الرئيسة \  دراسات  \  القانون الدولي للمياه وحقوق المياه الفلسطينية ـ3ـ

القانون الدولي للمياه وحقوق المياه الفلسطينية ـ3ـ

21.06.2015
هدى جمال محمد الردايدة


الفصل الأول

الوضع القانوني للمجاري المائية الفلسطينية ومصادرها

The legal nature of the Palestinian water
 
بعد أن تم إستعراض تطور النظام القانوني للمجاري المائية الدولية الذي جاءت به كل من المعاهدات والاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف لا بد من توضيح النظام القانوني للمياه الفلسطينية وفقا للقانون الدولي، خاصة أن فلسطين مرت بمراحل مختلفة من الأنظمة السياسية بدءا بحكم الدولة العثمانية فالانتداب البريطاني في بداية القرن فالاحتلال الإسرائيلي لفلسطين التاريخية ومرحلة اتحاد الضفة الغربية إلى المملكة الأردنية وخضوع قطاع غزة للإدارة المصرية وصولا إلى نكسة حزيران عام 67 ورزوح فلسطين تحت الحكم العسكري الإسرائيلي من خلال الأوامر العسكرية الإسرائيلية التي تم إصدارها.
ولدراسة الطبيعة القانونية للمياه الفلسطينية قسمت الفصل الأول الى أربعة مباحث تحمل العناوين الآتية :-
 

المبحث الأول: النظام القانوني لقضية المياه في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفقا للقانون الدولي.

وسوف أقوم في المبحث الأول بدراسة ما تناوله كل من قانون الاحتلال الحربي متمثلة بلوائح لاهاي لسنة 1907 ومعاهدة جنيف الرابعة لسنة 1949 واللحقان الاضافيان لها اللذين اعتمدا سنة 1977  وقرارات منظمة الأمم المتحدة الصادرة عن كل من الجمعية العمومية ومجلس الأمن  الخاصة بمعالجة مشكلات الأقاليم الخاضعة إلى الاحتلال العسكري المباشر.
 
المبحث الثاني: موقف الاتفاقيات الثنائية بين السلطة الفلسطينية واسرائيل فيما يتعلق بحقوق المياه

 

 كما ساستعرض في المبحث الثاني المرحلة التي غيرت قليلا من الوضع القانوني لفلسطين _ذلك مع ازدياد محاولة المجتمع الدولي لإيجاد الحل الملائم في هذه القضية قام كل من الفلسطينيين ممثلين بمنظمة التحرير الفلسطينية والإسرائيليين مثليين بالحكومة الإسرائيلية_ بعقد الاتفاقيات الثنائية  بدأت باتفاق إعلان المبادئ (13 September 1993  (The Declaration of Principles  13/أيلول 1993 الموقع في واشنطن واتفاقية غزة آريحا(Gaza Jericho Agreement) 1994 والاتفاقية المرحلية(Interim Agreement) حول الضفة الغربية وقطاع غزة الموقعة في طابا في العام 1995 لإيجاد التسوية لهذا النزاع وغيرها من مشاريع الاتفاقيات التي ما زالت في طور المفاوضات والبحث في ملائمتها لكلا الطرفين.
 

المبحث الثالث: مصادر المياه الفلسطينية .

واستعرض في المبحث الثالث كافة مصادر المياه الفلسطينية كالمياه السطحية والأحواض الجوفية الموجودة في فلسطين.
 

المبحث الرابع: الطبيعة الفنية والقانونية للحوض الجوفي الغربي .

    أما في هذا المبحث درست كل ما يتعلق بالحوض الغربي من الناحية الفنية والقانونية .
 
 
المبحث الأول
النظام القانوني لقضية المياه في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفقا للقانون الدولي
     تعد قضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من أصعب القضايا التي تواجه المجتمع الدولي , إذ بدأ هذا الصراع منذ الانتداب البريطاني على فلسطين ومرورا بنكبة 1948 ونكسة 1967وخلالها عمل المجتمع الدولي باستمرار تحت مظلة هيئة الأمم المتحدة لحل هذه القضية إلا أنه ما زال عاجزا أمام الضغط الصهيوني و الأمريكي الذي يقف حجر عثرة أمام أية تسوية عادلة لإنهاء هذا النزاع .
      وكما أسلفت فإن فلسطين خضعت لأكثر من نظام قانوني وسياسي وإداري؛ إذ إنها عاشت مراحل مختلفة من أنظمة الحكم فقد خضعت للحكم العثماني قبل هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى وتعرضت للانتداب البريطاني الذي أعلن عنه رسميا من قبل عصبة الأمم في تاريخ 6 تموز 1921 ودخل حيز التنفيذ قانونيا منذ أيلول 1923 واستمر إلى قيام دولة إسرائيل في 15/5/1948(1) ونتيجة لقيام دولة إسرائيل ووجود الاعتداءات المستمرة وما صاحبها من وجود للقوات العربية المختلفة على الأراضي الفلسطينية أدى إلى اتحاد الضفة الغربية مع الأردن ونتيجة لذلك طبقت القوانين الأردنية على أراضي الضفة الغربية؛ وذلك عبر مرسوم أصدره قائد القوات الأردنية في ذلك الوقت. وكذلك أخضعت مناطق قطاع غزة للنظام المصري بسبب وجود القوات المصرية على تلك المناطق  نتيجة للعدوان الإسرائيلي المسلح عام 1967 على الدول العربية ونجاحها في إحكام سيطرتها على كامل الأراضي الفلسطينية خضعت مناطق الضفة الغربية منذ ذلك التاريخ للاحتلال الإسرائيلي ومن ثم لإدارة وإشراف قوات الاحتلال الإسرائيلي  عن طريق المراسيم العسكرية التي يصدرها الحاكم العسكري للمنطقة والتعديلات التي أجرتها على القوانين المطبقة على الأراضي الفلسطينية في ذلك الوقت،  وقد أدى ذلك إلى إخضاع الضفة والقطاع لإدارة الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل من قبل سلطات الاحتلال العسكرية باستثناء شرقي القدس التي ضمت رسميا إلى إسرائيل ونتيجة لهذا الاحتلال سيطرت إسرائيل على الموارد الطبيعية للمناطق المحتلة وفرضت العديد من القيود التي تحول دون الاستفادة منها. فسياسة الاحتلال الإسرائيلي صيغت بالشكل الذي يخدم مصالحه أولا وأخيرا دون أي مراعاة لقوانين البيئة وسلامتها.
 
      وبناء على ذلك أصبحت الموارد الطبيعية للبيئة محكومة تماما بأوامر الحكم العسكري التي تصدر تباعا الواحد تلو الآخر وتشكل هذه الأوامر في مجموعها المصدر الوحيد للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في المناطق المحتلة، وتنطلق هذه الأوامر بشكل أساسي من الاعتماد على قوانين الطوارئ التي كانت مفروضة على فلسطين الانتدابية ، ثم في ما بعد ، كما أسلفت ، على القوانين الأردنية الخاصة بالضفة الغربية. وهكذا يقوم المشرع الإسرائيلي بانتقاء القانون الملائم والمنسجم مع مصالح إسرائيل الاقتصادية والعسكرية ويطبقه على الحالة المطلوب منه البت فيها دون تقدير ما لهذه القوانين من أثر على البيئة. لذا يجب دراسة كافة الجوانب القانونية التي تنطبق على الحالة الفلسطينية وخاصة في ما يتعلق بالموارد الطبيعية لتعدد المراحل المختلفة التي عاشتها  الأرض الفلسطينية(1).
    وقد تناولت منظمة الأمم المتحدة قضية السيادة على الموارد الطبيعية في قرارات عديدة من قبل مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة التي حددت الوضع القانوني للمياه الفلسطينية بالإضافة إلى أنها اعترفت بتطبيق قانون الاحتلال الحربي (Occupier`s Law)على الأراضي الفلسطينية والذي يقضي أيضا بحماية الموارد الطبيعية وموارد المياه وذلك لإنهاء جانب من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المتعلق بالموارد المائية .
وستقوم الباحثة في هذا المبحث بدراسة كل من بنود اتفاقية جنيف الرابعة واللحقين الاضافيين لها ومعاهدة لاهاي الرابعة وأنظمة لاهاي الخاصة الملحقة بها والصادرة سنة 1907 ومدى ملائمتها للوضع الفلسطيني وكذلك بدراسة القرارات الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن والمتعلقة بوضع الموارد الطبيعية في فلسطين .
 
المطلب الأول

 بنود اتفاقية جنيف الرابعة واللحقين الإضافيان لسنة 1977 وأنظمة لاهاي لسنة 1907المتعلقة بالموارد الطبيعية

 
     نظرا لأن فلسطين تخضع لسلطة احتلال فلا بدّ من تناول قانون الاحتلال الحربي والبحث في ما نص عليه حول المصادر الطبيعية للدولة وخاصة المياه .
      إن القوانين المتعلقة بالاحتلال الحربي جرى تقنينها في اتفاقيات لاهاي لعامي 1899 و 1907 واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 واللحقين لعام 1977 والمتعلقة بحماية ضحايا النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية. إن ما يعنينا في هذه الدراسة هو ما تناولته تلك الاتفاقيات من بنود وقواعد خاصة بالمياه ومدى تطبيقها على الوضع الفلسطيني .
      بداية إن أهم المبادئ التي وردت في قوانين الحرب هي أن الاحتلال وضع واقعي لا يعطي المحتل حق السيادة على الأرض المحتلة؛ وهذا معناه أن الاحتلال لا يعني بأي حال من الأحوال امتلاك الإقليم الذي سيطر عليه أو تحويل السيادة عليه إلى سلطات الاحتلال . وكذلك فإن مبدأ عدم جواز الاستيلاء على الإقليم باستعمال القوة من أهم المبادئ التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة(1).
       لذلك سنتناول كلاً من لوائح لاهاي واتفاقية جنيف وملحقيها الأول الخاص بحماية المنازعات الدولية المسلحة والثاني الخاص بحماية المنازعات المسلحة غير الدولية وما تضمنه من نصوص بخصوص المصادر الطبيعية؛ وذلك من أجل تحديد الوضع القانوني للمياه الفلسطينية.
الفرع الأول
لوائح لاهاي والموارد الطبيعية
 
        لائحة لاهاي تناولت قانون حقوق الملكية في الاقاليم المحتلة عام 1907 الذي فرض قيود على العدو في ضبط واستخدام ممتلكات الاقاليم المحتلة ومن البنود التي نصت الممتلكات العامة في اللوائح ولم تتطرق الى المصادر الطبيعية ما يأتي:
  • المادة " 43 " من نظام لاهاي 1907 نصت على أنه " نظرا لأن السلطة قد انتقلت بالفعل إلى دولة الاحتلال فيتوجب عليها اتخاذ كل ما في وسعها من إجراءات وتدابير لتأمين نظام العمل والسلامة واستمرار الحياة الطبيعية إلى أقصى حد ممكن مع احترام القوانين السارية المفعول على الأراضي الخاضعة للاحتلال ما لم يحل دون ذلك حائل قطعي".
  • نصت المادة 46 من لوائح لاهاي على أنه " يجب احترام الملكية الخاصة(Private Property) وعدم مصادرتها " وقد ميزت لائحة لاهاي بين ممتلكات الدولة "الممتلكات العامة" والممتلكات الخاصة التي تعود الى الافراد؛ وكذلك قام فقهاء القانون الدولي عند تناول موضوع حقوق الملكية تحت الاحتلال بالتمييز بين نوعين من الممتلكات وهي العامة والخاصة ويتضح الفرق بين نوعي الملكية في نظرهم من خلال معاملة المحتل لهذه الاملاك(1) .
  • نصت المادة 52 من لوائح لاهاي على أنه " لا يطلب من البلديات أو السكان تقديم أموال عينيه أو خدمات إلا إذا كانت لاحتياجات جيش الاحتلال " ونتبين بأنه لا يجوز تحويل الخدمات إلا لضرورات تأمين حاجيات القوات المسلحة وضمن الحدود الطبيعية وهذه المادة تحرص على التمسك بالمقتضيات الإنسانية وإقامة التوازن بين المعاملة الإنسانية والضرورة العسكرية وعليه يكون معيار التعويض هو الظروف الطارئة والحاجة العسكرية وهذا يعطي حصانة لقوات الاحتلال للاستيلاء على الممتلكات الخاصة وبالنسبة الى التعويض ينظر الى الحاجة الضرورية لهدم الممتلكات وعليه تقدر التعويضات التي يجب دفعها.
  • قدمت المادة " 55 " من لوائح لاهاي التكييف القانوني لسلطات الاحتلال؛ إذ نصت على أنه "يتوجب على الدولة التي تمارس احتلالها العسكري لأراضي الغير أن تعد نفسها سلطة إدارية ومنتفعة من الخدمات العامة يترتب عليها حماية رأس مال هذه الأموال العامة وإدارتها بشكل متطابق مع القواعد المتعارف عليها والمتعلقة بالانتفاع بها "(2) ويجد فقهاء القانون الدولي أنه يجب على القوات المحتلة الإمتثال إلى المتطلبات الأساسية في أعمالها والتقليل إلى أدنى حد من تدمير القيم والمحافظة على الموارد المادية في المناطق المحتلة.
      هذا ما تناولته لوائح لاهاي من بنود تتعلق بالموارد الطبيعية للدول ومن ضمنها الموارد المائية التي يجب حمايتها والمحافظة عليها أثناء النزاعات المسلحة ويجب أن تلتزم بذلك كافة دول العالم.
      ونتيجة للنزاعات المسلحة التي انتشرت بعد الحرب العالمية الثانية أصبح عدم جواز الاستيلاء على الإقليم بالقوة من المبادئ الأساسية في القانون الدولي والذي تضمنته كافة المواثيق الدولية وتبناه الفقه الدولي، وعمل به القضاء الدولي، وهذا المبدأ يستند إلى ثلاثة مبادئ هي :
  1. مبدأ تحريم اللجوء إلى استخدام القوة في العلاقات الدولية.
  2. مبدأ عدم جواز استفادة المعتدي من ثمار عدوانه.
  3. مبدأ الحق في تقرير المصير.
 
الفرع الثاني
اتفاقية جنيف الرابعة والموارد الطبيعية
     لم تضمن اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 أي نصوص واضحة تتعلق بحماية المصادر الطبيعية بما فيها المياه وانما تضمنت تفسيرا للمخالفات الجسيمة التي ترتكب ضد الموارد الطبيعية وذلك في المادة " 147 " من الباب الرابع القسم الأول إذ نصت على أن " المخالفات الجسيمة هي التي تتضمن أحد الأفعال التي حددتها اتفاقية جنيف في ما إذا اقترفت ضد أشخاص محميين أو ممتلكات محمية بالاتفاقية من مثل؛ القتل العمد ... وتدمير الممتلكات واغتصابها على نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية"(1) .
      وهنا نلاحظ بأن اتفاقية جنيف الرابعة نصت بشكل عام على حماية الممتلكات العامة والخاصة التي تتعلق بالافراد او الدولة او السلطات العامة التي لا يجوز تدميرها دون حاجة عسكرية ملحة وذلك في المادة(53) من الاتفاقية وقرر حمايتها من أعمال التدمير أو الاغتصاب واعتبرت الاعتداء عليها من قبيل الانتهاكات الجسيمة في المادة 147، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي قد خرق تلك القواعد القانونية بارتكابه لأفعال الحرق والتدمير للمنشآت العامة دون وجود ضرورة تقتضي ذلك وبارتكابها لأعمال التدمير للآبار المائية الموجودة في الضفة الغربية إثر احتلالها لأراضيها وفرض الأوامر العسكرية التي تمنح الحاكم العسكري الحكم المطلق في إدارة الموارد المائية بذلك مرتكبة للمخالفات الجسيمة التي نصت عليها الاتفاقية. ومن هذه الأفعال تدمير الآبار المائية المحيطة بالحوض الغربي والسيطرة على 37 بئراًوصعّب الاحتلال الوصول الى 30 بئراً وتقوم اسرائيل بنقل النفايات السامة من داخل إسرائيل إلى قرية الشوفة في طولكرم مما يعمل على تلويث المياه وهجر الآبار المائية(2) .
     ومنذ خضوع فلسطين للاحتلال العسكري الإسرائيلي طبقت اتفاقية جنيف الرابعة عليها من قبل منظمة الأمم المتحدة وتمسكت فلسطين باتفاقية جنيف الرابعة واعترفت بقواعدها ذلك أنها خاضعة لقوة احتلال وعملت جاهدة لتطبيق قواعد اتفاقية جنيف على أراضيها إلا أن موقف إسرائيل متباين بالنسبة لاعترافها بقواعد اتفاقية جنيف الرابعة  وهي تستند في عدم تنفيذها لقواعد جنيف بأنها لم تدمج في القانون الوطني بنص تشريعي إضافة إلى ادعائها بأنها لا يمكنها تطبيق الاتفاقية إلا بتوافر ثلاثة شروط هي:
1- قيام دولة باجتياح أراض تابعة لدولة العدو واحتلالها، وهنا ترى إسرائيل بأنها حررت الأراضي الفلسطينية من الأردن ومصر باعتبارهما الدول التي اجتاحت الأراضي الفلسطينية.
 2- تواصل الاشتباكات المسلحة
3-عدم توقيع اتفاق هدنة مع الأطراف المتنازعة(1) .
       في مقابل كافة هذه الحجج المرفوضة دوليا فان المادة السادسة (6)من اتفاقية جنيف نصت على أنه يتوقف تطبيق نصوص هذه الاتفاقية في الأراضي المحتلة بعد مرور عام على انتهاء العمليات العسكرية لكن نصوصها تبقى ملزمة لسلطات الاحتلال ما دامت مستمرة في ممارسة الاختصاصات الحكومية ضمن هذه الأراضي.
 
     ووفقا لهذا الرأي فإن إسرائيل خرقت المادة 31/3 ب من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات عام 1969 التي تنص على واجبات الدولة الطرف في الاتفاقية والتزاماتها لتطبيق المعاهدات والاتفاقيات وتفسيرها في ما بين الدول وفقا لمبادئ القانون الدولي وقانون المعاهدات وليس وفقا للقوانين الوطنية(2) ، ويرى الدكتور عبدالله ابوعيد أن هذا الرأي غير دقيق حيث أن هذه المادة تشير إلى إحدى وسائل تفسير المعاهدات، وهو الاعتماد على أية قواعد قانون دولي مطبقة في العلاقة بين الطرفين ثم يجب الا ننسى بأن اتفاقية اعلان المبادئ لا تعتبر معاهدة دولية كما وأن المادة 3 منها تنص على عدم انطباقها على المعاهدات التي يكون أحد أطرافها ليست دولة.

الفرع الثالث

اللحقان "البروتوكولان"الإضافيان إلى اتفاقيات جنيف والموارد الطبيعية
 
البرتوكول الأول لاتفاقية جنيف المتعلق بحماية ضحايا النزاعات الدولية المسلحة الصادر سنة 1977 جاء أكثر وضوحا من الاتفاقية في تقرير حماية الأعيان المدنية؛ إذ تناول كافة أوجه الأعيان المختلفة من موارد طبيعية ومنشآت وممتلكات عامة ، كذلك شمل كافة الأفعال من مهاجمة أو تدمير أو نقل للأعيان والموارد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين، ومنها مرافق المياه وشبكاتها ومنشآت الري، وهذا ما تناولته المادة 48 التي نصت على ضرورة أن "تعمل أطراف النزاع على التمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، ومن ثم توجه عملياتها ضد الأهداف العسكرية دون غيرها، وذلك من أجل تأمين حماية السكان المدنيين والأعيان المدنية"  وبذلك تكون المادة قد فرقت ما بين المدنيين والمقاتلين والاهداف العسكرية والمدنية وبالتالي أخضعت المدنيون والاهداف المدنية لحماية وسلطان مبادئ القانون الدولي كما استقر عليها العرف ومبادئ الانسانية وما يمليه الضمير العام . وتناولت المادة 5 الحماية العامة للأعيان المدنية وتناولت المادة 53 حماية الأعيان الثقافية وأماكن العبادة بينما تناولت المادة 55 موضوع حماية البيئة الطبيعية، إذ نصت على النقطتين الآتيتين " أولا: تراعى أثناء القتال حماية البيئة الطبيعية من الأضرار البالغة واسعة الانتشار وطويلة الأمد، وتتضمن هذه الحماية حظر استخدام أساليب أو وسائل القتال التي يقصد بها أو يتوقع منها أن تسبب مثل هذه الأضرار بالبيئة ومن ثم تضر بصحة أو بقاء السكان.
ثانيا:تحظر هجمات الردع التي تشن ضد البيئة الطبيعية".وقد وردت هذه المواد في الملحق الأول من اتفاقية جنيف.
     أماالبرتوكول الثاني المتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية، فقد تطرق إلى حماية الموارد الطبيعية في كل من المادة 14التي تناولت موضوع حماية الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة ؛إذ نصت على ضرورة أن " يحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب القتال ومن ثم يحظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، ومثالها المواد الغذائية والمناطق الزراعية التي تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري" وجاءت المادة 15 أيضا من الملحق الثاني لحماية الأشغال الهندسية والمنشآت المحتوية على قوى خطرة من مثل السدود والجسور والمحطات الكهربائية إذ حظرت اتخاذها أهدافا عسكرية(1).
 
