اخر تحديث
الخميس-25/04/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ الحِكمة هي الحَكَم ، في رعاية المصائر والمصالح
الحِكمة هي الحَكَم ، في رعاية المصائر والمصالح
15.02.2018
عبدالله عيسى السلامة
* مغرٍ وممتع وسهل ، الحديث عن العنف واللاعنف ! ومتعته لايحظى بها ، عادةً ، إلاّ أصناف من البشر، لهم خصوصيات معيّنة ! منهم ، على سبيل المثال :
1) أصحاب الملكات العقلية المميّزة ، النزّاعة إلى التأمّل والتفلسف ، وحلّ المشكلات الإنسانية المعقّدة ، بطرائق نظرية فلسفية ، عبر العقول المتمرّسة بفنون التفكير الخصبة المعقّدة ، والأقلام المتمرّسة بفنون الكتابة العميقة والخصبة ، والمحلّقة في آفاق سامية ، غير ملتصقة بطين الأرض ، ولا معجونة بعجينها !
2) صنّاع القرارات السياسية الصالحون ، المخلصون لشعوبهم وأوطانهم ، الحريصون على دماء البشر عامّة ، ودماء مواطنيهم خاصّة ، ويميلون إلى أن يحقّقوا أهداف أوطانهم وشعوبهم ، داخلياً وخارجياً، بالسلم والهدوء ، وبلاعنف ، ولا دماء ، وكفى الله المؤمنين القتال ! فإذا تساوت لدى هؤلاء ، البدائل المطروحة للعمل السياسي المجدي ، مالوا ، تلقائياً ، إلى الحلول غير العنيفة ، بل فرحوا بها ! وهذا هو الأمر الطبيعي ، لدى كل إنسان طبيعي ! إلاّ أن هؤلاء يؤثرون الحلول السلمية ، حتى لوكانت كلفتها أكثر قليلاً ، وفائدتها أقلّ قليلاً ! أمّا إذا كانت الكلفة أكبر بكثير، من كلفة الحلول العنيفة ، فلن يجدوا أمامهم بديلاً عن العنف ، على مذهب الشاعر، الذي قال :
إذا لم يكنْ إلاّ الأسنّة مركباً فلا رأيَ للضطرّ إلاّ ركوبـُها
3) ضعاف الإرادات والنفوس ، الذين تنخلع قلوبهم من ذكر القتل والقتال ، وترتعد فرائصهم فرقاً ، حين تذكَر حرب قد يكون لهم إسهام فيها ، أو لها تأثير عليهم وعلى حياتهم ! ويمكن وصف هؤلاء ، بأنهم أصحاب الجبن الشديد ، أوالخالع ! فهؤلاء يجدون في حكاية اللاعنف ، والتسلّي بها ، متعة رائعة ..! لاسيّما حين تكون ثمّة أمور جسام ، تحتاج إلى حلول صعبة ، بعضها قد يكون القتال !
*) بَيدَ أن الحياة أشدّ تعقيداً ، من أن تختـزَل ببندين اثنين ، منفصلَين متضادّين ، هما : العنف واللاعنف ! سواء أكان هذا التعقيد ناجماً ، عن تركيبة الإنسان الفرد نفسها ، أم كان ناجماً ،عن تركيبة المجتمع الإنساني، في المكان الواحد ، أم كان ناجماً، عن طبيعة العلاقات ، بين الدول والشعوب ، والملل والأعراق !
ـ فالإنسان نفسه مركّب من أخلاط عجيبة ، أمشاج ، فيها الجانب الجسدي ، بكل مايحويه من عناصر، والجانب العقلي ، بكل مايتضمّنه من ملكات ، والجانب النفسي ، بكل مايشتمل عليه من مشاعر وأهواء ، وإحساسات وانفعالات ، ونزعات خيّرة وشرّيرة !
ـ والمجتمع خليط من العناصر البشرية ، المختلفة في كل مالديها من مشاعر وأهواء ، وإحساسات وانفعالات ، ونزعات خيّرة وشرّيرة ! واحتكاكُ عناصر المجتمع ، فيما بينهم ، يولّد أنواعاً من العلاقات السلبية والإيجابية ، الباردة والفاترة والحارّة ! وينتج عنها أنواع من المواقف والسلوكات ، العقلانية الهادئة ، والانفعالية العنيفة !
ـ والعلاقات بين الدول والشعوب ، والملل والأعراق .. التي تضمّ مجتمعات متنوّعة ، ومصالح مختلفة ، متضادّة في أحيان كثيرة ، وقوى متباينة ، ونزعات مسالمة خيّرة ، وعدوانية صِدامية عنفية شرّيرة ! هذه العلاقات شديدة التعقيد ، وتحتاج إلى قدر كبير، من التأمل الواعي الحكيم ، للتعامل الإيجابي الصحيح معها !
*) فكيف يمكن فصل العنف عن اللاعنف ، بين هذه الخلائط كلها ، بدءاً بأبسطها ، وهو النَزعات الفردية لدى الإنسان الواحد ، وانتهاء بأعقدها ، وهو الناجم عن العلاقات بين الدول والشعوب ، ومروراً بالعلاقات ، داخل المجتمع الواحد ، سواء أكانت بين الأفراد العاديّين ، أم بين الحكّام والمحكومين ، في ظلال أنظمة الحكم المختلفة ،الديموقراطية منها، القائمة على التداول السلمي للسلطة ، والاستبدادية القائمة على الاستئثار بالسلطة ، وحكم البشر بالحديد والنار!
