الرئيسة \  واحة اللقاء  \  استمرار نزيف إدلب: روسيا تواصل الحرب وإيران تنتقد تركيا والمعارضة تنسحب من حلب

استمرار نزيف إدلب: روسيا تواصل الحرب وإيران تنتقد تركيا والمعارضة تنسحب من حلب

19.02.2020
هبة محمد



القدس العربي
الثلاثاء 18/2/2020
دمشق – "القدس العربي" : بينما بحث وفدان تركي وروسي في موسكو، أمس، سبل تخفيض التوتر في محافظة إدلب شمال غربي سوريا. وأفادت مصادر دبلوماسية تركية، للأناضول، بأن الوفد التركي ترأسه نائب وزير الخارجية سادات أونال. وأضافت المصادر أن الوفد التركي أكد، خلال المحادثات، على ضرورة تخفيض التوتر بسرعة على الأرض، والحيلولة دون أن يسوء الوضع الإنساني أكثر في إدلب. كما تشاور الوفدان حول تنفيذ جميع مخرجات اتفاق سوتشي حول إدلب، والسبل الكفيلة بمنع حدوث خروقات للاتفاق.
ميدانياً، عادت المقاتلات الحربية الروسية والسورية لضرب المزيد من الأهداف المدنية والبنى التحتية في أرياف محافظتي إدلب وحلب، وذلك بعد انسحاب تشكيلات المعارضة من عشرات القرى والبلدات في ضواحي حلب خلال الساعات الماضية بدون قتال، لتصبح العاصمة الاقتصادية للبلاد بقبضة موسكو ودمشق بشكل كامل بعد ثماني سنوات من المعارك المتواصلة من الجانبين.
وخرجت مشافي مدينة "دارة عزة" في ريف حلب الغربي عن الخدمة بشكل كامل بعد تعرضها للقصف المباشر من قبل الطائرات الحربية الروسية، مما أدى خروج مشفيي "الكنانة والفردوس"، عن الخدمة، وإصابة عدد من العاملين فيهما، كما استهدفت الغارات الجوية الروسية والسورية أيضاً أرتال المدنيين النازحين في المنطقة، في حين عادت روسيا مجدداً لاستهداف مدينة أريحا في ريف إدلب بعدة غارات جوية.
 
مباحثات تركية – روسية في موسكو لخفض التوتر شمال غربي سوريا
 
كما بسطت القوات البرية التي تدعمها روسيا جواً، سيطرتها على قرية "الشيخ عقيل" بريف حلب الغربي، لتحاصر قوات النظام نقطة المراقبة التركية فيها، في حين أقدم الجيش التركي على إنشاء نقطتَيْ مراقبة جديدتين له في محافظة إدلب إحداهما في منطقة "البردقلي" قرب "سرمدا"، والثانية في "نحليا" شمال أريحا، وبذلك، يرتفع عدد النقاط التركية في منطقة خفض التصعيد حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى 35.
 
حلب بيد النظام
 
ومع انسحاب المعارضة السورية من مواقعها في ضواحي حلب بدون قتال، تصبح حلب بشكل كامل بيد روسيا والنظام السوري وإيران، ولتتمكن هذه القوات من بسط سيطرتها على 32 منطقة بضواحي حلب وشمالها وشمال غربها، حسب ما أشار إليه المرصد السوري لحقوق الإنسان.
التبدلات الأخيرة، أحدثت وفق المصدر الحقوقي، تغييرات كبيرة في خريطة السيطرة خلال الفترة الممتدة من الـ 24 من شهر يناير/كانون الثاني الفائت وحتى 16 من شهر شباط/ فبراير الجاري، تمثلت تلك التغيرات بسيطرة قوات النظام على أكثر من 215 منطقة في الريفين الإدلبي والحلبي، وذلك بإسناد جوي وبري هستيري عبر آلاف الغارات الجوية والبراميل المتفجرة والقذائف الصاروخية والمدفعية بالإضافة لاتفاقات إقليمية أفضت إلى انسحاب الفصائل من عشرات المناطق.
النظام السوري، الذي يبدو كان متحمساً للحدث الكبير، استقبل موالوه تلك الأخبار بالاحتفالات والأهازيج، وسط انتقادات واسعة من قبل المعارضة السورية لما آلت إليه أحوال الشعب السوري. وبعد ساعات فقط من استعادة النظام السوري كامل جغرافيا مدينة حلب ومواقع أخرى في أريافها، سارع وزير النقل في حكومة دمشق "علي حمود"، إلى إعلان استئناف تشغيل مطار حلب الدولي، مشيراً إلى أن يوم الأربعاء المقبل ستقلع أول رحلة جوية من دمشق إلى حلب، وفق ما نقلته وكالة "سانا". مطار حلب، هو ثاني أكبر مطار في سوريا، بعد مطار دمشق الدولي، وتوقف عن العمل منذ عام 2011، وذلك بعد أشهر قليلة من انطلاق الثورة السورية، ويقع المطار على مسافة عشرة كيلومترات من وسط مدينة حلب الاقتصادية.
تعد حلب العاصمة الاقتصادية لسوريا، والمدينة الثانية فيها بعد دمشق، سوريا ككيان وكدولة ترتكز على هاتين المدينتين اللتين تختزنان الموروث الحضاري والثقافي والاقتصادي والسياسي ليس لسورية فقط وانما لبلاد الشام.
من هذا الارتكاز، تأتي أهمية حلب وتحريرها من قبل الثوار شكل، وفق ما قاله المعارض السوري سمير نشار لـ"القدس العربي"، تهديداً حقيقياً لسلطة النظام بدمشق، وهو ما استشعره النظام عندما تحررت الأحياء الشرقية من المدينة في منتصف عام 2012، وحلب ترتبط بغالبية المدن السورية عن طريق شبكة الطرق الدولية التي تربطها بالمناطق الجنوبية عن طريق دمشق والساحل عن طريق اللاذقية ومنطقة الجزيرة السورية عن طريق الرقة ودير الزُّور.
هذه الأهمية الاقتصادية والسياسية للمدينة جعلتها هدفاً للتدخل الروسي في سوريا لإنقاذ نظام الاسد الذي كان محاصراً من جميع الجهات في مركز سلطته بدمشق ومهدداً بالسقوط.
دقيق القول، أن روسيا بتدخلها في أواخر شهر أيلول/ سبتمبر من عام 2015، انقذت بشار الاسد ونظامه من السقوط، بعد فك حصار المدينة من قبل الطيران الروسي، لم يترك حجرًا أو بشرًا وإلا دمره، توجه باهتمامه لاستعادة السيطرة على مدينة حلب، وجرت مفاوضات لتسليم المدينة في منتصف عام 2016 في انقرة بين بعض قادة الفصائل وضباط روس وتحت رعاية تركية ومشاركة فريق دي مستورا بذريعة تواجد عناصر إرهابية من النصرة في المدينة وكان عددهم بحدود ال 200 عنصر بينما مجموع فصائل الجيش الحر حوالي 8000 عنصر.
و"للحقيقة رفض أكثرية قادة الفصائل تسليم المدينة مما أدى إلى حصارها وإبرام صفقة بين الروس والأتراك مضمونها إسقاط مدينة حلب بتأثير النفوذ التركي على الفصائل خاصة فيلق الشام مقابل موافقة روسية على عملية درع الفرات لاتاحة الفرصة للتدخل التركي للوصول إلى مدينة الباب من بلدة جرابلس لقطع الطريق على قوات ال "ب ي د" الكردية التي كانت تتوجه من منبج إلى عفرين معقلها المهم في الشمال السوري، وهذا ما تم.
 