يجب التنويه الى أن البروتوكول الأول هو الذي يتم تطبيقه وإعماله على الحالة الفلسطينية إذ أن المادة 1/4 من البروتوكول الأول تضمنت نطاق وحالات تطبيق البروتوكول الأول ومنها المنازعات المسلحة التي تناضل بها الشعوب ضد التسلط الاستعماري والاحتلال الاجنبي وضد الأنظمة العنصرية ، وذلك في ممارستها لحق الشعوب في تقرير المصير كما كرسه ميثاق الأمم المتحدة والاعلان المتعلق بمبادئ القانون الدولي الخاصة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول طبقا لميثاق الأمم المتحدة. وفلسطين خاضعة لهذا الاحتلال منذ عام 48 وتعمل على التحرر منه بكافة الأساليب المتاحة لتقرر مصير شعبها.
     بالإضافة إلى المواد السابق ذكرها في اتفاقية جنيف وبروتوكوليها التي حظرت جميع أعمال التدمير والهجوم والسلب والإخراج من الخدمة لما هو ضروري لبقاء السكان المدنيين من مثل المواد الغذائية والمنتجات الزراعية والحيوانية والمنشآت والمشاريع الاروائية والتخزينية للمياه.
      ومما سبق نلاحظ بأن كافة النصوص السابقة تحظر جميع الأعمال التي تقوم بها القوات المحتلة لأي بلد ما تهدف من ورائها الإساءة إلى السكان المدنيين والى الممتلكات الطبيعية المملوكة للدولة الواقعة تحت الاحتلال، وذلك لأنها تخضع لحماية القانون الدولي الإنساني.
الفرع الرابع
النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وإمكانية تطبيقه على أراضي الضفة الغربية
 
       عندما تناولت الباحثة لكافة المواد التي وردت في قانون الاحتلال الحربي وجدت بأن إسرائيل ارتكبت مخالفات جسيمة ضد الأشخاص والممتلكات العامة والخاصة وذلك عندما دمرتها واستولت عليها دون وجود ضرورة عسكرية تقتضي ذلك وتبينت بأن تلك المخالفات تعد جريمة من الجرائم التي وردت في المادة الخامسة من ميثاق النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لسنة 1998 ، ومن أهم تلك الأعمال سيطرة اسرائيل على منابع نهر الليطاني والجولان وغزة ونهر الأردن حيث استولت على غالبية حصة الأردن المائيه من النهر، وكذلك سيطرة الاسرائيلين وإحكام قبضتهم على المناطق الوعرة في الأحواضالثلاثة في الضفة من خلال الجدارين الغربي الذي تم انشاؤه والشرقي المخطط له وهكذا تكون استولت على كافة الأبار المائية المحيطة بالأحواض(1). كذلك تم نقل ودفن 6000 طن من المواد السامة والنفايات من داخل اسرائيل الى قرية الشوفة في طولكرم وتم إدخال تلك النفايات والمواد السامة إلى منطقة إم التوت في جنين وقلقيلة وطولكرم شمال الضفة الغربية حيث يتم التخلص منها في الأراضي والوديان الفلسطينية وأهم اسلوب تتبعه اسرائيل في تلويث المياه الفلسطينية يكون من خلال تصريف المياه العادمة إذ أن كميات المياه العادمة التي تنتج عن 200 ألف مستوطن والتي تصب في مياه الضفة تصل إلى 57 مليون متر مكعب سنوياً في حين أن نسبة المياه العادمة التي تنتج مليونين فلسطيني تصل في السنة الى 30 مليون متر مكعب لكل سنة، وكذلك تعمل إسرائيل على نقل المصانع التي تنتج مواد خطرة للبيئة إلى مستوطنات الضفة الغربية حيث يتم التخلص من نفايات المصانع في أراضي الضفة الغربية ومن هذه المصانع "مصانع للحديد /ألمونيوم / مصانع غذائية /تكرير زيوت /ذخيرة عسكرية /كمامات واقية من الغازات /صهر معدات" وكلها في النهاية تنتج مواد خطيرة سواء كانت كيماوية أو عناصر ثقيلة تتسرب داخل طبقات الأرض وتؤدي الى تلوث المياه الجوفية .
بالإضافة إلى كل الافعال السابقة قامت اسرائيل بسرقة 200 م م3 من المياه الجوفية الفلسطينية في غزة منذ السبعينات وذلك بحفر عشرات الآبار التي تقع بالقرب من مصادر المياه الجوفية مما أدى إلى نضوبها. نتيجة لسياسة المياه الإسرائيلية يوجد 150 قرية في الضفة الغربية تعاني من نقص المياه ولا ترتبط بشبكة المياه حتى هذا اليوم مثل قرية بيت دجن في نابلس(1) .
  وقد عدّ النظام الأساسي للمحكمة تلك الأفعال من الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية وجرائم الحرب والعدوان والإبادة الجماعية ومنح الدول الموقعة على نظامها الحق في محاكمة مرتكبيها بغض النظر عن جنسية مرتكبيها، إذ إنها أنشئت من أجل المحافظة على الإنسانية جمعاء، وبناء على ذلك فان السياسة المائية التي تتبعها إسرائيل للاستيلاء الكامل على مصادر المياه وتغيير مجراها الطبيعي والسيطرة عليها وإرتكاب أفعال مخالفة للأعراف والقوانين الدولية بحق الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال الإسرائيلي. وهو ما يوجب على الدول الموقعة على النظام الأساسي للمحكمة بالمطالبة بتقديم الإسرائيليين الذين ارتكبوا تلك الأفعال إلى المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية.
    وقد تناول النظام الأساسي للمحكمة الجنائية المعروف بنظام روما الخاص بإنشاء المحكمة لعام1998 في المادة 8/2/أ تعريف جرائم الحرب بأنها؛ المخالفات والانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف عام (2)1949.
     ووردّ تعريف الجرائم ضد الإنسانية في المادة 7/1ك من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية وتمثلت هذه الجرائم بكل عمل غير إنساني يرتكب ضد جماعة أو جماعات معينة لأسباب سياسية أو دينية أو عرقية.
     وفي ما يخص جريمة العدوان فقد أحيل إلى جمعية الدول الأطراف للنظام الأساسي للمحكمة بتكييف الفعل الذي يقدم للمحكمة شكوى بسبب ارتكابه أو رفعت إليها دعوى للنظر فيها في ما إذا كان الفعل يشكل جريمة عدوان أم لا وفي حال كيّف الفعل بأنه عدوان فإن المسؤولية المترتبة على تلك الجريمة مسئولية مزدوجة إذ تسأل الدولة المعتدية دوليا عن أعمالها العدوانية ويسأل أيضا الأشخاص الطبيعيون المسؤولون عن ارتكاب الجريمة باسم الدولة أمام المحكمة الجنائية الدولية (3).
 
     وقد وردت تعريفات متعددة للعدوان ويمكننا أن نعرفه بشكل عام بأنه ؛ انصراف إرادة الدولة المعتدية إلى المساس بسيادة الدولة المعتدى عليها أو المساس بسلامتها الجغرافية أو السياسية.
      وبالنظر إلى تعريفات الجرائم السابقة نجد أن الممارسات الإسرائيلية التي نفذت في زمن الحرب أو في زمن السلم تعد جرائم مرتكبة بحق الفلسطينيين ويمكن المطالبة بتقديم العسكريين أو الأشخاص الذين قاموا بتلك الأفعال إلى المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية ويعدّ استنزاف الموارد الطبيعية وخاصة المياه جريمة ترتكب بحق الفلسطينيين؛ إذ تؤدي إلى إصابتهم بأمراض مختلفة بالإضافة إلى عدم الحصول على احتياجاتهم من المياه مما يؤدي إلى تكّون جريمة الإبادة وجريمة ضد الإنسانية، وأيضا الأعمال التي نفذتها إسرائيل بتدمير المنشآت والبنى التحتية الخاصة بالموارد المائية بعد العدوان والجرائم المرتكبة زمن الحرب هي من النوع الذي تسأل عنها الدولة المعتدية أمام المحكمة الجنائية الدولية,وهذا يتحقق عندما ترفع دولة ما دعوى أمام المحكمة للمطالبة بالتحقيق في الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل ويجب أن تكون تلك الدولة طرفاً في النظام الأساسي للمحكمة وموقعة عليه(1).
     بعد العرض الذي قدمته الباحثة لما ورد من قواعد ونصوص في قانون الحرب المتعلقة بالموارد الطبيعية وما جاء به النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية,ألا تعد إسرائيل مرتكبة لجريمة من الجرائم التي يعاقب عليها المجتمع الدولي؟ ألم ترتكب جريمة ضد الإنسانية؟ أليست الأعمال التي نفذتها وما تزال تنفذها عندما تجلب سكانها من شتى أنحاء العالم وتوطنهم في الأراضي التي تضع يدها عليها بالقوة بهدف إقصاء الفلسطينيين عن أراضيهم وتجويعهم وإهانة كرامتهم وحرمانهم من مواردهم المائية التي هي أساس حياتهم الاقتصادية والاجتماعية التي لا غنى عنها لبقائهم بالإضافة إلى تدمير ممتلكاتهم وإنشاءاتهم الضرورية لاستقرار حياتهم واستنزاف مياه الآبار التابعة للمواطنين الفلسطينيين.أليس كل ما ذكر يعد جريمة حرب في نظر القانون الدولي؟
      ووفقا لتلك الأفعال التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي نتبين بأنها ارتكبت أفعالاً تعاقب عليها بموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ذلك أن تدمير المنشآت العامة للدولة يعد جريمة عدوان ،فهو مساس بسيادة الدولة بالإضافة إلى أن هذا الفعل يلحق أضرارا بالمدنيين فنقص المياه يؤدي إلى المساس بحق الحياة لمواطني الدولة. ولا نغفل أن نذكر هنا بأن إسرائيل سمحت بتسميم آبار المياه لمنع الفلسطينيين من استخدامها في منطقة شمال الضفة الغربية.
 
المطلب الثاني
قرارات منظمة الأمم المتحدة الخاصة بالموارد الطبيعية"الثروة المائية" للأراضي المحتلة متمثلة في قرارات كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن .
 
    أصدرت منظمة الأمم المتحدة العديد من القرارات التي تتعلق بالقضية الفلسطينية من كافة نواحيها وقد أولت اهتماما خاصاً بالمصادر المائية في فلسطين فقد أصدر كل من مجلس الأمن والجمعية العمومية للمنظمة العديد من القرارات التي تخص موضوع المياه في الأراضي المحتلة التي سنعرض لها على النحو الآتي :
الفرع الأول

قرارات الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة حول المياه الفلسطينية

 
     منذ احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية كان الشغل الشاغل لهيئة الأمم المتحدة إصدار القرارات الخاصة بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي بكافة جوانبه، وتعد مسألة المياه من المسائل المهمة للقضية الفلسطينية ولأهميتها، أصدرت قرارات خاصة بالموارد الطبيعية للأراضي الفلسطينية ومن ضمنها المياه من قبل كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن,الجهازان الرئيسان للمنظمة.
     وقد صدرت عن الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارات عديدة اهتمت بموضوع الموارد الطبيعية ومن هذه القرارات القرار رقم 2727 الذي صدر بناء على توصيات اللجنة السياسية الخاصة بفلسطين عام 1970. وتضمنّ القرار الحرص الشديد على سلامة سكان الأقاليم الخاضعة للاحتلال العسكري والتحقيق في الممارسات الإسرائيلية التي تمس بالأراضي المحتلة وتضرها والتأكيد على مسألة السيادة الدائمة على المصادر الطبيعية الفلسطينية(1).
 
     نتبين هنا بأن القرار لم يحصر ما تقوم به إسرائيل من إجراءات في الأراضي المحتلة؛ إذ إنه أبقى التحقيق في أي فعل ترتكبه إسرائيل يلحق ضررا بالأراضي المحتلة، وتطرق إلى مسألة الموارد الطبيعية ويدخل ضمنها الموارد المائية سواء السطحية أم الجوفية منها، وقد صدر هذا القرار لمصلحة الشعب الفلسطيني، وبناء عليه يعطي حق السيادة على الموارد المائية للفلسطينيين ومن ثم لا يحق لإسرائيل القيام بأي فعل من شأنه إلحاق الضرر بهذا المورد الطبيعي.
      ومن تلك القرارات أيضا القرار رقم 3005 الصادر سنة 1972 الذي أكدّ على حق الفلسطينيين في السيادة على ثرواتهم الطبيعية بما فيها المياه، والقرار رقم 186 لسنة 1976؛ إذ تناول السيادة الدائمة على المصادر الطبيعية للأراضي المحتلة وحقها في استعادة مصادرها الطبيعية بشكل كامل وحقيقي بما فيها الموارد المائية ،والحصول على تعويض كامل لما تعرضت له هذه الموارد من خسارة واستنزاف و ضرر(1) . وفي العام 1973 وجهت الجمعية العامة الاهتمام الى هذه المشكلة العامة في الارض الفلسطينية المحتلة بصدور القرار رقم 3175 (د-27) والمعنون " السيادة الدائمة على الموارد الوطنية في الاراضي المحتلة" .
     وباستقراء القرارات السابقة الذكر نجد بأنها أكدت على حق الفلسطينيين في فرض سيادتهم على المصادر الطبيعية الموجودة في أراضيهم عن طريق فرض أنظمة وقوانين خاصة بحماية الثروات الطبيعية والعمل على استعادة الموارد التي فرضت إسرائيل سيطرتها عليها ومطالبة إسرائيل بالتعويضات عن الخسائر التي لحقت بالموارد الطبيعية جراء استخدامها بشكل ألحق الضرر بها .
     وبالاطلاع على معظم تلك القرارات الخاصة بالموارد الطبيعية ترى الباحثة بأن هذه القضية قد حازت موقعا لا بأس به في القرارات التي أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ أصدرت الأخيرة قرارات عديدة خاصة بالسيادة الدائمة على الموارد الطبيعية، إذ إنها تشكل مظهراً من مظاهر الحق في تقرير المصير، وقد أكدت الجمعية العامة مرارا وتكرارا وما تزال على السيادة الدائمة للمصادر الطبيعية وعدم شرعية الممارسات والتدابير التي تتخذها إسرائيل للسيطرة على تلك الموارد ومطالبتها بتطبيق الالتزامات المترتبة عليها بوصفها دولة الاحتلال وفقا لمبادئ وأحكام قانون الحرب، إذ أصدرت الجمعية العامة قراراتها بناء على مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، التي أكدت على أن اتفاقية جنيف الرابعة ولوائح لاهاي الخاصة بحالة الحرب وحماية الأشخاص المدنيين وقت النزاع المسلح تنطبق على الأراضي الفلسطينية.
      وبالنسبة لوضع الأراضي الفلسطينية جاء القرار الفقهي لجمعية القانون الدولية رقم (75) الصادر عام 1976 بخصوص حماية الموارد والمنشآت المائية إذ نص في فقرته الثالثة على"أنه لا يجوز تحويل مصادر المياه لتحقيق غايات عسكرية، خاصة عندما يؤدي ذلك إلى حصول معاناة للسكان المدنيين أو أضرار جسيمة للتوازن البيئي", وجاءت الفقرة السادسة خاصة بالأراضي المحتلة ونصت على أنه"يجب منع إجراءات المصادرة والتخريب للمنشآت المائية التي تعد ضرورية لصحة السكان المدنيين وبقائهم".وهنا يتضح لنا بأن المجتمع الدولي يولي أهمية خاصة لوضع الموارد الطبيعية في الأراضي المحتلة(2) إلا أن هذا النص غير ملزم لاسرائيل.
      وأيضا عندما عقد مؤتمر الأمم المتحدة عام 1977 حول المياه صدر القرار رقم (10)الذي يدور حول السياسة المائية المتبعة في الأراضي الفلسطينية وقد عبر عن قلق المجتمع الدولي العميق من مسألة الاستغلال غير المشروع لمصادر المياه المملوكة للشعوب والدول الخاضعة للاستعمار والسيطرة الأجنبية، وخاصة الإجراءات التي تقوم بها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
       نشير إلى أن المادة العاشرة "10" من ميثاق الأمم المتحدة أعطت الجمعية العامة (General Assembly)الحق في مناقشة أية مسألة أو أمر يدخل في نطاق الميثاق أو يتصل بسلطات أو وظائف أي جهاز من أجهزة المنظمة، ولها أن تصدر توصيات في المسائل المتعلقة بالميثاق، إلا أنه لا يحق لها تقديم أية توصية في حال مباشرة مجلس الأمن النظر في النزاع، إلا إذا طلب إليها مجلس الأمن ذلك(1) .
     ونستخلص مما سبق أن القرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية التي صدرت عن الجمعية العامة بخصوص الموارد الطبيعية الخاصة بالأراضي المحتلة تعد مجرد توصيات وآراء استشارية خالية من صفة الإلزام ولا يترتب أي عقاب أو جزاء لعدم الالتزام بها؛ لأنها لا تتمتع بصفة الإلزام القانوني إلا أن هناك قرارات اتخذت بالاجماع دون اعتراض وأخذت بها الدول الفترة معقولة فتحولت في نظر الكثير من خبراء القانون الدولي الى عرف دولي مثل القرار 1514 لسنة 1960 والقرار 2625 لسنة 1970.
الفرع الثاني
مجلس الأمن والقرارات الصادرة عنه المتعلقة بالموارد الطبيعية
Security Council Resolution
    إضافة إلى القرارات التي أصدرتها الجمعية العمومية للأمم المتحدة  فقد أصدر الجهاز التنفيذي للمنظمة (مجلس الأمن) المسؤول عن حفظ الأمن والسلم الدوليين قرارات عديدة تخص القضية الفلسطينية من جميع جوانبها وتدين التصرفات التعسفية التي تمارسها قوات الاحتلال وأشهر قرارات مجلس الأمن الخاصة بهذه القضية القرار رقم 242 الصادر سنة 1967 الذي جاء في مقدمته إن مجلس الأمن إذ يعبر عن قلقه المستمر للموقف الخطير في الشرق الأوسط فإنه يؤكد على عدم شرعية الاستيلاء على أراض عن طريق الحرب(2) .
وكذلك القرار رقم 338 لسنة 1973 وملخص هذين القرارين كان المطالبة بانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة دون قيد أو شرط.
يرتبطان هذين القرارين بالمناطق التي يجب على القوات المحتلة الانسحاب منها حيث أن الأحواض المائية الجوفية في فلسطين تغطي المناطق التي تم السيطرة عليها وطالب مجلس الامن الانسحاب منها من خلال القرارين السابقين وبذلك يكون الانسحاب من تلك المناطق عودة الموارد المائية والطبيعية للسيادة الفلسطينية.
      واعتمد مجلس الأمن قرارات عديدة تؤكد على مسألة السيادة الدائمة(Parment Sovereignty) للشعب الفلسطيني على مصادره الطبيعية ومن هذه القرارات:القرار رقم 446 الصادر سنة 1979 فقد وجه هذا القرار إلى"اللجنة السياسية الخاصة بالأراضي المحتلة للقيام بدراسة الوضع الناشئ عن الاستيطان الإسرائيلي وآثاره على الانخفاض الخطير لمصادر المياه وذلك لتأمين الحماية للمصادر الطبيعية والثروات الحيوية للأراضي العربية المحتلة(1) .
 
