الرئيسة \  مشاركات  \  البراميل والكبتاغون

البراميل والكبتاغون

07.10.2023
بلال داود



البراميل والكبتاغون
بلال داود*
هناك شبه بين البراميل المتفجرة و بين حبة الكبتاغون من الناحية الهندسية ، فالجسمان اسطوانيان ، بينهما بعض الفروقات البسيطة ، إذ أن البرميل طويل و الحبة قصيرة و البرميل كبير و الحبة صغيرة و غالبا مايكون البرميل ملونا بينما الحبة على حد ما رأيت في الصور بيضاء اللون ، و لكن لو توجهنا للمقارنة من الناحية العملية نجد أن البراميل المتفجرة تقتل الأبرياء وكذلك تفعل حبوب الكبتاغون ، البراميل تقتل بالجملة و كذلك تفعل حبوب الكبتاغون ..
البراميل المتفجرة تدلل فتحمل بالطائرة لإلقائها فوق رؤوس الأبرياء، فتفجر منازلا سكنية أو خيما يسكنها النازحون ، أو تفجر مستودعا أو مستشفى مليئا بالمرضى و الجرحى أو مدرسة مكتظة بالأطفال أو تسقط فوق مصنع أو سوق بمن فيه من المتسوقين و البائعين، بينما تسقط حبات الكبتاغون في جوف الإنسان طفلا أو شابا أو امرأة أو رجلا أو شيخا كبيرا فتسبب له تشنجا لخلايا المخ و ضررا وإتلافا و نقصا في كريات الدم البيضاء، كما تسبب الأنيميا و فقدان الاتزان و الشك في الناس، مما يؤدي الى العزلة و الانطواء و سرعة الانفعال و اضطراب العقل و توارد أفكار الانتحار، بالاضافة ‘إلى تشوهات وإعاقات دائمة بسبب ضمور بالمخيخ والجهاز العصبي، وحدث ولا حرج عن تزايد عدد ضربات القلب في الدقيقة وارتفاع ضغط الدم و هبوط النفس و تعرض للسكتات القلبية و….و….و بتعبير آخر الموت البطئ المأساوي .
الوحش المجرم قتل وهجر نصف الشعب السوري ، و قسم سوريا إلى شمالية من عدة أقسام و وسطى قابلة للانشطار، فيما يبدو أن الجنوبية في طريقها للتشكل، وعلى الجانب المقابل للقتل و التهجيروالتقسيم نجد أنه فتح الباب على مصراعيه للتغيير الديمغرافي مستقبلا الملايين من ايران وافغانستان وباكستان و العراق والكثير من هذه الشاكلة ، و باع جزءا كبيرا من سوريا لروسيا الاتحادية، وبعد ذلك توجه إلى الدول الشقيقة يمطرها بحبوب الكبتاغون، فيقول وزير الخارجية الاردنية انهم يوقفون شحنة كبيرة بمعدل مرة كل عشرة أيام ، طبعا هذا غير الذي يمر و لا يتمكنون من اكتشافه، فالوحش المجرم فنان مبدع في طرق التهريب ، مرة يستخدم المسيرات الجوية الصغيرة، و مرة داخل البرتقال والتفاح والبصل أو في أرضيات الشاحنات ، و أحيانا في إطاراتها ، و البارحة كنت أسنمع إلى صحفي لبناني، ذكر أن الوحش المجرم بدأ بشق أنفاق سرية بين سورية و الأردن لهذا الغرض، وأشار وزير الخارجية الاردنية إلى أن بعضا من الشحنات المهربة تأتي أحيانا محمية بجنود مسلحين من الفرقة الرابعة، و تحصل معارك و يقتل جنود من الطرفين غالبا، مما يعني بداية انتقال التهريب السري الى التهريب العلني المحمي بالأسلحة و الجنود ، وهي نقلة خطيرة جدا إذا ما استفحلت و تفاقمت و تزايدت أعداد المسلحين المرافقين للشحنات المهربة .
إذا تابعنا المقارنة بين البراميل المتفجرة و الكبتاغون، نجد أن القتل بالبراميل كلفته قليلة و لكنه مكلف في المحصلة و سريع المفعول و النتائج ، بينما القتل بحبوب الكبتاغون بطيء نوعا ما و لكنه مربح ماليا و له نتائج كارثية على الزمن المتوسط و الطويل ، و لنا أن نتساءل هنا لماذا شحنات التهريب هذه تتجه نحو الأردن و الخليج ، و لم نسمع عن شحنات مهربة إلى العراق الشقيق؟؟، و نتفهم أن لبنان لا يحتاج هذه البضاعة المستوردة بسبب وجود مصانع الشركاء هناك تدار من الضاحية الجنوبية .
و ختاما للمقارنة بين البرامبل المتفجلرة و حبوب المبتاغون / نجد أن القاسم المشترك الأعزمي بينهما هو الوحش المجرم ، فهو المنتج و هو الموزع و المصدر و المهرب ، و هو القاتل و هو المجرم و هو السفاح الأشر .
خارج المقارنة بين البراميل و الكبتاغون ، نجد أن العرب وخصوصا دول الخليج حاولوا من جهتهم أن يفتحوا له بابا للعودة إلى حضن الوطن العربي الكبير ، كمقدمة لمساعدته في التغيير السياسي والحل السياسي للمأساة السورية ، و في هذا انقاذ له من النهاية المنتظرة ، و كل ذلك على أمل إيقاف تهريب هذه الحبوب القاتلة، لكن شيئا من هذا لم يحصل ، و لا يبدو أن الوحش المجرم قابل للتغيير في ذاته أو تفكيره و تنفيذه لهذه السياسة الإجرامية القذرة، طالما أنه مسكوت عنه عالميا من قبل الدول العظمى ، و مرضي عنه من قبل اسرائيل التي يقوم بتفريغ المنطقة من أهلها نيابة عنها و يرجع بشعوب المنطقة إلى الوراء مئات السنين فقرا و جهلا وتخلفا ….
ياترى هل سيستمر بتحقيق انتصاراته على شعبه و يتمكن من قتل الشعوب الشقيقة المجاورة ؟ أم أن الدول العربية المتضررة سيكون لها موقف مختلف معه
بعد أن قابل الإحسان بالجحود ثم أدار لهم ظهره ليسافر في رحلة استجمام عائلية إلى الصين لعله يتمكن من تسويق ما تبقى من سوريا ؟
____________
*بلال داود - كاتب سوري