*) ولمّا كان الأمر على درجة كبيرة من التعقيد ، وجدنا أن لامندوحة لدينا ، من العودة إلى أهل الخبرة ، وهم المتخصّصون بالمسائل اللاعنفية ، الذين حشَدوا الكثير من جهودهم وأوقاتهم ، لمحو نزعة العنف ، من عقول البشر وقلوبهم ، وبالتالي من مواقفهم وسلوكاتهم وتصرّفاتهم ، وعلاقاتهم بالناس جميعاً ، الأصدقاء منهم والأعداء ، والمحايدين ، والمسالمين والمعتدين ، والناصحين والمهدّدين ..! وبناء عليه ، فإنا نطرح الأسئلة التالية على هؤلاء الفضلاء المختصّين ، لعلّها تجد لديهم إجابات شافية ، تقنعنا بإمكانية عيش البشر بلاعنف ، على سطح كوكب الأرض ، المبتلى بأنواع شتّى من شياطين الجنّ ، وأصناف شتّى من شياطين الإنس ! وكلّ من هؤلاء وهؤلاء ، يوحي بعضهم إلى بعض زخرفَ القول غرورا !
فنسأل :
1- ماذا يفعل الإنسان العاقل الرشيد ، مع لصّ جاء يسرق بيته ، إذا نَصح هذا اللصّ بالكفّ عن سرقة البيت ، ومارس معه اللاعنف ، فلم يرتدع اللصّ ، وأصرّعلى سرقة البيت ، بل هدّد أهله بالقتل ، بما معه من سلاح .. وإذا كان أهل البيت قادرين على قتله ، أو ضربه بطريقة تشلّ قدرته عن الفعل ، وتمنعه من الإجرام .. هل العنف جائز هنا أم ممنوع !؟
2- كيف يتعامل الرجل الكريم ، مع عصابة من المجرمين، حاولت الاعتداء عليه، واختطاف زوجته التي تسير معه في الشارع .. إذا جرّب معهم اللاعنف ، فلم يجده نفعاً !؟
3- كيف كان على الشعوب المستعمَرة أن تفعل ، في مواجهة الدول التي تحتلّ بلادها ، كالجزائر وسورية ، مع دولة فرنسا مثلاً .. وكالشعب الفيتنامي تجاه العدوان الأمريكي .. ومثل مايجري ، اليوم ، من عمليات احتلال للدول الضعيفة ، في آسيا وإفريقيا ؛ في أفغانستان والعراق وفلسطين والصومال .. وغيرها !؟
4- كيف كان على الفرنسيين والإنجليز، والأمريكان والروس ، وغيرهم .. أن يقابلوا عدوان هتلر عليهم ، بعد أن نصحوه فلم ينتصح !؟
5- ثم :
هل تعدّ الأمور التالية من العنف ، أم من اللاعنف ؟ :
ـ التهديد.. بسائر أنواعه وأشكاله..
ـ الكلمات النابية المستفزّة ، من أيّة جهة صدرت ..
ـ الطعن اللساني ، أو الكتابي ، بالكرامات والعقائد ..
ـ النظرة الشزراء العدائية ..
ـ ضرب المعلم التلميذَ تأديباً ..
ـ ضرب الأب ابنه تأديباً ..
ـ الكلام ، أو السلوك ، غير العنيف ، الذي يثير لدى الآخرين نزعة العنف ، بردّة الفعل ..
6- ويبقى السؤال المطروح على المفكّرين واالمنظّرين ، الذين يقدّمون الأفكار والنظريات ، للناس عامّة ، ولصنّاع القرارات خاصّة ، هو :
أيّ الأمرين أجدى لكم ، ولصنّاع القرارات ، وللبشر عامّة :
أن تنصحوا الناس باللاعنف ، وترتبكوا في تحديد أنواعه وأشكاله وأساليبه ، وفي تحديد ماهو خطأ منه وماهو صواب .. ثم في تكبيل ماتبيحه من العنف الشرائع ، وتمليه المصالح والسياسات .. تكبيلِه بما تبتكره ، من اللاعنف ، النظريات والفلسفات .. متجاهلةً السنن البشرية ، والنزعات الإنسانية ، وما يقيّدها ، من أنواع الشرعيّات ، بين : شرعيات دينية ، وأخرى وطنية ، وأخرى قانونية دولية ؛ من شرعة حقوق الإنسان العالمية ..!
أن تنصحوا الناس بهذا كله ، أم تنصحوهم بالحكمة ، في كل الأحوال ، في حالة العنف وحالة اللاعنف ، وفي السلم والحرب ، وفي الوعظ والإرشاد ، وفي التنبيه واللوم والتأنيب والتوبيخ ..!؟ متّخذين لكل حالة ، اللبوسَ الذي يناسبها ، في سياقاتها وظروفها .. ناظرين إلى قول القائل :
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضرّ، كوضع السيف في موضع الندى
وسبحان القائل : ومَن يؤتَ الحكمةَ فقد أوتيَ خيراً كثيراً .