     وكذلك القرار رقم 465 لعام 1980 الذي ينص على أنه "يجب اتخاذ إجراءات سريعة لتأمين الحماية الضرورية للأراضي والأملاك الخاصة ولمصادر المياه في الأراضي المحتلة".وغيرها من القرارات التي أكدت على ضرورة حماية المصادر الطبيعية الخاصة بالفلسطينيين ونتيجة لصدور تلك القرارات اتخذت اللجنة  السياسية الخاصة بفلسطين بعض الإجراءات الضرورية لتحقيق هدف الاستخدام العادل لمصادر المياه وبصوره مستقلة عن السياسة الإسرائيلية التي تستنزف هذه المصادر بشكل يضر بمصالح الشعب الفلسطيني ونشاطاته الزراعية والاقتصادية، وما زالت هذه اللجان تسعى إلى تحقيق مبدأ الاستخدام العادل والمنصف لمصادر المياه(2) .
     أما بالنسبة لقوة القرارات الصادرة عن مجلس الأمن فتعد ملزمة لأعضاء المجتمع الدولي؛ وذلك لأن الدول قد تعهدت في المادة الخامسة والعشرين (25) من ميثاق الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها إلا أنها لا تعتبر بحد ذاتها قاعدة قانونية كمصدر قانوني دولي فهي ملزمة سياسياً للدول الاعضاء  .
     لقد درست الباحثة ما جاء في كل من قانون الاحتلال الحربي والقرارات الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة المتعلقة بالمصادر الطبيعية للدول وخاصة البنود التي تناولت الثروة المائية.
وقد بات ضروريا هنا أن أتناول ما جاءت به الاتفاقيات الثنائية الفلسطينية الإسرائيلية وما تناولته حول المياه من أجل الوصول إلى حقيقة الوضع الراهن لمصادر المياه في الضفة الغربية
المبحث الثاني
 
موقف الاتفاقيات الثنائية بين السلطة الفلسطينية واسرائيل فيما يتعلق بحقوق المياه
 
      إن الجانب القانوني للاتفاقيات الثنائية للمياه يعتمد على علاقات سياسية جيدة بين الدول صاحبة المصلحة في استخدام المجرى المائي أكثر من وجود قانون خاص بكيفية استخدام المجرى المائي بينهما، وكما ذكرت فإن فلسطين مرت بمراحل سياسية عديدة أهمها مرحلة المفاوضات التي بدأت ثمارها تظهر في مؤتمر مدريد للعام 1993 فهي التي أنشأت الكيان الوجودي للسلطة الوطنية الفلسطينية وتطرقت إلى مسائل عديدة تخص الوضع الفلسطيني ويجب معالجتها من أجل الوصول إلى حلول عادلة بشأنها ومن هذه المسائل؛ المصادر الطبيعية التي تعود ملكيتها إلى الفلسطينيين وأهمها المصادر المائية ؛لذلك سأتناول ما جاءت به تلك الاتفاقيات بخصوص المياه وكيفية معالجتها لتلك المسألة.
 
المطلب الأول
الاتفاقيات الفلسطينية الإسرائيلية وما تضمنته حول المياه
     عقدت اتفاقيات عديدة بين الإسرائيليين والفلسطينيين منذ عام 1993بدءا بإعلان المبادئ ومرورا باتفاقية غزة آريحا إلى اتفاقية طابا 1995 المعروفة باتفاقية أوسلو2 وانتهاء بالمفاوضات التي ما زالت مستمرة بين الطرفين منذ العام 2000 وتسعى السلطة الفلسطينية لإنهائها من أجل الوصول إلى الحل العادل لكافة المسائل العالقة في ضوء المعطيات الموجودة على أرض الواقع وسوف نبحث كل الاتفاقيات السابقة الذكر وما تضمنته بخصوص مصادر المياه الفلسطينية.
الفرع الأول
اتفاقية إعلان المبادئ Declaration of Principles
     يشكل إعلان المبادئ أول اتفاقية ثنائية بين فلسطين وإسرائيل وقد وقعت هذه الاتفاقية بتاريخ 13 أيلول 1993،وبموجب هذه الاتفاقية تبحث قضايا المياه في سياق مداولات اللجنة الفلسطينية الإسرائيلية الدائمة للتعاون الاقتصادي،وقد اتفق على إعداد خطط خاصة بحقوق المياه والاستخدام المتساوي للمصادر المشتركة،إلا أن هذه الاتفاقية لم تحدد الحقوق المائية لكلا الطرفين(1).
لم تشر اتفاقية إعلان المبادئ(1) إلى مسألة المياه بصراحة وإنما تداولتها  الاتفاقية ضمن الاختصاصات الواجب تحويلها إلى سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني إذ نصت في البند "7" على إنشاء إدارة فلسطينية للمياه؛ وذلك دون تفصيل لكيفية إنشائها وتشكيلها أو صلاحياتها والبند "9" من الاتفاقية المذكورة نص على ما يأتي :
 "1- يجب على المجلس التشريعي اعتماد التشريعات اللازمة في كافة المجالات الداخلة في مجال اختصاصه.
 2- للمجلس التشريعي تعديل الأوامر العسكرية "(2).
 
      أعطت هذه المادة الصلاحية للسلطة الفلسطينية بالتحكم في مواردها المائية وفسرتها إسرائيل على أنها وضعت لينص المجلس على التشريعات الخاصة به وليس لفرض السيادة على الموارد المائية. بالإضافة إلى أن الأوامر العسكرية ما زالت سارية على المياه ولم تلغها القوانين الفلسطينية وبقيت الموارد المائية تحت السيطرة الفعلية لإسرائيل(3).
      وقد تضمنت هذه الاتفاقية في ما يتعلق بالمياه البند الأول من الملحق رقم "3" (برتوكول حول التعاون الفلسطيني الإسرائيلي)الذي شمل مختلف مجالات الاقتصاد والتنمية بما فيها المياه حيث نص البند على ما يأتي :
" لقد اتفق الجانبان على التعاون في حقل المياه بما فيه برنامج تطوير مائي يحضره الخبراء من الجانبين و سيوضح طريقة التعاون في إدارة مصادر المياه في الضفة الغربية وغزة وسيحوي اقتراحات للدراسات وخططاً للحقوق المائية لكل طرف .وكذلك الحال الاتفاق على الحقوق والاستغلال المشترك والاستفادة من مصادر المياه المشتركة من أجل تنفيذها حاضراً وما بعد فترة الحكم الذاتي"(4).
     ووفقا لهذه المادة شكلت لجنة إسرائيلية فلسطينية مشتركة( Joint Committee of Water)من أجل توفير سبل التعاون المشترك في تنمية المياه وإدارتها وإعداد الدراسات اللازمة وحل كافة الإشكاليات المتعلقة بالمياه.
     ونذكر بأنه عندما قام الجانب الفلسطيني بالمفاوضات في هذه الاتفاقية أثار مسألة المياه للحصول على حل نهائي للنزاع الموجود على الموارد المائية والمطالبة بتوزيع المياه على مبدأ التحصيص العادل (Equitable Apportionment) إلا أن الجانب الإسرائيلي رفض ذلك وكان هنالك إصرار من طرفهم على تطبيق مبدأ الفصل بين الأرض و مواردها الطبيعية ،ومنها المياه بناء على استراتيجيه إسرائيلية ومفادها أن السيطرة على الموارد الطبيعية من قضايا السيادة، ولا تعترف إسرائيل بالسيادة الفلسطينية على تلك الموارد(1).
      والدليل على موقف إسرائيل في هذه المفاوضات ما قاله المفاوض الإسرائيلي هير شفليد إذ قال " لماذا تصرون على مسألة حقوق المياه علما بأنها قضية من قضايا السيادة تبحث في المرحلة النهائية , نحن قد نتمكن من التعاون معكم في زيادة نصيبكم من استهلاك المياه , لكن يتعين قبل أن نتعاون في مجموعة من المشروعات الصغيرة في المياه أن تتمكنوا من تملك الإدارة الكفؤة وهذه المسألة تبحث في الاتفاقيات الجماعية وليس في المباحثات الثنائية"(2).
 الفرع الثاني
اتفاقية غزة آريحا 1994
 
     وهي الاتفاقية المؤقتة حول الحكم الذاتي للسلطة الفلسطينية في آريحا وغزة وقد وقعت بتاريخ 14 أيار 1994،هذه الاتفاقية لم تبحث موضوع المياه واقتصرت على معالجة قضايا المياه في منطقة غزة آريحا؛ إذ تناولت المادة 2/31 من الاتفاقية قضايا المياه في منطقتي غزة وآريحا وأكدت على الالتزام بمبدأ عدم إحداث الضرر ،وكذلك الملحق رقم "4" من الاتفاقية تناول موضوع التعاون حول برنامج التنمية الإقليمية الذي شمل برنامج التنمية الاقتصادية لمنطقة السلطة الوطنية ونص على برامج البنية التحتية كما نص على القيام بوضع خطة مشتركة إسرائيلية فلسطينية أردنية لاستثمار منطقة البحر الأحمر وتطويرها والعمل على إعداد مشروع قناة البحرين والعمل على تحلية المياه ومشروعات أخرى لتطوير المياه(3).
      وبموجب هذه الاتفاقية أيضا نقلت صلاحيات محدودة في مجال استخدام المياه إلى السلطة الفلسطينية ونصت على تمتع السلطة الفلسطينية بالسيطرة على مصادر المياه والبنية التحتية في المنطقتين،وأنه بوسعها تشغيل وإدارة أنظمة المياه في المنطقتين المذكورتين اريحا وغزة وبناء على ذلك أنشئت إدارة فلسطينية للسيطرة على المياه الفلسطينية تمثلت في سلطة المياه الفلسطينية.كما منحت السلطة صلاحية حفر آبار جديدة شريطة ألا يلحق ذلك الحفر ضررا بمصادر المياه.ونجد بأن الاتفاقية لم تتضمن أي بنود حول قضايا حقوق المياه والاستخدام أو التوزيع المتساوي للمصادر المشتركة.
الفرع الثالث
اتفاقية طابا 1995 Oslo 2
 
     استمرارا في المحاولة من أجل الوصول إلى حل نهائي للقضية الفلسطينية اجتمع كل من الطرف الفلسطيني والإسرائيلي في طابا عام 1995 للاتفاق على المسائل العالقة بين الطرفين وفي هذه الاتفاقية قام كل من الجانبين بالاعتراف إلى الحاجة الماسة بحماية البيئة واستغلال المصادر الطبيعية على أسس دائمة وسليمة بيئيا والتعاون في مجالات الصرف الصحي والمخلفات الصلبه والمياه .
 
      وقد ورد ذلك في المادة "40" من الاتفاقية التي نصت على أنه"
 1- تعترف السلطات الإسرائيلية بحقوق المياه للفلسطينيين في الضفة الغربية وسوف تطرح للتفاوض حولها في مفاوضات الحل الدائم
 2- وأن كلاً من الجانبين يعترف بالحاجة إلى توفير المياه لاستخدامات متعددة وقد حدّد حجم كميات المياه الإضافية للفلسطينيين بثمانين مليون متر مكعب سنويا"(1). وهنا اعتبرت الاتفاقية حقوق المياه من مفاوضات الحل الدائم المؤجل.
      وكذلك تناولت هذه الاتفاقية في البند الرابع منها موضوع نقل السلطة الإدارية الخاصة بالمياه، إذ نصت على أنه يقوم الطرف الإسرائيلي بنقل جميع السلطات والمسؤوليات المتعلقة بمجال المياه والمجاري المدارة حاليا من قبل الحكم العسكري إلى الفلسطينيين ليتحملوا مسؤوليتها ويستثنى من هذا الأمر القضايا التي سوف تناقش لاحقا في مفاوضات الوضع النهائي بما يطابق شروط البند الرابع من هذه الاتفاقية. وهنا نجد بأن اتفاقية أوسلو كانت المرجعية لإنشاء سلطة المياه الفلسطينية.
     وبالرغم من اعتراف إسرائيل بالحقوق المائية الفلسطينية في المادة السابقة إلا أنها لم توافق على حل مسألة المياه وإنما اكتفت بوضع ترتيبات غامضة ومبهمة  بخصوصها .
     ومن الموجه للنظر أن إسرائيل عندما اعترفت بالحقوق المائية لفلسطين كانت على علم بأنها قادرة على عرقلة هذا الموضوع الذي وافقت عليه بلغة مشابهة في اتفاقية إعلان المبادئ ولم تضف اتفاقية طابا أي شيء جديد سوى تأجيل البحث في موضوع المياه إلى مرحلة المفاوضات النهائية , وكان من المفروض على الأقل أن تذكر الاتفاقية المصادر التي تدخل في إطار حقوق الفلسطينيين والتي ستكون موضع المساومة خلال المحادثات النهائية .
وقد فسّر الإسرائيليون المادة "40" على بأنها لا تنص على الحق السيادي للفلسطينيين على المياه وإنما على حقهم في استخدام كميات محددة من المياه ،وذلك من أجل التخلص من الالتزامات المترتبة عليهم(1).
     وكذلك طالب الإسرائيليين الجانب الفلسطيني بأن تكون نقطة التفاوض مبنية على مبدأ الاستخدام القائم ( أو الأسبق )والمستخدم الأول (Prior or Historical use)للمياه رافضين مفهوم السيادة على المصادر وأنه على الجانب الفلسطيني البحث عن البدائل لمصادر المياه من مثل تحلية مياه البحر(Desalination) أو إعادة استخدام المياه(Water re-use) المكررة وهذه البدائل تتطلب تكاليف باهظة الثمن , وهذه المطالب جاءت في المفاوضات التي بدأت في العام 2000 من أجل الوصول إلى اتفاقيات الوضع النهائي.
     إن أهم ما تناولته الاتفاقيات الثنائية بين الفلسطينيين والإسرائيليين البند "40" من اتفاقية أوسلو  الخاصة بمسالة المياه إذ تضمنت تعهداً من إسرائيل بزيادة كمية المياه المخصصة للفلسطينيين بما مقداره (80) مليون متر مكعب من ضمنها تقديم (28) م م3 بوصفها احتياجات عاجلة لمناطق الضفة الغربية إضافة إلى زيادة كمية الموارد المائية عبر تحسين موارد المياه بوساطة التمويلات الخارجية وعبر اللجنة التي وافق الطرفان على تشكيلها وقد شكلت هذه اللجنة في العام 1995 وتضمنت خبراء من كلا الطرفين بالإضافة إلى خبراء من الجانب الأمريكي وكانت مهمتها بالإضافة إلى الأمور السياسية والاقتصادية وإنتاج الموارد المائية أيضا تعاونها مع اللجنة الثنائية التي شكلتها اتفاقية طابا(2).
     وقد شكلّت هذه اللجنة لتكون المؤسسة أو الدائرة التي تشرف على تنفيذ المادة "40" من الاتفاقية لإدارة الموارد المائية وتنفيذ سياسة مائية معينة تضمنت فرض التزام سلبي على كل من الطرفين بمنع التنقيب غير الخاضع للمعايير التي وضعها القانون الدولي .
     وقد أنيط بهذه اللجنة صلاحيات عديدة أساسها كما ذكرت سابقا تنفيذ التعهدات التي وردت في الاتفاق الذي أنشأ اللجنة المائية المشتركة الدائمة(J w c) للفترة الانتقالية تحت إشراف لجنة الشؤون المدنية(Cac) فكانت مهمة لجنة المياه الدائمة تتمثل في التعامل مع جميع القضايا المتعلقة بالمياه  والمجاري إضافة إلى ما يأتي :
أ- إدارة وتنظيم وحماية مصادر المياه وأنظمة المجاري , الإشراف على كافة المشاريع المشتركة،إنتاج وتطوير موارد المياه لكلا الطرفين .
ب- التعاون في إنتاج المشاريع المائية المشتركة .
ج- الالتزام بالتعاون في تبادل المعلومات الرقمية والفنية الخاصة بالمياه .
د- إعداد الدراسات والأبحاث اللازمة لاستخراج المياه من مناطق معينة من مثل تقدير كمية أو مخزون المياه الجوفية لكل من الحوض الشرقي والشمالي الشرقي أو الغربي .
هـ- الالتزام بعدم إحداث أي ضرر يلحق بمصادر المياه والعمل على حماية أنظمة المياه من جانب كل طرف داخل المنطقة التي تقع تحت سيادته(1).
      وهذا ما جاءت به الاتفاقيات الفلسطينية الإسرائيلية حول مسالة المياه من اعتراف إسرائيل بالحقوق المائية الفلسطينية وعدم تحديدها لهذه الحقوق وأجلت البحث في مسألة المياه وتفاصيلها إلى مرحلة مفاوضات الحل الدائم مثلها في ذلك مثل القضايا الأساسية للشعب الفلسطيني التي أجلت حتى إشعار آخر وهي اللاجئون والقدس والحدود والقضايا الأمنية والمستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقطاع(2)  .
      وقد ركز الإسرائيليون على زيادة كميات المياه للفلسطينيين بوصفها حلاً بديلاً لإعادة توزيع الحصص المائية بين الطرفين؛ وذلك لتضليل المفاوض الفلسطيني إلا أن المفاوضين لم يعيروا موضوع زيادة كميات المياه أهمية ليس لأنهم لا يريدون كميات المياه الإضافية؛وإنما حتى لا تحصل إسرائيل على هدفها من ذلك، ومن الواضح بأن إسرائيل تعد قضية المياه من القضايا الحساسة، وذات أهمية مركزية؛ إذ لا يجوز لأي طرف مناقشة إسرائيل حول حقوقه بالمياه التي تضع يدها عليها إذ إن إسرائيل تستند إلى معيار القوة من أجل الوصول إلى أي اتفاق حول قضايا المياه ولا تأخذ بمعيار التحصيص أو المبادئ الدولية التي تحكم الموارد المائية المشتركة، والبرهان على ذلك الفشل الذريع الذي لحق بالمفاوضات التي بدأت في النصف الثاني من شهر تموز للعام 2000 إذ إن إسرائيل لم ترد الوصول إلى المفاوضات النهائية المرجوة لتسوية مسألة المياه المشتركة،وكررت بأنه لا مجال للوصول إلى تحصيص المياه بناء على القانون الدولي وإنما الذهاب إلى بدائل أخرى من أجل الحصول على المياه وبالأخص عن طريق تحلية المياه(3).
 بعد أن عرضت لما ورد في الاتفاقيات الفلسطينية الإسرائيلية بخصوص مسألة المياه الخاصة بالفلسطينيين لا بد لي من التعريف بالقيمة القانونية لتلك الاتفاقيات وفقا للقانون الدولي.
 
المطلب الثاني
 
تقييم الوضع القانوني للمياه في  الاتفاقيات الفلسطينية _ الإسرائيلية
     عرفت اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 في المادة 2/1/أ المعاهدة الدولية بأنها تعني اتفاق دولي يعقد بين دولتين أو أكثر كتابة ويخضع للقانون الدولي سواء تم توثيقه في وئيقة واحدة أو أكثر وأيا كانت التسمية التي تطلق عليه بقصد ترتيب آثار قانونيةٍ معينةٍ .
 
     تعد الاتفاقيات التي وقعت بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي من قبل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي عملت على تنظيم العلاقة بين الطرفين . وتتوافر فيها شروط صحة المعاهدات الدولية؛ إذ أنها عقدت بين أشخاص القانون الدولي وصيغت في وثائق مكتوبة ووقع عليها من قبل الحكومات المعنية لإحداث الآثار القانونية التي تضمنتها وفقا لمبادئ وأحكام القانون الدولي.
 
