الرئيسة \  مشاركات  \  الذكاء الخارق ، لجندي سوري .. ومريم بنت عُبَيد .. والنمط السائد !

الذكاء الخارق ، لجندي سوري .. ومريم بنت عُبَيد .. والنمط السائد !

23.04.2019
عبدالله عيسى السلامة




هذه الحالة رواها ، بتفصيلاتها ، في أوائل السبعينات ، من القرن المنصرم ، المساعد محمود عُبيد ، المتقاعد من الجيش السورى ، والذي كان يعمل في الطبقة ، في محافظة الرقّة السورية ! قال :
أمرني قائد الكتيبة ، بأن أساعد الجندي (س)على الترفيع ، بعد أن سلخ من عمره ، سنين طويلة ، برتبة جندي، في حين أن زملاءه في الدورة ، صاروا في رتب مختلفة ، من رقيب ، ومساعد ! والسبب يعود ، إلى الجندي، نفسه؛ فهو شديد البلادة ! وكلّما قُدّم لامتحانِ ترفيع، يَسقط؛ لعجزه عن الإجابة، على أوضح الأسئلة، وأيسرها!
ويتابع المساعد محمود ، كلامه ، قائلاً : طَلب منّي قائد الكتيبة ، الذي أشفق على الجندي ، ورغب بترفيعه .. أن أعلّمه الإجابة ، على سؤال محدّد ، وحيد ، هو: مريم بنت عمران ، مَن أبوها ؟ فإذا أجاب على السؤال ، يتمّ ترفيعه ، إلى جندي أوّل ! يقول المساعد : فانتحيت بالجندي ، جانباً ، وسألته : مريم بنت عمران ، مَن أبوها ؟ فقال : لا أدري ! فقلت له : أبوها عمران ، فهي مريم بنت عمران ، هل فهمت ؟ قال الجندي : نعم ! فسألته ، مرّة ثانية : مريم بنت عمران ، مَن أبوها ؟ فقال : لا أدري ! فقلت : أبوها عمران ! أنا ، مثلاً ، اسمي : محمود عُبيد ، واسم أبي ، هو : عُبيد ! وكذلك مريم : أبوها عمران ، لأنها بنت عمران .. هل فهمت ؟ قال : نعم ! وحين هممنا بالدخول ، إلى مكتب قائد الكتيبة ، ذكّرت الجندي ، باسم مريم بنت عمران، وأنّ أباها هو: عمران، كما أن اسمي محمود عبيد ، واسم أبي عبيد !
ودخلنا مكتب القائد ، وأنا مستبشر، بأن هذا البائس ، سيُرفّع ، من رتبة جندي ، التي خدم فيها ، سنين عدّة !
وحين سألني القائد ، بإشارة من يده ، عن الأمر، ابتسمت ، وهززت رأسي ؛ بأن الجندي سيجتاز الامتحان ، ويرفّع ! فسّرّ القائد ، ونظر إليه بعطف وإشفاق ، وقال له ، بلطف :
هيه .. ياجندي (فلان) ، سنرفّعك الآن ، وتصير برتبة : جندي أوّل .. فقل لي :
مريم بنت عمران ، من أبوها ؟
يقول المساعد : فنظر الجندي إليّ ، فأشرت إليه ، مشجّعا ، وأشرت بيدي ، إلى صدري ، لأذكّره ، بأني محمود بن عبيد ، وأن مريم هي : بنت عمران !
فتحيّر الجندي ، بعد أن أعاد الضابط ، عليه ، السؤال : مريم بنت عمران ، من أبوها ؟ ونظر إليّ ، من جديد، فشجعته بعينيّ ورأسي ، فقال : متشجّعاً : أبوها عُبَيد ! فكرّر الضابط السؤال : من أبوها ؟ فكرّر الجندي الجواب : أبوها عُبَيد !
 يقول المساعد: فتبادلت مع الضابط ، نظرات الحيرة، والإشفاق ، على هذا البائس، وقلّب كلّ منا يديه ، أسفاً، وخرجت مع الجندي ، وهو مايزال في رتبته الرفيعة ، التي لا تسمح له مواهبه ، بالتنازل عنها !
والسؤال ، الآن ، هو عن عَبيد الأسد ، الذين مازالوا يؤيّدونه ، ويمجّدونه ، ويَعبدونه ، بعد كلّ مافعله بهم ، وبأهليهم ، وببلادهم : كم منهم ، مَن هو في ذلك المستوى الرفيع ، من الذكاء الخارق ، الذي وصل إليه ، ذلك الجندي البائس!؟