الرئيسة \  كتب  \  أهم الكتب العالمية والعربية في شهر

أهم الكتب العالمية والعربية في شهر

21.09.2016
Admin


الملف الشهري
19/9/2016
إعداد : مركز الشرق العربي
عروض الكتب العالمية :
  1. جاي سولومون  :الكتاب: حروب إيران: ألعاب الجاسوسية، المعارك المصرفية، والصفقات السرية التي أعادت تشكيل الشرق الأوسط
  2. لورانس رايت :سنوات الإرهاب.. الجهاديون وجهود المحققين
  3. «مايكل كرانيش» و«مارك فيشر» :حقيقة ترامب.. رحلة الغرور والمال والسلطة
  4. كزافييه بانون :في كواليس الدبلوماسية..من ساركوزي إلى هولاند
  5. رومان بودال :العودة من اللهب..رجال الإطفاء أبطال منهكون
  6. مايكل والدمان :النضال من أجل حق الاقتراع.. تاريخ الانتخابات بأميركا
  7. فيليب نورد :المعطى الفرنسي الجديد ومظاهر تعزيز دور الدولة
  8. ألسا غودار :هوس «السيلفي».. والنرجسية الرقمية!
  9. هنرى لورنس، جون تولان وجيل فاينشتاين  :كتاب "تاريخ أوروبا والعالم الإسلامى" يرصد تاريخ حضارات العالم فى عيون الغرب
  10. جورج فريدمان :كتاب "الإمبراطورية والجمهورية" يرصد مستقبل أمريكا بين الحب والكراهية
  11. 4 كتب ترصد 11 سبتمبر فى عيون الأدب العالمى
  12. برنارد لويس :تركيا الحديثة بين الهوية والمستقبل.. فى كتاب لبرنارد لويس
  13. والتر إيزاكسون  :«المبتكرون».. كتاب مميز حول أهم المخترعين الذين صنعوا الثورة التقنية
  14. نورمان فيركلف :كتاب "اللغة والسلطة": السياسة أصبحت الأكثر سيطرة على "كلام الناس"
  15. سبعة  كتب أجنبية ترصد التحولات الاقتصادية في الشرق الأوسط
  16. إيوجين جاريكى  :كتاب "الطريقة الأمريكية فى الحرب" يتساءل: لماذا واشنطن فى حرب العراق؟
  17. " حنفي أوجي  :أسرار غولن".. كتاب جديد قديم يكشف أسرار الحركة 
  18. توم بورغيس  :آلة النهب.. أسياد الحرب وسرقة ثروات إفريقيا
  19. بنيامين غروب فيتزجيبون  :انجراف قاري.. بريطانيا وأوروبا من نهاية الإمبراطورية إلى الانفصال
  20. لورانس رايت :سنوات الإرهاب.. الجهاديون وجهود المحققين
  21. إريك أورسينا :الحياة والموت.. سيرة عالم الأحياء لويس باستور
  22. روبيرت ايلجي :النظام شبه الرئاسي في القوقاز وآسيا الوسطى
  23. توم بوير :العهود المنقوضة.. توني بلير ومأساة السلطة
  24. جان لبيير لوغوف  :استياء في المنظومة الديمقراطية وشروخها الاجتماعية
  25. نعوم تشومسكي :من يسوس العالم؟
  26. فريد موهيتش  :المكونات الإسلامية لهوية أوروبا
  27. دونالد ترامب  :"أميركا العرجاء.. كيف نقومها؟
  28. اليزابيث جي فيريس، كمال كيريسي :الكتاب: عواقب الفوضى: أزمة سوريا الإنسانية وفشل الحماية
  29. :ساركوزي: عقبات طريق طائر الفينيق!
  30. مايكن يول سورنسن» و«براين مارتن» :توريط الخصم.. وردود الأفعال الروتينية
  31. جوزيف ستيجليتز  :اليورو.. هل يهدد مستقبل الاتحاد الأوروبي؟
  32. جان لو غالو  :الهجرة الكارثة..من ظاهرة عادية إلى تهديد عالمي
  33. ايف ديغول  :نظرة أخرى على جدّي ديغول..الرومانسي المتعقّل
  34. جان ماري بليت وبيير رابحي  :الإنسان والطبيعة..ثراء منظومات العيش وهشاشتها
  35. كاسندرا جاردين  :كيف تكونان أمًا وأبًا أفضل.. كتاب مترجم يساعدك على تربية أطفالك مهما كان سلوكهم
  36. القراء يختارون أفضل 10 كتب في عام 2015
  37. هيكتور كوادرا - مونتيل  :صدور كتاب "العولمة نحو تنوع المنهج" ترجمة الدكتور محمد الجندى
  38. صدر حديثا كتاب «شارع الأسرار» للروائي الأميركي جون ارفينغ
  39. قراءة في كتاب ” النبوءة والسياسة” لجريس هالسل
  40. خمسة كتب هيمنت أفكارها على الحضارة الغربية واعتمد العالم العربي واحد منها كتاب الأمير
  41. خمسة  كتب يقرأها أوباما قبل مغادرة البيت الأبيض
  42. كتاب: الأحكام الطبية وفقاً لفتاوى قائد الثورة الاسلامية
  43. «خيبة أمل مدرّسة».. كتاب للسنغالي «نيانج»
  44. الاقتصادي جوسيب ستغليز يشرح في كتابه “الشرخ الكبير” التفاوت الأمريكي ويسعف لفهم التفاوت في المجتمعات العربية ومنها المغرب
  45. اقرأ كتب السجون العشرة التي غيرت العالم
  46. فريدريك نايرا :جزء غير قابل للترميم من الأرض.. التغير المناخي ومخاطره
  47. كينغا ــ ياماتا تايلور  :السود في أميركا..نضال طويل وحياة لها قيمة
  48. ديفيد شامبوغ  :مستقبل الصين.. إمبراطورية على مفترق طرق
  49. ديفيد لودويغ  :«جائع دائماً».. أنظمة صحيّة مفيدة وأكثر فاعلية
  50. سارة جف  :ثورة الأميركيين من أجل المساواة
  51. مواقع التواصل.. الجذور والجسور
  52. جين إدوارد سميث :بوش الابن رئيس يقترن بأغرب التناقضات
 
عروض الكتب العربية :
  1. خالد غزال :من الدين إلى الطائفة.. في ضرورة الدولة المدنية
  2. منى الدروبي :كيف تكونان أماً وأباً أفضل؟.. التربية والتميز
  3. محمد بناظر الجيش :كتاب جديد يضم أول موسوعة في النحو العربي
  4. وليد الشرفا :كتاب يعيد قراءة رؤية إدوارد سعيد للاستشراق
  5. مسلم تسابحجى  :كتاب "أبناؤنا جواهر لكننا حدادون" الطرق المختلفة للوصول لقلب ابنك وعقله
  6. يوسف حسن السلامة  :استراتيجية الإدارة… كتاب يؤكد أهمية التخطيط الاستراتيجي
  7. خالد الجواريش : “خبرات الأجيال في كفايات التدريب الفعّال
  8. محمود جابرية :«إدارة الأزمات» كتاب جديد لمحمود جابرية
  9. سعد الدين العثماني: الدولة المدنية في ظلال مقاصد الشريعة الإسلامية
  10. أنور قاسم الخضري  :كتاب السياسةِ الشرعيّة في أزمنة الوهن والاستضعاف
  11. كاظم هاشم نعمة :روسيا والشرق الأوسط
  12. كتاب لرصد العلاقة بين وسائل التواصل الاجتماعي والتحولات السياسية فى المنطقة
  13. مركز الأهرام يصدر كتاب "الإنسان والفيزياء" لـ"مجدى مصطفى"
  14. صدور كتاب "الإسلام والقانون الدولي الإنساني دراسات مقارنة"
  15. صدر حديثا كتاب «علم التاريخ» للمؤلف شوقي الجمل
  16. د. أحمد حسين حسن :الطبقة الوسطى والتغير الاجتماعي في مصر
  17. وائل عبد العال  :حماس والإعلام.. السياسة والإستراتيجيا
  18. فينان نبيل عيسوي  :المواطنة في الفكر الإسلامي..العدالة والمساواة
  19. عبدالغني داوود  :مبدعون بلا نقاد..وجوه مضيئة في الظلال
  20. محمد الملاح :«المسلمون والكهف».. رد اعتبار علماء الحضارة الإسلامية
  21. إسلام أنور:قراءة في كتاب “السلفيون والسياسة
  22. فهد دماس :«سعود الفيصل حكاية مجد» في كتاب جديد
  23. خالد القاسم :صدور كتاب حول منهج ابن حزم في «حجة الوداع»
  24. ياسمين الجنايني :"دماء اختلطت بالنيل" لرصد قصص حياة الشهداء
  25. زكى محمود حسن  :كتاب "الصين وفنون الإسلام"
  26. بسام جاموس :المسارح في سوريا.. أوسع مسارح العالم القديم
  27. شوقي عطية  :الوجه الآخر للإعلام.. الاتصال بين الرسالة والتسويق
  28. جعفر كرار أحمد :الصين والسودان.. من «كوش» إلى «النووي»!
 
عروض الكتب العالمية :
جاي سولومون  :الكتاب: حروب إيران: ألعاب الجاسوسية، المعارك المصرفية، والصفقات السرية التي أعادت تشكيل الشرق الأوسط
 
المؤلف: جاي سولومون
 
الناشر: راندوم هاوس
 
عدد الصفحات: 352
 
تاريخ الإصدار: 23 أغسطس 2016
 
اللغة: الإنجليزية
(1)
جدلٌ مشحون حول كيف وصلت العلاقات بين الولايات المتحدة إلى هذه النقطة مع إيران؟ وإلى أين تتجه العلاقات بينهما؟ هذا هو: موضوع كتاب “حروب إيران: ألعاب الجاسوسية، المعارك المصرفية، والصفقات السرية التي أعادت تشكيل الشرق الأوسط” لمؤلفه جاي سولومون، الصادر باللغة الإنجليزية عن دار نشر “راندوم هاوس”، في 352 صفحة، بتاريخ 23 أغسطس 2016.
بمزيجِ من العقوبات الاقتصادية، والدبلوماسية الدولية، والعمل الاستخباراتي، ناضلت الإدارات الأمريكية المتعاقبة لاحتواء طموحات إيران في أن تصبح قوة نووية مهيمنة على المنطقة، وهو ما يراه كثيرون أخطر تهديد للسلام في الشرق الأوسط. في المقابل، استخدمت إيران عدم الاستقرار في المنطقة لصالحها من أجل تقويض المصالح الأمريكية.
يستوعب كتاب “حروب إيران” هذه المعركة التي تم خوضها على العديد من المستويات؛ العسكرية والمالية والسرية. وهو نتاج تقارير ومقابلات واسعة وشاملة مع جميع اللاعبين الرئيسيين في الصراع، بدءًا من المسئولين الإيرانيين رفيعي المستوى وصولا إلى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وفريقه التفاوضي.
بعينِ مراسلٍ استقصائيٍّ محترف، وسرد مؤرخٍ بارع؛ يبين “سولومون” كيف استمرت إيران في تطوير برنامجها النووي لسنوات دون أن يلاحظ المجتمع الدولي، حتى أصبح على رأس المخاوفه الأمنية العالمية. ويرصد الأخطاء التي ارتكبتها إدارتي بوش وأوباما في التعامل مع إيران، باستخدام الأنواع ذاتها من العصي والجزر. كما يصحبنا في أروقة الفنادق، حيث جرى التفاوض على الاتفاق النووي عام 2015؛ ليقدم تقييما صريحًا للمستقبل الغامض للعلاقات بين الولايات المتحدة وإيران.
ويفيض الكتاب باتصالات سرية بين إدارة أوباما والحكومة الإيرانية، ورسائل من الخطوط الأمامية على جبهة قتالٍ جديدة في ساحة الحرب المالية، ليعرض تاريخًا خفيًا من الصراع، لم يكن الأمريكيون يدركون مجرد وجوده، رغم أن النتيجة المترتبة عليه يمكن أن يكون لها آثار جيوسياسية بعيدة المدى.
(2)
يلفت الكتاب النظر إلى ما يعتبره البعض فرصة ضيّعها أوباما؛ حين أُعلن فوز أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية عام 2009، وخرجت المعارضة الإيرانية إلى الشوارع وهم يهتفون، ليس فقط: “الموت للدكتاتوريين”، ولكن أيضًا: “الرئيس أوباما.. هل أنت معنا أم ضدنا؟”.
يقول “سولومون”: لم يرفض أوباما فقط تقديم الدعم لهم، بل أنهى برامج كانت توثق انتهاكات حقوق الإنسان الإيرانية، وأمر وكالة المخابرات المركزية CIA بأن تدير ظهرها للحركة الخضراء.
ويضيف: “كانت وكالة CIA تمتلك خططًا للطوارئ من أجل تقديم الدعم لأي انتفاضات ديمقراطية في أي مكان حول العالم. هذا يشمل: توفير  وسائل الاتصال، والأموال، وحتى الأسلحة في الحالات القصوى، للمنشقين. لكن في هذه الحالة، أصدر البيت الأبيض أوامره بعدم التدخُّل”.
(3)
“ليس لدي أدنى شك في أننا تجنبنا الحرب”، قالها وزير الخارجية الأمريكي لمؤلف الكتاب هذا العام. قد يكون على حق. وقد يكون النقيض هو الصواب: ما يراه كيري باعتباره تجنبا للحرب يمكن أن تكشف الأيام أنه لم يكن سوى تأجيلا لها. 
استند كيري ورئيسه أوباما إلى الحدس بدلا من الأدلة، واعتقدا أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستميل إلى الاعتدال بعد الاتفاق النووي، وستتخلى عن طموحاتها لإقامة إمبراطورية إسلامية مترامية الأطراف، وستتوقف عن الحلم بـ “موت أمريكا وإسرائيل والسعودية، وغيرها من “الدول الكافرة”، ولن تتطوَّر إلى خصم أشد فتكًا”، على حد قول كليفورد ماي في صحيفة واشنطن تايمز.
لكن “سولمون” يقول: “راهن أوباما على أن خامنئي وحلفاءه لن يلتزموا بشروط الاتفاق النووي. وإذا فعلوا ذلك، فإن الولايات المتحدة ستخاطر حينها بإطلاق شلال نووي أكبر في الشرق الأوسط. نعم هذا هو الرهان”!
(4)
الخبير الاقتصادي ووزير الخارجية الأمريكي الأسبق، جورج شولتز، توقف أمام كلمة “حروب” المستخدمة بصيغة الجمع في عنوان الكتاب، ليلفت النظر إلى أن العلاقات المضطربة بين الولايات المتحدة وإيران استمرت لأعوام عديدة، ويسلط الضوء على أهميتها في فهم التداعيات قصيرة وطويلة المدى المترتبة على إدارة الإدارات الأمريكية المتعاقبة لهذه العلاقة.
أما جوبي واريك، الحائز على جائزة بوليتزر ومؤلف كتاب “أعلام سوداء: صعود داعش”، فاعتبر “سولومون” أحد أفضل الصحفيين الذين يكتبون عن الشرق الأوسط اليوم. ورأى أن هذا الكتاب “يوفر إطلالة شديدة القرب، من الخطوط الأمامية، على ألعاب الجاسوسية، والاغتيالات، والمكائد السياسية، والدبلوماسية عالية المخاطر، التي احتشدت لتشكل العلاقة مع “أحد أكثر خصوم أمريكا مكرًا وخطرًا”.
ويحظى المؤلف، جاي سولومون، بسيرة مهنية حافلة، حيث عمل مديرًا لمراسلي الشؤون الخارجية في صحيفة وول ستريت جورنال التي رشحته لثلاث جوائز بوليتزر. ولقرابة عقدين من الزمن، كتب تقاريره من آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، بما في ذلك جاكرتا، وإندونيسيا، وسيول، وكوريا الجنوبية، ونيودلهي، والهند، وواشنطن.
=========================
لورانس رايت :سنوات الإرهاب.. الجهاديون وجهود المحققين
تاريخ النشر: الجمعة 02 سبتمبر 2016
بعد كتابه الناجح حول هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة الأميركية عام 2011، والذي حظي بإشادة واسعة من قبل النقاد عقب صدوره في عام 2006، والذي استحق عنه نيل جائزة بوليتزر الشهيرة، يعود الكاتب والصحافي الأميركي لورانس رايت إلى موضوع الإرهاب من خلال كتاب آخر ليس هو بالجديد تمام الجدة، ذلك أن أحدث إصدارات «رايت» هو كتابه الذي نعرضه هنا وعنوانه «سنوات الإرهاب: من القاعدة إلى داعش»، وهو عبارة عن مجموعة من المقالات تتناول بالتحليل قضايا ومشكلات ذات صلة بظاهرة الإرهاب، وقد سبق أن نشرها خلال الفترة بين عامي 2002 و2015 في مجلة «ذا نيويوركر» الأميركية. وفي مقدمة كتابه الجديد، يعرب المؤلف عن أمله في أن يكون هذا الكتاب مفيداً لكل من يرغب في الاطلاع على «تطور الحركة الجهادية منذ سنواتها الأولى وإلى اليوم، وكذلك الأعمال التي قام بها الغرب في محاولة لاحتواء الظاهرة والقضاء عليها».
ثلاثة من هذه المقالات كانت قد وردت بشكل مختلف بعض الشيء ضمن كتاب سابق لرايت عنوانه «البرج الذي يلوح في الأفق»، وهي: «الرجل الذي وراء بن لادن»، وقد تناول فيه شخصية الزعيم الحالي لتنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري، و«محارب الإرهاب»، وهو حول عميل جهاز الـ«إف بي آي» المتخصص في محاربة الإرهاب «جون أونيل»، والذي كان مهووساً بـ«القاعدة»، وقد مات تحت أنقاض البرجين التوأم يوم 11 سبتمبر 2001، وأخيراً مقال «العميل» والذي يلقي فيه الضوء على عميل الـ«إف بي آي» الأميركي من أصل لبناني «علي سفيان»، الذي كان واحداً من بين قلة من المحققين الأميركيين في قضايا الإرهاب الذين يجيدون العربية وقد عمل عن قرب مع «أونيل».
أما بقية المقالات، فهي زمنياً تعد أحدث بعض الشيء، لذلك فهي تهتم بجوانب مختلفة من «الحرب على الإرهاب» منذ الحادي عشر من سبتمبر، ومنها: «شبكة الإرهاب» الذي يسلط فيه الضوء على الطريقة التي ردت بها إسبانيا على تفجيرات مدريد عام 2004، والتي أسفرت عن مقتل 191 شخصاً، ودفعت البلاد إلى سحب قواتها من العراق، و«المخطط الكبير» الذي يركّز على الجيل الثاني من مخططي «القاعدة» الاستراتيجيين، خاصة على «أبي مصعب السوري»، الذي خلص إلى أن هجمات الحادي عشر من سبتمبر مثّلت كارثة بالنسبة للتنظيم، فاجترح الرجل في عام 2005 خططاً لمستقبل «القاعدة» تدعو من جملة ما تدعو إليه إلى إقامة خلافة إسلامية من النوع الذي أعلنه تنظيم «داعش» في عام 2014. ثم مقال «التمرد الداخلي» الذي يركز على متمرد آخر من «القاعدة» هو الطبيب المصري «سيد إمام الشريف»، المشهور بلقب «دكتور فضل»، الذي كان واحداً من أكثر منظِّري «القاعدة» الأيديولوجيين تأثيراً. «دكتور فضل» سُجن في مصر، ومن داخل زنزانته ألف كتاباً في عام 2008 ينبذ عنف «القاعدة». وكان يبدو أن مقال رايت، الذي كُتب في 2008، يذهب إلى أن تمرد «دكتور فضل» قد يؤشر على تخل وشيك عن الإرهاب من جانب التنظيمات الإسلامية المتشددة، لكن ذلك لم يحدث أبداً، بل إن تنظيم «داعش» فاق في ممارساته «القاعدة» عنفاً ووحشية.
أما المقال الأخير، فهو «خمس رهائن»، والذي نُشر في مجلة «ذا نيويوركر» العام الماضي، وهو الوحيد الذي يتناول «داعش»، التنظيم الذي حل محل «القاعدة» كأشهر تنظيم إرهابي في العالم. وفيه يصف رايت الجهود الخاصة الكبيرة التي بُذلت لتأمين الإفراج عن خمسة أميركيين مختَطفين في سوريا. فصل مؤلم نظراً لأن واحداً من أولئك الرهائن فقط، هو الكاتب المستقل «بيتر ثيوفيليس بادنوس»- عاد حياً بفضل تدخل الحكومة القطرية. أما الآخرون، فقد قُتلوا من قبل «داعش»، وفي حالات عديدة قام التنظيم بتصوير عمليات قطع رؤوسهم.
واللافت في هذا الكتاب أن المؤلف يبدو حاضراً في مقالاته كملاحظ محايد يقف على مسافة واحدة من الجميع، شخص يبدو كما لو أنه يسعى لفهم كل الأطراف. غير أن رايت، في الوقت نفسه، لا يفقد بوصلته الأخلاقية أبداً، إذ يكشف للقارئ خطر تنظيمات مثل «القاعدة» و«داعش»، ورغم انتقاده لقرار جورج دبليو بوش بغزو العراق، فإنه يبدو مؤيداً ومتفهماً لجهود محاربة الإرهاب.
محمد وقيف
الكتاب: سنوات الإرهاب.. من «القاعدة» إلى «داعش»
المؤلف: لورانس رايت
الناشر: نوف
تاريخ النشر: 2016
========================
«مايكل كرانيش» و«مارك فيشر» :حقيقة ترامب.. رحلة الغرور والمال والسلطة
تاريخ النشر: الجمعة 02 سبتمبر 2016
اشتهرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، في أوج ازدهارها عقب قيامها بتغطية أشهر فضيحة سياسية في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، وهي فضيحة «ووترجيت»، لدى الصحافيين الآخرين بأنها «صحيفة المراسلين» أو «صحيفة الكتاب»، إذ منحت الحرية للعاملين فيها من أجل اختبار أساليب وأنماط جديدة في الكتابة الصحفية والسياسية، كما منحتهم المساحة والوقت اللذين يحتاجونهما لتقديم قصصهم الإخبارية على النحو الأفضل. وعلى الرغم من ذلك فإن «واشنطن بوست» لم تكن معروفة بصحيفة «المحرر»، حيث كان يُسمح للمراسلين بنشر كل ما يسجلونه في دفاترهم على الصفحات، كما كان يتم نشر الموضوعات الاستقصائية بأساليب تحريرية محيرة أو فضفاضة في أغلب الأحيان.
أما منافستها الرئيسية صحيفة «نيويورك تايمز»، فقد كانت تعمل من جانبها بجدية أكبر على تكوين صورة حولها بين القراء والمتابعين والنقاد الصحفيين باعتبارها صحيفة محررة بدقة وبنشاط وكوسيلة إعلامية أقرب ما تكون لروح القارئ واهتماماته، وكانت في الوقت ذاته تستقطب أفضل مراسلي وكتاب «واشنطن بوست».
ويمكن للمرء أن يزعم بأن الكتابة الصحفية شهدت تردياً بصورة عامة في عصر الإنترنت الحالي، وذلك مع تزايد الضغط من أجل إنتاج أكبر قدر ممكن من القصص والتقارير الإخبارية، في أقل وقت ممكن، بيد أن من اعتادوا على قراءة «واشنطن بوست» سيلحظون أن هذه الصحيفة تحسنت بشكل كبير خلال السنوات الماضية، وأنها أضحت أكثر إقناعاً وقوة وتأثيراً في الرأي العام. ومع إضافة الموارد وتحسن المعنويات، يعمل مراسلو ومحررو الصحيفة على إنتاج صحيفة أكثر وضوحاً وأسهل في القراءة، وذلك مقارنة بأقرب منافساتها القديمات، ألا وهي «نيويورك تايمز».
ويأتي كتاب «حقيقة ترامب.. رحلة أميركي مع الطموح والغرور والمال والسلطة»، والذي يروي سيرة المرشح «الجمهوري» النرجسي، كدليل آخر على ذلك التطور الذي حققته «واشنطن بوست»، فالكتاب ألفه بسرعة، ولكن بدقة عالية، اثنان من صحافيي «واشنطن بوست» المتميزين، هما «مايكل كرانيش» و«مارك فيشر». وقد اعتمد الصحفيان في كتابهما على تقارير أعدتها مجموعة من مراسلي الصحيفة، بمساعدة اثنين من مدققي الحقائق وثلاثة محررين.
وكما هو متوقع تماماً، فقد وصف ترامب الكتاب بأنه «سخيف» و«عديم الأهمية»، على الرغم من أنه منح فريق الصحيفة 20 ساعة من اللقاءات الصحافية. وبالطبع، فإن الكتاب يهاجم ترامب بقوة، أو بالأحرى يصفه على حقيقته كما يعتقد المؤلفان.
وربما يبدو قدراً كبيراً من مادة الكتاب مألوفاً، إذ ظهرت أجزاء كثيرة منه في أخبار وتقارير على صفحات «واشنطن بوست»، وإن كانت بصورة مختلفة، بيد أن كل التفاصيل والمشاهد الكاشفة تبدو مترابطة وقادرة على إبراز الصورة بشكل متكامل وعلى نحو مذهل.
ويسلط الكتاب الضوء على قصة لقاء ترامب بمرشده ومعلمه الأميركي الماكر «روي كوهين»، ففي عام 1973 كان ترامب، وهو ابن مطور عقاري معروف محلياً، يحاول أن يقفز من ضواحي نيويورك الفقيرة إلى أضواء مانهاتن الباهرة، وكان ضيفاً متحمساً في أحد النوادي النيويوركية يطلق عليه اسم «لو كلب»، وكان من بين أعضائه أمراء وبارونات وأميرات وأعيان، لكن النادي رفض قبول عضوية الشاب المتحمس إلى أن تعهد بأنه لن يلاحق أياً من النساء اللائي كن يترددن. وقد وصف ترامب السبب وراء تلك الحادثة، في كتابه «فن إبرام الصفقات»، بالقول إنه كان «شاباً وسيماً».
وأوضح المؤلفان أن ترامب التقى في ذلك النادي بشخص له عينان غائرتان وتجاعيد تغطي وجهه، ألا وهو المحامي المعروف بقسوته وسوء سمعته «روي كوهين». وكما شرح ترامب فإن كوهين كان لديه ملف شركته العقارية التي تواجه قضية رفعتها الولاية على أساس تحيز عنصري. وأوضح ترامب للمحامي أنه يفكر في تسوية القضية، لكن كوهين نصحه بعدم التسوية، وإنما برد الهجوم. وعلى الفور استعان ترامب بالمحامي المخضرم وبدأت قصة صداقتهما.
وعلى الرغم من أن ترامب اضطر في نهاية المطاف، حسب الكتاب، إلى قبول التسوية، ربما وفق البنود ذاتها التي كان سيتفق عليها لو لم يلتق بكوهين. لكن المحامي ظل مرشداً لدونالد الشاب في دروس مهمة عن «المبالغة»، ولعل أهم تلك الدروس هي أن «الدعاية كلها جيدة»، و«الهجوم دائماً» يأتي بفائدة. وفي سبعينيات القرن الماضي، حوّل قطب الإعلام «روبرت مردوخ» صحيفة «نيويورك بوست» إلى صحيفة شعبية من القطع الصغير، وسرعان ما أصبحت صورة ترامب دائمة الظهور في الصحيفة، بسبب الأخبار المثيرة حول علاقاته العاطفية وطلاقه بشكل شبه يومي.
ويشير المؤلفان إلى أنه منذ ذلك الحين، جذبت قصص ترامب وعلاقاته مع النساء مزيداً من الصحف والمجلات الشهيرة في الولايات المتحدة.
الكتاب: حقيقة ترامب
المؤلفان: «مايكل كرانيش» و«مارك فيشر»
الناشر: سكريبنر
تاريخ النشر: 2016
========================
كزافييه بانون :في كواليس الدبلوماسية..من ساركوزي إلى هولاند
التاريخ:16 سبتمبر 2016
ذلك على خلفية إدراكه أن «تغييره جذرياً للخط الدبلوماسي لساركوزي كان سيعرّضه لفقدان المصداقية واتهامه بعدم المسؤولية والتشكيك بتحضيره الجيّد لممارسة السلطة». وهنا يؤكّد المؤلف أنه رغم الاتهامات العديدة والمتكررة لهولاند أنه «ضعيف ومتردد» فإنه ثبّت نفسه في صورة «القائد الحربي» في ساحل العاج ومالي وغيرهما في إفريقيا ثم في عهد قريب في العراق وسوريا.
في الثاني عشر من شهر مايو من عام 2012 تولّى فرانسوا هولاند، اليساري الاشتراكي، رسمياً منصب رئيس الجمهورية الفرنسية وأقام في قصر الإليزيه، المقر الرئاسي الفرنسي. وقد خلف بذلك سابقه نيكولا ساركوزي، اليميني وريث التيار الديغولي. رئيسان من معسكرين يتناوبان على السلطة في فرنسا منذ عقود طويلة. فهل كان هناك تغيير كبير على صعيد النهج الدبلوماسي الفرنسي أم كان هناك بالأحرى قدر كبير من الاستمرارية؟
على هذا السؤال بالتحديد يحاول «كزافييه بانون»، الصحفي الفرنسي المختص بالسياسة الخارجية الذي كان قد كرّس كتابه السابق لسيرة الرئيس الأسبق جاك شيراك ولسياساته، أن يجيب بكتاب جديد يحمل عنوان «في كواليس الدبلوماسية الفرنسية» في الفترة الممتدة من «نيكولا ساركوزي إلى فرانسوا هولاند».
تتمثّل الفكرة الرئيسية التي يطوّرها المؤلف على مدى 450 صفحة التي يتألف منها الكتاب في التأكيد أن الرئيسين نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند يمثلان «أسلوبين مختلفين جداً في المجال الدبلوماسي».
وهذا ما يمكن أن توجزه الجملة التالية التي ينقلها المؤلف عن أحد المسؤولين الكبار في وزارة الخارجية الفرنسية ومفادها: «نيكولا ساركوزي يبحث عن الزعامة. وفرانسوا هولاند يسعى إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من التوافق العام».
ويضيف عن الرئيس الفرنسي السابق: «ساركوزي يحب القيادة ولا يحب الاستفاضة في النقاشات، وخاصّة مع الدول الصغيرة. ذلك على خلفية اعتباره أن القرارات الهامّة ينبغي أن تبقى محصورة بيد الكبار. فهذا يسمح له بأن يمارس نشاطاته بكل أبعادها».
ويُجمل المؤلف منطق نيكولا ساركوزي في صفحات يكرّسها لـ«الأنا الدبلوماسية» في القول إنه كان تبنّى باستمرار قاعدة في العمل الدبلوماسي تتمحور حول «استخدام الدبلوماسية كأداة بيد سلطته وربطها بشخصه ــ شخصنتها ــ والقيام بأعمال تترتب عليها اصداء كبيرة». المثال البليغ الذي يضربه على ذلك قضية تحرير «الممرضات البلغاريات».
ويصف المؤلف وصول فرانسوا هولاند إلى قمّة السلطة في فرنسا بأنه أدّى إلى «هزّة كبيرة» في المشهد السياسي والدبلوماسي. والإشارة أن الرئيس هولاند ركّز منذ الساعات الأولى لوصوله إلى قصر الإليزيه على ضرورة أن يكون «فاعلاً على الجبهة الدولية».
وكانت الترجمة العملية لذلك أنه في نفس مساء يوم توليه رسمياً لمهام منصبه الرئاسي «طار إلى برلين» للقاء المستشارة الألمانية انجيلا ميركل. ويروي المؤلف أن الجو كان ممطراً وعاصفاً حيث أشار قبطان طائرة «الفالكون» التي كانت تقلّ الرئيس وبعض شخصيات فريقه قائلاً: «قد تكون هناك مشكلة خطيرة في المتابعة. وينبغي العودة». وكانت إجابة هولاند حاسمة: «كلا سنتابع الطريق وقد تأخرنا عن الموعد اصلاً».
ويشرح المؤلف أن هولاند وجد نفسه في بداية فترة رئاسته محاطاً بمجموعة من «المختصّين بالقضايا الدولية». وكان هؤلاء ينقسمون إلى تيارين كبيرين. التيار الأول كان من رموزه «هوبير فدرين» ومن توجهاته الأساسية المحافظة على «إرث فرانسوا ميتران»، أوّل رئيس يساري للجمهورية الفرنسية الخامسة التي أرسى أسسها الجنرال شارل ديغول عام 1958. والتيار الثاني كان «أطلسي الهوى». ورفع أنصاره شعارات تصب بالتأكيد على «الدفاع عن الحضارة الأوروبية المهددة من روسيا والصين والعالم الإسلامي».
وما يشير له المؤلف بأشكال مختلفة هو أن الرئيس الحالي فرانسوا هولاند انتهج أسلوباً مغايراً لأسلوب سابقه حيث أظهر قدراً كبيراً من الدبلوماسية في التعامل مع عدد من الملفات. هكذا مثلاً ما كان له أن يأخذ قراراً مثل «إعادة اندماج فرنسا في القيادة الأطلسية العسكرية الموحّدة في أوروبا»، لكنه مع ذلك «لم يتراجع عن اختيار سابقه، نيكولا ساركوزي».
وتتوزع مواد هذا الكتاب بين أربعة اقسام رئيسية يخصّ الأول مقارنة بين أسلوبي الرئيسين، السابق نيكولا ساركوزي والحالي فرانسوا هولاند، في ما يتعلّق بكيفية التعامل الدبلوماسي مع العالم الخارجي. ويخص القسم الثاني الآليات الدبلوماسية التي تمّ التعامل على أساسها مع النزاعات والحروب. والثالث هو عن العلاقات الدبلوماسية مع اوروبا. أمّا الأخير فمكرّس لدراسة نهج الرئيس الحالي والسابق في مجال العلاقات الثنائية.
المؤلف في سطور
كزافييه بانون مجاز بالأدب الكلاسيكي والدراسات الاستراتيجية. صحفي وكاتب. مهتم بالسياسة الخارجية الفرنسية. سبق له أن قدّم عدداً من الدراسات من بينها كتاب سابق عن «جاك شيراك: الوجوه الخمسة لرئيس».
الكتاب: في كواليس الدبلوماسية الفرنسية.. من ساركوزي إلى هولاند
تأليف: كزافييه بانون
الناشر: لارشيبيل - باريس ــ 2015
الصفحات: 450 صفحة
القطع: المتوسط
========================
رومان بودال :العودة من اللهب..رجال الإطفاء أبطال منهكون
التاريخ:09 سبتمبر 2016
يتم استخدام توصيف «الجنود المجهولين» على العديد من البشر، على خلفية الدور الكبير الذي يقومون فيه لمجتمعاتهم أو للآخرين، بينما يبقون «في الظل» بعيداً عن الأضواء. بل قد لا يذكرهم أحد إلاّ في الحالات التي يبرز فيها دورهم للحظة ما أثناء بعض الأحداث المتعلّقة بعملهم. ومن بين هؤلاء «الأبطال المجهولين» رجال الإطفاء الذين يساهمون بفعالية في إخـــماد النيران وإنقاذ الكثير من الأرواح.
لا شكّ أن رجال الإطفاء لم يحظوا سوى بالقليل القليل من دراسات العلوم الاجتماعية. من هنا يأتي كتاب رومان بودال، الأخصائي بعلم الاجتماع والمكلّف ببحوث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، ليسدّ قليلاً هذه الثغرة. يحمل الكتاب عنوان «العودة من اللهب. رجال الإطفاء، أبطال منهكون».
إن مؤلف هذا الكتاب يعتمد في تحليلاته على تجربته الخاصّة كـ«رجل إطفاء متطوّع» في إطار «أفواج إطفاء باريس» لمدّة 15 عاماً. ومن هذا الموقع بالتحديد، «القريب من الطبقات الشعبيّة»، يقوم بدراسته ما يسميه «التوترات السياسية والاجتماعية» التي تجتاح فرنسا اليوم بالاعتماد على نوع من المزج بين «التحقيق الميداني والتحليل الاجتماعي».
ويكتب المؤلف: «هذا الكتاب ليس تحقيقاً ميدانياً على الطريقة الصحفيّة، ولكن بالأحرى نوع من التحوّل نحو مهنة أصبح مع الزمن بمثابة نوع من التحقيق السوسيولوجي». لكن تبقى الميزة الأساسية لهذا العمل أنه يجمع بين التحليل المعمّق للأحداث وبين توصيف التجارب التي عاشها المؤلف في ميدان العمل، وفي الحالتين يكتب المؤلف بأسلوب ولغة سهلين مما يجعل العمل موجّها لجميع القرّاء.
ويولي مؤلف هذا الكتاب اهتمامه لدراسة ظاهرة شائعة أبرزتها نتائج مختلف العمليات الانتخابية التي جرت خلال السنوات الخيرة، تلك الظاهرة تتمثّل في أن جزءاً مهماً من الشرائح الشعبية الفرنسية تذهب نحو تأييد اليمين، بل واليمين المتطرّف، بينما أن موقعها التاريخي كان بالأحرى أقرب إلى اليسار.
لكن يتم تصنيف تلك الشرائح ومن بينها رجال الإطفاء أنهم في الواقع القائم من «معسكر اليمين سياسياً». يشير المؤلف أنهم بالمقابل يرون في مهنتهم أداة مزدوجة. من جهة هم بمثابة «يد اليسار» من حيث ما يقدمونه من «مساعدات» و«يد اليمين» للدولة عبر مساهمتهم في «المحافظة على الأمن والنظام».
 في الصفحات الأولى من هذا الكتاب يقوم المؤلف ــ الإطفائي بتوصيف «نمط الحياة اليومية» لرجال الإطفاء حيث يصف المحيط الذي يعيشون ويعملون فيه بـ «عالم مغلق جداً حيال الخارج»، والوصول إلى نتيجة مفادها أن المعنيين يخضعون لـ«تربية بدنيّة ونفسيّة قاسية» تجعلهم «مغلقين»حيال الآخرين. هذا خاصّة أن مهنتهم هي ذات طبيعة ذكورية بامتياز.
ويشرح المؤلف أنه لا يمكن من هم خارج الإطار المهني للمعنيين، أي من غير رجال الإطفاء، أن يفهموا كيف أن هؤلاء يتم النظر لهم في فرنسا اليوم على أنهم من «النخبة» وبالوقت نفسه أنهم من «الشرائح الشعبيّة». وأنهم يتعاملون مع الآخر بـ«خشونة» كردّ فعل على «الخشونة» التي يواجهونها في حياتهم اليومية.
ما يؤكّده المؤلف في تحليلاته، ومن خلال معرفته الميدانية بالعالم الذي يدرسه أن الذين يتطوّعون في سلك الإطفاء هم في السواد الأعظم منهم من الطبقات الوسطى، وخاصّة من الطبقات الشعبية التي يحدد توصيفها بـ«البيضاء». ذلك بمــــعنى من «غير الأصول المهاجرة».
ويشرح المؤلف أن شريحة رجال الإطفاء تمتلك نوعاً من الوعي السياسي، وهذا الوعي يقوم على التطلّع للالتحاق بـ«قطب البورجوازيين الصغار». ذلك بالتوازي مع الابتعاد عن «الأوساط الشعبيّة» التي ينتمي لها قسم كبير منهم. ويدركون في هذا الإطار أنهم ينتمون إلى مؤسسة تسمح لهم ببعض «الحركية الاجتماعية لتحسين مواقعهم». لكنهم يدركون أيضاً أن مهنتهم تتطلّب منهم الكثير من «التضحيات» بينما لا تؤمّن المستقبل سوى «لأجل قصير».
ويشير المؤلف أنه هو نفسه ينحدر من أصول «بورجوازية» وأنه من «النخبة دراسياً» من حيث المدارس والجامعات التي تعلّم بها. ويشير أن زملاءه في ثكنات رجال الإطفاء كانوا ينادونه دائماً يـ«الدكتور». لكنه يصرّ بالمقابل أن يعبّر دائماً بـ «نحن» من أجل توصيف حياة المعنيين. وبالدقّة استخدام «نحن» مقابل «هم» للدلالة على «العالم الخارجي» عنهم.
هذا مع الإشارة أن رجال الإطفاء في فرنسا هم اليوم في «الخطوط الأولى» بأجواء زاقع يشوبه التوتر والنزاع الاجتماعي الذي تشكّل الضواحي التي يسكنها المهاجرون إحدى ساحاته الرئيسية، وهم يعيشون باستمرار نوعاً من الإحساس بالوقوف «أمام المجهول» بالنسبة لأوضاعهم ولمستقبلهم.
المؤلف في سطور
رومان بودال، باحث اجتماعي فرنسي، درس الفلسفة وعلم الاجتماع. والتحق بسلك رجال الإطفاء في المنطقة الباريسية لمدّة خمسة عشر عاماً، وهو مختص بدراسة الطبقات الاجتماعية وتوجهاتها السياسية.
الكتاب: العودة من اللهب. رجال الإطفاء، أبطال منهكون
تأليف: رومان بودال
الناشر: لا ديكوفيرت باريس ــ 2016
الصفحات: 180 صفحات
القطع: المتوسط
========================
مايكل والدمان :النضال من أجل حق الاقتراع.. تاريخ الانتخابات بأميركا
التاريخ:09 سبتمبر 2016
جرت العادة أنه مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية تتعاظم سلسلة الأعمال، التي يكرّسها أصحابها لمختلف المسائل والمظاهر ذات العلاقة بها، ومع الاهتمام بالمرشحين للمنصب الرئاسي الأول وبشخصية ذلك الذي- أو تلك التي هذه المرّة- سيحتل البيت الأبيض لفترة رئاسية جديدة، يتمّ بالتوازي الاهتمام بالمواضيع التي تحيط بالعملية الانتخابية عموماً.
وفي هذه الفئة الثانية يقدّم مايكل والدمان، رئيس مركز العدالة في مدرسة الحقوق بجامعة نيويورك والأخصائي بالمسائل القانونية، كتاباً جديداً- بعد كتابه السابق «التعديل - الدستوري - الثاني» الذي نال شهرة كبيرة- يشرح فيه ما يسميه «النضال من أجل الاقتراع»، الذي يؤرّخ فيه لمسار «حق الاقتراع» في الولايات المتحدة الأميركية.
وتجدر الإشارة أن مؤلف هذا الكتاب- وكما يبيّن الغلاف الأوّل- يقوم بعملية استبدال الحرف الأول من كلمة إنجليزية تعني «حق- Right» بحرف آخر يجعل معناها هو «النضال من أجل- Fight»، وفي الحالتين المقصود هو «الاقتراع».
لا يتردد المؤلف في التأكيد أنه إذا كان الأميركيون، بأغلبيتهم، يدركون أن الحرمان من حق الاقتراع «أمر سيئ» فإن الواقع يشير إلى أن مثل هذا الحق عرف الكثير من المنعطفات والتأرجح منذ تأسيس الولايات المتحدة، بل يؤكد أن الـ13 مستعمرة قبل أن تلتقي، وتتوحد فيما عدا الولايات المتحدة كانت تتبنى أنماطاً مختلفة جداً من قوانين ممارسة عمليات الاقتراع حيال السود والنساء بشكل خاص.
والتأكيد في الإطار نفسه أنه في تلك المستعمرات كانت هناك مجموعات من المستوطنين الذين يعيشون في مجتمعات تراتبية إلى حد كبير، بل و«متنافرة»، أعلنوا أنهم يرون أن البشر متساوون في ما بينهم، وبالتالي ينبغي أن يقدموا مساهماتهم في بناء المجتمعات التي يعيشون فيها بغية حصولهم على «حق الاقتراع».
وما يؤكده المؤلف أنه في المرحلة «الجنينية» عرف «حق الاقتراع» في المستعمرات الـ13 الكثير من «التشوّش» من حيث أولئك الذين يحق لهم ممارسته. هكذا مثلاً أُثيرت التساؤلات «خلال سنوات إعادة البناء» عما إذا كان يحق للسود «الاقتراع» أم لا يحق لهم.
هذا مع الإشارة إلى أن بعض المستعمرات السابقة كانت قد منحت السود «الأحرار وليس العبيد» والنساء حق الاقتراع، لكن ذلك لا يمنع واقع أن كُثر حاولوا ربط ذلك بأن يكون المعني «مالكاً» بينما اعتبر آخرون أنه يحق لـ «المقاتلين» الاقتراع دون أن يكونوا من المالكين، لكن جرى في ما بعد حرمان الكثيرين- بالتحديد السود- صراحة من «حق الاقتراع» في ولايات الجنوب.
وما كان في ما بعد أحد أسباب نشوب الحرب الأهلية الأميركية- الانفصالية- خلال سنوات 1860- 1864 وما تلاها من إجراءات في منظور إلغاء العبودية.
لقد حصل الرجال السود على حق الاقتراع لكنهم لم يمارسوه بأعداد كبيرة قبل عملية «إعادة بناء حكومات الولايات»، لكن المساهمة الكبيرة للسود، كما يشرح المؤلف، لم تتم بصورة فعلية سوى مع الشروع بإقرار «ميثاق الحقوق المدنية» عام 1967، الذي يعتبره المؤلف بمثابة تتويج هام في مسيرة نضال طويلة على مدى الـ 228 سنة المنصرمة.
والسمة الأساسية التي يؤكدها المؤلف هي أن «المؤسسة السياسية الأميركية كانت، كالمعتاد، وراء الشعب الأميركي وليس أمامه في ما يتعلق بالنضال من أجل ممارسة حق الاقتراع».
ويشرح أن ذلك «الحق» كان من المسائل الشائكة بامتياز في الحياة السياسية الأميركية منذ فترة التأسيس حتى اللحظة الراهنة.
ويقدّم المؤلف في هذا الكتاب سلسلة من الاقتراحات «القانونية» لتحسين مساهمة الأميركيين في عمليات الانتخاب على مختلف مستوياتها في هذا القرن الحادي والعشرين، ذلك كونها مساهمة في النقاشات الجارية في هذه السنة الانتخابية الرئاسية.
ويصل المؤلف في تأريخه لمسألة النضال في أميركا من أجل «حق الاقتراع» للتأكيد أنها مسألة جوهرية لازمت «مسيرة تأسيس الأمّة الأميركية» واستمرّت في المسيرة التاريخية التالية، وذلك وصولاً إلى التأكيد أن «النضال من أجل الاقتراع لم ينته ولا يزال مستمراً حتى اليوم».
ويشرح المؤلف أن تلك المنعطفات كلّها وتأرجح المواقف من ممارسة «حق الاقتراع» تواكبت باستمرار مع النضال، من أجل أشادة وتعزيز دولة القانون، الأمر الذي يرى المؤلف أنه يكتسي أهمية كبيرة في هذه السنة الانتخابية، التي ينبغي على الأميركيين أن يختاروا فيها خلفاً للرئيس الحالي باراك أوباما.
المؤلف في سطور
مايكل والدمان هو رئيس مركز «برينان للعدالة» في كلية الحقوق بجامعة نيويورك. وكان رئيساً للجنة صياغة خطابات الرئيس الأميركي الأسبق بيل كيلنتون خلال سنوات 1995 ــ 1999. من مؤلفاته كتاب «التعديل ــ الدستوري ــ الدستوري الثاني»، الذي أصبح من المرجعيات الكلاسيكية القانونية.
The fight to vote
Michael Waldman
Simon and Schuster
New York - 2016
304 PP
========================
فيليب نورد :المعطى الفرنسي الجديد ومظاهر تعزيز دور الدولة
التاريخ:16 سبتمبر 2016
في عام 1929 انفجرت الأزمة الاقتصادية الكبرى التي شاع وصفها بـ «الكساد الكبير» الذي نتجت عنه سلسلة من المظاهر المنذرة بالخطر التي لم يكن أقلّها خطورة تعاظم البطالة وإعلانات الإفلاس المتكررة في الولايات المتحدة، كما في مختلف بلدان العالم الأخرى.
في مواجهة تلك الأزمة الكبرى قرر الرئيس الأميركي آنذاك «فرانكلين ديلانو روزفلت» تبنّي سياسة إصلاحات طبّقها خلال سنوات 1933 ــ 1938 وأعطاها تسمية «المعطى الجديد ــ نيو ديل».
تجدر الإشارة أنه يتم التمييز بين مستويين فيما يخص الخطة الإصلاحية للرئيس الأميركي الأسبق روزفلت. هناك «المعطى الجديد الأول» المباشر الذي هدف لتحسين الوضع على المدى القصير وبالتحديد على مدى المائة يوم الأولى خلال عام 1933.
وتمّ خلالها إصلاح البنوك وتبنّي الإجراءات الاجتماعية الملحّة والمساعدة على صعيد العمل والبرامج الزراعية. وهناك «المعطى الجديد الثاني» خلال سنوات 1935 ــ 1958 ويخص برامج الإصلاحات البنيوية «في العمق».
والمؤرّخ الأميركي «فيليب نورد»، الأستاذ في جامعة برينستون، قدّم كتاباً تحت عنوان «المعطى الجديد الفرنسي»، صدر أوّلاً في الولايات المتحدة ثم صدرت ترجمته في فرنسا قبل أسابيع. وهو يكرّسه للبحث في الآلية التي تبناها الفرنسيون لنقل تجربة روزفلت الإصلاحية إلى بلادهم.
ويحدد «نورد» الفترة الزمنية التي شهدت ذلك النقل في نهاية سنوات الجمهورية الفرنسية الثالثة واستمرّت خلال سنوات حكومة فيشي التي تعاونت «سياسياً» مع الاحتلال النازي لفرنسا خلال الحرب العالمية الثانية. ثمّ تطوّرت تلك العملية في فترة ما بعد تلك الحرب.
ويحدد المؤلف القول إن الفترة الجنينية لـ «المعطى الجديد الفرنسي ــ نيو ديل» ولبروز ملامح «النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي الفرنسي الحديث كانت خلال سنوات 1944 ــ 1946». هذا النظام الذي يُطلق عليه الفرنسيون أنفسهم توصيف «الاستثناء الفرنسي».
يصوغ المؤلف أطروحة مفادها أن الفرنسيين قاموا هم أيضاً بـ «إصلاح حقيقي جديد». وهو يشرح في مختلف فصول الكتاب المظاهر السياسية والاقتصادية والثقافية التي أسست خاصّة لـ «تعزيز دور الدولة» خلال ثلاثة عقود غطّت الفترة الزمنية لسنوات الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، العشرين.
وما يؤكده هو أن ذلك «المعطى الجديد الفرنسي» ساهم كثيراً في عملية «إصلاح فرنسا» بعد الخراب الذي سببته الحرب العالمية الثانية والاحتلال النازي. ذلك الإصلاح طال خاصّة «تطوير الاقتصاد وتخطيطه» و«ولادة نظام حماية اجتماعية» و«القيام بالموجة الأولى من عمليات التأميم» وكذلك وأساساً «انتهاج سياسة ثقافية واسعة الانتشار».
ويشرح المؤلف أنه عند تحرير فرنسا من الاحتلال النازي ونهاية الحرب العالمية الثانية بدا من الواضح أن الملحّ والمطلوب «تجديد بنية الدولة»، تماشياً مع الفكرة الأساسية التي تترافق عادة مع التحرير من القوى الاستعمارية أو الأنظمة الدكتاتورية:«التحرير يترافق غالباً مع فكرة إعادة التعمير».
وكانت تحوم بالتوازي بالأجواء، مع التحرير، «مجموعة من المفاهيم والمبادرات والممارسات» التي كانت تشكل صدى واقعياً لسياسة «الإصلاح» التي تبنّاها الرئيس الأميركي روزفلت بعد أزمة 1929 و«الكساد الاقتصادي الكبير» في مطلع سنوات الثلاثينيات.
كما كان يدور في ذهن الجميع نوعاً من «الحلم المشترك» بحياة سياسية واجتماعية أكثر تفتحاً وازدهاراً. ومما يؤكّد عليه المؤلف أن الكثير من الموظفين الكبار الذين انضووا في إطار حركة الإصلاح الاجتماعي الفرنسي كانوا قد عملوا في «حكومة فيشي» التي يعيد لها المؤلف بعض الاعتبار من حيث هذا المظهر.
ويشير المؤلف في هذا السياق أن فترة حكم «الجبهة الشعبية» في فرنسا في أواسط سنوات الثلاثينيات «تركت الكثير من الآثار على الذهنية الفرنسية من حيث أهمية البعد الاجتماعي». هذا خاصّة أن زعيم الجبهة الشعبية «ليون بلوم» كان يكنّ الكثير من الإعجاب لشخصية الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت.
وفي طليعة المفاهيم والمبادرات والممارسات الإصلاحية التي تبنتها فرنسا «التمسّك بالقيم العائلية» و«احترام النخب» و«التأكيد على ضرورة بناء دولة قويّة وقادرة على حماية المصالح الفرنسية في مختلف أنحاء العالم».
ويرى المؤلف ــ المؤرّخ الأميركي أن «ميثاق المجلس الوطني الفرنسي» للمقاومة الفرنسية ضد الاحتلال النازي يمثّل في الكثير من فقراته نوعاً من «الترجمة الحرفية» لمشروع روزفلت حول خطته الإصلاحية «المعطى الجديد».
الكتاب بوجه عام، رؤية أميركية حول الأسس التي يقوم عليها النظام الفرنسي بـ«نسخته» الاجتماعية والثقافية وما «أخذته» من مشروع الإصلاح الذي تبنّاه الرئيس الأميركي الأسبق «فرانكلين روزفلت» في ثلاثينيات القرن الماضي.
المؤلف في سطور
فيليب نورد هو مؤرّخ وباحث فرنسي. يعمل أستاذاً لمادة التاريخ في جامعة برنستون بالولايات المتحدة الأميركية. يولي اهتمامه الخاص للمسار التاريخي الفرنسي الحديث.
الكتاب: المعطى الجديد الفرنسي «نيو ديل».
تأليف: فيليب نورد
الناشر: بيران، باريس ــ 2016
الصفحات: 768 صفحة
القطع: المتوسط
========================
ألسا غودار :هوس «السيلفي».. والنرجسية الرقمية!
تاريخ النشر: الجمعة 02 سبتمبر 2016
تستدعي الفيلسوفة والمحللة النفسانية الفرنسية ألسا غودار في عنوان كتابها الصادر مؤخراً: « أنا أُسَلْفي (أعمل سيلفي).. إذن أنا موجود»، ضمناً المقولة الشهيرة «أنا أفكر، إذن أنا موجود» عند فيلسوف عصر النهضة الفرنسي رينيه ديكارت، وهي ما يعرف عادة في الفلسفة بمفهوم «الكوجيتو»، الذي يتم من خلاله الاستدلال على وجود الذات أولاً، ومنها على وجود العالم الخارجي فيما بعد. غير أن موضوع الوعي والاستدلال على الذات والعالم ليس هو موضوع كتاب «غودار» إن قُصدت به الجوانب الفلسفية، وإنما تقارب بالأحرى جوانب لافلسفية، وكوجيتو مضاداً، من نوع جديد، هو ما بات يسمى «السيلفي»، أي الصور التي يأخذها بعض الناس لأنفسهم بهواتفهم المحمولة أو كاميراتهم، بوصفها نوعاً من الوعي الزائف بالذات، ودوراناً منها حول نفسها، ولعل هذا هو ما يعبر عنه العنوان الفرعي -وربما الحقيقي- للكتاب: «تحولات الأنا في العصر الافتراضي»، وذلك لسيولة وتعقيد أبعاد وخلفيات هذه الظاهرة التي تحولت لدى البعض إلى نوع من الهوس، القابل للتوصيف والتصنيف ضمن قائمة الأعراض، إن لم تكن الأمراض، النفسية، والسلوكية. وهي أعراض تفاقمها، بطبيعة الحال، إمكانات الانتشار اللامحدود في العالم الافتراضي والعصر الرقمي، إن تم تسخير كل ذلك لترسيخ هذا التمركز النرجسي حول الذات، ودورانها حول نفسها.
وفي توصيفها لظاهرة «السليفي» تستعير الكاتبة أيضاً من عالم النفس التحليلي الفرنسي جاك لاكان مفهوم «طور المرآة»، وهو المرحلة من العمر لدى الطفل التي يبدأ فيها يعي نفسه ووجوده من خلال رؤية صورته منعكسة في المرآة، وهذا في الواقع هو حال أصحاب هوس «السيلفي» الذين يمثلون في النهاية تعبيراً عن أزمة وعي بالهوية في زمننا الراهن، وهي موضة تستحق من وجهة نظر الكاتبة أن تحمل على محمل الجد، وتولى قدراً غير يسير من جهود التفكيك والتحليل النفسي ومحاولات الفهم والتفسير. ولعل أول ذلك يكون في البحث عن الأسباب التي تدفع بعض الأشخاص لتوخي تأكيد وجودهم، والوعي بهذا الوجود، وجعل الآخرين يشعرون به، من خلال الإدمان على إنجاز صور شخصية لهم، بمختلف مظاهر ومواقع ومواقف الحياة اليومية، وذلك توهماً منهم بأن هذه هي الطريقة الملائمة لفرض أنفسهم وسط مجتمع يعاني من فرط المشهدية، وغارق في فضاء سديمي من الصور والأوهام السمعية البصرية.
وبين دفتي كتابها الواقع في 224 صفحة تدعو غودار إلى عدم التعامل بسذاجة وبساطة مع ظاهرة هوس «السلفي» هذه، أو اعتبارها أمراً عادياً وتعبيراً عفوياً عن رغبة ساذجة في تسجيل مشاهد من الذات أو القبض على لحظات من الزمن الهارب من نفسه، وذلك لأن «السيلفي» تحمل بالفعل وتحتمل من المعاني ما يؤشر إلى أن «هذه الظاهرة الجديدة تعكس خلف واجهتها العادية نوعاً دفيناً من الرغبة في اختراق أسرار الأنا، والوعي بالهوية التي أصبحت كلغز لا يسبر غوره، وماهية بعيدة المنال، بحكم ما هي عليه من تغير مستمر، لا يني ولا ينقطع»! فمن خلال «السيلفي» يعي الفرد -والمجتمع- اليوم حجم انكسارات وأسئلة هويته، بحسب تعبير الكاتبة، وهي تتبع أعراض هذه «الأنا الرقمية» الجديدة، التي يحل فيها الانفعال بدل العقل، والبرّانية بدل الجوّانية، والشكل على حساب المضمون، معبرة في غمرات توصيفها عن قلق عميق من ضياع عمق الروابط الإنسانية الحقيقية، وما يترتب عليها عادة من التزام وتعاون وتضامن، ولذلك فهي تدعو إلى ما تسميه «النفَس الأخلاقي»، الذي تتمثل كلمة السر فيه أساساً في الحذر من الغرق وسط الدفق المتواصل من الصور الاستعراضية أو المشهدية للذات، أو الانكفاء عليها، أو الوقوع في فخاخ الثقافة الضحلة الخرساء التي قد تنشأ عن حلول الصورة بدل الكلمة أو الفكرة، وكل هذا وارد فيما ما تسميه الكاتبة «طور السيلفي» على شاكلة «طور المرآة»، حيث ينكب بعض الناس على هواتفهم المحمولة لالتقاط صور لهم بكيفية تذكر بما وقع لـ«نرسيس» في الأسطورة اليونانية القديمة، حيث أدى به الإفراط في تمعن صوره المنعكسة على مياه البحيرة، إلى الوقوع في حب نفسه، وهو ذات العرض الذي يعاني منه كثير من النرجسيين اليوم، وفي كل الأزمنة والأمكنة، حين يسعون للفت الانتباه إلى أنفسهم بألف شكل ولون، وكأن الواحد منهم هو مركز الكون، وهذا ما يترتب عليه في كثير من الأحيان إفراط في تقدير الذات، أو زيف في مستوى الوعي بها، وكلا الأمرين غير ملائمين بالمعايير الأخلاقية والسلوكية معاً.
حسن ولد المختار
الكتاب: أنا أعمل «سيلفي»، إذن أنا موجود
المؤلفة: ألسا غودار
الناشر: ألبين ميشل
تاريخ النشر: 2016
========================
هنرى لورنس، جون تولان وجيل فاينشتاين  :كتاب "تاريخ أوروبا والعالم الإسلامى" يرصد تاريخ حضارات العالم فى عيون الغرب
الإثنين، 12 سبتمبر 2016 06:00 ص
كتب أحمد منصور
العلاقة بين الغرب والشرق قديمة ومؤرقة وغنية بالنسبة للكتاب والمؤرخين لأنها ممتلئة بالصدام وقليل من الالتقاء، والحديث عنها لن ينضب أبدا، ومن ذلك الكتاب الصادرة ترجمته حديثا عن المركز القومى للترجمة، (أوروبا والعالم الإسلامى: تاريخ بلا أساطير) من تأليف هنرى لورنس، جون تولان وجيل فاينشتاين، ومن ترجمة بشير السباعى.
 وفى هذا الكتاب، يعيد ثلاثة مؤرخين بارزين إحياء التاريخ المديد بين أوروبا والعالم الإسلامى ويقدمون خلاصة تاريخية مرجعية لتجلية تعقد الرهانات والتراثات والأحداث المعاصرة، فتاريخ هذه العلاقة الصاخبة من المستحيل فهم زماننا من دونها.
 مننذ مئات الأعوام، تنازعت جيوش المدينة المنورة والقسطنطينية للسيطرة على بلاد الشام، مرورا بتفكك بيزنطة، وبالحملات الصليبية والأندلس المسلمة والاسترداد المسيحى والنزاعات التى عرفها القرن الثامن عشر، ومرورا كذلك بالإمبراطورية العثمانية، والاستعمار الأوروبى ونزع الاستعمار، لم تتوقف الصلات بين أوروبا والعالم الإسلامى.
وبحسب المؤلف لا يجب لعنوان الكتاب أن يخدع القارئ، فالأمر لن يتعلق بعلاقات بين أوروبا والعالم الإسلامى بقدر تعلقه بالعلاقات المتعددة بين الجنوبيين والتونسيين، أو بين سكان القسطنطينية والسكندرين، أو بين الكاتالونيين والمغاربة أيضًا ، أى باختصار، بين جميع الأفراد والجماعات التى صاغت ما نسميهما اليوم بأوروبا والعالم الإسلامى الضاربين بجذورهما عمقًا فى تراث دينى وثقافى وفكرى مشترك.
 الغريب أن أهمية هذه الصلات وثراءها وتنوعها ليس جليًا للجميع، فليس المطلوب فى فهم هذه العلاقة هو المقابلة بين (حضارتين) متصادمتين، مثلما يفعل صامويل هانتجتون، ليدور الحديث عن (صدام) بين الإسلام وأوروبا.
الجزء الأول من الكتاب مكرس لتاريخ العلاقات فى العصر الوسيط أى منذ ثلاثينيات القرن السابع إلى القرن الخامس عشر وهو يأتى بعنوان (السراسنة والإفرنج: مزاحمات ومنافسات وتلاقيات) بقلم جون تولان، ويعالج الجزء الثانى ما يسميه المؤرخون بالحقبة الحديثة، أى الحقبة الممتدة من أواخر القرن الخامس عشر إلى آواخر القرن الثامن عشر وهو بعنوان (أوروبا والتركى الأكبر بقلم جيل فاينشتاين.
 أما الجزء الثالث (الإمبريالية الأوروبية وتحولات العالم الاسلامى) بقلم هنرى لورنس، فينطلق من القطيعة الكبرى فى النصف الثانى من القرن الثامن عشر، والتى أسماها المؤرخون بـ(فتح المسألة الشرقية) حيث تكون أوروبا بمثابة قوة عظمى مفرطة.
مترجم الكتاب، بشير السباعى، شاعر ومؤرخ ومترجم مصرى، له عددا كبيرًا من الترجمات منها (الوفد والإخوان المسلمون، مصر فى الخطاب الامريكى، الإسلام وخلق الهوية الأوروبية، الديمقراطية والدولة فى العلم العربى، الكاتب والسلطة، المملكة المستحيلة: فرنسا وتكوين العالم العربى الحديث، هوية فرنسا، حوار حول الاسلام).
هذا الكتاب يكشف عن جانب مهم من علاقة الشرق والغرب بسبب تعدد الأصوات الموجودة داخله والتى يتعلق كل واحد منها بأحد المراحل المكانية والزمانية، وربما نستطيع نحن من خلال المعرفة أن نصل يوما لحل المعادلة المأزومة دائما بين الجانبين وأن نتوصل إلى نقطة تلاقى لا يطغى فيها أحدنا على الآخر.
========================
جورج فريدمان :كتاب "الإمبراطورية والجمهورية" يرصد مستقبل أمريكا بين الحب والكراهية
الثلاثاء، 13 سبتمبر 2016 06:00 ص
كتب أحمد منصور
كتاب "الإمبراطورية والجمهورية فى عالم متغير" من تأليف جورج فريدمان، ترجمة أحمد محمود، والصادر عن المركز القومى للترجمة، ويتناول الكتاب العلاقة بين الامبراطورية والجمهورية وممارسة السلطة فى العشر سنوات المقبلة.
فالكاتب جورج فريدمان يدعو القراء فى مقدمة كتابه إلى إمعان النظر، فى موضوعين الأول هو مفهوم الامبراطورية غير المتعمدة، فهو يفسر ذلك بأن الولايات المتحدة أصبحت إمبراطورية ليس لأنها تعمدت ذلك، ولكن لآن التاريخ قد سار على هذا النحو، أما الموضوع الثانى فهو هل يمكن لهذه الجمهورية أن تبقى أم لا، حيث أن الولايات المتحدة قد اُسست على خلفية الامبريالية البريطانية.
ويتساءل المؤلف داخل كتابه "الإمبراطورية والجمهورية فى عالم متغير"، لماذا هناك كثيرون يرغبون فى عقد أواصر صداقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، ولماذا هناك الأكثر منهم يناصبونها العداء، وهل هذا لأن أمريكا تؤثر البعض، أم أنها لا ترغب فى التعامل مع البعض دون الجميع.
ويرى كتاب "الإمبراطورية والجمهورية فى عالم متغير"، يكمن بيت القصيد فى هذه الازدواجية فى الثنائية الفريدة التى تعيشها أمريكا فى العصر الراهن، جمهورية فى ثياب إمبراطورية، وإمبراطورية تتذكر أحيانا أنها جمهورية، و تؤمن أمريكا بأنه ليس هناك من يداوم على معاداتها أو صداقته وارتباطه بها.
يستعرض جورج فريدمان، تلك البانوراما الممتدة الأطراف من دروس سياسة ومناهج فى التعامل الواقعى لدولة هى إمبراطورية بلا منازع ، تتحكم فى توزيع موازين الثقل الدولية فى كل أرجاء العالم، تستميل أطرافا بالجزرة وتلوح لأطراف أخرى بالعصا الغليظة، وثقيلة الوطأة، وغير قابلة للاحتمال أو المواجهة، ويتساءل كيف تنجح أمريكا فى ذلك.
كما يوضح تعريف لمعنى الإمبراطورية هو دولة مؤلفة من سيادة سياسية عسكرية على قاعدة سكانية تختلف من حيث المنظومة الثقافية والعرق للطبقة الحاكمة، وهى تختلف عن الحكومة الفدرالية، التى تنتج عنها دولة كبرى متألفة من مجموعة واسعة من الدول والشعوب المستقلة التى سعت لأن تتوحد بهذه الطريقة، وما يؤسس الإمبراطورية من الناحية العملية والسياسية هو موضع خلاف وجدل واسع بين المتخصصين. فقد تكون دولة تعمد السياسات الإمبريالية، أو قد تتخذ لها بنية سياسية معينة، وعادة ما تبنى الإمبراطوريات من عدة عناصر مجتمعة، ومن بين هذه العناصر هى "التنوع العرقى والوطنى والثقافى والدينى".
فيما يأتى تعريف الجمهورية فهى نظام حكم يتم اختيار الحاكم ويسمى رئيس الجمهورية من قبل الشعب بشكل مباشر، كما هو الحال فى فرنسا والولايات المتحدة وتركيا، أو من قبل البرلمان المنتخب من الشعب كما كان الحال فى تركيا قبل عام 2014، ويمكن أن تتنوع تفاصيل تنظيم الحكم الجمهورى بشكل كبير، كما يدرس تنظيم الدولة ومن ضمنها الجمهورية فى فروع النظرية السياسية والعلوم السياسية، حيث يستخدم مصطلح جمهورية فيها بشكل عام للإشارة للدولة التى تعتمد فيها القوة السياسية للدولة على الموافقة، التى تكون اسمية للشعب المحكوم.
كما يهتم كتاب "الإمبراطورية والجمهورية فى عالم متغير"، بقضايا العشر سنوات المقبلة وفرصها وتحدياتها المتأصلة، حيث سيتم تشكل تحالفات مفاجئة، وسوف تنشأ التوترات غير المتوقعة، وسوف يرتفع المد الاقتصادى وينحسر، ينهى الكاتب تصديره للكتاب بقوله:أن أحداثًا كثيرة سوف تقود إلى صحة الجمهورية أو تدهورها، فان عقدًا مثيرًا للاهتمام ينتظرنا.
المؤلف جورج فريدمان، هو رئيس مجلس إدارة ستراتفور الرائدة فى مجال الاستخبارات العالمية، وله عددًا كبيرًا من المؤلفات، أما المترجم أحمد محمود، عضو نقابة الصحفيين واتحاد الكتاب مصر، ولجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة، نذكر من أعماله المترجمة "الناس فى صعيد مصر"، "التكالب على نفط أفريقيا"، و"الاقتصاد العالمى المعاصر".
========================
4 كتب ترصد 11 سبتمبر فى عيون الأدب العالمى
كتب محمد عبد الرحمن
تدخل  أحداث 11 سبتمبر 2001 ضمن الأحداث الأهم فى القرن الحادى والعشرين، فقد ترتبت عليها أحداث أخرى غيرت معالم المنطقة، وجعلت العديد من الكتاب والروائيين العالميين يتأثرون بها فى كتابة وجهة نظرهم وتحليلاتهم للأحداث سواء من خلال دراسات تحليلة أو روايات تأخذ منحنى درامى للهجمات.
 التقرير التالى يرصد بعض الكتاب والروايات التى تناولت الحدث..
الكتب:
"البروج المشيدة: القاعدة والطريق إلى 11 سبتمبر" لورانس رايت 2006
يحقق كتاب البروج لورانس رايت المشيدة مستوى غير مسبوق من الموضوعية عن طريق سرد القصة من واقع سرد أحداث حياة أربعة رجال هم: زعيما تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وأيمن الظواهرى من جهة، ورئيس إدارة مكافحة الإرهاب فى الإف بى آى جون أونيل، والمدير السابق للمخابرات السعودية الأمير تركى الفيصل من جهة أخرى.
ويرصد الكتاب الجهود البطولية التى قام بها أونيل لتتبع القاعدة قبل ١١ سبتمبر، وموته المأساوى فى برجى التجارة، وتحول الأمير تركى من حليف لابن لادن إلى عدو له، وفشل مكتب التحقيقات الفيدرالى والمخابرات المركزية الأمريكية والأمن القومى فى منع وقوع هجمات ١١ سبتمبر.
 وكان جون أونيل نائباً لرئيس جهاز اف. بى. أى، وكان المسئول الأول عن مطاردة أسامة بن لادن منذ عام 1993م. وقبل أسبوعين من أحداث 11 سبتمبر، قبل أن يسقيل ويتهم إدارة بوش بتعمد إعاقة تحرياته ضد الإرهاب، وأعاقت مبادرة طالبان لتسليم بن لادن للإدارة الأمريكية مقابل حصولها على معونتها سياسياً واقتصادياً!.. وبعدها بأيام عمل أونيل مديرا لأمن مركز التجارة، والتى توفى بداخله على أثر هجمات 11 سبتمبر.
"العرب وعالم ما بعد 11 سبتمبر" ـ برهان جليون 2005
ويدور الكتاب حول الآثار التى خلفتها حادثة 11 سبتبمر 2001 على العالم العربى والنظام الدولى، ويحاول برهان جليون تحليل طبيعة التحولات التى حدثت فى العالم بعد مرور أربع سنوات على أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001، طارحاً أسئلة مهمة حول أثر هجوم سبتمبر عليها، وحول تأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على تطور الوضع السياسى فى أميركا نفسها، وبالتالى فيما وراء الوضع الجيوسياسى العالمي، وتحديد نوعية الاستجابات الدولية لها، وفى مقدمتها استجابة العالم العربى، والبحث فى شروط وإمكانية الردّ الفعال عليها.
 ويرى "جليون" أن هذا الحدث قطع الطريق على نشوء عالم متعدد الأقطاب، وفتح طريقاً آخر لطفرة حقيقية فى حقل العلاقات الدولية، جعلت من كلمة إمبراطورية الاسم الجديد للولايات المتحدة الأميركية.
الروايات:
رواية "نيترلاند" ـ جوزيف أونيل 2008
ربما هى الرواية التى شهد الجميع بواقعيتها حتى ان البعض يقول أن النقاد الأمريكيون وقعوا فى غرام النثر الغنائي، ووجدوا فى موضوع الرواية صدى للحظة التاريخية، حتى أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما الذى أشاد بالرواية ووصفها بـ"الرائعة".
وتتناول الرواية قصة هانزل فون دن بروك، المصرفى الهولندى الذى تضطرب حياته بسبب هجمات الحادى عشر من سبتمبر  سنة 2001، تهجره زوجته، مصطحبة ابنهما الوحيد وتنتقل إلى لندن، بينما يبحث هانزل الذى يعيش قرب فندق تشيلسى عن ملاذ له فى لعب الكريكيت فى مجتمع المهاجرين بإحدى الجزر.
رواية "الرجل الساقط" ـ دون ديليلو 2007
ربما كانت صورة الرجل الذى قفز من أحد الأبراج فى هجمات 11 سبتمبر الأكثر إيلاماً عند الهجوم على مركز التجارة العالمى بنيويورك، ما جعل الكاتب الأميركى دون ديليلو يختار هذا الرجل تعبيراً عن هشاشة الضحايا ورعب الناظرين.
رواية "الرجل الساقط" والصادرة فى بريطانيا عن "دار بيكادور" تبدأ بفنان أداء يرتدى بذلة ويتدلى من حبل فوق شوارع نيويورك وسط غضب أهليها وإدانتهم. يراه هؤلاء يمنح العمل الإرهابى تعبيراً جمالياً ويتحدى حدادهم، ويجهلون أنه ينتحر تدريجاً فى الواقع.
وعن الصورة، هى صورة التقطت بواسطة "ريتشارد درو" صباح يوم 11 سبتمبر 2001 وهى لرجل يسقط من برج مركز التجارة العالمى خلال هجمات 11 سبتمبر 2001 فى مدينة نيويورك قيل حينها عن الرجل انه كان من أميركا اللاتينية وعاملاً فى مطعم، وأنه فضل الانتحار بالقفز من ناطحة السحاب على الموت محترقاً.
========================
برنارد لويس :تركيا الحديثة بين الهوية والمستقبل.. فى كتاب لبرنارد لويس
تهـانى صـلاح
منذ الانقلاب التركى الفاشل فى شهر يوليو الماضى بدأت مواقع التواصل الاجتماعى إلى جانب وسائل الإعلام والمتابعين فى البحث عن أصول الصراع بين التيارات السياسية فى تركيا. كما استعادت الأذهان أهم الكتب التى سجلت جذور ذلك الصراع. ومنها كتاب «ظهور تركيا الحديثة» تأليف برنارد لويس الذى أصدره مؤخراً المركز القومى للترجمة، من ترجمة قاسم عبده قاسم وسامية محمد.
ويستهل المؤلف الكتاب بتعريف الأتراك, بأنهم «هم الشعب الذى يعيش فى تركيا ويتحدث اللغة التركية» ويستطرد: «من الوهلة الأولي، لا يبدو أن هذا تعريف يحمل أى قدر من الأصالة المذهلة، بل إنه لا ينطوى على محتوى ثورى كبير، بيد أن تقديم هذه الفكرة ونشرها فى تركيا وقبولها فى نهاية الأمر من جانب الشعب باعتبارها تعبيرا عن طبيعة هويتهم المشتركة وحالتهم الجماعية، مَثّل إحدى الثورات الكبرى فى العصور الحديثة التى انطوت على انفصال جذرى عنيف من الموروث الاجتماعى والثقافى والسياسي».
ثم ينتقل إلى السرد التاريخي, موضحا كيف كان الأتراك حتى القرن التاسع عشر يرون أنفسهم مسلمين أولا، بحيث كان ولاؤهم على مستويات مختلفة إلى الإسلام والبيت العثمانى والدولة العثمانية، إذ أن اللغة التى يتحدث بها إنسان ما، والأرض التى يسكنها والعرق الذى يزعم أنه ينحدر منه، قد يكون له أهمية شخصية أو اجتماعية أو عاطفية وهذه ليست لها علاقة بالسياسة.
لقد ربط الأتراك أنفسهم بالإسلام لدرجة أن مفهوم القومية التركية نفسه اختفي, على الرغم من بقاء اللغة التركية، ووجود ما كان فى الحقيقة الدولة التركية, وان لم يحدث هذا على المستوى النظري، بل أنهم حتى لم يحتفظوا مثل العرب والفرس بهويتهم باعتبارهم جماعة عرقية لها هويتها الثقافية المستقلة داخل نطاق العالم الإسلامي.
ويركز مضمون الكتاب على ظهور تركيا الحديثة على أنقاض تركيا القديمة، وذلك بعد فحص تمهيدى لمصادر الحياة التركية وطبيعتها، فى تسلسل زمنى لا يعد تاريخًا سرديًا بسيطًا عن تركيا، وإنما بالأحرى محاولة لتتبع مراحل التغير الرئيسية وتحديدها، وقد تم تحديد مدى الدراسة بداية من عام 1950عندما أُقصى حزب أتاتورك عن السلطة فى انتخابات حرة كان الحزب نفسه قد نظمها ودخلت البلاد مرحلة جديدة من تاريخها.
وفى الجزء الثانى من الكتاب يتابع المؤلف أربعة جوانب من التغيير: تحول الإحساس الجماعى بالهوية والولاء فيما بين الأتراك،وتحول نظرية الحكم وممارستها، وتحول الدين والحياة الثقافية التى كان يحكمها، وتحول النظام الاقتصادى والسياسي.
وفى الفصل الأخير محاولة لوضع بعض الاستنتاجات العامة عن طبيعة الثورة التركية وتقدير انجازاتها.
وبحسب المؤلف, بدأت الثورة التركية بالإطاحة بالنظام السياسى القديم وإنشاء نظام سياسى جديد فى عام 1908. غير أنها بمعنى آخر كانت موجودة قبل ذلك, وظلت مستمرة على مدى ما يقرب من قرنين من الزمان، فقد بدأت عندما تعرض الأتراك لسلسلة من الهزائم فاضطروا إلى الاعتماد على الأسلحة الأوروبية ودعوة المستشارين الأوروبيين, ومن ثم القبول بكل الأفكار الجديدة والمؤسسات التى تشكل أساس الدولة الحديثة والجيش الحديث. والإصلاحات الأولى قام بها الحكام المستبدون الذين أرادوا فقط تدريب وتجهيز أفضل الجيوش. وأدى ارتفاع تكلفة التحديث العسكري، إلى فرض الضرائب الباهظة وبروز أقسى الحكومات. ولكن هذه التغييرات وما أثمرته من استبداد لم يكن من الممكن أن يمر بدون منازع, فى عصر كانت فيه أوروبا هى النموذج والمحتذى للتنوير, و قدمت مجموعة كبيرة من الأيدلوجيات العلمانية للثورة، حيث أثرت الليبرالية والوطنية والأفكار الثورية على الطلاب الأتراك والطلاب العسكريين والدبلوماسيين والملحقين العسكريين. وحينما وجدت هذه الأفكار طريقها إلى تركيا كانت قد منحت زخما جديدًا واتجاهات جديدة للضباط والمسئولين الشباب وأدت إلى حركات دستورية وشعبية متتالية.
والحقيقة أن التغير الأساسى فى تركيا, وانتقالها من إمبراطورية إسلامية إلى دولة تركية, ومن البيروقراطية الإقطاعية إلى الاقتصاد الرأسمالى الحديث, كان قد تم انجازه على مدى فترة طويلة وبفضل موجات متعاقبة من المصلحين والمتشددين.
ويعد المؤلف برنارد لويس هو أحد أهم الباحثين الأكاديميين فى التاريخ الاجتماعى والاقتصادى للشرق الأوسط, وله العديد من المؤلفات منها :«العرب فى التاريخ» و«الإسلام فى التاريخ» و«تركيا اليوم»، و«اليهود والقضية الفلسطينية» و«الساميون والمعاداة للسامية»
والمترجم قاسم عبده قاسم أستاذ تاريخ العصور الوسطى بجامعة الزقازيق، حاصل على جائزة الدولة التقديرية عام 2008 وله عدد كبير من المؤلفات والترجمات, والمترجمة سامية محمد جلال مدرس اللغة التركية بكلية الآداب بجامعة القاهرة.
الكتاب: ظهور تركيا الحديثة
المؤلف: برنارد لويس
ترجمة: قاسم عبده وسامية محمد
الناشر: المركز القومى للترجمة
========================
والتر إيزاكسون  :«المبتكرون».. كتاب مميز حول أهم المخترعين الذين صنعوا الثورة التقنية
الأربعاء 07 أيلول , 2016 11:15
بلا شك فإن الكمبيوتر والإنترنت هو أحد أهم الابتكارات الموجودة في عصرنا، لكن القليل من الأشخاص في العالم يعرفون تاريخ هذا الابتكار والأشخاص المبدعين الذين سخروا كل جهودهم من أجل إتاحته لنا.
"المبتكرون" The Innovators هو كتاب مميز يستعرض كيف استطاع مجموعة من العباقرة، رواد الأعمال، الهاكرز والمهوسين صناعة الثورة التقنية المعاصرة.
الكتاب من تأليف والتر إيزاكسون Walter Isaacson وهو أحد الكتاب والصحفيين البارزين على مستوى العالم والرئيس التنفيذي لمعهد آسبن للدراسات.
يستعرض الكتاب، الذي نُشر في تشرين الأول/ أكتوبر 2014، العديد من الشخصيات التي تمكنت من إحداث تغييرات جوهرية وصناعة الثورة التقنية الرقمية، بالإضافة إلى تاريخ الميكروشيب، البرمجة، ألعاب الفيديو، الترانزستور، الكومبيوتر، الإنترنت، البرمجيات، الويب والأشخاص خلف هذه الابتكارات.
الكتاب يسلط الضوء على تاريخ الكمبيوتر والإنترنت بدءاً من القرن التاسع عشر وعالمة الرياضيات البريطانية آدا لوفلايس الذي ينظر إليها كأول مبرمجة للحاسوب في التاريخ، ووصولاً إلى الشخصيات اللامعة في عصرنا الحالي والتي يعرفها الكثير منا اليوم كمؤسس شركة آبل ستيف جوبز ومؤسس مايكروسوفت بيل غيتس.
ويحلل الكتاب بعض الاكتشافات العلمية التاريخية التي لولاها ما كانت هذه الابتكارات بالإضافة إلى دور بعض العلوم الأخرى كالفيزياء في صناعة الثورة الرقمية.
========================
نورمان فيركلف :كتاب "اللغة والسلطة": السياسة أصبحت الأكثر سيطرة على "كلام الناس"
الأحد، 04 سبتمبر 2016 07:00 ص
كتب أحمد منصور
أصبحت أحداث العالم كثيرة ومتلاحقة وأصبحت اكتشافاته العلمية أيضا كثيرة ومؤثرة وبالمجمل يمكن القول إن العالم يتغير طوال الوقت وفى السنوات الأخيرة كان التغيير كبيرا شمل كل مناحى الحياة، وبالطبع كان للجانب الاجتماعى الدور الأكبر  فى التأثر بكل ذلك داخل كل المؤسسات، مما أدى إلى تغيير طبيعة علاقات السلطة والشعب والمكان والزمان واللغة، وبشكل أكثر تحديدا تغيير برنامج الدراسة النقدية للغة، والحقيقة أن علاقات السلطة على المستوى الدولى، بل والعالمى، بصفة خاصة، أصبحت تشكل وتحدد ما يحدث على المستويين الوطنى والمحلى إلى درجة تفوق ما كانت عليه الحال منذ عشر سنوات مضت، هكذا يرى الكاتب نورمان فيركلف، وهو أستاذ اللغويات المتفرغ بجامعة لانكاستر، وأحد أهم مؤسسى "تحليل الخطاب النقدى"، فى كتابه "اللغة والسلطة"، والذى قام بترجمته محمد عنانى، الأديب والناقد، وأستاذ الأدب الإنجليزى بجامعة القاهرة.
ويقول المؤلف إن الكتاب يعد طبعة جديدة من كتاب سابق، حيث أضاف فصلا جديدًا مثَّل ضرورة ملحة بسبب التغيرات الكثير التى حدثت خلال السنوات الماضية، ويدور كتاب "اللغة والسلطة" حول العمل الذى تؤديه اللغة للحفاظ على علاقات السلطة وتغييرها فى المجتمع المعاصر، وحول أساليب تحليل اللغة بحيث تكشف عن هذا العمل بشقيه، وحول زيادة وعى الناس به، وزيادة قدرتهم على مقاومته وتغييره.
وقد جاء أسلوب الكتاب سلسا لتسهيل قراءته على من لا يتمتع بخبرة سابقة فى هذا المجال، وينصب تركيز الفصل العاشر - المضاف إلى الطبعة الثانية - على هذه التغييرات، وما تتضمنه من دلالات لمسألة اللغة والسلطة، وهذا يعنى أننا عندما نجرى بحوثا فى علاقة اللغة بالسلطة فى أطر وطنية أو محلية، فلا بد أن ندرك أن هذه الأطر تتعرض للتأثر بالأحداث الدولية والعلاقات القائمة على هذا المستوى وأن هذه الأطر يمكن أن تسهم فى تشكيل هذه الأحداث والعلاقات.
ويؤكد الكاتب نورمان فيركلف، أن الواقع فى التحليل النقدى للخطاب قد اجتذب اهتماما كبيرا خارج إطار علم اللغة والدراسات اللغوية، ويبدو أنه قد بدأ يؤتى ثمارًا تتمثل فى تشجيع الباحثين فى العلوم الاجتماعية على إدراج تحليل اللغة فى عملهم، ولكن الكتاب يتضمن النظر إلى التحليل النقدى للخطاب أيضا باعتباره من الموارد التى يعتمد عليها فى الصراعات الاجتماعية والسياسية من أجل العدل والمساواة.
ينبه الكتاب إلى أهمية اللغة وعلاقتها بالسلطة ودورها فى صناعة الحرية وبالمقابل صناعة القهر، كما يوضح الكتاب العلاقة التبادلية بين الجانبين، فقديما كانت الخطابات هى المتهم الأول فى صناعة الحكام خاصة الديكتاتور، فالبلاغة المستخدمة كانت عادة ما تتم مقارنتها بالسياق الاجتماعى العام ويتم الكشف من خلال هذه الخطابات عن الهوة الواسعة بين الواقع وما تضمنته هذه الخطابات.
وفى الفترة الأخيرة اختلفت هذه العلاقة وأصبح مفهوم البلاغة مختلفة وأصبحت له أشكال مغايرة بسبب التطور التكنولوجى الهائل الذى أصاب المجتمع خاصة القائمين على السلطة الذين أصبح لزاما عليهم أن يغيروا خططهم فى مواجهة الشعب.
========================
سبعة  كتب أجنبية ترصد التحولات الاقتصادية في الشرق الأوسط
هالة أمين
 
