الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الرئيس التركي يعلن إقامة منطقة آمنة وقواته تتوقف عند حدود منبج

الرئيس التركي يعلن إقامة منطقة آمنة وقواته تتوقف عند حدود منبج

17.10.2019
هبة محمد


القدس العربي
الاربعاء 16/10/2019
دمشق – "القدس العربي" : تستمر العملية العسكرية المشتركة بين قوات الجيش الوطني والقوات التركية الحليفة والداعمة لها ضد قوات سوريا الديمقراطية شمال شرقي سوريا، وسط ضغوط دولية، لم تثن أنقرة عن مواصلة عملياتها لرسم خريطة المنطقة الآمنة بعد تنسيق واضح بين الفاعلين الدوليين، أثمرت عن تليين المواقف والتوفيق بين المصالح، رغم الانتقادات الشكلية، حيث أعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، أمس، عن منطقة آمنة داخل الأراضي السورية بطول 444 كم وعمق 32 كم، بعدما تمكن جيشه من دخول 57 بلدة وقرية شرقاً، وتوقفه في محيط منبج التي تبدو محاصرة، مع غموض موقف السيطرة عليها.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، الثلاثاء، أن "الجيش السوري يسيطر بشكل كامل على مدينة منبج"، وأضافت أن "الشرطة العسكرية الروسية تسير دوريات على طول خط التماس شمال غربي منبج"، بعدما غادرت "القوات الأمريكية المنطقة باتجاه الحدود السورية العراقية" مؤكدة أنها تنسق مع الجيش التركي بشأن المدينة.
في حين قال المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني، الرائد يوسف الحمود لـ"القدس العربي": "داخل منبج لا يوجد أي عنصر للنظام" لكن النظام السوري "سلم "ب ي د" (الكردي) مدافع فوزديكا ودبابتين وعربتين ب م ب، كما ان قوات النظام متواجدة سابقاً في ناحية العريمة انتشرت في الريف المحيط بمنبج شرقاً وغرباً"، مضيفاً أنه "لا سيطرة للنظام على مدينة منبج وهي حالياً خارج سيطرة أي جهة، لا النظام ولا الوحدات الكردية وكل ما يحدث هو عبارة عن مسرحيات هدفها التأثير على العملية، محلياً ودولياً" مؤكداً ان العملية العسكرية ما زالت مستمرة وحتى الان تم تحرير اكثر من 57 قرية على رأسها مدينة تل أبيض، والقرى كلها في محاور منبج ورأس العين وتل ابيض، و"يوم امس تقدمت قواتنا باتجاه منبج واستطاعت تحرير 3 قرى واغتنام دبابة للنظام السوري".
 
المتحدث باسم الجيش الوطني لـ "القدس العربي": "لا يوجد أي عنصر للنظام داخل المدينة"
 
كما قال القيادي العسكري المقرب من أنقرة مصطفى سيجري لـ"القدس العربي"، ان النظام لم يدخل مدينة منبج انما رفع علمه حسب التفاهمات التي جرت من فترة قريبة ما بين وفد من قوات سوريا الديمقراطية، برئاسة الهام احمد، ورئيس مكتب "الأمن الوطني" اللواء علي مملوك، يقضي بدخول قوات "العمال الكردستاني" المنسحبة من حلب إلى منبج، وهي ترفع رايات النظام، مضيفاً "من خلال المتابعة الميدانية يمكن القول ان النظام لم يدخل مدينة منبج والاشتباكات والمعارك مستمرة على أطرافها" وسط استمرار عملية نبع السلام وفق المخطط له في المرحلة الأولى.
تزامناً، اعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، على هامش اجتماع القمة السابعة لـ"المجلس التركي"، للدول الناطقة بالتركية بالعاصمة الأذربيجانية باكو "إنشاء منطقة آمنة بطول 444 كم من الغرب إلى الشرق وبعمق 32 كم من الشمال إلى الجنوب، سيعود إليها اللاجئون الذين في بلدنا". ويهدف المشروع التركي إلى اقامة منطقة عازلة تمثل حزام أمان بين الاراضي التركية والسورية، وتمنع أي نوع من انواع التهديد الامني التي يهدد الاراضي التركية، ومن خلاله يتم ايضا استهداف المشروع الكردي الانفصالي والذي قد يهدد الامن القومي التركي.
وهذا المشروع، ليس مرحلة واحدة انما ينقسم على عدة مراحل اولها الانتشار التركي في المنطقة الممتدة بين تل أبيض ورأس العين، بطول 120 كلم وعمق 30 كلم لكن باقي الشريط الحدودي، حسب قراءة الخبير السياسي محمد سرميني لـ"القدس العربي"، ممكن ان يستكمل من قبل الجانب التركي، بعد التوافق مع الاطراف التي تمتلك نفوذاً في المنطقة، للحصول على تأييد لها بالمزيد من التوسع، وهذا سوف يكون ضمن المسار التفاوضي الحالي التي تقوم تركيا بحثه مع الجانب الأمريكي والروسي، معتبراً ان كل تقدم تحققه أنقرة على مستوى المفاوضات السياسية، ينعكس على المستوى العسكري والميداني.
من الطبيعي ان يبدأ الحديث عن عودة اللاجئين، وأكثر من مليون سوري في تركيا، حسب رؤية المتحدث، الذي اعتبر أنهم "من اهل المنطقة الشرقية المتواجدين في اورفا وغازي عنتاب، وبالتالي لا مخاوف من الاعادة القسرية هنا، انما من الطبيعي أن يعود أهل هذه المناطق اذا شعروا بالأمن والأمان، وتوفر الخدمات والبيئة الآمنة، فإنهم سوف يبدأون بالعودة إلى بلدانهم، من اجل تأسيس اعمالهم والانخراط بحياة مستقرة وأعمال مدنية، وهي أيضا من التحديات لكنه الهدف الاساسي من المنطقة الآمنة".
وفي إطار الحديث عن تغيير ديموغرافي، قد يحل على المنطقة، قال سرميني "لا وجود لتغيير ديموغرافي، بل إحلال وعودة اهالي المنطقة إلى مناطقهم الأصلية"، لأن المناطق الداخلة ضمن العملية معظمها عربية، ونسبة الاكراد يمكن ان تكون محدودة فيها، وهنا الحديث عن المناطق التي تم استهدافها، معتبراً ان هذه المناطق سوف تكون آمنة لسكانها، لوجود تفاهمات كبرى لا تسمح لأي طرف محلي بالقيام بعمل استفازي.
وتواجه العملية التركية شرقي سوريا انتقادات إقليمية ودولية، حيث قال مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، إن العملية العسكرية لأنقرة في شمال سوريا يمكن أن تخل بالتوازن بين الأديان في شمال سوريا، وتعتبر روسيا أن العملية العسكرية غير مقبولة ولم تؤيد دخول الوحدات التركية، ويجب ضمان أمن الحدود التركية السورية من قبل قوات دمشق.
ويعتبر الخبير السياسي، ان كل الضغوط الدولية على تركيا، لا يمكن اعتبارها ضغوطاً حقيقة، إنما هي شكلية بما فيها الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة ورسيا وايران والاوروبيون، وهذه الضغوط "صورية" مضيفاً هي "ليست قضية مرتبطة فقط في دخولهم إلى سوريا والقضاء على المشروع الكردي إنما هي مؤشر إلى ان تركيا اصبحت من اللاعبين الكبار وأصبح لديها القدرة على التأثير في المشهد الخارجي مثل أي دولة كبرى".