الرئيسة \
تقارير \ الشرع في نيويورك: من العقوبات إلى الاتفاق مع إسرائيل
الشرع في نيويورك: من العقوبات إلى الاتفاق مع إسرائيل
22.09.2025
محمد أمين
الشرع في نيويورك: من العقوبات إلى الاتفاق مع إسرائيل
محمد أمين
العربي الجديد
الاحد 21/9/2025
- يزور الرئيس السوري أحمد الشرع الولايات المتحدة للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في خطوة تهدف إلى إعادة دمج سوريا في المجتمع الدولي بعد إسقاط نظام بشار الأسد، مع التركيز على التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية.
- يحمل الشرع ملفات مهمة، منها العقوبات الأميركية و"قانون قيصر"، والاتفاق الأمني مع إسرائيل، حيث يسعى للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب لبحث هذه القضايا.
- تعمل الإدارة السورية على حشد الدعم الدولي لتفكيك العقوبات، وتسعى لعقد اتفاق أمني مع تل أبيب، بينما تواجه تحديات داخلية مثل ملف محافظة السويداء
"تنويه: الملخص تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، يُفضل استخدامه توجيهياً، ويُنصح بالرجوع إلى النص الأصلي لضمان الدقة والتفاصيل.
يحمل الرئيس السوري أحمد الشرع الكثير من الملفات في جعبته إلى الولايات المتحدة، والتي يزورها للمشاركة في اجتماعات الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في حدث من المتوقع أن يكون في قلب الاهتمام الإعلامي خلال الأسبوع الحالي. وربما الملف الأكثر حضوراً وأولوية في هذه الزيارة التي تُوصف بـ"التاريخية"، والتي يعوّل عليها السوريون في دفع بلادهم خطوات إلى الأمام، ملف العقوبات الأميركية على سورية، لا سيما تلك التي تتضمنها قوانين من أبرزها "قانون قيصر"، والتي كما يبدو تُستخدم من واشنطن أوراق ضغط وابتزاز للحصول على تنازلات سورية مقابل رفعها، خصوصاً لجهة العلاقة السورية مع إسرائيل.
والملف الآخر الذي من المتوقع أن يكون في صلب هذه الزيارة، هو الاتفاق الأمني مع إسرائيل الذي يُعمل عليه منذ أشهر بين دمشق وتل أبيب لترتيب أوضاع الجنوب السوري باتفاق على أنقاض اتفاقية "فكّ الاشتباك" (1974) بين سورية ودولة الاحتلال، والتي أطاحتها إسرائيل بعد نصف قرن من سريانها. ومن المرجح أن يحضر الملفان في اجتماع مرتقب يجري الإعداد له بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس السوري أحمد الشرع خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
زيارة رمزية وسياسية
وهذه المرة الأولى التي يقف فيها رئيس سوري على منبر الأمم المتحدة منذ 58 عاماً (أول رئيس سوري يشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ عام 1967)، ما يمنح الزيارة أهمية كبيرة، لا سيما أنها تعدّ الخطوة الأوسع في اتجاه عودة سورية إلى المنظومة الدولية بعد إسقاط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024. ومن المرجح أن يستثمر الشرع هذه الزيارة من أجل عقد لقاءات مع مسؤولين من مختلف دول العالم، لفتح آفاق جديدة أمام بلاده التي تواجه تحديات جمّة، أمنية واقتصادية وسياسية.
تعمل الإدارة السورية الجديدة على حشد المؤيدين لها من أجل تفكيك هذه العقوبات بصورة نهائية
ووصف الباحث السياسي رضوان زيادة، في حديث مع "العربي الجديد"، زيارة الشرع إلى نيويورك بـ"الرمزية والسياسية"، مضيفاً أنه "لن تُبحث خلالها ملفات تتعلق بالأمم المتحدة أو بالعلاقات السورية الأميركية". وتابع: "هي تاريخية فهي أول زيارة لرئيس سوري إلى الأمم المتحدة وإلقاء كلمة في اجتماعاتها السنوية منذ 1967"، مرجّحاً أن يعرض الشرع في كلمته المرتقبة "رؤية سورية الجديدة، ويتحدث عن الإنجازات التي تحققت منذ إسقاط نظام الأسد وحتى اللحظة". واعتبر أن "هذه الزيارة تعني إعادة دمج سورية في المجتمع الدولي وهذه رمزية أخرى لها".
ويُجري وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، الذي رفع العلم السوري فوق مبنى السفارة السورية في واشنطن أول من أمس الجمعة، محادثات منذ الخميس الماضي مع مشرعين أميركيين في واشنطن، بشأن رفع العقوبات المتبقية على سورية بشكل دائم. ومن الواضح أن واشنطن تربط هذا الملف الأكثر إلحاحاً لدى السوريين بالاتفاق الأمني مع إسرائيل، فالسيناتور ليندسي غراهام قال إنه سيدعم إلغاء تلك العقوبات إذا تحركت سورية رسمياً نحو إبرام اتفاق أمني مع إسرائيل، وانضمت إلى تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم "داعش".