      وقد اكتسبت السلطة الوطنية الفلسطينية شخصيتها القانونية عبر الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية بأنها الممثل الشرعي لتمثيل الشعب الفلسطيني وطنياً وإقليميا ودولياً . وقامت هذه المنظمة بممارسة دور السلطة بوصفها تمثل الدولة الفلسطينية ويحق لها القيام بإبرام المعاهدات الثنائية والمشاركة في المعاهدات الدولية .
     وقد اعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية التي أصبغت عليها الشخصية القانونية الدولية من جانب العديد من الدول والمنظمات الدولية والإقليمية إذ اعترف بالمنظمة في مؤتمر قمة الرباط عام 1974 بالمغرب بناء على اعتراف الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج والشتات بأنها الممثل الشرعي الوحيد لهم وموافقة جميع الدول العربية على ذلك واتخذ هذا القرار بالإجماع ,وتمتعت هذه المنظمة بالشخصية القانونية الدولية و أكد على شخصيتها القانونية الدولية إعلان الرئيس الراحل ياسر عرفات في العام 1988 قيام الدولة الفلسطينية في الإعلان الصادر عن المجلس الوطني الفلسطيني بالجزائر وقد كانت نتيجة هذا الإعلان أن اعترفت معظم دول العالم بفلسطين ومنظمة التحرير التي تمثلها مما رسخ وجودها شخصية قانونية دولية(1) . والأعتراف هنا بمنظمة التحرير الفلسطينية كاشف وليس منشئ واعتبارها حركة تحرر وطني هو الذي اكسبها الشخصية الدولية.
      وقد تمتعت هذه المنظمة بالشخصية القانونية الكاملة إلا أنها لا ترقى الى مستوى الدولة منذ عام 1976 إذ قبلت عضوا يتمتع بكامل العضوية في تحمل الحقوق و الالتزامات في كل من جامعة الدول العربية والمؤتمر الإسلامي ومجموعة دول عدم الانحياز, وأما في منظمة الأمم المتحدة فلم تقبل عضواً كاملاً وإنما _تم دعوتها للتمتع بمركز_ مراقب في الأمم المتحدة بناء على القرار رقم 3236 لعام 1974 وقوبل هذا القرار بمعارضة أمريكية شديدة.
      ونتيجة لهذا الإعلان منح الأعضاء المراقبون في الوفد الفلسطيني الذي يمثل فلسطين داخل أروقة منظمة المجتمع الدولي صلاحيات واسعة وحقوقاً نادرا ما يتمتع بها العضو المراقب. إضافة إلى استبدال الأمم المتحدة اسم منظمة التحرير الفلسطينية باسم فلسطين داخل منظمة الأمم المتحدة وهذا يبرهن على أن دولة فلسطين موجودة ولا ينقصها إلا قيام المجتمع الدولي بفرض الالتزامات المترتبة على إسرائيل حتى تقوم فلسطين بفرض سيادتها الفعلية والواقعية على أرضها وشعبها(1).
      أما بالنسبة للجانب الإسرائيلي فقد اكتسب شخصيته القانونية الدولية باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول الاوروبيةٍ بوجودها وذلك إثر الإعلان الذي أصدره رئيس الدولة الإسرائيلية بن غوريون عام 48 وحازت على العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتحدة عام 1949, وساعد في ازدياد عدد الدول التي اعترفت بإسرائيل الإعلان الذي تضمن قيام الدولة الفلسطينية بشكل فعلي عام 1988 بعدما كانت الدول العربية تشكك في عضوية إسرائيل أمام منظمة الأمم المتحدة اعترفت تلك الدول بوجود دولة إسرائيل وتبادلت في ما بينها البعثات الدبلوماسية من مثل مصر والأردن.
      ووفقا لأحكام القانون الدولي الخاصة بتبادل الاعتراف بين الدول تعد إسرائيل موجودة وتتمتع بشخصيتها القانونية الدولية ويتضح ذلك من الاتفاقيات التي عقدت بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
يعد اتفاق إعلان المبادئ الذي وقع عام 1993 نقطة الارتكاز لتبادل الاعتراف بين منظمة التحرير الفلسطينية التي تمثل دولة فلسطين وإسرائيل المقامة على الأراضي المحتلة لعام 1948 ويعد هذا الاتفاق الأساس الذي بنيت عليه كافة الاتفاقيات.(2)
     ونتيجة للاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية فإنه يحق لها إبرام بعض المعاهدات ولها الحق في أن تكون طرفا في المعاهدات سواء كانت ثنائية أم جماعية وتبادل البعثات الدبلوماسية مع أعضاء المجتمع الدولي وغيرها من الحقوق التي يتمتع بها أشخاص القانون الدولي بالإضافة إلى تحمل الالتزامات التي يفرضها القانون الدولي والعمل وفق مبادئه وأحكامه.
     إن جميع ما سبق عرضه يفند التشكيك الذي تقوم به إسرائيل حول الشخصية القانونية للسلطة الوطنية الفلسطينية والذي ساعدها على ذلك تحايلها على القانون الدولي وكون العالم يعتبر السلطة عبارة عن حكم ذاتي فقط دون حيازتها شخصية قانونية دولية كاملة، وبالرغم من ذلك فإن السطة موجودة على أرض الواقع واعترفت إسرائيل بها عبر تبادل رسائل الاعتراف التي بودلت في الاتفاقيات الثنائية، وخاصة اتفاق إعلان المبادئ الذي خلق الوجود المادي لفلسطين حيث حددت المناطق التي سوف تمارس السلطة صلاحيتها عليها.
     وخلصنا إلى أن الاتفاقيات التي عقدت بين الطرفين اتفاقيات تخضع لأحكام ومبادئ المعاهدات الدولية _كون منظمة التحرير الفلسطينية تعد شخصية قانونية دولية_ من حيث تطبيقها وتفسيرها ومدى التزام الأطراف بها إلا أننا لم نلمس تطبيق هذه الاتفاقيات في الواقع الفلسطيني فإسرائيل انتهكت هذه الاتفاقيات ولم تلتزم بأي بند وردّ فيها إذ نشرت قواتها العسكرية على الأراضي الفلسطينية التي تسلمتها السلطة في عام 1996، إلى جانب خلق العراقيل من أجل تعويق الوصول إلى مرحلة المفاوضات النهائية التي سوف تفصل في جميع الاتفاقيات السابقة وعرقلة الوصول إلى حلول نهائية للخروج من الوضع الانتقالي، إلا أن الممارسات الإسرائيلية تسعى إلى إبقاء المرحلة الانتقالية المرحلة النهائية للمفاوضات دون إيجاد الحلول الدائمة والعادلة لقضايا الشعب الفلسطيني.
 
المبحث الثالث
مصادر المياه الفلسطينية
      يوجد الماء على سطح الأرض بأشكال متنوعة تبعا للمكان الذي يتجمع فيه، فهنالك مياه المحيطات والجليديات والمياه الجوفية والمياه السطحية التي تتمثل في الأنهار والبحيرات والينابيع وأي مجرى للمياه على الأرض(1).
     والموارد المائية الموجودة في فلسطين موارد تقليدية تتشكل من مياه الأمطار والمياه السطحية والمياه الجوفية إذ تتألف مصادر المياه في الضفة الغربية من المصادر المتجددة لأنظمة الأحواض المائية الجبلية في الضفة التي تقدر طاقتها المتجددة بحوالي 678مليون متر مكعب إضافة إلى المياه السطحية الجارية في الوديان التي تقدر كمياتها بحوالي 90 م م3 سنويا خلافا  لنهر الأردن وبحيرة طبريا وسأوضح تلك المصادر بالتفصيل في المطالب الآتية:
 
المطلب الأول
المصادر السطحية للمياه الفلسطينية
Palestinian water sources
     تعد مياه الأمطار هي المورد الوحيد لكل من المياه السطحية والمياه الجوفية في فلسطين. وبشكل عام فإن معدل حجم الأمطار التي تسقط على الضفة الغربية تقريبا 700ملم أما القطاع 150ملم موزعة على النحو الآتي " تبخر 1900م م3، ومياه جوفية 734م م3، ومياه الأنهار والجداول 114م م3، والانسياب السطحي للمياه يقدر بـ 62م م3 (2).
    هنالك تباين في الآراء  بين الباحثين حول تحديد المعلومات والأرقام الثابتة والشاملة لمجمل المياه السطحية المتوافرة في فلسطين وطريقة توزيعها مع الدول المشتركة معها بموارد المياه والتي يمكن الاعتماد عليها بتحديد مصادر المياه المتوافرة واستخداماتها ونتيجة لذلك فالمتداول بأن المصادر السطحية المتوافرة هي (حوض الأردن،البحر الميت،بحيرة طبريا و مياه الجريان السطحي المتمثلة بالينابيع والسيول الشتوية) هذه المياه متواصلة مع بعضها ومرتبطة برباط وثيق حيث تكون نتيجة عوامل هيدرولوجية معينة موجودة في كل من إسرائيل والضفة والقطاع مما يمكن عدها مياه دولية(1).
وسآتي بتفصيل الموارد السطحية للمياه الفلسطينية بإيجاز في الفروع الآتية :
 
الفرع الأول            
نهر الأردن
     ينبع نهر الأردن من سفوح جبل الشيخ الذي يقع بين لبنان وسوريا ويصب في بحيرة طبريا والبحر الميت ويمتد على مساحة 18140 كلم2 إذ يشكل مجرى مائيا دوليا تشارك فيه خمسة أطراف هي الأردن، وسوريا، ولبنان، وإسرائيل وفلسطين.
     يعد من أهم المصادر السطحية في فلسطين بالرغم من عدم حصولها على أية حصة من مياهه وذلك لاستبعادها من الاتفاقيات التي عقدت في وادي عربة عام 1994 بين إسرائيل والأردن إذ اتفق الفريقان على تحصيص مياه النهر بينهما فقط دون الاهتمام بمصالح الدول المشاطئة للنهر وحقوقها المائية منه.
 
             ويقسم نهر الأردن إلى قسمين :
1.(1)
 
2.
 
     ويبلغ تصريف حوض نهر الأردن ما معدله 1300م م3 وفي بعض السنوات تصل الى1800م م3 وتستغل إسرائيل ما مقداره 820م م3 من مياهه،ويأتي هذا الاستغلال لمياه النهر نتيجة السياسة التي اتبعتها إسرائيل منذ احتلالها لفلسطين التاريخية؛ إذ إنها كانت تنظر إلى المياه باعتبارها الغنائم التي تريد الحصول عليها، لذلك وضعت الخطط المسبقة لتحقيق هدفها الأساسي وهو الاستيلاء على منابع المياه العربية المحيطة بفلسطين ولأجل ذلك لجأ الإسرائيليون منذ بداية القرن العشرين إلى شراء الأراضي وإنشاء المستعمرات بالقرب من منابع المياه في سهل الحولة والجولان والى جانب الحدود اللبنانية(2).
     كل ذلك يرجع إلى مشكلة مهمة في نظر الإسرائيليين آنذاك فكونهم أنشأوا دولة جديدة في طور النمو فإنها تحتاج إلى كافة العناصر التي تعمل على تقويتها ذلك أنها سيطرت أيضا على مناطق تقع خارج منطقة الأحواض والمقصود بها صحراء النقب، فكانت خطط إسرائيل تنصب على استخدام مياه نهر الأردن لتغذية صحراء النقب بالمياه(3).
     وفي العام 1950 وضع المركز الزراعي اليهودي خطة لتعمير صحراء النقب وإسكانها على مراحل، كانت أهم مرحلة فيها تحويل مياه نهر الأردن إلى النقب التي شرعت إسرائيل في تنفيذها فعليا في منتصف الخمسينيات عندما شهدت الأراضي المحتلة زيارات للمبعوث الأمريكي اريك جونستون الذي حمل معه خطة لتقسيم مياه نهر الأردن بين العرب والإسرائيليين المعروفة بمشروع جونستون التي كانت عبارة عن خليط من خطط سابقة أعدت من قبل "لورد ملك هيز" و"ماكدونالد بونجر" التي تقوم جميعها على فلسفة نقل المياه إلى حيثما يتاح وجلبها إلى المكان المطلوب بغض النظر عن الحدود السياسية بالرغم من نجاح هذا المشروع للإسرائيليين إلا انه فشل فشلا ذريعا بالنسبة للعرب؛ وذلك لان هذه الخطة وضعت دون أي اعتبار للحدود السياسية لدول الحوض كافة، كما أن لبنان لن يستفيد من المشروع ولن يحصل على المياه اللازمة لري الأراضي المجاورة للحوض واغلب مياه الحوض ستخزن حسب الخطة في بحيرة طبريا التي تعد داخل الحدود الإسرائيلية وعلى أثر ذلك المشروع قامت إسرائيل عام 1964 بإنشاء الناقل القطري للمياه الذي يغير مجرى نهر الأردن الطبيعي وينقل مياهه إلى صحراء النقب بمعدل 450م م3 في السنة .
   ونتيجة لهذه العملية فقد ازدادت ملوحة المياه التي تصب من الأردن العلوي في بحيرة طبريا ومن أجل حل هذه المشكلة ضخت إسرائيل مياه الينابيع ووجهتها عبر قنوات إلى الجزء السفلي لنهر الأردن مما أدى إلى تلويث هذا الجزء، ومن ثم عدم صلاحية استخدام مياهه لأي غرض،وفي مناطق سهل الحولة أقام الإسرائيليون منشآت ضخمة لسحب حوالي 150م م3 من النهر قبل وصوله إلى بحيرة طبريا لتنفيذ مشروعهم المتعلق بتصريف مياه الحولة وجرى ذلك بين عامي 1951_1958 لري الأراضي الزراعية الإسرائيلية الأمر الذي أدى إلى جفاف بحيرة الحولة. كما قاموا بإنشاء قناة في جنوب بحيرة طبريا لسحب ما مقداره 1000م م3 من المياه لري مناطق بيسان وسهل مرج بن عامر الشرقية وأغلق مخرج نهر الأردن الجنوبي من بحيرة طبريا بوساطة منشآت ضخمة أقيمت خصيصا لهذا الغرض.(1)
     وهنا نجد بأن إسرائيل سيطرت على مياه نهر الأردن عبر هذه المشاريع التي يمكن إجمالها بمشروع الخط القطري الناقل الذي يحول مياه نهر الأردن إلى صحراء النقب والآخر يتمثل في تحويل مياه نهر اليرموك إلى قناة الغور الشرقية ويضخ الباقي إلى بحيرة طبريا. وتنفيذ مشروع جلجال الذي يعمل على ضخ المياه إلى المستوطنات الجديدة في غور وادي الأردن الأمر الذي أدى إلى تدمير بيئي شبه كامل للجزء السفلي من نهر الأردن .
والمستخدم الحالي لمياه نهر الأردن هما إسرائيل والأردن أما باقي دول حوض نهر الأردن فلا تستخدم إلا نسبة ضئيلة منه، وهما سوريا ولبنان ؛ وذلك من خلال المنبع الرئيسي للنهر(2).
 ووفقا لحدود النهر الموضحة بالخريطة رقم "2" واستنادا لما استقرت عليه المبادئ القانونية الدولية وإلى قرار التقسيم رقم (181)الموضح بالخريطة رقم "1" فإن نهر الأردن يعد نهرا دوليا يشترك في مياهه كل من الأردن وسوريا ولبنان وفلسطين وإسرائيل، ويجب تقسيم الحصص المائية الخاصة به بين جميع الدول وفقا لمبادئ القانون الدولي التي تتسم بالعدالة والإنصاف.
   إن قرار التقسيم رقم 181 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29/11/1947 الذي صوت إلى جانبه ثلاث وثلاثون "33 "دولة مقابل ثلاثة عشرة "13 "دولة ضده وامتناع عشر "10" دول عن التصويت. وبموجب هذا القرار والخريطة المرفقة به رقم 103 ب الأمم المتحدة،(وثيقة الأمم المتحدة رقم 599 ب الصادرة في تشرين الثاني 1947)،" فإن ربع النقب وكذا نصف الجليل يكونان من حق الشعب الفلسطيني لإقامة دولته، وسوف تكون مدينة القدس ذات نظام دولي خاص  ومنفصل تحت إدارة دولية ،يكون فيه الحق لكل الطوائف الدينية زيارة الأماكن المقدسة وفق دياناتها"(1).
     وبناء على مبادئ القانون الدولي ووفقا لقرارات الشرعية الدولية كافة بما فيها القرارات التي أشرت إليها في السابق تبينت أنها قد أكدت على حق الفلسطينيين التاريخي و الطبيعي في مياه نهر الأردن، وذلك عبر قراراتها المتعددة التي عدت فلسطين شخصا من أشخاص القانون الدولي،و أكدت على حق الشعوب الواقعة تحت سيطرة سلطات الاحتلال في مواردها الطبيعية والتأكيد على السيادة الدائمة للفلسطينيين على مواردهم الطبيعية وثرواتهم الاقتصادية وإدانة التدابير التي تتخذها إسرائيل، ووصفها بأنها غير شرعية. وأكدت هذه القرارات على منع تدمير الممتلكات الخاصة والعامة وعدم إلحاق الضرر بالمرافق التابعة للدولة.
 جميع تلك القرارات تعطي الحق للفلسطينيين بالمطالبة بحصتهم المنصفة والعادلة من مياه النهر بوصفها دولة من دول الحوض وفقا للقانون الدولي ومن ثم نيل التعويض الكامل عما أصاب تلك الموارد الطبيعية من استنزاف وخسائر وأضرار. إلى جانب ذلك فان القانون الدولي للمياه يلزم دول أعالي الأنهار بعدم إحداث أي ضرر يلحق بمصالح الدول الأخرى المشاركة في المجرى المائي والالتزام بعدم إحداث أي تغيير في طبيعة الحوض ومجراه وعدم حجز المياه أو حرمان الدول الأخرى من استغلالها ،ولأن إسرائيل تعد من دول أعالي نهر الأردن فيجب إلزامها بالعمل وفقا لمبادئ القانون الدولي للمحافظة على مجرى النهر الطبيعي(2).
     ويؤكد على حق الفلسطينيين في مياه النهر اعتراف إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية الذي شكل حجة عليها وحملها على الاعتراف بالحقوق المائية الفلسطينية دون وجود تحديد وتفصيل لهذه الحقوق.
وبناء عليه عند الوصول إلى أي اتفاق عربي إسرائيلي حول مياه نهر الأردن يجب تحديد حقوق كل طرف من دول الحوض والتنسيق في ما بينهم لاستعادة الحقوق المائية المغتصبة من قبل إسرائيل. ويقدر المفاوض الفلسطيني حصة فلسطين من مياه النهر 300م م3 وفقا للمعايير والأسس التي وردت في المادة الخامسة من الاتفاقية الإطارية، وأهمها العوامل الجغرافية والهيدروغرافية والهيدرولوجية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية وغير ذلك .
الفرع الثاني
الينابيع Springs
 
     تعد الينابيع من المصادر السطحية للمياه الفلسطينية ومعظم الينابيع الموجودة في فلسطين موسمية(Seasonal) تتكون في فصل الشتاء وأكثرها طاقة وتصريفاً(discharge) موجود داخل إسرائيل من مثل ينبوع السخنة والعوجا والتماسيح  ويوجد في الضفة أكثر من (300)ينبوع تتزود بالمياه من طبقات صخرية مائية ذات قدرة ضعيفة، وهذه الينابيع ذات تصريف منخفض وتعاني من سوء الاستخدام، ونذكر من أهم الينابيع الموجودة في فلسطين على سبيل المثال "عين القلط بين القدس وآريحا، وعين الديوك غرب آريحا ،والنويعمة وعين السلطان التي تنبع من رام الله،العوجا وفصايل تقعان شمال العوجا ،الجفتلك تقع شمال آريحا بين الباذان والغور الأوسط،وعين وادي الباذان والفارعة وعين شبلي التي تتجمع فيها المياه الزائدة من الباذان والفارعة نحو الجفتلك بآريحا" وتلك الينابيع تعد مصدراً رئيسياً لمياه الزراعة حيث تساهم بـ 56م م3للزراعة بينما دلت الدراسات بأن ما يستهلكه الفلسطينيون من الآبار والينابيع يقدر بـ127م م3 يستخدمونها لأغراض الزراعة والشرب والصناعة.
 
فضلا عما عرضته مسبقا لأهم الينابيع الموجودة أشارت بعض الدراسات إلى أنه يوجد أكثر من(700)ينبوع ويتواجد أكثرها في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية إلا أن الإجراءات التي قامت بها إسرائيل للسيطرة على هذه المياه أدت إلى انخفاض تصريف الينابيع وتجفيفها بعض الأحيان حيث قامت بحفر الآبار حول هذه الينابيع وهو ما أدى إلى تقليل تدفق الينابيع وأحيانا إلى جفافها والمثال على ذلك آبار فصايل بالإضافة إلى إقامة المستوطنات بالأراضي المحيطة بها وتلويث مياه الآبار بوضع مواد كيماوية حتى تتسرب للينابيع العربية وتلوثها(1).
    وتعد كل من المصادر السطحية المتمثلة بمياه نهر الأردن والينابيع من المصادر المائية المتجددة سنويا نتيجة هطول الأمطار والثلوج وهنا نكون قد أوجزنا باختصار تلك المصادر.
أما الآن فسوف أتناول المصادر الجوفية للمياه الموجودة في فلسطين التي تعد المحور الأساسي في هذه الدراسة؛إذ أتناول فيها الأحواض الجوفية الموجودة في فلسطين بشكل موجز.
 