 كان الاقتصاد دافعًا رئيسيًا فى تحريك ثورات الربيع العربى، وهو ما ترجمه الشعار الذى رفعه القائمون على أمر تلك الثورات التى اندلعت فى الكثير من بلدان الشرق الأوسط «عيش، حرية، عدالة اجتماعية»، لكن السؤال الذى يفرض نفسه على الجميع منذ سنوات: هل تحقق للمجتمعات العربية والشرق أوسطية ما أرادت أم أن الأمور سارت فى الاتجاه المعاكس؟
أدى الربيع العربى إلى دخول دول المنطقة فى العديد من الحروب الأهلية الإقليمية، وسيطرت على الشرق الأوسط حالة عامة من عدم الاستقرار الإقليمى، والتدهور الاقتصادى والفتنة الطائفية والعرقية والدينية، وكانت تكلفة الاضطرابات الناتجة عن أحداث ما بعد الربيع العربى فى الدول العربية أكثر من 800 مليار دولار أمريكى.
مثلما كان الاقتصاد محورًا مهمًا فى تحريك الثورات فى الدول العربية كان رصد التحولات الاقتصادية الناجمة عن ثورات الربيع محورًا مهمًا فى اهتمام الخبراء والمراقبين والاقتصاديين فى جميع أنحاء العالم، وتصدر أولويات العديد من الكتب الغربية لأكبر دور نشر عالمية، وربما بدأ رصد الأوضاع الاقتصادية للمنطقة من قبل ثورات الربيع العربى، نحاول فى «العالم يقرأ» أن نتعرف على رؤية المراقبين للحالة الاقتصادية فى الشرق الأوسط قبل وبعد الربيع العربى.
 
حكم الإسلاميين
الكتاب الأول تناول فترة ما بعد ثورات الربيع العربى، والتى قامت بالأساس بدوافع اقتصادية، ويطرح مؤلفوه السؤال الأبرز: هل تم للمحتجين ما كانوا يسعون له؟!
الكتاب عنوانه «بعد الربيع: التحولات الاقتصادية فى العالم العربى»، وهو لمجموعة منتقاة من الخبراء العالميين ولدار النشر الشهيرة أكسفورد برس فى حوالى ١٩٢ صفحة، حيث تناول المراقبون للوضع فى الشرق الأوسط وهل نجح الربيع العربى فى التحول السياسى والاقتصادى، وهل أدى بالنهاية إلى تحقيق التطلعات الاقتصادية للشعوب فى المنطقة، لا سيما الشباب، والتى تم تجاهلها من قبل القادة فى الدول العربية وخارجها؟
يرى الكتاب أن الإصلاحات الاقتصادية المهمة كان ينبغى أن ترافق التحولات السياسية الكبرى التى لا تزال تجرى على أرض الشرق الأوسط على الرغم من أن كل بلد لديه البنية الاقتصادية المختلفة، ويجب أن يتعامل بطريقته الخاصة من حيث الروابط التجارية والاستثمارية، والتفاعل بين دول العالم المختلفة وتبادل التوقعات التى تم تجاهلها فى السابق وكان هناك حاجة إلى بعض الأساس المشترك للاقتصادات العربية الجديدة.
ووفقًا للكتاب فلم ينجح الإسلام السياسى المتمثل فى جماعة الإخوان فى الوقوف أمام التحديات التى واجهت العالم العربى، خاصة أن ثلثى السكان تحت سن الـ٣٠، والأعباء غير متناسبة من البطالة وضعف التعليم، واعتماد الاقتصاديات العربية فى القرن الـ٢١ فقط على النفط والغاز وتحويلات المغتربين والسياحة،
وبدل من وضع القادة الجدد الأولوية لبناء اقتصاد قوى يعتمد على كيانات حقيقية وخلق فرص جديدة للشباب، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، وتنويع القطاع الخاص، والتعاون مع بعضها البعض، والتكامل مع الاقتصاد العالمى، قام الإخوان باللهث وراء السلطة، ووفقًا للكتاب فإنه رغم آمال الانتقال إلى الديمقراطية فى العالم العربى وأنه ستكون له فرصة أكبر للنجاح، إلا أن هذا لم يحدث وقتها، رغم أن ثورات الربيع العربى كانت قد تجسدت فى الحالة التى يعيشها الشباب العربى، خاصة أيقونة تونس والتى تمت بانتحار محمد بوعزيزى عام ٢٠١٠ بعد أن شعر بالإحباط بسبب التضييق عليه فى عمله بائعا متجولا، والذى أصبح موته بمثابة شرارة أشعلت الثورات فى مختلف أنحاء الشرق الأوسط.
 
الاقتصادات في عالم متغير
صدر للكاتب ماركو نولاند كتاب تحت عنوان «الاقتصادات العربية فى عالم متغير»، وهو لدار النشر التابعة لمعهد بيترسون للاقتصاد فى حوالى ٣٦٢ صفحة، ركز فيه على اقتصاديات منطقة الشرق الأوسط وتحليل التفاعل بين التجارة ونمو الإنتاجية، والصعوبات السياسية التى ترتبت على ذلك ومقارنات ذات الصلة من تجربة الاقتصادات التى تمر بمرحلة انتقالية، وهل كانت السياسات الموجودة بعد الربيع العربى ناجحة أم أنها أدت إلى تفاقم المشاكل القائمة.
ووفقًا للكتاب فبدلًا من الدخول فى دينامية اقتصادية وتعجيل الإصلاح الديمقراطى التدريجى، فقد أدت إلى مزيد من الفقر وارتفاع عدم المساواة فى الدخل ومعدلات خرافية لنسبة البطالة بين الشباب، وكانت المستجدات السياسية التى طرأت منذ الثورات والتغييرات التى لحقت بالأطر القانونية والمؤسسية التى تؤثر على النظم الاقتصادية بعد الربيع العربى، كانت كفيلة بإلحاق المزيد من الأذى إلى الاقتصاد العربى، ورغم أن اقتصاد البلدان العربية كان ينمو قبل الثورات بمعدلات لا بأس بها إلا أن ثمار النمو الاقتصادى لم تكن توزع على نحو عادل، فقد استحوذ أصحاب العلاقات السياسية على المنافع، فى حين لم يتمكن الشباب المتعلم من الحصول على وظائف ملائمة، وكان الفقراء وأفراد الطبقة الوسطة يكافحون لتلبية احتياجاتهم.
 
الاقتصاد المصري
من أهم الكتب التى تناولت الحالة الاقتصادية فى العام ٢٠١٥ ذلك الصادر عن دار النشر البريطانية العريقة «روتليدج» فى حوالى ١٦٠ صفحة، تحت عنوان «مصر بعد الربيع العربى: الثورة والتفاعل»، وضعت فيه أهم الدراسات البحثية والمقالات التى قام بها محللون غربيون ومصريون حولها من الفترة بين ٢٠١١ إلى نهاية ٢٠١٥ من خلال وجهة نظر تسعة مؤلفين بشكل معمق فى جميع المجالات السياسية والاقتصادية والسياسة الخارجية والتحديات الأمنية المتسارعة، وعلى رأسهم ناثان براون، أستاذ العلوم السياسية والشئون الدولية فى جامعة جورج واشنطن، وأليس جولدبيرج، أستاذة العلوم السياسية فى جامعة واشنطن فى سياتل، والدكتور إتش إيه هيلير، محلل دراسات الأمن الدولى فى المعهد الملكى فى لندن.
التحليلات التى تم طرحها فى الكتاب جاءت للتعرف على عوامل الثورة وتداعياتها والحالة الراهنة للاقتصاد والسياسة الخارجية والتى يمكن أن تساهم فى فهم إلى أين تتجه مصر، بل والشرق الأوسط ككل، وسلط الضوء على العلاقة بين الاقتصاد والسياسة منذ ٢٠١١ وكيفية تكيف الجيش مع الأحداث، حيث رأى الكتاب أنه على الرغم من التحولات السياسية والاقتصادية الأساسية، فى المجتمع المصرى خلال الخمس سنوات الماضية إلا أن المؤسسة العسكرية قد تمكنت من التكيف والبقاء على قيد الحياة، فى ظل هذه التغييرات حتى فى اللحظات الحاسمة من التحول الاشتراكى، إلى الليبرالية الجديدة أو الثورية، فقد حافظ الجيش على الموقف المهيمن فى بنية الدولة، ويشكل هذا الفصل تساؤلات حول قدرة النظام الحالى على الاستمرار فى التكيف مع تصاعد الأزمات الاقتصادية المتلاحقة.
وتناول الكتاب فصلًا كاملًا عن الاقتصاد المصرى والذى من المفترض أن يكفل المطالب الثلاثة البسيطة والتى كونت شعار ثورة ٢٠١١ وهى «عيش، حرية، عدالة اجتماعية»، والذى رأى أنه على الرغم من وجود رغبة شعبية للإصلاح، ومحاولة تجنب اتخاذ قرارات صعبة، إلا أن الفساد والفقر كانا من أهم أسباب اندلاع الثورة حيث تفشى التضخم وانخفاض قيمة العملة وانخفاض الأجور التى لا تستطيع تلبية الاحتياجات الأساسية، فى ظل نظام مبارك، وتحديدًا بعد استراتيجية خصخصة الشركات المملوكة للدولة، وأصبحت فرص العمل شحيحة على نحو متزايد، وكان هذا هو الوضع الاقتصادى الذى سبق الثورة.
وأضاف أنه منذ عام ٢٠٠٦ كانت هناك احتجاجات منتظمة، مثل الإضراب الشهير فى إبريل ٢٠٠٨، فضلًا عن التحديات الهيكلية، بما فى ذلك نقص الغذاء والطاقة، وقد ناقش الفصل أيضا تقييم البرامج الاقتصادية للجهات الفاعلة المتعاقبة منذ اندلاع الثورة المصرية وصولا إلى الرؤية الاقتصادية للرئيس عبدالفتاح السيسى، والتى ساهمت فى تحول جذرى، وكان هناك حراك حذر وبطيء إلى حد ما من التغيير، والذى تضمن سياسة جذب المستثمرين الأجانب والمشروعات الجديدة بالإضافة إلى المؤتمر الاقتصادى الذى عقد فى شرم الشيخ فى مارس ٢٠١٥، مع دور دائم للجيش كمحرك للتنمية، خاصة من خلال مشاركته فى المشاريع الطموحة مثل قناة السويس الجديدة، إلا أن المحلل انتهى أن الوضع لا يزال يحمل العديد من المخاطر فى ظل التهديدات الإرهابية والتى تؤثر على أهم منافذ الاقتصاد المصرى ومنها السياحة.
 
