الرئيسة \  مشاركات  \  العَيب والنقصان ، في القيَم المعنوية : البيئات والضوابط !

العَيب والنقصان ، في القيَم المعنوية : البيئات والضوابط !

18.08.2019
عبدالله عيسى السلامة




قال المتنبّي ، متحدّياً مفاخراً:
ما أبعدَ العَيبَ والنُقصانَ ، عن شرَفي    أنا الثُريّا ، وذانِ الشَيبُ والهَرَمُ !
وقد سقط ، في بعض أقواله وأفعاله ، سقطات قاتلة ، قد يَعرف بعضها، وقد يُنكر أنها سقطات!
فهل للأزمنة والأمكنة والبيئات ، تأثير، في اختلاف القيَم ، أو اختلاف نظر الناس إليها؟
الجواب ، ببساطة ، أجل ! والتأثيرات كثيرة ، وبعضها كبير جدّاً.. والأمثلة توضح ذلك!
الغزو، بين بعض القبائل العربية ، في القديم والحديث:
كانت القبائل العربية ، في الجاهلية ، يغزو بعضها بعضاً ، وتنهب القبيلة الغازية ، من أموال القبيلة المغزوّة ، ماتراه أمامها ، من إبل وخيل ، وأبقار وأغنام .. ويسبي بعضُها النساء ، دون أن تجد القبائل ، في ذلك ، عيباً أو عاراً ؛ بل كانت تتفاخر، فيما بينها ، بما تشنّه كلّ منها ، من غارات ، على القبائل المختلفة .. حتى قال بعضهم !
وأحياناً ، على بَكرٍ، أخينا   إذا مالمْ نَجدْ إلاّ أخانا !
وقد أبطل الإسلام هذه العادة ، ثمّ رجعت، في مراحل متأخّرة ، من العهود الإسلامية، واستمرّت إلى أزمنة قريبة ! فكان الغزو ، بين القبائل ، سائداً ـ في العهد العثماني ، وعهود الاحتلال الأجنبي .. حتى جاءت الحكومات الوطنية ، فسنّت قوانين صارمة ، تمنع الغزو!
السرقة ، بين بعض القبائل العربية ، في القديم والحديث :
وكانت السرقة سائدة ، كذلك ، بين بعض القبائل العربية ، في بعض بلاد الشام ، وغيرها، فيوصف السارق المحترف ، الذي يسرق من القبائل المختلفة : بالشجاعة والبطولة ، وغير ذلك ! إلى أن شدّدت قوانين الدول ، العقوبات على السارقين، فبطلت هذه العادة ، وصار يُنظَر إلى السارق، كما يُنظر إلى أيّ لصّ! 
الزنا : بين العار، عند العرب المسلمين .. والحرّية الشخصية ، عند الغربيين !
يُعَدّ الزنا ، من أعظم الفواحش ، بين القبائل العربية المسلمة ، وتراق لأجله الدماء ؛ لأنه يُعَدّ أكبر انتهاك للشرف ! حتى إن قوانين بعض الدول ، تخفّف العقوبة ، على القاتل، انتقاماً لشرفه،  حتى اليوم ! بينما يُعَدّ الزنا ، في كثير من الدول غير المسلمة ، من الحرّية الشخصية ، إذا كان بالتراضي !
التزلّف والتملّق والانتهازية ، بين المستقيمين خُلقياً ، والمنافقين :
هذه الصفات ، يَعدّها بعضهم : براعة ، أو دهاء ، أو حنكة ؛ ولاسيّما في العمل السياسي! بينما يراها أصحاب النفوس الكريمة ، سقوطاً خُلقياً ، تأباه الطباع النبيلة السامية !