الرئيسة \  مشاركات  \  الحكمة : وضعُ الأمور في مواضعها ..فأين منها حكّام اليوم!

الحكمة : وضعُ الأمور في مواضعها ..فأين منها حكّام اليوم!

10.11.2019
عبدالله عيسى السلامة




الحكمة : كنز عظيم ، يؤتيه الله مَن يشاء ، مِن عباده .. وهي ضالّة المؤمن !
قال تعالى : يؤتي الحكمة مَن يشاء ومَن يؤتَ الحكمة فقد أوتيَ خيراً كثيراً وما يَذّكّرُ إلاّ أولو الألباب .
وقال تعالى :
ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ .
وقال تعالى :
ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا .
وقال تعالى :
وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا
وقال تعالى ، عن لقمان :
وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ .
قال معاوية : لا أضع سيفي ، حيث يكفيني سَوطي ، ولا أضع سوطي ، حيث يكفيني لساني !
وقال المتنبّي :
 ووضعُ الندى ، في موضع السيف ، بالعُلا = مُضرٌّ، كوضع السيف ، في موضع الندى !
فالحكمة هي : وضعُ الأمور في مواضعها ! فأين هي ، في حياة الناس ، اليوم ؟
ولا بدّ ، من التذكير، بأن الحكمة ، لا تأتي اعتباطاً ، ولا تؤخذ ، من أحد ، اعتباطاً !
وهنا يُطرح السؤال : أين الحكمة ، في حياة الحكّام ؟
 وقبل الإجابة ، على هذا السؤال ، لا بدّ من التفرقة : بين حاكم وحاكم..وبين حكمة وحكمة.. وبين ظرف ، يقتضي نوعاً من الحكمة ، وظرف آخر، يقتضي نوعاً آخر من الحكمة ، المناسبة له ، المختلفة عن الحكمة ، التي يقتضيها الظرف المختلف .. وهكذا !
تساؤلات أوّلية مشروعة :
هل يتوقّع عاقل، الحصول على الحكمة ، من أحمق ، شديد الحماقة..أومن جاهل ، شديد الجهل؟ ونصرف النظر، عن القصة التي خلّفت لنا مثلاً ، هو : خذوا الحكمة من أفواه المجانين ؛ لأن تلك حالة خاصّة ، وإن كانت تتلاقى ، مع القول المأثور: الحكمة ضالّة المؤمن ، أنّي وجدَها، فهو أحقّ الناس بها ، ومع قول الشاعر:
لا تَحقرن الرأيَ ، وهو موافقٌ        حُكم الصواب ، إذا أتى من ناقصِ
فالدُرّ ، وهو أعزّ شيءٍ يُقتنـى       ما حَـطّ قيمتَـه هَـوانُ الغائصِ!
وهل يَتوقّع لبيب ، وجودَ الحكمة السياسية ، عند أنانيّ ، مغلوب بهواه ، في مسألة سياسية ، تتعلّق بالشأن العامّ ، تهمّ دولة ، أو شعباً ، أو قبيلة ، أو حزباً ؟
وهل يأمل حصيف ، أن يجد حكمة ، في قرار عامّ ، يصنعه صاحبه ، بأمر من بليد ، أو ساذج، أو انتهازي ، أو فاسد الخلق ، أو دنيء الطبع .. أو يُفرض عليه ، من قبل مجموعة ، مختلفة الآراء والأمزجه والطباع ، والمصالح ..؟
وأين الحكمة ، في حياة الملأ ؟
أيّة حكمة ، في قرار عامّ ، تُنتظر من مَلأ ( نُخبة ) ، خاضع لحاكم أخرق ، ينفّذ أوامره وتوجيهاته ؟
وأيّة حكمة ، تَصدر، عن ملأ ، موزّع الأهواء ، مختلف المصالح ، متعارض النزعات والتوجّهات ، متشاكس ، متنافر الطباع ، متباين الأهداف والغايات ؟
ثمّ ، بعد أن عرفنا ، أن الحكمة ، هي هبة من الله .. هل من الحكمة ، البحث عن الحكمة ، عند مَن ليس أهلاً لها ؛ سواء أكان حاكماً ، أم محكوماً ؟
وأين يجب ، على الشعوب ، المحكومة بالفاسدين والمستبدّين .. أين يجب عليها ، أن تبحث عن حكمة ، تنتشلها ، من بين براثن المجرمين ، والقتلة ، والمنحرفين !؟