الرئيسة \  في وداع الراحلين  \  الأخ الداعية العامل الصابر حلمي عتال - أبو عبد القادر ​في ذمة الله

الأخ الداعية العامل الصابر حلمي عتال - أبو عبد القادر ​في ذمة الله

19.06.2021
زهير سالم


في وداع الراحلين
الأخ الداعية العامل الصابر حلمي عتال - أبو عبد القادر
في ذمة الله
زهير سالم*
 
وألقت عصاها واستقرت بها النوى ... كما قر عينا بالإياب المسافر
وجمعنا بالفقيد الجميل طريق الهجرة الطويل ... وأول ما تعرفت عليه مدرسا للغة الانكليزية في مدينة منبج .. فعرفته ببسمته التي لا  تكاد تفارق محياه .. وكنا إذا ضمتنا الراحلة غادين إلى منبج أو رائحين إلى حلب نتبادل الهم العام بلغة وصل تجمعنا على استحياء ...كنت أحسبه وكان يحسبني ، وانتهى الكلام ...
وبعد ما وقع في سورية من ظلم الظالمين، واستهداف الأخيار والمحسنين خرج الفقيد الراحل من سورية كما خرج عشرات الألوف غيره تحولا عن ديار الظالمين.
ثم تقلبت به الديار والأوطان، ليصلنا نعيه اليوم فقد توفي الداعية الشهم الأبي الذي أبى مع أربعين سنة من الجراح ، أن يعطي الدنية .. خرج من وطنه سورية إلى مصر إلى الأردن إلى اليمن .. لتوافيه المنية أمس في الدمام في المملكة العربية السعودية " وما تدري نفس بأي أرض تموت "
كان الأخ الراحل الحبيب أنموذجا في الدعوة المبصرة، وفي العمل الدؤوب،  وفي الصبر والرضا ، وفي السماحة والمحبة .. وفي الإصرار على تحمل لأواء الطريق .
 وحين نقف في محطة الوداع .. أمام مثل هذا الأنموذج من الرجال، وكل رجل من أبناء هذا الجيل كان معه رفيقة درب لا تقل عنه صبر ومصابرة وإباء، وكان معه جيل من الأبناء ، ثم صار له جيل من الأحفاد .. نتساءل كيف يمكن أن نختصر تضاريس أربعين سنة في كل يوم فيها درس، وفي كل يوم فيها مأثرة وفي كل يوم فيه امتحان بسطور وكلمات..؟؟
كيف يا أبا عبدو وأنا أعلم أنك ستجيبني ببسمتك، وعلى سجيتك كما تعودت تفعل أو تختصر سحبا من الألم فوق رؤوسنا تعتصر ...
لقد عاش الأخ " أبو عبدو " وهذا كان لقبه بين أحبابه، كل هذه المعاناة مرة مع الغربة، ومرة مع المرض، ومرة مع قسوة العيش، ومرة مع سلوك الناس..
أتذكره يوما يحكي لي، وأذكر هذا ليكون قدوة، وهو مدرس ثانوية، وضاق به الدخل لا يسد حاجته وحاجة أسرته يقول لي: وافتتحت بجانب الثانوية مطعما لبيع الفلافل !! بيع الفلافل ولا الدنية، ولا الوقوف بباب السفارة السورية يطلب " تصحيح وضع " كما كانوا يسمونه، وكان بعض الذين تراخت همتهم، وفي كل سياق ستجدون أقواما تتراخى همهم فاحذروا أن يفت لكم هذا في عضد، أو أن تذهب بكم أوهام الكذابين أشلاء ...
يظن الكثيرون نتيجة عوامل سوء التلقين وكثرة التشويش أن جماعة الإخوان المسلمين " امبراطورية " تقعد على قمة من براميل النفط أو أموال المانحين !! وكم جر علينا هذا الوهم من سوء الفهم، واضطراب التقدير، وإنما هي النفوس الجميلة في مثل شخص الأخ الراحل الحبيب أبو عبدو تتجمل ...
غادرنا بالأمس الأخ المؤنس الحبيب البسام على الألم ولا نملك إلا أن نقول كما علمنا ربنا " إنا لله وإنا إليه راجعون "
اللهم اغفر له وارحمه وأعلِ نزله، وزده ولا تنقصه، زده إحسانا وعفوا وغفرانا .. اللهم قد عاش مهاجرا إليك وقد وقع أجره عليك، وأنت أصدق من قال، وأكرم من أعطى ووفى، نسألك أن تعطي أخانا المهاجر المجاهد الحبيب من خير ما أكرمت به عبادك الصالحين ..
ونتوجه بخالص العزاء والمواساة لأختنا الكريمة " أم عبدو " ولأنجال الفقيد عبد القادر وإخوانه، ونسأل الله أن يجعلهم خير خلف على طريق أبيهم الذي صدق ووفى .. وكذا نتوجه بالعزاء إلى كافة إخوة الدرب من الذين عايشوا الفقيد فأحبهم وأحبوه ...
وإنا لله وإنا إليه راجعون
لندن: 7 ذو القعدة / 1442
17/ 6/ 2021
____________
*مدير مركز الشرق العربي