في ملاحقة مساعي سيطرتها السيادية على كامل فلسطين التاريخية فسوف تواجه في أعقاب الإبادة الجماعية في غزة ردة فعل قوية بالقدر الكافي من الأسفل في مختلف أنحاء العالم. وسيتجلى ذلك في أشكال تعامل إسرائيل كدولة منبوذة تخضع للمقاطعة والعقوبات حتى يتم تمكين الفلسطينيين من خلال مبادرة التضامن ومقاومتهم الخاصة لتحقيق حقوقهم الأساسية بما في ذلك حقهم غير القابل للتصرف في تقرير المصير. إن غطرسة إسرائيل في الأشهر الأخيرة قد تؤدي إلى سقوط المشروع الصهيوني بدلاً من استكماله منتصرا، وهو الأمر الذي بدا أكثر قبولاً قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. ومن الممكن أن تحول مفارقات التاريخ أحلك ساعات فلسطين إلى فجر جديد للتحرر من المخططات الشريرة للاستعمار الاستيطاني المتقدم.
هل يمكنك مناقشة أحداث الأول من نيسان/أبريل التي غيرت الوضع في سوريا بشكل جذري، وكذلك المصير الذي ينتظر اللاجئين الفلسطينيين السوريين المناهضين للنظام؟
ريتشارد فولك: أولاً، وقع هجوم على مبنى قنصلية إيران في دمشق أسفر عن مقتل سبعة إيرانيين، من بينهم ثلاثة قادة عسكريين رفيعي المستوى موجودين في هذا المجمع الدبلوماسي المستهدف بشكل غير قانوني لدولة أجنبية. يبدو أن هذا الحدث لا يشكل أي مشكلة لسياسة بايدن الخارجية، التي ظلت معادية لإيران ومعادية لسوريا، على الرغم من أن الهجوم الإسرائيلي الاستفزازي ينتهك القانون الدولي بشكل صارخ ويصعّد مخاطر نشوب حرب أوسع في المنطقة إذا نفذت إيران تهديدها بالانتقام.
ثانياً، في نفس اليوم، وقع الهجوم الإسرائيلي الذي حظي بتغطية إعلامية واسعة النطاق على قافلة مساعدات تابعة لمنظمة “وورلد سنترال كيتشن” التي كانت تعمل على تسليم الأغذية التي يحتاج إليها الفلسطينيون الذين يعانون من الجوع في شمال غزة، وهو الهجوم الذي أدى إلى مقتل ستة من عمال الإغاثة وسائقهم. لقد وقعت مثل هذه الحوادث الفظيعة، بل وأسوأ من ذلك بكثير، منذ أن بدأت إسرائيل الرد على هجوم حماس في تشرين الأول/ أكتوبر. وما جعل هذا الحدث مختلفًا حقيقة أن عمال الإغاثة الذين قُتلوا كانوا من مواطني الدول الغربية الداعمة لإسرائيل وليسوا فلسطينيين، على الرغم من أنه من المنظور الأخلاقي والقانوني لم يكن ينبغي لهوية الضحايا أن تحدث أي فرق.
ما أعقب هجوم منظمة “وورلد سنترال كيتشن” كان عبارة عن موجة من التعبيرات الإعلامية والحكومية رفيعة المستوى عن الغضب الموجه إلى مسؤولية إسرائيل المتعمدة المفترضة عن مثل هذا الهجوم، وتحميل كل من نتنياهو وبايدن المسؤولية عن مثل هذا السلوك الوقح الموجه إلى حلفائهم.
وحقيقة أن احتمالات إعادة انتخاب بايدن سنة 2024 أصبحت غامضة بسبب انتقادات السياسة المؤيدة لإسرائيل بشكل غير مشروط التي تنتهجها واشنطن، مما يشكل تحديًا لتماسك الدعم الغربي المستمر لإسرائيل في شكل التواطؤ النشط للديمقراطيات الليبرالية في مواجهة أشهر من الإبادة الجماعية الإسرائيلية.  وقد تسبب هذان الحدثان في نوبة ذعر جيوسياسي مما أدى إلى إجراء محادثة هاتفية طارئة لرأب الصدع بين بايدن ونتنياهو قبل بضعة أيام، حيث ورد أن بلينكن كان يستمع بهدوء على الهاتف.
لقد تم وضع نتنياهو في الزاوية حيث كان بحاجة إلى الاعتذار لحكومات عمال الإغاثة الذين قُتلوا في هجوم منظمة “وورلد سنترال كيتشن” دون أن يبدو الإسرائيليين ضعفاء أو عدائيين في معالجة مخاوف داعمهم الرئيسي، الولايات المتحدة.
كان بايدن يسعى إلى طمأنة المنتقدين المحليين المتناقضين بأن السياسات الأمريكية كانت في الوقت نفسه انتقادية لكنها لا تزال داعمة لإسرائيل، واختار جزئياً القيام بذلك بطريقة خطيرة من خلال توضيح أنه يجب على إسرائيل أن تعدل عن قتل عمال الإغاثة الغربيين بينما تقاوم الجهود في الأمم المتحدة لإنهاء حملتها الدموية في غزة. ما فضح هذه اللعبة الدبلوماسية غير العادية هو الكشف العلني الفوري عنها، وهو خروج عن الممارسة المعتادة في مواقف الأزمات الدولية المتمثلة في إبقاء مثل هذه المحادثات المباشرة بين رؤساء الدول سرية، أو على الأقل خاصة لفترة زمنية مناسبة. ولكن كان الغرض من المحادثة هنا هو طمأنة الأمريكيين بأن إسرائيل لم يتم التخلي عنها ولم يعد الدعم غير المشروط مضمونا ما لم تغير أساليبها في التدخل في جهود المساعدات الدولية.
وبهذا المعنى، فإن السمة الأكثر خطورة في مبادرة العلاقات العامة المعقدة هذه كانت إدراج تعهّد بدعم الولايات المتحدة لنهج إسرائيل المناهض لإيران، مما يزيد من حوافز نتنياهو للتحريض على مواجهة مباشرة مع إيران لإخفاء إخفاقاته في الداخل – أي تدمير حماس وإطلاق سراح رهائن السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، لتجنب رد فعل عالمي ضد الشرعية الإسرائيلية واستعادة الشعبية بين الإسرائيليين.
المصدر: كاونتر بانش