كسر تعويذة النفط
يدخل المراقبون إلى العام الجارى بعد خمس سنوات من الربيع العربى وخاصة فى منطقة الخليج وإيران ودول الربيع العربى نفسها بمجموعة من الكتب ترصد الأوضاع الاقتصادية للمنطقة ومنها كتاب «كسر تعويذة النفط: مسار الخليج لتنويع اقتصاده»، وهو لصندوق النقد الدولى الذى نشر فى ٣٠ إبريل العام الجارى فى حوالى ٤٢٠ صفحة، حيث يرى إن دول مجلس التعاون الخليجى لها مستويات معيشة مرتفعة نتيجة لدخل كبير ينبع من النفط، وتراجع أسعار النفط بين صيف ٢٠١٤ وخريف ٢٠١٥ يؤكد الحاجة الملحة لتنويع اقتصادها بعيدًا عن الاعتماد الكبير الحالى على صادرات النفط، ويناقش هذا الكتاب محاولات التنويع فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والخيارات المعقدة التى تواجه صناع القرار.
وتطرق الكتاب إلى أن المخاوف الجيو سياسية قضية مستمرة فى المنطقة، خاصة بعد اندلاع ثورات الربيع العربى والتى أدت إلى انهيار الاقتصاد فى بعض دول الشرق الأوسط، ولم تنل تلك الثورات من الخليج ويعزى ذلك جزئيًا إلى تعزيز الاقتصاد والارتفاع العام فى مستويات المعيشة، ورغم التوترات الأخيرة فى المنطقة فإنه حتى الآن لم يكن لها تأثير على الاقتصاد الخليجي.
ولكن الكتاب أعطى توصيات حول إدارة الأصول، لأن المناخ الاقتصادى والاستثمارى للخليج إيجابى، الأمر الذى يزيد من اهتمام المستثمرين فى المنطقة، وأن المرحلة المقبلة ستكون أكثر تفاؤلًا بالنسبة للاستثمار الأجنبى الذى يجلب فوائد طويلة الأجل للخليج والمنطقة ككل، وزيادة الفرص المحتملة للتطور والازدهار.
ومن أبرز دول الخليج التى تطرق لها الكتاب تحديدًا السعودية، خاصة بعد أن فتحت المملكة أسهمها أمام الملكية الأجنبية، بعد تكتم شديد والكثير من المداولات، وهو فى حد ذاته يعد حدثا استثماريا ذا أهمية كبيرة لمنطقة الشرق الأوسط، وبالنسبة للعالم، حيث إن أكبر دولة منتجة للبترول فى العالم، وأكبر اقتصاد فى المنطقة، ستكون مفتوحة للأعمال التجارية لصناديق الاستثمار العالمية الكبيرة فى جميع أنحاء العالم.
حيث رحبت شركات سعودية مثل سابك للبتروكيماويات وشركة المراعى للمنتجات الغذائية والراجحى للصيرفة الإسلامية للتعاون مع شركات عالمية مثل جولدمان ساكس، وفيدليتى وفرانكلين تمبلتون، والسماح للمستثمرين فى لندن ونيويورك وفرانكفورت وهونج كونج للتواجد بالمنطقة وإثرائها اقتصاديًا، وذلك لإيجاد تعاون قوى مع الاقتصاد العالمى منذ عقود بتوقيعها اتفاقات تعاون مع مؤسسات التجارة العالمية، وكثير من الدول الأوروبية والآسيوية.
 
الرفاه الاقتصادي
الكتاب الذى تناول عدم المساواة الاقتصادية فى إيران كان تحت عنوان «الرفاه الاقتصادى وعدم المساواة فى إيران: التطورات منذ اندلاع الثورة الإسلامية» والذى سيصدر شهر أكتوبر المقبل لدار النشر العالمية «بالجريف مكميلان» فى حوالى ١٩٤ صفحة، وهو يتناول عدم المساواة الاقتصادية والتفاوت الاجتماعى فى إيران، جنبًا إلى جنب مع الرفاه الذى يعيش فيها الملالى وآيات الله وعناصر الحرس الثورى.
ووفقا للكتاب فإنه على مدى العقود الأربعة الماضية وخلال هذه الفترة، تأثر توزيع الدخل والرفاه الاقتصادى قبل الثورة عام ١٩٧٩، ستعد الولايات المتحدة للإفراج عن عشرات المليارات من الدولارات كانت مجمدة منذ سنوات، فيما كشفت مصادر إعلامية غربية أن الأموال ستؤول على الفور إلى الحرس الثورى الإيرانى.
ورغم الاتفاق النووى ورفع العقوبات والتى تمثل انفراجة للاقتصاد الإيرانى المتهاوى إلا أنه لن يؤثر فى شيء لعدة أسباب منها تكاليف الحرب فى سوريا وانهيار أسعار النفط فى الأسواق العالمية، حيث إن الاقتصاد الإيرانى ورغم رفع العقوبات إلا أنه لا يزال يعانى من شلل فى عدة مجالات خاصة فى المعاملات المالية، بسبب فترة العقوبات، كما أن تراجع النفط وهو المحرك الأساسى للاقتصاد قد أثر سلبا على النمو والذى لم يتجاوز ٥.٤٪ فى ٢٠١٥، وبحسب الكتاب فإن رفع العقوبات لن يكون مباشرة بل سيكون تدريجيًا، وأن المشوار فى بدايته، وما يقال عن انفتاح الشركات الأمريكية على إيران.
أيضا من الأسباب التى تؤثر على عدم المساواة وأن الشعب الإيرانى لن يستفيد من اقتصاد بلاده أن مرشد الثورة الإيرانية يتحكم بصورة مباشرة فيما بين ٢٠٪ و٤٠٪ من الاقتصاد فى إيران، والكثير من الميزانيات الاقتصادية تعود فى أغلبها للحرس الثورى الإيرانى.
 
الاقتصاد والمجتمع والسياسة
كتاب «الشباب جيل الصحوة: الاقتصاد والمجتمع والسياسة فى دول الربيع العربى» للكاتب إدوارد ساير، والذى صدر الشهر الماضى لدار النشر «اكسفورد برس» فى حوالى ٢٦٤ صفحة، وتناول فيه نفى الفكرة التى ترى انسحاب الشباب فيما بعد الربيع العربى من الحياة السياسية عن طريق الإقصاء الاقتصادى، بل تطرق إلى أنه لم يلعب دورًا أكثر بروزًا فى التحولات التى أعقبت ذلك وفقًا لمجموعات من البيانات على التركيبة السكانية، والعمالة، والتعليم، وعدم المساواة، وسائل الإعلام الاجتماعية ومشاعر الجماهير لدراسة الظروف الاجتماعية والاقتصادية الكامنة وراء الشباب فى الشرق الأوسط فى وقت الانتفاضات.
هذه النتائج تؤكد عدم كفاية التفسيرات الضيقة التقليدية المتجذرة فى الملامح الديموجرافية والظروف الاقتصادية المعقدة التى تواجه الشباب والمجتمعات ككل فى منطقة الشرق الأوسط فى الفترة التى سبقت الربيع العربى وما بعدها، وكيف يمكن أن تعزز إدراج الشباب ومساعدته على تحويل الاقتصادات السياسية فى المنطقة فى بيئة من التقلبات الاقتصادية المستمرة، والاضطراب الاجتماعى وعدم الاستقرار السياسى.
وأوضح الكتاب أن لثورات الربيع العربية تداعيات ملحوظة على اقتصادات الدول بالمنطقة الساخنة، حيث إن هناك تباطؤًا فى الناتج المحلى الإجمالى بعد تحقيق نمو نسبى فى أوائل ٢٠١٠. وكان التأثير الأكبر قبل وبعد الثورات قد طال قطاعات التصنيع والسياحة والاستثمارات الأجنبية، كما تأثر معدل البطالة والتضخم بشكل سريع تجاه الارتفاع، فقد انخفض الإنتاج الصناعى وهوت السياحة وانخفض عدد السياح وكان لتحويلات العاملين فى الخارج نصيبها من تداعيات الاضطرابات، وذلك بعد عودة بعض المغتربين من الدول التى طالتها ثورات الربيع العربى.
وعانت دول الربيع العربى بتراجع الناتج الاقتصادى وإيرادات الضرائب، من اضطرارها إلى زيادة الإنفاق العام، وإجراءات الدعم التى وعدت بها الحكومات السابقة، وبطبيعة الحال فالحكومات الحالية تعانى من أمراض مزمنة يصعب التخلص منها فى غمضة عين.
 
كيف تنجو الأمم؟
ويأتى كتاب يحاول إعطاء النصائح والتوصيات لعمليات الإصلاح الاقتصادى فى دول الربيع العربى، وربما يكون الكتاب الأكثر إثارة إذ يقدم حلولًا للحالة الاقتصادية هو «الإصلاح: كيف تنجو الأمم وتزدهر فى عالم على حافة الهاوية» والذى يصدر ٢٠ سبتمبر المقبل للكاتب جوناثان تيبرمان، فى حوالى ٣٢٠ صفحة لدار النشر «تيم دوجان»، والذى يتناول فيه أصعب المشاكل الاقتصادية، وتطرق تحديدًا إلى الربيع العربى والحروب الأهلية بالمنطقة، الكتاب يعطى نظرة متفائلة ويكشف عن قصص نجاح كثيرًا ما يغفل عنها، بما فى ذلك إصلاح قوانين الهجرة، والركود الاقتصادى، والجمود السياسى والفساد والتطرف.
ويرى الكتاب أن رد فعل الحكومات تجاه الأوضاع الاقتصادية المتردية محكوم بعوامل ثلاثة هى عامل الزمن والوقت، الذى يمكن أن يمنحه المواطن للحكومة لتحسين الأوضاع المعيشية، وتحقيق مطالب الثورة، والعامل الثانى يتعلق بضعف مؤسسات الدولة التى تقوم على تنفيذ عملية التحول والانتقال إلى الوضع الجديد سياسيًا واقتصاديًا، أما العامل الثالث فيتعلق بقلة الموارد المالية المتوافرة لتمويل مرحلة التحول الحرجة بسبب فقد الموارد نتيجة للفساد المالى والإدارى وتفاقم حجم الديون الخارجية والمحلية، التى تمثل فقدًا لمقدرات المواطنين والأجيال القادمة.
فمن المتوقع فى المدى القصير، أن المبادرات فى دول الربيع العربى ستستلزم سياسات عامة تواجه التضخم وزيادة الدعم والإنفاق الحكوميين والبطالة، فى ظل العجز الحكومى وسياسة السوق الحرة.
ودول الربيع العربى لن تنجح إلا بإنجاح الاقتصاد، فدول الشرق الأوسط الآن تعيش فى مرحلة اقتصاد يقوم على استعادة الاستثمار، ووضع حلول سريعة للمشكلات التى ترتب عليها الثورات، خاصة ما يرتبط بالإنسان عصب النمو والتنمية الاقتصادية، ولذلك فإن الحكومات يجب أن تعمل بسياسات للشعوب أولًا، ومستقبل الأجيال القادمة، وذلك من خلال توفير فرص العمل وتنشيط القطاعات المنتجة محليًا، ودعم القدرة على المنافسة، وهذا يتطلب مزيدًا من المشروعات خاصة الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر التى تستوعب جيوش البطالة فى هذه البلدان.
المشكلة أيضا أن دول الربيع العربى أغلبها دول تعتمد على قطاع السياحة، وهو القطاع الذى تأثر كثيرًا، وحقق خسائر كبيرة لم تشمل فقط البلدان التى هزتها رياح التغيير، بل طالت تلك التى ظلت بعيدة عن تغيير الأنظمة وشملت الخسائر مصر وتونس اليمن وسوريا، إضافة إلى دول أخرى لم تستطع أن تنأى بنفسها عن التأثر بما يجرى فى جوارها كلبنان، والمغرب والأردن وهى دول تشكل السياحة العربية والخارجية إليها مصدرًا رئيسيًا للدخل القومى، ومصدر دخل لأعداد ضخمة من العاملين فى هذا الحقل من الشعوب.
ويرى الكتاب رؤية متفائلة حول احتمالات نمو اقتصاديات دول الربيع العربى، لأن هذه الدول لديها طاقات بشرية هائلة، تمكنها من تحقيق أهداف التنمية الشاملة والتغلب على التحديات التى تراكمت قبل الثورات أو كنتيجة لها، والأمر يتطلب تحرير اقتصاديات الربيع العربى وإطلاق روح المبادرات الفردية لدى الشباب وتوفير التمويل اللازم لتحقيق أهداف التنمية، والتحدى الأكبر الذى يواجه هذه التحولات السياسية والاقتصادية، يبدو فى توافر درجة الوعى بأهمية التعاون الاقتصادى الحقيقى، واستهداف البناء الديمقراطى الحقيقى، وتحقيق العدالة الاجتماعية، لأن العنصر البشرى فى كل المجتمعات يمثل عصب التنمية والنهوض، فإذا صلح صلحت الأمم، وصلاح الأمم لا يأتى إلا بالعدل الاقتصادى والاجتماعى والقضاء على كل مظاهر الفساد فدول الربيع العربى أمامها تحديات كبيرة، ولكنها لا تتوانى عن تحقيق أهداف وطموحات شعوب ثارت من أجل الكرامة.
========================
إيوجين جاريكى  :كتاب "الطريقة الأمريكية فى الحرب" يتساءل: لماذا واشنطن فى حرب العراق؟
الإثنين، 05 سبتمبر 2016 07:00 ص
كتب أحمد منصور
"كان الموضوع فى البداية يتمثل فى توجيه ضربة مثل نفثة أفعى سامة من طائرة شبح تعتبر فخر صناعة الحرب الأمريكية يقودها طياران أميريكيان مهمتهما التسلل فى سماء العراق لقتل صدام حسين وأولاده، فربما أفسح الطريق – كما يعتقد قادتهما – لانتفاضة تحريرية للشعب العراقى، مما يمهد لغزو أمريكى سهل للعراق، يقف فيه العراقيون صفوفا لتحية جيش الخلاص الأمريكى، إلا أن الأمور تداعت بدخول الجيوش الأمريكية الخدمة فى المعركة البرية فى العراق، ورغم إعلان الرئيس جورج بوش الابن انتصار جيشه، فإن العراق تمزق وأصبح فرقًا وأشلاء" هذا ما يراه الكاتب إيوجين جاريكى، فى كتابة "الطريقة الأمريكية فى الحرب.. قذائف موجهة ورجال مضللون.. وجمهورية فى خطر"، وترجمه عبد المنعم عبيد، والصادر عن المركز القومى للترجمة.
وحول كيف ولماذا تخوض الولايات المتحدة الحروب، وتخلق أسبابها، وتطور أساليبها وتستمر فى شنها، تدور أسئلة كثيرة، ويعرف المؤلف كيف يطرح الأسئلة فى هذا الصدد، ويظل يتساءل حتى يحصل على إجابة، من خلال  حوارات مهمة، لتدهشنا هذه الإجابات الصادمة والكاشفة، ثم يطلب المؤلف من حكومته أن تعترف بمسئوليتها عن سوء استخدام القوة من خلال ما تكشف له الإجابات عن أسئلته من قصص سردها له مفكرون من سلاح الجو الأمريكى يحددون فيها ملامح وعناصر الطريقة الأمريكية فى الحرب .
 وبعد الحيرة الكبيرة التى تلت غزو العراق يتساءل جاريكى:كيف تصرفت الأنظمة السياسية والاقتصادية والعسكرية الأمريكية لكى تكون نتيجة ذلك هدم البنية الصناعية الماهرة للجمهورية الأمريكية، وإشاعة الاضطراب فى توازن القوى فيها، وزيادة تطاول الرئيس الأمريكى من أجل اتخاذ قرار الدخول فى الحرب ضد العراق ليعطل أداء الديمقراطية الأمريكية
وبحسب المؤلف، يبقى السؤال الأهم :لماذا شقت أمريكا طريقها إلى مطب الحرب التراجيدية فى العراق؟ هل كان ذلك تحت مبرر الرد على هجمات سبتمبر 2001، أم كانت من أجل الفوز بأعمال تجارية أفضل، لو أدى الأمر بنا إلى أن ندفن أولادنا وإخوتنا فى قبور وحيدة بعيدة عن أرض الوطن، وما الذى حول مواردنا وأمتنا إلى ترسانة واحدة ضخمة تنتج المزيد من أسلحة الحرب. بدلا مما كنا نصدره من مواد السلام؟ وكيف تمكن النظام الأمريكى فى النهاية من تضليل الأمة وزعزعة العالم .
 وقد صنع مؤلف الكتاب فى أول الأمر فيلما وثائقيا مهمًا موضوعه (لماذا نحارب)  وحصد فيلمه الجوائز ، وانطلق صانع الفيلم الوثائقى إلى أنحاء الولايات المتحدة ليناقش الأفكار الواردة فيه مع الخبراء فى كليات الحرب الأمريكية المرموقة، وعلى الأخص كلية (وست بوينت) فى نيويورك، والتى جرت فيها مناقشات عدة ومؤتمرات علمية عسكرية مدنية حاشدة ضمت أساتذة الفكر والعسكرية والطلاب والجنود الذين يجرى تعليمهم وتدريبهم ليخوضوا معارك الغد حول ما تضمنه الفيلم من أفكار ومشاهد، إذن الكتاب يمزج بين روح السينما وخاصية الكتابة ويبحث عن إجابة لأسئلة عديدة مطروحة منذ سنة 2003 حتى الآن وفيما يبدوا أنها ستظل مطروحة إلى أمد بعيد.
========================
" حنفي أوجي  :أسرار غولن".. كتاب جديد قديم يكشف أسرار الحركة 
2016-08-31 إسطنبول - الخليج أونلاين رابط مختصر
صدرت مؤخراً النسخة العربية من كتاب "التنظيم السري لفتح الله غولن"، الذي ألفه مدير الأمن العام التركي الأسبق، حنفي أوجي، قبل عشر سنوات.
ويشرح الكتاب قصة التغلغل الخطير لمنظمة غولن في أجهزة الدولة، كما أنه يوضح موقف المؤلف من الأخطاء الأيديولوجية التي يرتكبها حزب العمال الكردستاني بحق قوميته الكردية والدولة التركية.
وقسم المؤلف كتابه إلى قسمين جعل الأول عن مخاطر حزب العمال الكردستاني وأخطاء الدولة التركية في طرق معالجتها، في حين جعل القسم الثاني لمخاطر التنظيم السري لفتح الله غولن.
ويمارس التنظيم السري لجماعة غولن دور الوصاية على الدولة والحكومات المنتخبة، كما أن الفساد الذي تعاني منه الدولة التركية كان يرعاه تنظيم الكيان الموازي، وهو اللقب الذي يطلق على منظمة غولن، بحسب الكتاب.
ويرى المؤلف أن هذا الفساد استشرى إلى درجة جعلته يحاول سرقة الدولة كلها من خلال الانقلاب العسكري الأخير الذي أفشلته يقظة الشعب.
ويعتبر الكتاب، الذي طبع عشر مرات ونشر في تركيا قبل الانقلاب مراراً، أحد روافد وعي الشعب التركي بهذا التنظيم السري قبل الانقلاب وبعده، كما أن الرئيس التركي أردوغان كان على علم بقصة المؤلف حنفي أوجي مع الكيان الموازي منذ زمن بعيد.
ويرى المؤلف أن مفتاح الحل الديمقراطي للمجتمع التركي هو في حل المشكلة الكردية، والتي تجسدت في إخراج عبد الله أوجلان، رئيس تنظيم "PKK"، من السجن؛ فهو وحده الذي ينهي العمل المسلح ويوقف التفجيرات، بل ويخرج المقاتلين من أعالي الجبال، برأي المؤلف.
هذا الحل لا يقترحه المؤلف على الحكومة التركية فقط، وإنما على تنظيم PKK أيضاً، ففكرة الدولة المستقلة والانفصالية أصبحت من أفكار الماضي، كما قال ذلك أوجلان نفسه.
وقد جعل المؤلف كتابه رسالة في الدعوة إلى الانفتاح الديمقراطي الذي يجعل كل فئات الشعب تشارك في بناء الدولة وتشكيل مجلس النواب والحكومة ديمقراطياً، وإلى أن تكون كل الحقوق المدنية والقومية والثقافية للجميع؛ لكون هذه المطالب هي من شروط الاتحاد الأوروبي لانضمام تركيا إليه.
ويعتبر الكتاب كشف معلومات عن أساليب عمل جماعة غولن التي يعايشها الناس ولا يعرفون أهدافها.
وقد أضاف مترجم الكتاب ومقدمه محمد زاهد جول، أهمية أخرى لقراء الكتاب باللغة العربية؛ فهو معروف في الأوساط العربية العلمية والأكاديمية والإعلامية والسياسية.
========================
توم بورغيس  :آلة النهب.. أسياد الحرب وسرقة ثروات إفريقيا
تاريخ النشر: 27/08/2016
تأليف: توم بورغيس - عرض وترجمة: نضال إبراهيم
تعاني القارة السمراء حروباً وأزمات وصراعات عرقية ودينية مستمرة، يعتقد البعض أن السبب هو شعوب تتناحر فيما بينها، إلا أن الصحفي توم بورغيس من خلال تعمقه في دهاليز السلطة والحكم والفساد في عدد من الدول الإفريقية، يبين أن الثروات الطبيعية العظيمة لإفريقيا أصبحت لعنتها، وتسعى إليها أيادٍ خفية من دول استعمارية، تمنهج الأزمات والنزاعات، وتفرض حياة مريرة على أولئك الذين يعيشون في ظل تلك اللعنة. ويوضح كيف أن أسياد الحروب من النخبة الفاسدة في القارة سخروا كنوز إفريقيا لخدمة القمع ووأد الديمقراطية، في تواطؤ مع الشركات متعددة الجنسيات وكبار رجال الأعمال من الشرق والغرب.
يتألف الكتاب من عشرة أقسام، يتوقف المؤلف في كل فصل على عدد من المشاهد والمواقف التي مرت معه في الدول الإفريقية التي عمل فيها مراسلاً، ويقدم عن قرب مشاهداته عما عاشته مجتمعات من عنف إثني ووحشية على يد أصحاب الامتيازات والنخبة الحاكمة.
يشير الكتاب إلى أن التجارة في النفط والغاز، والأحجار الكريمة والمعادن النادرة، أشاعت الفوضى الكبيرة في إفريقيا، فخلال السنوات التي طوّرت فيها البرازيل والهند والصين وغيرها من «الأسواق الناشئة» اقتصاداتها، ظلت الدول الإفريقية الغنية بالموارد مقيّدة بسلسلة الإمدادات الصناعية، وعانت أزمات سياسية وصراعات عرقية، وفي الوقت الذي تمثل إفريقيا نحو 30 في المئة من احتياطات العالم من النفط والغاز والمعادن، و14 في المئة من سكان العالم، بلغت حصتها من التصنيع العالمي في عام 2011 - كما كانت في عام 2000 - واحداً في المئة.
يعدّ هذا الكتاب الأول للصحفي توم بورغيس وعنوانه الأصلي هو «آلة النهب: أسياد الحرب، الأوليغارشيون والشركات والمهربون، وسرقة ثروات إفريقيا» في 368 صفحة من القطع المتوسط، يحاول فيه أن يكشف حقيقة معجزة التنمية الإفريقية، خاصة فيما يتعلق بالدول التي توجد بها موارد، وكيف أن ودائع النفط والنحاس والألماس والذهب والكولتان جذبت شبكة عالمية من التجار والمصرفيين، والشركات الاستثمارية التي تتعاون مع عصبة سياسية من المرتشين لنهب ثروات وخيرات هذه الدول. كما أن تقلبات الاقتصادات المعتمدة على الموارد يمكن أن تعيد الطبقة الوسطى الجديدة في إفريقيا مرة أخرى إلى العوز بطريقة أسرع مما صعدت. ويصف الكاتب ذلك بأن «الأرض تحت أقدامهم غير مستقرة مثل منجم كونغولي، فالازدهار يمكن أن يضيع كما لو أنه نفط خام يتسرب من خط أنابيب مثقوب».
لعنة الموارد
 
يوضح الكاتب أن التفكك الاجتماعي الكارثي في إفريقيا ليس مجرد استمرار لماضي إفريقيا كضحية استعمارية، مبيناً أن النهب الآن يجري بوتيرة متسارعة كما لم يحدث من قبل. ومع تزايد الطلب العالمي على موارد إفريقيا، تصبح مجموعة من الأفارقة غنية بطريقة مشروعة، إلا أن الأغلبية العظمى، مثل القارة ككل، تعاني الفقر، بسبب السلب والنهب. ويقول: «يعتقد العالم الخارجي أن إفريقيا تشكل أكبر مصبّ للأعمال الخيرية، ولكن بالنظر عن قرب في صناعة الموارد، والعلاقة بين إفريقيا وبقية العالم يبدو الأمر مختلفاً إلى حد ما. في عام 2010، بلغت صادرات الوقود والمعادن من إفريقيا 333 مليار دولار، أكثر من سبعة أضعاف قيمة المساعدات التي ذهبت في الاتجاه المعاكس. ولكن من حصل على المال؟ مقابل كل امرأة فرنسية تفقد حياتها أثناء الولادة، تموت 100 امرأة في النيجر وحدها، المستعمرة الفرنسية السابقة، التي يغذي اليورانيوم الموجود في أرضها المفاعلات النووية الفرنسية».
ويضيف: «في دول نفطية مثل أنغولا ثلاثة أرباع الإيرادات الحكومية تأتي من النفط، ولا يتم تمويل الحكومة من قبل الشعب، ونتيجة لذلك لا تدين بالفضل لهم. ومجموعة من البلدان الإفريقية التي تعتمد اقتصاداتها على الموارد هي دول ريعية، حيث تعمل شعوبها كالعبيد في الأرض. لعنة الموارد لم تتشكل من مجرد بعض الظواهر الاقتصادية المؤسفة، بل هي منتج قوة غامضة. إن ما يحدث في الدول الإفريقية ذات الموارد هو نهب منظم»، ويعلق: «كما للضحايا أسماء، للمستفيدين أيضاً أسماء».
 
شبكات مشبوهة
 
يتناول بورغيس قصة أكثر الشبكات غموضاً بإدارة شخص يدعى سام با، وهو وسيط غامض له ارتباطات مشبوهة سياسية واقتصادية في بكين، حيث ساعد في خلق الفرصة لتشكيل رابط قوي بين المسؤولين الصينيين وأكبر موردي النفط لها وهي أنغولا. قام سام با مع عدد من المسؤولين في أنغولا بتأسيس شركة طاقة حكومية، وهي سونانغول الصينية. كما يشير إلى أنه عبر شبكة من الشركات الغامضة المسجلة في هونغ كونغ وضعت «فوتونغو» (وهو لقب يطلق على النخبة في مدينة لواندا) نفسها في آلية خارجية شقت الطريق أمام السلطة السياسية في إمبراطورية الشركات الخاصة التي كان سام با وأصدقاؤه من مؤسسي مجموعة «غوينسوي»، قد بدؤوا بالتجمع.
ويشير إلى أن سام با أجرى صفقات في إفريقيا مع حاكمين كانا بحاجة ماسة إلى أموال نقدية لقمع المعارضة ضد حكمهما، وهما زعيم الانقلاب في غينيا النقيب موسى داديس كامارا، والثاني هو روبرت موغابي رئيس زيمبابوي، ويوضح أن المشروع المشترك لسام با مع المخابرات السرية لزيمبابوي، والذي قدم من خلاله أموالاً نقدية لهم، هو عملية طرد العمال من منجم ألماس خام، وتحويله إلى مغزل كبير لأموال الحكومة، وذلك لدعم الحملات الانتخابية.
ويتوقف بورغيس عند منتجين بارزين في القارة قاما بمأسسة عملية النهب من خلال شركتي الطاقة الحكومية، وهما شركة النفط الوطنية النيجيرية، ونظيرتها الأكثر كفاءة في أنغولا، سونانغول، مع تعاون من الشركات الغربية، حيث يكشف مع الأدلة أن سونانغول رخصت حقلاً نفطياً ضخماً لشركة محلية مملوكة من قبل أحد كبار التنفيذيين في الدولة وهو، مانويل فيسنتي، واثنين من كبار ضباط الجيش. وهذان الضابطان اعترفا قائلين إن هذه هي الطريقة التي تنجز بها الأعمال في أنغولا. وسبق أن نشر المؤلف في صحيفةفاينانشال تايمزمقابلة مع فيسنتي، مع صورة يبتسم فيها مع الأسلحة الموجودة من حوله، ويشغل الآن منصب نائب رئيس البلاد. ويقول معلقاً: «قضايا فساد بارزة أخرى تبقى بعيدة عن المحاسبة. في أغسطس/ آب 2015، أعلنت شركة كوبالت الدولية للطاقة أنها كانت تبيع حصصها في النفط الأنغولي الخارجي إلى سونانغول. ووافقت سونانغول على أن تدفع لكوبالت 1.8 مليار دولار من أموال الأنغوليين لأجل الحصص». ويضيف: «أسقطت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية تحقيقها المدني في تعاملات كوبالت الأنغولية، لكن هذه التهمة الجنائية لا تزال مستمرة في وزارة العدل. على الرغم من أن ثلاثة من أكثر الرجال النافذين في أنغولا اعترفوا في الكتابة إليّ أنهم امتلكوا حصصاً سرية في مشروع النفط الخارجي لكوبالت، إلا أنه لم يتهم أي واحد منهم بالفساد. وتستمر كوبالت بإنكار هذه التجاوزات، وتقول إنها لم تكن تعرف عن الحصص السرية للمسؤولين».
 
تقلّص المؤسسات الديمقراطية
 
يشير بورغيس أيضاً إلى أنه «في أمكنة أخرى من إفريقيا تجد أن المؤسسات الديمقراطية الهشة تتقلص. ففي الكونغو، كانت المحاولات الواضحة لرئيسها جوزيف كابيلا لتوسيع حكمه ما وراء الحدود الدستورية، لأجل وضع مخطط زمني لإطلاق انتخابات. إنه جزء من النزعة المتنامية بين الدول الإفريقية، حيث آلة النهب تعمل فيها، حكّام مثل كابيلا، وحكّام بوروندي وراواندا، إما تجاهلوا الحدود المصممة لمنع الدكتاتورية أو يبدو أنهم يحاولون أن يفعلوا ذلك». ويضيف: «كما السابق، القليل أسقطوا الاتصال بين الاضطرابات السياسية في هذه البلدان والصناعات العالمية التي تغذت على مواردهم الطبيعية».
ويقول إن «للفساد وغسل الأموال طريقة في التطور، ومن دون شك سوف تشق طريقها مرة أخرى، إلا أنه ما من سبب في عدم المحاولة للقضاء على كل تحوّل. ربما، مع ذلك، ازدهار صناعة التعدين والنفط يولد فساداً أكثر من أي وقت آخر في الاقتصاد العالمي، وهذا الفساد في طريقه إلى الانخفاض، ليس لأن هذه الصناعة تصبح أنظف، بل لأنها تتضاءل». ويشير كذلك إلى أن هؤلاء الذين يتحكمون بالنفط والصناعات المعدنية يتحكمون بوصول الفاسدين إلى الاقتصاد العالمي. والانخفاض في أسعار البضائع دفع حكام هذه الدول الإفريقية ذات الموارد إلى تخفيض الإنفاق على الخدمات العامة. لكن حينما جاء الأمر إلى استدامة حكمهم، جعلت الظروف الصعبة تزيد من عزمهم. ويقف عند أشكال التهم الموجهة للمعارضين وناشطي حقوق الإنسان في أنغولا، مستشهداً بأحد الناشطين، وهو مغني راب يدعى لواتي بيراو لم تتم محاكمته، فأعلن الإضراب عن الطعام 36 يوماً، وفي النهاية وجّهت له الدولة تهماً تتعلق بالاشتراك في مؤامرة للإطاحة بالرئيس. وجريمتهم الفعلية كانت الحضور ضمن مجموعة لقراءة كتاب سياسي ولدراسة نصّ محدّد، كان دليلاً عن المقاومة السلمية كتبه المفكر السياسي الأمريكي جين شارب بعنوان «من الدكتاتورية إلى الديمقراطية».
ويحلل الكاتب أيضاً في «آلة النهب» فشل برنامج «التمكين الاقتصادي الأسود» (BEE) في جنوب إفريقيا، فيما يتعلق بالسياسات الرئيسية لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي لإعادة توزيع ثروة البلاد تحت حكم الأغلبية. وقد وفّر برنامج «التمكين الاقتصادي الأسود» الملايين في الصفوف العليا من حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الذين قايضوا سجلات التحرير للحصول على مقعد في مجلس إدارة شركات يسيطر عليها البيض، لكنها تركت الكثير من أتباعها السود بخيبة أمل. وأدى الاضطراب الصناعي الناشئ إلى مذبحة للعمال من قبل الشرطة في منجم البلاتين التابع لشركة لونمين في ماريكانا بجنوب إفريقيا، ما ساهم في كشف فساد النخبة الرأسمالية.
 
يتوقف الكاتب أيضاً عند تقرير للبنك الدولي على انعدام التنمية بسبب سياسة مؤسسات «بريتون وودز» لتحرير صناعة التعدين في إفريقيا. ويستشهد بقول لمصرفي في غانا: «الناس يتساءلون: كيف لبلد توجد فيه صناعة التعدين منذ مئة سنة ولا يستفيد منها السكان شيئاً»، ويوضع هذا الأمر في منظور تاريخي يوضح النهب المعاصر الذي يحدث، مشيراً إلى أنه في عالم اليوم يستفيد الجميع من الثروات الطبيعية في إفريقيا، إلا شعبها، مؤكداً أن هذا يدل على «أننا جميعاً متواطئون بشكل أو بآخر»، في إشارة إلى النخبة والحكومات الغربية ودورها المخفي في أزمات إفريقيا السياسية والاقتصادية، ودعمها للانقلابات، وتزويد أسياد الحروب بالمال والأسلحة لخلق النزاعات العرقية والدينية التي راح ضحيتها الملايين. تأتي قوة هذا الكتاب في أنه يجمع بين سرد متماسك في سياق تحليلي للقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية على نحو مدروس، مع توضيح كيف أن عملية تدفق رأس المال تسير بطريقة مدبرة من قبل الشركات متعددة الجنسيات، عبر ممارسات اقتصادية واتفاقات سياسية مشبوهة في الغالب.
 
نبذة عن المؤلف
صحفي وكاتب سياسي واقتصادي، قام بتغطية أبرز الأحداث في إفريقيا منذ عام 2006، وغالباً لمصلحة صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية في مقرها لأول مرة في جوهانسبرغ ثم في لاغوس. وكتب تقارير عن الانقلابات والصراعات السياسية والإثنية من مدغشقر إلى غينيا، والحروب على النفط والوقود والصناعات المعدنية من شرق الكونغو لدلتا النيجر. ورصد في تقاريره العديد من التفاصيل المؤلمة في إفريقيا، إلى درجة أنه قد نزل إلى أعمق منجم في العالم في جنوب إفريقيا، ودخل حقول الألماس في زيمبابوي. ويعمل حالياً مراسل تحقيقات صحفية في «فاينانشال تايمز» بمقرها في لندن. وقد فاز بورغيس على تحقيقاته الصحفية بالعديد من الجوائز، من بينها جائزة «جمعية الناشرين في آسيا»، ووصل إلى القائمة القصيرة للمرشحين لنيل جائزة الصحافة الأوروبية، وجائزة الصحافة البريطانية.
========================
بنيامين غروب فيتزجيبون  :انجراف قاري.. بريطانيا وأوروبا من نهاية الإمبراطورية إلى الانفصال
تاريخ النشر: 03/09/2016
استمع
 
تأليف: بنيامين غروب فيتزجيبون - عرض وترجمة: نضال إبراهيم
في أعقاب الحرب العالمية الثانية، كان رئيس وزراء المملكة المتحدة ونستون تشرشل (1940 - 1945) يسعى لقيادة أوروبا إلى اتحاد متكامل، لكن بعد أكثر من سبعين عاماً من ذلك التاريخ، صوتت بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي.
يحاول الكاتب بنيامين غروب فيتزجيبون أن يروي في عمله هذا تاريخاً من الاضطرابات في علاقة بريطانيا المتوترة مع القارة الأوروبية منذ نهاية الحرب، ويشير إلى أن وجهات النظر البريطانية حول مكان المملكة المتحدة في أوروبا، لا يمكن فهمها خارج سياق إنهاء الاستعمار، والحرب الباردة، والعلاقة الأنغلوأمريكية، كما يتوقف عند محاولات السياسيين البريطانيين في ترويج «العظمة» وترسيخها بين الشعب البريطاني بهدف إقناعهم بدعم الحروب الخارجية، رغم عدم شرعيتها.
في نهاية الحرب العالمية الثانية، كان البريطانيون ينظرون إلى أنفسهم على أنهم قادة إمبراطورية عظيمة والمركز الطبيعي لأوروبا، ومع انهيار الإمبراطورية البريطانية وتشكيل «الجماعة الاقتصادية الأوروبية»، طوّر البريطانيون نظرية الشكوكية الأوروبية، التي لم تكن منفصلة عن حنين ما بعد الإمبراطورية. بريطانيا تطورت من كونها جزيرة الأوروبيين الإمبرياليين إلى واحدة من المشككين في أوروبا ما بعد الإمبريالية.
يحتوي الكتاب الصادر حديثاً عن مطبعة جامعة كامبردج في 600 صفحة من القطع المتوسط، على مقدمة طويلة وجزأين يحتويان على 17 فصلاً. ويأتي الجزء الأول بعنوان «الأوروبيون الإمبرياليون» مؤلفاً من: «عالم غير مترابط»، أوروبا السيد تشرشل، استجابة السيد بيفن، المشكلة الألمانية، أوروبا مقسمة؟، المفاجأة القارية وسقوط حكومة حزب العمال، وقائع الحكومة، الفرنسي الخائن، انحدار وسقوط الأوروبيين الإمبرياليين.
أما الجزء الثاني فقد جاء بعنوان «المتشككون في أوروبا ما بعد الإمبريالية»، يتكون من: «في الستينات والسبعينات»، نحو سوق مشتركة، صعود مناهضة تجار السوق، كسوف الإمبراطورية واحتضان أوروبا، ورفض بريطانيا، دخول الأرض الموعودة؟ بريطانيا تنضم إلى أوروبا، مواسم السخط، أوروبيون بنصف قلوب، السيدة تاتشر، جون ميجور والطريق إلى الاتحاد الأوروبي، وينتهي الكتاب بخاتمة تحت عنوان «ما بعد بريطانيا الإمبريالية وصعود الشكوكية الأوروبية».
برنامج سياسي
 
يقول الكاتب في مقدمته: في ظهيرة يوم 7 مايو/أيار 1948، تحدّث ونستون تشرشل إلى 750 مندوباً في المؤتمر الأول لأوروبا، قائلاً: «هذه ليست حركة الأحزاب بل حركة الشعوب»، «إذا كان هناك تنافس بين الأحزاب، فليكن لمعرفة أي حزب سوف يميز نفسه أكثر لأجل قضية مشتركة». وقد دعي الجميع إلى المؤتمر بصفة فردية، علاوة على أن هذا المؤتمر، وأية استنتاجات قد يتوصل إليها، تكون لأجل صوت موحد لأوروبا. وشمل هذا المؤتمر مندوبين من مشارب مختلفة: «رجال دولة من جميع الأحزاب السياسية، شخصيات بارزة من جميع الكنائس، وأشهر الكتّاب، وقادة المهن الحرفية، ومحامون، وكبار الصناعيين، وأبرز النقابيين». لقد كان السبب المشترك لتجمعهم هو أوروبا الموحدة، وحينها ناشدهم تشرشل، الرئيس الفخري لهم، بالقول: «تعاونوا معاً ووحّدوا الحظ والرفاقيّة»، وإذا فعلوا ذلك، حينها كل أوروبا قد «تنتقل إلى عصر مشمس أكثر سعادة».
كان تشرشل يتحدث في لاهاي ليس زعيماً لحزب المحافظين والمعارضة الموالية للملك، ولا كرئيس وزراء بريطانيا السابق، ولكن كمواطن من أوروبا. والوفد البريطاني الذي قاده شمل اللورد لايتون والسيدة فيوليت بونهام كارتر، والنقابي بوب إدواردز ونواب حزب العمال كينيث ليندساي وليزلي هيل، والمحافظون ليوبولد آميري، روبرت بووثبي، والسيدة ريس ويليامز وهنري هوبكنسون.
وانضم هؤلاء البريطانيون إلى كبار الشخصيات الأوروبية الأخرى مثل ليون بلوم، جان مونيه، بول رينو، كونراد أديناور، بول هنري سباك، وبول فان زيلاند، حيث أصبحت هذه الأسماء مرادفة لقضية الوحدة الأوروبية، حتى أن الفاتيكان أرسل ممثلاً عنه بدعم جميع الأحزاب البريطانية والوفود.
وافق المؤتمر المؤلف من مندوبين وممثلين عن 15 دولة أوروبية على البرنامج السياسي الذي التزم المندوبون العمل به من أجل «سياسة موازية لاتحاد سياسي أوثق»، الذي من شأنه إن عاجلاً أو آجلاً أن ينطوي على تنازل أو على نحو أكثر دقة، ممارسة مشتركة لبعض القوى السيادية، وفي المجال الاقتصادي، اتفقوا على أن دول أوروبا يمكن إنقاذها باتحاد اقتصادي كامل، وتوفير سوق واحدة للعمل والإنتاج والتجارة. وأخيراً، أعلن المؤتمر أنه لا خطة للاتحاد الأوروبي ذات قيمة عملية دون مشاركة فعّالة من بريطانيا العظمى. المملكة المتحدة هي جزء لا يتجزأ من أوروبا. وأي اتحاد أوروبي في المستقبل سيكون متكاملاً سياسياً واقتصادياً على حدّ سواء مع وجود بريطانيا العظمى في قلبه».
 
حنين إلى الإمبراطورية
 
ويشير الكاتب إلى أنه من الصعب أن نتصور، بعد ما يقارب سبعين عاماً، أنه في أعقاب الحرب العالمية الثانية، بريطانيا - وهي بريطانيا الإمبريالية، المتحالفة بشكل وثيق مع الولايات المتحدة وتتعامل مع بدايات الحرب الباردة - سعت لقيادة أوروبا في اتحاد متكامل. ربما يكون أصعب من ذلك فهم أن الإمبريالي بامتياز ونستون تشرشل أطلق لأول مرة عبارة «الولايات المتحدة الأوروبية»، وشجع الفرنسيين والألمان وغيرهم من الأوروبيين على وضع خلافاتهم جانباً والعمل معاً في قضية مشتركة بدلاً من ذلك.
ويتطرق فيتزجيبون إلى أنه في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، عندما دعا رئيس المفوضية الأوروبية، خوسيه مانويل باروسو، رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون لإظهار نوع من الشجاعة السياسية والرؤية التي كان ونستون تشرشل يتحلى بها - نقلاً عن بيانه 1948 يجب ألا يقل هدفنا في مجمله عن اتحاد أوروبا - لقي مقاومة من كبار السياسيين البريطانيين المشككين في الاتحاد الأوروبي، ومنهم نايجل فاراج القيادي في حزب استقلال المملكة المتحدة، حتى أنه اتهم باروسو بخطف عبارة واحدة قالها تشرشل، لإخراجها من السياق بحيث يتم تصويره على أنه من مناصري اتحاد سياسي في أوروبا. كما أنه في خضم الحملة الانتخابية في 2010، أشار زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي نيك كليغ إلى أن صعود حزب الاستقلال والجناح المتشكك في الاتحاد الأوروبي من حزب المحافظين يمكن أن يكون أفضل وأوضح رد فعل على فقدان الإمبراطورية. بينما بالنسبة للقارة الأوروبية كان إنشاء الاتحاد الأوروبي «انتصاراً مطلقاً للسلام على الحرب، وللديمقراطية على الطغيان»، وبالنسبة لبريطانيا كان «إقراراً بالضعف». وأشار نيك كليغ إلى أن العداء البريطاني المستمر لمشروع الاتحاد الأوروبي، ارتبط ارتباطاً وثيقاً بالحنين البريطاني لزمن الإمبراطورية. ولم يكن هذا الرأي لزعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي وحده. فقبل ثلاث سنوات، أعلن ستيوارت هول - رئيس التحرير المؤسس لمجلة «اليسار الجديد»، والمنظر الثقافي البريطاني البارز - أن «فكرة» عظمة «بريطانيا العظمى» ذاتها مرتبطة مع الإمبراطورية.
ويعلق الكاتب: «يمكن أن تبقى قضية الشكوكية الأوروبية والقومية الإنجليزية الضيقة المناصرة لإنجلترا والمعادية للإمبراطورية البريطانية على قيد الحياة، إذا فهم الناس لمن السكر الذي يجري في دمائهم الإنجليزية وسوّس أسنانهم».
 
ويضيف: «تلك الشكوكية الأوروبية كانت منغمسة في مفاهيم العرق والإمبريالية، وكانت من البديهيات لكل من نيك كليغ وستيوارت هول. بعض المشككين الشعبيين في أوروبا شجعوا مثل هذه الانتقادات من اليسار. على سبيل المثال، دانيال هنان، عضو المحافظين في البرلمان الأوروبي عن جنوب شرقي إنجلترا، وكثيراً ما يتخلل كلامه التعليق على أخطاء الاتحاد الأوروبي مع الثناء على الإمبراطورية. وفي الوقت نفسه، المدافعون المعروفون عن الإمبراطورية البريطانية مثل المؤرخين نيال فيرغسون وأندرو روبرتس اللذين كتبا على نطاق واسع عن معارضتهما للتلاحم البريطاني الأعمق مع القارة الأوروبية، إذ يدينان الاتحاد الأوروبي بأنه غير ديمقراطي، وغير مسؤول. حتى أن الصحفي البريطاني والتر باجيت لاحظ الارتباط بين الشكوكية الأوروبية المعاصرة والحنين إلى الزمن الإمبراطوري. بالنسبة للطبقة السياسية والسلطة الرابعة، فمن الشائع أن صعود الشكوكية الأوروبية قد سار جنباً إلى جنب مع انهيار الإمبراطورية البريطانية.
 
علاقة ضعف أم قوة؟
 
يحاول المؤلف أن يروي في عمله هذا قصة علاقة بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية مع القارة الأوروبية، حيث يبقي على السياق الأوسع للشؤون الخارجية البريطانية ومكانة بريطانيا في العالم بقوة في المشهد العام. ويشير إلى أن علاقة بريطانيا مع القارة الأوروبية تشكلت بشكل وثيق من خلال تعامل حكومة نهاية الإمبراطورية، من خلال تصورات الجمهور المتغيرة لمكانة بريطانيا في العالم، ومن خلال بحث الدولة عن تحديد ما يعنيه أن تكون بريطانياً أوروبية في أعقاب كل من الحرب والإمبراطورية. ويقترح أنه في عالم ما بعد الحرب مباشرة، السياسيون البريطانيون وموظفو الخدمة المدنية والجمهور على العموم رأوا الهوية البريطانية بأنها أوروبية وإمبراطورية على حد سواء. لم يكن هناك أي تناقض بين أن تكون قوة إمبريالية، أي باعتبارها جزءاً من العالم الأطلسي الناطق بالإنجليزية ودولة أوروبية في الوقت نفسه. شكلت هذه الهوية نهجاً لسياستها المحلية والدولية، وإدارتها نهاية الإمبراطورية وارتباطها مع القارة الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية. ومع ذلك، من منتصف خمسينات القرن الماضي إلى السبعينات، هذه الهوية والنظرة العالمية التي ألهمت الآخرين شهدت تحدياً من انحدار الإمبراطورية وإنهاء الاستعمار بشكل نهائي، ومن إنشاء المجموعة الاقتصادية الأوروبية على أساس فهم أوروبا أن معظم البريطانيين بشكل عام لم يشاركوها، ومن حرب باردة جعلت المملكة المتحدة أقرب من أي وقت مضى إلى الولايات المتحدة. وهذه التحديات توضحت من خلال تغيير في القارة الأوروبية نفسها، مع التحول إلى الهوية الأوروبية التي لم تعد تستند على الإمبريالية / الاستعمار، وكانت شكوكية بشكل متزايد حيال نظرة عالمية أطلسية. وما يزيد الأمور تعقيداً، أن ذهبت هذه الفكرة من أوروبا عبر العديد من التكرارات من 1940 إلى 1960 - كلاهما داخل المملكة المتحدة والقارة - ضامنة أنه لم تكن فقط النظم العقائدية الأساسية من البريطانيين في حالة تغير مستمر خلال هذه السنوات، إلا أن مفهوم أوروبا نفسه كان يتغير باستمرار ويتطور.
 
