الرئيسة \  مشاركات  \  الكلام : بين شَهوتَي قولِه و سَماعِه .. وبين واجبَي قوله وسماعه !

الكلام : بين شَهوتَي قولِه و سَماعِه .. وبين واجبَي قوله وسماعه !

25.07.2019
عبدالله عيسى السلامة




شهوة القول : قد يُبتلى أحد الناس ، بشهوة الكلام ، فيكون بلاءً ، على نفسه ، وعلى مَن حولَه؛ إذ لا يترك لأحد ، فرصة الكلام ، في أيّ مجلس يحضره ! فهو يتكلّم ، دائماً ، في أيّ موضوع، وبلا أي موضوع .. وحول أيّة فكرة ، أو قضية ، من أيّ نوع كانت .. وبلا أيّة فكرة أو قضية! وإذا أتيحت لأحد ، في المجلس ، فرصة ، لتقديم رأي ، أو اقتراح ؛ أمسك ، هو، بزمام القول، وأسهب في عَرض ماعنده ، حول ماهو مطروح ، ولو كان جاهلاً ، في المسألة المطروحة ، أو لم يكن يهتمّ بها ، أصلاً ، بل قد لايكون سمع بها ، البتّة ! المهمّ ، لديه ، هو أن يتكلّم ؛ فالمجلس الذي يحضره ، هو فرصة ذهبية له ، للكلام ، ولا شيء غير الكلام ؛ إذ ليس للكلام أهمّية ، أو قيمة ، سوى أنه يخرج من فمه ، وحدَه ، وأيّ كلام يقوله غيرُه ، لايُعدّ شيئاً ، في نظره ، سوى أنه سبب حرمان له ، من الوقت ، الذي يعرض فيه ، ماعنده ، من : آراء ، أو ذكريات ، أو غيبة للناس ، أو كلام مكرور، أعاده ، هو، نفسه ، مرّات عدّة ، في مناسبات عدّة، أمام الناس ، الذين يحضرون المجالس معه ! وإذا كان هذا الفرد ، من الناس ، بلاء ، على من يحضرون مجالسه ، فقد يكون نمطاً ، متعدّد الأسماء والأشكال والصفات ! وقد يدرك أحد أفراد هذا النمط ، أنه مبتلى بشهوة الكلام ، وقد يصرّح ، لمَن حوله ، معتذراً ، طالباً ، من شهود مجلسه ، عدم مؤاخذته ، على الاستطرادات ، في حديثه ، مصرّاً ، في الوقت ذاته ، على عدم ترك أحد يتكلّم ، مهما كانت حاجات الناس ، إلى سماع آراء بعضهم ، ملحّة ، ومهما كان لدى بعضهم ، من قضايا مهمّة ، يودّ أن يعرضها ، على الحاضرين ! 
شهوة السماع : أمّا شهوة السماع ، فهي مختلفة ، جدّاً ، عن شهوة الكلام ؛ إذ لاتكون شهوة السماع موجودة ، إلاّ عند أنواع معيّنة ، من البشر، مثل:
طلبة العلم ، الذين يحرصون ، على اقتناص كلّ فرصة ، لسماع ماينفعهم ، في مجال علمهم!
وبعض عناصر الأجهزة الأمنية ، أو الإعلامية ، الذين أدمنوا سماع الأخبار والأفكار، من غيرهم ، ليبنوا عليها مواقف ، في عملهم الأمني ، أو الإعلامي! ومثل غير هؤلاء وأولئك ، ممّن يحرصون على السماع!
واجب القول : عندما يكون الكلام واجباً ، على بعض الأشخاص ، يصبح إسماعه للآخرين، مهمّة ضرورية ؛ سواء أكان الكلام ، في مجال التعليم ، أو الإخبار، أو إرشاد الناس ، إلى أنواع معيّنة ، من العمل المهمّ ، أو من القرارات المهمّة ، في مجالس عامّة ، أو خاصّة !
واجب السماع : وقد يكون السماع واجباً ، على بعض الأشخاص ؛ لأنهم مكلّفون به ، لعمل يخصّهم ، أو يخصّ غيرهم، من جهات معيّنة: سياسية ، أو أمنية ، أو اجتماعية ، أو إعلامية، أو تجارية .. أو نحو ذلك ! وفي هذه الحال ، لا يَترك صاحب الواجب العاقلُ ، واجبَه ، دون أن يؤدّيه ! فإذا عجز، عن أدائه ، في مجلس ، فيه بعض الثرثارين ، المبتلَين بشهوة الكلام ، أو أشباههم ، رتّب لقاءات لاحقة ، مع الناس ، الذين عليه واجب إسماعهم كلامَه !