اخر تحديث
الخميس-28/03/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ إعلاميّو الطغاة ، وتقويم أشعب ، لأسمال أبان بن عثمان !
إعلاميّو الطغاة ، وتقويم أشعب ، لأسمال أبان بن عثمان !
15.08.2018
عبدالله عيسى السلامة
كان أشعب مع جماعة ، عند «أبان بن عثمان» ، المعروف بهزله، فأقبل أعرابي، ومعه جمل، وكان الأعرابي فظّ الطباع، غضوباً، يتلظّى ، وكأنه أفعى، ويتبيّن الشرّ في عينيه، لا يدنو منه أحد ، إلاّ شتمه، وصاح به ! فقال أشعب ، لأبان: هذا ، والله ، من البادية، فادعه لمجلسك.
فقيل له : إن الأمير أبان بن عثمان ، يدعوك.فدخل الأعرابي ، وسلّم.. ولمّا سأله أبان، عن نسبه ، وانتسب، التفت الى الجمل ، وقال: إنّي في طلب جمل ، مثل جملك هذا ، منذ زمن، فلم أجده ، كما أشتهي ، بهذه الصنعة، وهذه القامة ، وهذا اللون والصدر والورك ! فالحمد لله ، الذي جعلني أجده ، عند من أحبّ..أتبيعه ؟
قال الأعرابي: نعم ، أيّها الأمير. فقال أبان: إنّي سأدفع لك ثمنه ، مائة دينار، مع العلم ، أنه لا يساوي عشرة دنانير! فسرّ الأعرابي ، بهذا الثمن، وقال: كما تريد أيّها الأمير. فأقبل ابان ، على أشعب ، وقال له: ويلك ، يا أشعب، إن هذا من أهلك وأقاربك ، (يعني في الطمع)، فأوسعْ له ، ممّا عندك ، بأبي أنت ، وزيادة !.
ثمّ قال أبان ، للأعرابي: إنما زدتك ، في الثمن ، على بصيرة، وإنما الجمل ، يساوي ستين ديناراً، ولكن ، دفعت لك مائة دينار، لعدم توافر النقد ، عندي ، الآن، وإني سأعطيك أشياء، تساوي مائة دينار، وتزيد.
فازداد طمع الأعرابي، وقال: قبلت ، أيّها الأمير! فأسَرّ ابان ، إلى أشعب ، ثمّ قال له ، بصوت عال: أخرج ما جئت به ، يا أشعب ! فرفع أشعب غطاء، وأخرج ، من تحته ، عمامة بالية ، تساوي أربعة دراهم ، فقال له ابان: قوّمها ، يا أشعب !.
فقال أشعب: هذه عمامة الأمير، معروفة لدى جميع الناس، يشهد فيها الأعياد والجُمَع، ويلقى فيها الخلفاء، وثمنها خمسون ديناراً! فقال أبان: ضعها بين يديه ، ثمّ طلب ، من أحد الحضور، أن يسجّل ثمنها، ففعل ! ولمّا سمع الأعرابي ، هذا الكلام ، كاد يتمزّق غيظاً، إلاّ انه لا يستطيع الكلام ، فسكت على مضض!.
ثمّ قال أبان ، لأشعب : هات قلنسوتي .. فأخرج أشعب قلنسوة مهترئة ، علاها الوسخ والدهن، تساوي نصف درهم، وقال الأمير: قوّمها ، يا أشعب !.
فقال أشعب: قلنسوة الأمير، تعلو هامته، ويصلي فيها الصوات الخمس، ويجلس للحكم، وثمنها ثلاثون دنياراً ! فأمر أبان ، أن توضع ، بين يدي الأعرابي ، وأن يسجّل ثمنها، فجحظت عينا الأعرابي ، وتجهّم وجهه ، وهمّ بالوثوب، لكنه تماسك ! ثمّ قال أبان ، لأشعب: هات ما عندك أيضاً!.
فأخرج أشعب خفّين قديمين، قد نقبا وتقشّرا، فقال أبان: قومهما ، يا أشعب، فقال أشعب: خفّا الأمير، يطأ بهما الروضة، ويعلو بهما المنبر، وثمنهما أربعون ديناراً، فقال أبان ، لأشعب: ضعهما بين يديه، فوضعهما ، ثمّ قال للأعرابي: اضمم إليك متاعك، وقال لأحدالحاضرين: اذهب وخذ الجمل ...
