الأوربيون .. تحسبهم جمعا وقلوبهم شتى .. حرب باردة بين الأوروبيين

كاتب ومفكر سياسي
برلين ‏13‏/08‏/2017
يعيش الاتحاد الاوروبي منذ فترة في جو خلافات تعصف بكيانه ، فقد ساهم اعلان بريطانيا الغاء عضويتها من الاتحاد الاوروبي ارتفاع نبرات ببعض الدول الاوروبية تطالب حكوماتها بالغاء عضوية بلادهم من الاتحاد الاوروبي ، كما تحمل الاحزاب القومية الاوروبية شعار الاستقلال عن بروكسل الذي يرونه وراء البطالة وتدهور قوة اوروبا المعنوية والسياسية ، فشعار الحزب البديل لالمانيا الذي اصبح شبه مؤكدا حصوله على مقاعد بالبرلمان الاتحادي الخروج من الاتحاد وحلف شمال الاطلسي / الناتو / والعودة الى العملة الالمانية / المارك / كما ويبذل الحزب الجمهوري الهولندي الذي يتزعمه جيرت فيلدريز جهوده الغاء عضوية بلاده من بروكسل ، ولو نجحت زعيمة الجبهة القومية الفرنسية ماري دو لوبان بالرئاسة الفرنسية لقامت بتقديم طلب الغاء عضوية باريس من اتحاد بروكسل .
والواقع بان الاتحاد الاوروبي بدأ يتضعضع سياسيا منذ حصول بولندا والتشيك وسلوفاكيا وهنغاريا على عضوية الاتحاد عام 2004 ، فهذه الدول تعتبر بالنسبة للاوربيين وخاصة المانيا وفرنسا وايطاليا آلام بالبطن ومغص المعدة وصداع الرأس لعدم تضامنهم بشكل حقيقي مع السياسة الاوروبية الخارجية والداخلية ايضا بجميع فروعها الاقتصادية والاجتماعية وحقوق الانسان والحريات العامة . فقد بذلت بولندا عامي 2006 و 2007 اقناع الاوروبيين بوجوب قيام دستور اوروبي موحد تحت شعار كنسي ديني ، وأكدت وقتها المستشارة انجيلا ميركيل بتأييد من لحزب المسيحي الديموقراطي دعمها للاقتراح البولندي الا انه فشل جراء معارضة فرنسا وايطاليا وبعض الاحزاب الاشتراكية على هذا الدستور الذي يعني بمثابة وثيقة دعوة صريحة لحرب صليبية اذ سيؤكد الدستور والشعار الكنسي ان الاتحاد الاوروبي مسيحي الطابع .
وأبدى اوروبيو الشرق الاعضاء بالاتحاد / هنغاريا وبولندا والتشيك وسلوفاكيا / عن وجوههم بصراحة جراء عدم تضامنهم مع المانيا ودول اسكندنافية اضافة الى فرنسا وايطاليا واسبانيا ومالطا بما يتعلق بازمة تدفق اللاجئين ، وقامت وارسو بالغاء بعض بنود الاتحاد الاوروبي الذي ينص على حرية القضاء كما عمد رئيس وزراء هنغاريا فيكتور اوربان باصدار قرار لمراقبة الصحافة واغلاق حدود بلاده مع صربيا وغيرها امام اللاجئين وأكد رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيكو عدم استقبال بلاده اي مسلم معتبرا جميع ما الاتحاد الاوروبي من سياسة مضرة لبلاده بينما يرى رئيس التشيك ميلوش زيمان بالاتحاد الاوروبي طامة على بلاده والاوروبيين جمعاء .
ويحذر زعماء الدول المذكورة الاوروبيين من المانيا اذ يؤكدون بان المانيا تطمع للزعامة الاوروبية بالرغم من ان الكثير من المراقبين للسياسة الاوروبية يستبعدون تحقيق المانيا حلم الزامة الاوروبية فقد أثبتت الحربين العالميتين الاولى والثانية بأن المانيا لا تستطيع زعامة الاوروبيين جراء عدم امتلاك الالمان لعاطفة تذكر لدى أكثر الاوروبيين .
ويرى استاذ علوم التاريخ والسياسة الاوروبية هانس اولريخ فينكلر ، ان الاتحاد الاوروبي يعيش بحرب باردة بين دوله فتطورات السياسة الاوروبية حاليا تثبت ذلك .
ومن خلال محاضرة ألقاها هذا اليوم الاحد 13 آب / اوجسطس رئيس منظمة / الحركة الاوروبية – فرع المانيا / راينر فيند ببيت ثقافات العالم بالعاصمة برلين ، طالب الحكومة الالمانية التي ستأتي بعد الانتخابات البرلمانية العامة التي ستجري في المانيا يوم 24 أيلول / سبتمبر المقبل تأسيس وزارة بدائرة المستشارية الالمانية مختصة بالاندماج الاوروبي مشيرا ان عدد الالمان الذين يعملون بالمفوضية الاوروبية يصل الى 23 شخصية يتنقلون بين برلين وشتراسبورج وبروكسل تذهب جهودهم سدى لعدم وجود من يدعم اعمالهم بدائرة المستشارية الالمانية التي وصف سياستها الاوروبية بالنائمة لعدم وجود وزارة دولة تعني بشأن الاندماج الاوروبي وتبذل جهودها لهذا الاندماج مؤكدا ان الاتحاد الاوروبي يعاني من تضعضع مخيف وشرخ خطير في سياسته مؤكدا ان الحكومة الالمانية لت تبذل جهودها لتحقيق طموحات الشعوب الاوروبية باندماج حقيقي بينهم .
وبالرغم من ان الحركة الاوروبية تعتبر داعما رئيسيا للاحزاب القومية الاوروبية وتدعم ظاهرة الشعوبية في اوروبا ، فان فيد الذي يطالب قيام وزارة اتحادية بدائرة المستشارية الالمانية تعني بالاندماج الاوروبي اعترف استحالة الاندماج فالشعوب الاوروبية تختلف بتقاليدها وعاداتها وتنظر الى الالمان بريبة حب الزعامة عدا عن ذلك فان الاوروبيين الاخرين ولا سيما فرنسا وايطاليا تتطلعان ايضا الى زعامة اوروبا بينما تطمح بولندا قيام وحدة سياسية وشعبية مع التشيك وسلوفاكيا وهنغاريا فشعوب تلك الدول هم من السلوفاك ويعادون الشعوب الجرمانية منذ فجر تاريخ الانسانية في اوروبا / مستطردا انه يمكن لجهود دبلوماسية واجتماعية وسياسية تحقيق الاندماج الاوروبي .
والاوروبيون تحسبهم جمعا وقلوبهم شتى .