المطلب الثاني
المصادر الجوفية للموارد المائية الفلسطينية(2)
 
     معظم المصادر المائية الفلسطينية مياه جوفيةٍ وهي المياه التي تسربت داخل طبقات الأرض في فصل الشتاء وهي التي تمد الآبار والينابيع بالمياه ويمكن الحصول عليها بشكل عملي واقتصادي؛ إذ إنها لا تحتاج إلى معالجة وتكون المياه الجوفية عادة غنية بالمحتوى المعدني، وذلك بسبب التكوينات الصخرية لطبقات الأرض التي تزيد من نسبة  امتصاص المياه ونفاذها تحت سطح الأرض وهذه المياه تختزن  ولا تتبخر أو تفقد في عملية النتح(3) .
    تعد الطبقة الجوفية للمياه بمثابة خزان طبيعي للمياه(Aquifer) وبوجود تلك الإيجابيات للمياه الجوفية يوجد الوجه الآخر من السلبيات إذ إنها  تحتاج إلى ضخ(Pumping) وهذه العملية تحتاج إلى رصد ميزانيات معينة من قبل الوزارة المختصة.
    تقسم المياه الجوفية إلى موارد متجددة(renewable) وغير متجددة(non-renewable) فالأحواض المائية المتجددة هي الأحواض القريبة من سطح الأرض وطاقتها متجددة إذ تغذى سنويا من مياه الأمطار. وأهم الأحواض المائية المتجددة تكمن في حوضين رئيسين هما خزان الجبل(Mountain Aquifer) الذي يتألف من أحواض المياه الجوفية في الضفة الغربية؛ وهي الحوض الشمالي الشرقي والحوض الغربي والحوض الشرقي، أما الحوض الرئيسي الثاني  فهو؛ حوض السهل الساحلي بغزة الذي يشكل امتداداً لأحواض أخرى من مثل حوض الكرمل وحوض طبريا وكذلك يوجد الحوض الجوفي الجنوبي الذي يقع داخل صحراء النقب في إسرائيل(1).
    وبناء على ذلك سوف أستعرض الأحواض المائية الجوفية ضمن الفروع الآتية :
الفرع الأول
  الحوض المائي الشمالي الشرقي North Eastern Aquifer Basin
 
     يتكون من أحواض نابلس وجنين وجبلون وتجري مياهه باتجاه سهول بيسان ومرج بن عامر وتعد منطقة التغذية لهذا الحوض الضفة الغربية وإسرائيل وتقدر طاقته بـ 145 م م3/سنه بالإضافة إلى تصريف ينابيع السخنة تستغل إسرائيل مياه هذا الحوض عن طريق حفر مجموعة من الآبار في منطقة بردلة لتزويد مستوطناتها الموجودة في منطقة جنين وتدل الإحصائيات على أن إسرائيل تستغل ما نسبته30%   من طاقة الحوض(2).
       تتحرك المياه في هذا الحوض من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي والى الشرق وهنالك قاعدة تنص على أنه لا توجد حدود للموارد المائية ومن ثم يوجد اتصال بين كافة الأحواض المائية في الضفة وداخل الخط الأخضر.
ووفقا لقواعد القانون الدولي تعد هذه الأحواض مجاري مائية دولية يجب تطبيق المبادئ والأحكام القانونية الدولية الخاصة باستخدامات المياه المشتركة وخاصة تطبيق مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول في استخدام المياه.
الفرع الثاني
الحوض الشرقي Eastern Aquifer Basin
 
      يتكون هذا الحوض من تصريف مجموعة من الينابيع في الضفة الغربية وهي فصايل بالعوجا وحوض الفارعة والبقيعة وبردلة التي تغطي مدن القدس والخليل ورام الله وبيت لحم.
    يجري تفريغ المياه الزائدة عن هذا الحوض في نهر الأردن والبحر الميت؛ ومن هنا فإن معظم الأراضي التي يغطيها الحوض تقع داخل أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية التي يحق لها وحدها فرض السيادة عليه واستغلاله دون مشاركة دول أخرى؛ وذلك لأن هذا الحوض يعد مجرى مائياً وطنياً يقع داخل إقليم الدولة وتطبق عليه القواعد والتشريعات الوطنية والأنظمة الداخلية للدولة، إلا أن البعض يعد هذا الحوض حوضا دوليا مشتركا ؛وذلك لعدة اعتبارات أهمها لأنه من النظام المائي التابع لنهر الأردن ولامتداد حدوده مع نهر الأردن .
     ويتضح لنا مما سبق أن إسرائيل تسحب مياه هذا الحوض من جزئه العلوي عن طريق حفر آبار عميقة تستخرج منها ما مقداره 50 م م3 سنويا لأغراض الزراعة في المستوطنات، وهي بذلك تخالف مبادئ القانون الدولي المتمثلة في قرارات الأمم المتحدة التي تحترم سيادة الدولة على ممتلكاتها وقواعد هلسنكي واتفاقية الأمم المتحدة الصادرة عام 97 التي تفرض على الدول الالتزام بعدم إلحاق الضرر بالموارد المائية للدول المجاورة وفرض ضوابط على الدول التي تقع في أعالي الحوض أو المناطق المحيطة به بالمحافظة عليه وعدم حجز مياهه واستنزافها.
     يستغل الفلسطينيون ما مقداره 40 م م3 من مياه الحوض لكافة الاستخدامات، علما بأن طاقة الحوض تقدر 170م م3 و يجب استغلالها من الطرف الفلسطيني فقط؛ لأنها مياه وطنية تقع في المناطق التي يحق للسلطة الفلسطينية ممارسة السيادة عليها لوحدها دون مشاركة أطراف أخرى(1).
الفرع الثالث
الحوض الجنوبي South Aquifer
 
     هو عبارة عن خزان مائي جوفي تكون في منطقة الخليل ونتيجة حركة المياه واتجاهها تجمع في الجنوب ويطلق عليه حوض النقب أو حوض بئر السبع المائي ويدرس العلماء الإسرائيليون هذا الحوض لاستخراج المياه الموجودة فيه ومعالجتها لاستخدامها في صحراء النقب(2) .
 الفرع الرابع
الحوض الساحلي Coastal Basin
 
      الخزان الساحلي في قطاع غزة هو امتداد للخزان الساحلي الممتد من شبه جزيرة سيناء جنوبا إلى مدينة حيفا شمالا،ويتكون هذا الخزان من طبقات رسوبية قارية وبحرية من الرمل والحصى والحجر الرملي متداخلا مع طبقات من الطين.
     ويعد الخزان الساحلي مصدر المياه الوحيد لتلبية احتياجات السكان البالغ عددهم(1,2) مليون نسمة يستخدمون المياه في أغراض مختلفة؛ المياه الجوفية في هذا الحوض هي المصدر الوحيد للمياه في قطاع غزة وتعد مياه الأمطار أساس تغذية الحوض بالإضافة إلى المياه المستخدمة لري المزروعات والحفر الامتصاصية العائدة إلى الخزان الجوفي القادمة من جهة الشرق والشمال الشرقي والجنوب الشرقي من القطاع(1) .
 
     ويتراوح عمق هذا الخزان الحاوي للمياه بين أمتار قليلة على طول الشريط الساحلي إلى حوالي (70) مترا في المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية من قطاع غزة، أما بالنسبة إلى سمكه فيتراوح بين (10) أمتار في المناطق الجنوبية الشرقية إلى مئة وعشرين (120) مترا بالقرب من الشريط الساحلي على امتداد قطاع غزة،وتختلف نوعية المياه في هذه الطبقات الحاملة للمياه من مكان إلى آخر إذ تتوافر بصورة عامة مياه جوفية عذبة بتركيز لعنصر الكلوريد يصل إلى أقل من 100ملجم/لتر في أجزاء محددة من المناطق الشمالية الغربية والجنوبية الغربية حيث توجد الكثبان الرملية التي تعد مسببا أساسيا في وجود هذه المياه العذبة نتيجة للرشح العالي لمياه الأمطار الذي يتسرب عبرها ليتجمع في حوضه .أما في المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية فتزداد الملوحة إلى درجات مختلفة إذ يصل تركيز عنصر الكلوريد إلى حوالي 1000_1500 ملجم/لتر .
وبصورة عامة فإن ملوحة المياه في الخزان الساحلي تزداد بصورة مطردة مع ازدياد العمق وخاصة في المناطق الوسطى والشرقية من القطاع والسبب في ذلك يعود إلى قلة تجدد هذه المياه وركودها؛ مما أدى إلى ارتفاع تركيز الكلوريد إلى أكثر من 5000 ملجم/لتر في الطبقات السفلى للخزان الساحلي(2) .
 
     يعد الخزان الساحلي المصدر الرئيسي للمياه في قطاع غزة وقد اعتمد عليه السكان  في السنوات الماضية اعتمادا كليا لتلبية احتياجاتهم المختلفة، ومع تزايد السكان المطّرد تدهورت نوعية المياه بصورة كبيرة خاصة خلال العشرين سنة الماضية إذ وصل معدل الإنتاج السنوي من هذا الخزان في عام 2002 إلى حوالي 145م م3 موزعة كالآتي "59م م3 للشرب،86م م3 للزراعة"وبمقارنة هذه الكمية المنتجة مع الكميات السنوية المغذية للخزان الجوفي التي تصل في المعدل إلى حوالي 60م م3 سواء من مياه الأمطار أو الانسياب الطبيعي من جهة الشرق.وجدت الدراسات أن العجز السنوي للمياه المتجددة يصل إلى حوالي 85م م3 بينما يصل العجز الكلي في الموازنة المائية من 40_50م م3 في العام آخذين بعين الاعتبار المياه العائدة من شبكات مياه الصرف الصحي والحفر الامتصاصية ذات النوعية السيئة(3) .
    إن هذا الخلل الملحوظ في الموازنة المائية والعجز المائي السنوي أدى بصورة مباشرة إلى انخفاض منسوب المياه الجوفية إلى معدلات عالية إذ وصل منسوب المياه الجوفية إلى حوالي ستة(6) أمتار تحت منسوب سطح البحر في مناطق الضخ العالي من شمال قطاع غزة وجنوبه مما أدى ذلك بصورة غير مباشرة إلى تدهور نوعية المياه الجوفية وذلك باندفاع المياه الأكثر ملوحة من الطبقات السفلى إلى أعلى وكذلك تداخل واندفاع مياه البحر المالحة إلى مسافة 2-3كم على طول الشريط الساحلي وفي حال استمرار الاعتماد على هذا الخزان لتلبية احتياجات سكان قطاع غزة فإنه من المتوقع سرعة تدهور المياه الجوفية مع انخفاض متسارع لمنسوب المياه إلى معدلات عالية يصعب معها إدارته وإعادته إلى وضعه الطبيعي فمع حلول عام 2020 سيصل تعداد سكان قطاع غزة تقريبا إلى حوالي 2مليون نسمة مع احتياجات كلية للمياه بحوالي 260م م3 حداً أدنى وبذلك سيتضاعف العجز المائي(1) .
 
      لقد ساعد الاحتلال الإسرائيلي على استنزاف مياه الخزان الساحلي وحرم المواطنين الفلسطينيين من المياه العذبة ؛ وذلك عبر احتلال ما يقارب 25%من قطاع غزة التي تتميز معظمها بوفرة المياه العذبة في الخزان الجوفي الساحلي إذ قامت إسرائيل كالمعتاد بحفر مجموعة من الآبار في المناطق التي توجد فيها المياه الجوفية ذات النوعية الجيدة لتامين احتياجات المستوطنات المقامة في القطاع والتي أخليت أواخر عام 2005 بالإضافة إلى حفر آبار عديدة داخل الخط الأخضر وخارجه في المناطق التي تغذي الحوض ؛ مما أدى إلى نقص في تغذية الحوض ومن ثم إلى نقص كمية المخزون من المياه الموجودة في الحوض الجوفي،ونتيجة لكافة الممارسات الإسرائيلية هبط منسوب سطح المياه الجوفية في مستودعات المياه، مما أدى إلى تسرب مياه البحر إلى مستودع المياه الجوفية وزيادة ملوحتها ومن ثم عدم صلاحيتها لأغراض الشرب والاستخدام المنزلي والري إضافة إلى تلوثها وزيادة نسبة الكلوريد فيها(2) .
      ونظرا لعدم حل قضية حقوق المياه فإن ذلك يحول دون تزويد قطاع غزة بالمياه من الضفة الغربية إلى جانب عدم توافر مصادر مائية بديلة لمواجهة ازدياد الطلب على المياه . وقد عمد مواطني القطاع إلى حفر الآبار بطرق غير قانونية وعدم استصدار التراخيص اللازمة لها من قبل سلطة المياه أدى ذلك إلى استنزاف الحوض وتداخل مياه البحر معه وتملح مياه الحوض بالإضافة إلى الممارسات الإسرائيلية الجائرة التي ذكرت مسبقاً .
 من هنا فإن سلطة المياه الفلسطينية وانطلاقاً من إدراكها لخطورة الوضع المائي في قطاع غزة فإنها وضعت الخطط والحلول اللازمة لإدارته والحد من تدهوره فكانت أحد الحلول التي عمدت السلطة إلى استخدامها هي محاولتها توفير مياه بديلة ،إضافة إلى تشديدها على ضرورة إدارة المياه العادمة وإعادة استخدامها مصدراً أساسياً وحيوياً للأغراض الزراعية(1) .
     جميع الأحواض التي تم ذكرت سابقاً تعد مياهاً جوفية متجددة ذات معدل سنوي وتعتمد على كمية الأمطار التي تسقط في مناطق تغذية الأحواض كل سنة ومن ثم فإن طاقتها تتأثر بنسبة هطول الأمطار سنوياً(2) .
 
الفرع الخامس
الحوض الجوفي الغربي Western Aquifer Basin
      هذا الحوض اختير عينة الدراسة لذا سأتناوله بالتفصيل ويدعى الحوض بنهر العوجا /التمساح وذلك لأن تصريفه الطبيعي يتكون من مجموعتين من الينابيع,ينبوع رأس العين الذي يغذي نهر العوجا ويصب في البحر المتوسط ونبع التمساح،وفي المصطلحات الإسرائيلية يدعى Yarkon-Taninim.
 
     يعد الحوض الغربي أكبر الأحواض الفلسطينية مساحة وتقدر مساحته بنحو 9158 كم2ويقع في أراضي الضفة الغربية منها حوالي 1700كم2 أي بمعدل ثلث مساحة الضفة الغربية.تتركز معظم منطقة التغذية الطبيعية لهذا الحوض الجوفي في المرتفعات الغربية للضفة الغربية وتقدر بحوالي75% إلا انه غير مسموح للفلسطينيين استغلال أكثر من 5% من مجموع الإنتاج الكلي لهذا الحوض الذي يفوق عن 400م م3 في السنة،إلا أن الاتفاقية المرحلية قدرت طاقة الحوض بـ 365م م3 (3).
 
يجب التنويه هنا إلى أن طاقة الأحواض هي حسب ما ورد في الاتفاقية المرحلية وقد بولغ في الأرقام في ما يتعلق بالحوض الشرقي إذ دلت الدراسات بأن الطاقة المتجددة للحوض لا تتجاوز 130 م م3 في أحسن الأحوال في حين أن الاتفاقية المرحلية قدرتها170م م3 أما الحوض الغربي فقدرت طاقته بـ 365م م3 سنوياً وكثير من الدراسات تشير إلى أن الطاقة المتجددة تتجاوز 400م م3 وأشير هنا إلى أن إسرائيل استغلت ما مقداره 572م م3 من طاقة الحوض في العام2000_2001  أي بزيادة عن معدل التغذية الطبيعية بنحو 210م م3 من طاقته المتجددة وذلك حسب المصادر الإسرائيلية (Hydrological Service of Israel) .وهذا يؤدي إلى نتيجة مفادها بأن الاستغلال الإسرائيلي يعني استنزافاً للحوض أو أن طاقته المتجددة هي أكثر بكثير مما ذكر في الاتفاقية المرحلية، وهذا يعد تصرفا خطيرا بحق الحوض الغربي وبحق الطرف الفلسطيني فهو انه المتضرر الأول من ذلك التصرف لكونه يقع في أعالي الحوض إذ أدت تلك الأفعال إلى انخفاض منسوب المياه في الآبار التي تعود ملكيتها إلى الفلسطينيين(1) .
 
     يعد هذا الحوض من المجاري المائية الدولية لتسربه بين فلسطين وإسرائيل و سنأتي إلى البحث في تفاصيله عند تطبيق مبادئ القانون الدولي للمياه وأحكامه عليه.
 
 
المبحث الرابع
الطبيعة الفنية والقانونية للحوض الجوفي الغربي
Technical and legal nature of the underground basin west
 
     في هذا المطلب سأتناول الحوض الغربي من الناحية الجيولوجية ومن جهة أبعاده الفنية بالإضافة إلى وضعه القانوني والمبادئ القانونية المطبقة عليه .
 
المطلب الأول
الأبعاد الفنية للحوض الغربي
       يعد الحوض الغربي هو الأهم الأحواض المائية الجوفية المشتركة ويدعى هذا الحوض بنهر العوجا والتمساح في الشمال ويدعى حوض الخليل /بئر السبع في الجنوب إذ إن تصريفه الطبيعي يأتي من العوجا والخليل وبناء عليه يمتد هذا الحوض من منطقة شمال الضفة الغربية وجنوبها على مساحة تبلغ 1700 كم2 وتقدر مساحته الكلية بحوالي9158كم2،وبناء على هذا الامتداد للحوض فإنه يعد من الأحواض المائية المشتركة إذ تتسرب مياهه إلى داخل الخط الأخضر في إسرائيل(1).ونجد بأن الحوض يغطي أكثر من 35% من مساحة فلسطين التاريخية.
     إن المصدر الرئيس في تغذية الحوض هي مياه الأمطار التي تسقط على المناطق المرتفعة في فلسطين وتنساب شرق المرتفعات الجبلية وغربها وأن الجزء الأكبر من هذه المياه يتسرب إلى الأحواض المائية الجوفية والجزء الباقي من المياه تتبخر أو تجري في الوديان مكونة البرك والسيول والفيضانات .
     وبالنسبة للمياه التي تتسرب داخل طبقات الأرض تظهر على شكل ينابيع مثل ينبوع رأس العين الذي يصب في نهر العوجا "بتل أبيب" وينبوع التماسيح الذي يصب بالقرب من مدينة الخضيرة. وبذلك يتكون الحوض الغربي من فرعيين؛ حوض العوجا أو التمساح وتبلغ مساحته 130كم2 وتقدر طاقته بـ 370م م3 تقوم إسرائيل باستغلالها وحدها بالكامل وحوض بئر السبع إذ تبلغ مساحته 300 كم2 وتقدر طاقته السنوية بـ 20م م3؛ويبلغ التصريف السنوي للحوض حوالي 400 م م3 سنوياً تستغل منه إسرائيل ما نسبته 375 م م3سنوياً أما الفلسطينيون فيحصلون على 20م م3 وذلك بسبب قيام السلطات الإسرائيلية بتحديد عمق الآبار التي يحفرها الفلسطينيون بما لا يزيد عن 200م بهدف منعهم من الوصول إلى المياه العذبة التي توجد في أعماق الحوض(1).
     وقد صادر بناء جدار الضم والتوسع العنصري أكثر من ثلث مصادر الماء المتاحة لمزارعي هذا الحوض مما زاد من معاناة الفلسطينيين المائية ،وقد أدى بناء المراحل الأولى لهذا الجدار إلى تهجير جديد للمزارعين من مزارعهم ،تماما كما حدث في غور نهر الأردن عندما ترك الكثير من المزارعين مصادر رزقهم بعد تحويل مجرى نهر الأردن ليروي المزارع الإسرائيلية في صحراء النقب.
           ويمتاز الحوض الغربي بما يأتي :
1. معظم الينابيع في هذا الحوض تقع في كل من قلقيلية وطولكرم وجنين.
2. ثمة علاقة قوية بين كمية الأمطار ومستويات المياه في الحوض,وترجع المياه الموجودة في الحوض إلى الأمطار التي هطلت قبل 8-10 سنوات.
3. في الوقت الحاضر هناك انخفاض بشكل ملحوظ على مستويات مياه الحوض بالرغم من أنه في العام 1992 اعتبر أعلى معدل للأمطار في تلك السنة مما أدى إلى ارتفاع مستوى مياه الحوض في تلك السنة بعد ذلك بدأت المياه تنخفض في الحوض بنسبة 10-15 سم سنوياً .
4. تعد منطقة طولكرم المستخدم الرئيسي والأول لمياه الحوض ومعدل نزول الأمطار فيها يتراوح ما بين 10-13 سم سنوياً.
5. نسبة هطول الأمطار في الحوض مرتفعة جدا(2).
       وبحكم هذه المواصفات التي يتمتع بها الحوض الغربي ونظرا لكونه الحوض المائي الأهم في فلسطين التاريخية،فإنه يعد شرياناً مهماً لتزويد الفلسطينيين بالمياه. ودون زيادة الكميات المتاحة للفلسطينيين من هذا الحوض فإن معاناتهم ستستمر وستكون الحالة الفلسطينية بعيدة عن تحقيق أدنى شروط الحياة الزاهرة المؤمنة مائيا وزراعيا ومن ثم اجتماعيا واقتصاديا. وأشير هنا إلى أن سلطة المياه الفلسطينية أجرت دراسة بالتعاون مع جامعة نيوكاسل لهذا الحوض وخلصت إلى أنه باستطاعة الفلسطينيين استغلال أكثر من 150م م3 سنويا من مياه الحوض من داخل أراضي الضفة الغربية دون إحداث أي ضرر للاستخدام الإسرائيلي القائم.
 
