الرئيسة \  برق الشرق  \  العالم على شفا حرب ثالثة

العالم على شفا حرب ثالثة

01.01.2017
هيثم عياش


كاتب ومفكر سياسي
برلين ‏30‏/12‏/2016
يرى مراقبو السياسة الاستراتيجية الامنية في اوروبا والشرق الاوسط تطورات المنطقتين شبيهة تماما بالوضع الذي كان وراءه اندلاع الحربين العالميتين الاولى / /1914- 1918 / و / 1939- 1945/ ، فالحرب العالمية الاولى كان سببها الرئيسي دعم روسيا القيصرية للصرب والبلقان بالتحرر من دولة هابسبورج بعد ان نجحت الثورات بصربيا وغيرها بإجهاض دولة الخلافة الاسلامية    العثمانية التي تخلت عن بعض دول تلك المنطقة ثم جانت عملية اغتيال ولي عهد هابسبورج   فرانس فرديناند وزوجته صوفيا شوتيك يوم 28 حزيران / يونيو من عام 1914 في سراييفو بتخطيط طلبة مسلمين وصربيين بدعم وتحريض من روسيا القيصرية  ، فالقيصرية الروسية كانت ترى بنفسها وريثة الدولة البيزنطية واحق من دولة هابسبورج / الدولة الرومانية الغربية المقدسة / بالدفاع عن المسيحية وتحريض القيصرية الروسية الصرب بالثورة على هابسبورج كان  جراء  ضعف دولة هابسبورج وانحصارها بالنمسا  فقط وبالتالي فدولة القيصرية الالمانية / بروسيا /  باءت جهودها بالفشل لاستلام ارث دولة هابسبورج بانها حامية المسيحية الغربية الاولى في اوروبا . أثناء الحرب العالمية الاولى جرت اتفاقية سايكس بيكو لتقسيم ارث دول الخلافة الاسلامية العثمانية بين الفرنسيين والانجليز  ليس  بلاد الشام والعراق فحسب بل إعطاء  ارمينيا لروسيا وأزمير لليونان فالاتفاقية تمت الحرب التي حصدت اكثر من عشر مليون نسمة باربعين دولة وصلت نفقات تلك الحرب الى حوالي تسعمائة و خمس وستين مليار مارك ذهبي .
أما الحرب العالمية الثانية فقد استغل الزعيم النازي ادولف هتلر الفوضى في اوروبا  والنزاع على النفوذ الاوروبي وضعف بريطانيا وفرنسا الدولتين اللتين احتلتا نصف العالم وثورات التحرير ضدهما ، عدا عن ذلك فأطماع حب الالمان لزعامة اوروبا كانت الوازع الرئيسي لاجتياح الالمان بولندا وفرنسا وغيرها تلك الحرب التي كانت نتيجتها مقتل ما بين 60 و 70 مليون نسمة باكثر من ستين دولة في العالم شاركت بتلك الحرب  مائة وخمس وستون مليار دولارا امريكيا نجم عن تلك الحرب قيام دولة للصهاينة على ارض فلسطين وقيام دول اوروبية جديدة وفقدان المانيا بعض اراضيها لصالح التشيك وفرنسا وغيرها . ولولا النازية الالمانية لم تستطع الحركة الصهيونية العالمية تحقيق حلمها بقيام دول الكيان الصهيوني على ارض فلسطين .
والوضع الحالي في اوروبا والشرق الاوسط شبيه تماما بالوضع زمن الحربين الاولى والثانية فالزعيم الروسي فلاديمير بوتين يدأب منذ عودته رئيسا للكرملين عام 2012 العودة بروسيا الى مسرح السياسة الدلي بقوة من جديد .فقد خسرت روسيا هيبتها امام العالم منذ  استلام ميخائيل جورباتشوف زعامة الاتحاد السوفييتي الذي انهار باستلام بوريس يلتسين منصب رئاسة الدولة الروسية في سنوات 1991 و 1999  ، ذلك الرئيس الذي اصبح موضع فكاهة الغرب وسخريته من روسيا ، فالتدخل الروسي باوكرانيا وسلخ موسكو شبه جزيرة القرم عام 2014 لم يكن ليتم لولا معرفة بوتين  بضعف اوروبا وعدم جرأة حلف شمال الاطلسي / الناتو / لمواجهة روسيا  الى جانب لمس بوتين عدم جدية السياسة الامريكية التي يقودها باراك اوباما منذ عام 2009  فلا أحد ينسى تحريض مسئولة قسم اوروبا الشرقية بوزارة الخارجية الامريكية فيكتوريا نولاند  الرئيس  الاوكراني السابق فيكتوريانكوفيتش بعدم الاستماع الى تحذيرات الاوروبيين من مغبة مواجهته الاحتجاجات ببلاده التي نجمت عن فشل الاوروبيين جذب اوكرانيا الى الاتحاد الاوروبي .  سياسة القوة وحب النفوذ التي ينتهجها بوتين باوروبا بدون مبالاة بحلف شمال الاطلسي / الناتو / وعدم مبالاة بالادارة الامريكية جعلت من دول بحر البلطيق التي كانت تابعة للاتحاد السوفييتي اضافة الى بولندا  قلقة جراء احتمال اجتياح روسي لها على غرار اجتياح شبه جزيرة القرم والتريث قليلا لفصل بعض مناطق الشرق الاوكراني عن اوكرانيا المركزية . عدا عن ذلك فالتدخل الروسي في سوريا الى جانب بشار اسد لم يكن ليتم لولا معرفة بوتين ان الغرب لن يجرؤ على وضع حد لسياسته  ، عدا عن ذلك فان روسيا والولايات المتحدة الامريكية على اتفاق تام بزعزعة منطقة الشرق الاوسط من خلال دعمهما لايران  بتحقيق أطماعها بمنطقة الشرق الاوسط والخليج العربي .
أعادة نشر الاسلحة وقواعد الصواريخ الامريكية الروسية في اوروبا والغاء اتفاقيات مراقبة انتشار الاسلحة واعلان موسكو الغاء اتفاقية صناعة  الاسلحة النووية والتجسس على المصالح الاوروبية والامريكية والتي نجم عنها مؤخرا ابعاد الادارة الامريكية لدبلوماسيين روس بسبب التجسس عل المصالح الامريكية وتدفق اللاجئين على اوروبا بسبب الحروب في سوريا والعراق والغانستان وازدياد حالة الفقر في افريقيا والقلق المتزايد في اوروبا لتغييرات سكانية جراء تدفق اللاجئين وحرص الولايات المتحدة الامريكية وروسيا واوروبا من ازمة اقتصادية ومالية جديدة كلها تؤكد ان العالم يعيش بأجواء حرب جديدة .
ويؤكد  وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر  شتاينماير ان عدم وجود دبلوماسية يقظة تعمل بدأب قوي كانت وراء الحربين العالميتين الاولى والثانية واذا ما بقيت تنظر الى خطورة تطورات الاوضاع بالشرق الاوسط واوروبا ببرودة وبدون حراك فان حرب عالمية جديدة  ستندلع بلا محالة .