"انتصار روسي"
 
ما يجري اليوم، وفق ما قاله "نشار" لـ "القدس العربي": هو أن استكمال استعادة المدينة مع ريفها الغربي والشمالي، يأتي ضمن إطار ما سماه تأمين كامل حلب المدينة مع محيطها، لأن الفصائل كانت متواجدة قرب الأحياء الغربية للمدينة خاصة حي جمعية الزهراء المطل على المدينة، والتي كانت تهدد المدينة عندما تقع اشتباكات بين قوات النظام والفصائل في المناطق المحاذية للريف الغربي وأيضاً القذائف التي تتساقط على المدينة احياناً من فصائل الشمال من البليرمون وبلدة حيّان.
الآن بعد سيطرة النظام السوري على كامل المدينة ومحيطها، وفتح الطريق الدولي بين حلب ودمشق وهذا يمثل انجازاً عسكرياً وسياسياً للروس أولاً وايران والنظام ثانياً، تأمل دمشق لتنشيط الوضع الاقتصادي والتجارة الداخلية لتخفيف الاثار الاقتصادية الناجمة عن الصراع العسكري والعقوبات التي سوف يزداد تأثيرها متى تفعّل قانون سيزر. إضافة إلى حدث آخر مهم حسب المعارض السوري، ألا وهو فتح المعابر الحدودية مع تركيا معبري باب الهوى وباب السلامة وهذا ايضاً يحتاجة الاقتصاد التركي للتواصل مع أسواق الخليج عبر سوريا. وبعد التطورات الأخيرة، يعتقد المعارض السوري سمير نشار، أن الصراع العسكري مع النظام السوري أوشك على نهايته، وأن اتفاق سوتشي لا يزال قائماً، أقصى ما يمكن أن يحصل عليه الوفد التركي هو قرار وقف إطلاق النار، وإيجاد صيغة حل لمدينة إدلب لتجنب كارثة إنسانية اسوأ مما حصل حتى الآن لحوالي مليون نازح سوري متواجدين قرب الحدود التركية المقفلة بوجوههم. واستطرد قائلاً: "المعارضة السورية الائتلاف والحكومة المؤقتة والجيش الوطني والجبهة الوطنية كلهم يخضعون للنفوذ التركي وليسوا اصحاب قرار وطني سوري مستقل عن التوجه التركي".
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف: "، سنواصل دعم سوريا النظام السوري، في حربه على الإرهاب حتى القضاء عليه بشكل نهائي، ويأتي التصريح الروسي بعد دعوة أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول الشمال السوري، والتي طالب من خلالها روسيا بالتوقف عن دعم الفظائع التي يرتكبها النظام السوري في إدلب معرباً عن قلقه إزاء تصاعد أعمال العنف في المنطقة.
أما الرئيس الإيراني حسن روحاني، والذي كانت له مواقف ناقدة للتدخل والانتشار العسكري التركي في سوريا، فقال: "اتفاق سوتشي اتفاق سياسي هام ونموذج ناجح في المنطقة وندعو تركيا لاحترامه. لا ينبغي لتركيا التخلي عن اتفاق سوتشي ومسار أستانة".
كما شدد على ضرورة احترام تركيا جميع الاتفاقات المتعلقة بسوريا، مؤكداً على ضرورة احترام وحدة أراضيها وسيادتها، وأضاف: "نأمل من السيد رجب طيب اردوغان محاربة الإرهاب واحترام وحدة سوريا وسيادتها".
وقال وزير الخارجية التركي "مولود تشاووش أوغلو": يجب علينا ألا نسمح للأزمة السورية، بأن تؤثر على التعاون بين تركيا وروسيا، وأضاف، "هناك العديد من الإجراءات التي يجب اتخاذها حيال إدلب".