المطلب الثاني
الأبعاد القانونية للحوض الجوفي الغربي
         تتمثل الجوانب القانونية للحوض الغربي في تحديد المنطقة التي يوجد فيها وسريانه عبر أراضٍ مختلفة تخضع كل منها لسيادة السلطة الفلسطينية وسيادة السلطة الإسرائيلية ومن هنا ثمة جدالات ونقاشات حول تعيين حدود الحوض الجوفي الغربي ونوع السيادة التي تسري عليه، هل هي سيادة فلسطينية أو إسرائيلية ؟ بالإضافة إلى البحث في الوضع الحالي للحوض والقوانين التي تطبق عليه والإشكاليات التي تواجه المفاوضين في عقد الاتفاقيات بخصوص تحديد حصة الفلسطينيين من الحوض التي تحول دون الوصول إلى حل نهائي وقطعي في هذه المسألة.
      وسوف أتناول بالتتابع حدود الحوض الغربي والوضع القانوني لمياه الحوض والإشكاليات الأساسية التي تواجهه لعقد اتفاقيات ثنائية خاصة به.
 
الفرع الأول
 حدود الحوض الجوفي الغربي
       يغطي هذا الحوض كما ذكرت منطقة شمال الضفة الغربية المتمثلة في حوض العوجا - التمساح وجنوب غرب الضفة الغربية المتمثلة في حوض الخليل  بئر السبع، ويشكل وحدة هيدرولوجية مع حوض اليركون الذي يستمد مياهه من ينابيع المياه الجوفية الشمالية للضفة الغربية والتي تتجمع وتتوحد في مجرى رأس العين(1).
      لتعيين الحدود الجغرافية لهذا الحوض قانونيا نستند إلى القرارات التي صدرت عن منظمة الأمم المتحدة المتعلقة الخاصة برسم حدود الدولة الفلسطينية بشكل عام، ونتيجة لذلك علينا الاستناد عند رسم الحدود على الخريطة الجغرافية التي أوجدتها قرارات الشرعية الدولية ومنها القرار الصادر عن مجلس الأمن ويحمل الرقم 242 لسنة 1967 والذي يقضي بمطالبة إسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها في العام 1967 بالإضافة إلى مطالبتها بإنهاء كافة الأعمال الحربية واحترام سيادة الأراضي المحتلة ووحدتها(2).
واستنادا إلى ما سبق  ذكره نتبين أن الحدود الفلسطينية تعود لما كانت عليه الأوضاع عشية حرب حزيران عام 1967 ، وهذه الحدود تتمحور حول كل من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية وفقا للقرارات الدولية وعند النظر إلى المنطقة التي يغطيها الخزان الجوفي الغربي نجد بأن مصدر تغذيته من منطقة الضفة الغربية، ويضخ في كل من إسرائيل والضفة، ولأن المياه لا تعرف حدودا ولطبيعة التكوينات الصخرية الفلسطينية التي تساعد على تسرب وانسياب المياه بسهولة مما يجعلها تنبع من منطقة وتصب في منطقة أخرى، نجد بأن الحوض الجوفي الغربي حوض مائي مشترك بين دولتين هما فلسطين وإسرائيل، وهذا ما أوضحته اتفاقية الأمم المتحدة في استخدام المجاري المائية للأغراض غير الملاحية عند تعريفها للمجرى المائي الدولي ولدولة الحوض(1) .
      ومن ناحية أخرى فان الاعتراف المتبادل بين فلسطين وإسرائيل في اتفاق إعلان المبادئ عام 1993 أكدّ على تمتع كل منهما بالشخصية القانونية الدولية التي تخوله عقد الاتفاقيات وتحمل الالتزامات والواجبات الدولية واعتبارهما من دول الحوض.
 
     أستخلص مما تقدم أن كلاً من إسرائيل وفلسطين تعدان دولة حوض مشتركتين في مياه الحوض الجوفي الغربي ونتيجة لذلك يجب تطبيق المبادئ القانونية الدولية في استخدام مياه الحوض، وفقا لمبادئ العدالة والإنصاف والاستخدام المعقول وعدم قيام أي طرف بإلحاق الضرر بالطرف الآخر، والالتزام بما توجبه الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمجاري المائية ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك.
الفرع الثاني
الوضع القانوني للحوض الجوفي الغربي
 
      أحكمت إسرائيل سيطرتها بعد حرب حزيران لعام 1967 على كافة الموارد المائية عن طريق سياسات وخطط مدروسة تمثلت في إنشاء سلسلة من المستوطنات على امتداد نهر الأردن، خاصة في المناطق الشمالية والساحلية والوسطى التي تتمتع بوفرة مصادر المياه، وتلك السلسلة من المستوطنات أدت إلى فصل مناطق الضفة عن بعضها بعضاً.
     بالإضافة إلى إقامة المستوطنات أصدرت السلطات الإسرائيلية أوامر عسكرية عديدة خاصة بالمياه تتضمن كيفية توزيعها واستغلالها وإدارتها وتطويرها، ومنع الجانب الفلسطيني سواء كان أفرادا أو مؤسسة من القيام بأي عمل في مجال المياه، إلا بعد استصدار إذن أو تصريح منها ولا يمكن إعطاء هذا الإذن إلا في حالات محدودة ونادرة.
      ومن هذه الأوامر العسكرية التي تتعلق بمصادر المياه وخاصة الجوفية منها الأمر رقم (2) لسنة 1967 الذي عدّ جميع مصادر المياه في المناطق المحتلة أملاكاً لدولة إسرائيل، والأمر رقم (93) لسنة 1967 الذي صدر مباشرة على إثر الاحتلال ومنح السلطة الكاملة على مصادر المياه لضابط إسرائيلي يعيّن بموجب قرار من قائد المنطقة العسكري ومنح هذا الضابط صلاحيات واسعة للسيطرة على مصادر المياه ؛ وذلك عن طريق منح التراخيص والتصاريح لمنشآت المياه القائمة والجديدة وطرق التشغيل وتعيين موظفي مصالح المياه، وغيرها من الأوامر العسكرية التي تعنى بتملك مصادر المياه وعدم النص على حقوق الفلسطينيين بها إلا بإعطائهم كميات محدودة خاصة باحتياجاتهم الأساسية(1) .
ويتضح من تلك الأوامر بأنها تهدف إلى :
  1. تقييد استغلال الفلسطينيين للمياه في أضيق نطاق.
  2.  تمكين المستوطنات من استنزاف أكبر كمية من الفائض المائي.
  3. اتخاذ كافة التدابير التي تضمن تسرب المياه الجوفية والمياه السطحية إلى داخل الخط الأخضر(2).
 
     بالإضافة إلى الأوامر العسكرية طورت إسرائيل كفاءاتها وتقنياتها التكنولوجية لاستغلال موارد المياه إلى أعلى مستوى ممكن؛ وتطورها التكنولوجي ساعد على ضخ المياه من الحوض الجوفي وتخزينها في مستودعات جوفية خاصة بالإسرائيليين,إضافة إلى استبدال إسرائيل الينابيع التي تستمد مياهها من الحوض الغربي بمئات الآبار التي تسيطر عليها.
     ومنحت السلطات الإسرائيلية إدارة مصادر المياه بشكل عام في الضفة والقطاع لشركة المياه الإسرائيلية ميكوروت"Mekorot" التي همشت دور مؤسسات المياه الفلسطينية القائمة قبل عام 67 وتحويلها إلى مجرد مؤسسات إدارية ،وأعطت كافة المهام التقنية والسياسات المائية لممثلي الحكومة الإسرائيلية الأمر الذي أدى إلى عدم تطور قدرات المؤسسات الفلسطينية وزيادة مهاراتها(3) .
 
       وبناء عليه فان الشركة المسؤولة عن مياه الحوض الجوفي الغربي هي شركة المياه الإسرائيلية وبالرغم من عقد الاتفاقيات التي تمنح الفلسطينيين الحق بإقامة المشاريع المائية الفلسطينية فإنها مرفوضة  بشكل دائم من قبل الإسرائيليين.
     كذلك وجدت أن الخبراء والسياسيين الإسرائيليين عبروا عن أهمية الاحتفاظ بكافة مصادر المياه الموجودة في الضفة وخاصة الجوفية منها وإعطاء السلطة حق السيادة على المواطن دون إعطائها السيادة على الموارد الطبيعية المتواجدة في أرضها باستمرار.
      فقد أعلن متحدث باسم شركة المياه الإسرائيلية "بأن التخلي عن مياه الضفة يعني خنق إسرائيل والعودة إلى عهد آبار الجمع ", ومن أقوال رفائيل ايتان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في العام 1990 " عبر عن ضرورة احتفاظ إسرائيل بالسيطرة الكاملة على مصادر المياه في الضفة والقطاع بما في ذلك استمرار السيطرة على البنية الأساسية التي تشمل إمدادات المياه ,إذ إن موارد المياه شحيحة في إسرائيل التي ستحتاج إلى زيادة كميات المياه لديها والسيطرة على تلك المصادر من الأهمية والحيوية إذ لا يمكن تركها في أيدي الفلسطينيين".
     وأكدّ المحلل العسكري الإسرائيلي زئيف شيف في معرض تعليقه على اتفاق أوسلو على "أن مسألة الموارد المائية في الضفة والقطاع تثير مشكلات أمنيه شديدة التعقيد والصعوبة فالمياه لا تعرف حدودا وليس بإمكاننا أن نعالج مسألة انسياب وتدفق المياه الجوفية والمخزونة في باطن الأرض كما نعالج موضوع ترسيم الحدود عبر وضع علامات طبيعية واصطناعية؛ ولذلك لا ينبغي لإسرائيل قبول أي انسحاب من الضفة والقطاع دون ضمان تعاون وإحداث تعديلات نوعية في حدودها تسمح بالاحتفاظ بجزء من مصادرها المائية. ومن المهم أن يقوم خبراء المياه بدور حاسم في تعيين الحدود النهائية لإسرائيل".
      وكذلك جاءت التوصية في التقرير الذي وضعته لجنة بن اليسار المكلفة بدراسة مسألة الحكم الذاتي الفلسطيني بأنه "يجب أن تستمر إسرائيل في السيطرة على الموارد المائية في الضفة والقطاع وذلك بسبب شح المياه في داخل الخط الأخضر حيث أن مصدر تغذيتها الضفة والقطاع وسيكون من المستحيل إقامة مستوطنات إسرائيلية جديدة في المناطق من دون السيطرة والإشراف على الموارد المائيه"(1).
      وغيرها من الآراء التي تدعم سيطرة الحكومة الإسرائيلية على كافة المصادر المائيه الفلسطينية وتأكيدهم على وضع شروط تحول دون فقدهم لمياه الضفة والقطاع والعمل على ضخ المياه الجوفية في كل منهما إلى داخل إسرائيل ، وبسبب العامل المائي نلاحظ بأن إسرائيل ترفض أي تسوية سياسية في الضفة تؤدي إلى فقدانها للموارد المائية بوصف الضفة المستودع المائي لإسرائيل,وتسعى جاهدة لإحكام سيطرتها على كافة الموارد الجوفية للمياه عن طريق تغيير مساراتها أو حفر الآبار العميقة في المناطق المجاورة للحوض .
واستناداً إلى ما ذكر سابقا نتبين أن المياه في الحوض الجوفي الغربي تحكمه القرارات العسكرية الإسرائيلية التي تسعى إلى السيطرة على مياهه عبر عملية حفر الآبار العميقة في المناطق المحيطة به والموجودة على طول خط الهدنة ورفض إعطاء تراخيص للعرب بحفر آبار عميقة وتحديد عمق الآبار التي يحفرونها,ويقدر الباحثون بأن إسرائيل تستغل ما مجموعه 365_500م م3 عبر سحبها من الطبقات الصخرية الجوفيه للحوض الغربي.
      وأثرّ بناء المستوطنات في المناطق المحيطة بالأحواض الجوفية بصفة عامة على استهلاك مياه هذه الأحواض بمعدلات تفوق احتياجات الفرد للمياه للكمية التي حددتها منظمة الصحة العالمية،إذ إن المستوطن الإسرائيلي في أراضي الضفة يستهلك من المياه سبعة أضعاف ما يستهلكه المواطن الفلسطيني.
      وما زالت شركة مكوروت الإسرائيلية هي المسؤولة عن تشغيل وإدارة المياه الموجودة في الحوض بالرغم من أن المادة 2 /ب/31 من الملحق الثاني لاتفاقية أوسلو التي تضمنت بأنه يقع على السلطة الفلسطينية تشغيل وإدارة وتنمية جميع شبكات وموارد المياه والصرف الصحي بما في ذلك أعمال الحفر بطريقة تحول دون حدوث أي ضرر بموارد المياه إلا أن إسرائيل عملت جاهده لتضمين تلك الاتفاقيات بنود تحول دون سيطرة الفلسطينيين على موارد المياه فوضعت استثناء على الفقرة السابقة. وهو أن الشركة الإسرائيلية ستستمر في تشغيل وإدارة شبكات المياه القائمة التي تزود المستوطنات بالمياه وبناء على هذا الاستثناء مازالت تلك الشركة مسؤولة عن كافة موارد المياه التي تزود كلاًَ من الفلسطينيين والمستوطنات بالمياه دون إعطاء الفلسطينيين حقهم في إدارة مصادرهم المائية،إضافة إلى منعهم من القيام بالإدارة لمواردهم المائية وتطبق الشركة البنود المتعلقة بعدم إلحاق الضرر بالمياه على الجانب الفلسطيني في ما يتعلق بموارد المياه الموجودة في الضفة الغربية(1).
     ووفقا للقانون الدولي فان سن تشريعات في الأراضي المحتلة تعتبر مجرد أوامر إدارية لا تأخذ صفة القوانين وتلغى تلك القرارات الإدارية بمجرد انتهاء حالة الحرب وذلك لأنه لا يحق لسلطة الاحتلال إصدار تشريعات لان هذا العمل يعتبر من أعمال السيادة التي تبقى ولا تنتقل إلى السلطة العسكرية المحتلة ولان القوة لا تخلق القانون(2).
     أعطى قانون الحرب سلطات الاحتلال مهمة استعادة الأمن والنظام والسلامة العامة عن طريق إصدار قرارات أو تشريعات طارئة ومؤقتة وذلك في المادة 43و55 من لوائح لاهاي لتحقيق أهداف معينه بذاتها لمصلحة سكان الإقليم المحتل وجيش الاحتلال وعليه يبقى القانون الوطني ساري المفعول إلا إذا تطلبت حالة الضرورة وقف العمل به لفترة مؤقتة لمصلحة السكان ولا يجوز للقوة المحتلة إلغاء تلك القوانين.
     ولعدم وجود حالة الضرورة في الأراضي الفلسطينية لا بد من أن تطبق التشريعات الوطنية للبلد المحتل فالأوامر العسكرية تمس مصلحة سكان الأراضي المحتلة وتحرمهم من التمتع بالموارد الطبيعية وخاصة المائية، فإن تلك الأوامر يجب أن لا تطبق على الأراضي الفلسطينية و يجب وقفها وإلغاؤها والعمل وفق القوانين التي يصدرها المجلس التشريعي الفلسطيني وذلك وفقا لمبادئ القانون والعرف الدولي الذي يعطي حق إصدار التشريعات لدولة فلسطين وليس لدولة الاحتلال إذ إن من اختصاص دولة الأصل إصدار التشريعات ؛ لأنها صاحبة السيادة القانونية على الإقليم والسلطة المحتلة تدير ولا تحكم,وهي موجودة في الإقليم المحتل بصفة مؤقتة(1) .
 
المطلب الثالث
المخاطر والصعوبات التي تواجه الحوض الجوفي الغربي
Risks and difficulties facing the western basin underground
 
      إن الممارسات الإسرائيلية في استغلال (سرقة) المياه الفلسطينية بصفة عامة ومياه الحوض الجوفي الغربي بصفة خاصة أدى إلى استنزاف المخزون الجوفي للمياه الذي نتجت عنه مشكلات خطيرة تواجهها المياه الفلسطينية وهذه المشكلات والمخاطر نتيجة عوامل عديدة أساسها السياسة المائية الإسرائيلية, ومن تلك المخاطر التي يواجهها الحوض النقص في التزود بالمياه وتلوث مياه الحوض وزيادة ملوحة الحوض بين آونة وأخرى.
      وبالإضافة إلى الخطر المحدق الذي تواجهه فلسطين عامة جراء بناء جدار الضم والتوسع فهو يؤثر على الحوض الغربي إذ تواجه الحوض مشكلة الجدار ورسم الحدود, إضافة إلى أنه في حال إنجاز اتفاق بشأن مياه الحوض فإن هنالك إشكالية تحديد نسبة السكان المستفيدين من مياهه والمناطق الفلسطينية المجاورة للحوض في ما لو زودت بمياه الحوض, ولا بد لنا من الوقوف عند هذه القضايا بالتفصيل على النحو الآتي :
 
الفرع الأول
 تناقص كمية المياه بالحوض Decreasing the amount of water basin
 
       هذه المعضلة تواجه الحوض نتيجة عوامل عديدة منها ؛ الاستعمال المفرط لمياه الحوض من الجانب الإسرائيلي والاستهلاك غير المتوازن للمياه, إذ استخدمت مياه الحوض بشكل يفوق معدل التغذية السنوية المتجددة له في بعض الأحيان؛ مما أدى إلى الانخفاض التدريجي لمستوى مياهه. والعامل الثاني يتمثل بحفر إسرائيل آبار جديدة في منطقة الحوض لتوفير المياه اللازمة للمستوطنات المبنية على مناطق الحوض الجبلي؛ مما أدى إلى نضوب بعض الينابيع والآبار التي تزود الخزان بالمياه , فالاستيطان أسلوب من الأساليب التي تستخدمها إسرائيل للسيطرة على المياه الفلسطينية ، وذلك بإنشائها في المناطق الخصبة بالمياه خاصة فوق الأحواض الجوفية بمحاذاة المجاري المائية والأنهار, وقد استغلت المستوطنات مياه الحوض بأقصى حد ممكن إذ تحصل على ما نسبته 95% من مياه الحوض بينما لا تتجاوز النسبة التي يحصل عليها الفلسطينيون 3% من مياه الحوض، وبناء على ذلك يحصل المستوطن على خمسة أضعاف ما يستهلكه المواطن الفلسطيني من مياه الحوض(1).
      أيضا قدمت إسرائيل تسهيلات كثيرة للمستوطنين وشجعتهم على الإقامة والعمل في الزراعة وذلك بحفر آبار ارتوازية لاستخراج المياه العذبة من أعماق الحوض؛ مقابل ذلك شددت الإجراءات على الفلسطينيين وحددت كميات المياه التي يستخرجونها وعمق الآبار المسموح لهم بحفرها وحصرت استخدامات المياه للفلسطينيين لأغراض الشرب والاستخدام المنزلي فقط ليبقى المواطن الفلسطيني تابعاً للاقتصاد الإسرائيلي وخاصة في مجال الزراعة إذ إن كمية المياه التي يحصل عليها المواطن الفلسطيني تلزمه بزراعة أنواع معينة من المحاصيل التي تحتاج لكميات قليلة من المياه.
      والعلاقة تعد أساسية بين المياه والزراعة وإقامة المستوطنات فدون المياه لا توجد الزراعة ودون وجود الزراعة لا يوجد استيطان سكاني, والاستيطان يعد كيان الدولة الصهيونية الأساسي فمن أقوال بن غوريون في هذا الخصوص "إن المياه هي الدماء لحياتنا ومجتمعنا الجديد والوطن جذوره في مياهه وإن إسرائيل في الحقيقة تستهلك أكثر من 80% من المياه في الزراعة, هذا يوضح لنا أن الزراعة تعني السكان والاستقرار والسيطرة على الأرض لأن الأيديولوجية الصهيونية تعتمد على الزراعة للسيطرة على الأرض وكافة المصادر المائية(1) .
     فالزراعة في إسرائيل تشكل عاملاً مهماً في نقص كمية المياه في الحوض؛ وذلك لأن هذا القطاع يستهلك ما نسبته أكثر من 75% من مجمل استهلاك إسرائيل للمياه, إذ إن معظم المستوطنات التي زرعتها الدولة الصهيونية على الأراضي الفلسطينية تعد مستوطنات زراعية بحاجة إلى كميات ضخمة من المياه لأغراض الزراعة فقط ؛ وذلك بهدف ربط المستوطن اليهودي بالأرض والاستقرار فيها والوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من الزراعة وتغطية تكاليف الإنتاج؛ مما مكنها من الوصول إلى مستوى الدول المتقدمة في الزراعة(2) .
     والعامل الثالث الذي ساعد على نقص كمية مياه الحوض زيادة النمو السكاني الذي يؤدي إلى زيادة الطلب على المياه بالرغم من أن هذه الحقيقة المسلم بها في جميع دول العالم إلا أن زيادة السكان في فلسطين لم تؤد إلى زيادة الطلب على المياه بل أصبح المواطن يحصل على حصة أقل بكثير مما كان يحصل عليه في السنوات القليلة الماضية(3) .
 
