الرئيسة \  واحة اللقاء  \  السوريون يلجؤون إلى الأرياف والمخيمات هربا من غلاء المدن

السوريون يلجؤون إلى الأرياف والمخيمات هربا من غلاء المدن

21.09.2021
العرب اللندنية


العرب اللندنية
الاثنين 20/9/2021
دمشق - دفعت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية السوريين إلى القيام بهجرة عكسية من المدن إلى الأرياف لعدم قدرتهم على تحمل أعباء المعيشة وتكاليفها، فقد غادرت خلال الأشهر الأخيرة الآلاف من الأسر السورية المدن متجهة إلى المناطق الريفية، بل ذهب البعض من السوريين للعيش في المخيمات.
وقد ترك عبدالله - س وهو من أهالي مدينة الحسكة شمال شرق سوريا، ومتزوج ولديه 5 أطفال ويعمل في محل لبيع الملابس منزله المستأجر بسبب غلاء المعيشة، ويقول “منذ بداية العام الحالي ارتفعت أسعار المواد الغذائية والأساسية وإيجار المنازل ووصلت حدا يفوق دخلي الشهري، فقد كان إيجار المنزل الذي أستأجره منذ سنتين في أطراف مدينة الحسكة حوالي 15 ألف ليرة سورية ومع بداية العام طلب صاحب المنزل رفع الإيجار إلى مئة ألف ليرة سورية، وهو يعادل ما أحصل عليه من المحل الذي أعمل به”.
الهجرة العكسية قد تكون خطوة لعودة الآلاف من المواطنين إلى العمل الزراعي الأمر الذي يسهم في دعم الاقتصاد السوري
وفي مدينة الحسكة أيضا، غادر أحمد الصالح الذي يعمل موظفا لدى الحكومة السورية المدينة إلى قريته قرب مدينة رأس العين، ويقول الصالح “بعد انتهاء العام الدراسي قمت ببيع منزلي الذي أملكه منذ سنوات في مدينة الحسكة وعدت إلى قريتي لترميم منزلي الذي تعرض للتخريب في إحدى قرى غرب مدينة رأس العين لعدم قدرتي على تحمل أعباء المعيشة، ودفعت مبلغا كبيرا للمهرّب الذي أوصلنا إلى منطقة رأس العين”.ويضيف عبدالله “أخبرني أحد الأصدقاء أنه يستطيع مساعدتي في تأمين خيمة لي في مخيم قريب من مدينة الحسكة ووافقت على الفور، حيث انتقلت إلى المخيم لكي أحصل على مكان أنام به مع أطفالي دون دفع إيجار، في حين نعيش على المعونات التي تقدمها المنظمات الإنسانية والجمعيات الخيرية، وما أحصل عليه من راتب مقابل عملي”.
ويرى وزير الاقتصاد في الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا سلمان بارودو أن “سبب الأزمة التي تعيشها عموم سوريا ومناطق الإدارة الذاتية هو موسم الجفاف باعتبار أن أكثر من 90 في المئة من السكان يعتمدون على الزراعة”.
وأقر بارودو بصعوبة الأوضاع المعيشية بسبب الجفاف وقلة الموارد وارتفاع أسعار المواد نتيجة إغلاق المعابر مع مناطق سيطرة الحكومة السورية.
وبعيدا عن محافظة الحسكة التي تسيطر قوات سوريا الديمقراطية على أغلبها، هناك مدينة حماة وسط سوريا التي تقطنها الآلاف من الأسر من محافظتي الرقة وإدلب بعد نقل مقر المحافظتين إلى حماة؛ حيث تضاعفت أسعار إيجار المنازل أكثر من عشرة أضعاف، فالمنزل الذي كان قبل ثلاثة أعوام بحدود 25 ألف ليرة سورية اليوم إيجاره يتجاوز الـ250 ألف ليرة سورية.
وقد انتقل محسن عيسى الذي يعمل معلّما في مدرسة حكومية منذ حوالي خمسة أشهر إلى بلدة طيبة الإمام 25 كيلومترا شمال مدينة حماة بسبب غلاء المعيشة. وقال “قمت بتأجير منزلي في مدينة حماة بمبلغ 200 ألف ليرة سورية وتوجهت إلى بلدة الطيبة واستأجرت منزلا بمبلغ 35 ألف ليرة سورية… الخدمات موجودة في البلدة وهي ذاتها في المدينة كما أن أسعار الخضر والفواكه المنتجة في الريف أقل سعرا من المدينة، بسبب ارتفاع أسعار نقلها لاسيما بعد رفع الحكومة السورية أسعار المازوت والبنزين مؤخرا بنسبة وصلت إلى 200 في المئة”.
وزير الاقتصاد في الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا سلمان بارودو يرى أن “سبب الأزمة التي تعيشها عموم سوريا ومناطق الإدارة الذاتية هو موسم الجفاف”
وتشير تقارير ودراسات اقتصادية سورية إلى أن متوسط احتياجات عائلة مكونة من 5 أشخاص يبلغ أكثر من 700 ألف ليرة سورية في الشهر تقريبا (200 دولار أميركي)، في حين لا يزيد متوسط راتب الوظيفة الحكومية على 100 ألف ليرة سورية (حوالي 30 دولارا).
ويقول الخبير الاقتصادي السوري محمود وسوف “إن هذه الهجرة العكسية من المدينة إلى الريف هي نتيجة حتمية لتردي الأوضاع الاقتصادية نتيجة الحرب الدائرة في البلاد منذ عام 2011، محذرا من خطورة هذه الهجرة وانعكاساتها على استمرار الفوضى في أسعار إيجارات المنازل المنفلتة من أي ضوابط حكومية وبقاء هذه السوق عرضة لنظام العرض والطلب فقط، ما يهدد بانضمام الآلاف من الأسر إلى قائمة السوريين القابعين تحت خط الفقر بسبب صرف مبالغ طائلة بسبب ارتفاع تكلفة الإيجار.
ويرى وسوف أنه رغم هذا الواقع المرير تبقى هناك نقطة إيجابية في الهجرة من المدينة إلى الريف كونها قد تكون خطوة لعودة الآلاف من المواطنين إلى العمل الزراعي الأمر الذي يسهم في دعم الاقتصاد السوري الحقيقي.. مستدركا “ولكن تبقى هذه النقطة الإيجابية مشروطة باتخاذ الحكومة السورية خطوات جادة وحقيقية لدعم واقع القطاع الزراعي والمناطق الريفية سواء بمستلزمات الإنتاج أو التمويل اللازم”.