الرئيسة \  مشاركات  \  الاحتياطي المضموم ... لن يفلح في إنقاذ العملية السياسية من السقوط

الاحتياطي المضموم ... لن يفلح في إنقاذ العملية السياسية من السقوط

12.03.2017
الدكتور خضير المرشدي

أخطر أنواع الصراع الذي فُرض علينا بقوة السلاح والمال والاعلام ، هو صراع الطوائف والأديان والأقليات ، سنة شيعة ، عرب وأكراد وتركمان ومكونات أخرى ، والذي هيّأ المحتل لإدارته مجموعات من بين العراقيين ، لكل منهم اتباعه ومرجعيته وارتباطاته الإقليمية والدولية ، وكل يبحث ويتحدث عن حقوق وإستحقاقات قوميته وطائفته وأقليته ومنطقته ، أو مصالحه الشخصية ، بعيداً عن حقوق العراق كدولة عربية موحدة ، ودون النظر لمصالح شعبه العليا .
وبات المجتمع الدولي بشكل عام ، وعدد من الدول العربية المجاورة للعراق بشكل خاص ، تتعامل مع هذا الواقع المزيف والغريب عن طبيعة العراقيين وتاريخهم على أساس إنه الحقيقة المطلقة ، وبدئوا منذ عام ٢٠٠٣ يبحثون مع هذه المجاميع العراقية الفئوية عن حلول لقضية العراق ، في اطار دستور الاحتلال وعمليته السياسية ( الكارثة ) ، مما وضع العراق فِي أتون أزمات أمنية وعسكرية وخدمية واقتصادية واجتماعية وقانونية واخلاقية مستمرة ومتصاعدة منذ احتلاله وحتى الان . وهي التي كانت السبب الذي هيأ لظهور حركات إرهابية طائفية متطرفة ومجرمة ، يمثلها تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام ( داعش ) وتداعيات الحرب الدولية ضدها من جهة ، وميليشيات مسلحة مرتبطة بايران واحزاب السلطة تزيد عن داعش بإرهابها وجرائمها من جهة أخرى ، وأصبحت مصدر تهديد لأمن الدول القريبة والبعيدة .
إن هذا النوع من الصراع الفئوي ، يمثل أداة من أدوات المحتل ، وواحدة من حيله وألاعيبه في تغيير مجرى الصراع الرئيسي وتحويله إلى صراعات ثانوية ومشاكل جانبية تجعل العراقيين لايعزفون عن مقاومة المحتل وملاحقته وفق القانون لانتزاع حقوقهم الوطنية فحسب ، بل تدفعهم للاستنجاد به وطلب معونته في إيجاد الحل لأزماتهم وتخليصهم من ايران وعصاباتها وعملاؤها ، وداعش ومثيلاتها ، متناسين إن المحتل هو من جاء بهذه الكوارث وخلق الازمات ، وكان السبب الرئيسي في حدوثها ؟؟؟
شعب العراق لم يعرف الطائفية من قبل ، ولم يتنافس فيه البشر على أساس قومياتهم وأديانهم وطوائفهم ، بل عاشوا بسلام وانسجام وتلاحم وتسامح ومحبة ، طيلة تاريخهم القريب والبعيد ، وأنهم بهذه الخواص تصدوا للعدوان وطردوا المحتلين عبر التاريخ ، وأقاموا الحضارات وبنوا الأمصار وأثروا الانسانية بإنجازات وعلوم وقيم .
- فالصراع الرئيسي في العراق هو :
صراع بين إرادة وطنية لم تنحني ولن تنكسر - وبين إرادة ( قوى معتدية ) ، دولية واقليمية ومحلية ، اتفقت جميعها على إحتلاله وتحطيمه ، وإشتركت في العدوان عليه ووجهت إهانة كبيرة لهذا البلد العريق وأساءت لتاريخه وقيمه وأخلاقه ، وإن إختلفت فيما بينها بين فترة وأخرى على النفوذ وتوزيع المصالح والمكاسب والمناصب !!!
- الصراع الحقيقي ، هو بين إرادة شعب العراق بكافة قومياته وأديانه وطوائفه ، التي تعاني الظلم والإفقار والتهميش ، وبين إرادة قوى شريرة متعددة المنابع والمصالح والاهداف تسعى لإنقاذ مشروع الاحتلال وإنجاحه .
وليس مايجري من تنافس وصراع ومناورات ومشاورات بين هذه الفئات او المكونات او الاشخاص وبرعاية عربية واقليمية ودولية ... كل منها يهدف لأن يكون هيكل العراق المستقبلي ، وفق توجهاته وبما يخدم مصالحه !!!
- ولهذا إن ماجرى في تركيا مؤخراً من إجتماع لما يسمى ( ممثلي السنة ) بأمر أمريكي وتنسيق عربي - تركي ( ولم تكن ايران بعيدة عنه مطلقا بل هي صاحبة المصلحة الحقيقية في هذا التكوين ) ، يمثل محاولة لترميم العملية السياسية المتساقطة والفاسدة ، ويعبر عن التزام هذه الاطراف في دعم مشروع الاحتلال الذي تقوده وتديره ايران بشكل مباشر وغير مباشر .
إن هذا التوجه السياسي الجديد بمن حضره من اركان العملية السياسية الفاسدة وبأوصافهم المعروفة للشعب !! وإضافة ممثلين من خطوط الاحتياط المضموم التي كانت تدّعي لوقت قريب رفضها للفئوية الطائفية ، وللعملية السياسية ومشروع الاحتلال والأقاليم ...
لن يحقق الحل الذي يسعى إليه العراقيون في طرد ايران من العراق وتفكيك ادواتها ، وفي تغيير العملية السياسية الكارثية ودستورها ، وفِي إعادة بناء العراق وإعماره . وهو لن يكون إلا واحدة من المحاولات الفاشلة كسابقاتها التي لن تزيد الوضع إلا تأزماً وتدهوراً وتخلفاً وطائفية وفساداً وإرهاباً .
فبدلاً من إضاعة الوقت والجهد والمال في صناعة مشاريع سياسية هزيلة ، وبأسماء جديدة وهيئات وكتل تدور في ذات المحور ، تضاف لما موجود من احزاب في اطار عملية الترميم لهيكل متهاوٍ ، فإن على الدول العربية والاقليمية الداعمة لهذا المشاريع ، أن تعلم إن عملية نفخ الروح بجسد ميت لاتجدي نفعاً في إحيائه !!!
وإن طريق الحل الشامل والنهائي والدائم الذي ينقذ العراق من الكارثة ، ويعيده لانتمائه العربي والاسلامي ولممارسة دوره الانساني ، وبما يحفظ أمن ومصالح هذه الدول والعالم ، لن يتحقق الا بمناقشة كافة المشاكل التي خلّفها الاحتلال ووضع الحلول النهائية لها وفِي مقدمتها إنهاء الاحتلال الايراني للعراق ورفض وانهاء كافة انواع النفوذ والتدخل الاجنبي فيه ، وتغيير العملية السياسية الفاشلة والفاسدة ودستورها المشبوه ، والغاء قوانينها الاجرامية التي انتهكت حقوق ومصالح ومقدسات العراقيين وأموالهم وأعراضهم ، واعادة بناء دولتهم وفق قوانينها وانظمتها وتقاليد عملها الوطنية .
 
الخميس ١١ جمادي الثانية ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / أذار / ٢٠١٧ م