الرئيسة \  قطوف وتأملات  \  اغتيال امراة !!؟ ... زوج ثاكل ! وأب مفجوع !!؟

اغتيال امراة !!؟ ... زوج ثاكل ! وأب مفجوع !!؟

27.05.2020
يحيى حاج يحيى





لايمكن أن يمر الحديث عن المفكر السوري الأستاذ عصام العطار دون الوقوف عند اغتيال زوجته بنان علي الطنطاوي في ١٧ / ٣/ ١٩٨١م بألمانيا !؟ ودون الوقوف عند حزن أبيها الشيخ الأديب علي الطنطاوي الذي ذكرها في برنامج إذاعي مرة ، فبكاها وأبكى المستمعين بكلماته الدامعة التي غلبت عليها نبرات صوته الحزين !!
وكذلك دون الوقوف عند من بكوا زوجاتهم من القدماء والمعاصرين ، بدءاً بالشاعر جرير الذي قال : لولا الحياءُ لهاجني استعبارُ - ولزرتُ قبركِ ، والحبيبُ يزارُ !؟
ولّهتِ قلبي إذ علتْني كبـرةٌ - وذوو التمائم من بنيك صغارُ ..!
 ومروراً بمحمود سامي البارودي ، وهو منفي عن وطنه ، وقد بلغه وفاة زوجته ، وهو بعيد عنها :
يادهرُ ! فيم فجعتني بحليلة - كانت خلاصة عُدّتي وعتادي !؟
ووقوفاً عند شاعرين كبيرين ، أصدر كل منهما ديواناً في رثاء زوجته !
يقول عزيز أباطة في ديوانه أنات حائرة :
طوّفتُ بالبيت الحزين مسلّماً - فبكى وأوشك أن يردّ سلامي !
وجعلتُ أسألُه فلو ملك البكـا - واسْطاعه لبكى بدمع هامـي!
أعرفتِني يادارُ ؟ أم أنكرتنـي - نهْب الأسـى والبث والآلامِ!
ويقول عبد الرحمن صدقي في ديوانه من وحي امرأة :
أأُهربُ من ذكراكِ أم لستُ أهربُ - وهل من وفاءٍ أن يُجـنّ معذّبُ !
أأترك ُ هذا البيت ، قد كان عُشّنا - وكنا به إلفينِ ، والأرصُ معشبُ !
خيالُكِ لاأقوى عليه ؛ فإنه ... - وقد صار جزءاً من حياتي مُغلّـبُ !!
-----------------------------
ثم ينتهي بنا المطاف عند قصيدة ( رحيل ) للأستاذ عصام العطار في رثاء زوجته الشهيدة
 ( بنان علي الطنطاوي ) !!
يقول الأديب الناقد حسني أدهم جرار في كتابه ( قصائد إلى المرأة ) : تعرّض الأستاذ عصام لعدد من المؤامرات التي استهدفت حياته وحياة أسرته !؟ ففي ١٧- ٣ - ١٩٨١ م تم اقتحام شقته في مدينة آخن بألمانيا الغربية في أثناء غيابه ، وكانت زوجته في الشقة وحدها ، فضربوها خمس رصاصات ... اثنتان منها في جبهتها الشامخة !
فكانت هذه القصيدة المبكية ، وقد اختار الأستاذ حسني منها سبعة وثلاثين بيتاً ! كان مطلعها :
 
 
بنانُ ! ياجبهـة الإسلام داميةً - مازال جرحُك في قلبي نزيف دمِ !
بنان ياصورة الإخلاص رائعةً – ويا مثـال الفدى والنُّبل والكرمِ -
بنان ياأُنس أيامي التي انصرمتَ - وليس يومُك في قلبي بمنصرم!!
ويارفيفة دربـي والدُّنا ظُلمٌ .. - تشـقُّ درب الهدى في حالك الظُّلم
وياوِقائي إدا ماكنتُ في خطر .... - ويايميني وياسيفي وياقلمـي !
ثم يمضي متذكراً الأيام التي قضياها معاً في الغربة ، ومارافقها من ألم الفراق عن الأهل والوطن ، والمضايقات والتهديد ....
الكيدُ يرصـدُنا في كل منعطـف - والمـوتُ يرقبُنا في كل مُقتحم !؟
حتى سقطتِ على درب الجهاد وقد - عزّ النصيـرُ بلا شكوى ولاندم !
صريعةً برصاص الغـدر ، خالدة - في مسـمع الدهر ترتيلاً بكل فم !
وبِتُّ وحدي على الدرب العتيد، وقد - غاب الرفيقُ بجرح غيرِ ملتئِم !!
وحين يفلت الجناة ، ولايجد الحر في غربته من يواسيه ، ويدفع عنه الأذى !؟ فلا عليه أن يهتف في ألم ويأس :
فمن يُغيثُ ؟ ألا دِينٌ ؟.. ألا خُلُقٌ ؟ - من ذا يكون لمظلومٍ ومهتضم !؟
فظائعٌ ما رأى التاريخُ مُشبهها !؟ - في عالم الغاب أوفي غابر الأمم !؟
ولكن إذا أصمّتْ عدالة الأرض آذانها عن سماع الحق ونصرة المظلوم ، فإن منادي السماء ينادي : وعِزتي لأنصرنّك ولو بعد حين !!
الله أكبرُ والأقدارُ ماضيةٌ..- أين الطواغيتُ مِن عادٍ ومن إِرمِ !؟
سنصدع الليل مهما اشتد غيهبُه - ونحملُ الفجر للإنسان والأمم !
ويسألونك : متى هو ؟ قل : عسى أن يكون قريبا !!!!