«العظمة» في خدمة الحرب
 
يلخص الكاتب أبرز الأحداث والروايات والآراء حول البقاء في الاتحاد الأوروبي والخروج منه، وكيفية تعامل فئة من السياسيين مع مسألة الاتحاد مع القارة الأوروبية، ويقول: «في نهاية الحرب العالمية الثانية، اعتقد الكثير من البريطانيين أن مسؤولية المملكة المتحدة كانت قيادة ليس فقط الإمبراطورية البريطانية والكومنولث، بل أوروبا أيضاً. من خلال القيام بذلك (وعن طريق الحفاظ على «العلاقة الخاصة» مع الولايات المتحدة على حالها)، يمكن أن تتحرك بريطانيا نحو مفهوم المجتمع والحوكمة العالمية ما بعد الحرب، مع ضرورة أن تمسك بريطانيا بحزم بمقاليد الأمور. بالنسبة للبريطانيين في هذه السنوات، لم يكن التلاحم الأكبر مع القارة الأوروبية بديلاً عن الإمبراطورية، بل فرصة لتمديد مهمتها الإمبراطورية جنباً إلى جنب، فضلاً عن تعزيز العلاقات مع دول الكومنولث. بعد سبعين عاماً، غابت الإمبراطورية فترة طويلة، وفقدت الكومنولث أهميتها السياسية، وسمعة المملكة المتحدة في أوروبا أصبحت إلى حد كبير بمثابة الفرامل الأطلسية على الطموحات الأوروبية».
ويقول في خاتمة عمله: «هذا التراث من العظمة» تطور في أذهان البريطانيين، إلى درجة أنه أصبح شعوراً قومياً أصر على فصل بلادهم عن الآخرين في القارة الأوروبية، وهذه الصيغة من التفكير لم تمنعهم من الإبحار 8 آلاف ميل عبر جنوب المحيط الأطلسي لاستعادة قاعدة استعمارية صخرية من الأرجنتين. لقد كان نمطاً راسخاً من السلوك ساهم فيما بعد في تشجيع السياسيين البريطانيين أن يروا أنهم من واجبهم ومن مسؤولياتهم أن يدخلوا في حروب أبعد ليؤكدوا حضورهم العالمي.
وينتقد توني بلير رئيس الوزراء الأسبق الذي حض على الحرب في العراق، وذلك من خلال مقاطع من سيرته الذاتية، حيث يشجع على الحرب من خلال تأكيد عظمة البريطانيين وقيمهم الراسخة في التمدد إلى كل أصقاع العالم، موحياً أن هذا الكلام يرتبط ارتباطاً وثيقاً من جهة باللوبيات التي دعمت الحرب على العراق وخلفت الكوارث فيه، لإقناع الرأي لعام بضرورة الحرب وأهميتها في أمنهم القومي، رغم عدم شرعيتها، وهو ما أكدته التقارير الأخيرة، وأبرزها «تشيكلوت» من أن بلير شجع على الحرب من دون أن تكون بريطانيا مجبرة على الدخول فيها، وأن تأخذ جنودها إلى مستنقع الموت في الشرق الأوسط.
 
========================
لورانس رايت :سنوات الإرهاب.. الجهاديون وجهود المحققين
تاريخ النشر: الجمعة 02 سبتمبر 2016
بعد كتابه الناجح حول هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة الأميركية عام 2011، والذي حظي بإشادة واسعة من قبل النقاد عقب صدوره في عام 2006، والذي استحق عنه نيل جائزة بوليتزر الشهيرة، يعود الكاتب والصحافي الأميركي لورانس رايت إلى موضوع الإرهاب من خلال كتاب آخر ليس هو بالجديد تمام الجدة، ذلك أن أحدث إصدارات «رايت» هو كتابه الذي نعرضه هنا وعنوانه «سنوات الإرهاب: من القاعدة إلى داعش»، وهو عبارة عن مجموعة من المقالات تتناول بالتحليل قضايا ومشكلات ذات صلة بظاهرة الإرهاب، وقد سبق أن نشرها خلال الفترة بين عامي 2002 و2015 في مجلة «ذا نيويوركر» الأميركية. وفي مقدمة كتابه الجديد، يعرب المؤلف عن أمله في أن يكون هذا الكتاب مفيداً لكل من يرغب في الاطلاع على «تطور الحركة الجهادية منذ سنواتها الأولى وإلى اليوم، وكذلك الأعمال التي قام بها الغرب في محاولة لاحتواء الظاهرة والقضاء عليها».
ثلاثة من هذه المقالات كانت قد وردت بشكل مختلف بعض الشيء ضمن كتاب سابق لرايت عنوانه «البرج الذي يلوح في الأفق»، وهي: «الرجل الذي وراء بن لادن»، وقد تناول فيه شخصية الزعيم الحالي لتنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري، و«محارب الإرهاب»، وهو حول عميل جهاز الـ«إف بي آي» المتخصص في محاربة الإرهاب «جون أونيل»، والذي كان مهووساً بـ«القاعدة»، وقد مات تحت أنقاض البرجين التوأم يوم 11 سبتمبر 2001، وأخيراً مقال «العميل» والذي يلقي فيه الضوء على عميل الـ«إف بي آي» الأميركي من أصل لبناني «علي سفيان»، الذي كان واحداً من بين قلة من المحققين الأميركيين في قضايا الإرهاب الذين يجيدون العربية وقد عمل عن قرب مع «أونيل».
أما بقية المقالات، فهي زمنياً تعد أحدث بعض الشيء، لذلك فهي تهتم بجوانب مختلفة من «الحرب على الإرهاب» منذ الحادي عشر من سبتمبر، ومنها: «شبكة الإرهاب» الذي يسلط فيه الضوء على الطريقة التي ردت بها إسبانيا على تفجيرات مدريد عام 2004، والتي أسفرت عن مقتل 191 شخصاً، ودفعت البلاد إلى سحب قواتها من العراق، و«المخطط الكبير» الذي يركّز على الجيل الثاني من مخططي «القاعدة» الاستراتيجيين، خاصة على «أبي مصعب السوري»، الذي خلص إلى أن هجمات الحادي عشر من سبتمبر مثّلت كارثة بالنسبة للتنظيم، فاجترح الرجل في عام 2005 خططاً لمستقبل «القاعدة» تدعو من جملة ما تدعو إليه إلى إقامة خلافة إسلامية من النوع الذي أعلنه تنظيم «داعش» في عام 2014. ثم مقال «التمرد الداخلي» الذي يركز على متمرد آخر من «القاعدة» هو الطبيب المصري «سيد إمام الشريف»، المشهور بلقب «دكتور فضل»، الذي كان واحداً من أكثر منظِّري «القاعدة» الأيديولوجيين تأثيراً. «دكتور فضل» سُجن في مصر، ومن داخل زنزانته ألف كتاباً في عام 2008 ينبذ عنف «القاعدة». وكان يبدو أن مقال رايت، الذي كُتب في 2008، يذهب إلى أن تمرد «دكتور فضل» قد يؤشر على تخل وشيك عن الإرهاب من جانب التنظيمات الإسلامية المتشددة، لكن ذلك لم يحدث أبداً، بل إن تنظيم «داعش» فاق في ممارساته «القاعدة» عنفاً ووحشية.
أما المقال الأخير، فهو «خمس رهائن»، والذي نُشر في مجلة «ذا نيويوركر» العام الماضي، وهو الوحيد الذي يتناول «داعش»، التنظيم الذي حل محل «القاعدة» كأشهر تنظيم إرهابي في العالم. وفيه يصف رايت الجهود الخاصة الكبيرة التي بُذلت لتأمين الإفراج عن خمسة أميركيين مختَطفين في سوريا. فصل مؤلم نظراً لأن واحداً من أولئك الرهائن فقط، هو الكاتب المستقل «بيتر ثيوفيليس بادنوس»- عاد حياً بفضل تدخل الحكومة القطرية. أما الآخرون، فقد قُتلوا من قبل «داعش»، وفي حالات عديدة قام التنظيم بتصوير عمليات قطع رؤوسهم.
واللافت في هذا الكتاب أن المؤلف يبدو حاضراً في مقالاته كملاحظ محايد يقف على مسافة واحدة من الجميع، شخص يبدو كما لو أنه يسعى لفهم كل الأطراف. غير أن رايت، في الوقت نفسه، لا يفقد بوصلته الأخلاقية أبداً، إذ يكشف للقارئ خطر تنظيمات مثل «القاعدة» و«داعش»، ورغم انتقاده لقرار جورج دبليو بوش بغزو العراق، فإنه يبدو مؤيداً ومتفهماً لجهود محاربة الإرهاب.
محمد وقيف
الكتاب: سنوات الإرهاب.. من «القاعدة» إلى «داعش»
المؤلف: لورانس رايت
الناشر: نوف
تاريخ النشر: 2016
========================
إريك أورسينا :الحياة والموت.. سيرة عالم الأحياء لويس باستور
التاريخ:02 سبتمبر 2016
انتخب إريك أورسينا عضواً في الأكاديمية الفرنسية عام 1998، واحتلّ في تلك المؤسسة العريقة المقعد رقم 17 الذي كان يحتلّه عالم الأحياء الكبير «لويس باستور»، صاحب الاكتشافات التي أحدثت ثورة علمية في القرن التاسع عشر عبر اكتشافاته في مجال الصحّة وآليات التعقيم واختراع اللقاحات ومكافحة الأمراض.
وشاءت المصادفة أن يجد إريك أورسينا نفسه كل يوم خميس وعلى مدى 31 سنة مجاوراً في مقعده بالأكاديمية الفرنسية لفرانسوا جاكوب، الحائز جائزة نوبل للطب عام 1965. ذات يوم قال الطبيب لجاره الروائي ما مفاده: «بما أنك تحتل مقعد لويس باستور بمصادفة غريبة. فما عليك إذاً، سوى أن تبحث في زوايا مساره العلمي وتكتب سيرة حياته. هكذا ستجد نفسك مرغماً كي تتعلم الشيء القليل».
ولا يتردد أريك أورسينا في الاعتراف بأن الفضل في إنجازه كتاباً عن سيرة حياة لويس باستور، يعود إلى الطبيب حامل جائزة نوبل الذي رحل عام 2013، وأيضاً على قاعدة إدراكه لمدى «الجهل» الذي يعاني منه في مجال علوم الحياة ــ البيولوجيا ــ بشكل عام. وهو بالمحصّلة «مدين له»، وقد اختار لسيرة حياة لويس باستور عنوان «الحياة، الموت، الحياة».
ذلك الرجل ــ العالم الكبير، كما يقدّمه كاتب سيرته، «لم يكن يهمه شيء غير العمل». و«كون أنه يعرف وجود الجراثيم في كل مكان لم يكن يصافح أحداً أبداً وكان بطبعه بارداً بعض الشيء عند لقائه بالآخرين»، ويضيف: «ولم يكن يضحك أيضاً وكان يعتقد أن كل دقيقة تمرّ من دون عمل هي دقيقة مسروقة». و«مع ذلك لم يغادره أحد من الفريق الذي كان يعمل معه» على قاعدة القناعة بأهمية مشاريعه العلمية.إن المؤلف يكتب في الواقع أيضاً عن رجل قدّم الكثير من الخدمة للطب وهو «لم يكن طبيباً»، بل لقي تكوينه العلمي في حقل الكيمياء. وفي كل الحالات يجد القارئ في هذا العمل الكثير من الشفافية الأدبية المنسوجة في أسلوب فيه الكثير من الجمال.
ويبدو أن أورسينا يحاول البرهان على أن الأدب يمكنه أن يبقى جميلاً وشفافاً حتى عندما يكتب عن الكيمياء. وهو الذي كان قد كتب بنفس الشفافية الأدبية عن «القطن» و«الماء» و«الورق» في أعمال سابقة ــ تمّ عرضها في «البيان».
ذلك على خلفية إحساس المؤلف، كما يقول، إنه يقوم عبر الكتابة عن سيرة حياة باستور بنوع من «الرحلة إلى منابع الحياة»، كما يشير. ويرى أن أمثال باستور يعرفون، بما قدّموه، أن «يقاوموا بأفضل ما يكون استنزاف الزمن».
ومما يؤكّده كاتب هذه السيرة أن باستور عرف الكثير من أشكال التكريم ومن الرفعة الاجتماعية في عصره ومن قبل بشر حقبته على النتائج التي قدّمها للبشرية في مجالات مختلفة لا تطال الصحّة والطب فقط، ولكن أيضاً المجال الزراعي والغذائي والوقاية.
 
ولا يتردد المؤلف في القول إن باستور أصبح صرحاً شامخاً حتّى أثناء مسيرة حياته نفسها. وأنه بعمله خدم العلم وفرنسا والعالم. ويشير أورسينا أنه بفضل أعمال باستور استطاع الغرب عبر فهمه لآلية تخمّر المواد إنتاج «الخبز» و«الجبن». ولم تكن أيضاً بعيدة عن شيوع مفاهيم «الوقاية الصحيّة» تجنّبا لانتقال الجراثيم والأمراض من إنسان إلى آخر.
ومن مساهمات باستور الكبرى يشير المؤلف أنه أعطى مكانة للقرن التاسع عشر الذي عاش فيه. يكتب أورسينا: «بالمقارنة مع القرن السابع عشر بدا القرن التاسع عشر في أغلب الأحيان بليداً وبورجوازياً ومتخماً وجشعاً للربح وجمع المال. لكن هذا يعني نسيان اهتمامه العميق بالعلم وبتطبيقاته».
لكن للحياة أيضاً وجهها الآخر. وإذا كان «أورسينا» يولي اهتماماً كبيراً لتقديم باستور «رجل العلم» فإنه لا ينسى أن يقدّم باستور «الإنسان» أيضاً. وفي جميع الحالات يبدي حماساً كبيراً وهو يكتب عن «بطله». ويشير إلى أن حياة لويس باستور عرفت، كل أشكال الانفعالات والأهواء، بل والكثير من الدموع و«هو الذي كان قد عاش فاجعة موت ثلاثة من أطفاله في سن مبكرة بأعمار عامين وتسعة واثني عشر عاماً».
لكن الألم ووجعه لم يثنياه عن استكمال الطريق التي كان قد بدأها. والاستمرار في «معركته» ضد الأعداء غير المرئيين، أي أنواع الجراثيم والطفيليات التي تستهدف النوع البشري. ما يؤكّده أورسينا هو أن اسم باستور لم يتم تخليده مصادفة في السجل التاريخي لهذه الحرب.
وتأكيد القول إن باستور أبدى تعلّقه إلى حد الشغف بأبحاثه العلمية من جهة وبالبلدة التي عاش فيها «أربوا»، من جهة أخرى. نقرأ: «إن حياة بعض البشر تدور حول مكان ما.. وتتعلق فيه. وتتغذّى منه. وترتاح في ربوعه. وتستمد منه القوّة للانطلاق من جديد نحو نهارات جديدة». تجدر الإشارة إلى أن إريك أورسينا يتميّز بأسلوبه في الكتابة بهذا النوع من الجمل القصيرة.
المؤلف في سطور
إريك أورسينا كاتب وروائي فرنسي شهير، عضو الأكاديمية الفرنسية وحائز جائزة الغونكور الأدبية عام 1988. من مؤلفاته الكثيرة «المعرض الاستعماري» و«رحلة في بلاد القطن» و«مستقبل الماء» و«على طريق الورق».. الخ.
========================
روبيرت ايلجي :النظام شبه الرئاسي في القوقاز وآسيا الوسطى
التاريخ:02 سبتمبر 2016
بعد سقوط جدار برلين في خريف عام 1989، ثم تفكك الاتحاد السوفييتي السابق عام 1991، وانهيار المعسكر الشيوعي استعادت أغلبية الجمهوريات السوفييتية السابقة استقلالها السياسي. ومن بينها تلك الواقعة في منطقتي القوقاز، وآسيا الوسطى عموماً. وكان السؤال الكبير المطروح عليها كلها يتعلق بنمط النظام السياسي الذي ستتبناه البلدان المعنية في فترة ما بعد النظام الشيوعي.
وفي كتاب يحمل عنوان «النظام شبه الرئاسي في القوقاز وآسيا الوسطى»، يدرس المؤلفان روبيرت ايلجي، أستاذ الدراسات الدولية في جامعة دبلن، وصوفيا مويستروب، الأستاذة في جامعة جورج تاون، ما يعتبرانه الخيار، الذي لجأت له بلدان القوقاز وآسيا الوسطى كونه نمطاً دستورياً لمنظومة الحكم في حقبة ما بعد النظام الشيوعي، الذي استمر سبعة عقود من الزمن.
تتوزع مواد هذا الكتاب بين ثمانية فصول، يبدأها فصل افتتاحي حرره روبرت ايلجي، وصوفيا مويستروب، المشرفان الرئيسان على إنجاز هذا العمل. وهما يرسمان فيه نوعاً من «الخريطة السياسية» لأنماط المنظومات الدستورية القائمة في منطقة القوفاز وآسيا الوسطى، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
ويدرسان آليات تأثير المنظومات الدستورية القائمة وخاصة العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية على الحياة السياسية للبلدان المعنية، ثم تتالى فصول عدة يدرس فيها أصحابها حالات عيانية تخص أنماط الأنظمة شبه الرئاسية مثل أرمينيا وأذربيجان وجيوروجيا وقرغيزستان، التي تحظى كل منها بفصل كامل بقلم أحد الأخصائيين بالنسبة لكل بلد.
وبالنسبة لكل حالة يتم تبيين الأسباب التي قادت إلى تبني خيار النظام شبه الرئاسي. وبالتوازي تقييم السلطات التي تمنحها الدساتير المعمول بها للرؤساء. وفي جميع الحالات المدروسة تتمثل المعايير التي يقيس المساهمون على أساسها مدى مطابقة «الواقع» العملي للنصوص الدستورية ومدى وجود «تعددية حقيقية»، أو غيابها.
والتركيز في جميع الحالات المدروسة على القول، إن «الصيغة الدستورية لما بعد الحقبة الشيوعية مثلت إحدى المسائل، بل الرهانات، الأساسية، التي واجهتها بلدان القوقاز وآسيا الوسطى عموماً، خلال العقدين اللذين أعقبا مباشرة تفكك الاتحاد السوفييتي، ذلك على أساس أنه كان أمام تلك البلدان أطر دستورية عدة لممارسة السلطة السياسية».
وفي جميع الحالات التي يتم تقديمها في هذا الكتاب للنظام شبه الرئاسي، يتم تعريفه على أنه يقوم على وجود رئيس يتم انتخابه بالاقتراع المباشر لفترة رئاسية محدودة. وبوجود رئيس وزراء ووزراء مسؤولين جماعياً عن اتخاذ جميع الإجراءات والتشريعات الخاصة بالحكم.
والإشارة بها الصدد إلى أن النظام شبه الرئاسي تم تبنيه من قبل الأغلبية الساحقة من البلدان، التي كانت ذات نظام شيوعي سابقاً وتندرج في إطار الاتحاد السوفييتي أو في معسكره. وفي عداد تلك البلدان روسيا نفسها وأرمينيا كازخستان وقرغيزستان وجيورجيا ومقدونيا ومولدافيا وأوكرانيا وغيرها.
ويتم التأكيد في هذا السياق أن بلدان القوقاز وآسيا الوسطى تشكل في فترة ما بعد الحقبة الشيوعية نوعاً من «المختبر التجريبي»، يمكن أن يمثل أرضاً خصبة جداً لدراسة أسباب ونتائج أنماط التجديد الدستوري، يطرح العديد من الأسئلة التي تخص «مناقب ومثالب» النظام شبه الرئاسي، الذي تم اختياره من قبل قسم كبير من جميع الدول التي كانت تدور سابقاً في «فلك النظام الشيوعي».
ويتم التمييز في الإطار «شبه الرئاسي» بين الممارسات الديمقراطية وشبه الديمقراطية والتسلطية. والإشارة إلى أنه في العديد من الحالات، وفي إطار المقارنات والبحث عن وجوه التشابه ونقاط التباين والخلاف بين نماذج الأنظمة السياسية، التي برزت بعد نهاية المعسكر الشيوعي، هناك شبه كبير بين أنماط السلطة.
ومن النتائج الأساسية التي يتم الوصول لها، بالاعتماد على قراءة الواقع القائم في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى، أنه «من الأفضل» في الأنظمة شبه الرئاسية ألا يكون الرؤساء ذوي سلطات مطلقة، بل تكمن النصيحة «السياسية» الوحيدة التي يصوغها المشرفان على هذا العمل أنه «ينبغي على البلدان المعنية تبني دستور تكون صلاحيات الرؤساء فيه ضعيفة نسبياً في سياق منظومة دستورية، من أجل تجنب إعادة التجربة الشيوعية، لكن بلباس مختلف.
الأمثلة التي يتم تقديمها تشير إلى أن بلدان مثل أرمينيا وجيورجيا وقرغيزستان حققت نتائج أفضل في ظل «الرؤساء الأكثر ضعفاً»، من حيث الصلاحيات التي يمنحها لهم الدستور، بمعنى الابتعاد عن آلية عمل النظام الشيوعي السابق. والإشارة إلى أنه في مختلف البلدان المعنية في القوقاز وآسيا الوسطى هناك «رغبة بناء منظومات حكم تقوم على دساتير تحد من سلطات الرؤساء»، لكن في جميع الحالات أيضا يتم التأكيد على أنه وفي ما هو أبعد من المنظومات الدستورية، وعلى أهميتها، فإنه هناك باستمرار «عوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية» تلعب دورها في ما يتعلق بمسيرة هذه البلدان.
المؤلف في سطور
روبرت ايلجي هو أستاذ الدراسات الدولية في جامعة دبلن. قدم العديد من الكتب في عدادها: «النظام شبه الرئاسي في أوروبا» و«الزعامة السياسية في الديمقراطيات اللبرالية».. إلخ.
وصوفيا مويستروب عملت سابقاً في البنك الدولي، وأستاذة في جامعة جورج تاون. تعمل في معهد متخصص بالدراسات حول أفريقيا الغربية.
الكتاب:
«النظام شبه الرئاسي في القوقاز وآسيا الوسطى»تأليف:روبرت ايلجي وصوفيا مويستروب وآخرون
الناشر:
بلغراف مكميلان ــ 2016
الصفحات:
23 صفحة
القطع:
المتوسط
Semi- Presidentialism
In Caucasus and central Asia
Robert Elgie and Sophia Moestrup
Palgrave Macmillan - 2016
234 PP
========================
توم بوير :العهود المنقوضة.. توني بلير ومأساة السلطة
التاريخ:02 سبتمبر 2016
من الشخصيات البريطانية التي وصلت إلى رأس السلطة في المملكة المتحدة البريطانية، وأثارت الكثير من الجدل بعد أن غادرتها، يحتل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق «توني بلير» مكانة استثنائية. هذا ما يدل عليه بوضوح أنه لا يزال حتى اليوم رغم السنوات العديدة التي تفصلنا عن مغادرته لمقر رئاسة الحكومة البريطانية في «داونينغ ستريت» بلندن.
وسنوات «توني بلير» في السلطة وما تركه فيها وعليها من آثار هو موضوع كتاب توم بوير، الخبير بمسائل السياسة البريطانية وصحفي التحقيقات الشهير، الذي يقدّم فيه تجربة رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، وخاصّة مساره السياسي عندما كان في السلطة.
يحمل الكتاب عنوان «الوعود المنقوضة»، مما له دلالته الواضحة على مضمونه من حيث حكم القيمة الذي يصدره المؤلف على توني بلير، وعنوانه الفرعي يذهب في نفس الاتجاه ومفاده «توني بلير، مأساة السلطة».
يبدأ المؤلف بالتأكيد أن «توني بلير» كان يبالغ في وعوده وعهوده الانتحابية بحيث كان من العسير جداً الوفاء بما تفوّه به. ذلك على أساس قاعدة معروفة في الغرب، وهي أن الوعود الانتحابية لا تلزم سوى أولئك الذين تتوجه لهم. ذلك أن المهم بالنسبة لمن يصدرها هو الفوز في الانتخابات. ويشير المؤلف أن بلير أبدى براعة كبيرة في التوجّه للجمهور بقدر كبير من البساطة وبمهارة كبيرة في إقناعهم بإعطائه ثقتهم.
لكن إنجازاته في الحكم ظلّت كـ«قشرة رقيقة من الإصلاحات» وأن «الإصلاحات التي قام بها، خاصّة في فترة رئاسته الثانية للحكومة كانت خجولة جداً». و«العهود المنقوضة» التي يتعرّض المؤلف لدراستها في هذه السيرة تخصّ عدّة ميادين ليس أقلّها أهمية تلك التي تخص «التربية والصحّة والطاقة» حيث يلخّص المؤلف سياسة رئيس وزراء بريطانيا الأسبق بأن تلك العهود والوعود «لم يتم احترامها إلاّ ما ندر من الحالات».
ويشرح توم بوير على مدى العديد من الصفحات أن توني بلير، نقض أيضاً العهود والوعود التي كان قد قطعها للناخبين البريطانيين في ميادين حسّاسة مثل تلك التي تتعلّق بـ«الهجرة» وسياساتها التي ناقضت إلى حد كبير ما كان قد أعلن عنه بلير في برامجه الانتخابية. تجدر الإشارة أن مؤلف هذا الكتاب يعتمد كثيراً في رسمه لصورة توني بلير ولآليات صياغته لسياساته على مجموعة من الشهادات والمقابلات للعديد من أولئك الذين كانوا قريبين من مراكز صنع القرار البريطاني من رجال سياسة ورجال أعمال وإعلاميين وغيرهم.
ومن المآخذ الكبرى التي يؤكّد عليها مؤلف الكتاب على سياسة توني بلير وعلى طريقته لممارسة السلطة أنه «لم يكن يتعامل بوضوح وشفافية» حتى مع زملائه في الحكومة ومع كبار الموظفين الذين كانوا يتحمّلون مسؤوليات تنفيذ السياسات الحكومية المرسومة. ويصل المؤلف إلى القول إن طريقة بلير في ممارسة السلطة كانت «ذات طابع تخريبي بالنسبة للنسيج الحكومي ذاته».
والإشارة في هذا السياق أن الخلاف في التوجّه بين بلير وغوردون باون، الذي خلفه فيما بعد، زاد من حالة التشوش في الأداء الحكومي آنذاك. ولا يتردد توم بوير في التأكيد أن توني بلير تبنّى نهجاً فيه الكثير من الغموض في أسلوب عمله كرئيس للحكومة.
بل والتأكيد أنه تابع نفس النهج حتى بعد تركه لمنصبه الرسمي رئيساً للحكومة. هكذا يشير بوير أن «سعيه الدؤوب من أجل جمع المال» ولّد سلسلة من النزاعات وأشكال التداخل بين مصالحه التجارية الخاصة وبين عمل المؤسسات الخيرية التي قام بتأسيسها.
لكن تبقى «الصفعة» الكبرى التي وجهها توني بلير للبريطانيين خلال فترة رئاسته للحكومة، كما يكرر مؤلف الكتاب القول، هي أنه «أقحم البلاد ــ بريطانيا ــ في حرب العراق على خلفية خداعه للناخبين»، وبالاعتماد على معلومات لم تكن مطابقة لواقع الأمور. والإشارة إلى أنه لا يزال يتعرّض للمساءلة حتى اليوم على خلفية تلك القضيّة.
ما يتم تأكيده في هذا السياق هو أن توني بلير قام «عن وعي» بإقحام بريطانيا في الحرب العراقية. وأنه أراد «عن وعي أيضاً»، الوقوف إلى جانب مشروع جورج دبليو بوش في حربه والتخلّص من نظام صدام حسين. ويحاول مؤلف الكتاب تقديم أدلّته على ذلك من خلال الوثائق والشهادات.
ويحدد المؤلف القول إنه بعد الشروع بعملية غزو العراق تحت حجّة وجود أسلحة تدمير شامل وظهور عدم العثور عليها وواقع «حمّام الدم» الذي سال نتيجة للغزو «فقد توني بلير الكثير من رأس ماله السياسي لدى ناخبي اليسار البريطانيين». وإذا كان مؤلف هذا الكتاب يكرّس القسم الأكبر منه لتوصيف «العهود المنقوضة» لبلير، يؤكّد بالمقابل أنه «يُسجّل له» عدّة إنجازات، وعلى رأسها إنجاز كبير عرفته فترته الرئاسية الأولى للحكومة.
ذلك الإنجاز هو «اتفاق السلام في إيرلندا الشمالية من قبل القوى السياسية الأساسية الأيرلندية بقبول حل سلمي ينهي العنف والنزاع المسلّح.
ومن المسائل التي يؤكّد عليها المؤلف بداية أن توني بلير يجيد، من موقع عمله لفترة طويلة في سلك المحاماة، الخطابة والتحدّث إلى جماهير الناخبين. لكنه كان يذهب «أكثر مما ينبغي» في الوعود التي يقدّمها وفي «العهود» التي يقطعها على نفسه؛ ذلك أنه كان من العسير جداً الوفاء بها.
المؤلف في سطور
توم بوير صحافي تحقيقات بريطاني. متخصص بالحياة السياسية البريطانية المعاصرة. وهو كاتب سيرة معروف، من مؤلفاته «سير حياة روبرت ماكسويل» و«تيني رولاند» و«محمد الفايد» و«ريشارد برانسون»..إلخ.
========================
جان لبيير لوغوف  :استياء في المنظومة الديمقراطية وشروخها الاجتماعية
التاريخ:26 أغسطس 2016
تسود في البلدان الغربية عموماً التي يطلقون عليها الديمقراطيات الغربية حالة من الاستياء العام تبرز اصداؤها في الكثير من النقاشات التي تصل أحياناً إلى حد التحذير من «إمكانية نشوب حروب أهلية». بل لم يتردد أحد الكتّاب من الحديث مؤخّراً عن «الحرب الأهلية القادمة». ومن الملاحظ أن مثل هذه المقولات تعود بقوّة إلى القاموس الذي يستخدمه المثقفون ورجال السياسة في الغرب الأوروبي تحديداً. وفي مثل هذا السياق صدر قبل أسابيع قليلة كتاب لـجان بيير لو غوف، الفيلسوف وعالم الاجتماع والكاتب الذي قدّم عشرات الأعمال والدراسات عن الحركات الاجتماعية في أوروبا وفرنسا منذ ما يعرف بثورة الطلبة في عام 1968 وحتى اليوم. يحمل الكتاب عنوان: «اســتياء في المنظومة الديمقراطية».
تأكيد
الفكرة الأساسية التي يطورها مؤلف هذا الكتاب تكمن في التأكيد أن الأحداث والاضطرابات الكبرى التي عرفها الغرب عموماً، وفرنسا بشكل خاص، منذ ستينات القرن الماضي حتى اليوم قد أدّت إلى حدوث «شروخ كبيرة وعميقة ذات طبيعة اجتماعية بالدرجة الأولى».
ويكشف المؤلف في تحليلاته عن بروز العديد من المفاهيم «المتناقضة» فيما يخص العلاقة مع عالم العمل والتربية والثقافة والاعتقاد، وحتّى فيما يتعلّق بـ «الهويّة الوطنية». بهذا المعنى يشكّل الكتاب نوعا من الدراسة حول مسار تطوّر المجتمعات الغربية منذ أواسط القرن الماضي، العشرين، حتى اليوم.
هذا مع التركيزعلى فرنسا بشكل خاص حيث يحاول المؤلف توصيف «الشروخ التي يعاني منها المجتمع الفرنسي والمآزق التي يجد نفسه فيها». ويشير بأصابع الاتهام للطبقة السياسية الفرنسية، وخاصّة اليسارية منها، بأنها تخلّت عن «المسائل الاجتماعية والاقتصادية». وتخلّت من خلال ذلك عن مصالح الغالبية العظمى من الفرنسيين.
مواجهة حقيقية
يشرح «جان بيير لو غوف» أن الديمقراطيات الغربية تعاني من حالة «استياء متعاظم». ويرى أنها إذا «استمرّت في التعامي عن نقاط ضعفها» و لم تلجأ بالتالي إلى القيام بـ «مواجهة حقيقية» مع الواقع القائم الذي يحيط بها وما يزخر فيه من تحديات فإنها تحكم على نفسها بـ«فقدان جميع الأسلحة المطلوبة أمام الفوضى العالمية» التي تبرز ملامحها وطبيعتها في العديد من مناطق العالم. ومن الأعراض التي يشير لها المؤلف بأشكال مختلفة للدلالة على واقع الاستياء الذي تعاني منه المجتمعات الديمقراطية الغربية هناك «تنامي النزعة الفردية» وما يترتب على ذلك من مفاهيم الانتماء الوطني و «تدنّي المستوى المطلوب في المنظومة التربوية» و «تفشّي ظاهرة البطالة» و«تدنّي الثقافة» و«تعاظم ظاهرة الانغلاق في مجال المعتقدات وما يمكن أن يترتب على ذلك من تطرّف».
ظاهرة
تجدر الإشارة أن المؤلف يكرّس قسمه الأول تقريبا لتفنيد ظاهرة «تنامي النزعة الفردية» في المجتمعات الغربية. وهو يتبنّى التعريف الذي قدّمه عالم الاجتماع الفرنسي «اليكسي دو توكفيل» ومفاده:«النزعة الفردية هي شعور يدفع كل مواطن للانزواء عن نظرائه والانسحاب بعيدا مع أسرته وأصدقائه. ذلك بحيث إنه يخلق بذلك نوعاً من المجتمع الصغير لاستخدامه الفردي، وبالتالي يتخلّى بمحض إرادته عن المجتمع الكبير نفسه».
والدعوة بالتوازي إلى قدر أكبر من «المسؤولية الفردية والجماعية». ذلك أنه لا يكفي، حسب التحليلات المقدّمة، تكرار «الشعارات» التي يتم وضعها تحت خانة «العيش معاً». ذلك أنها اثبتت عدم فعاليتها في مواجهة الواقع وتحدياته.
والتأكيد أن «النموذج» ينبغي أن يأتي من أعلى سلطة في الدولة وأن واجبها هو أن لاتبحث عن إرضاء الجميع بل تبنّي خطاب «الحقيقة». ذلك أن «إرادة إرضاء الجميع تؤدّي في النهاية إلى عدم إرضاء أحد وتقليل أكثر فأكثر لمصداقية الحديث السياسي على مستوى قمّة الدولة».
والإشارة أن المهم ليس «العيش معاً» الذي يعني واقعياً «عيش جمع متنافر من المجموعات والأفراد». لكن التركيز بالأحرى على مفهوم «العيش المشترك» الذي يجمع مختلف مكونات المجتمعات المعنيّة حول انتماء مشترك. ويرى مؤلف هذا الكتاب أن شعار «العيش معاً» هو ثمرة الأفكار التي طرحها المحتجوّن في فرنسا في شهر مايو من عام 1968. ثم ساهمت في تعزيز ذلك الشعار المفاهيم «الاقتصادية الليبرالية». نقاط الضعف التي تعاني منها المجتمعات الغربية في السياق الراهن، وبالتحديد بالنسبة للمجتمعات الأوروبية، يجد المؤلف أن القاسم المشترك بينها كلّها يكمن في «الثقافة». فالثقافة السائدة اليوم في المجتمعات المعنيّة تميل أكثر فأكثر نحو «العفوية» و «السطحية».
بالتالي يرى أن سبيل الخلاص الحقيقي بالنسبة لها هو في «العودة إلى ينابيعها الثقافية والتاريخية الأساسية» التي بنت على أساسها معالم عظمتها في الماضي غير البعيد. والتأكيد أن «إعادة بناء أوروبا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا ينبغي أن يترافق مع إعادة بنائها ثقافيا، وامتلاك إرثها الثقافي من جديد».
المؤلف في سطور
 
