الرئيسة \  مشاركات  \  العالم مشغول بنفسه ، فإذا شغلتموه بكم ، تآمر عليكم !

العالم مشغول بنفسه ، فإذا شغلتموه بكم ، تآمر عليكم !

15.07.2018
عبدالله عيسى السلامة




هبّ شعب سورية ، طلباّ لحرّيته ، وشعارُه : مالنا غيرُك ياألله ! فأوشك حكّامه على السقوط! وطالبَ العالمَ بالتدخّل ، فتدخّل ، متآمراً عليه!
كذا هي الأمور! لكن ماهو العالم !؟
العالم ، عند التصنيف - بقصد التحليل - هو عوالم شتى ، تربط بينها روابط شتى ، وتتحكّم بها قوى مختلفة ، وتؤثر فيها عناصر كثيرة متباينة ! ولديها مصالح هائلة متشابكة ، كبيرة وصغيرة ، متفقة ومتعارضة .. وتهيمن عليها قوى ضخمة ،  متحالفة ومتصارعة ، متنافسة ومتنازعة ، متنابذة ومتجاذبة !
إنه مجموعة من العوالم :
 عالم الفقراء وعالم الأثرياء ، على مستوى الأفراد والجماعات ، والشعوب والدول !
عالم المتخلفين وعالم المتمدّنين ، على مستوى الأفراد والجماعات ، والشعوب والدول !
عالم الجهلة وعالم المتعلمين ، على مستوى الأفراد والجماعات ، والشعوب والدول !
عالم الوثنيين ، بأنواعهم ودولهم .. وعالم النصارى ، بطوائفهم ودولهم .. وعالم اليهود، بجنسياتهم واجتهاداتهم .. وعالم المسلمين ، بقومياتهم ودولهم !
لكلّ ، من هذه العوالم ، مشكلاته الخاصّة ، لدى أفراده ، وتكتلاته الاجتماعية ، ودوله : على مستوى علاقاته الداخلية ، وعلى مستوى علاقاته بالآخرين ، من العوالم الأخرى !
بعض الدول : يتآمر عليها الكبار، من الدول والحكّام والشركات !
وبعض الدول : يتأمر عليها جيرانها الكبار، والصغار، أحياناً !
وبعض الدول : يتآمر عليها حكّامها ، من وكلاء الدول الكبرى !
وبعض الدول : يستعين حكّامها ، بالدول الكبرى ، لتتآمر معهم ، ضدّ شعوبها !
وبعض الدول : تتآمر على أعدائها ، وأصدقائها !
وبعض الدول : تتأمر على أبناء  ملّتها ، فقط !
حكاية ، أن العالم ، صار قرية واحدة ، صحيحة، من حيث القدرة ،على التواصل السريع ، بين الحواسّ: السمع والبصر، وسواهما ! أما على مستوى التواصل الإيجابي ، بين القلوب والأرواح – والعقول ، في أكثر الأحيان - فتكاد القرية الصغيرة النائية ، تصبح عوالم شتّى مختلفة ؛ لِما دخل ، بين أفرادها ، من وسائل الضغط  وأساليبه ، على الذات المفردة ، لتتفرّد، وتزداد تفرّداً ، مع ازدياد وسائل الضغط وأساليبه ، وتنوّعها ، والتفنن في إبداعها .. وعلى مستوى الأسرة الواحدة ؛ لتتفكّك ، وتزداد تفكّكاً ، مع ازدياد وسائل التفكيك ، وأساليبه !
الدول العظمى : بقواها العظمى ، ومصالحها العظمى ، وشركاتها العظمى .. تهيمن على الكثير، من الدول الأخرى ، بأنواع من الهيمنه ، يُعطي بعضُها ، هوامشَ ، للجهات ، الخاضعة للهيمنة – حكّاماً ودولاً –  ، ويكاد بعضُها يخنق الأنفاس ، أنفاس الشعوب المسحوقة !
القارّات المتعدّدة : تضمّ كلّ منها ، دولاً متنوّعة ، كلّ دولة ، لها مشكلاتها : الداخلية الخاصّة، ومشكلاتها الخارجية ، مع جيرانها ، ومشكلاتها مع الدول الأخرى ، حسب موقع كلّ دولة ، وحجمها، وعلاقاتها ، مع غيرها : سياسياً واقتصادياً وثقافياً ..!
أمّا الدول ، التي تمنح أنفسها هوامش ، للاهتمام ، بالقيم السامية : قيَم الحقّ والخير، والعدل والجَمال .. دون مصالح مادّية ، وراء ذلك ، في تعاملها مع غيرها ، فهي أندر من الكبريت الأحمر!
ولله درّ الشاعر، كعب بن زهير؛إذ يبدو، أن بيته موجّه، إلى كل فرد، وشعب، وقبيلة، وحزب، ودولة ،في هذا العصر :
وقالَ كلُّ خليلٍ كنتُ آمُلهُ :   لا أُلهيَنّكَ ؛ إنّي ، عنكَ ، مَشغولُ !