    وساعد تذبذب كميات مياه الأمطار من سنة إلى أخرى في تناقص كمية مياه الحوض إذ تتعرض منطقة الشرق الأوسط بشكل عام إلى انخفاض مستوى الأمطار؛ مما أدى إلى ظهور موجات الجفاف المتكررة وهذا الانخفاض في كميات الأمطار أدى إلى خفض المخزون المائي لمياه الحوض.
الفرع الثاني
 تلوث مياه الحوض  Pollution of water basin
 
     السؤال المطروح بداية ما هو تلوث المياه؟
    إنه أي تغير في الخصائص الفيزيائية أو الكيميائية أو البيولوجية للمياه؛ مما يجعل نوعية المياه المستخدمة غير صالحة وغير ملائمة للاستعمال(1).
     فالمياه تعد ملوثة إذا ما وجد فيها عناصر معينة تعوق استخدامها لأغراض الشرب وري المزروعات ويعود السبب في تلوث المياه إلى التغيرات التي تحدث في أشكال الطاقة ومستويات الإشعاع والتكوين الفيزيائي الكيميائي ونسب وجود الحيوانات والنباتات ومخلفاتهما إضافة إلى تصريف المياه العادمة والمنظفات والمواد المستهلكة للأكسجين والمعادن الثقيلة .
     ومن أهم مظاهر تلوث مياه الحوض الجوفي الغربي زيادة نسبة الأملاح وزيادة نسبة النترات  وذلك بسبب السياسة المائية التي تتبعها إسرائيل سواء في عدم السماح بإدارة مستدامة للحوض أو بإعاقة المشاريع الفلسطينية في الضفة الغربية. وعلى سبيل المثال إعاقة مشاريع محطات معالجة المياه وغيرها من الأسباب التي ذكرت سابقاً وقد وجدّ بأن مياه الحوض ملوثة في بعض المناطق من مثل طولكرم وقلقيلية والخليل والسبب الرئيس هو تصريف المياه العادمة إذ إن نسبة العائلات الفلسطينية التي تصل مساكنها بشبكات الصرف الصحي لا تزيد عن 40% والباقي يتخلص من المياه العادمة عن طريق الحفر الامتصاصية أو عبر صهاريج نضح تفرغ في الأودية الأمر الذي يشكل خطورة على مياه الأحواض الجوفية التي تستخدم مياهها لأغراض الاستعمال المنزلي والزراعي خاصة في القرى الفلسطينية إذ إن تلك المياه يصل إليها التلوث بسهولة بسبب الحفر الامتصاصية الموجودة في المنطقة لذلك لا بدّ من وجود شبكة لتصريف المياه العادمة بعيدة عن مياه الحوض الجوفي الغربي, وكما هو معلوم فإن انتقال التلوث يكون دائما باتجاه تدفق المياه الجوفية ؛ لذا لا بد من عدم تصريف المياه العادمة(Wastewater) في الأودية والسهول والجبال المكشوفة(2) .
      عندما درست الباحثة الطبيعة الفنية للحوض الجوفي الغربي تبين لها بأنه يتسم من الناحية الجيولوجية بأن طبقاته تتكون من الحجر الجيري الذي يسمح بنفاذ المواد بسهولة مما يعرضه إلى التلوث بسرعة بسبب تصريف المياه العادمة التي ذكرناها سابقاً وأيضا بسبب الممارسات الزراعية الخاطئة،وذلك باستخدام الأسمدة غير العضوية ومبيدات الآفات ومبيدات الأعشاب التي يستخدمها المزارع الفلسطيني بكميات كبيرة في المزارع الفلسطينية وبطريقة غير قانونية بالرغم من حظر استخدامها دوليا لأسباب بيئية وصحية, فمثلا منعت منظمة الصحة العالمية تطهير التربة بالميثل بروميد الذي يستخدمه المزارع الفلسطيني إضافة إلى عدم وعيه بكيفية استخدام هذه المواد الكيميائية المحظورة دوليا تستخدم إسرائيل أيضا مبيدات الآفات والأعشاب والأسمدة غير العضوية في مستوطناتها الزراعية القريبة من الحوض إضافة إلى النفايات الصلبة التي تضخها إسرائيل في مناطق الضفة الغربية والتي تحوي ملوثات عضوية(Organic Polluted) ومعادن ثقيلة(Heavy Metal) ومخلفات المصانع وتصريفها للمياه المستعملة غير الملائمة للاستخدام؛ إذ تتسرب إلى طبقات الأرض وتصل إلى مستودعات المياه الجوفية ووفقا لقوانين المحافظة على البيئة فإن الدوائر المختصة ملزمة بتصريف تلك النفايات بشكل لا يضر بالبيئة بعيداً عن مكامن المياه والمناطق المأهولة بالسكان(1) .
     ويبدو لي أن تسرب المياه العادمة والنفايات الصلبة والأسمدة للمياه الجوفية أدى إلى زيادة نسبة النترات والكلور في المياه بمعدلات تفوق النسبة التي وضعتها منظمة الصحة العالمية في ما يخص مياه الشرب والري، لذا لا بد من إجراءات حاسمة لحل هذه المعضلة التي تتبناها مرافق البيئة في فلسطين والعمل على خلق مشاريع جادة لتفادي مشكلة تلوث المياه.
 
الفرع الثالث
 زيادة نسبة الملوحة في الحوض
Increase the Proportion of salt in the basin
       تعد المياه المالحة غير صالحة للاستعمال وبذلك ينطبق عليها مصطلح مياه ملوثة، وزيادة ملوحة مياه الحوض ناتجة عن الاستخدام المفرط لمياه الحوض فإسرائيل حفرت العديد من الآبار الجديدة في مناطق الحوض الجوفي الغربي لتزويد مستوطناتها بالمياه ولتزويد الناقل الوطني للمياه الذي يمتد إلى النقب، ونتيجة لحفر الآبار العميقة التابعة لإسرائيل والتي تصل إلى 800م وأحيانا تكون أعمق من الحوض ذاته فإن عملية الحفر تلك أثرّت على نوعية المياه في الحوض وكميتها وكذلك على الآبار الفلسطينية التي يزودها الحوض بالمياه ويبلغ عمق الآبار الفلسطينية 140م إذ زادت ملوحة المياه في الحوض في بعض المناطق ونضبت الينابيع والآبار في مناطق أخرى من مثل جفاف ستة آبار في منطقة بردلة بسبب ضخ معظم المياه إلى مستوطنة (محولا) الإسرائيلية وكذلك الحال بالنسبة لنبع العوجا الذي جف بعد إنشاء مستوطنة بيطاف وحفر الإسرائيليين للآبار العميقة بالقرب منه(1).
       فالضخ المفرط لمياه الحوض زاد من نسبة الملوحة بتسرب مياه نظام السنومائي الأعلى-التوروني العالي الملوحة إلى منطقة تخزين المياه العذبة في الحوض للحلول مكان المياه التي تسحبها إسرائيل من الحوض(2).
 
الفرع الرابع
جدار الضم والتوسع ورسم الحدود
Wall of annexation , expansion and demarcate
      إن قضية رسم حدود الدولة الفلسطينية ما زالت غير معلومة حتى الوقت الحاضر بالرغم من صدور قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة التي توضح بأن حدود الدولة الفلسطينية تعود إلى ما كانت عليه عشية حرب حزيران 67 إلا أن الخبراء الإسرائيليين أكدوا دائما على عدم رسم الحدود وفقا لتلك القرارات وكي تبقى الحدود غير واضحة ؛ وذلك لأن معظم مصادر المياه الإسرائيلية موجودة في مناطق الضفة والقطاع وهذا ما أوضحته عند سرد أقوال بعض الخبراء والسياسيين حول المياه الفلسطينية ويؤكد على هذه الحقيقة ما ورد في يوميات موشي شاريت رئيس وزراء إسرائيل عام 1953 "بأن إسرائيل مستعدة لمناقشة موضوع المياه بشرط ألا يمس أي اتفاق يتوصل إليه بسيادة إسرائيل على الموارد الطبيعية وألا يتضمن الاتفاق تغيير الحدود لدولة إسرائيل بحيث تبقى مسيطرة على منطقة الضفة الخصبة بالمياه".وكذلك ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين "بأننا لن نعود إلى حدود عام 1967"(3).
 
      وفي إطار الخطط التي تعدها إسرائيل لاستمرار اعتدائها على الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية،والهادفة إلى إحكام السيطرة على الموارد الطبيعية الفلسطينية تحت ذرائع أمنية وسياسية واهية،شرعت قوات الاحتلال الإسرائيلي وبإرادة القوة العسكرية في 23/6/2002 بإصدار قرارها رقم 2077 الذي ينص على إنشاء جدار الفصل الأحادي الجانب الذي يفصل إسرائيل عن الضفة تحت قناع الحماية الأمنية لدولة إسرائيل وعهدت إلى إدارة منطقة التماس التي يترأسها المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية بإعداد الخطط المناسبة لبناء الجدار .
     وضعت تلك الإدارة مسار الجدار إذ رسمته من نقطة تقع في شمال الأغوار باتجاه جنين ثم جنوبا إلى طولكرم وقلقيلة حتى اللطرون ثم يلتف حول القدس ومن ثم يتجه إلى الجنوب ليصل مدينة الخليل وتشير معظم الدراسات إلى أن الجدار يتوغل في عمق الأراضي الفلسطينية لمسافة تتراوح ما بين 300م إلى 23 كم بطول يصل إلى 620 كم وبذلك تبني إسرائيل الجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية متجاوزة بذلك خط الهدنة لعام 1949 والبالغ 350 كم ويتكون الجدار من جدار إسمنتي يبلغ ارتفاعه ستة أمتار ولفات من الأسلاك الشائكة بأنواعها عرضها 5م وارتفاعها 3م وخنادق وطريق معبد للدوريات وممر رملي لاكتشاف آثار الأقدام وسياج مكهرب ومنطقة ترابية بالإضافة لوجود كاميرات مراقبة على طول الجدار،لذلك تعد جميع المناطق المجاورة للجدار مناطق عسكرية مغلقة يصعب الوصول إليها(1).
      وبناء الجدار على هذا النحو أدى إلى اقتطاع مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية في الضفة بالإضافة إلى أنه عزل التجمعات السكانية الريفية عن الضفة لتصبح في مناطق معزولة يصعب الدخول إليها والخروج منها عدا عن اقتطاع مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وحرمان أصحابها من الوصول إليها.كما أدى إلى سيطرة إسرائيل على عدد كبير من الآبار المائية التي تستغل لأغراض الزراعة والشرب،وفي المجمل فإن لهذا الجدار تأثيرات على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية،إذ إن السيطرة على مصادر المياه والأراضي الزراعية الفلسطينية يخلق معوقات جدية وكبيرة تصعب على الفلسطينيين إدارة مصادرهم المائية وتحرمهم من استغلال مواردهم الطبيعية ،مما ينعكس على كافة نواحي الحياة الفلسطينية(2).
       لتجنب النتائج السيئة للجدار يجب الاستناد في رسم الحدود الفلسطينية إلى قرارات الشرعية الدولية كي لا تحصل إسرائيل على مبتغاها بإحكام سيطرتها بشكل دائم على موارد المياه ومطالبة المجتمع الدولي بإلزامها بالموافقة على أن الخط الأخضر هو الحد بين الدولتين وفي حال توصل إلى اتفاق ثنائي خاص برسم الحدود سوف يكون وفقا لمبادئ القانون الدولي وقواعده الخاصة بوضع الحدود الدولية ورسمها بين الدول.
      وبالرغم من رفض المجتمع الدولي للحجج الإسرائيلية في إنشاء الجدار على الأرض الفلسطينية إلا أنها لم تعر ذلك اهتماماً ومضت في سعيها فالإسرائيليون يسعون إلى تثبيت أمنهم ولو أنهم أرادوا فعلا الحصول على أمنهم لبنوه على حدود الخط الأخضر إلا أن الحقائق تنفي هذا الادعاء الإسرائيلي؛ وذلك لأن الجدار يهدف إلى تحقيق أغراض سياسية وديموغرافية واقتصادية والتشبث بالمستوطنات في الضفة الغربية وفرض واقع على الشعب الفلسطيني قبل وصوله إلى مرحلة المفاوضات النهائية ومنع إقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة وتحقيق هدف الخبراء الإسرائيليين برسم حدود سياسية جديدة ودائمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ولإدراك الشعب الفلسطيني لهذه المعضلة فقد قام الوفد الفلسطيني في الأمم المتحدة بالمطالبة بإصدار قرارات دولية حول مدى شرعية الجدار من قبل الجمعية العمومية ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية(1) .
        ولكن مجلس الأمن لم يصدر حتى اليوم قراراً ملزماً خاصاً بالجدار ومدى شرعيته بخلاف الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أصدرت عدة قرارات بخصوصه إلى أن أحالته إلى محكمة العدل الدولية التي أعلنت رأيها الاستشاري بالنسبة لبناء الجدار،وأكدت فيه على عدم شرعية الجدار وأنه غير قانوني ويخالف المبادئ والأحكام العامة للقانون الدولي .
      وكذلك طالب أعضاء المجتمع الدولي بوقف بناء الجدار وإزالة ما بني منه وتعويض المواطنين الذين صودرت أراضيهم ودمرت ممتلكاتهم بسبب بناء الجدار,إلا أن إسرائيل لم ترضخ لتلك القرارات لعدم تمتعها بالصفة الإلزامية الآمرة واستمرت ببناء الجدار رغم عدم شرعيته.الذي يهمنا في هذه الدراسة أثر الجدار على المياه في الحوض الجوفي الغربي التزاماً بالإطار القانوني للدراسة.
 
     إن الحوض الجوفي الغربي يمتد ليتجاوز الخط الأخضر وذكرنا بأنه يعد حوضاًً مائياً مشتركاً ويجب تقاسم مياهه بين الطرفين وفقا للقانون الدولي والحصول على المياه من الحوض الغربي أفضل وأيسر من الجهة الغربية للحوض؛ وذلك لأن الناحية الشرقية تحتاج إلى تكاليف باهظة لضخ مياه الحوض منها بسبب تكوينات الطبقات الصخرية في تلك الناحية, وهذا يعني بأن المناطق المثلى لاستخراج المياه من الحوض يجب أن يكون من المناطق الواقعة في الجزء المحاذي للخط الأخضر كونها تمتاز بمحدودية ميلان الطبقات المائية والإشباع التام لها ،لذا فان إزاحة الحدود السياسية باتجاه الشرق لا يعني فقط تقليل مساحة المناطق القابلة للاستخراج من قبل الفلسطينيين بل إن القدرة النوعية للطبقات تتناقص بشكل كبير كلما اتجهنا شرقا أيضا، مما يصعب على الفلسطينيين حل مشكلات تزودهم المائي من الحوض الغربي الذي يشكل أهم مورد استراتيجي للمياه الفلسطينية لوفرة مياهه وتجددها وغزارة مياه الأمطار التي تسقط على المنطقة التي يغطيها(2) .
 
 
وبناء الجدار  على هذا النحو سيؤدي إلى مشكلات خطيرة ،على المجتمع الفلسطيني أن يواجهها وخاصة منطقة الحوض الغربي ومن أهمها :
1. سيطرة إسرائيل الكاملة على مياه الحوض الذي تبلغ طاقته السنوية 400 م م3 وتستهلك إسرائيل حاليا ما يزيد على 375م م3 وتشير الدراسات بأنه مع بناء الجدار سوف يخفض ما يحصل عليه الفلسطينيون إلى 10م م3 فقط .على الرغم من أن 90%من مياه الحوض المتجددة تتكون في الضفة الغربية وبناء الجدار سيؤدي إلى حرمان الفلسطينيين من مياهه ويمنعهم من استغلال المصادر المائية القريبة من الحوض والمحاذية للجدار بوصفها مناطق عسكرية.
2. الجدار يحكم السيطرة على أية نشاطات أو مشاريع يقوم بها الفلسطينيون لتنمية مواردهم المائية من خلال تطوير الآبار الموجودة أو حفر آبار جديدة في منطقة الحوض.
3. سيعمل الجدار على تدمير الآبار التي تمد الفلسطينيين بالمياه لأغراض الشرب والزراعة والصناعة الموجودة بالقرب من الخط الأخضر ،التي تقدر بحوالي إحدى وخمسين (51 )بئرا، وبناء على ذلك يعمل الجدار على تدمير الموارد المائية والآبار الارتوازية الواقعة بمحاذاة الجدار من الجهة الشرقية التي تزود الفلسطينيين بحوالي 5م م3.بالإضافة إلى فقدان ثلاث وثلاثين (33) بئرا مائيا منتجا أصبحت واقعة بين الجدار والخط الأخضر(1) .
4. إن بناء الجدار في مناطق استخراج المياه المثلى من الحوض الغربي قد يؤدي إلى حدوث بعض التغييرات البيئية التي تشكل تهديدا على نوعية المياه من حيث احتمال ازدياد مصادر التلوث نتيجة لازدياد النشاط السكاني حول هذا الجدار وخاصة من الآليات العسكرية الإسرائيلية.
5. إضافة إلى أن الآبار التي تبقى محاذية للجدار لن يتمكن الفلسطينيون من الوصول إليها وربما يفقدونها إلى الأبد بسبب الممارسات الإسرائيلية ذات الطابع العسكري والدوريات الأمنية المرافقة لعملية البناء في مناطق تلك الآبار، وهذا سيحد من إمكانية الفلسطينيين على استخراج كميات المياه المسموح لهم بها، ويعمل على إضعاف إمكانياتهم وقدرتهم لإدارة مياههم في المناطق المحاذية للجدار.
6. حرمان الفلسطينيين من أهم عنصر إستراتيجي للتنمية وأهم مقومات الحياة المياه،إذ أحكمت سيطرتها على هذا العنصر الذي لن يحصل الفلسطينيون على حقهم منه إلا بإرادة دولة إسرائيل(1).
7. تفرض إسرائيل بشكل دائم سياسة الأمر الواقع على الشارع الفلسطيني إذ بنت الجدار قبل الوصول إلى مرحلة المفاوضات النهائية حول قضايا الحل الدائم ومن ضمنها القدس واللاجئون والمياه. ففرضت إسرائيل نظريتها القائلة بأنه لا يوجد موارد مائية كافية في الحوض الغربي للتفاوض عليه أو تقاسمه بين الطرفين وإبقاء حاجة الفلسطينيين من المياه مقيدة بالقرار السياسي الإسرائيلي(2).
 