جان لبيير لوغوف، فيلسوف وعالم اجتماع وكاتب فرنسي. تتركز أعماله حول الحركات الاجتماعية الأوروبية منذ ما عُرف بـ «ثورة الطلبة» في شهر مايو من عام 1968.
من مؤلفاته الكثيرة:«اليسار أمام الامتحان 1968 - 2011» و«مايو 1968، الإرث المستحيل» و«فرنسا في المرآة الأوروبية»..إلخ.
الكتاب: استياء في المنظومة الديمقراطية.
تأليف: جان بيير لو غوف.
الناشر: ستوك باريس ــ 2016
الصفحات: 272
القطع: المتوسط.
========================
نعوم تشومسكي :من يسوس العالم؟
عرض/مرح البقاعي
نادرون هم من لا يعرفون نعوم تشومسكي، العالم اللغوي والمؤرخ والناشط السياسي المعروف بـ"أبو علم اللسانيات الحديث". ولمن يريد معرفة المزيد عن تشومسكي، فإنه المفكّر الأميركي المولود في العام 1928 في مدينة فيلادلفيا من ولاية بنسلفانيا.
يشغل منذ خمسين عاما مقعد أستاذ علم اللغويات في قسم اللسانيات والفلسفة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا العريق، وإلى جانب عمل تشومسكي في مجال اللسانيات فقد كتب عن الحروب والسياسة ودور وسائل الإعلام المعاصرة، وهو مؤلف لأكثر من مائة كتاب تنوعت بين علوم اللغة والفقه السياسي والفلسفة التحليلية.
تحول تشومسكي إلى ناقد بارز في السياسة إثر الحرب الفيتنامية، وذاع صيته منذ ذلك الوقت من خلال نقده للسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية، وكذا لرأسمالية الدولة وإدارة دفّة وسائل الإعلام الإخبارية. ومن المفيد أن نذكر أن تشومسكي صُنف عالميا بالمرتبة الثامنة لأكثر المراجع التي يتم الاستشهاد بأقواله بها على الإطلاق في قائمة تضم كتاب الإنجيل وكتاب رأس المال لكارل ماركس.
-العنوان: من يسوس العالم؟
-المؤلف: نعوم تشومسكي
-عدد الصفحات: 320 صفحة
-اسم الناشر: ميتروبوليتان بوكز
-تاريخ النشر: مايو/أيار 2016
في مسألة إدارة دفة العالم
يقدّم نعوم تشومسكي في هذا الكتاب الجديد رؤيته لأسباب تراجع الولايات المتحدة الأميركية عن موقعها الريادي في السياسات الدولية، ويرفق أسئلته الوجودية في الفلسفة السياسية بشرح واف عن طبيعة السياسات الأميركية ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول للعام ، 2001، ويفنّد المنعطف الخطير الذي اتخذته لجهة تقديمها المآرب السياسية على الفعل الديمقراطي وحقوق الإنسان والعدالة العامة.
وفي تحليل دقيق وثاقب يمضي تشومسكي في توضيح الوضع الراهن، ويتحدث بإسهاب العالم المستنير عن الغلو الذي انتهجته السياسات الأميركية ما بعد أحداث سبتمبر/أيلول، والتركيز المبالغ فيه على العسكرة وصورة الجيش القوي الذي لا يهزم والذي سيقف باستمرار سندا لامتداد إمبراطوريتها إلى العالم.
ويقيّم بالتالي حجم المخاطر الكارثية التي وقع فيها الساسة الأميركيون جراء ذلك النهج السياسي الذي أدّى إلى تشتيت قيم المشتركات وثوابتها بين الشعوب. ويسوق تشومسكي البراهين على رؤيته التشاؤمية للحال المتردي للسياسات الأميركية من خلال إدراجه لبعض الأمثلة عن الأدوات التي لجأت إليها واشنطن في العقود الأخيرة من القرن الماضي، والعقد الأول من الألفية الثالثة، من أجل تحقيق أهداف سياساتها الخارجية الهوجاء والمتهورة، ابتداء بخطط القتل الممنهج بواسطة الطائرات بدون طيار (درونز)، مرورا برفع عصا الحرب النووية في وجه العالم واستعمالها في الترهيب عندما تفشل في ترغيب العالم بمنطقها في الإدارة والتوجيه، وصولا إلى بؤر التوتر العظيمة المشتعلة في العراق وأفغانستان وسوريا وفلسطين التي عجزت أو تباطأت الولايات المتحدة في إطفاء نيرانها التي تكاد تحرق العالم برمته.
"يشير تشومسكي إلى التحولات المقلقة في أسلوب العيش والإدارة في أميركا تتمثل في حالة العزلة التي تعيشها النخب الأميركية، وكذا ابتعادها عن المحددات الديمقراطية التي من المفترض أن تحكم سلطتها، هذا في حين يركن رجل الشارع العادي الأميركي إلى حالة من اللامبالاة "
ويقوم تشومسكي من خلال هذا الجرد التحليلي والفلسفي لتلك الأحداث بتقييم دور السلطة الإمبريالية وهيمنة الرأس مال العالمي ضمن دائرة الفوضى العالمية المتفاقمة في أرجاء الأرض في غياب منظومة سياسية عادلة ورادعة للظلم والطغيان.
السلطة المالية العابرة للقارات
ويشير تشومسكي في معرض كتابه "من يحكم العالم" إلى قضية هي في العمق من تلك التحولات المقلقة في أسلوب العيش والإدارة في أميركا تتمثل في حالة العزلة التي تعيشها النخب الأميركية، وكذا ابتعادها عن المحددات الديمقراطية التي من المفترض أن تحكم سلطتها، هذا في حين يركن رجل الشارع العادي الأميركي إلى حالة من اللامبالاة على ما يدور حوله وعلى أرضه، وفي العالم أيضا، الذي يتحوّل بسرعة لافتة إلى النزعة الاستهلاكية البغيضة في غياب القيم المحلية العليا للكثير من الدول، استهلاك يطال كل صنوف الحياة وصورها الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية والسياسية.
ويفيد تشومسكي أنه في ظل هذه الأجواء يصبح الأفق مفتوحا للأغنياء والأقوياء من أصحاب المؤسسات والشركات العابرة للقارات بأن يزدادوا غنى وقوة على حساب ضعف وفقر الضعفاء. ومن نافلة القول أن هذه المؤسسات الكبرى تتمتع بسلطة غير محدودة في بلد المنشأ من جهة، وفي دول انتشارها من جهة أخرى.
ويشير تشومسكي في كتابه القيّم هذا في معرض التأكيد على نظريته حول الغبن الدولي الذي يدور تحت مظلة "اتفاقية التجارة الحرة" على أنها من الاتفاقيات العابرة للمحيط التي يقوم على كتابة قوانينها وتنفيذ مشاريعها نخبة من المحامين ورجال الأعمال الذين يشكلون لوبي مالي لا يقبل النقاش في مشاريعها، ومراميها البعيدة المدى، أوعن تأثيرها السلبي على شعوب العالم الثالث الفقيرة والتي تقع تحت خط التنمية البشرية.
السؤال الصعب
"في ظل تراجع أميركا يصبح الأفق مفتوحا للأغنياء والأقوياء من أصحاب المؤسسات والشركات العابرة للقارات بأن يزدادوا غنى وقوة على حساب ضعف وفقر الضعفاء. وتتمتع هذه المؤسسات الكبرى بسلطة غير محدودة في بلد المنشأ ودول الانتشار"
يكاد السؤال الذي يطرحه تشومسكي في هذا الكتاب الذي تصدّر واجهة المكتبات الأميركية، وكذا مراجعات الكتب الأكثر مبيعا في الصحف الأميركية الكبرى ومراكز بحوثها، يكاد يكون من أخطر وأدق الأسئلة المعاصرة التي تواجه المثقف المستقل في العالم، والذي يحمل فكرا ليبراليا مثل تشومسكسي يعجز عن استيعاب هذا الكم من الغبن الذي يحكم الدول الضعيفة في العالم مقابل سلطة مجموعة محدودة من أصحاب القرار التي تتحكم بالقرارات المالية والسياسية في العالم.
يقول تشومسكي في هذا الصدد: "إنّ عقولنا، في محاولتها للإجابة على هذا السؤال، تقع في أسر الاعتقاد المسبق بأن المؤثر الوحيد في هذا المضمار وفي ساحته الدولية هي الدول العظمى، وأن أعظم العوامل التي تحكم المشهد السياسي العالمي الراهن هي القرارات التي تتخذها تلك الدول والعلاقات التي تبنيها من خلال إدارتها لذاك المشهد".
ويضيف تشومسكي متحدثا عن هؤلاء الأقوياء، ومقاربا المشهد السياسي الدولي الراهن وتأثير الأقوياء فيه بمن سماهم الفيلسوف آدم سميث بـ "أسياد البشرية" في كتابه "ثروة الأمم" فيقول: "ربما يكون المشهد الدولي الحالي مختلفا في الشكل عما كان عليه في حياة سميث، لكن جشع تجار إنجلترا في ذلك الزمن يشبه إلى حد كبير مطامع الشركات العملاقة المتعددة الجنسيات في عصرنا هذا، ويكاد يكون الشعار المشترك في العصرين واحدا: كل شيء لنا ولا شيء لغيرنا!
كتب محرر مجلة نيويوركر العريقة في هذا الشأن قائلا: "لو انتهجت أميركا نهج بريطانيا منذ 100 عام لكان ما كتبه تشومسكي عن معضلة تغول اقتصادات الحدود المفتوحة صالحا لمائة سنة أخرى من هذا التاريخ".
========================
فريد موهيتش  :المكونات الإسلامية لهوية أوروبا
عرض/مركز الجزيرة للدراسات
يقدم كتاب "المكونات الإسلامية لهوية أوروبا" قراءة تحليلية تقييمية ونقدية لما يعتبرها "أكبر سردية مخادعة في التاريخ البشري" بشأن متلازمة "أوروبا، القارة المسيحية" (أوروبا قارة مسيحية حصرا)، التي تتبناها الحركات اليمينية المتطرفة، وسط أجواء الحالة العامة السائدة؛ حيث تنتشر معاداة الإسلام، وتستثمر تلك الحالة في إلباس الإسلام لبوس الثقافة الغريبة عن أوروبا، وتعلن أن المسلمين أقوام غير أوروبيين.
ويرصد الكتاب، الصادر عن مركز الجزيرة للدراسات، في مايو/أيار 2016، للبروفيسور فريد موهيتش وترجمة د.كريم الماجري، جذور هذه السردية (أوروبا قارة مسيحية حصرا) التي تمتد عبر قرون طويلة، وتقف وراءها وتغذيها مراكز وقوى اجتماعية مختلفة المشارب، ويبين الـمؤلف أن تلك الحملة كانت حاضنتها، خلال حقبة القرون الوسطى، داخل الدوائر الدينية المسيحية النافذة في أوروبا بمختلف طوائفها الكاثوليكية والبروتستانتية والأرثوذكسية.
وقد أسست الكنيسة الكاثوليكية وأطلقت ودعمت نشر أيديولوجية الحروب الصليبية وروجت لها، لكن تلك الأيديولوجيا المحاربة وجدت كذلك تبنيا كاملا وتنفيذا حرفيا لها لدى كل الطوائف المسيحية الأخرى ومختلف مللها ونحلها. ومنذ بدايات القرن التاسع عشر، تصدت مجتمعات الدول الأوروبية العلمانية للعب ذلك الدور، وبات جزء من أوروبا ينفي حقيقة التعددية الثقافية لطبيعة الهوية الأوروبية عن طريق التعمية على تلك الحقيقة إما بإنكارها أو بتجاهل حقيقة أن ثقافة أوروبا إنما هي مثال كلاسيكي لهوية ثقافية تشكلت عبر قرون طويلة من التلاقح والتمازج بين عناصر ثقافية- هوياتية مسيحية وإسلامية على حد سواء.
-العنوان: المكونات الإسلامية لهوية أوروبا
-تأليف: فريد موهيتش
-الناشر: مركز الجزيرة للدراسات- الدار العربية للعلوم ناشرون
-تاريخ النشر: مايو/أيار 2016
ويهدف الكتاب إلى تقديم هذه الحقيقة وبيان وجوهها وتجلياتها؛ فمنذ أكثر من 1300 عام وهوية أوروبا الثقافية تتشكل، بشكل حصري، عن طريق تفاعل مؤثرات ثقافية متعددة ومتنوعة، مع دور مهيمن لعناصر ثقافية، هي نتاج الحضارات اليهودية المسيحية والإسلامية. وكما هو معروف، فإن أصول هذه الديانات التوحيدية الثلاث ومهد ولادتها هو قارة آسيا، وبالتالي فكلها وافدة على القارة الأوروبية، وهذه الحقيقة، في ذاتها، تنزع من كل تلك الديانات حقها في ادعاء حصرية تمثيلها لهوية أوروبا الثقافية دون غيرها. فأوروبا -كما يرى الكاتب- لم تكن في أية مرحلة من مراحل تاريخها، قارة أحادية الثقافة، وبالتالي، فلا يمكنها بأي حال أن تكون قارة حصرية للثقافة المسيحية.
لذا، فإن مراوحة المكان والإصرار على البقاء داخل حيز إطار التزوير القائل بالتناقض بين "أوروبا المسيحية" و"الإسلام غير الأوروبي"، يعني في النتيجة تعميق انقسام الوحدة الأصلية للهوية الثقافية الأوروبية، وهو ما يؤدي مباشرة إلى مواجهة ديمغرافية داخل أوروبا، وإلى الفصل بين سكان أوروبا على أساس الانتماء الديني أو الثقافي.
ويوضح المؤلف أن سياسة الإصرار على أيديولوجية التمييز الثقافي والديني ضد العناصر الإسلامية المكونة للهوية الأوروبية لصالح العناصر المسيحية تتعارض مع المبادئ المعاصرة الداعية إلى الاحترام المتبادل بين الثقافات والشعوب والأديان، كما أنها تبدو في تناقض صارخ مع الحقائق التاريخية التي تؤكد الطابع غير السياسي للهوية الثقافية الأوروبية الشاملة التي تشكلت عبر الوجود المكثف المتزامن والتفاعل المستمر، عبر قرون عديدة، بين العناصر المسيحية والإسلامية لتلك الهوية.
"حقيقة أن اليهودية والمسيحية لم تظهرا على أرض أوروبا تؤكد عدم صمود المزاعم القائلة بأن أوروبا هي قارة يهودية مسيحية خالصة؛ فاليهودية والمسيحية والإسلام أديان ظهرت في نفس المكان، في منطقة الشرق الأوسط، أي في آسيا، ولم ينشأ على أرض أوروبا"
تنفيذ هذه السياسة عمليا، يؤدي، بل لقد أدى بالفعل إلى التشكيك وتهديد الاحترام المتبادل الثابت بين أكبر وأهم التقاليد الدينية والثقافية للمسيحية والإسلام، وبالتالي إلى تهديد السلام في أوروبا وفي العالم.
أما الهدف الثاني المهم لهذا الكتاب فهو التحذير من المخاطر الكامنة في رفض قبول المساواة بين الإسلام والمسيحية ونفي الحقائق التي تؤكد ذلك الوجود الثابت للعناصر الثقافية المسيحية والإسلامية في الهوية الأوروبية. ويؤكد المؤلف على أن قيمة الاعتراف بالمساواة بين المسيحية والإسلام، كديانتين مختلفتين، والإقرار بأنهما ثقافتان ودينان أوروبيان على قدم المساواة، هو شرط أساسي وضروري، أكثر من أي وقت مضى، يتطلبه الاحترام والتعاون بين هذين النموذجين الثقافيين الأوروبيين والنمطين الحضاريين وما أنتجاه من أيديولوجيات سياسية، وهو شرط أساسي وضروري أيضا لضمان بقاء أصالة الثقافة الأوروبية وتطورها.
فالتأكيد على الطابع متعدد الثقافات للهوية الأوروبية الأصيلة؛ حيث تكون العناصر المسيحية والإسلامية ممثلة فيها على قدم المساواة، هو اليوم من الأهمية الحاسمة بمكان، من أجل تحقيق تصالح أوروبا مع نفسها واستعادتها بنجاح لكل إمكاناتها الإبداعية.
ويناقش المؤلف هذين الهدفين في الأقسام الثلاثة الآتية للكتاب:
الباب الأول: معاداة الإسلام أسوأ أشكال الغطرسة الثقافية الأوروبية المعاصرة.
الباب الثاني: تاريخية العلاقات السياسية والثقافية بين الدول الأوروبية الإسلامية والمسيحية.
الباب الثالث: تعددية هوية أوروبا المتماسكة والشاملة بين التزييف والإثبات.
وفي هذه الأقسام يسوق موهيتش جملة من الحقائق؛ وذلك بعرض المعطيات التاريخية المثبتة، وتحليل الوثائق التاريخية ومواقف أكثر الكتاب والباحثين عداء للإسلام والمسلمين من أولئك الذين يصرون على أحادية أوروبا أيديولوجيا ودينيا، وينفون التأثير المحوري للإسلام في تكوين هوية أوروبا، وبيان أهم نتائج البحوث المعاصرة التي توفر معطيات تاريخية غير قابلة للطعن، والتي تدحض النموذج السلبي الذي يقدم حول الإسلام والمسلمين، وتؤكد الحقيقة التاريخية حول الطابع الإسلامي المهم لأوروبا؛ باعتبارها قارة ثقافية:
"هوية أوروبا هي مثال كلاسيكي على التقاء مزيج من الثقافات الناتجة عن تلاقح جملة من العناصر الثقافية التي لم يعد من الممكن فصل إحداها دون التسبب في ضياع هوية أوروبا كما نعرفها اليوم، والتي تم تكوينها، في أغلبها، تحت تأثير وتلاقح ثقافات لا تستمد جذورها من أوروبا"
1- حقيقة أن اليهودية والمسيحية لم تظهرا على أرض أوروبا تؤكد بكل وضوح عدم صمود التأكيدات القائلة بأن أوروبا هي قارة يهودية مسيحية في جوهرها وبصفة حصرية؛ فاليهودية والمسيحية والإسلام أديان ظهرت في نفس المكان، في منطقة الشرق الأوسط، أي في آسيا، وهو ما يعني أنه لم ينشأ على أرض أوروبا أي من هذه الأديان الثلاثة.
2- كما أنه وعندما أسس المسلمون أول دولة على أرض أوروبا لم يجدوا أية مجموعة مسيحية تعيش في إطار دولة واضحة المعالم قد قامت في أوروبا؛ فاليهودية- المسيحية، أو بشكل أدق، فالمسيحية؛ باعتبارها شكلا من أشكال الاندماج المجتمعي وقاسما مشتركا بين أفراده، قد تم تشكيلها بعد فترة طويلة -وفي كل الأحوال لم يكن ذلك أبدا قبل تأسيس الدولة الإسلامية في أوروبا عام 711 ميلادية- على جزء صغير من أرض أوروبا.
3- الجزء الأكبر من أوروبا (كل إسكندنافيا، وشمال ووسط وشرق أوروبا بالإضافة إلى روسيا وأوكرانيا) ظل وثنيا لقرون عديدة تلت تقبّل مناطق أوروبية واسعة جدا للإسلام ودخولها تحت سلطة الدولة الإسلامية؛ وهو ما يعني أن حقبة وثنية أوروبا امتدت إلى قرون عديدة بعد تأسيس عدد كبير من الدول الإسلامية في أوروبا -من القوقاز عبر أكبر جزر البحر الأبيض المتوسط، وصولا إلى الأندلس، التي كانت في تلك الفترة أكثر الدول الأوروبية نموا اقتصاديا وثقافيا، وكانت الدولة الأقوى عسكريا في كامل أوروبا.
إذن، فالمعطيات التاريخية -بحسب المؤلف- تكشف تهافت الادعاء القائل بأن أوروبا قارة اليهودية-المسيحية المحضة. في مقابل ذلك تؤكد الحقائق التاريخية أن هوية أوروبا هي مثال كلاسيكي على التقاء مزيج من الثقافات الناتجة عن تلاقح جملة من العناصر الثقافية التي لم يعد من الممكن فصل إحداها دون التسبب في ضياع هوية أوروبا كما نعرفها اليوم، والتي تم تكوينها، في أغلبها، تحت تأثير وتلاقح ثقافات لا تستمد جذورها من أوروبا، وهي بالأساس ثقافات يهودية- مسيحية وإسلامية.
========================
دونالد ترامب  :"أميركا العرجاء.. كيف نقومها؟
الجزيرة نت/خاص
أصدر المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة دونالد ترامب، كتابه "عظيمة من جديد.. كيف نقوم بلدنا، أميركا العرجاء" في بداية حملته الانتخابية.
ويعتبر هذا الكتاب بمثابة خارطة طريق لحملته الانتخابية حيث تضمن الكثير من آرائه المثيرة للجدل، مثل المعالجة المتطرفة لهجرة اللاتينيين إلى الولايات المتحدة وعقدته الأزلية مع الإعلام، بالإضافة إلى هجومه المفتوح على الرئيس الأميركي باراك أوباما.
ويجسد الكتاب أيضا شخصية ترامب الغامضة التي تحتمل وجوها كثيرة يصعب على المرء تحليلها بدقة، فتارة يظهر بمظهر الحاني على كل من سدت في وجهه أبواب الرزق وتارة أخرى مثال الرجل الأبيض المتغطرس الذي لا هم له سوى إعلاء شأن بني جلدته ولو بدق رقاب باقي البشر.
-العنوان: عظيمة من جديد
-المؤلف: دونالد ترامب
-عدد الصفحات: 193
-الناشر: إصدارات ثريشولد
-الطبعة: الثانية، 2016
ويخصص ترامب الفصل الأول من فصول كتابه السبعة عشر لحالة الولايات المتحدة من وجهة نظره. وتحت عنوان "الفوز مرة أخرى" فإن أول ثلاث فقرات من الكتاب تجسد بوضوح ما يتخوف منه الكثيرون، ومن ضمنهم أعضاء حزبه الجمهوري، الذين قدموا أخيرا طلبا لحجب تزويده بآخر مستجدات الأمن القومي كمرشح للانتخابات الرئاسية.
ويبرر ترامب في الفقرة الأولى من كتابه شعاره الانتخابي "لنجعل أميركا عظيمة ثانية" بقوله "نحن أعظم قوة على وجه الأرض ورغم ذلك يتغذى الجميع على طعامنا.. ذلك ليس بفوز".
وفي الفقرة الثانية يقول "لدينا رئيس يحاول أن يظهر بمظهر الشديد البأس وأنه يقوم برسم الخط الفاصل على الرمل وعلى الجميع أن لا يتخطوا ذلك الخط. ولكن عندما يتم تجاوز الخط، ليست هناك تبعات ضد أحد".
وتترجم هذه الكلمات القلق الذي ينتاب الكثيرين في الولايات المتحدة من أن فوز ترامب يعني احتمال جرّ الولايات المتحدة إلى مواجهات لا تنتهي نتيجة شخصيته الانفعالية وحالة عشق الذات التي بدت واضحة في كل مرة يظهر فيها أمام مناصريه.
وفي الفصل الثاني من الكتاب، يشن ترامب حملة شرسة على الإعلام الأميركي الذي طالما اتهمه بالوقوف ضده، وبالأخص الإعلام المرئي. ويلخص ترامب في نهاية هذا الفصل مشكلته مع الإعلام الأميركي بالقول إنه يصب اهتمامه على تسلية الجمهور لا على تثقيفه. وبينما تدل هذه العبارة أنها صادرة عن شخص لديه رؤية ورسالة، إلا أنه يردفها بأخرى ملؤها النرجسية يقول فيها "إنهم (الإعلام) يحبونني لأنني أجلب لهم المشاهدين ويكرهونني لأنهم يدركون أنني لست بحاجة إليهم".
"يبدي المرشح الجمهوري ترامب معارضته الشديدة لاستقبال لاجئين سوريين، ويبرر ذلك بأنه أمر خطير "نظرا لما يحدث اليوم" في إشارة إلى تنظيم الدولة في سوريا واحتمال وجود متطرفين بين مجموعات اللاجئين"
أما الفصل الثالث فيخصصه المرشح الرئاسي الجمهوري لنظرية "الجدار" التي أطلقها في وقت مبكر من حملته الانتخابية، وهي تدعو إلى بناء جدار فاصل على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة لوضع حد لطالبي اللجوء الذين يأتون أفواجا من أميركا الوسطى والجنوبية عبر المكسيك.
وبينما يقدم ترامب مقترحه على أنه نابع من حرصه على بلده، إلا أنه مرة أخرى يستخدم لغة مهينة بحق الآخرين وصف فيها المهاجرين من أميركا اللاتينية والشرق الأوسط بأنهم "الأسوأ" وأن بلدانهم تتخلص منهم بإرسالهم أو فسح المجال لهم للهجرة للولايات المتحدة. وقد استخدم لذلك كلمة "dump" وهي تعني باللغة الإنجليزية عملية كب الفضلات والأزبال في مقالب النفايات.
ويبدي المرشح الجمهوري معارضته الشديدة لاستقبال لاجئين سوريين، ويبرر ذلك بأنه أمر خطير "نظرا لما يحدث اليوم" في إشارة إلى تنظيم الدولة في سوريا واحتمال وجود متطرفين بين مجموعات اللاجئين.
ويتميز الكتاب بأنه كتب بأسلوب الشخص الأول وبلغة سردية تفتقر إلى المتانة وأقرب إلى أسلوب المحادثات اليومية بين عامة الناس، وفي الفصل الرابع منه يتطرق ترامب إلى السياسة الخارجية الأميركية ويستهله بهجوم على مناوئيه من الأوساط السياسية والدبلوماسية، الذين اعترضوا على ترشحه للرئاسة نتيجة انعدام خبرته في مجال العمل الحكومي والدبلوماسي.
ويصف ترامب الوضع العالمي بأنه في حالة فوضى عارمة من وجهة نظره، ويرى أنه دليل على فشل النخب السياسية والدبلوماسية ويعيب على تلك النخب اعتراضهم على ترشيحه رغم فشل طرقهم على حد وصفه. ويؤكد أن سياسته الخارجية سوف تستند على مبدأ "العمل من موقع القوة"، أي استخدام قوة الولايات المتحدة العسكرية والاقتصادية في تحقيق المصالح الأميركية العليا.
"لم يخل الفصل الأخير من عبارات تمجيد الذات التي لا يخفيها ترامب فيقول "أنا أعرف كيف أفوز.. أحب ما ذهب إليه جاي لينو في مراسم وضع اسمي في طريق المشاهير في مدينة هوليوود عندما قال: لم يعد هناك مكان في أميركا لم يكتب عليه اسم ترامب""
ويدعو ترامب بشكل واضح إلى مزيد من القوة العسكرية للولايات المتحدة، ويقول إن ثمن توسيع القوات المسلحة ورفع قدراتها أكثر وأكثر لن يكون غاليا إذا وضع في الميزان مقابل السلام الذي سيفرضه جيش أميركي قوي يتمتع بقدرات ردع عالية.
أما الفصول المتبقية من الكتاب، فيكرسها ترامب لنقد وذم جميع القطاعات الخدمية في الولايات المتحدة فيصف الخدمات الصحية بأنها تجعل الأميركيين مرضى، والاقتصاد "غبي" والتعليم فاشل.
أما الفصل السابع عشر والأخير فقد خصصه وسماه باسم شعاره "لنجعل أميركا عظيمة ثانية"، ويسترض فيه أول مناقصة له في عمله في مجال المقاولات وهي إعادة إعمار فندق الكومودور أحد معالم مدينة نيويورك في النصف الأول من القرن العشرين.
ويستعرض ترامب نجاحه الباهر من وجهة نظره في استعادة بريق وألق الفندق العريق بعد أن اهترأ وتداعت جدرانه في بداية سبعينات القرن الماضي، ويستدل به على قدرته على إعادة بناء الولايات المتحدة وتخليصها من عرجها.
ويركز الكاتب في هذا الفصل (الخاتمة) على قدراته المتميزة وارتباط قدره الدائم بالنجاح والنجاح فقط، وأنه الشخص الذي سيقدم الحلول الناجعة لجميع مشاكل الولايات المتحدة وشعبها ويحول فشلها إلى نجاح وفقرها إلى غنى وضعفها إلى قوة.
ولم يخل الفصل الأخير من عبارات تمجيد الذات التي لا يخفيها ترامب فيقول "أنا أعرف كيف أفوز.. أحب ما ذهب إليه جاي لينو في مراسم وضع اسمي في طريق المشاهير في مدينة هوليوود عندما قال: لم يعد هناك مكان في أميركا لم يكتب عليه اسم ترامب".
========================
اليزابيث جي فيريس، كمال كيريسي :الكتاب: عواقب الفوضى: أزمة سوريا الإنسانية وفشل الحماية
المؤلف: اليزابيث جي فيريس، كمال كيريسي
الناشر: مطبعة معهد بروكنجز
تاريخ الإصدار: 26 أبريل 2016
عدد الصفحات: 203
اللغة: الإنجليزية
(1)
أَجبَرت الحرب السورية- التي تتفق الصحف ومراكز الأبحاث الأجنبية على تسميتها “حربًا أهلية”- نحو 10 مليون نسمة، أي أكثر من نصف سكان البلاد، على ترك منازلهم، ما تسبب في واحدة من أكبر موجات النزوح البشري منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
محنةٌ تشهد عليها عناوين الصحف اليومية، ومأساةٌ متفاقمة سواء داخل سوريا، أو في البلدان التي فرّ المدنيون إليها هربًا من الحرب. بيدَ أن عواقب الفوضى تتجاوز أعداد المشردين المتزايدة، لتشمل الآثار الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بعيدة المدى، المترتبة على هذا التدفق الهائل من البشر.
يتفق الجميع سواء الدول المجاورة التي تستضيف آلاف أو حتى ملايين اللاجئين، أو الحكومات الغربية التي دعت إلى تقديم المساعدة المالية وحتى بناء منازل جديدة للاجئين، وأيضا المنظمات الإقليمية والدولية التي تكافح لتلبية مطالب الجميع من الغذاء والمأوى- كلهم يتفقون- على أن أزمة سوريا خلقت تحديات ساحقة. الأمرٌّ من ذلك، هو أن التحديات المتمثلة في إيجاد حلول للمشردين بسبب النزاع من المرجح أن تستمر لسنوات، وربما لعقود.
تثير أزمة النزوح السورية تساؤلات جوهرية حول العلاقة بين العمل على حل النزاعات والمساعدات الإنسانية لمساعدة الضحايا، وتوضح حدود الاستجابة الإنسانية، حتى على نطاق واسع، لحل الأزمات السياسية.
كما أن الطبيعة الأزمة طويلة الأمد بشكل متزايد تبرز أيضا ضرورة ألا يقتصر تفكير المجتمع الدولي على المساعدات الإغاثية، وتبني سياسات تنموية لمساعدة اللاجئين في أن يصبحوا أعضاء منتجين داخل المجتمعات المضيفة.
(2)
نصف سكان سوريا مُشَردٌ إما في الداخل أو الخارج. ورغم مرور ستة أعوام على هذه الكارثة الإنسانية، لا يزال المجتمع الدولي يكافح لمواجهتها، في ظل موارد محدودة سواء لدى الحكومات المضيفة أو وكالات الإغاثة أو المنظمات غير الحكومية، وغيرها من الجهات الفاعلة.
في غياب حلول سياسية قابلة للاستمرار، لا نهاية تلوح في أفق الحرب، ولا يوجد ما يكفي من أموال لدعم النازحين الذين تتزايد أعدادهم باطراد، ويستبعد أن تتوافر حلول مستدامة في المستقبل.
وبناء على ذلك، أصبح النازحون السوريون- الذين لا ينبغي النظر إليهم باعتبارهم مجرد ضحايا بل ناجين- يتولون شؤونهم بأنفسهم: يغادرون سوريا بأعداد كبيرة، ويخوضون غمار رحلات خطيرة؛ التماسًا للأمان في مكان آخر.
(3)
يقترح الكتاب تطبيق نهجٍ عالميّ جديد من أجل سوريا، يجمع بين حكومات الدول المضيفة للاجئين، والأمم المتحدة، وغيرها من الوكالات الحكومية الدولية والهيئات الإقليمية والمنظمات الدولية غير الحكومية والجهات الفاعلة المحلية في المجتمع المدني والحكومات المانحة؛ لبحث واعتماد نظام جديد لتقاسم الأعباء.
ويركز هذا المقترح على ما يلي:
إعادة التأكيد على مبدأ أن حماية اللاجئين هو مسئولية دولية.
دعم نهج قانوني وسياسي مشترك لدعم اللاجئين السوريين في المنطقة، يتضمن توفير فرص عمل.
التشديد على إعادة التوطين باعتباره عنصرًا أساسيًا لحماية اللاجئين ومساعدتهم، مع تلبية احتياجات الأكثر ضعفا بشكل خاص.
توفير منتدى للتفكير الإبداعي لإيجاد حلول للنازحين داخليا.
إقامة علاقة جديدة بين الجهات الفاعلة الإنسانية والتنموية.
إشراك الفاعلين في مجال التنمية مثل البنك الدولي بشكل أكثر فعالية.
وضع الأساس لجهود إعادة الإعمار والإنعاش على المدى الطويل في سوريا.
ويرى المؤلفان أن تطوير هذا النهج العالمي الجديد من أجل سوريا يمكن أن يحدث عبر عملية تشاورية مع الجهات المعنية خلال فترة تتراوح ما بين ستة إلى 12 شهرًا.
وسيتم ذلك بقيادة مشتركة بين الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس البنك الدولي، ويمكن أن يُتَوَّج باجتماع دولي أوائل عام 2007.
ويلفت المؤلفان الأنظار إلى عدم وجود نقص في الأفكار الإبداعية لتعزيز كل هذه العناصر، بدءًا من تعزيز التوطين وصولا إلى تعزيز تقوية التنسيق بين الوكالات الإنسانية والتنموية.
لكن التحدي الرئيس- كما هو الحال دائمًا- يتمثل في التنفيذ، بحيث تتولى عملية التطبيق طائفة من الجهات الفاعلة، تشمل الحكومات الوطنية والمنظمات الدولية. وإذا نجح تنفيذ هذا النهج العالمي الجديد من أجل سوريا سوريا، يتوقع الكتاب أنه سيؤدي إلى نتيجتين مربحتين لجانبين:
أولا وقبل كل شيء، للاجئين والنازحين السوريين،
وأيضا للبلدان المضيفة الرئيسية وكذلك الاتحاد الأوروبي، ناهيك عن المجتمع الدولي الأوسع.
(4)
هذا النظام الجديد الذي يجمع بين الإغاثة والمساعدات الإنسانية مع النهج التنموي قد يشكل هيكل إدارة أزمة اللاجئين على الصعيد العالمي الأوسع، فضلا عن إصلاح طريقة إدارة المنظومة الإنسانية على المستوى الدولي.
وبالفعل تم اتخاذ بعض الخطوات الأولية نحو تنفيذ هذا النهج:
ففي مطلع شهر فبراير، شهد مؤتمر “دعم سوريا والمنطقة” في لندن تعهدات بتقديم أكثر من 11 مليار دولار.
وفي مارس، عقدت المفوضية اجتماعا رفيع المستوى دعا الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى زيادة كبيرة في برامج إعادة التوطين الخاصة باللاجئين السوريين.
أما الاتفاق الذي عقد في مارس الماضي بين الاتحاد الأوروبي وتركيا فقد واجه انتقادات كبيرة، لكنه قد يمثل نقطة تحول من حيث المشاركة الإقليمية في هذه المسألة.
ومع ذلك، الأمر الذي لا يزال ناقصًا هو اتباع نهج شامل ومنسق بشكل جيد لمعالجة أزمة النزوح السورية، بالتزامن مع الجهود المبذولة لتثبيت التهدئة في سوريا، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المتضررين، والضغط من أجل التوصل إلى حل سياسي للصراع.
(5)
بعد الحرب العالمية الثانية، لعب علماء بروكنجز دورًا فعالا في مساعدة الولايات المتحدة على صياغة نظام عالمي، وبناء مجموعة من المؤسسات الداعمة، تشمل ما بات يُعرَف بـ خطة مارشال، تكريمًا لـوزير الخارجية الأمريكي الأسبق، جورج مارشال.
اليوم، يستحضر برنامج السياسة الخارجية في بروكنجز هذا المنعطف التاريخي الهام لإطلاق سلسلة كتب جديدة، تحت عنوان “أوراق مارشال”، وجزء من مشروع “النظام من رحم الفوضى”.
هذه الكتب القصيرة تتيح أبحاثًا يمكن الوصول إليها حول الأسئلة الملحة على الساحة العالمية، تهدف إلى تحفيز النقاش بشأن الطريقة التي ينبغي على الولايات المتحدة والآخرين اتباعها لتعزيز نظام عالمي يواصل احتضان السلام والازدهار والعدالة.
========================
صامويل بريفو  :ساركوزي: عقبات طريق طائر الفينيق!
تاريخ النشر: الجمعة 26 أغسطس 2016
هل تتطابق الصور النمطية الكاريكاتورية المشاعة عن الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي مع الحقيقة، وهي تقدمه كانتهازي، ومتقلب، وقابل للرشوة؟! وهل ما زال في مقدوره العودة مجدداً إلى سدة الحكم؟ ثم ما هي قناعاته الحقيقية ورؤيته للقيم، والدين، وهوية فرنسا؟ للإجابة على أسئلة من هذا القبيل، أصدر الصحفي الفرنسي صامويل بريفو كتاباً ضمَّنه تحقيقاً استقصائياً موسعاً بعنوان: «سر ساركوزي»، مركزاً فيه بشكل خاص على تتبع مسار ساركوزي المهني، وخلفيات توجهه أو مذهبه السياسي العام الذي بلغ الذروة خلال فترة وجوده في قصر الأليزيه، رئيساً للجمهورية الفرنسية. ولعل مما يزيد من قيمة هذا الكتاب كون مؤلفه صحفياً مخضرماً ومتخصصاً في المشهد السياسي والديني الفرنسي، كما أصدر من قبل أيضاً كتباً ذائعة من ضمنها سيرة ذاتية للرئيس الحالي فرانسوا أولاند، وأيضاً كتاب «الرب والجمهورية».
وفي هذا الكتاب الواقع في 184 صفحة يتتبع صامويل بريفو سيرة ساركوزي، منذ سنوات تعليمه الأولى، ثم بداية مساره المهني والشخصي، كمواطن وكإنسان، بما في ذلك انكساراته الأسرية والعائلية ومهاراته المهنية والسياسية، وصولاً إلى بداية قصة صعوده السياسي الباهر، والمثير للجدل في الوقت نفسه، ونهاية بالسقوط المدوّي، وغير المتوقع، في انتخابات 2012 الرئاسية. وفي سبيل استقصاء كل التفاصيل الصغيرة، أو الكبيرة، عن حياة الرئيس السابق، ذهب الكاتب إلى عدد غير قليل ممن عايشوا قصة صعوده، ليجمع منهم قدراً كبيراً من المعلومات التي يعد بعضها انفرادات إعلامية، كما لم يغفل أيضاً ذكر الخلفيات الأسرية التي ينتمي إليها ساركوزي، ومدى تأثير ذلك في توجهاته وقناعاته الدينية في مرحلة لاحقة، وخاصة بعدما صار رئيساً للجمهورية. ومن ضمن الأصدقاء والرفقاء الخلص لساركوزي الذين استجوبهم الكاتب زوجته السابقة سيسيليا آتياس، وساسة ورجال دين وقياديون في الحزب الديغولي يصل عددهم معاً إلى قرابة 50 شاهداً يصنفون جميعاً ضمن الدائرة الضيقة لأصدقاء ساركوزي المقربين. هذا فضلاً عن إجرائه لقاءات أيضاً مع الرئيس السابق نفسه أفضى إليه خلالها بكثير من مكنونات قلبه، مدافعاً عن رؤيته لمستقبل فرنسا المتصالحة مع نفسها، وموقفه من الدين والعلمانية، وسوى ذلك من إشكالات تكتسي عادة أهمية استثنائية في سياق السجال الداخلي الفرنسي.
وكما نتذكر فقد كان الرئيس السابق، يسمى ذات يوم في التداول الإعلامي الفرنسي بـ«ساركو الأميركي»، في إشارة إلى قربه في توجهاته من اليمين الأميركي وخاصة أن فترة رئاسته لفرنسا تزامنت مع فترة تنفذ ذلك اليمين ممثلاً في الرئيس السابق بوش الابن، وعصبة «المحافظين الجدد»، وقد جر ذلك على ساركوزي كثيراً من النقد داخل فرنسا نفسها، مما أسهم في تراجع شعبيته ثم خروجه من «الأليزيه» بعد فترة رئاسية واحدة. وفي هذا السياق يرى الكاتب أن ساركوزي خرج من تلك التجربة دون أن يكسب بالضرورة كل شيء، تماماً مثلما أنه لم يخسر أيضاً بالضرورة كل شيء، وهو ما يحيل إلى السؤال المطروح الآن بقوة في فرنسا: هل ما زال في جعبة ساركوزي ما يمكن أن يكسبه، وما يستطيع إقناع الفرنسيين به، ودفعهم لقبوله رئيساً من جديد، وخاصة بعدما أعلن عن نيته الترشح لرئاسيات سنة 2017 المقبلة؟ ثم هل تمكن خلال سنوات العودة إلى الواقع والشارع هذه من استخلاص الدروس من أخطاء تجربته السابقة؟ وهل يستطيع إصلاح نفسه، وتقويم اعوجاجات صورته؟ هنا يؤكد الكاتب أن لقاءات ساركوزي الأخيرة عبر التلفزيون، وحجم مبيعات كتابه «فرنسا للحياة»، يعطيان انطباعاً بأن الرجل لم يخرج من الصورة بعد، وأنه ما زال قادراً على استقطاب تأييد قطاعات واسعة من الرأي العام، على رغم كل شيء، وأيضاً بسبب تآكل شعبية اليسار الاشتراكي الحاكم، الذي يعد نقيضاً إيديولوجياً لساركوزي وحزبه اليميني الذي أعاد تسميته: «حزب الجمهوريين»!
وحول فرص ساركوزي الجديدة يرى الكاتب أن الرئيس السابق إن صح أن نطلق عليه التعبير الفرنسي الشائع «حيوان سياسي»، فلعل الأدق هو أن نقول إنه كطائر الفينيق، ذلك الطائر الأسطوري الذي يحترق ويصير رماداً ولكنه يعود إلى الحياة من جديد بشكل دائم. وهو من هذه الناحية أيضاً مثل ملهميه في اليمين الإنجيلي الأميركي، حيث يسمى عندهم من يهتدي إلى الطريق الصحيح بأنه «مولود من جديد»! فهل يولد ساركوزي فعلاً مرة أخرى ليعود إلى قصر «الأليزيه» مجدداً رئيساً للجمهورية وقد اخشوشن بفعل سنوات العودة إلى الواقع والشارع، وما عرفه خلالها من استهداف قضائي بتهم فساد، ونبذ سياسي وإعلامي واسعين؟ أم أن أخطاء الماضي، وأعباء الذاكرة، كفيلان وحدهما بالوقوف عقبتين غير قابلتين للتجاوز أمام طموحات ساركوزي الرئاسية الجديدة، بل المتجددة؟ هذا هو السؤال الذي لا يجيب عليه الكتاب، لأن جوابه سيبقى معلقاً برسم المستقبل حتى حلول موعد الرئاسيات الفرنسية العام المقبل.
حسن ولد المختار
الكتاب: سر ساركوزي
المؤلف: صامويل بريفو
الناشر: لوروشيه
تاريخ النشر: 2016
========================
مايكن يول سورنسن» و«براين مارتن» :توريط الخصم.. وردود الأفعال الروتينية
تاريخ النشر: الجمعة 26 أغسطس 2016
في عام 1967، خلال حرب الهند الصينية، جهّز مجموعة من نشطاء رابطة «كويكر»، سفينة لتقديم إمدادات طبية إلى فيتنام الشمالية، الأمر الذي وضع الحكومة الأميركية أمام معضلة، إما السماح للسفينة بإيصال المستلزمات الطبية إلى بلد كان يعد حينذاك عدواً، وإما استخدام القوة لإيقافها، ما يتسبب في دعاية سلبية نتيجة منع مساعدات إنسانية. يطلق على هذا النوع من الخطط والتكتيكات التي عادة ما ينتهجها النشطاء السلميون لخلق معضلة تضعف الطرف الآخر أو تشله أو تؤدي لتشويه سمعته، «عمليات توريط الخصم». وفي كتابهما الذي نعرضه هنا، «عمليات توريط الخصم.. تحليل أساليب النشطاء»، يقدم «مايكن يول سورنسن» و«براين مارتن»، الباحثان في جامعة «ولونغونغ» الأسترالية، تصنيفاً أولياً للسمات المختلفة لتوريط الخصم، مطبقين هذا التصنيف على ثلاث دراسات حالة: مسيرة الملح عام 1930 في الهند، ورفض النرويجيين التجنيد العسكري في ثمانينيات القرن الماضي، وحادثة أسطولي الحرية لكسر الحصار على قطاع غزة في عامي 2010 و2011.
وفيما يخص «مسيرة الملح»، يوضح المؤلفان أنه في عام 1930 واجهت حركة الاستقلال الهندية الكثير من التحديات، فرغم أن غاندي كان الزعيم المعترف به، فإنه كان من الصعب إيجاد وسيلة لتوحيد الهنود المنقسمين، اجتماعياً وطبقياً ودينياً وعرقياً، ضد حكامهم البريطانيين. في هذه الظروف طرح غاندي فكرة القيام بحملة ضد قوانين الملح البريطانية. ورغم أن ضريبة الملح كانت مسألة ثانوية في نظام الحكم البريطاني للهند، فإن غاندي أدرك أنها تنطوي على إمكانية لتعبئة الهنود من كل الأطياف، فخطط لمسيرة تتجه نحو البحر بقصد العصيان المدني من خلال استخراج الملح من مياه البحر. استغرقت المسيرة 24 يوماً للوصول إلى «داندي» على الساحل، بعد أن توقفت في المدن على طول الطريق، حيث ألقى غاندي خطبه المؤثرة واكتسب المزيد من الدعم والدعاية. واجه الحكام البريطانيون معضلة اعتقال غاندي مع تقدم المسيرة، فاعتقاله في وقت مبكر من المسيرة قد يساعد على تحجيم الدعم الذي يحشده المحتجون، أما الانتظار فقد يمكِّن الحملة من تحقيق أهدافها. لكن اعتقال غاندي في وقت مبكر ربما يؤدي إلى نتائج عكسية، خاصة أنه لم يخالف القانون، وأن أي إجراء غير شرعي ضده من شأنه أن يلهب مشاعر الرأي العام. وهكذا شكلت مسيرة الملح معضلة رغم أن مفهوم «توريط الخصوم» لم يكن قد ظهر أو تبلور في ذلك الوقت.
وفي مطلع الثمانينيات، خلق المعارضون للخدمة العسكرية عدداً من المعضلات للحكومة النرويجية، وكانت جميعها تندرج ضمن ما يسميه «جيمس جاسبر»، عالم الاجتماع الباحث في الحركات الاجتماعية، «اللاعبون المنفردون»، أي الأفراد الذين يرفضون التجنيد انطلاقاً من اعتراضات قوية ضد المشاركة في الحرب، ويواجهون بشكل فردي لاعباً مركباً قوياً (السلطة). وكان الرافضون للخدمة العسكرية يضمون مجموعتين، «الرافضين مبدئياً»، و«المعترضين حسب الموقف». لكن سرعان ما أصبحت الأفعال الدرامية والاستفزازية لحملة مناهضة التجنيد فعالة في جذب الاهتمام وحشد الدعم. وقد ركزت الحملة على النظام القانوني، واختارت السجون والمحاكم ووسائل الإعلام والساحات العامة.. مسارحَ لنشاطها التعبوي. وباستخدام استراتيجيات لافتةٍ للنظر، اجتذب النشطاء دعاية أكثر من الأنماط التقليدية للاحتجاج والشكوى، وأبرزوا بشكل أكثر وضوحاً تناقضات منطق الحكومة النرويجية وسياساتها.
وأخيراً يدرس الكتاب الحالة الثالثة، موضحاً كيف انطلقت في عام 2010 قافلة تضم ست سفن في تحدٍّ للحصار المضروب على قطاع غزة، مما شكل معضلة لإسرائيل التي تفرض الحصار. وكان على متن السفينة نحو 700 مدني غير مسلح من حول العالم، بما في ذلك بعض الشخصيات الشهيرة، من كتاب وبرلمانيين ونشطاء حقوق إنسان. وإضافة إلى المنظِّمين وممثلي وسائل الإعلام، فقد حملت السفن 10 آلاف طن من المواد الطبية والغذائية. ومن أول وهلة كان هناك حلان لهذه المعضلة التي خلقها النشطاء لإسرائيل: الأول هو السماح للسفن بالوصول إلى قطاع غزة، بالركاب والإمدادات الطبية والغذائية، وهو ما كان يعني بالنسبة إلى كثير من الإسرائيليين الرضوخ للضغط. أما الحل الثاني فهو إيقاف السفن، وفي هذه الحالة ستنشأ معضلة أخرى هي: ما السبل التي ينبغي استخدامها في هذه الحالة؟ وفي النهاية شنت قوات الكوماندوز الإسرائيلية هجوماً على السفن بينما كانت لا تزال في المياه الدولية، فقُتل على متن سفينة «مافي مرمرة» تسعة مواطنين أتراك، مما تسبب في أزمة علاقات هائلة للحكومة الإسرائيلية، وصدرت إدانات ضدها من شتى أنحاء العالم.
وفي العام التالي خططت الحملة لتكرار الرحلة، واستعدت 12 سفينة للإبحار نحو قطاع غزة، منها 10 من المياه اليونانية. بيد أن الحكومة الإسرائيلية تجنبت تكرار سيناريو 2010 باستخدام أساليب أكثر دهاءً وخفية لمنع السفن، وأطلقت حملة دبلوماسية أدت إلى قيام أمين عام الأمم المتحدة «بان كي مون» بتوجيه دعوة لجميع الحكومات لحث مواطنيها على عدم المشاركة في أسطول الحرية الثاني. ومنعت اليونان السفن من مغادرة موانئها.
وكما يوضح الكتاب، فقد كانت محاولة عام 2011 لكسر الحصار على غزة، مثالاً كلاسيكياً على مدى صعوبة التنبؤ بما سيفعله الخصم الذي يواجه معضلة عندما لا تكون الأفعال وردود الأفعال روتينية!
محمد ولد المنى
الكتاب: «عمليات توريط الخصم.. تحليل أساليب النشطاء»،
المؤلفان: مايكن يول سورنسن» و«براين مارتن»
الناشر: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
تاريخ النشر: 2016
========================
جوزيف ستيجليتز  :اليورو.. هل يهدد مستقبل الاتحاد الأوروبي؟
تاريخ النشر: الجمعة 26 أغسطس 2016
ليس ثمة وقت أفضل من الوقت الحالي لنشر كتاب «جوزيف ستيجليتز» الجديد المعنون: «اليورو.. كيف تهدد العملة المشتركة مستقبل الاتحاد الأوروبي؟»، وفيه يسلط المؤلف الضوء على المفارقة المأساوية حول حالة الانقسام التي تسببت فيها العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) بين الدول الأعضاء في الاتحاد، في حين أنه كان من المفترض أن يكون سبباً في تمتين علاقات التعاون والتكامل فيما بينها، أو كما يقول المؤلف: «الاقتصادات التي كان من المفترض أن تتوحد تفرقت!». وعندما أدى قرار بريطانيا بمغادرة الاتحاد الأوروبي، عقب استفتائها الشعبي الأخير، إلى اهتزاز أسواق المال العالمية مؤخراً، تذكر الجميع أن ما يحدث في أوروبا من شأنه التأثير على العالم بأسره.
وكتب «ستيجليتز»، الذي وصف منطقة اليورو بأنها «صرح عظيم على أسس ضعيفة»، قائلاً: «إن الصدوع كانت واضحة منذ البداية، لكن بعد الأزمة المالية العالمية التي تفجرت في عام 2008، اتسعت تلك التصدعات وتحولت إلى شقوق في الجسم الأوروبي نفسه».
وفي هذا السياق يشير المؤلف إلى أن التكاليف الضخمة، بما في ذلك ارتفاع معدلات البطالة والضغوط الاقتصادية الشديدة، كانت جزءاً من النتائج المترتبة على تدابير سياسة التقشف التي فرضتها مؤسسات الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، أي الأطراف التي يشار إليها معاً بمصطلح «الترويكا»، بهدف معالجة الأزمة الاقتصادية في دول مأزومة مثل اليونان وأيرلندا وإسبانيا، والتي اضطربت اقتصاداتها بشكل متفاوت الحدة منذ عام 2008.
ويتابع المؤلف موضحاً أن المعركة القائمة بين الدول الدائنة (مثل ألمانيا)، والدول المدينة (مثل اليونان)، أنتجت «نمواً ضعيفاً ومثيراً للشقاق» بدرجة أكبر مما كان يمكن أن يحدث فيما لو لم يكن لليورو وجود. وحول هذه النقطة يضيف المؤلف في استنتاجه المقنع: «إن المشروع الأوروبي أكثر أهمية من أن تتم التضحية به على مذبح اليورو».
وفي بداية كتابه، أوضح «ستيجليتز» أنه اتخذ قراراً بعدم سرد قصة «ميلاد اليورو»، لكن في جوهر كتابه يكمن تصوره العميق والذي مفاده أن ما يصفه بمبادئ «الليبرالية الجديدة» أو «أصولية السوق»، وهي في خلاصتها اعتقاد بأن سياسات السوق الحرة من شأنها حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، «غير موثوقة» ولم تعد موضعاً للثقة على نطاق واسع، لاسيما في مواجهة الكم الهائل من الأبحاث الاقتصادية التي تظهر ضرورة وجود دور أكبر للحكومة وتدخل من نوع ما في نشاط السوق وعمل آلياته. لذا اعتبر الكاتب أن تدابير التقشف التي فرضتها «الترويكا» إنما ترتكز على ذلك النسق العتيق من القناعات الاقتصادية النظرية.
وربما يكون «ستيجليتز» محقاً إلى حد كبير، لكن إحدى سلبيات طرحه تكمن في وجود تناقضات لا يستطيع الكتاب أن يقنع بها من يريدون أدلة دامغة على صحة فكرته. فعلى سبيل المثال، بينما يدعو المؤلف إلى التدخل في السياسات الاقتصادية ونظام السوق، يرى أن الاستراتيجية التي اتبعها «باول فولكر»، رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) الأسبق، الذي تعامل مع ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة، كانت استراتيجية خاطئة. وعلاوة على ذلك، فإنه في الوقت الذي تبنت فيه ألمانيا سياسات اقتصادية مدفوعة بتحركات السوق أكثر من أية دولة أوروبية أخرى، فإنها حققت أداءً أفضل من نظيراتها الأوروبيات، لكن المؤلف يصمها بـ«الفشل»، ويشتكي من أن نجاحها جاء على حساب الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. ثم جاء على ذكر أيرلندا، التي أُجبرت على تبني برنامج تقشف اقتصادي ومالي، لافتاً إلى أنها استطاعت العودة إلى مستويات ما قبل الأزمة من حيث مؤشر إجمالي الناتج المحلي وبعض المؤشرات الأخرى ذات الأهمية في هذا الخصوص. ومن وجهة نظر «ستيجليتز»، كان ذلك أيضاً «إخفاقاً تاماً»، لأن التكاليف الاجتماعية كانت باهظة جداً جراء سياسات التقشف المطبقة.
ومن السلبيات الأخرى في تناول المؤلف أنه يجرد القصة من الجانب الإنساني فيها، فيصف «الترويكا» بأنها «متعسفة»، معتبراً أنها دفعت إلى تمزيق العقد الاجتماعي، وإلى تخريب العرى الوثيقة القائمة بين أعضاء المجتمع ومكوناته على اختلافها. ويُشبّه ألمانيا بـ «سفاك دماء من العصور الوسطى»، لكنه في المقابل لا يذكر أسماء، ويشير فقط إلى بعض المؤسسات من دون تسميتها.
ويرى المؤلف أن إصرار ألمانيا على «الانضباط المالي»، وخوفها من التضخم، بأنه مسألة «نظرية محضة»، ويتجاهل بذلك أحداثاً تاريخية عرفت بـ«جمهورية فايمار»، عقب الحرب العالمية الأولى، لعبت دوراً في تصرف ألمانيا بهذه الطريقة.
وفي المجمل، تبدو وصفة «ستيجليتز» لإصلاح الأوضاع الاقتصادية والمالية في الاتحاد الأوروبي جاذبة ومقنعة إلى حد ما، وإن كانت هناك بعض الأمور الشائكة في تفاصيل الوصفة. وقد كتب المؤلف: «إن الوضع الانتقالي الذي تجد فيه أوروب نفسها في الوقت الراهن، بات وضعاً غير قابل للاستمرار»، فإما «مزيد من التقارب الأوروبي» من خلال تكامل سياسي واقتصادي أكبر، وإما «تقليص التقارب الأوروبي»، من خلال تفكيك منطقة اليورو في صورتها الحالية.
ويقصد الكاتب بـ«مزيد من التقارب» مشاركة الدَّين في صورة «سندات اليورو»، والتأمين المشترك على الودائع لكل البنوك في المنطقة، وحكماً أقوى للاتحاد من السيطرة السياسية للبنوك المركزية إلى ضريبة بقيمة 15 في المئة على كل الدخول التي تزيد على مستوى محدد في الاتحاد الأوروبي، وربما نظاماً حكومياً لتوزيع الائتمان قد يكون من شأنه القضاء على قطاع البنوك الخاصة
وفي هذا الخصوص يقول المؤلف: «إن إصلاح هيكل منطقة اليورو ذاته، ينبغي أن يهدف إلى تطبيق نظام اقتصادي يمكنه القضاء على البطالة نهائياً وتعزيز النمو في كل الدول الأعضاء معاً»
وائل بدران
الكتاب: اليرو.. كيف تهدد العملة المشتركة مستقبل الاتحاد الأوروبي؟
المؤلف: جوزيف ستيجليتز
الناشر: نورتون
تاريخ النشر: 2016
========================
جان لو غالو  :الهجرة الكارثة..من ظاهرة عادية إلى تهديد عالمي
التاريخ:19 أغسطس 2016
أشارت إحصائيات الأمم المتحدة إلى أن عدد المهاجرين في العالم بلغوا رقماً قياسياً في العام الماضي 2015. ومن المعروف أن القارّة الأوروبية، القارّة العجوز كما يطلقون عليها، هي إحدى الوجهات الأساسية للمهاجرين القادمين بنسبة عالية منهم من بلدان جنوب البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا وبلدان أوروبا الشرقية والوسطى «الشيوعية سابقاً».
الآراء في أوروبا حيال موجات الهجرة الجديدة ترددت بين أولئك الذين يرون في المهاجرين «حظّا» بالنسبة للبلدان الأوروبية المتقدمة التي تعاني من أعراض «شيخوخة سكانها وتناقص أعدادهم». وأولئك الذين يرون في المهاجرين الوافدين الجدد خطراً على مجتمعاتهم التي تعاني أصلاً من أزمات اقتصادية واجتماعية، وحتى من أزمات هويّة.
ووصل ببعض المناهضين للهجرة والمهاجرين التشاؤم حيال المستقبل الذي يترتب على استقبال أعدد كبيرة من «الأجانب» إلى الحديث عن «الهجرة الكارثة». وهذا بالتحديد هو عنوان كتاب «جان إيف لو غالو»، الأخصائي الفرنسي بمسائل الهجرة والذي سبق له وقدّم عددا من المؤلفات حول موضوعها.
بعد أن يرفق «جان إيف لو غالو» الهجرة بتوصيف «الكارثة» - بصيغة الإثبات ودون أي استفهام ــ يطرح السؤال التالي: ما العمل؟. وهو السؤال الذي اختاره كعنوان فرعي للكتاب. وجهة النظر الذي يقدّمها في هذا الكتاب تدور في واقع الأمر حول التأكيد أن أفواج المهاجرين إلى فرنسا وأوروبا عموماً يشكّلون «تهديداً حقيقياً» لوجودهما، أي لفرنسا وأوروبا.
والتأكيد في هذا السياق أن «الهجرات ظاهرة معروفة على مدى التاريخ الإنساني. لكنها أدّت في أغلب الأحيان إلى فناء المجتمعات التي تستقبلها». والعودة في هذا السياق إلى تاريخ الإمبراطوريات الكبرى من أجل تقديم بعض الأدلة التاريخية على مثل هذه المقولة.
ويؤكّد جان إيف لو غالو أن أسبابها الرئيسية تكمن بشكل أساسي في عدة عوامل تتعلّق بالزيادة الهائلة بعدد السكان في بلدان الجنوب، التي تنطلق منها الهجرات، والحروب وعدم وعي أو تجنّب أي نقاش جدي للمخاطر التي تطرحها الهجرة من قبل المسؤولين الأوروبيين والتهديد الذي يمثّله مشروع إيديولوجي تجسّده «نزعة الهجرة العالمية التجارية التي قامت النخب الأوروبية بتسهيل انتشارها لدى أصحاب القرار».
ويشير المؤلف منذ البداية إلى أنه لا يريد الاكتفاء بملامسة الموضوع، كما جرت العادة للذين تعرّضوا لموضوع الهجرة، لكنه سيشرح الأسباب ويرسم المسارات المترتبة على الهجرة بالنسبة لأوروبا.
وفي ما يقارب الــ 500 صفحة التي تحتوي على عدد كبير من المراجع والخرائط والإحصائيات والوثائق المتنوّعة يتعرّض إلى الهجرة من مختلف مظاهرها الاقتصادية والسياسية والتاريخية والأمنية والثقافية والجيوبوليتيكية..إلخ.
ولا يتردد المؤلف في توجيه النقد العنيف لـ«السلطات العامّة» في مختلف البلدان الأوروبية التي يرى أنها «لم تكتف بعدم قدرتها على رسم سياسات واضحة حيال الهجرة»، بل أنها أظهرت الكثير من الليونة حيالها باسم «إيديولوجية حقوق الإنسان» و «النضال ضد مختلف أشكال التمييز العنصري».
وما يرى فيه المؤلف «نقصاً كبيراً في الشجاعة»، بينما أن «الشجاعة أوّلاً» هي التي يؤكّد عليها ويعـــــتبرها بمثابة «مفتاح الحل». ذلك بمعنى «المحافظة على السيادة الوطنية» و«الهويّة الوطنية» و«التفضيل الوطني» و«الاستقلال الأوروبي» إلى غير ذلك من التوصيفات من نفس الطبيعة.
نقد شديد أيضا يوجهه مؤلف هذا الكتاب لـ «النخب» التي تردد بـ «مناسبة وغير مناسبة» تمسّكها بمفاهيم «العيش المشترك» و«التمييز الإيجابي». هذا التمييز بمعنى إعطاء المهاجرين بعض الميزات بقصد «دمجهم في مجتمعهم الجديد». والإشارة بأشكال مختلفة أنه «وراء اقتصاد الهجرة هناك إيديولوجية الهجرة».
هذا في الوقت الذي يؤكّد فيه المؤلف أنه «دون تسمية الشرور باسمها الصريح ودون طرح الحلول الحقيقية فإنه لن تتم تسوية أي شيء». «الحلول»، كما يشرح، موجودة وواضحة قبل أن يضيف أن «الدوائر السياسية العليا تجعل الخوض فيها من المحظورات». لكن ليس من أجل «المحافظة على المصلحة العامة»، كما تردد، ولكن بالأحرى من أجل «مشروعها» و«مصالحها» الخاصّة.
وبعد طرح «الإشكاليات» التي تطرحها «الهجرة ــ الكارثة»، حسب التحليلات المقدّمة، يقوم المؤلف بمحاولة الإجابة عن سؤال «ما العمل؟». ويشير إلى أن المطلوب قبل كل شيء هو «التخلّص من الأوهام» التي يرددها السياسيون بجميع مشاربهم فيما يتعلّق بوعود «الإحاطة بالهجرة النظامية أو السريّة» والتي تتم ترجمتها باستمرار في ارض الواقع بـ«تعاظم عدد المهاجرين».
بكل الحالات يؤكّد المؤلف أن معالجة مسألة الهجرة والمهاجرين بصورة جدية وفعّالة ستكون صعبة وستتطلب وقتا طويلا. هذا إلى جانب التغيير في آليات معالجة المشكلة ــ الكارثة. ويجد المؤلف مرجعيّة آلية الحل في كلمة ينقلها عن وزير الخارجية الفرنسي الأسبق الاشتراكي هوبير فيدرين. ومفادها:«إن اللجوء إلى القوّة سيكون في لحظة أو بأخرى حتمية لا يمكن تجنّبها».
من موقع العداء
كتاب لا يتردد مؤلفه في التأكيد أن المهاجرين ليسوا «حظّا» بالنسبة لأوروبا، بل هم كارثة كبيرة لها. إنها وجهة نظر فيها بوضوح الكثير من العداء حيال المهاجرين إلى أوروبا. ولكن لها من يدافع عنها..ولا شكّ أنه ينبغي التعرّف عليها فهي موجودة في الواقع و«بقوّة».
المؤلف في سطور
جان لو غالو، كاتب فرنسي، وأحد الأخصائيين الفرنسيين في المسائل المتعلّقة بالهجرة، سبق وصدر له عدّة كتب منها «التفضيل الوطني: إجابة عن الهجرة» و«الهجرة: وهم الاندماج»..إلخ.
========================
ايف ديغول  :نظرة أخرى على جدّي ديغول..الرومانسي المتعقّل
التاريخ:26 أغسطس 2016
كثيرة هي الكتب التي جعلت من سيرة حياة الجنرال شارل ديغول، قائد المقاومة ضد الاحتلال النازي لبلاده أثناء الحرب العالمية الثانية، ومؤسس الجمهورية الفرنسية الخامسة القائمة اليوم، موضوعاً لها بعد وفاته في شهر نوفمبر من عام 1970. وكان من بين آخرها العمل الذي قدّمه ابن الجنرال، أي الأميرال فيليب ديغول، عن والده حيث صدر منه مجلّدان.
وآخر سلسلة الأعمال عن الجنرال شارل ديغول كتاب يقدّمه حفيده، الابن الثاني للأميرال فيليب ديغول الذي كان في التاسعة عشرة من عمره عندما رحل جدّه. الحفيد المقصود هو «إيف ديغول»، خريج «المدرسة الفرنسية الوطنية العليا للإدارة ــ اينا» التي تخرّج منها عدد هام من قادة فرنسا السياسيين. ويحمل الكتاب عنوان «نظرة أخرى على جدّي شارل ديغول».
 
