الرئيسة \  مشاركات  \  البيت الزجاجي والحجر

البيت الزجاجي والحجر

15.06.2019
د. محمد أحمد الزعبي




هنالك مثل شعبي معروف يقو ل : (من كان بيته من زجاج ، عليه ألّا يرمي بيوت الآخرين بحجر) . تذكرت هذا المثل الشعبي وأنا أستمع قبل قليل ، عبر إحدى الشاشات للسيد (ظريف) وزير خارجية إيران ، وهو يلقي بأحجاره على البيت الأبيض ، بسبب تزويده السعودية بالأسلحة التي دمرت بها اليمن . وقتلت مئات الألوف من أبنائه المدنيين العزل .
 نتفق مع السيد ظريف في أن ما يفعله السيد ترامب في اليمن هو من المحرمات الدولية والأخلاقية ، وأنه بفعلته هذه بات شريكا للسعودية في انتهاكها لحقوق الإنسان في اليمن ، وفي قتلها لمئات الألوف من المدنيين العزل من أبنائه . بيد أن اتفاقنا معه ( السيد ظريف ) هذا حول اليمن ، يستلزم منّا ، سياسياً وأخلاقياً أن نسأله ، عن عدد من قتلتهم قوات ولي الفقيه ، أي عملياً قوات النظام الذي هو وزير خارجيته ، في سوريا من الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين العزل ؟ ، أظن ، يا سيد ظريف ، أن الفرق بين ما قمتم وما تقومون به اليوم ( أنتم وبوتين وبشار الأسد ) في سوريا ، وما قام و يقوم به ترامب ومحمد بن سلمان ومحمد بن زايد ، في اليمن ، يكاد يلامس الصفر (!!) .
 إن بيتكم يا سيادة الوزير هو من زجاج ، ومن الطبيعي - في هذه الحال - ألاّ تضربوا بيوت الآخرين بالحجارة . يمكنكم أن تفعلوا ذلك ، فقط عندما تكون بيوتكم من الإسمنت المقوى بالأخلاق ، وبالتمسك بالقيم الحقيقية للإسلام ، والتي تقتضي منكم ، أن تخرجوا من رؤوسكم أوهامكم الطائفية المقيتة ، التي تعشعش في رؤوسكم ورؤوس عائلة الأسد التي أتت بكم إلى سوريا لمساعدتها على الإستمرار في الباطل ضد الحق (!!) ، ولدفعكم إلى الإنخراط في الثورة المضادة ، لثورات الربيع العربي التي اندلعت في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا عام 2011 ، والتي يجتاح أوارها اليوم شوارع الجزائر والسودان ، ضد الإستيداد والفساد ، وبمطلب شرعي بسيط هو الحرية والكرامة ، وهو مطلب ينطوي - بطبيعة الحال - على الديموقراطية ، وحقوق الإنسان ، ولا أظن أن مثل هذه المطالب الشعبية ، المتوائمة مع الشريعة الإسلامية ، يمكن أن تكون على حسابكم أو تسيئ إليكم . إن عليكم يا سيادة الوزير قبل أن تطالبوا السعوديين بالخروج من اليمن ، أن تطالبوا أنفسكم بالخروج من سوريا . عندها سيكون موقفكم متوازناً من الناحيتين الدينية والدنيوية ، وعندها سنمد يدنا لمصافحتكم .
مرة أخرى نقول للسيد ظريف ،( والله من وراء القصد ) ، إن من كان بيته من زجاج ، فعليه الاّ يرمي الآخرين بحجر .