الرئيسة \  مشاركات  \  الانفصال عن الواقع : مرض نفسي ، أم ضلال عقلي؟

الانفصال عن الواقع : مرض نفسي ، أم ضلال عقلي؟

09.08.2020
عبدالله عيسى السلامة




كثر الحديث ، عن الانفصال عن الواقع × وذلك لكثرة المنفصلين ، حقّاً ، عن الواقع! والانفصال عن الواقع ، ليس جديداً ، إنه قديم ، قِدَم الإنسان على الأرض !
لقد وصف القرآن أناساً ، بأنهم كالأنعام ، بل هم أضلّ منها سبيلاً ، والسببُ أن الأنعام ، تدرك واقعها بغريزتها ، وتتصرّف على هذا النحو! أمّا الإنسان ، فأوتي عقلاً ، ليفكّر به ، ويدرك الواقع المحيط به ، فيغفل ، في أحيان كثيرة ، عن إدراك الواقع ، أو يعجز عن فهمه ؛ لِما ينتابه ، من قصور في المدارك .. أو مِن أهواء تتغلّب عليه ، فتحكم تصرفاته .. أو نحو ذلك !
ومن أنواع الانفصال عن الواقع :
إحساس بعض البشر، بأنهم قادرون على أشياء كثيرة ، هم ، في حقيقة الأمر، عاجزون عنها، فيتصرّفون بحسب مايتوهّمون، فيضيعون أوقاتهم وجهودهم، عبثاً !
نسيان الإنسان ، أو غفلته ، عن أنّ الكون ملكٌ لله ، وهو المتحكّم بأمره ، فيندفع ، بسبب هذا النسيان ، أو هذه الغفلة ، إلى فعل أمور، ينبغي عليه الإحجام عنها ، أو يحجم عن فعل أمور، يجب عليه فعلها !
نماذج من الانفصال عن الواقع :
مَن يشاهد الناس ، مِن حولهِ ، يموتون ، كلّ يوم ، ويتصرّف وكأنه مخلّد في الدنيا !
مَن يخطّط لنفسه : سياسياً ، أو اقتصادياً ، أو اجتماعياً .. دون إدراك الظرف المحيط به .. والقوى المنافسة له .. والأخطار المحدقة به .. والعقبات الهائلة التي أمامه .. فيخطّط لنفسه ، وكأنه ، وحدَه ، في العالم ! 
مَن كان رئيس دولة ، صغيرة ضعيفة ، ويتصرّف كأنه إمبراطور، ينفق أمواله ، للهيمنة على دول أخرى !
مَن حكَم دولة صغيرة ، ودخل في حماية دولة كبيرة ، ثمّ تصرّف ، كأن الدولة الكبيرة تظلّ حامية له ، بصرف النظر عن مصالحها في العالم .. ثمّ اكتشفَ ، بَعدَ توهّمه هذا ، أنّ الدولة الكبيرة الحامية ، تبتزّه ، من خلال إخافته من الآخرين ، وتَطلب منه دفع أثمان باهظة ، لتستمرّ في حمايته ! وقد تكون متآمرة مع الآخرين، لإخافته ، كي يزداد التصاقاً بالدولة الحامية ، وتَقبض الدولة المخيفة ، ثمن جهودها في الإخافة :  مادّياً ، أو معنوياً !
الحاكم الذي يمارس العداء ، ضدّ شعبه ، إرضاء لقوّة خارجية ، فإذا أضعَف شعبَه، وحقد عليه الشعب .. مارست القوّة الخارجية ، ضدّه ، ابتزازاً بشعاً ؛ إذ تخيفه من شعبه الغاضب عليه ، ليزداد التصاقاً بها !