وكان ترامب قد وقّع مطلع يوليو/تموز الماضي أمراً تنفيذياً ينهي برنامج العقوبات الأميركية على سورية التي فُرضت على مراحل بدءاً في عام 1979، وتعززت وتعمقت أكثر خلال سنوات الثورة للضغط على نظام الأسد. وأخذت هذه العقوبات أبعاداً أوسع مع صدور قوانين، فرضت عقوبات أكثر شدة على نظام الأسد والمتعاونين معه، أولها "قانون قيصر" الذي دخل حيّز التنفيذ في عام 2020، ونصّ على فرض عقوبات على الأسد وأركان حكمه، وعلى أي جهة تقدم الدعم أو تتعامل معه. ومع تصاعد عمليات تهريب مخدّر الكبتاغون من سورية، صدر عن الإدارة الأميركية قانونان عُرفا بـ"الكبتاغون 1" و"الكبتاغون 2"، وسّعا دائرة العقوبات على المتورطين بتجارة الكبتاغون، وخصوصاً بشار الأسد وشقيقه ماهر وآخرين. ويحتاج إلغاء هذه القوانين إلى تصويت في الكونغرس، وتدخل تشريعي لإلغائه، لهذا تعمل الإدارة السورية الجديدة على حشد المؤيدين لها من أجل تفكيك هذه العقوبات بصورة نهائية، بدل تعليقها، ومراقبة التطورات على الأرض عن كثب.
ملفات الشرع في نيويورك
ولا تمانع دمشق في عقد اتفاق أمني مع تل أبيب يستجيب لرغبة واشنطن، ويضع في الوقت نفسه، حدّاً لاعتداءات متكررة وصلت إلى حد احتلال أراض سورية جديدة، وتدمير أغلب القدرات العسكرية السورية. وعقد مسؤولون سوريون بالفعل مفاوضات مباشرة في غرف مغلقة بعيداً عن وسائل الإعلام خلال الأشهر الماضية مع مسؤولين إسرائيليين بوساطة أميركية للتوصل إلى اتفاق أمني.
وقال الشرع، الأربعاء الماضي، إن المفاوضات الجارية بين دمشق وتل أبيب ربما تفضي إلى اتفاق أمني جديد بين البلدين خلال الأيام القليلة المقبلة، يرتكز على اتفاقية فضّ الاشتباك لعام 1974، ويتضمن انسحاباً إسرائيلياً من الأراضي التي احتلتها بعد 8 ديسمبر الماضي، مقابل توسيع نطاق المنطقة العازلة وترتيبات جديدة بخصوص السلاح الثقيل وانتشاره في جنوب سورية.
وبرأي الخبير القانوني والباحث السياسي محمد صبرا، فإن زيارة الشرع إلى نيويورك "حدث تاريخي بالمعنى الحقيقي للكلمة"، مضيفاً في حديث مع "العربي الجديد" أن إلقاء كلمة سورية من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة من قبل رئيس الدولة بعد غياب لحوالي ستة عقود هي الحدث الأبرز في الزيارة. وعدّ هذا الحدث السياسي "خطوة كبيرة على طريق تعافي سورية من إرث حكم حزب البعث البائد وإعادة الدبلوماسية السورية لتلعب دورها الطبيعي في العالم وفي الإقليم"، وفق تعبيره، معرباً عن اعتقاده بأن الشرع يحمل في جعبته "ملفات شاملة، لبحث موضوع العقوبات على سورية ومحاولة البحث عن صيغ تتعلق بسبل رفعها بالكامل وإعادة دمج سورية في الاقتصاد العالمي".
محمد صبرا: المشكلة ليست في الاتفاق مع إسرائيل بحد ذاته، بل في الفاتورة السياسية المرافقة للاتفاق
وبرأي صبرا، لا يمكن الحكم بما يتعلق بالاتفاقية الأمنية بين سورية وإسرائيل "مع غياب الشفافية"، مستدركاً بالقول: المشكلة ليست في الاتفاق بحد ذاته، بل المشكلة في الفاتورة السياسية المرافقة للاتفاق. وتابع: في اتفاق عام 1974 كان الهدف هو منع تجدد حالة الحرب، ولذلك بقي الاتفاق في الحيز الأمني، أما المطروح حالياً فهو اتفاق سياسي وإن كان بثوب أمني. ورأى أن "الجزء الأخطر في الاتفاق هو حدود المنطقة منزوعة السلاح ومنطقة حظر الطيران والتي حسب التسريبات ستشمل كل محافظتي درعا والسويداء"، مضيفاً: هذه حالة مشابهة لحالة العراق في عام 1992 عندما خرج مهزوماً من حرب تحرير الكويت ووافق على منطقة حظر الطيران بين خطي العرض 32 و36 وهي المنطقة التي تحولت لاحقا لإقليم كردستان. وأشار إلى أنه "إذا قرأنا الاتفاق الثلاثي الخاص بالسويداء (خريطة الطريق التي أعلنت عنها دمشق أخيراً برعاية أميركية وأردنية) ولا سيما المواد 9 و10 و11 منه، وربطناها بهذا الجزء من الاتفاق الأمني المقترح مع اسرائيل، فنحن أمام أخطار جدية تتعلق بمستقبل البلاد السياسي وليس فقط بموضوع العلاقة مع إسرائيل"، وفق صبرا.
وأُعلن قبل أيام عن خريطة طريق ومسار سوري من خطوات عدة لحلّ معضلة محافظة السويداء بدعم أميركي أردني، تضمنت إجراء تحقيق بالأحداث التي عصفت بالمحافظة في شهر يوليو/تموز الماضي، وإيصال المساعدات، وعقد اجتماعات في الأردن للمساهمة في تحقيق المصالحة، إضافة إلى ترتيبات أمنية وإدارية، قصيرة ومتوسطة الأمد، للفترة الانتقالية وصولاً إلى إعادة الاندماج الكلّي للمحافظة في المؤسسات الحكومية. وشكّل ملف السويداء قلقاً كبيراً للحكومة السورية تحاول اليوم بشتى الطرق تجاوزه، لذا ربما يكون من الملفات المهمة التي ستحضر في المحادثات التي سيجريها الشرع مع مسؤولين أميركيين أثناء زيارته إلى نيويورك.