ثمّ قال لآخر: امض مع الأعرابي، فاقبض ما بقي لنا معه ، من ثمن المتاع ! ولمّا سمع الأعرابي هذا الكلام، وثب من مكانه، وحمل المتاع المكوّم أمامه، وضرب به وجوه القوم، وقال لأبان: أتدري، أصلحك الله ، من أيّ شيء أموت ، الآن؟ قال: لا..
قال: لم أدرك أباك عثمان، فاشترك ، والله ، في دمه ؛ اذ وَلدَ مثلك!.
ثمّ نهض كالمجنون ، وأخذ برأس جمله ، وخرج !.
فضحك أبان ، حتى سقط ، وضحك كلّ من كان معه !
*
فقيم يختلف الإعلاميون ، العاملون في خدمة الطغاة ، اليوم ، في تقويمهم ، لمنجزات أسيادهم ، عن تقويم أشعب ، لأسمال الأمير أبان !؟
إن الناظر، في إعلام أيّ طاغية ، يجد ركاماً هائلاً ، من الإنجازات ، التي لاتساوي ، كلّها ، فردة من حذاء الأمير أبان !
والإعلاميون الأفذاذ ، يتسابقون ، في إبرازها ، وتسليط الأضواء عليها ، وتلميعها .. لتنخدع بها الشعوب ، وتلتفّ حول حكّامها : الحكماء ، المخلصين ، العباقرة !
فكم يسمع الناس ، ما يقوله بعض الإعلاميين ، في دولة (س) ، عن منجزات سيّدهم - وهو نموذج ، لسائر السادة ، الذين على شاكلته - :
لقد وعد السيّد الرئيس ، بأنه سيفعل كذا ، ليجعل شعبه الطيّب ، يعيش في بحبوحة ، من العيش!
لقد اتخذ السيّد الرئيس ، المفدّى ، قراراً رئاسياً ، بتوفير السلع الأساسية ، للمواطنين ، حتى يعيشوا ، في بلادهم ، أعزّة كرماء !
لقد نظر السيّد الرئيس ، في مسألة البطالة ، فأمر وزراءه ، أن يعالجوها ، من جذورها ، كي يجد كل شابّ ، فرصة العمل ، المناسبة له !
لقد فكّر الرئيس المفدّى ، بعقد اتفاقية ، مع الدولة الفلانية ، لتزوّد بلادنا ، بألف طنّ ، من المادّة كذا ، وألفي طنّ ، من المادّة الفلانية ، وخسمة آلاف طنّ ، من الموادّ كذا ، وكذا ، وكذا .. ممّا تحتاجه الأسواق ، في بلادنا ، ونرجو أن تكون ، في متناول المواطنين الكرام ، في أقرب وقت!
ثمّ ماذا !؟ لاشيء ، سوى انتظارالوعود ، بأن تتحقق ، أويتحقق واحد منها !
وهذا ، كلّه ، على الصعيد الداخلي !
أمّا على الصعيد الخارجي ، فلكل جهاز إعلامي ، برامجه الخاصّة ، حول إنجازات سيّده !
بعضهم يثرثر، بالمقاومة والممانعة ، بعد أن كانت الثرثرة ، بالصمود والتصدّي ، بينما طائرات العدوّ ، تسرح وتمرح ، في سماء بلاده ، وتقصف أيّ هدف تشاء ، دون أن يحرؤ، على التصدّي لها ، بغير ترديد المقولة ، الممجوجة التافهة : نحن نحتفظ بحقّ الردّ ، في الزمان والمكان المناسبين !
وبعضهم يهذي ، باتفاقات ومعاهدات ، مع بعض الدول العظمى ، للدفاع المشترك !
ممدوح عدوان ، الأديب السوري المعروف ، الراحل ، قال ، في بداية الثمانينات ، من القرن المنصرم : أنا أخجل من إعلام أعمل فيه ؛ لكثرة مافيه من الكذب ! إنه يكذب ، حتى في درجات الحرارة .. بل يكذب ، حتى في إخفاء الكوليرا .. هل في الدنيا أحد ، يخفي الكوليرا !؟
رحم الله أشعب ؛ فقد كان أبرع ، في تسويق أسمال أميره ، من إعلاميي الطغاة المعاصرين ، في تسويق ، أسمال الوعود الرخيصة ، لأسيادهم !