      وتهدف إسرائيل من وراء ذلك إلى ضمان استمرار عمليات سحب ما يزيد عن 400م م3 وإبعاد الفلسطينيين عن أهم مناطق الحوض من حيث عمليات الحفر والاستغلال للمجرى والسيطرة على عدد كبير من الآبار الفلسطينية الغنية بالمياه إضافة إلى سيطرتها على أراض زراعية ذات نوعية خصبة، كل ذلك يحد من القدرة الفلسطينية على سحب كميات من المياه التي تستخرج حاليا بالرغم من محدوديتها وإضعاف قدرتهم على إدارة مصادرهم المائية بشكل كامل ومتكافئ .
     والأمر الواقع هو أن الجدار يمتد على الحافة الشمالية الغربية للضفة الغربية إذ يتوغل في أراضي الحوض الغربي ليصل حتى أطرافه الشرقية، وبناءه بهذا الشكل يضع آبار المياه ومعظم مكامن مياه الحوض بين الجدار والخط الأخضر. وقد عمدت إسرائيل إلى بناء الجدار حول منطقة الحوض الغربي لما يمتاز به الحوض من جودة في نوعية المياه وغزارة في الإنتاج عند هطول نسبة عالية من الأمطار عليه؛ وذلك بسبب بعده عن مياه البحر، وكذلك لأن مشكلة ملوحة مياهه مؤقتة وتحدث نتيجة الاستهلاك المفرط لمياهه.وقد ذكرت بأن إسرائيل تسعى منذ عام 67 إلى فرض سيطرتها على كافة موارد المياه وجاء القرار ببناء الجدار لأحكام سيطرتها وحرمان الفلسطينيين من الحصول على حقوقهم المائية وبذلك تكون إسرائيل قد حققت هدفها .
    إن المياه تشكل عنصراً من عناصر التنمية بالإضافة إلى عنصري الإنسان والأرض؛ لذلك فان المفاوض الفلسطيني واعٍ إلى مدى أهمية هذا العنصر فعنوان هذا الملف " الإصرار وعدم التنازل أو التفريط بالحقوق المائية الفلسطينية لأنها مظهر من مظاهر السيادة والاستقلال والتنمية وفرض السيادة الفلسطينية على كافة مصادر المياه الفلسطينية سوف يخلصها من تبعيتها إلى الاقتصاد الإسرائيلي ويوصلها إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي على مستوى كافة الأنشطة الاقتصادية.
       وبعد دراسة الحوض الغربي الفلسطيني من الناحية الفنية والقانونية والإحاطة بكافة المعلومات المتعلقة به نأتي للبحث في اللبنة الأساسية للدراسة والمقصود بها المبادئ القانونية الدولية ومدى انطباقها على حقوق المياه الفلسطينية وخاصة الحوض الغربي وكيفية معالجة وضع الحوض الغربي عبر القانون الدولي؛ لذا سنتناول حقوق المياه بتطبيق قواعد القانون الدولي للمياه ومبادئه في هذا الفصل؛ إذ سأتناول في المبحث الأول مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول وفي المبحث الثاني مبدأ عدم إحداث الضرر وفي المبحث الثالث مبدأ التعاون الدولي والمشترك لإدارة المجاري المائية المشتركة،بوصفها أهم المبادئ الدولية التي تطبق على المياه المشتركة بين الدول.
يتبع الفصل الثاني
 
(1) عمرو، عدنان.(1998): شرح قانون الخدمة المدنية الفلسطيني ، مؤسسة الحق، رام الله ، ص7.
(1) صامد الاقتصادي، (1993):  المشكلات البيئية في الأراضي الفلسطينية المحتلة نقلا عن جريدة الرأي الأردنية، العدد 93 ، ص16-19 .
(1) الزمالي ، عامر. (1997): مدخل إلى القانون الدولي الإنساني ، الطبعة الثانية ، المعهد العربي لحقوق الإنسان ، تونس، ص29.
(1) مقال د- أحمد نجيب رشدي، (1980): المجلة المصرية للقانون الدولي، مجلد 36 ،ص116 .
(2) محكمة العدل الدولية ، إجراءات إفتاء بشأن الآثار القانونية لبناء جدار في الأرض الفلسطينيةالمحتلة ، بينان خطي 30 كانون الثانيومرافعة شفوية 23 شباط ، 2004 ، المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار بكدار ، فلسطين ، 2004، ص136.
(1) للتفصيل راجع اتفاقية جنيف الرابعة ، اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني 2004،ص215-216
(2) للتفصيل أنظر، الموارد المائية والصرف الصحي في الضفة الغربية. www.mesc.com  تاريخ الاسترجاع 16/2/2008 .
(1) P61-68. Joint management of shared aquifers ) أما بالنسبة لموافقة إسرائيل على اتفاقية جنيف فقد أقرت المحكمة العليا في إسرائيل عام2002 بقواعد القانون الدولي الإنساني وخاصة قاعدة حظر النقل بالقوة إلا أنها لن تلتزم بقواعد هذا القانون للأسباب المذكورة أعلاه أيضا قامت إسرائيل بقبول تطبيق الاتفاقية من خلال الأمر العسكري رقم 3 لسنة 1967 إلا أنها أسقطت العمل به بموجب الأمر رقم 144 لسنة 67 .
(2) اسكندري، أحمد. بو غزالة، محمد ناصر. محاضرات في القانون الدولي العام، المدخل والمعاهدات الدولية، دار الفجر للنشر والتوزيع، القاهرة، ص43.
(1) للتفصيل راجع اتفاقية جنيف الرابعة ، اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني 2004.
(1) للتفصيل أنظر، سياسات الاحتلال المتعمدة لتلويث الأرض والمياه والإضرار بالإنسان الفلسطيني. www.assbeel.info  تاريخ الاسترجاع 16/2/2008 .
(1) للتفصيل أنظر، إسرائيل تمارس حرب الجوع والعطش ضد الشعب الفلسطيني. www.alukah.net   تاريخ الاسترجاع 16/2/2008.
(2) عطية، أبو الخير احمد.(1999): المحكمة الجنائية الدولية الدائمة،دار النهضة العربية ، القاهرة، ص215.
(3) (المادة 6/ج من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية).
(1) مثل تجفيف بحيرة الحولة ، وهدم الآبار الزراعية الخاصة بالمواطنين ، وتجفيف ينابيع بردلة .
(1) للنظر في القرارات الصادرة عن أجهزة  الأمم المتحدة أنظر www.domino.un.org/unispol.nsf
(1) ومن القرارات التي أصدرتها الجمعية العامة المتعلقة بالموارد الطبيعية القرار رقم 2200 سنة 1966،القرار رقم 317 سنة 1973،القرار رقم 3336 و3240 سنة 1974،القرار رقم 95 سنة 1984،القرار رقم 74 لسنة 1990 وغيرها من القرارات.
(2) زناتي ، المرجع السابق ، ص22 ، عامر  ، المرجع السابق ، ص380 .
(1) علوان، عبد الكريم. (1997): الوسيط في القانون الدولي العام والمنظمات الدولية ، الكتاب الرابع، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ص95. والمواد(10-12) من ميثاق الأمم المتحدة.
(2) النابلسي، تيسير.(1980): القطاع الزراعي وموارد المياه في الضفة الغربية، الجمعية العلمية الملكية، الدائرة الاقتصادية، عمان، ص218.
(1) أنظر عامر، المرجع السابق، ص386. أنظر شديد،(199): المياه والامن الفلسطيني، ط(1)، دار مجدلاوي للنشر، عمان، ص230.
(2) ( من القرارات التي أصدرها مجلس الأمن القرار والخاصة بالمياه رقم 237 سنة 1967,القرار 271 سنة 1969,القرار رقم 478 و 471 لسنة 1980,للتفصيل راجع www.domino.un.org/unispal.nsf)
 
(1) Stephan ,R.The legal frame work of ground water management in the middle east (Israel,Jordan,Lebanon,Syria and the Palestinaian Territories.r.stepan@unesco.org.P10-11
 
(1) للمزيد من المعلومات حول الاتفاقية انظر ،قريع ،أحمد.(2006):مفاوضات أوسلو (1) 1993 ،مؤسسة الدراسات الفلسطينية .
(2) )للتفصيل بخصوص الاتفاقيات الإسرائيلية الفلسطينية راجع http://www.mideastweb.org/history).(http://www.nad-plo.org
(3) عامر،(2001): المرجع السابق، ص403
(4) قريع، احمد.(2006): الرواية الفلسطينية الكاملة للمفاوضات من أوسلو إلى خارطة الطريق ، الكتاب الأول ،ط(2)، مؤسسة الدراسات الفلسطينية فلسطين ، ص388.
(1) Torottier ,J .HydroPolitics in the west bank and Gaza strip /PASSIA,P 141.
  )للتفصيل بخصوص الاتفاقيات الإسرائيلية الفلسطينية راجع http://www.mideastweb.org/history).(http://www.nad-plo.org)
(2) بن خضراء ،ظافر.(2004): الصراع على المياه بين العرب وإسرائيل ، الطبعة الثانية، دار كنعان للنشر، دمشق، ص130.
(3) (دائرة شؤون المفاوضات الفلسطينية).و(لمعرفة النظام القانوني لسلطة المياه الفلسطينية راجع الفصل الثاني من قانون المياه رقم(3) لسنة 2002م)
(1) (فلسطين الحرة،2005). اتفاق أوسلو. http:||freepal.not|opinion|tatbeeq.moshawar.htm
(1) المعرفة، ملفات خاصة (2001)، المياه الفلسطينية أزمة في الواقع وإشكال في التفاوضhttp://www.aljazeera.net/knowledgeg Gate/aspx/print.htm
(2) بن خضراء، المرجع السابق، ص134. الموسى، شريف . (1997): المياه في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، الطبعة الأولى، الدراسات الفلسطينية، بيروت .ص97.المعرفة ملفات خاصة 2002.
(1) شديد، عمر.(1999): المياه والأمن الفلسطيني، الطبعة الأولى ، دار مجدلاوي للنشر ، عمان، ص306.
(2) (المادة الخامسة من اتفاقية إعلان المبادئ).
(3) (محادثة شخصية ،د. شداد العتيلي 2005)و (الموسى ، المرجع السابق، 1997 ص97).والتميمي، عبد المالك.(1998):قانون الأنهار الدولية والمجاري المائية الدولية،دار النهضة العربية ،القاهرة،82.
(1) سرحان، عبد العزيز محمد.(1989): مقدمة لدراسة الدولة الفلسطينية، دار النهضة العربية، القاهرة، ص5. 
 عكاوي، ديب.(1991):دولة فلسطين والقانون الدبلوماسي الدولي، مؤسسة الاسوار، عكا، ص35.
 
(1) أبو النصر, عبد الرحمن . (2000) : اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين لعام1949 وتطبيقها في الأراضي الفلسطينية المحتلة. الطبعة الأولى. مركز رشاد الشوا الثقافي، غزة، ص326.
(2) أبو النصر ، المرجع السابق ، ص325 .
(1) عابد، عبد القادر .و سفاريني، غازي.(2002) : أساسيات علم البيئة، الطبعة الأولى. دار وائل عمان.ص189.
(2) البرغوثي, بشير . (1986) : المطامع الإسرائيلية في فلسطين والدول العربية المجاورة الطبعة الأولى. دار الجليل للنشر, عمان.ص60. الموسى،المرجع السابق،ص11.بن خضراء ،المرجع السابق،ص139.
(1) و يعود ذلك إلى عدة أسباب أهمها تقديم إسرائيل معلومات مشكوك فيها حول كمية المياه ونوعيتها وعدم السماح للجانب الفلسطيني بجمع معلوماته حول المياه الموجودة داخل الخط الأخضر والمعلومات المتوافرة تم جمعها على أسس غير متعادلة بين الأطراف للتفصيل راجع لجنة الموارد المائية المستدامة للشرق الأوسط. الأكاديميات العلمية في المنطقة قيد الدرس بالتعاون مع الأكاديمية الأمريكية الوطنية للعلوم .(2003): المياه للمستقبل، ترجمة فؤاد سروجي. الأهلية للنشر، عمان.ص251.انظر ما تناولته حول الاتفاقيات الإسرائيلية الأردنية 1994. انظر الخريطة رقم (2).
(1) كيلي، جون. (1989) : المياه في فلسطين بؤرة الصراع الدائم، ترجمة محمد برهوم و محمد خروب. دار الكرمل للنشر، عمان.ص5.شديد،المرجع السابق، ص105. (سلطة المياه الفلسطينية، حزيران، 2004 ).
(2) الموسى، المرجع السابق، ص21. شديد، المرجع السابق، ص108.
(3) Water in the middle east ,conflict or cooperation,ed by N, and R , Cmatson,university of Pennsylvania ,p33.
(1) سحاب مجلة دورية متخصصة تصدر عن سلطة المياه الفلسطينية، العدد4 حزيران 2004 ، ص12-15 .
(2) Water in the middle east ,conflict or cooperation,ed by naff and ruth Cmatson,university of Pennsylvania ,p27.
(1) وإنني أرى إما أن يعتمد النص على أن حدود دولة فلسطين هي الحدود التي نص عليها قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة عام 1947 للمحافظة على الثروة المائية. وإما أن يتجاهل موضوع الحدود على اعتبار  أن معظم الدساتير في العالم لا تتطرق إلى موضوع الحدود .
(2) العضايلة،2005 ، المرجع السابق ، ص202-206.
(1) سالم، جمال.(1980): القطاع الزراعي وموارد المياه في الضفة الغربية، الجمعية الملكية، الدائرة الاقتصادية، عمان، ص16.البرغوثي،1986 ، المرجع السابق، ص66-67.شديد، 1999 ، المرجع السابق، ص121.
(2) انظر الخريطة رقم 3 .
(3) منظمة الصحة العالمية.(1997): وثيقة رقم CEHATLM/5A دلائل تقانات أنظمة إمداد المياه في المجتمعات الصغيرة، المكتب الإقليمي للشرق المتوسط، عمان، ص45.       
(1) للتمييز بين الموارد المتجددة وغير المتجددة راجع محمد، صباح محمود ، (2002) : السياسات المائية في الشرق الأوسط، ط (1)، مؤسسة الوارق عمان.ص129-131.
(2) مركز الدراسات الاستراتيجية والبحوث والتوثيق،(1994): مشكلة المياه في الشرق الأوسط، الجزء الثاني، ص128.
(1) الموسى، 1997 المرجع السابق ، ص13. وشديد،1999،  المرجع السابق، ص125.
(2) للمزيد من المعلومات حول الأحواض المائية في فلسطين راجع الموسى ص15 وشديد ص126-132 وبن خضراء ص186 والعضايلة ص153.
(1) Weinthal,E.Vengosh ,A.(2005): Ground Water /The water Crisis in the Gaza strip,prospects for resolution ,P654.
(2) درادكة، خليفة . (1999) : هيدرولوجيا المياه الجوفية، مطابع المنار، عمان، ص219.
(3) سلطة المياه الفلسطينية، استراتيجية إدارة المياه في فلسطين، آذار، 2003، ص 1-3 . بالاعتماد على إحصائيات الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء .
(1) محاضرة حول حل النزاعات ومهارات التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي في مهعد الدراسات المائية ببير زيت، الخميس 22 ديسمبر 2005 ألقاها الدكتور شداد العتيلي.
(2) شديد، (1999) المرجع السابق، ص134-137.وبن خضراء ، ص184.
(1) سلطة المياه الفلسطينية ، العدد2 تشرين ثاني 2003 .
(2) أما بالنسبة للمياه الجوفية غير المتجددة وهي القسم الثاني لمصادر المياه الجوفية، فهي عبارة عن كميات المياه التي تجمعت في طبقات الأرض العميقة الحاملة للمياه عبر فترات طويلة من الزمن وتعتمد تلك المياه على سمك الطبقات التي تجمعت من خلال شقوقها وأبعادها وامتدادها الجانبي وغالبا ما تكون تلك المياه ذات ملوحة عالية ولعدم توافر المعلومات حول هذه المصادر المائية غير المتجددة فإنه من الصعب تحديد مكان وجودها وحجمها ونوعيتها. ولو فرضنا إمكانية العلم بمكامنها والمناطق التي تتجمع فيها فإن استغلالها يتطلب إمكانيات مادية وفنية مرتفعة وباهظة غير متوافرة حاليا ،حتى لو افترضنا بأن الإمكانيات المادية متوافرة فإنه يوجد أولويات لاستخدامها بإنشاء مشاريع يحتاج إليها المواطن الفلسطيني أكثر من غيرها.
(3) Yoram Eckstrin .Gabriel Eckstein .(2003): Ground Water Resources and International law in the middle east peace process.P155
 بن خضراء،2004 ، المرجع السابق ، ص184.
(1) مجلة سحاب، المرجع السابق، ص3-4 . نشرة عن سلطة المياه الفلسطينية بعنوان ملخصات لأوراق وحقائق لسنة 200 ، ص40 .
(1) بن خضراء، 2004 ص184. العضايلة، 2005 ، ص153.
أما بالنسبة للتكوين الجيولوجي للحوض فإانه يتكون من الصخور الكارستيه(Carestic Rocks) المتحللة والصخور الحوريه التي تمتاز بكثرة الشقوق (Taults)والمفاصل (Joint)والفجوات(Cavities) مما يسمح بنفاذ المياه إلى باطن الأرض وكذلك فإن هذه الصخور دائما مشبعة بالماء ويبلغ سمك هذه الطبقات الصخرية المكونة للحوض من بين 650 750 متر.
(1) أريج  معهد القدس للأبحاث التطبيقية، الأحواض المائية في فلسطينhttp://www.arij.org/pib/wcomflt و المومني ، محمد.(1986) : السياسة المائية للكيان الصهيوني، ط (1) دار عمار للنشر والتوزيع، عمان.ص54،ص161و162 .
(2) (سلطة المياه الفلسطينية، أغسطس، 2001 ).data review on the west bank P101
(1) (البرغوثي، 1986 ، المرجع السابق، ص132).(العضايلة، 2005 ، المرجع السابق، ص153). انظر في الملاحق خريطة الأحواض الجوفية .
(2) محكمة العدل الدولية، إجراءات إفتاء، المرجع السابق، ص121.
(1) مفهوم النهر الدولي حسب المادة الثانية لقواعد هلسنكي "منطقة جغرافية تمتد عبر دولتين أو أكثر وتتحدد بحدود خط توزيع نظام المياه بما في ذلك المياه السطحية والجوفية التي تصب في نقطة مشتركة".
(1) ومن تلك الأوامر أيضا الأمر رقم  158 لسنة 1971 و1376 لسنة 1992,الامر498 سنة 74 تلك الأوامر خاصة في مناطق بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور بالإضافة إلى الأمرين العسكريين رقم62 سنة 67 و291 سنة 68 الخاصين بقطاع غزة.للتفصيل راجع؛ المصري، ج . (1996) : الأطماع الإسرائيلية في المياه العربية، الطبعة الأولى. بحوث إستراتيجية (2)، مركز الدراسات العربي – الأوروبي،ص49-53 .
(2) دراسات دائرة شؤون الوطن المحتل (1) (1987) الأطماع الإسرائيلية في مياه الضفة الغربية، دار إبن رشد للنشر والتوزيع، بيروت، ص32.
(3) الموسى، 1997،  المرجع السابق ، ص29.
(1) ( ينظر المصري، 1996 ، المرجع السابق، ص48-56) و (البرغوثي، 1986 ، المرجع السابق، ص40-48)" جميع الأقوال السابقة مأخوذة من صحيفة هآرتس الإسرائيلية".
(1) انظر التقارير التي صدرت عن سلطة المياه الفلسطينية لعام 2000 .
(2) مركز  الأبحاث ، منظمة التحرير الفلسطينية، النابلسي، تيسير. (1980):ص107-113.
(1) مركز  الأبحاث ، منظمة التحرير الفلسطينية، النابلسي، تيسير. (1980):ص107-113.
(1) التميمي، عبد المالك . (1999) : المياه العربية التحدي والاستجابة، ط (1)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت.ص72.
(1) العضايلة ، المرجع السابق، ص81-83 .
(2) المسيري ، عبد الوهاب.(1984): الايدولوجية الصهيونية، دراسة في علم الاجتماع، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، العددان60-61.
(3) مجموعة الهيدرواوجيين الفلسطينين ،1999 ، ص71 .
(1) عابد، عبد القادر . سفاريني، غازي.(2002) : أساسيات علم البيئة، الطبعة الأولى. دار وائل، عمان.ص206.
(2) منظمة الصحة العالمية،1997 ،المرجع السابق،ص90-95 .
(1) برنامج الأمم المتحدة.(2003):دراسة مكتبية عن حالة البيئة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، الطبعة الأولى، سويسرا. ص35.
(1) الزغول، المرجع السابق، ص47. التميمي ، المرجع السابق، ص97.
(2) ملفات خاصة، 2001 المخاطر التي تهدد المياه الفلسطينية www.aljazeera.com
(3) التميمي، المرجع السابق، ص68.
(1) دائرة شؤون المفاوضات الفلسطينية www.nad_plo.org ، أنظر الخريطة رقم (4) .
(2) وأكد مفوض الاتحاد الاوروبي كريس باتين بان الصور التي التقطتها الاقمار الصناعية توضح ان 45% من موارد المياه الفلسطينية و 40% من الاراضي الزراعية الفلسطينية و 30% من الفلسطينيين أتفسهم سيقعون في النهاية في الجانب الاسرائيلي للجدار وذلك في جلسة الجمعية العامة الاستثنائية العاشرة الجلسة 21، 20 تشرين الاول 2003 ،ص16
(1) محكمة العدل الدولية، المرجع السابق ، ص84.
(2) مجلة سحاب، سلطة المياه الفلسطينية، المرجع السابق، ص10 .
(1) سلطة المياه الفلسطينية، معلومات مرجعية حول عمل سلطة المياه الفلسطينية واستراتيجية إدارة مصادر المياه في فلسطين. تقرير أيار 2000 .
(1) العضايلة ، المرجع السابق ، ص158 –ص166 .
(2) سلطة المياه الفلسطينية، (2004):جدار الفصل العنصري للسيطرة على المصادر الفلسطينية المائية، تقرير شهر آذار.