ما يؤكّده المؤلف منذ البداية هو أن هذه السيرة، من جهة، «ليست حيادية»، بالطبع فهي بقلم حفيد عن جدّه. ومن جهة أخرى هي «جزئية»، حيث إنها لا تلمّ بمختلف «الجوانب المتعددة» لشخصية الجنرال شارل ديغول. والإشارة أنه ليست هناك أيّة سيرة تجمع تلك الجوانب.
يكتب المؤلف ــ الحفيد: «كنت قد بلغت بالكاد التاسعة عشرة عندما رحل. هكذا أعيش متذكراً له طيلة 45 عاماً. وليس هناك يوم واحد منذ رحيله يمر دون أن أتذكّر ذلك البطل، جدّي القريب والبعيد في آن، حسبما كانت تقودني ذكرى أو صورة أو فكرة».
ويشير المؤلف أنه لن يتعرّض في هذا العمل للمسار السياسي ولأشكال فعل الجنرال في أحداث الفترة التي عاصرها. لكنه سوف يولي اهتمامه لشخصيته كـ «جدّ» عرف كيف يفرض نفسه على جميع أسرته، وكرومانسي متعقّل مؤمن بحيوية فرنسا وعمل على إيقاظها وعلى تجديدها.
أمّا السمة المشتركة التي كانت تربط بين الجنرال وحفيده فيؤكّد الأخير: إن الرابط الذي كان يجمعنا كان قبل كل شيء هو الأدب. ويشير في هذا السياق أن جدّه الجنرال كان بمثابة «آلة قارئة» منذ سنوات شبابه الأولى. وكانت قراءاته هي التي فتحت أمامه أبواب الكتابة التي مارسها بأسلوب رفيع لم يرق له سوى القليل من المبدعين الكبار.
بل ويحدد القول إن الجنرال كان يقرأ ثلاثة كتب كمعدّل أسبوعي حتى عندما كان في قصر الإليزيه. وكانت مكتبته في بلدته «كولومبي» تضمّ حوالي 2200 كتاب. أمّا الكتاب الذي قرأه وأعاد قراءته مرّات ومرّات فهو «مذكرات ما وراء القبر» لمؤلفه شاتوبريان في القرن التاسع عشر.
ومما يرويه المؤلف أن جدّه ــ الجنرال قرأ له ذات صباح بعض الصفحات من «مذكرات الأمل»، التي كان بصدد كتابتها. وبعد انتهاء القراءة سارا معاً في الحديقة. سأله الجدّ: ما رأيك؟ وأضاف: «بالتأكيد ليست على مستوى ما كتبه شاتوبريان». فأردف الحفيد: لكن يا جدّي مشروعك لا يوازي تماماً مشروعه. لقد تحدث شاتوبريان كثيراً عن التاريخ. لكنه ساهم فيه من بعيد. أمّا أنت فصنعته وتحدثت عنه. الأمران مختلفان».
ولا يتردد مؤلف هذا الكتاب ــ في التأكيد أن جدّته «العمّة ايفون»، كما يطلقون عليها، كانت كاملة الحضور إلى جانب زوجها. ويكتب ما مفاده أنه «بدون جدّته، ما كان للجنرال ديغول أن يصبح الجنرال ديغول». ويشير أن الجنرال كان يحرص على أن يتناول معها، بعد قيلولة بعد الظهر، الشاي عندما كان رئيساً.
وتأكيده أنها كانت تعطي رأيها «في كل شيء تقريباً». كما يشير أنها كانت هي التي تقوم بمراقبة «الاتصالات الهاتفية» بحيث لا تمرر منها للجنرال سوى ما تعتقد أنه لن يعكّر صفوه أو ما يكتسي أهميّة لا تحتمل التأجيل...«حسب تقديرها». وينقل المؤلف ــ الحفيد عن جـــدّه أنه كتب ذات يوم لجدّته ما مفاده «عزيزتي الصغيرة. لقد حط كل منّا بثبات رحاله بالقرب من الآخر»
ومن السمات الأساسية التي يؤكّد عليها ايف ديــــــغول لدى جدّه الجنرال أنه كان له موقف خاصّ مــن المال. وينقل عنه قوله: «لست بورجـــــوازياً. ولا أملــــك فكر ولا ممارسة تكــــــديس الثروات». لكن بالمقابل يؤكّد أنه كـــان يحرص على عدم الخلط بين المال الـــــعام والمال الخاص.
يذكر إيف ديغول بأشكال مختلفة في هذا الكتاب ــ الشهادة عن جدّه أن ما أثاره لديه من إعجاب لا يكمن في واقع الأمر بما فعله في الحياة والسياسة. ولكن بالأحرى طريقته في التفكير، التي بقيت لدى الشاب نـوعاً من الأسرار التي لن يستطيع فكّ رموزها. وطريقتــــه في فهم العالم ومشاكله وسبل التأثير في مسارات القضايا الكبرى.
المؤلف في سطور
إيف ديغول، هو حفيد الجنرال شارل ديغول والابن الثاني للأميرال فيليب ديغول. خريج المدرسة الفرنسية العليا للإدارة، التي تخرّج منها العديد من قادة فرنسا المعاصرة. يبلغ اليوم الخامسة والأربعين من العمر.
الكتاب: نظرة أخرى على جدّي شارل ديغول.
تأليف: ايف ديغول
الناشر: بلون - باريس ــ 2016
الصفحات: 304
القطع: المتوسط
========================
جان ماري بليت وبيير رابحي  :الإنسان والطبيعة..ثراء منظومات العيش وهشاشتها
التاريخ:26 أغسطس 2016
تسود لدى الرأي العام في العالم كلّه تقريباً فكرة أساسية مفادها أن البشر اليوم، وباسم التقدّم التكنولوجي الهائل الذي عرفته الإنسانية في الحقبة المعاصرة، يستهلكون بلا حساب موارد الأرض التي يعيشون عليها. ويبدو كأنه يغيب عن أذهانهم تماماً واقع أن بقاء البشر وضمان مستقبل الأجيال القادمة يرتبط إلى حد كبير بهذه الموارد التي يمكن أن تنحسر بحكم الإسراف في الاستهلاك بكل أنواعه.
ولعلّ من أبرز أولئك الذين أدركوا مثل هذه الحقائق الجليّة بوضوح للعيان جان ماري بليت، الذي رحل عن عالمنا نهاية عام 2015، بعد أن أمضى القسم الأكبر من سنوات حياته، وبالتحديد اعتباراً من مطلع سنوات الستينيات، في الدفاع عن البيئة.
وشخصية أخرى ذات شهرة عالمية هو بيير رابحي، صاحب سلسلة طويلة من الأعمال والدراسات عن البيئة والأرض ومستقبل الإنسانية والذي حذّر طويلاً من «فقدان المرجعيات» في التعامل مع البيئة في السياق الراهن من تطوّر الإنسانية. والتأكيد على أهميّة أن يحلّ التضامن والتعاون بين البشر مكان النزاعات والتوترات القائمة. وهو صاحب الدعوة لـ«انتفاضة الضمائر».
وتحت عنوان «إنقاذ الإنسان والبيئة» صدر في مطلع شهر يونيو من هذا العام كتاب يحمل اسميهما، وحيث كان جان ماري بليت قد أنجز سابقاً العديد من الدراسات ضمن هذا الإطار. بهذا المعنى يمكن اعتبار هذا الكتاب الصادر بعد رحيله بمثابة «الكتاب ــ الوصيّة» لمؤسس «المعهد الأوروبي لحماية البيئة» القائم منذ عام 1971 تحت هدف تشجيع وتطوير المبادرات حول نوعية الحياة والبيئة والعلاقات بين البشر والمجتمعات والبيئة، كما جاء في مقدّمة الكتاب.
وعلى غرار ما يتم ذكره في المقدّمة أيضا حول «حكاية الفراشة والنملة» يتم التأكيد على أن بقاء كل نوع من أنواع الكائنات يرتبط بعلاقته مع الأنواع الأخرى. والتأكيد باستمرار على «عمق العلاقة» بين الإنسان والعالم الذي يحيط فيه. وشرح أن العلاقة القويّة بين الكائنات التي تعيش في المعمورة تبرز بالوقت نفسه «ثراء» منظومات العيش على هذا الكوكب الأرضي، ولكن تبرز أيضاً مدى «هشاشة» هذه المنظومات.
وفي سياق التأكيد على روعة وأهمية المحافظة على التوازن الدقيق يتم شرح كيف أن إفراط البشر اليوم في استهلاك موارد البحار والمحيطات وتدمير الغابات وتلويث الطبيعة إنما يساهم في تعريض ذلك التوازن للخطر. وتوصيف ذلك بالقول إن «الأرض تموت» بسبب ما تتعرّض له من «تجاوزات».
والتأكيد بالتوازي مع ذلك أيضاً أن العالم وصل اليوم إلى «مرحلة مفصلية من مسيرته التاريخية»، خاصّة في ظل هيمنة «عصر العلم والتكنولوجيات والصناعات الثقيلة»، وما نجم عن ذلك من اعتبار «كل شيء في الأرض من نبات وحيوانات» بمثابة سلعة ومصدر للكسب المادي.
والتأكيد أن الاستمرار في مثل هذا السلوك يمكن أن يؤدّي إلى عواقب مصيرية على مدى السنوات القليلة المقبلة، وأخطر منها على المدى الأبعد. من هنا بالتحديد تتم المطالبة بتبنّي «منظومة أخلاقية للاستهلاك» تقوم على أساس «احترام الإنسان والبيئة المحيطة»، ومما يتم التأكيد عليه بأشكال مختلفة في هذا الكتاب أن البشرية حققت بالفعل تقدّماً هائلاً يدل عليه واقع أن عدد سكان العالم اليوم يتجاوز السبعة مليارات نسمة. لكن للميدالية «وجهها الآخر».
والتأكيد بأشكال مختلفة أن «الحياة على الأرض» انتظمت باستمرار على أساس «التعاون والتكامل» بين البشر وليس بالأحرى على خلفية «التنافس بينهم». بل القول إن البشر هم الذين أدخلوا مفهوم التنافس من أجل المكاسب. وزادت جرعة ذلك في المجتمعات الحديثة إلى درجة أن «الإنسانية غدت تعيش مرحلة مفصلية» من تطورها.
وتمّ بالتوازي مع ذلك إحداث خلل كبير في العلاقة بين الإنسان وبين الطبيعة بعد حقبة طويلة من التآلف والتعايش. وبعد أن شاعت لفترة طويلة فكرة إمكانية السيطرة على الطبيعة بواسطة العلم وثمراته التكنولوجية. والسيطرة عبر ذلك تصوّر إمكانية امتلاك سلطة أكبر، حيث غدا السؤال اليوم هو كيف يمكن السيطرة على العلم نفسه؟. وكيف يمكن إعادة التناسق للعلاقة بين الإنسان والطبيعة من أجل «إنقاذ» الاثنين من مصير مجهول؟.
ذلك أن «التفريق بين الإنسان والأرض يعني واقعياً طرد الساكن من منزله». وهذا الكتاب هو نوع من الدعوة لـ«الغضب» حيال ما يجري من ممارسات بشرية ضد الطبيعة. والمطالبة بالمقابل بضرورة «فهم الأرض ومحبتها من أجل المحافظة عليها بشكل أفضل».
وهذه هي الخطوة الأولى التي لا بدّ منها، كما تؤكّد التحليلات الواردة في هذا الكتاب، من أجل «تطوير صيغة جديدة لفكر بيئي ــ إيكولوجي» يذكّر بـ«حكمة المجتمعات التقليدية». تلك المجتمعات التي أكّدت باستمرار على احترام عناصر الطبيعة بما تحتوي عليه من «بركة».
المؤلفان في سطور
-جان ماري بليت هو مؤسس ومدير «المعهد الأوروبي لدراسات البيئة» منذ تأسيسه عام 1971 وحتى وفاته 2015.
-بيير رابحي هو أيضاً أحد أعلام الدفاع عن البيئة على الصعيد الأوروبي.
الكتاب: إنقاذ الإنسان والطبيعة.
تأليف: جان ماري بليت وبيير رابحي.
الناشر: فايار - باريس ــ 2016
الصفحات: 234
القطع: المتوسط.
========================
كاسندرا جاردين  :كيف تكونان أمًا وأبًا أفضل.. كتاب مترجم يساعدك على تربية أطفالك مهما كان سلوكهم
2016-08-17 الأربعاء 11:36 ص
هبة الشافعى
(كيف تكونان أما وأبا أفضل: مهما كان سلوك أبنائكما سيئا ،أو مهما كنتما منشغلين عنهم) كتابا جديد أصدر المركز القومى للترجمة الطبعة العربية منه، تأليف تاليف كاساندرا جاردين، ومن ترجمة منى الدروبى.
توضح المؤلفة سبب شروعها فى البدء فى هذا الكتاب، لمرورها بمواقف عديدة تتعلق بتربية الاطفال ،وتضيف (فقد جعلتنى ادرك ان ما يحتاجه ابنائى غير المنظبطين ،ليس فقط الكثير من الحب فهذا امر مفروغ منه ،وانما حسن التربية والتمرين ،فأنا أم لخمسة ابناء ترواحت اعمارهم اثناء كتابة هذا الكتاب ما بين سن الثالثة والثالثة عشر (صبيان وثلاث بنات ) وبهذا العدد من الابناء كنت اتشوق لمعرفة ما يدور فى المرحلة القادمة من النمو العمرى،ولكى اتوصل لهذه المعلومات كنت اعتمد على روايات من قلب الاحداث من صديقات لدى لديهن ابناء اكبر سنًا من ابنائى)، الى هنا ينتهى كلام المؤلفة التى تكتشف فى النهاية انها بحاجه الى دروس ومحاضرات ترشدها الى الكيفية الصحيحة التى تجعلها أمًا افضل.
وتعتبر محاضرات الأمومه والأبوة من الأخبار المهمة، ليس فقط للوالدين اللذين لا يستطيعان السيطرة على أولادهما، ولكن ايضا للاباء العاديين القلقين الذين وجدوا ان تطبيق مهارات بسيطة من دروس الامومة والابوة يمكن ان يؤدى الى ابناء اكثر سعادة وهدوءا،والى حياة عائلية اكثر متعة.ولكن معظم الاباء والامهات لا يرغبون فى الذهاب الى محاضرات الامومة والابوة،ولذلك فقد جمعت المؤلفه تجارب ومهارات افضل معلمين فى بريطانيا؛تقدم الادوات العملية التى يمكن ان يستخدمها اى اب وام على الفور.
من خلال 340 صفحة،و11 فصلا ؛بعنوان(مهارات الأمومة والأبوة)،(الأنماط "الروتينيات اليومية")، (فوضى وجبات الطعام)، (الاطفال المتعبون)، (ظروف صعبة)، ( المشاحنات الاخوية)، (الجريمة والعقاب)، ( الاعمال المنزلية)، ( حُسن السلوك الاجتماعى )، ( المدرسة والواجبات المنزلية) و ( المكافاًت والاغراءات) .
كما تتعرض الكاتبة من خلالهم وتشرح لماذا يتصرف ابنك او ابنتك بشكل سيئ .وتقدم أساليب وخططًا استراتجية معقولة وملموسة لضمان حياة عائلية سعيدة وأبناء متوازنيين.
يذكر أن المؤلفة كاسندرا جاردين ،صحفية شهيرة ،تكتب مقالات فى (دايلى تلغراف)، كما انها كاتبة للسلسلة المشهورة (ارشاد الوالدين)، ومترجمة الكتاب ،منى الدروبى ،كاتبة ومترجمة ،لها عدد كبير من الكتب المترجمة نذكر منها (انتظار)،( اسمى بيكاسو)،( اسمى فان جوخ)و( صوت البوم).
========================
القراء يختارون أفضل 10 كتب في عام 2015
بعد ان اختار الكتاب كتبهم المفضلة لهذا العام، حان الوقت لقراء الغارديان للحديث – وهنا نجد كتبهم المفضلة في عام 2015.
* افضل الاعمال الأدبية للعام الماضي، نمرّ على اختيارات الكتاب والنقاد، ومنها: تاريخ مختصر لسبع جرائم قتل – لمارلون جيمس والعملاق المدفون، من قبل كازو إيشيغورو  ونقاء من قبل جوناثان فرانزين. وتختار الغارديان من كتب (2015) ومنها كتاب مارلون جيمس "رجل قوي"، الذي فاز بجائزة "البوكر"، وهو عن العنف في جاماكا وهناك ايضاً سلسلة الكتب عن نابليون كتبتها إيلينا. كما ان قراء الغارديان كانت إختياراتهم جيدة وستأتي قائمة الكتب التي حصلت على اعلى الأصوات.
1- ان الكتاب الذي جذب اعلى الأصوات كان وثيقة تثير الفزع وتتحدث عن انتهاك الأطفال في مرحلة مبكرة.
2- قصة طفل مفقود، لايلينا فيرانتي كان القراء ينتظرون، السلسلة التي عن نابليون والتي كتبتها إيلينا فيرانتي، وهي عن علاقات شبه نقية، وكان جين اوستن كتبتها، او فيرغا، ديستوفسكي او ستندال. وقد أشاد النقاد بسلسلة حياة نابليون وحروبه، خاصة وان الكاتبة اهتمت بتفاصيل حياته وتفاصيلها.
3- "آلهة في حطام" – لـ "كيت اتكينسون" : اتكينسون، تابعت كتاب افضل اعمالها وهي "حياة ما بعد حياة" وهي هنا تتحدث عن حياة تيدي تود – ثاني طيار يستخدم الطائرة لالقاء القنابل – في خلال الحرب العالمية الثانية.
4- تأريخ مختصر لسبعة قتلى – لمارلون جيمس: لقد فاز هذا الكتاب بجائزة هذا العام "للبوكر" وهي تقص محاولة إغتيال "بوب مارلي" في جامايكا في السبعينيات والثمانينيات، من قبل CIA، والكتاب حافل بعدد من الشخصيات ويصفها بشكل جيد، إذ ان الاغتيالات من قبل CIA لا يقتصر على الشرق الأوسط بل في جامايكا هذه المرة، والكتاب جيد وصادق.
5- بكرة باللون الأزرق – لـ"آن تيلير" : انها رواية تيلير العشرين وتتحدث فيها عن الحياة العائلية في اميركا، وتم ترشيحها لجائزة "بوكر للرجال" إذ ان الشخصيات واضحة، وهناك في بعض الأحيان جمل اشبه ما تكون بالاشعار.
6- "نقاء" لـ"جواناثان فرانزن: انها رواية جديدة لفرانزن وقد خيبت أمل القراء ولكنها لم تخيب الكثرة منهم.
7- "العملاق المدفون" لـ "كازو إشيغورو" هذه عودة إشيغورو، وقد أحبه القراء في هذه العودة. ويكتب قصة ملحمية عن الاخطار. والرواية مثيرة ودرامية ايضاً وهي تتحدث عن قوة الذكريات.
8- "إكليل الراعي" لـ"تيري برتجيت": بعد فترة قصيرة لرواية "توفي في هذا العام وهو يكتب عدة روايات في هذا العام.. وهذه هي الأخيرة التي انتهى منها.
9- أرض مشتركة لـ"بوب كاوين": في هذا العام تفجرت الاعمال الروائية، بعد نجاحها، وهذه الرواية تتحدث عن جيل لا يرتبط بالأرض. وهذا الكتاب يتيح للقارئ كيف يتعلم التعلق بالأرض.
10- آخر رجل يرحل لـ"مات لويز": انها تحكي قصصاً صادقة عن الحياة وهو يستعيد تجربته في عام 1998. انها رواية جميلة وهي تحكي حياة مات لويز، وعن الكارثة التي حدثت في رحلته البحرية ووصف دقيق للعاملين في السفينة التي كانت تقلّهم ، وكأنك تعرفهم جميعاً.
عن: الغارديان
========================
هيكتور كوادرا - مونتيل  :صدور كتاب "العولمة نحو تنوع المنهج" ترجمة الدكتور محمد الجندى
نشر 16 آب/أغسطس 2016 - 03:27 بتوقيت جرينتش
يسهم الكتاب فى مناقشة العولمة من خلال مناهج مختلفةيسهم الكتاب فى مناقشة العولمة من خلال مناهج مختلفة
زادت التدفقات العابرة للحدود من البشر والموارد المالية والسلع والمعلومات والثقافة بطريقة هائلة، وأحدثت تحولاً عميقاً فى العالم، وقد سميت هذه الظاهرة بالعولمة، ونتيجة لذلك حدث جدل كبير ونقاش، بل خلاف حول العولمة فى مختلف فروع المعرفة من زوايا مختلفة، ويبدو أنه خلاف حول ما يخص العولمة والمعانى المتناقضة المرتبطة بها، ويشير هذا الخلاف من بين أمور أخرى، إلى المنطق السائد للعولمة الذى يفترض أن هناك سبباً واحداً لهذه الظاهرة، لكن الحقيقة هو أن هناك أسباباً مختلفة للعولمة، وكنتيجة لذلك لم تنجح البحوث فى استيعاب الظاهرة بكاملها" هذا ما كتبه هيكتور كوادرا - مونتيل محرر كتاب "العولمة نحو تنوع المنهج" ترجمة الدكتور محمد الجندى.
والكتاب الصادر عن "هيئة الكتاب" يحتوى على ثلاثة أقسام، يأتى القسم الأول بعنوان "أجندات العولمة" والقسم الثانى بعنوان سياسات العولمة، والقسم الثالث بعنوان تجارب العولمة.
يسهم الكتاب فى مناقشة العولمة من خلال مناهج مختلفة، حيث يمثل مؤلفوه مجموعة من الأكاديميين الدوليين من أربع قارات مختلفة تسلط إسهاماتهم الضوء على القضايا والسياسات والتجارب، التى تتحدى الأطروحات السائدة حول العولمة، وهم يظهرون وجوهاً كثيرة للعولمة تتعدد بتعدد فصول هذا المشروع الجماعى، من منظورهم الأكاديمى المعرفى الخاص، وبالتالى فإنهم يمنحون صوتاً للتنوع داخل العولمة.
يركز القسم الأول من الكتاب على قضايا رئيسية مثل الثقافة والتاريخ والمنظمات الدولية، حيث يستكشف المؤلفون التفاعلات ذات الصلة بين هذه القضايا والعولمة.
ويناقش القسم الثانى مركزية السياسات فى عملية العولمة، حيث تسلط التأكيدات المتناقضة الضوء على السياسة العامة والتطور المحلى والسياسة الخارجية والأنشطة الإجرامية التى لا شك فى أهميتها الاجتماعية، سواء كانت تستفيد من العولمة، أو تشكل تحدياً لها.
ويناقش القسم الثالث والأخير الروابط القوية بين المستويين، العالمى والقومى ويتم التعامل مع مخاوف مثل الحماية الاجتماعية من زوايا متنوعة.
والكتاب يوضح أن استخدام مصطلح "العولمة" يولد الآراء ويثير المناقشات، فيبدو أن كل الناس لديهم فكرة عن العولمة، وعن مدى تأثيرها فى حياتنا اليومية، لكنهم لم يتوصلوا إلى توافق فى الآراء حول ملامح العولمة وخصائصها، وهناك كثير من الأفكار والتصورات حول العولمة مثلما أن هناك الكثير من الآراء التى تحللها، وهذا هو بالضبط مكمن ثراء العولمة، إنه التنوع الذى يفتح مجالاً واسعاً للنقاش، من أجل تحديد عناصرها، ومحركاتها والجهات الفاعلة.
أما الفصل المتعلق بالعولمة والحركة والأوليمبية والرياضية والتعددية الثقافية فيرى "كونستانتين بيهويو وجيكا بيهويو " أن العولمة عملية متناقضة معقدة متعددة الأبعاد، ويبدو أنها السمة الرئيسية للتطور الحاضر، حيث إنها تشير إلى الامتداد المكانى للعلاقات والعمليات والهياكل من أى نوع، هذا هو السبب فى زيادة عولمة الموارد المالية التى تهدف إلى تشجيع الرياضة ونشر الحركة الأوليمبية.
أما الجزء المتعلق بـ"غسيل الأموال فى عالم تسوده العولمة" تأليف "هيتيش باتل وبهارات س.ثاكار" ففيه أنه غالبا ما يحدث الفساد وغسيل الأموال معا، وبجانب المؤسسات المالية فمن المعروف أيضا أن المحامين والمحاسبين ومقدمى الخدمات الثقة والشركات تشارك فى غسيل الأموال وخاصة التجميع والدمج، على حد قول مؤلفى الكتاب.
========================
صدر حديثا كتاب «شارع الأسرار» للروائي الأميركي جون ارفينغ
كتاب «شارع الأسرار» هو الرواية الرابعة عشرة للروائي الأميركي جون ارفينغ، ويروي فيها قصّة مهاجر مكسيكي شاب «خوان دييغو» يؤمّن بقاءه على قيد الحياة مع أخته «ليوب» من بقايا الطعام في أحد أماكن تجميعها التي تؤمّها الكلاب واليتامى.
لكن دييغو لا يشبه الضيوف الآخرين ممن يشاركونه، هو وأخته، كومات القمامة. فهو يتمتع بشهيّة عالية للقراءة، حيث كان يقرأ بلا تمييز كل ما يقع تحت يديه. وقد أثار بذلك فضول عجوزين كانا قد ألقيا في القمامة مجموعة من الكتب، حيث لم يكن منزلهما يسمح بوجودها.
ومن خلال القراءة صاغ خوان دييغو لنفسه عالماً خاصاً لم يكن يعرف السأم فيه. ومن خلال هذه الشخصية يعود المؤلف الروائي الشهير جون ارفينغ إلى تذكّر أحداث طفولته على هامش الحياة ورحلته إلى الفلبين «بلاد البؤس» آنذاك.
========================
قراءة في كتاب ” النبوءة والسياسة” لجريس هالسل
 19 août 2016 -            zoom          أحمد الجبلي
إن كتاب ” النبوءة والسياسة” كتاب ليس كباقي الكتب، فقارئه سيعيد قراءته مرات ومرات، وسيتوقف عند كل صفحة من صفحاته المائة والتسعين، حيث سيجدها مشحونة بالمعطيات والتقارير والحوارات والتصريحات القوية والحجج والبراهين، وسيجد أن موضوعها يعد أخطر موضوع يهدد ليس السلام في الشرق الأوسط فحسب وإنما يهدد السلام العالمي ككل. إن الاطلاع على هذا الكتاب من شأنه أن يعمل على تغيير العديد من المفاهيم التي كانت لسنين تعشش في أذهاننا خطأ، تماما كما كانت في عقل وفكر صاحبة الكتاب جريس هالسل، بل إن العديد من الناس، خصوصا مع ضعف القراءة والاطلاع و الرغبة في معرفة ما يجري حولنا، يجهلون كلية هذا الموضوع والذي قد يفوت حتى بعض المختصين بدراسة الأديان والمهتمين بالقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، أو السياسيين الكبار الذين لازالوا ينظرون إلى أمريكا نظرة إعجاب وإكبار وأنها دولة الحرية والديموقراطية والعلم ونشر السلم في العالم. كما يكشف عن خدعة كبيرة لا زال العديد من سكان العالم، ومنهم العديد من سكان أمريكا المسيحيين الذين ينتمون إل طوائف مختلفة، ظلت ولازالت مجهولة وهي في العمق تحدد طبيعة الصراع العالمي وطبيعة السياسة الأمريكية التي تقوم على الدين وتأويل نصوصه بشكل أساسي رغم أن أول بند في الدستور الأمريكي يصرح أن أمريكا علمانية لا دينية. إن هذا الموضوع، الذي يشكل جوهر الكتاب، عندما حاول بعض الكتاب والصحفيين العرب الاقتراب منه بالكتابة والتأليف أو حتى بالترجمة قصد فضح السياسات الأمريكية الإنجيلية الصهيونية، تعرض بعضهم للتهديد والتحذير، كما تعرض بعضهم للإختفاء الأبدي كما هو الشأن بالنسبة للصحفي المصري رضا هلال صاحب كتاب: المسيح اليهودي ونهاية العالم – المسيحية السياسية والأصولية في أمريكا- وصاحب ترجمة كتاب: أرض الميعاد والدولة الصليبية لوالتر ماكدوجال. وقد صرح هلال، قبل إختفائه، بأنه كان يزمع على كتابة ستة كتب تشمل هذا الموضوع الخطير إلا أنه اختفى، قبل إتمام مشروعه، ولا يعرف أحد إن كان حيا أو ميتا لحد كتابة هذه السطور. كما أن الكاتب والباحث اللبناني المسيحي العلماني المتخصص في الدراسات الدينية والثقافية والسياسية الأمريكية منير العكش، الذي عاش بأمريكا أزيد من 25 سنة، بعدما اخترق الخطوط الحمراء ليتمادى في فضح السياسات الصهيونية الأمريكية بل المتوحشة المتعطشة للدماء، أنتج رباعيته الرائعة كتلمود العم سام، وأمريكا والإبادات الجماعية، الذي يحكي فيه عن أخطر وأبشع الجرائم في التاريخ التي تعرض لها الهنود الحمر على يد الأمريكيين الإنجيليين الصهاينة،  وأمريكا والإبادات الثقافية ثم أمريكا والإبادات الجنسية – 400 سنة من الحروب على الفقراء والمستضعفين في الأرض-  حيث يقول:” كدت أن أتعرض للاغتيال على يد المخابرات الأمريكية”. كما أن هذا الكتاب، قيد القراءة، “النبوءة والسياسة” قد نال حظه من الحصار والمنع فمنع من الانتشار حتى لا يطلع عليه الإنسان الأمريكي البسيط وبالتالي حتى لا يتعرف على الحقيقة المرة التي هي أن أمريكا الأنكلوساكسونية الإنجيلية الصهيونية جد مستبشرة بعودة اليهود لأرض الميعاد كما أراد الرب لأنها أكبر علامة توحي لهم بأن الوقت قد حان لتحقيق مشيئة الرب التي هي تدمير العالم بحرب نووية ممتعة حيث يعود المسيح العودة الثانية ويقتل كل الأشرار ويتحول اليهود إلى مسيحيين ويعيشون تحت حكم المسيح لمدة ألف سنة. إن قيمة هذا الكتاب مستوحاة كذلك من كون صاحبته السيدة جريس هالسل مسيحية إنجيلية تربية وثقافة وخلقا، كما يقول محمد السماك صديقها العربي مترجم الكتاب، اشتغلت في منصب حساس جدا وهو تحرير خطب الرئيس الأمريكي ليندون جونسون، وهي صحفية مرموقة شرسة وموضوعية، وقد تعرفت على الحركة الصهيونية المسيحية عن قرب، وحاورت قادتها وفلاسفتها، وزارت فلسطين المحتلة عدة مرات وتحدثت أثناء رحلاتها لفلسطين عن بروتوكولات الزيارة الموجهة وبرامج تنظيم الصهيونية المسيحية لرحلات الحج التي تطال أكبر الشخصيات في أمريكا دعما لإسرائيل. إن السياسة الأمريكية المسيحية اليمينية الصهيونية تجاه العالم سواء تعلق الأمر بالعلاقات الخارجية وتبادل المصالح والزيارات والسفارات وعقد المؤتمرات والملتقيات وتأسيس هيئات وتحقيق توازنات وتدخلات من أجل وضع تسويات وصلح وتهدئات وسن قوانين وإجراء محاكم وعقوبات…وكل ما يقع في العالم، إنما هو مجرد ديكور واكسسوارات تهيئ  للعرض المقدس الذي لا يمكن تجاوزه، أو التشكيك فيه، وهذا العرض الذي يوشك أن يبدأ، يتشوق إلى شرف إشعال شرارته أو حضور بدايته كل مسيحي أصولي صهيوني، هذا العرض هو الحرب النووية المقدسة التي سيشعلها أحباء الله والمقربون منه جدا، وهم بتعبير الإنجيل “الناجون”. إن الرئيس الأمريكي ريغان كما يقول القس أندرو لانغ الذي قاد أهم دراسة حول إن كان الرئيس الأمريكي يؤمن بهذه الحرب النووية فأجاب: ” سيكون متهافتا للضغط على الزر، وهو يشعر في قرارة نفسه أنه يساعد الله في مخططاته التوراتية المقررة مسبقا لنهاية الزمن”. وفي سنة 1999 اعتقلت الشرطة الإسرائيلية مجموعة من الأصوليين الأمريكيين الذين قدموا من كولورادو،  والذين يطلقون على أنفسهم” المسيحيين المهتمين” ( أي مهتمين بالحرب النووية ومؤمنون بها) وبعدما تم القبض عليهم اتهمتهم السلطات الإسرائيلية بالقيام بعمل “نهاية دموية” من أجل تسريع العودة الثانية للمسيح. إن عملية التسريع هاته لها علاقة وطيدة بهدم قبة الصخرة حتى يتم بناء الهيكل الذي يعتبر النبوءة الوحيدة الباقية حتى تقوم الحرب النووية التي يؤمن بها أزيد من 85 مليون أمريكي ويتشوقون لشرف حضورها. ولهذا نجد أن كل المسيحيين في الأرض مطالبون دينيا أن يدعموا اليهود حتى يقوموا بدورهم الأرضي الذي يحقق النبوءة وهي عودة المسيح ليبيد السارازان، أي الهمج الذين يستحقون الإبادة، على حد تعبير الجد الخامس للرئيس جورج بوش في كتابه” محمد مؤسس الدين الإسلامي وأمبراطورية السارازان”. فالكتاب هو عبارة عن مقاربة خطيرة وجريئة لتفكيك المعادلة الفكرية لأكبر حركة دينية سياسية في العالم وأشدها خطرا. إن الأمر يتعلق حقيقة بتسخير فهم نصوص الكتاب المقدس من أجل الدعم المبارك لليهود الذي هو دعم مقدس لا يمكن المساس به لأنه إرادة الله، كما أنه دعم يحقق في الأخير مصالح هذه الصهيونية المسيحية لأن الكتاب المقدس يخبرهم بأن المسيح أثناء عودته الثانية سيذبح كل اليهود وسيترك منهم فقط 144 ألف يهودي على قيد الحياة وسينحني كل واحد منهم الرجل والمرأة والطفل أمام المسيح، وكمتحولين إلى المسيحية فإن كل الناضجين سيبدأون التبشير ببشارة المسيح. تعتبر سنتا 1948 و 1967 سنتين مقدستين عند المسيحية الأصولية لأنهما يمثلان الزمن الذي تحققت فيه نبوءتان عظيمتان. فالسنة الأولى هي وعد الله بالعودة بعد الشتات إلى الأرض الموعودة، كما في حزقيال، والسنة الثانية سنة أثبتت الجهوزية والاستعداد للحرب النووية الربانية.  فالكتاب عولج بأسلوب أدبي سلس، وبتحليل عميق للأحداث، وهو مثير ورائع حيث يتضمن العديد من الأرقام كإحصاءات للقساوسة والكنائس المسيحية الأصولية وخريطة تواجدها وانتشارها، والأموال الطائلة المتبرع بها والإذاعات التلفزيونية وإذاعات الراديو الدعائية لهذا الفكر الخطير، وأعداد المستمعين والمهتمين،  كما يذكر رؤساء أمريكيين  وسياسيين ومفكرين وشخصيات مهمة تؤمن حتى النخاع بالحرب النووية ولذلك سارعت نحو التسلح النووي وبيع وتوزيع الأسلحة في كل أنحاء العالم خدمة للرب وتحقيقا للنبوءة العظيمة.
========================
خمسة كتب هيمنت أفكارها على الحضارة الغربية واعتمد العالم العربي واحد منها كتاب الأمير
2016/08/19
ThePrince
نشرت الجريدة الرقمية “ساسة بوست” مقالا رئعا حول الكتب التي كان لها بالغ التأثير في الغرب، وركزت على خمسة دون الباقي. وإن كان معيار الاختيار يخلف جدلا ثقافيا وأكاديميا، إلا أن الكتب الخمسة لها وزنها وتأثيرها ويبدو أن العالم  العربي والاسلامي وخاصة الحكام استفاد من واحد منها هو كتاب “الأمير” لنيقولا ميكيافيلي.
مقال ساسة بوست
لم يكن مسار التاريخ في حقبة ما أبدًا بمعزل عن الأفكار التي سيطرت على عقول البشر في وقتها، الأمر يتعلق بقدر أكبر من الأهمية حين يتعلق بكتب سطرت أفكارًا سيطرت ولا زالت تسيطر على حركة التاريخ، بل إننا لا نبالغ إذا قلنا أن الأفكار والمبادئ الواردة فى بعض الكتب تكاد تكون مسؤولة بشكل كبير عما آلت إليه حياتنا سواء بشكل مباشر أو بغير مباشر.
نستعرض فيما يلى 5 كتب أثرت أفكارها على مسار الحضارة الغربية منذ عصر النهضة ولاتزال تأثيراتها تتجلى إلى الآن، كما يجدر بنا التنويه أن اختيار هذه الكتب لا يعنى بالضرورة أنها الأكثر تأثيرًا على الإطلاق، كما لا نعني أنها الوحيدة التي تنفرد بهذا التأثير الكبير ، فروبرت داونز- مثلا- في كتابه “كتب غيرت التاريخ” قد رصد 16 كتابًا منها 10 كتب اجتماعية وأدبية و 6 كتب علمية واجتهد فى بيان تأثير كل منها على حركة التاريخ.
1- الأمير “نيقولا ميكافللي
السؤال الذى حاول ميكافيللي الإجابة عليه في هذا الكتاب هو ببساطة، كيف يكون بإمكان أمير أوحزب أو أى كيان يمارس السياسة أن يصل إلى السلطة ويحافظ عليها؟ وبحسب ميكافيللي فإن القيم والأخلاق ينبغي أن تنحى جانبًا من أي ممارسة سياسية لصالح الأهداف وعليه فالسياسة عند ميكافيللي ليست مهمتها تغيير الواقع ولكن التكيف معه والاستفادة منه حيث ينص ميكافيللي على أن العالم الذي يعايشه الأمير يجب أن يظل على ما هو عليه، ورجال هذا العالم لا يحسنون ولا يسوءون. ومهمةُ الأمير هي أن يحصل على أفضل النتائج مع هؤلاء الرجال، من دون أن يعمل على تثقيفهم أو تنويرهم أو تغييرهم.
تلخص أفكار ميكافيللي دومًا من خلال جملتيه الشهيرتين “في الأمور ينبغي النظر للغاية وليس للوسيلة “، “من الأفضل أن يخشاك الناس على أن يُحبوك” وبناء عليه فالفضيلة عند ميكافيللي ليست إلا مجموعة الخبرات التي يحتاجها الأمير للتعامل مع القدر، أي الأحداث الخارجية، وبالتالي فالفضيلة هي خليط من الطاقة والذكاء والقدرة على استغلال الفرص وليست قيمًا ناجزة ومطلقة.
الرؤية ذاتها تنعكس على نظرة ميكافيللي إلى الدين الذي يصوره بأنه “أداة ملكية”، أي وسيلة يمكن بها السيطرة على الشعب وتوحيده باسم العقيدة الوحيدة. فالدين في نظر مكيافيللي هو دين للدولة التي يجب أن تستغله لأغراض سياسية بحتة واعتبارية، وأداة يفرضها الأمير للحصول على موافقة الشعب العامة التي هي أساسية من أجل الوحدة ولبـُـعد رؤية الإمارة نفسها.
أحدثت أفكار ميكافيللي -ولازالت- ضجة كبيرة فى الأوساط السياسية منذ صدور الكتاب عام 1513 إلى الآن، وعلى الرغم من أن ميكافيللي كتب كتابه بشكل خاص من أجل لورينزو الثاني طمعًا فى حظوته للحصول على منصب أمين الجمورية -وهو ما لم يحدث- إلا أن أفكار ميكافيللي لاقت انتشارًا عالميا أكثر مما كان يحلم به، بل إن نظريته حول أهمية فصل الأخلاق أوالدين عن الممارسة السياسية تعد أحد أهم الأسس النظرية التي تسِم الفكر السياسي الغربي.
2- ثروة الأمم “آدم سميث
اسمه بالكامل “بحث في طبيعة وأسباب ثروة الأمم” من تأليف الاقتصادي الاسكتلندي آدم سميث، وتم نشره عام 1776 في بداية الثورة الصناعية ويعد الكتاب الأساسي في التنظير نحو الرأسمالية ورفض تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي.
يعد ثروة الأمم هو أول عمل كامل عن الاقتصاد السياسي، وقد تناول بالأساس قضية النزعة التجارية. وقد حاول من خلاله البرهنة على أن الفردية تؤدي إلى الانسجام الاجتماعي حيث يرى سميث أن التجارة الحرة بعيدة عن القيود والرسوم التي تفرض على الحرية الفردية في التجارة سينتج عنها التقدم البشري والاجتماعي وكان يطالب برفع يد الحكومة عن التجارة ويوجه انتقاداته بشكل أساسي إلى قيود نظام النزعة التجارية البريطانية على الحرية الفردية في التجارة ويرى أنها ليس من واجباتها فرض القيود والرسوم وإنما الدفاع عن العدالة وحرية الأمة، وهذا ما كان يعتمد عليه ويعتبره حجة للمطالبة بسياسة الفردية التجارية وعدم تدخل الحكومة في التجارة، فكانت أفكاره محطة بالغة الأهمية في نشوء مذهب الليبرالية الاقتصادية.
يرى سميث أن كل أمة أو شعب يملك القدرة على إنتاج سلعة أو مادة خام بكلفة أقل بكثير من باقي الدول الأخرى، فإذا ما تبادلت الدول هذه السلع عم الرخاء بين الجميع، تقوم اتفاقية التجارة العالمية على كسر الحواجز أمام انتقال السلع لكي تعم العالم، لكن انتقال هذه السلع يتفاوت من حيث الإنتاج والاستهلاك بين دولة وأخرى وبالتالي هناك دول مستفيدة اقتصاديًا أكثر بكثير من غيرها.
لم يكن كتاب سميث اقتصاديًا بالمعنى بالبحت، فآدم سميث يعرف ذاته كفيلسوف أخلاقي أكثر مما يعرفها كعالم اقتصادي وتقوم فلسفة سميث على الاعتقاد في سلامة وكفاءة النظام الطبيعي، وأفضلية هذا النظام على أي نظام صناعي آخر. ونجد تفسيرًا أوضح لهذه النقطة، في كتابه الأول نظرية الشعور الأخلاقي (1759)، فعنده أن السلوك الإنساني يخضع لستة بواعث: حب الذات، التعاطف، الرغبة في الحرية، الإحساس بالملكية، عادة العمل، والميل للمبادلة. واستخلص سميث من ذلك أن الفرد هو أفضل حكم على تقرير مصلحته الخاصة، ويجب بالتالي تركه حرًا في سلوكه. وقد أدى اعتقاد سميث في وجود نظام طبيعي إلى القول بأن هذا النظام من شأنه أن يحقق التوافق والانسجام بين المصالح الخاصة للأفراد مبينة وفقًا للبواعث المتقدمة وبين المصلحة العامة. وهذه هي فكرة “اليد الخفية عند آدم سميث” التي تعني أن الأفراد في سعيهم لتحقيق صالحهم الخاص يحققون -بدون أن يشعروا- المصلحة العامة.
بالطبع يبدوأن آدم سميث كان مغرقاً فى التفاؤل بشأن تلك اليد الخفية الكفيلة بضبط السوق وتحقيق المصلحة العامة، وعلى الرغم من أن سميث كان يعلم أن “السوق الحر” ليس جنة كما يعتقد الكثيرون إلا أن تطور الممارسات الاحتكارية لرجال الأعمال على مدى القرون الماضية كان أكبر مما يعتقد الكثيرون -وربما منهم سميث ذاته- حتى صارت الدول نفسها عاجزة عن التدخل لضبط الأسواق، بعد أن صار رجال الأعمال والشركات متعددة الجنسيات هم -فى الحقيقة- من يديرون الدول ويحكمون العالم وليس العكس.
3- كفاحي .. أدولف هتلر
يجمع بين جزء من السيرة الذاتية ونظريات هتلر النازية، نشر الكتاب عام 1926 ورغم أنه صنف وقتها من الكتب الناجحة -دعائيا-إلا أنه لا أحد كان يمكنه أن يتنبأ وقتها بأن أفكار هذا الكتاب سوف تتسبب بمقتل 40 مليون من البشر فى غضون أقل من عقدين.
يأتي الكتاب فى مجلدين بإجمالى 27 فصلًا، لم يتورع خلاله هتلر عن وصف مشروعه بالعنصري ودولته بالعنصرية، الدولة العنصرية بنظره هي أسمى أشكال الدول، والحضارة العنصرية هي الحضارة ، “فالعرق الآري هو أرقى الأعراق”، ومن وجهة نظر هتلر فإن اختلاط العرق الآري بغيره من الأعراق “قاد إلى انحطاط الحضارة البشرية”، كما كان هتلر حريصًا جدًا على شرح كل تفاصيل مشروعه بداية من الأفكار الرئيسية إلى الهياكل والتنظيمات إلى الرسائل الإعلامية والجماهيرية حيث أفرد هتلر فصولًا كاملة عن الدعاية والتحكم فى الجماهير تعد مرجعًا مهما لفهم فلسفة العمل الإعلامي والدعائي.
ورغم تراجع قيمة أفكار هتلر العنصرية إلا أن كتابه لايزال مرجعًا هامًا في فهم سيكولوجية البشر، وكيف يمكن لفكرة مريضة أن تجد لها أنصارًا بالملايين؟ وكيف يمكن للدعاية أن تستلب عقول البشر؟
4- أصل الأنواع.. تشالرز داروين
لم تكن نظرية التطور لدارون بكل ما أثارته -ولازالت تثيره- من جدل مجرد فرضية علمية مجردة، فقد تم اعتبار نظرية داروين، بتلاوينها المختلفة، التي بدأت مع صدور كتابه أصل الأنواع عام 1859، أحد أهم أحجار الزاوية لما يعرف بـ”العقلانية الأوروبية” بحيث لم يتردد توماس كوين، في كتابه “بنية الثورات العلمية” في اعتبار ما فعله داروين نموذجًا لما تكونه الثورة العلمية التي وضعت منهجًا جديدًا في التفكيروالمقاربة للمسائل الأخلاقية والاجتماعية.
وبعيدًا عن النقاش العلمي لنظرية داروين ومن خلفه من التطوريين، تقوم نظريةداروين بصفة رئيسية على مبدأ الانتخاب الطبيعي والتي يعني الصراع على البقاء الذي يفوز به الأقوى أو الأفضل وهو المفهوم الذي طوره الفيلسوف الإنجليزي هربرت سبنسر إلى مقولة البقاء للأصلح.
لم تكن فكرة علم “اليوجينيا” الذي أسسه الانجليزي المتعصب فرانسيس جالون إلا امتدادًا طبيعيًا لأطروحات داروين، وتعنى اليوجينيا “التحكم في السلالة البشرية” لضبط معدلات الولادة و “تحسين” صفات البشر عن طريق ولادة الصالحين بيولوجيا فقط، بتشجيع الزواج المبكر لما يسمى “الأعراق الممتازة” فحسب، وحرمان غير الصالحين من الخروج إلى الحياة وهو مايعرف اختصارا بـ” الصفاء العنصري” ، هي الأفكار التى قامت عليها ألمانيا النازية التى أنشأت معهدًا علميًا حمل اسم غالتون. ووجدت في مقولات داروين وغالتون خير تأييد لمقولاته العنصرية عن تفوق أعراق معينة من البشر على غيرها، وهى المقولات التي بررت تعقيم ملايين النساء والرجال لئلا ينجبوا اولادًا يحملون «صفات دنيا»، إضافة إلى معسكرات الإبادة الجماعية، لليهود والغجر والبولونيين والروس.
5- كوخ العم توم .. هارييت بيتشر
نختم مجموعتنا برواية، ربما لم تكن تعلم هارييت بيتشر وهى تصدر روايتها كوخ العم توم عام 1852 أنها سوف تتسبب في هذه الضجة الكبيرة، بل إن شئت فقل هذه الثورة الكبيرة، فبعد صدور الكتاب بأقل من عشرة أعوام، اندلعت الحرب الأهلية الأمريكية بين الشمال والجنوب (1861-1865) على خلفية قانون إلغاء الرق، لقد كانت هذه الرواية ذات أثر عظيم على الوجدان الأميركي، لدرجة أن الرئيس إبراهام لينكولن، قال عندما قابل هارييت قال : “إذاً فهذه هي السيدة الصغيرة التي أشعلت هذه الحرب الكبيرة
اشتهرت رواية كوخ العم توم عند صدورها، وتوالت طبعاتها وترجماتها شهرًا بعد شهر. ليس هذا فحسب، بل إن خمسمائة ألف امرأة إنجليزية وقعن خطاب شكر موجهًا إلى المؤلفة، وطبعت الرواية في ملايين النسخ وترجمت إلى لغات عديدة، ويعتقد الكثيرون أن كثيرًا من مبادئ إعلان الاستقلال تم استلهامها من أحداث ومواقف هذه الرواية.
========================
خمسة  كتب يقرأها أوباما قبل مغادرة البيت الأبيض
القاهرة - بوابة الوسط | السبت 20 أغسطس 2016, 6:50 PM
نشر الرئيس الأمريكي، باراك أوباما» قائمة بالموقع الإلكتروني للبيت الأبيض، تتضمن خمسة كتب ينوي قراءتها أثناء إجازته الصيفية الأخيرة بصفته رئيسا للولايات المتحدة الأميركية.
الكتب الخمسة هي كتاب «ذكريات» لوليام فينيغان بعنوان «Barbarian Days: A Surfing Life»، و رواية لكولسون وايتهيد «Underground Hailroad»، وكتاب لهيلين ماكدونالد بعنوان «H is for Hawk» وكتاب من نوع الرعب النفسي للكاتبة البريطانية بولا هوكينز «The Girl on the Train» ورواية خيالية لنيل ستيفنسون بعنوان «Seveneves».
كما عرض الرئيس الأميركي قائمة من الأغاني التي ينوي الاستماع إليها خلال إجازته الصيفية وتتضمن 29 أغنية، وقسمت القائمة إلى قسمين أولهما الأغاني الصباحية وتحتوي على أغان من أنماط مختلطة، أما القائمة الليلية فتحتوي على أغان من نوع الجاز والسول، وفقاً لموقع «روسيا اليوم».
========================
كتاب: الأحكام الطبية وفقاً لفتاوى قائد الثورة الاسلامية
صدر حديثاً عن دار الثورة الاسلامية للنشر والطباعة كتاب "الأحكام الطبية وفقاً لفتاوى قائد الثورة الاسلامية" الذي يتضمن عدداً من الفتاوى الشرعية في المواضيع الطبية.
وأفادت وكالة مهر للأنباء إن دار الثورة الاسلامية للنشر والطباعة وضعت بين يدي القراء كتابها الجديد "الأحكام الطبية وفقاً لفتاوى قائد الثورة الاسلامية" وذلك عشية يوم الطبيب الايراني الموافق ل 22 آب وهو ذكرى ولادة الطبيب المسلم ابن سينا.
ويتضمن الكتاب أحكاماً طبية عامة متعلقة بالعمليات الجراحية وتعلم الطب وأحكام الوضوء والصلاة وصيام المريض والولادة وأحكام أخرى متعلقة بالاجهاض والتلقيح الصناعي وغيرها.
ووضع الكتاب الفتاوى الجديد وأخرى قديمة في أبواب تسهل على جميع القراء استخدامها، كما يمكن الحصول على هذا الكتاب من موقع دار الثورة الاسلامية للنشر والتوزيع. /انتهى/
========================
«خيبة أمل مدرّسة».. كتاب للسنغالي «نيانج»
داكار- «العمانية»: صدر للمنتج والمخرج السينمائي السنغالي «جاك ماري فرانسوا نيانغ» كتاب جديد بعنوان «خيبة أمل مدرسة» يتناول قصة مدرسة مؤمنة بمهنتها ينتهي بها المشوار إلى خيبة أمل صادمة، وكما جاء في الرواية الواقعة في 192 صفحة والتي أصدرتها دار النشر «لارماتان»، فإن المدرسة «ماودو توب» تم نقلها إلى قرية نائية، فانتقلت إليها خلافاً لإرادة زوجها الذي ظل مقيماً في المدينة.
غير أن بطلة القصة تجد نفسها أمام تلامذة كثيري التغيب وأهالٍ يعملون في الحقول ولا يأبهون بدراسة أبنائهم، ما أصابها بخيبة أمل كبيرة رغم مضيّها في توعية السكان حول أهمية التعلم، ويقول المؤلف إن كتابه يتتبع «الواقع الاجتماعي المعاش في سنغال الأعماق»، ويمثل مناصرة للتعليم وإشادة بالنساء.
كما تتناول الرواية مواضيع أخرى، من قبيل شجب بعض أمراض المجتمع، كالحمل المبكر وشراء الذمم من طرف رجال السياسة والآثار الناجمة عن الإضرابات.
========================
الاقتصادي جوسيب ستغليز يشرح في كتابه “الشرخ الكبير” التفاوت الأمريكي ويسعف لفهم التفاوت في المجتمعات العربية ومنها المغرب
 
