اخر تحديث
السبت-27/04/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ الذرّاتُ البشرية ، رَمليةً ، وغُضارية : تفاعُلها في مجتمعاتها ، تأثّراً وتأثيراً!
الذرّاتُ البشرية ، رَمليةً ، وغُضارية : تفاعُلها في مجتمعاتها ، تأثّراً وتأثيراً!
26.06.2019
عبدالله عيسى السلامة
قال تعالى : (الله أعلمُ حيث يجعل رسالته) .
قال مفكّر أوروبّي ، يخاطب مفكّراً عربياً : نحن الأوروبّيين ، الفرد منّا ، كذرّة الغُضار؛ هشّ بنفسه ، شديد التماسك ، مع غيره .. وأنتم العرب ، كذرّات الرمل ؛ كلّ ذرّة ، قويّة بنفسها ، ضعيفة التماسك ، مع غيرها !
وقد ردّد هذا الكلام ، أحد كبار المسؤولين العرب ، المثقّفين ثقافة عالية ! لكنه ليس قبَلياً ، ولا يعرف شيئاً كثيراً ، عن نفسية الفرد القبَلي !
الفرد القبلي العربي ، شديد الاعتداد بذاته ، داخل قبيلته .. وشديد الذوبان ، في القبيلة ، نفسياً ؛ إذ هي موغلة ، في أعماقه ، يفكّر ويحلم ، من خلالها، ومن خلال اهتمامها به ، ونظرتها إليه! إنه يجود بماله وبنفسه ، ليَسمع كلمات الإعجاب به، تنطلق من أفواه قبيلته، ويرى نظرات الإعجاب به ، تنهال عليه ، من عيون رجال القبيلة ونسائها! وهو يتحدّى العالم ، بما لديه من أنفة وإباء، واعتداد بذاته، بل يتحدّى زعيم قبيلته ، إذا أحسّ أنه يريد ضيماً ، به ، أو بأسرته!
الشاعر الجاهلي الشابّ ، طرفة بن العبد ، يقول:
إذا القومُ قالوا : مَن فتىً ؟ خِلتُ أنّني عُنِيتُ ؛ فلمْ أكسَلْ ، ولمْ أتبلّدِ!
والشاعر أبو ذؤيب الهذلي ، يقول ، وهو في حالة تفجّع عجيبة ، على أولاده السبعة ، الذين هلكوا بالطاعون ، جميعاً ، في عام واحد:
وتجلّدي للشامتين ، أريهمُ أنّي لِرَيب الدهر لا أتضَعضَعُ !
أمّا على مستوى الفخر بالقبيلة ، التي يندغم بها الفرد ، فيكون ، وإيّاها ، شيئاً واحداً، فيقول الشاعر السموأل:
تُعيّرنا أنّا قليلٌ عَديدُنا فقلتُ لها: إنّ الكرامَ قليلُ
وما ضرّنا أنّا قليلٌ ، وجارُنا عزيزٌ ، وجارُ الأكثرينَ ذليلُ!
ويقول عمرو بن كلثوم التغلبي ، في قصيدته المشهورة ، التي يتحدّى فيها ، الملك عَمرَو بن هند، ويفخر فيها بقبيلته ، التي هو جزء منها:
أبا هندٍ ، فلا تَعجَلْ علينا وأمْهِلنــا ؛ نخبّرك اليَقينا
بأنّا نُوردُ الراياتِ بِيضـاً ونُصدرهنّ حُمراً، قد رَوِينا!
ويقول الشاعر الجاهلي ، الحارث بن وَعلة ، معتذراً لامرأة ، اسمها أميمة ، كانت تحضّه ، على الانتقام لأخيه ، الذي قتلته قبيلته :
قوميْ همُ قَتلوا، أمَيمَ ، أخي فإذا رمَيتُ أصابَني سَــهْمي
ولئنْ عَفَوتُ ، لأعفونْ جَلَلاً ولئنْ سَطَوتُ ، لأوهِنَنْ عَظمي
ويقول الفرزدق ، في الفخر بآبائه ، وأقاربه ضمن القبيلة ، تحدّياً لجرير:
أولئك آبائي ، فجئني بمثلهم إذا جمعتْنا، ياجريرُ، المَجامعُ !
وهكذا تظهر، قوّة ارتباط الفرد بقبيلته ، وذوبانُه فيها ، برغم إحساسه الهائل ، بتفرّده ، وتحدّيه لمَن يمسّ كرامته ، بصفته فرداً ، ضمن تجمّع بشري ، اسمه : القبيلة !
وقد أجاد قادة الأمّة العظماء ، توظيفَ النزعة الفردية ، في الفرد، وتوظيف النزعة القبلية ، في القبيلة، في مراحلَ كثيرة ، من تاريخ الأمّة ، على مستوى الصراعات الحربية ، وعلى مستوى القيَم الاجتماعية ! كما استغلّ القادة الفاسدون ، النزعتين ، فوظّفوهما توظيفاً سيّئاً ، مؤذياً للفرد وقبيلته ، قديماً وحديثاً.. وإن كان فيه نفع مرحلي ، لبعض الحكّام !
وحين لا تجد هذه النزعات ، مَن يوظّفها في الخير، كثيراً ما توظّف نفسَها ، في الشرّ؛ فيغزو أبناء القبيلة ، بعضُهم بعضاً ، كما قال أحد الشعراء:
وأحياناً، على بَكرٍ، أخينا إذا ما لمْ نَجدْ إلاّ أخانا!