اخر تحديث
الخميس-25/04/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ الفرق بين عقول العقلاء ، هو الفرق ، بين عوالمهم الخاصّة والعامّة
الفرق بين عقول العقلاء ، هو الفرق ، بين عوالمهم الخاصّة والعامّة
19.02.2019
عبدالله عيسى السلامة
سأل شابّ ، أحد الفلاسفة العرب ، ما الفرق : بين الرجل العادي ، والفيلسوف ؟
صمت الفيلسوف ، برهة ، وقال: أجيبك ، بشرط أن تجيبني، على سؤال صغير، أطرحه عليك !
قال الشابّ : تفضّل !
قال الفيسلوف : ما الفرق ، بين الحيّ والميّت ؟
قال الشابّ : بسيطة ، الميّت هو: من فارقت روحُه جسدَه ، وصار جثّة ! أمّا الحيّ ، فهو: الذي ماتزال روحه في جسده ، ويعيش حياته !
قال الفيلسوف : ليست هذه إجابة كافية ، فهل لديك غيرُها ؟
قال الشابّ : لايخطر، على بالي ، سواها !
قال الفيلسوف : بل ثمّة إجابات كثيرة ، لو طلبتَ ، من كلّ فيلسوف ، إجابة واحدة ، لتجمّع ، لديك ، عدد وفير!
قال الشابّ : مثل ماذا ؟
قال الفيلسوف : اسمع !
الجواب الأول ، على السؤال ، عن الفرق ، بين الحيّ والميّت ، هو: الحيّ هو ميّت ؛ فلا فرق بينهما ! لأن كلمة : ميّت ، بتشديد الياء ، تعني : الحيّ الذي سيموت ! قال تعالى ، يخاطب نبيّه: إنّك ميّت وإنّهم ميّتون ، بتشديد الياء، في الكلمتين ! أمّا مَن مات ، فيُدعى ميْتاً، بلا تشديد للياء!
الجواب الثاني ، يأتي على صيغة سؤال : الفرقُ بين الحيّ والميت ، من حيث ماذا ؟ لأن ثمّة فروقاً كثيرة ، بينهما ؟
الجواب الثالث ، يأتي على صيغة سؤال ، أيضاً ، هو: هل المقصود بالميت ، هو من مات جسدُه ، أم قلبُه ، أم ذِكْره ؟
الجواب الرابع ، يأتي ، أيضاً ، على صيغة سؤال ، هو: هل الشهداء الأحياء ، الذين يُرزَقون عند ربّهم ، داخلون في السؤال ؟
الجواب الخامس ، هو: الحيّ مَن خلّفَ أحداً ، يَحمل اسمَه ، ويُبقي ذِكْره حيّاً ، بين الناس .. أمّا الميت ، فهو مَن لمْ يخلّف أحداً !
الجواب السادس ، ويأتي على صيغة سؤال ، أيضاً ، وهو: هل يدخل في السؤال ، قول المتنبّي:
ليس مَن مات ، فاستراحَ ، بميْتٍ = إنما المَيْتُ مَيّتُ الأحياء ! ؟
الجواب السالبع ..
قاطعه الشابّ ، قائلاً : حسبي .. حسبي ! لقد حرمتَني ، من إجابتك ، على سؤالي ، عن الفرق، بين الفيلسوف ، والإنسان العادي !
قال الفيلسوف: لمْ أحرمك ؛ فما سمعته ، من إجابات متنوّعة ، إذا وضعتَه ، إزاء أجابتك .. يوضح لك ، الفرق ، بين الفيلسوف ، الذي ينظر، إلى الأمر الواحد ، من وجوه ، شتّى .. وبين الرجل العادي ، الذي ينظر، إلى الأمر الواحد ، من وجه واحد ، وقد يقيس ، على هذا الأمر، أموراً عدّة ، من هذا الوجه ، وحدَه ، برغم الاختلافات الكثيرة ، بينها ، من وحوه أُخرى ! وبالمناسية : الإجابات التي سمعتها ، ليست فلسفية ؛ بل هي عادية ، ضرورية ، لتوضيح معنى السؤال نفسه .. وهي نوع من الاحتياط الواجب ، للعقل الفلسفي ، الذي يفرض على نفسه ، الدقة والاستقصاء !
قال الشابّ : هذا في الفلسفة ، ولكن الحياة ، ليست هكذا !
قال الفيلسوف : بل الحياة هكذا ، يابنيّ ! ودعني أتطفل ؛ فأسألك : أنت عَزبٌ ، أم متزوّج ؟
قال الشاب : متزوّج .
قال الفيلسوف : ألك بيت مستقلّ عن بيت والدك ؟
قال الشاب : نعم .
قال الفيلسوف : أتدير بيتك ، بالطريقة ، التي كان أبوك ، يُدير بيته بها ؟
قال الشابّ : لا ، لكلّ منّا طريقته ، والطريقتان تتشابهان ، في بعض النواحي ، وتختلفان في بعضها !
قال الفيلسوف : ولمَ الاختلافات ، بين الطريقتين ، وقد وُلدتَ ، ونشأتَ ، وتربّيت ، في بيته؟
قال الشاب : لأن عقلي ، يختلف ، عن عقل أبي !
قال الفيلسوف : هل تتابع ، سياسات بعض الحكومات ، في دُوَلها ؟
قال الشاب : نعم .
قال الفيلسوف : أهي متشابهة ، كلّها ، في سياساتها ، ومعالجة مشكلاتها .. أم بينها اختلافات ؟
قال الشابّ : بل بينها اختلافات كثيرة !
قال الفيلسوف : لو كنت ، أنت ، في موقع الرئيس فلان ، الذي ذبح شعبه ، ودمّر بلاده .. فهل تفعل فعله ؟
قال الشابّ : إذا كنت أدير البلاد ، بعقل كعقله ، فلا بدّ لي ، من أن أفعل فعله ! أمّا إذا أدرتها بعقلي ، فلا بدّ ، من اختلاف الطريقة !
قال الفيلسوف : إذا كنت بين بديلين هما : ذبح شعبك ، وترك السلطة .. فأيّهما تختار؟
قال الشابّ : أبحث عن البديل الثالث ، أو الرابع ، أو الخامس .. الذي يحفظ لي السلطة وشعبي معاً ! فإن عجزت عن جمعهما ، تركت السلطة ، وكسبت رضى شعبي ؛ إذ كيف أذبحه ، أو أشرّده ، وأحكمه ؟
قال الفيلسوف : فذلك هو اختلاف العقول ، المؤدّي إلى اختلاف السياسات ، واختلاف الأقوال والأفعال ، عند البشر! وإلاّ؛ فما الفرق ، ين لقمان ، مضرب المثل في الحكمة .. وهَبنّقة ، مضرب المثل في الحماقة !؟
قال الشابّ : كفيتَ ووفيتَ .. جزاك الله خيراً !