ألف بوست-القدس العربي2016/08/22
Desigualidades
طفل من ضحايا التفاوت والأزمة
«الشرخ الكبير: ما الذي يجب فعله بشأن تفاوت المجتمعات؟»، هو عنوان كتاب المفكر الاقتصادي صاحب جائزة نوبل في الاقتصاد سنة 2001 جوسيب ستغليز، الذي يحاول رصد الفوارق والتفاوت بين المجتمعات وبين الأفراد. ويركز الكتاب كثيرا على المجتمع الأمريكي. وإن كان لا يهدف إلى ذلك بحكم تاريخ صدوره السنة الماضية، فهو  يسعف كثيرا في معرفة لماذا تراهن الطبقة المتوسطة والمهمشون من البيض الآن على المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية دونالد ترامب الذي تعتبره منقذها من هيمنة الشركات الكبرى والسياسيين الفاسدين. في الوقت ذاته، الكتاب يسعف كثيرا عبر تصوراته وآليات التحليل، لفهم التفاوت في العالم العربي رغم أنه لا يعالج هذه المنطقة.
الكتاب صدر السنة الماضية في الولايات المتحدة، وجرى ترجمته إلى الكثير من اللغات ومنها الإسبانية (النسخة المعتمدة في هذا التلخيص) باستثناء اللغة العربية، حيث تغيب مشاريع هامة لالتقاط الكتب الجديدة والعمل على ترجمتها ونشرها وسط الباحثين والطلاب العرب. وأهمية الكتاب تتجلى في موضوعه المتزامن مع الأزمات الاقتصادية التي يعيشها العالم على مستويين، الداخلي بين الطبقات والعالمي بين الدول، حيث الفوارق أو الشرخ الكبير، ووفق العنوان الشرخ يتفاقم ويتفاقم.
بينما الأهمية الثانية تتجلى في مؤلفه جوسيب ستغليز الأستاذ في جامعة كولومبيا الأمريكية يجمع بين البحث الأكاديمي المتميز وبين النضال السياسي ضد النظام وخلل الاقتصاد العالمي والمتحكمين، حيث يقوم بمحاضرات توعوية ويقدم المشورة للكثير من الأحزاب التقدمية المناهضة للاقتصاد المتوحش في الغرب مثل حزب بوديموس في اسبانيا وسيريزا في اليونان ضمن أخرى. وكانت مقالاته الأرضية التي قامت عليها حركة «احتلو والت ستريت» الأمريكية إبان الربيع العربي. ومن مقالاته الرئيسية في هذا الكتاب وكانت وراء هذه الحركة طرحه بأن هناك 1٪ من النافذين يتحكمون في الاقتصاد بينما بينما 99٪ من الناس تتفرج دون مشاركة. كما يعتبر من المفكرين الذين أغنوا المكتبة الاقتصادية بكتب هامة خلال العشرين سنة الأخيرة مثل «الاستياء من العولمة» و»ثمن التفاوت».
في الوقت ذاته، أهمية الكتاب تتمثل في الإجماع الذي تحققه أطروحاته، ونجد بول كروغمان يكتب في «نيويورك تايمز» وهو الاقتصادي التقدمي «وفق ما جرى في ديترويت واليونان (التدهور الاقتصادي المريع)، الطرح الاقتصادي الليبرالي الحديث أظهر محدوديته كثيرا، وجوسيب ستغليز يبرهن على هذا في كتاب الشرخ الكبير». وتعتبر مأساة اليونان  وما عانته ديترويت من عناوين فشل الرأسمالية ومدى محدودية مساعدة الغرب لبعض مكوناته في الأزمة.  ومن جانبه، يكتب بريان ويسبوري في الجريدة التي تعتبر مرجع الاقتصاد الليبرالي «والت ستريت جورنال» في تعليقه على الكتاب «ستغليز  يعمل طويلا في هذا الاتجاه، وتحليلاته وتكهناته تأخذ طابع الاستعجال في هذه الفترة التي نعيش فيها التفاوت المريع».
وفهرس الكتاب مكون من عناوين كثيرة، وهذا مرده إلى أن معظم المواد هي محاضرات للكاتب خلال السنوات الأخيرة، حيث رصد وقام بطريقة غير مباشرة للتأريخ  للأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم ابتداء من سنة 2007 في الولايات المتحدة قبل انتقالها إلى باقي أنحاء العالم. ولهذا، يعالج في التمهيد وتحت عنوان فرعي «من دّمر الاقتصاد الأمريكي؟».
وينطلق هذا المفكر من أطروحة الأصولية في الاقتصاد الحر، وهي تلك الشركات والمسيرون والسياسيون والبنوك والمؤسسات الدولية الذين يؤمنون بحرية السوق بشكل مطلق إلى مستوى مقارنتهم بالأصوليات الدينية والفكرية بسبب فرضهم سياسة التقشف على الباقي من حكومات وشعوب، محملا إياهم تدمير اقتصاد العالم والتسبب في الأزمة العالمية خلال السنوات الماضية والمستمرة حتى الآن، وتجعل الأغلبية الكبيرة 99٪ تؤدي هذه الخسائر رغم عدم استفادتها.
ورغم الاختلاف، فهو يرى أن همينة الولايات المتحدة وفكرها الاقتصادي الليبرالي عبر المؤسسات يجعل ما يحصل في هذا البلد ينتقل إلى بلدان أخرى، ومن ضمن الأمثلة أن الغنى والثروة في البلاد تتجه نحو الأعلى، أي استفادة تلك الطبقة المحدودة عدديا من خيرات البلاد ومزيد من الفقر للباقي، وهو الأمر نفسه الذي نجده في باقي الدول ومنها دول العالم العربي مثل السعودية والمغرب والجزائر ومصر، حيث كتابات مفكرين اقتصاديين تذهب نحو الطرح نفسه. وفي الفصل السابع من الكتاب بعنوان «آفاق إقليمية» يعالج ما تشهده الولايات المتحدة في دول أخرى مثل الوضع المتفجر في الصين من تفاوتات والأزمة في اسبانيا.
ويرى ستغليز أن التفاوت هو الذي أدى إلى الأزمة الاقتصادية التي تعرضت لها الولايات المتحدة والعالم، وهذه الأزمة فاقمت من التفاوت وسط المجتمع الأمريكي وباقي المجتمعات الأخرى وخاصة الغربية منها التي تأثرت بالأزمة مثل اليونان وإيطاليا وإيرلندا. ويضع أصبعه على الداء من خلال تأكيده أن التفاوت ليس نتيجة طبيعية لقوانين الاقتصاد بل نتيجة السياسات المتبعة ونوعية التشريع السياسي في مجال الاقتصاد.  TheGreatDivide
وارتباطا بهذا، يربط التفاوت بتدهور الديمقراطية في الولايات المتحدة وبآفات المال، وفي الفصل الأول بعنوان «أفكار كبرى» وبالضبط في العنوان الفرعي «الديمقراطية في القرن الواحد والعشرين» يركز على كيفية تأثير الشركات الكبرى على المرشحين للبيت الأبيض، في عملية شراء رؤساء بطريقة غير مباشرة من خلال تمويل الحملات الانتخابية، وكيف أن الغالبية الكبرى من النواب في الكونغرس تفوق ثروته كل واحد منهم ملايين الدولارات، لتصبح ديمقراطية الأثرياء ومليونيرات وليس عامة الشعب. وهنا تصبح الطبقة السياسة النافذة تشرع لصالح تلك الفئة التي تشكل 1٪ من المنتفعين من الاقتصاد وضد 99٪ الباقي. ومن العناوين المثيرة هو ما يعتبره «الاشتراكية للأغنياء في الولايات المتحدة»، حيث يسخر من الاشتراكية التي تبنتها الدولة في مساعدة الأبناك لمنعها من الانهيار بينما تحرم ملايين الأمريكيين من المساعدة.
ولا يكتفي ستغليز بالوصف والنقد من زاوية التشاؤم، فهذا الباحث يقدم وصفة في الصفحات الطويلة للكتاب وخاصة في الفصل الثامن وكيف يحث الولايات المتحدة على النهوض من كبوتها الاقتصادية، وتتعلق بكيفية الخروج من مأزق التفاوت، في هذا الصدد، مشيرا إلى ضرورة آليات ضبط السوق في الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة بعيدا عن هيمنة السياسيين المرتبطين بالشركات. في الوقت ذاته، يركز كثيرا على إصلاح الحملات الانتخابية حتى لا يبقى المرشح الذي يصل إلى البيت الأبيض رهينة ما تلقاه من تبرعات من الشركات تنعكس سلبا على مصالح الشعب. ويركز كذلك على إصلاح النظام الضرائبي حتى لا يتحمل الشعب نتائج الأزمات التي يتسبب فيها 1٪ من النافذين في السياسة والمال.
وكعدو رئيسي لسياسة التقشف التي تفرضها الكثير من الحكومات في العالم إبان اندلاع الأزمات، يعود ستغليز إلى الطرح الكلاسيكي في الاقتصاد وهو تجديد وتطوير البنيات التحتية كأرضية لانطلاق الاقتصاد من جديد، والرفع من مستوى التعليم والرفع من ميزانيات البحث العلمي لخلق مناصب شغل في قطاعات جديدة.
ولهذا، لا يقف عند الرؤية التقنية في الاقتصاد التي تربط الأزمات بتراجع الطلب أو المنافسات الخارجية لدول جديدة تدخل معترك الاقتصاد العالمي وتجلب استثمارات بما فيها انتقال شركات لدول أخرى بسبب التكلفة الضعيفة لليد العاملة ووجود مواد أولية، بل يرى في السياسة المفتاح. ويكتب في هذا الصدد «السياسة كانت وراء مشاكلنا الحالية، وبالتالي ففي السياسة سنجد الحلول الني نرغب فيها، والسوق لن يقدم لنا حلولا لوحده».
وكما أشرنا في البدء، التحليل الذي يقدمه جوسيب ستغليز في الاقتصاد ووضع حد لهيمنة الشركات على السياسة هو الذي اعتمده كل من المرشح الديمقراطي الذي خسر الانتخابات التمهيدية بيرني ساندرز والمرشح الجمهوري دونالد ترامب مع فارق في الطرح. وذلك، بين طرح رزين للأول وفي قالب شعبوي للثاني. لكن هذه الأطروحات هي التي جلبت الطبقة المتوسطة وخاصة البيضاء إلى التصويت على الاثنين مع حظوظ للثاني للوصول إلى البيت الأبيض، وعليه، فكتاب ستغليز هام للغاية لفهم نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.
وبحكم نهج العالم العربي سياسة ليبرالية متوحشة في بعض البلدان مثل تونس والمغرب ومصر مع السياسة نفسها لكن بالتوازي مع المساعدات الاجتماعية في دول مثل السعودية وقطر والإمارات العربية، فالكثير من تحاليل الكتاب تنطبق على العالم العربي. ويكفي أن العالم العربي من المناطق التي تشهد أزمات وتفاوتا خطيرا بين طبقة سياسية مسيطرة على الاقتصاد وعامة الشعب التي تعيش عناوين الحرمان في التعليم والصحة والشغل.
========================
اقرأ كتب السجون العشرة التي غيرت العالم
الاحد 21 اغسطس 2016   4:11:31 م - عدد القراء 65
اقرأ كتب السجون العشرة التي غيرت العالم
محمد حنفي
«كتابات السجن» برزت كأحد الموضوعات االأدبية الأثيرة في الأدب العربي خلال العقدين الماضيين. ولم تكن هذه الكتابات تعني غالبا ما دوّن تحت أقبيتها المعتمة، بل ما كتب عن تجربة السجن ذاتها، وغالبا من قبل معتقلين سياسيين. واتخذت مثل هذه الكتابات طابع السيرة الذاتية والاعترافات. بيد أن الثقافة الغربية عرفت لونا آخر من التأليف داخل السجون لكتاب تجاهلوا العزلة والقمع والقسوة، وتواصلوا مع العالم الخارجي وكأنهم بين أحضانه، وكأن السجن وفّر لهم فرصة التأمل في الحياة الممتدة فيما يتجاوز حوائطه.
فمن المفارقات أن جدران السجون كانت شاهدا على تأليف عدد من أهم الكتب في تاريخ الكتابة والإبداع التي ذاع صيتها وأصبحت علامة في بابها.
دون كيشوت
تعد رواية «دون كيشوت» للأديب الأسباني سرفانتس واحدة من كلاسيكيات الرواية العالمية، الرواية التي نشرت على جزأين بين عامي 1605 و1615 الهمت كثيرين وترجمت إلى كل لغات الدنيا. استلهم سرفانتس فكرة الرواية وبدأ في كتابة أجزائها الأولى وهو قابع وراء أسوار السجن، حيث كان يقضي عقوبته بتهمة اختلاسه المال العام، وقيل: بسبب دين لم يسدده كما تذكر بعض الروايات.
العصيان المدني
في إحدى ليالي منتصف القرن التاسع عشر رفض الكاتب الأميركي هنري ديفيد ثورو دفع الضرائب الحكومية والقي به في السجن ليلة واحدة، وراء جدران الزنزانة كتب ثورو مقالا بعنوان «مقاومة الحكم المدني» يمثل وجهة نظره تجاه الظلم والاستبداد، فيما بعد صدرت المقالة في كتاب بعنوان «العصيان المدني» كان من أعظم الكتب التي غيرت وجه التاريخي الأميركي إبان الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1861 في الولايات المتحدة.
حوارات مع نفسي
الزعيم الجنوب افريقي الراحل والايقونة الافريقية نيلسون مانديلا قضى في السجن 27 عاما، في الزنزانة الباردة دوّن مانديلا تلك الحوارات التي أجراها مع نفسه على مر سنوات السجن، وهي الحوارات التي صدرت في كتاب بعد خروجه من السجن بعنوان «حوارات مع نفسي»، الكتاب وصف بأنه مصدر إلهام لكل شخص يسعى للتغلب على الظلم أو يشك في قدرته على الالتزام بقضيته العادلة مهما كانت الظروف.
رحلات ماركو بولو
في النصف الثاني من القرن الثالث العشر الميلادي وبعد 24 عاما من الترحال عبر 15 الف ميل لطريق الحرير، عاد الرحالة والمستكشف الإيطالي ماركو بولو إلى مدينته فينيسيا ليجدها في حالة حرب مع جنوه وتم أسره واقتيد إلى السجن. ويدين العالم إلى السجن في قراءة أحد اهم الكتب في التاريخ وهو كتاب «رحلات ماركو بولو»، فخلال شهور حبسه راح ماركو بولو يقص رحلاته على أحد المساجين ويدعى رستيشيلودا بيزا الذي دون هذه الرحلات التي صدرت في كتاب سرعان ما اجتاح اوروبا ثم العالم.
كفاحي
قد لا يصنف كتاب «كفاحي» بين الكتب الإبداعية، لكن الكتاب الأكثر قلقا في تاريخ الإنسانية، ومن المفارقات أن هذا الكتاب الذي تسبب في موت الملايين كُتب في السجن، ففي صيف 1924 كان أدولف هتلر يقضي عقوبة السجن لمحاولته إطاحة الحكومة. وراء القضبان كتب هتلر صفحات كتابه الشهير (كفاحي) المزيج من سيرته الذاتية والشرح التفصيلي لفكرة النازية، كان العنوان الذي وضعه هتلر لكتابه «أربع سنوات ونصف من الكفاح ضد الأكاذيب والغباء والجبن»، ولكن الناشر نصحه بتغيير العنوان ليكون مركّزا، فاختار «كفاحي» وصدر في مجلدين عامي 1925 و1926 وبيع منه 240 الف نسخة حتى عام 1934 وبعد وصول هتلر لحكم ألمانيا باع الكتاب 10 ملايين نسخة
رسالة من سجن برمنغهام
داعية الحقوق المدنية الأميركي مارتن لوثر كينغ اغتيل عام 1968، كينغ الذي يعد اصغر من حصل على جائزة نوبل للسلام اقتيد للسجن عام 1963 بتهمة تنظيم احتجاجات ضد التمييز العنصري في الولايات المتحدة، وراء جدران سجن برمنغهام كتب كينغ رسالة يرد فيها على رجال الدين الذين يعتبرون أن دعوته غير حكيمة. لم يجد كينغ أوراقا ليكتب رسالته فكتبها على هوامش صحيفة يومية، رسالته التي صدرت فيما بعد في كتاب اصبحت من روائع الأدب الكلاسيكي.
سيدة الزهور
ولد الكاتب الفرنسي جان جينيه لقيطا وعاش طفولته في دار للقطاء، وفي شبابه دخل عالم الجريمة، وارتكب عشرات الجرائم ودخل السجن عشرات المرات، وفي إحدى هذه المرات كتب روايته الاشهر «سيدة الزهور» التي يروي فيها بصدق ولغة متدفقة حياته مع هذا العالم الجحيمي، كتب جينيه الرواية على ورق مخصص لصناعة الأكياس في السجن، واكتشف أحد الحراس ما فعله جينيه وصادر الرواية وأحرقها. كتب جينيه الرواية مرة أخرى ونجح في الخروج بها من السجن، وقد أحدثت الرواية التي نشرت عام 1943 ضجة كبيرة في الأوساط الأدبية.
من الأعماق
كان الكاتب والشاعر الايرلندي أوسكار وايلد احد أهم الأصوات الأدبية في القرن التاسع عشر. عاش وايلد حياة صاخبة ودخل السجن عامين بتهمة أخلاقية، في السجن حيث الحياة القاسية الخشنة التي لم يتعود عليها كتب وايلد واحدا من أهم كتبه بعد أن حصل على ادوات الكتابة بصعوبة، تمثل في رسالة طويلة مكونة من 50 الف كلمة موجهة إلى صديقه اللورد ألفريد دوغلاس. الرسالة نشرت بعد وفاة وايلد بخمس سنوات في كتاب بعنوان «من الأعماق» الذي يعد أحد أهم الأعمال الأدبية في القرن 19.
========================
فريدريك نايرا :جزء غير قابل للترميم من الأرض.. التغير المناخي ومخاطره
التاريخ:19 أغسطس 2016
تتعدد الآراء والنظريات حول مسألة التغيّر المناخي، وتتراوح المواقف منها بين الإنذار بخطر محدق يتهدد الأرض التي نعيش عليها وبين الموقف النقيض الذي يرى أنصاره أن كل ما يقال ويتردد عن التغيير المناخي ومخاطره لا يقوم على أي أساس علمي، وأنه بالتالي ينتمي إلى «الخيال» أكثر من انتمائه إلى «الواقع».
وما بين الموقفين هناك أولئك الذين يقومون بمقاربة مختلفة تماماً. مقاربة تكمن في القول إنه يمكن «السيطرة» على مخاطر التغيّر المناخي «إذا وُجدت. ذلك من خلال القيام بعملية «ترميم»، بل و«إعادة بناء» للأرض وتوجيه مسار تطورها البيئي من خلال «تدخّل العلم والتكنولوجيات الحديثة المتقدّمة لضبط المنظومة المناخية السائدة فيها، أي الأرض».
هذه الطريقة تدل على مجموع التقنيات التي تهدف إلى تغيير مناخ الأرض وبيئتها. ذلك بمعنى اللجوء إلى تصحيح مسار ما كانت قد تعرّضت له بسبب النشاطات الصناعية. وليس الوقاية من تلك النشاطات عبر الحدّ من الغازات الضارة للبيئة وللغلاف الجوي الصادرة من المصانع، وخاصة ثاني أكسيد الكربون، تبعاً لخطط يتم نقاشها منذ سنوات عديدة.
مثل هذه الطريقة في مواجهة مخاطر التغيير المناخي يطلقون عليها توصيف «هندسة جيولوجية المناخ». ويتمثل التطبيق العملي الذي يقترحه العلماء المعنيون لتطبيق تلك الطريقة في مكافحة التغيّر المناخي ودرء مخاطره عبر ضخّ «جزيئات السلفات» في الطبقات الجوية.
وفيلسوف العلوم الفرنسي فريدريك نايرا، الأستاذ في جامعة ويسكنسون بالولايات المتحدة الأميركية والأخصائي بالفكر المعاصر، يوجّه نوعاً من التحذير بأن مثل هذا العلاج هو أسوأ من المرض. وهذا ما يشرحه في كتابه الأخير الذي يحمل عنوان: «الجزء غير القابل للترميم من الأرض».السمة الأولى «السيئة» التي يؤكد عليها المؤلف في العلاج المقترح، مثل أي علاج آخر، أنه ذو طبيعة علاجية وليس وقائية. ويشير إلى أن مثل هذا العلاج يندرج في إطار الخطة البديلة التي يراد لها أن تحل محل الخطة الأساسية التي يميل لها المؤلف المتمثّلة في البحث عن سبل وقاية البيئة. ويرى في هذا نوعاً من التعبير أن «عصر غزو الفضاء لم ينته». و«الكوكب المستهدف اليوم هو: الأرض».
 
ويشرح المؤلف أيضاً أن الذين يقفون خلف مشروع خطة إعادة بناء الأرض وتوجيهها بواسطة التكنولوجيات الجديدة، إنما بينهم شريحة هامة من «رجال الأعمال» الذين يبحثون عن مجالات جديدة لاستثماراتهم وهم ينظرون إلى الفضاء كـ «ميدان لاستثمارات جديدة».
ويشير إلى أن هؤلاء يجدون من «يروّج لمشاريعهم المناخية» في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية في فرنسا والغرب عموماً. وبدلاً من الربط التقليدي بين الثقافة والطبيعة يتم التأكيد على فكرة «الطبيعة المندمجة في إطار الشبكات التكنولوجية ــ المالية»، أي الربط بين الطبيعة والنشاطات المالية.
ومقابل التطرّف فيما يتعلق بقدرات التكنولوجيا في السيطرة على الطبيعة ولجمها عبر التكنولوجيات، يؤكد المؤلف أن مثل هذا اليقينالموصوف بالعلمي ينتمي بالأحرى إلى الأساطير. ويقترح رؤية تأخذ باعتبارها «ما هو غير قابل للترميم في الأرض«، ذلك بمعنى الجزء الذي «لا يمكن إعادة بنائه إذا تمّ تخريبه».
هذا في الوقت الذي يؤكد فيه أن الأرض تعاني وأن تخفيف معاناتها لن يكون من خلال الجري وراء «الحلم ــ الوهم» الذي تقدمه تكنولوجيات القرن الحادي والعشرين، والذي يكمن جوهره بالتأكيد أنه لا تنبغي مغادرة الأرض بل بالأحرى إصلاحها.
فكرة الإصلاح هذه تقوم، كما يشرح المؤلف، على أساس أن «الإنسان» غدا بمثابة «المحرّك والعامل الرئيسي» في مختلف عمليات التحول الجيولوجي والمناخي التي تعرفها الأرض والبيئة، بتعبير آخر أصبح يرى نفسه أنه مكلف بمهمة تسيير وإدارة العالم الذي يعيش فيه من خارجه.بهذا المعنى أنه إذا حدث تغيّر مناخي في حرارة الأرض فإنه يستطيع التدخّل ويستخدم ما وصل إليه من تكنولوجيات كي يعيد ضبط إيقاع عملها، أي الأرض.
 
ويصف المؤلف ذلك الذي يعتقد بإمكانية التصدّي لظاهرة التغيّر المناخي «تكنولوجيا» و«ترميم جيولوجية الأرض» بأنه يحلم كـ«غواص يملك قدرات استثنائية تعيد ترميم الأرض من خارجها». مثل هذا النوع من التفكير يعتبره المؤلف بمثابة «زوال الطبيعة».
ويناقش على مدى العديد من الصفحات الصورة التي يقدمها للأرض التي نعيش عليها أولئك الذين يعتبرونها كـ«شبكة هائلة». وهؤلاء هم الذين يمثلون التيار الذي برز في الغرب خلال سنوات السبعينات المنصرمة وهم يتبنون مقولة «البيئة - الشبكة».
مقابل ذلك كله يقدم المؤلف رؤيته حول التغيّر المناخي في القسم الأخير من الكتاب. هذا تحت عنوان: «البيئة - الفصل». وتحديداً الفصل بين ما قد يمكن ترميمه وما لا يمكن ترميمه لأنه غير قابل للترميم، كما تتم الدلالة في العنوان الرئيسي. الخطوة الأولى والأساسية التي يؤكد عليها المؤلف بأشكال مختلفة هي القيام بالتراجع الضروري من أجل فهم لماذا ينبغي الدفاع عن الطبيعة.
ويعتبر المؤلف أن الخطوة الأولى من أجل إنقاذ الأرض تتمثّل بـ«الاعتراف بمكوّنها المتوحش وغير القابل للترميم ولإعادة البناء». هذا على عكس التوجه السائد في المفاهيم البيئية المعاصرة التي تولي اهتمامها لـ«مصالح البشر الآنية» وليس لـ«البيئة» وما تمثّله بالنسبة للإنسان اليوم، وخاصة ما تمثله بالنسبة لأجيال المستقبل على المدى المتوسط.
========================
كينغا ــ ياماتا تايلور  :السود في أميركا..نضال طويل وحياة لها قيمة
التاريخ:19 أغسطس 2016
تشهد الولايات المتحدة الأميركية في الفترة الأخيرة تصاعداً للعنف الموجّه حيال الأميركيين ذوي الأصول الإفريقية، أي السود. وليست قليلة هي الحالات التي يكون فيها الذين يقومون بذلك العنف هم من رجال الشرطة الأميركية «البيض»، كما تدل سلسلة من الأحداث الأخيرة.
ما يتفق حوله جميع المحللين هو أن مكوّن السود في المجتمع الأميركي عاش مراحل طويلة من النضال من أجل نيل حقوقه المدنية. ذلك أن مظاهر التمييز العنصري بقيت بارزة حتى سنوات الستينات من القرن الماضي، العشرين. ولا شكّ في مثل هذا السياق أن انتخاب «باراك أوباما»، كأول رئيس أميركي من أصول إفريقية شكّل «منعطفاً هاماً» في التاريخ الأميركي كلّه.
لكن ذلك لا يمنع واقع أن السود لا يزالون يعانون من الكثير من مظاهر الاضطهاد وأنهم الأكثر فقراً في المجتمع الأميركي ويشكّلون، كما تدلّ مختلف الإحصائيات الرسمية الأميركية، النسبة الأكبر بين السجناء الأميركيين. ثم أنهم الضحايا الرئيسيين للعنف الذي يشكل لون البشرة محرّكه الأول.
وليست قليلة الكتب التي كرّسها مؤلفوها لمناقشة مختلف المسائل المتعلّقة بالتمييز العنصري الذي يعاني منه السود الأميركيون أو للبحث في مسار نضالهم من أجل حقوقهم المدنية أو في سيرة حياة العديد من رموزه الرئيسيين من أمثال مارتن لوثر كنغ ومالكولم إكس وغيرهما.
إن «كينغا ــ ياماتا تايلور»، الأستاذة في جامعة برنستون الأميركية والكاتبة والمناضلة من أجل حقوق السود تكرّس كتابها الأخير لمحاولة الإجابة على السؤال التالي: ما هي الأسباب التي تؤدي إلى تصاعد العنف، خاصّة من قبل عناصرالشرطة الأميركية ضد السود في عهد أوّل رئيس أميركي أسود في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية؟.
وتنطلق المؤلفة في تحليلاتها من رصد المسار الذي عرفته حركة للنضال من أجل نيل السود الأميركيين حقوقهم المدنية هي حركة «حياة السود لها قيمة»، التي برزت وتعزز وجودها ودورها منذ صيف عام 2014. وتستعيد المؤلفة سلسلة من الأحداث الأخيرة التي ليس أقلّها شهرة قتل الشرطة للشباب السود في نيويورك وغيرها من المدن الأميركية.
وتؤكّد من خلال دراستها لهذه الحركة أن واقع «التمـــييز العنصري» الذي يعاني منه السود الأميركيون «لا يزال قائماً ومســـتمرّاً». الدلالة البليغة على ذلك تجدها في «النجاة من العقاب» بالنسبة لرجال الشرطة الذين مارسوا عمليات عنــــــف ضد السود. الأمر الذي تلخّـــصه المــــؤلفة بالتأكيد أنه «من الوهم تصوّر قيام أميركا ما بعد العنصرية»، بعد انتخاب باراك أوباما رئيساً.
في هذا الإطار يمثّل هذا العمل نوعاً من الدراسة الشاملة للأبعاد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمنظومة الأميركية القائمة اليوم. والخروج من ذلك بنتيجة اساسية مفادها أنه غدا من الملحّ اليوم تفعيل وتنشيط الحركات التي تثبّت ضرورة تحرير السود الأميركيين من أجل تحرير المجتمع الأميركي كلّه من ممارسات تنتمي إلى الماضي «العنصري». وبالتوازي مع ذلك الخلاص نـــــهائياً من ممارسات العنف التي تمارسها أجهزة السلطة الرسمية ضد أحد مكونات المجـــــتمع الذي ينبغي أن تكون حمايته هي في طلـــيعة اهتماماتها.
وما يشير إلى السياسات التي انتهجتها الحكومة الفدرالية الأميركية آنذاك بعد أشكال «العصيان المدني» للسود آنذاك. وتشرح المؤلفة أن التمييز العنصري تركّز آنذاك بشكل خاص على المسائل المتعلّقة بالسكن حيث كانت «الأحياء السوداء» عامّة هي أوّل ضحاياها.
وتميز المؤلفة في تحليلاتها بين واقع تردّي الأحوال الحياتية لأغلبية السود الأميركيين وبين بروز «نخبة سياسية سوداء»، ينتمي لها الرئيس الأميركي الحالي باراك اوباما والمحيطين فيه من الأميركيين ذوي الأصول الإفريقية. هذه النخبة «السوداء» لها أفكارها وتبريراتها التي تفسّر على أساسها ما تسميّه المؤلفة «ثقافة الفقر» بالنسبة للأميركيين ــ الأفارقة.
وبهذا المعنى أيضا ترى المؤلفة أنه هناك اليوم نخبة أميركية «بيضاء وسوداء» تقارب بينها المصالح المشتركة وبالتالي تتقارب مواقفها فيما يتعلّق بمسألة حسّاسة مثل التمييز العنصري. وفي مواجهة هذه النخبة العليا، هناك أيضا مجموعات شعبية تجد أنصارها من جميع مكونات المجتمع الأميركي«البيضاء والسوداء».
والإشارة أن أميركا تجتاز في هذه «المرحلة الدقيقة» أحد «المنعطفات الهامّة» في «تاريخها العنصري». ذلك مع عودة العنف الذي يعيد للذاكرة الماضي غيرالبعيد. وبالتوازي مع ذلك استيقاظ «مجموعات من المناضلين الشباب» للانخراط في حركات مثل «حركة حياة السود لها قيمة»، التي تجد مؤلفة هذا الكتاب أحد المصادر الرئيسية لمادة عملها في رصد مسار تطورها.
من هنا بالتحديد تؤكّد على «بنية حركة حياة السود لها قيمة» على اعتبار أنها مؤهّلة للنجاح في ضمّ مجموعات ذات أصول متنوّعة للنضال ضد التمييز العنصري. ومن الخصوصيات التي يتم التأكيد عليها بالنسبة للحركة المعنيّة أنها «أيقظت جيلاً جديداً من المناضلين ضد التمييز العنصري» في الولايات المتحدة الأميركية.
ومن الجوانب التي تؤكّد عليها مؤلفة هذا الكتاب بالنسبة للنضال ضد التمييز العنصري أنه غدا يكتسي «بعداً اجتماعياً» من حيث التأكيد على ضرورة مكافحة الفقر الذي يصيب شرائح هامّة من المجتمع الأميركي، ولا يقتصر على مكوّن واحد، مثل السود لأسباب تاريخية. وتؤكّد المؤلفة بأشكال مختلفة في هذا السياق على «استمرارية التخريب التاريخي والمعاصر» للعنصرية في المجتمع الأميركي.
وتقول المؤلفة في أحد جمل هذا الكتاب: «عنــــــدما أفكّر بتاريخ السود في هذه البلاد ــ أميركا ــ أفكر أيضا بالنضال الذي لا نهاية له وبمقاومة الاضطهاد».
وتؤكّد المؤلفة على استمرار ظاهرة التمييز العنصري التي بدا أنها في طريقها إلى الأفول والانقراض مع اختيار الأميركيين لرئيس من اصل افريقي. وتؤكّد كينغا تايلور أيضاً على أن شروط حياة ومستوى معيشة الشرائح الشعبية الأميركية عامّة، والسود منهم بشكل خاص، هي في طريقها للتدهور أكثر فأكثر منذ عقد السبعينات الماضي.
========================
ديفيد شامبوغ  :مستقبل الصين.. إمبراطورية على مفترق طرق
التاريخ:19 أغسطس 2016
يقال ويتردد الكثير عن الصين اليوم. وعن مكانتها الراهنة في العالم ودورها في قضاياه وموقعها في تصنيف القوى الكبرى اليوم وغداً، ذلك على المستويات الاقتصادية والسياسية والعسكرية وغير ذلك. باختصار يقال ويتردد الكثير عن الصين، ماضيها وحاضرها ومستقبلها. ولا شك أن هذه النقطة الأخيرة المتعلّقة بمستقبل الصين هي التي تطرح أكبر التساؤلات وربما أكثرها مثاراً للجدل.
و«مستقبل الصين؟»، بصيغة الاستفهام، هو عنوان، وموضوع، كتاب ديفيد شامبوغ، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية ومدير برنامج سياسات الصين في جامعة جورج واشنطن وبرنامج دراسات السياسة الخارجية في مؤسسة بروكلين الشهيرة.
من الميزات الأساسية - والجديدة إلى حد كبير بين الدراسات المكرّسة للصين - التي يتسم بها هذا العمل أن مؤلفه، الخبير المعروف بالشأن الصيني، يركّز بشكل رئيسي على ما يسمّيه «الاتجاهات السياسية العميقة» في الحياة السياسية الصينية. ذلك بعيدا عن «ضجيج السطح» الخاص بالتقدّم الاقتصادي الهائل الذي حققته «إمبراطورية الوسط» ودفع بها إلى مصاف القوّة الاقتصادية الثانية في عالم اليوم.
ما يؤكّده المؤلف في البداية أنه من العسير جداً نقاش مستقبل الصين دون الحديث مباشرة عن الصعود الاقتصادي الكبير الذي حققته. والإشارة في هذا الصدد إلى الأدبيات المعاصرة الكثيرة التي جعلت أيضا من «التحديث العسكري للصين» موضوعاً لها.
وإذا كان مؤلف هذا الكتاب يتعرّض لمختلف المسائل المتعلّقة بصعود الصين بمختلف مظاهره، فإنه يذهب أيضاً في اتجاه آخر هو التأكيد أن «الصين تعاني من صعوبات خطيرة». وهذه المقولة، التي يؤكّد المؤلف بناء عليها وتبعاً لما يقدّمه من وقائع وإحصائيات، تشكّل «الخيط الناظم» لتحليلات هذا الكتاب.
ويحدد المؤلف القول إن الصين تمرّ في السياق الراهن بـ «لحظة حرجة» في مسارها التطوري. ذلك على أصعدة الاقتصاد والمجتمع والكيان السياسي والأمن القومي والعلاقات الدولية. وبهذا المعنى هي أمام مفترق طرق «مصيري» في منظور مستقبلها «تقهقراً أو استمراراً في الصعود».

ويتم في هذا الموقع طرح عدد من الأسئلة الجوهرية حول مستقبل الصين. فهل ستنجح في القيام بسلسلة من الإصلاحات «الجذرية» التي قد تستمر عدّة عقود وربما تجعل منها القوّة العالمية الأولى؟. أو هل سيحجم قادتها عن القيام بمثل هذه الإصلاحات التي قد تهدد نظامهم؟. وهل يمكن للصين أن تسلك مشرباً آخر أكثر تحرراً على غرار العديد من المجتمعات الأخرى؟.
بكل الحالات يرى ديفيد شامبوغ أن مكمن الخطورة التي ستواجهه الصين يكمن في مسارها المستقبلي في حالة عدم القيام بعملية إصلاح جوهرية. هذا ما يحاول البرهنة عليه من خلال مجموعة من المؤشرات والوقائع والإحصائيات والمشاهدات. هكذا يشير مثلاً أنه خلال الخمسة عشر سنة القادمة سيتجاوز عدد الذين تزيد أعـــــمارهم عن الـ 60 سنة من 200 مليون صيني اليوم إلى 300 مليون.
ومن المعطيات الأخرى التي يقدّمها المؤلف أن «نسبة 70 % من البحيرات والأنهار في الصين ملوّثة» وأن «صناعة الظل في القطاع المصرفي الصيني تعاظمت إلى درجة أن الحجم الإجمالي لنشاطاتها بلغت ما يعادل نسبة 51 % من إجمالي الإنتاج الداخلي الصيني..
وأن السوق الوطني للعقارات تراجع بنسبة 25 % في الصين خلال سنوات 2012 ــ 2014. وهذا أمر مثير للقلق كون أن هذا القطاع يمثّل نسبة ما بين 15 إلى 20 % من إجمالي الإنتاج القومي الصيني». وسلسلة طويلة من المعطيات الأخرى المثيرة للقلق حيال الصين.
بالنسبة للخيارات السياسية القادمة «المحتملة» للصين يقوم المؤلف بتشبيهها بسيّارة تقترب من مفترق طرق يؤدّي إلى أربعة اتجاهات، ويرى أنها ستأخذ أحدها.
الاتجاهات المعنيّة يحددها بـ «النظام الشمولي ــ التوتاليتاري ــ الجديد»، بنوع من النسخّة المحسّنة لما هو قائم اليوم؛ و«النظام الشمولي - التوتالياري ــ المتشدد»، أي الاستمرار في النهج الحالي، و«النظام الاستبدادي الملطّف» وأخيراً «النظام شبه الديمقراطي».
ويميل المؤلف في تحليلاته إلى ترجيح أن تنحو الصين في اتجاه «النظام شبه الديمقراطي». ذلك أنه «بدون العودة إلى سبيل الإصلاح السياسي مع جرعة مهمّة من الليبرالية وتلطيف العديد من جوانب العلاقة بين الدولة ــ الحزب والمجتمع، فإنه سيتم الاستمرار في مسيرة تقدّم اقتصادي هامشي. بالاختصار إذا استمرّت العربة الصينية في مسارها الحالي فإنها ستجد نفسها معطّلة بسبب نقص الوقود».
ولا يتردد مؤلف هذا الكتاب في التأكيد أن لجوء السلطات الصينية الحاكمة في منظور «فرض المحافظة على النمو الاقتصادي» أو من أجل «ممارسة القمع السياسي» لأولئك الذين قد يسلكون سبيل المعارضة لن يقود سوى إلى «زيادة الأوضاع خطورة» وسيؤجّل عمليات الإصلاح التي غدت ضرورية وبأسرع وقت ممكن، حسب التحليلات المقدّمة.
========================
ديفيد لودويغ  :«جائع دائماً».. أنظمة صحيّة مفيدة وأكثر فاعلية
التاريخ:12 أغسطس 2016
تعاظمت النقاشات خلال السنوات الأخيرة حول المسائل المتعلقة بالأطعمة والأغذية والأنظمة الصحيّة الأكثر فاعلية وفائدة بالنسبة لأولئك الذين يتبعونها بقدر كبير من الدقة من أجل تخفيف الوزن في عصر «البدانة بامتياز». بل والنقاشات حول مجموعة من القواعد الصحية بين مؤيدّ ومناهض لما هو شائع من آراء حول ما هو ضار وما هو مفيد للصحّة.
في خضم النقاشات الدائرة ترتفع بعض الأصوات التي يحذّر أصحابها من «المعلومات الخاطئة الكثيرة» التي يتم تداولها على أساس أنها حقائق بما لا يقبل الجدل. ومن بين هذه الأصوات ديفيد لودويغ، الطبيب المختصّ بالغدد الصمّاء وهو يتولّى اليوم رئاسة قسم أمراضها في مستشفى الأطفال بمدينة بوسطن، وهو أحد الرموز الصحيّة الأساسية في جامعة هارفارد الأميركية حيث يطلقون عليه توصيف «المحارب ضد البدانة».
إنه يقدّم كتاباً يساهم فيه في تصحيح مجموعة من المقولات الرائجة في مجال الصحّة والتغذية. يحمل الكتاب عنوان: «جائع دائماً؟»، بصيغة الاستفهام. انه يشرح الأسباب التي تجعل السواد الأعظم من أنظمة «الريجيم» غير فعّالة. ويقدّم بالمقابل مجموعة من الاقتراحات التي يمكن أن تساهم في «صحّة البدن» بعيداً عن الإحساس بالجوع والحرمان.
يحدد مؤلف هذا الكتاب منذ البداية أن أحد الأهداف الأساسية التي يسعى لها من عمله «محاولة إعادة كتابة القواعد المتعلّقة بالصحّة عموماً، وبالأنظمة الغذائية ــ الريجيم ــ الخاصّة بتخفيف الوزن»، بشكل خاص. وإدراك أن «المشكلة الأساسية للبدانة» لا تكمن في الإفراط بتكديس الحريرات كدهون.
وبالتالي عندما يتم تقليص السعرات الحرارية في نظام غذائي يحتوي على كميات قليلة من المواد الدسمة إنّما قد يتم «تأزيم الوضع أكثر» و«نشوب معركة بين الذهن والاستقلاب الغذائي». ولا يتردد المؤلف في التأكيد أننا مهزومون في هذه المعركة الحاسمة.
الأنظمة الغذائية
ويشرح أن العديد من الأنظمة الغذائية التي يتم التأكيد أنها تساهم في تخفيف البدانة إنما هي في الواقع ضارّة ومؤذية للجسد. ذلك مثل القول إن «البقول بشتى أنواعها» يمكن تناولها في كل وجبة من وجبات الطعام اليومية. بل ويشرح القائلون بمثل هذا التأكيد أن «البقول بحدّ ذاتها» لا تؤدّي إلى السمنة، وإنّما «طريقة تحضيرها» بكميات كبيرة من الدسم وبـ«الحموض الدسمة المشبعة».
يشير المؤلف أنه أمضى العقود الأخيرة في حياته، وبالتحديد منذ سنوات التسعينات حيث «انطلقت موجة الهستيريا حول أنواع الأنظمة الغذائية التي ركزت على التقليل من المواد الدسمة»، وهو يبحث في المسائل الخاصّة بـ«مراقبة كل ما يتعلّق بالوزن».
ووصل بالمحصلة إلى نتيجة أساسية مفادها أنه ينبغي «تجاوز المسألة المتعلّقة بكمية السعرات الحرارية التي يتلقاها الجسد من التعذية والتوجّه مباشرة نحو الخلايا المسؤولة عن الدسم». وهو يركّز في التأكيد على «التقليل من السكريات للاقتراب أكثر فأكثر من نظام تغذية صحّي».
ويذكّر ببعض تلك الأنظمة التي كان يركّز واضعوها على تناول الحبوب «بلا اعتدال» ووصولاً إلى أكثر من عشر مرّات يوميا في اليوم. وهذا ما اكتشف خطأه بصورة كبيرة.
ذلك أن البقول ـ الحبوب بأنواعها ــ تحتوي على كميات كبيرة من السكّر، وبالتالي هي «السبب الرئيسي في انتشار وباء البدانة الذي ظهرت ملامحه بوضوح في سنوات الثمانينات»، بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية.
بالمقابل تبنّى «الدكتور لودفيغ» برنامجاً غذائياً يقوم على الابتعاد عن النشويات سريعة التحوّل على صعيد السكّر مثل الخبز والأرز الأبيض ومختلف أنواع البقول ــ الحبوب ـ في وجبات إفطار الصباح. وكذلك الابتعاد عن مختلف أشكال «السكّر المضاف» والمشروبات الغازيّة.
تقليص
بالمقابل يشرح أن البشر إذا نجحوا في تقليص تلك المواد، والتعويض عنها بمواد دسمة سليمة ومفيدة ولا تؤدي للسمنة مثل «الجوز وزيت الزيتون والأفوكاتو والشوكولا السوداء» وعلى السكريات «الطبيعية» مثل الفواكه والخضار فإن «استقلاب الأغذية لديهم سوف يتغيّر ويفقدون الوزن دون الإحساس بالجوع».
ويؤكد على ضرورة مواجهة مشكلة «إفراط الوزن» تدريجيا وعلى مراحل. المرحلة الأولى يحددها بـ «تناول أغذية فقيرة جداً بالسكّر وغنيّة نسبياً بالمواد الدسمة». ثمّ التدرّج وصولاً إلى «التقليل إلى أكبر قدر ممكن من تلك المواد الدسمة»
. بالتوازي مع ذلك يحدد المؤلف هدفاً آخر لعمله وهو أن يتعلّم المعنيون الكثير من المعلومات عن «التغذية الجيّدة والتغذية السيئة». والوصول إلى تعليمهم ما يعتبره المؤلف أفضل الطرق لـ «طبخ الأغذية» بحيث يتم «تحسين آلية عمل أجهزة الجسد كلّها».
والاهتمام في نفس الإطار بمختلف المسائل المتعلّقة بالتمارين البدنيّة والنشاطات المختلفة ــ وفي مقدّمتها «رياضة المشي» ــ ومحاولة «السيطرة على القلق والتوترات النفسية» و«بسيكولوجية السلوك». ويرى أن هذه كلها ــ وخاصّة أهمية النوم ــ تساعد في «كسب المعركة ضد البدانة».
السكّر في قفص الاتهام
بعد عقود طويلة من حالة الثبات في «معدّلات البدانة» في أميركا عادت بعد ذلك للارتفاع منذ سبعينات القرن الماضي. ذلك بالتوازي مع تغيير «أنماط العيش» من خلال انتشار ما يتم توصيفه بـ«السكريات الصناعية» التي زادت من مستوى «الأنسولين»في الدم وبالتالي أدت إلى «تكديس» الحريرات كـ«شحوم». هذا في ظل قاعدة بسيطة وصحيحة دائماً وهي أنه ينبغي لتجنّب تكدّس الشحوم تناول عدد قليل من السعرات.
المؤلف في سطور
ديفيد لودفيغ، أستاذ في كلية الطب بجامعة هارفارد الأميركية. وهو رئيس قسم الغدد الصمّاء في مستشفى الأطفال في مدينة بوسطن. أولى اهتمامه منذ عقود للمشاكل المتعلّقة بالبدانة. له العديد من المساهمات في هذا المجال.========================
سارة جف  :ثورة الأميركيين من أجل المساواة
تاريخ النشر: الجمعة 19 أغسطس 2016
كتاب «اضطراب ضروري» يروي رحلة الاحتجاج والتطرف في أميركا القرن الحادي والعشرين، ويمثل دليلاً إرشادياً يستخدمه القارئ إذا أراد أن يلقي نظرة شاملة على زوايا الأحداث والحراك السياسي والاجتماعي في أنحاء الولايات المتحدة بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008، لكن عليه أن لا يتوقع أن يقف كثيراً عند حدث معين.
وتصطحب الكاتبة الصحفية «سارة جف» القراء من حركة «حزب الشاي» إلى «حياة السود مهمة»، ومن ولاية «ويسكونسن»، إلى حركة «احتلوا وول ستريت»، ثم إلى «كافحوا من أجل 15 دولاراً». وتستند في كتابها إلى حوارات صحفية مع نشطاء، وتسلط الضوء على مشاعر الغضب في صفحات كتابها.
وعلى الرغم من كل محاولات الربط بين الموضوعات كافة، فإن ذلك الربط يبدو ضعيفاً، وإن كانت المؤلفة ترى أن كل المظالم مرتبطة، وكل القضايا متداخلة
تبدأ المؤلفة كتابها بـ«الأزمة المالية العالمية» في عام 2008، وردود الأفعال المختلفة التي تمخضت عنها، فتجد أن «حزب الشاي» مثلاً دفع من أجل نسخة أكثر نقاء من الرأسمالية، معززاً رهانه على «مبدأ المنتجين»، وأن هؤلاء الذين يصنعون الثروة ويوفرون الوظائف يستحقون الإنصات إليهم.
وقالت «جف»: «إن ذلك الغضب الشعبوي الذي استهدف النخب كان في السابق أداة لليسار، لكن في مرحلة ما بعد الانهيار، أضحى المحافظون هم من يوفرون مساحة لتفريغه وتأييده».
ومع تجاوز غضب المحافظين من الدعم المالي الحكومي وأصحاب الرهون العقارية في قاعات التداول، وتحوله إلى احتجاجات ضد قانون أوباما للرعاية الصحية «أوباماكير»، واحتجاجات في ساحات المدن وتنظيم فاعليات احتجاج محلية.. قدّم أيضاً ذلك الغضب دروساً وقوة دافعة لتيار اليسار. واحتجاجات 2011 في «ويسكونسن» ضد الحاكم الجمهوري «سكوت ووكر» لإنهاء المساومات الجماعية من قبل اتحادات الموظفين الحكوميين، والتي تبعتها محاولة فاشلة لسحب الثقة من «ووكر»، أظهرت قوة الاحتجاج في المركز التاريخي والسياسي.
وربما كانت بدايات حركة «احتلوا وول ستريت»، التي رفعت صيحة المعركة تحت شعار: «نحن الـ99 في المئة»، موجهة ضد النخب المالية في الولايات المتحدة، لكنها حررت تفكير الأميركيين بشأن انعدام المساواة بطريقة تجاوزت بعد ذلك الحديث عن الثروة والدخل. تقول المؤلفة: «من وجهة نظر الحركة، إن غياب المساواة، ليس مجرد القلق بشأن الفقر أو البطالة، وإنما الشعور بأن مجموعة صغيرة من فاحشي الثراء يكنزون مزيداً من الثروات ويجمعون السلطات السياسية في أيديهم، كان هو المشكلة». وأضافت: «إن حركة (احتلوا) جعلتنا نشعر بهذه المشكلة».
وتحدثت «جف» إلى المتظاهرين والنشطاء من كل الأعمار والخلفيات السياسية، وكررت في كتابها دعوتهم لرؤية أكثر اتساعاً، قائلة: «إن المسألة ليست فقط أن انعدام المساواة في الدخل أو الثروة هي التي تؤجج الاحتجاجات في الشوارع، وإنما كل المظالم الأخرى التي ترتبط بالدخل والثروة». وأضافت: «إن المشكلة تشمل السلطة وإتاحة الفرص والاحتواء». وتوضح: «بناء على وجهة النظر هذه، تعتبر التظاهرات ضد المعاملة التمييزية من قبل الشرطة، على سبيل المثال، حركة مناهضة لانعدام المساواة ضد جماعات محددة بسبب الجنس أو العرق أو الآراء، بينما يفلت آخرون من العقاب على جرائم قتل».
وتعود «جف» والأشخاص الذين حاورتهم مراراً وتكراراً إلى «الترابط بين الموضوعات»، وفق مبدأ أن الصور المتعددة للتمييز والمحاباة، استناداً إلى العرق أو النوع أو أي عوامل أخرى، تتداخل وتتفاعل، لتصبح كل صورة من هذه الصور لا تنفصل عن الأخرى.
وقالت «جيني دي»، التي بدأت نشاطها السياسي في احتجاجات «ويسكونسن»: «على الحركات المختلفة أن تفهم الترابط بين كل قضايانا وأن تضمن وضع طريقة للتعاون والعمل معاً من أجل وضع مكافحة الفقر والتمييز العنصري ودعم العمال في جوهر عملنا». وأضافت: «جميع الحركات السياسية من (حياة السود مهمة) إلى (حركة العمال)، جزء من صورة متراكبة، لديها تفاصيل متداخلة كثيرة».
وتحاول المؤلفة تسليط الضوء على الجانب الإنساني للحركات التي ركزت عليها في كتابها، وتناولت في أحد الفصول تباينات وشمولية القوى الدافعة من ورائها.
وفي ضوء رؤيتها الشاملة لانعدام المساواة، تفند «جف» بمهارة «الانفصام الزائف» بين القضايا الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يتناسب تماماً مع النقاشات السياسية في الولايات المتحدة.
وائل بدران
الكتاب: اضطراب اضطراري.. الأميركيون في ثورة!
المؤلفة: سارة جف
الناشر: نيشن بوكس
تاريخ النشر: 2016
========================
مواقع التواصل.. الجذور والجسور
تاريخ النشر: الجمعة 19 أغسطس 2016
لم تعد مواقع التواصل الاجتماعي مجرد مواقع على الإنترنت يتصفحها المبحرون على الشبكة العنكبوتية عرضاً، وإنما تحولت مع مرور الوقت إلى ظاهرة ذات أبعاد اجتماعية بالغة التعقيد، يثور حولها الجدل في مختلف أنحاء العالم، وتنقسم بصددها الآراء بين مؤيد مدعٍ أنها قد حققت ثورة في التواصل بين أفراد المجتمع الإنساني، وفتحت آفاقاً جديدة غير مسبوقة لنشر الأخبار والفرص والمعارف والمهارات والتجارب، من دون قيود أو حدود، ومعارض منتقد بشدة لهذه الشبكات يرى أنها عديمة المصداقية في معظم الأحيان، كما أنها ككل صور فائض التواصل الرمزي والرقمي الأخرى تأتي على حساب التواصل بالمعنى الحقيقي الحسي بين أفراد المجتمع الواحد، والتعارف الثقافي الإنساني الأوسع بين أفراد البشرية جمعاء. وبين هذين الرأيين الحدِّيين، توجد أيضاً آراء أخرى كثيرة متفاوتة في الِحدة والشدة والاحتفال والاحتفاء بهذه الشبكات. وسعياً لتبصير وتنوير الجمهور العريض بخلفيات هذه الشبكات، وأنسب الطرق لاستخدامها لتحقيق تواصل اجتماعي بمعنى التفاعل الإيجابي المفيد للفرد والمجتمع يأتي كتاب: «هل شبكات التواصل الاجتماعي أصدقاء لنا؟»، الصادر في منتصف شهر يوليو الماضي، عن مجموعة مؤلفين أكاديميين فرنسيين هم جيلي دونويل وأريك ديلكروا وسيرج برو، وكلهم أستاذة جامعيون ومؤلفون مشهورون في مجال تقنيات الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي. وتقوم فكرة هذا الكتاب على عرض رأيين أحدهما مؤيد بقوة لاتساع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي ولذلك يسعى لإبراز إيجابياتها وحجم الثورة الاتصالية والإعلامية التي تكشّفت عنها، والآخر متحفظ على الأوجه غير المهنية وعلى انعدام المصداقية وكثرة حالات إساءة الاستخدام الموجودة في كثير الأحيان في فضاء هذه الشبكات. وبعد عرض الرأيين يعرض المؤلفون أيضاً رأياً وسطاً، يبدو موجهاً لمستخدمي هذه المواقع نحو الاستخدام الأمثل والأفضل لها.
وفي البداية يعود المؤلفون مع ظاهرة الإعلام والتواصل المعاصرة نفسها إلى جذورها التاريخية والاشتقاقية، مبرزين في هذا المقام، أن السمة التكنولوجية والتجديدية ظلت دائماً هي الثابت في مجال الإعلام منذ نهاية القرن التاسع عشر، وقد كان ذلك دائماً محل جدل لجهة تأثيراته الإيجابية أو السلبية علي العلاقات الاجتماعية، وعلى مصداقية فن الإخبار والإعلام أيضاً. فحين تطورت شبكات سكك الحديد في نهاية ذلك القرن، كان ذلك حينها يعتبر ثورة اتصالية كبرى، لأنها حرقت مراحل السفر بالمفهوم التقليدي، وكذلك كان أيضاً حال التوسع في استخدام التلغراف، ثم الهاتف، والإذاعة، والتلفزيون، وصولاً إلى شبكة الإنترنت والعالم الرقمي الذي أوجد عالماً أو واقعاً افتراضياً موازياً للعالم والواقع الحسي المعيش. وهذا العالم الموازي، أو الافتراضي، هو ما تجد مواقع التواصل الاجتماعي اليوم مكانها في حقله الدلالي، وإن كانت تسمية «شبكات التواصل الاجتماعي» نفسها، للمفارقة، سابقة أيضاً بكثير على ظهور شبكة الإنترنت، وإتاحتها للجمهور العريض منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي. ذلك أن هذه التسمية، بحسب المؤلفين، تعود إلى منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، حيث تم صك هذا المفهوم في دراسة على شبكة العلاقات الاجتماعية في بلدة في غرب النرويج، حيث لم يركز الباحثون السوسيولوجيون حينها على دراسة المتغيرات وقواعد البيانات الخاصة بكل فرد من سكان البلدة كالنوع والعمر والدخل والمهنة.. الخ، بل درسوا شبكة علاقاته التواصلية مع بقية السكان، وتأثير ذلك على سلوكه ومستويات تفاعله الاجتماعي مع الآخرين.
وفيما يخص شبكات التواصل بالمفهوم الحالي يقول المؤلفون إنها في الحقيقة تعود إلى منتصف تسعينيات القرن الماضي، حيث تعتبر شبة Sixdegrees التي أطلقت في عام 1997 هي أول شبكة تواصل اجتماعي رقمي لكونها اقترحت على مستخدميها إنشاء بروفايلات، وقوائم أصدقاء ومعجبين، ومن خلال ذلك الإبحار من بروفايل إلى آخر. ثم توالى بعد ذلك ظهور مواقع التواصل التي بلغت الذروة مع الفيسبوك بقرابة مليار من المستخدمين، وكذلك 150 مليون مستخدم آخرين على تويتر أو لينكدلن. ومنذ ذلك التاريخ تتوالد هذه الشبكات كجسور للتواصل، وتزداد مجالات استخدامها، من طرف الأفراد والقطاعين العام والخاص في مختلف دول العالم في مجالات الإعلام والترفيه والإعلان، وصولاً إلى ظهور ما سمي «المواطن الصحفي» وتعاظم حجم الاعتماد عليها أحياناً كمصادر للأخبار والمعلومات وقواعد البيانات، وهو ما طرح من جديد، بطبيعة الحال، سؤال المصداقية، كما فتح نوافذ اختراق وأتاح منصّات انطلاق لإساءة استخدام هذه المواقع، في الإساءة، والعنف، والجريمة، وغير ذلك من صور سلبية معتادة، لاستخدام التقنية بشكل عام. وفي مواجهة هذا التحدي يستعرض المؤلفون ما يمكن اعتباره مدونة سلوكية إيجابية للاستفادة من الفرص والجوانب الإيجابية في مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي، وتجنب الجوانب السلبية، والعمل على كبحها وتوعية الجمهور العريض بضرورة تجنبها ومواجهتها بأسلوب حازم وحاسم.
حسن ولد المختار
الكتاب: هل شبكات التواصل الاجتماعي أصدقاء لنا؟
المؤلفون: مجموعة مؤلفين
الناشر: موسكادييه
تاريخ النشر: 2016
========================
جين إدوارد سميث :بوش الابن رئيس يقترن بأغرب التناقضات
تأليف: جين إدوارد سميث - عرض ومناقشة: محمد الخولي
التاريخ:13 أغسطس 2016
لعل أهم ميزة يتسم بها هذا الكتاب أنه صادر عن مؤرخ أكاديمي لم يأخذ قارئيه بعيداً عن خضم الأحداث والتطورات الراهنة التي يموج بها عالمنا في الفترة الراهنة..
ولكنه آثر أن يؤرّخ ويكتب عن شخصية معاصرة، بل كانت مؤثرة على نحو أو آخر في مسار الأحداث، سواء على مستوى الولايات المتحدة أو على مستوى أقطار وأرجاء أخرى من العالم، الشخصية التي تدور حولها مقولات وتحليلات الكتاب هي شخصية الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش أو بوش- الابن..
وكان ترتيبه رقم 43 في سلك الرؤساء الأميركيين. وقد تابعت فصول الكتاب تطور سيرته منذ نشأته في أسرته المتمتعة بالمال والنفوذ في ولاية تكساس، وهو ما باعد بينه وبين الخدمة العسكرية في حرب فيتنام ثم أوصله إلى أن يكون حاكماً لولاية تكساس نفسها إلى أن هَزَم منافسه آل غور في سباق سنة 2000 الانتخابي ليدخل البيت الأبيض دون أن يكون مؤهلا ..
كما يوضح الكتاب- للاضطلاع بمسؤوليات المنصب رقم واحد في أكبر دولة بالعالم، فضلاً عما صادفه في مستهل ولايته من وقوع حادثة 11 سبتمبر 2001 وما أعقب ذلك من قرارات كانت تقضي بغزو أفغانستان ثم غزو العراق، وهي القرارات التي يؤكد هذا الكتاب أن مسؤولية اتخاذها، بكل ما نجم عنها من سلبيات الدمار إنما تقع على عاتق بوش بالدرجة الأولى
هو أقوى رجل في العالم، أو هكذا يتصور الناس في كل أنحاء هذا العالم، الحديث هو عن شاغل المنصب رقم واحد في البيت الرئاسي الأبيض في العاصمة الأميركية واشنطن. وعلى الرغم من أن حكاية الأقوى..
وفي العالم مازال يخالطها الكثير من نواتج ماكينات الدعاية في أميركا، ما بين »مانشتات« الجرائد الكبرى إلى منتوجات الوهم السينمائي اللذيذ في هوليوود، إلى ما لا تزال تطرحه بدأب شديد ومنتظم استطلاعات الرأي العام وفحوصات الجماهير إلى آخر ما تحفل به علوم الإعلام وأجهزة الاتصال الجماهيري، وتلك دراسات وتخصصات حرصت أميركا على أن تكون رائدة في ساحاتها.
في كل الأحوال، ظلت أميركا تسوّق في عالمها صورة رئيس دولتها ممّوهة بألوان الطيف، وبحيث تتناسب مع مراحل التطور السياسي والاقتصادي في عالم لم يعد فيه مكان للعزلة أو الاكتفاء الذاتي.
سلسلة الرؤساء المعاصرين
وعبر سنوات الجيل الذي تفّتح وعيه مع بداية ستينات القرن المنصرم بدأ الناس يتسامعون عن كيندي الذي تحولت رئاسته إلى دراما أقرب إلى التراجيديا الإغريقية، بعد أن تعرض للاغتيال في موكب مشهود في 22 نوفمبر من عام 1963، ولمّا تمض عشر سنوات حتى تسامع العالم بحكاية رئيس أميركي آخر..
ولكنها لم تكن من صنف المآسي الكلاسيكية بقدر ما جاءت خليطاً بين المأساة والملهاة، تراجيكوميديا كما يقول المصطلح المتداول، وتمثلت كما هو معروف- في فضيحة »ووترغيت« .
بعدها عاود الجمهوريون الأميركيون الإمساك بمقاليد الحكم على مدار 8 سنوات، أمضاها ممثل هوليوود القديم رونالد ريغان رئيساً للبلاد، وهي السنوات التي لا يزال مؤرخو السياسة والاقتصاد يصنّفونها على أنها حقبة استشراء اتجاه النيوليبرالية، بمعنى الرأسمالية المتوحشة.
وحين حلت سنة 1988 كان الدور الرئاسي قد حلّ على نائب ريغان وهو جورج بوش الأب الذي لم يكن فوزه بالمنصب رقم واحد أمراً صعباً، جاء بوش الأب أو فلنقل بوش الأول مستنداً إلى خبرة طويلة ومتنوعة في تولي المناصب المهمة والمسؤوليات الكبرى
مع هذا كله فقد شاءت أقدار بوش الأب أن يكون من صنف رؤساء الولاية الوحيدة بعد أن فاز عليه السياسي الوسيم الشاب الذي جاء من ولاية ريفية شبه مجهولة كان اسمها أركنسو وكان اسمه بيل كلينتون.
سباق الرئاسة الراهن
في كل حال فالأميركون يستعدون حالياً لاختيار رئيس جديد يشغل هذا المنصب الخطير، والصراع محتدم بكل معانيه وتجلياته بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.
وفي غمار هذا الصراع، بدأت أوساط السياسة والفكر تتداول أحدث كتاب صدر خلال الأسابيع القليلة الماضية تحت عنوان يتألف من كلمة وحيدة هي: بوش.
وبديهي حسب الصورة المنشورة على غلاف هذا الكتاب أنه الرئيس بوش الابن، وهو- كما ألمحنا- الرئيس الثاني من تلك العائلة التكساسية كما نسميها، وكان يحدوها أمل خلال ربيع وصيف عامنا الحالي في أن تدفع إلى المنصب الرفيع واحداً من أبنائها هو جيف بوش حاكم ولاية فلوريدا السابق ليصبح الرئيس بوش رقم ثلاثة، لكن خابت المراهنات السياسية وتحولت لصالح ملياردير العقارات دونالد ترامب.
الرئاسة وسط الازدهار
الفصول الأولى من كتابنا تحفل بالعديد والخليط من علامات التعجب وعلامات الاستفهام، يذهب مؤلفنا إلى أن جورج بوش الابن حين دخل مكتب الرئاسة البيضاوي إياه ليستهل ولايته بوصفه رئيس أميركا رقم 43 كان يعد من أكثر رؤساء الولايات المتحدة حظاً وتفاؤلاً، لماذا؟ لان الميزانية الاتحادية كانت تنعم وقتها بفائض مالي، والفضل فيه بالطبع كان لسلفه بيل كلينتون.
ولم يكن معدل البطالة ليزيد على 4 في المئة وتلك نسبة ضئيلة بكل مقياس، ولدرجة أن الاقتصاديين يعدّونها بمثابة مؤشر على العمالة الكاملة..
فيما لم يزد معدل الإنفاق العسكري على 350 مليار دولار أي 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما لم يحدث، كما يؤكد مؤلف الكتاب، منذ أواخر أربعينات القرن العشرين، وكان طبيعياً أن ينعكس هذا كله على قوة الدولار الأميركي معبّراً عن مكانة واشنطن بوصفها القطب رقم واحد في العالم.
هنا يتوقف المؤلف ليطرح بالطبع السؤال البديهي: ثم ماذا حدث خلال سنوات بوش الثماني 2001- 2007؟
وهنا أيضاً تبادر صفحات الكتاب إلى الإجابة، الذي حدث هو أن وجدت أميركا نفسها وهي تخوض اثنتين من حروب الاختيار كما يسميها المؤلف وفي ساحات بعيدة (ما بين كابُل إلى بغداد)..
وأصبح الإنفاق العسكري يشكل 20 في المئة من بنود الميزانية الاتحادية وأكثر من 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ولدرجة أن أصبح الدين القومي الداخلي منفلتاً ومستعصياً على كل محاولات الكبح أو السيطرة. أما البطالة فقد ارتفع معدلها ليصل إلى 9.3 في المئة ثم ظل يواصل الارتفاع.
صحيح أن أميركا يسلّم مؤلفنا- ظلت في مكانة الدولة العظمى الوحيدة على خارطة العالم، لكن سمعتها كانت قد أصيبت بالكثير من الصدمات والتشهير.
جورج بوش والقرار
بعدها تتحول طروحات الكتاب من الإحصاءات والتحولات العمومية إلى حيث يغوص المؤلف في أعماق الرئيس بوش نفسه..
حيث يمضي البروفيسور سميث قائلا: لم يكن بوش مستعداً أو جاهزاً لتعقيدات آلة الحكم، كان يفتقر إلى خبرة وتجارب في العمل التنفيذي (وفي مقدمتها) ضرورات تركيز الاهتمام في رسم السياسات، وهو ما تجلى في أن مجيء بوش- الابن إلى الرئاسة بغير سابقة من حيث التعلم أو التوجيه، وبغير قراءات متعمقة ولا أسفار أو رحلات يُعتد بها وبغير دراية ومراسٍ كاف بالأساليب المتبعة في العالم.
وهنا أيضاً يحيل المؤلف إلى تصريح كان بوش قد أدلى به إلى واحد من مؤرخي سيرته فقال: أنا لا أخشى اتخاذ القرارات.. بل في واقع الأمر أنا يستهويني هذا الجانب من جوانب الرئاسة.
يعلق مؤلفنا على هذا التصريح، الذي ينضح بالطبع بكل هذه الثقة الغريبة في النفس، يقول: إن هذه الثقة المفرطة في النفس ما لبثت أن أصبحت أكبر عيوب الرجل، هذه الثقة وهذا التصميم تسببا في إلحاق المزيد من الأضرار بالرئيس جورج دبليو بوش.
ثم يمضي كتابنا إلى حيث يخلص إلى أن قرار غزو العراق في عام 2003 جاء بغير تشاور واجب أو كاف أو مطلوب مع المستشارين، وإنما صدر ليشكل ما يكاد يكون قراراً انفرادياً من جانب الرئيس الأميركي المذكور أعلاه، وصدر ليشكل أسوأ قرار تم اتخاذه، كما يوضح المؤلف، في مجال السياسة الخارجية..
ومن ثم فإن عواقب القرار المذكور ظلت تهيمن على إدارة بوش بل ما زالت أشباحها ماثلة ومهيمنة على (تاريخ) تلك الإدارة حتى اليوم. وعليه فالمؤلف يتوقف ملياً عند ظاهرة هل نقول كارثة ؟ هذا الانفراد من جانب بوش، موضحاً أن القرار لم يصدر بناء على مشاورات ومداولات من جانب مساعدي بوش، يستوي في ذلك كل من نائبه ديك تشيني، أو مستشارته كوندوليزا رايس أو وزير دفاعه دونالد رامسفيلد.
تشريح لغزو العراق
يتحول كتابنا إلى ما يصفه الناقد جاسون زنغرلي (نيويورك تايمز، عدد 18/7) بأنه تشريح تفصيلي ومؤلم بكل معنى لغزو أميركا للعراق، مع ما أعقب ذلك من عواقب كارثية.
وهنا تبدّت كل سلبيات الرئيس بوش الذي كان كما يصفه مؤلف الكتاب أيضاً- على غير اطلاع أو دراية بالقواعد والمعايير التي تنظّم مسير العالم خارج حدود أميركا، بل كان في ممارسته للدور الخطير الذي اضطر إلى أدائه، وهو دور القائد الأعلى للقوات المسلحة، ما أدى إلى اتخاذ جورج بوش أسوأ قرار في مضمار السياسة الخارجية بصورة لم تحدث بالنسبة لأي رئيس آخر.
وهنا يلاحظ قارئ هذا الكتاب أن المؤلف بكل منهجه الأكاديمي يصر على إطلاق عبارة صاحب القرار على جورج بوش وهو ما يخالف الصورة المقولبة- النمطية التي رسموها للرجل خاضعاً تحت تأثير شخصيات كانت نافذة في إدارته ما بين كارل روف، كبير معاونيه الإعلاميين، إلى نائبه ديك تشيني. ثم يضيف المؤلف قائلا، لقد عمل جورج بوش على شخصنة السلطة الرئاسية.
والمؤلف في هذا السياق بالذات يفصح عن نهجه في سرد وتقصي وتحليل حوادث التاريخ، وهو نهج أقرب إلى ذلك الذي اتبعه المؤرخ الانجليزي الشهير توماس كارلايل (1795- 1881) في دراسته الشهيرة بعنوان الأبطال وعبادة البطولة (صدرت عام 1841) وفيها يرى المؤرخ أن التاريخ يتشكل بفعل ما يتخذه الأفراد من قرارات وليس بما قد تسفر عنه تحركات القوى العديدة على صعيد المجتمع.
أضواء على مرحلة النشأة في تكساس
في معرض التحليل يتوقف الكتاب ملياً عند نشأة بوش في كنف عائلته التي تتمتع بالمال والجاه كما قد نقول، كيف لا وقد استغل الفتى جورج دبليو بوش كل هذه الإمكانات والعلاقات سواء من أجل تجنّب أو التهرب من الخدمة العسكرية في حرب فيتنام أو للالتحاق طالباً بواحدة من كبرى جامعات الولايات المتحدة وهى جامعة يال.
وهنا يحرص المؤلف على ألا يظلم موضوعه بل يعمد إلى تسجيل ما قاله بوش فيما يشبه الاعتراف بشأن أيام يفاعته حين قال، عندما كنت شاباً وغير مسؤول.. كنت أتصرف بوصفي شاباً وغير مسؤول.
ثم يعلق مؤلفنا قائلا، إن هذه العبارة (الاعتراف) تلخص كل شيء، وحتى عندما أصبح حاكماً لولاية تكساس، لم تكن هذه الوظيفة تشكل عملاً متفرغاً طول الوقت، أما فوزه في السباق الرئاسي في عام 2000 فإنما يرجع أساساً إلى جمود شخصية آل جور منافسه (الديمقراطي) الذي دخل إلى ساحة السباق الرئاسي وكأنه كائن مصنوع من خشب، في حين دخل بوش بروح من اليسر والبساطة..
ثم يواصل المؤلف قائلا، لكن هذه المزايا لم تجعل جورج بوش مؤهلا للاضطلاع بالمسؤوليات الجسيمة التي كان سيواجهها كرئيس للبلاد. وكم صادفته من تحديات ولكنه لم يفلح في مواجهتها. ولعل من أبلغ الأمثلة على ذلك ما تجسد في موقف الرئيس بوش إزاء اندلاع إعصار »كاترينا« بكل ما أفضت إليه من ويلات الدمار، لقد اكتفى الرئيس بوش بالمتابعة وكان قصارى جهده أن راقب إعصار كاترينا وهو يهبّ (ولم يكد يفعل شيئاً)!
جانب مهم من شخصية بوش
يتوقف المؤلف عند جانب يراه مهماً بقدر ما يراه طريفاً من شخصية جورج بوش الابن بطل هذا الكتاب، يقول:
لقد كان الرئيس بوش يشعر بالمتعة، وربما تحقيق الذات، حين ينفرد بإصدار القرار، وطبعاً حين يتابع النتائج، فإذا بها تدل على مبلغ السرعة والمبادرة والحسم الناجم عن صدور قرار رئاسي ويتصل بحياة البشر ومصائر الشعوب، وخاصة حين كان الرئيس الأميركي الأسبق ينصّب نفسه في مكانة المدافع الأول في الحرب ضد الإرهاب.
المؤلف
البروفيسور جين إدوارد سميث يعمل أستاذاً للعلوم السياسية في جامعة جون مارشال بالولايات المتحدة، كما عمل في جامعة تورنتو في كندا، على مدار خمسة وثلاثين عاماً. يبلغ من العمر 84 عاماً وقد درس في جامعة برنستون، ثم حصل على درجة الدكتوراه من جامعة كولومبيا.
وقد أصدر دراسة بعنوان حرب جورج بوش (1992) وتناولت سيرة الرئيس بوش الأب وبخاصة ما عرف باسم حرب الخليج، كما فاز في عام 2008 بجائزة فرانسيس باركمان.
 
تأليف:  جين إدوارد سميث
  عرض ومناقشة:      محمد الخولي
الناشر: مؤسسة هنري هولت، نيويورك، 2016
عدد الصفحات: 325 صفحة
========================
عروض الكتب العربية :
خالد غزال :من الدين إلى الطائفة.. في ضرورة الدولة المدنية
التاريخ:16 سبتمبر 2016
يناقش كتاب «من الدين إلى الطائفة.. في ضرورة الدولة المدنية»، لمؤلفه خالد غزال، تصاعد الإرهاب وتنامي ماكينته بسرعة هائلة، وتحولها الى وحش مُتنقّل يستخدم شتى الوسائل والأدوات، بينها الشبكة العنكبوتية بمنافذها كافة، فيغرز مخالبه في مفاصل العديد من الدول، ويعمل على تفكيك بناها وتحويلها الى قطع يتلهى اللاعبون في إعادة هيكليتها وتركيبها على نحو جديد، بعد أن يتم استئصال فئات اجتماعية وأقلية دينية ومذهبية، وتحويل الأكثرية السائدة الى شراذم ومجموعات مُشرّدة، تبحث في أرجاء المعمورة عن موطئ آمن لها، بعيداً عن دوامة العنف والإرهاب.
يرى الكاتب أن العنف الديني مردّه بالدرجة الأولى الى الانقسامات والتشققات والنزاعات الحاصلة داخل كلّ دين، والتي أسهمت في بروز طوائف ومذاهب ادعى كل واحد منها انتساب الإله الى منظومته، ورأى نفسه حاملاً للحقيقة المطلقة، فيما سائر الطوائف والمذاهب تتربّع في الجهل والضلال.
ويُؤكّد الكاتب على غاية الدين السامية واتسامه بالمطلق الخلقي والإنساني والروحي، وعلى دعوته الى تحقيق العدالة والمساواة بين البشر، لكن ما يحصل ويُمارس باسم الدين من جرائم وارتكابات عُنفية وما تروّج له المجموعات الشاذة والمنحرفة عن أصوله، لا يصب مُطلقاً في الجوهر السامي والنبيل الذي قامت عليه الديانات في الأصل.
إن إقحام الدين، كما يوضح الكاتب، في الصراعات السياسية والاجتماعية، شكّل العنصر المفجر دوماً للعنف والكراهية، نظراً إلى استخدام كل فئة النص الديني لصالحها، عبر تفسيره وإصدارها فتاوى تُراعي مصالحها وغاياتها، وهذا ما يحصل اليوم في مجتمعاتنا العربية، والذي يعتبر في بعض أوجهه امتداداً لما حصل بعد وفاة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من صراع على السلطة وما نتج عن ذلك من انشقاقات بين القبائل العربية وسعي الفرق والطوائف الناشئة الى استحضار النصوص المقدسة وتوظيفها بما يخدم اهدافها.
ويعيد المؤلف تفشي ظاهرة الإرهاب وتناميها بهذه السرعة الى انهيار مشروع التحديث، الذي هلّت تباشيره في خمسينيات القرن الماضي، وهذا ما مهد الطريق للحركات الأصولية المتطرفة، التي عملت على توظيف النص الديني في خدمة الإرهاب، وجهدت في الوقت عينه الى تقديم فكرها بديلاً عن الأيديولوجيات التي كانت سائدة، في تعبيراتها القومية العربية والاشتراكية الليبرالية.
ولم تتأخر التيارات الإسلامية، وتحديداً تلك التي وصلت الى السلطة، في طرح مشاريعها بوصفها تطبيقاً للشريعة وتمهيداً لبناء الدولة الدينية. وهذا ما وضع القوى المعارضة أمام تحديات ناشئة، وصُلب الخلاف في ما بينها تركز على قراءة الدين مجدداً فكانت معركة امتزج فيها الصراع الفكري والسياسي والايديولوجي.
ويُقارن الكاتــــب بين حال المجتمعات العربية الراهـــنة، الغارقة في أتون الصراعات الطــائفية والمذهبية، والمجتمعات الغربية في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وحالها المتمثلة بمحاكم التفتيش والحروب الصليبية، وما شهدته من مجازر بحق الطوائف المسيحية كلفتها مئات الآلاف مـــن القتلى، وطبعت التاريخ المسيحي بصراعات دامية ومتواصلة بين السلطتين الزمنية والدينية.
يبين المؤلف أن الحروب الدينية هي في الحقيقة وجهة لصراعات اجتماعية وسياسية. ويورد حول ذلك صورة بانورامية لحروب المسلمين بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم، فيتناول الفتوحات الدينية وحروب الردة والخوارج وشتى الحروب الأخرى.. وصولاً الى استعراض بعض نماذج التعذيب المتبعة في الإسلام والاغتيالات التي رافقت مساره. والهادفة أساساً الى بث الرعب ولجم المتطاولين وكبح جماحهم ليكونوا عبرة لمن لم يعتير.
ويستتبع الكاتب مراجعته التاريخية للصراع المذهبي والطائفي وما نجم عنه من مجازر وحروب، تحت شعارات تستلهم في معظمها النص الديني، وتخضعه لتأويلات وحسابات تتذرع بالدين شكلاً بما عرفته الأديان التوحيدية الثلاثة عبر تاريخها، والتي ادعى كل منها احتكاره للحقيقة المطلقة، وهذا ما دفع بالقيمين على هذه الأديان الى إقصاء واستبعاد كل من لا يدين ويُسلم بما تؤمن به.
كما أن رفض كل دين لمبدأ التعددية لم يُنجه من الوقوع في فخاخها وضمن الدين الواحد نفسه، وبدلاً من أن تكون التعددية ميداناً للتفاعل بين الفئات المتعددة والاعتراف بحق الآخر في الاعتقاد والإيمان والتعبير عن الرأي الحر، بما يؤدي الى إغناء قيم الدين وتطوير مفاهيمه الفكرية والعقائدية، تحوّلت هذه التعددية الى نزاعات وإلغاء للآخر كله تحت اسم التوحيدية.
وفي القسم الثاني من الكتاب «في ضرورة الدولة المدنية» يتناول المؤلف ما اصطلح على تسميته «دولة دينية» انطلاقاً من قراءاته لتجليات مكوناتها في الديانات التوحيدية الثلاث، فيشدّد في هذا الشأن على أن الدولة الدينية غير موجودة أصلاً في اسرائيل وإن كانت دولة عنصرية بامتياز، إذ عملت الحركة الصهيونية على تأويل بعض النصوص التوراتية وتوظيفها لإقامة دولة استعمارية استيطانية على أرضها وكذا الأمر في المسيحية، حيث جرى توظيف اللاهوت المسيحي من أجل تطويع ارادة المواطنين، فاستُخدمت محاكم التفــتيش لتــــكرّس هذه الهيمنة.
أما في العالم الإسلامي فاتخذت الدولة الدينية أبعاداً اكثر مما هي عليه في اليهودية والمسيحية، فالإسلام كما هو معروف دين ودولة، وقد تكرست فكرة الدولة الدينية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
في خاتمة الكتاب يعرض الكاتب لأبرز مقومات الدولة المدنية: المواطنة العلمانية، ضرورة فصل الدين عن الدولة، ارساء الديمقراطية باعتبارها مصدر السلطات وتكريس والفصل بين السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية، احلال شرعة حقوق الإنسان.
ومن ثم يخلص الى أن الحل الأمثل لمشكلاتنا المتـــــفاقمة منذ عهود، يُحتم ضرورة الوصول الى دولة مدنية، قادرة على إنتاج ثقافة جديدة، عمادها الحداثة وحقوق الإنسان والمساواة بين المواطنين، بعيداً عن العرق والجنس والدين، على أن يترافق ذلك مع إصلاح ديني في المجتمعات العربية، يضع كلاً من الدين والسياسة في موقعهما الحقيقي.
المؤلف في سطور
خالد غزال. كاتب لبناني. حائز إجازة في العلوم السياسية والإدارية من الجامعة اللبنانية. لديه عدد من الأبحاث والمقالات المنشورة في الصحف اللبنانية.
الكتاب: من الدين إلى الطائفة في ضرورة الدولة المدنية
تأليف: خالد غزال
الناشر: دار الساقي – بيروت 2015
الصفحات: 319 صفحة
القطع: الكبير
========================
منى الدروبي :كيف تكونان أماً وأباً أفضل؟.. التربية والتميز
السيد نجم
التاريخ:09 سبتمبر 2016
يوضح كتاب «كيف تكونان أماً وأباً أفضل؟» لمؤلفته كاساندرا جاردين في مقدمته، كيف أن الكاتبة قررت تأليف هذا الكتاب بتأثير جملة مواقف واجهتها في تربية الأطفال، وتشرح جاردين ذلك بدءا من المقدمة وتحديدا تحت العنوان الفرعي «مهما كان سلوك أبنائكما، أو مهما كنتما منشغلين عنهم».
وتبين المؤلفة أن هذه المواقف التي مرت بها جعلتها تدرك أن ما يحتاجه أبناؤها غير المنضبطين، ليس فقط الكثير من الحب فهذا أمر مفروغ منه، وإنما حسن التربية والتمرين، فهي أم لخمسة أبناء تراوحت أعمارهم أثناء كتابة هذا الكتاب ما بين سن الثالثة والثالثة عشرة.. صبيان وثلاث بنات، وبهذا العدد من الأبناء كانت تتشوق لمعرفة ما يدور في المرحلة القادمة من النمو العمري.
كما كشفت المؤلفة في كتابها أنها بحاجة لدروس ومحاضرات ترشدها للكيفية الصحيحة التي تجعلها أماً أفضل. وتبين أنها لكي تتوصل لهذه المعلومات كانت تعتمد على روايات من قلب الأحداث من صديقات لها لديهن أبناء أكبر سناً من ابنائها.
تشرح المؤلفة من خلال فصول الكتاب لماذا يتصرف ابنك او ابنتك بشكل سيئ، وتقدم أساليبَ وخططاً استراتيجيةً معقولةً وملموسةً لضمان حياة عائلية سعيدة وأبناء متوازنين.
وترى المؤلفة أن محاضرات الأمومة والأبوة أصبحت من الأخبار المهمة، ليس فقط للوالدين اللذين لا يستطيعان السيطرة على أولادهما، ولكن أيضاً للآباء العاديين القلقين الذين وجدوا أن تطبيق مهارات بسيطة من دروس الأمومة والأبوة يمكن أن يؤدي إلى أبناء أكثر سعادةً وهدوءاً، وإلى حياة عائلية أكثر متعة، ولكن معظم الآباء والأمهات لا يرغبون في الذهاب إلى محاضرات الأمومة والأبوة، لذلك فقد جمعت المؤلفة تجارب ومهارات أفضل المعلمين في بريطانيا تقدم الأدوات العملية التي يمكن أن يستخدمها أي أب وأم على الفور.
كما ترى المؤلفة أنه من السذاجة تخيل أن من الممكن تنشئة الأطفال من دون إشراف أو تأثير الراشدين فهو أيضاً شيء غير مرغوب فيه. وتؤكد أن من حق الآباء ومسؤوليتهم أن يكون لهم دور وتأثير في أبنائهم.
وتبين أن تغيير العادات ليس سهلاً ففهم الشيء بالعقل يختلف تماماً عن ترجمته إلى أفعال يوماً بعد يوم حتى لو كان الشخص متعباً أو غاضباً فالفعل يبقى هو المهم، وأنه باستطاعتنا أن نحسن من عادات أبنائنا، ولكن علينا أولاً نحن الراشدين أن نغير من عاداتنا. وعلينا معاملة الأطفال ليس كما هم عليه الآن وإنما كما نريدهم أن يصبحوا عليه.
كما تشير إلى أن القواعد أو العادات هي أسلوب في الحياة يسنه الوالدان لتوصيل قيمهما لأبنائهما، وأن القواعد والعادات ليس هدفها الإحساس بفرحة تطبيق الآخرين لها وإنما هي عملية تفكير في ما نريد أن نرى أولادنا عليه في بضع سنوات وما المهارات المتطلبة لتحقيق ذلك.
والعادة التي يتم فرضها بشكل معتاد تصبح روتيناً، لذلك يجب أن نفكر في العادات بشكل عميق وفي هدوء وليس في لحظة مفاجئة عادة ما يكون من الصعب تطبيقها وتكون قابلة للتغيير مما يجعلها تفتقد سلطة تنفيذها.
وترى المؤلفة أن الأبناء لا يمكن أن يكونوا سعداء دائماً، ولكنهم يستحقون أن نتعامل مع مشاعرهم بجدية وأن على الوالدين عدم محاولة تسوية جميع مشاكل الابن العاطفية، فالغضب وخيبة الأمل والإساءة والجرح جزء من الحياة، ولكنهما يستطيعان التأكد من أن الابن سيشعر بهذه الآلام بوجع أقل إن كان يعلم أن بإمكانه الاعتماد على وقت خاص به وثابت للحصول على اهتمام والديه.
جاء الكتاب في 11 فصلاً، هي «مهارات الأمومة والأبوة»، «الأنماط الروتينيات اليومية»، «فوضى وجبات الطعام»، «الأطفال المتعبون»، «ظروف صعبة»، «المشاحنات الأخوية»، «الجريمة والعقاب»، «الأعمال المنزلية»، «حسن السلوك الاجتماعي»، «المدرسة والواجبات المنزلية» «المكافآت والإغراءات». ويجمع الكتاب تجارب ومهارات افضل المعلمين في بريطانيا؛ ويقدم الأدوات العملية التي يمكن أن يستخدمها أي أب وأم على الفور.
المؤلفة في سطور
كاسندرا جاردين، صحافية شهيرة، تكتب مقالات في ديلي تلغراف، كما انها كاتبة للسلسلة المشهورة إرشاد الوالدين. ومترجمة الكتاب، منى الدروبي، كاتبة ومترجمة ولدت في حمص بسوريا ثم انتقلت للإقامة في القاهرة وحصلت على ليسانس آداب اللغة الإنجليزية من جامعة عين شمس المصرية، لها عدد كبير من الكتب المترجمة نذكر منها الحافة الليلكية، انتظار، اسمى بيكاسو، اسمى فان غوخ، صوت البوم.
الكتاب: كيف تكونان أماً وأباً أفضل؟
تأليف: كاساندرا جاردين
ترجمة: منى الدروبي
الناشر: المركز القومي للترجمة - القاهرة - مصر - 2016
الصفحات: 340 صفحة
القطع: المتوسط
========================
محمد بناظر الجيش :كتاب جديد يضم أول موسوعة في النحو العربي
الجمعة 09 سبتمبر 2016 01:24 ص
متابعات:
صدر حديثا كتاب "شرح التسهيل" المسمى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد والذي ينشر للمرة الأول، وهو من تأليف محمد بن يوسف بن أحمد المسمى بناظر الجيش، في طبعة جديدة عن دار السلام للطبع والنشر والترجمة بالقاهرة.
يعد شرح التسهيل أول موسوعة في النحو العربي تشتمل على ثلاثة شروح للتسهيل من آراء المتقدمين والمتأخرين وهم "ابن مالك- أبو حيان- ناظر الجيش"، فقد تعرض لها ناظر الجيش بالشرح والتعليق والموازنة والترجيح المنصف معللًا ومدللًا، في شكل من أشكال النقد الموضوعي في النحو العربي وتظهر براعته الفائقة في ربطه الدقيق لأبواب الكتاب ومناقشة القضايا والآراء والمذاهب المختلفة، تميزًا بحسن تقسيمه وتنظيمه وعذوبة ألفاظه ورقة معانيه وسلاستها، ممزوجًا بقوة العبارة وجودة الأداء.
الكتاب أداة طيعة للغويين والبلاغيين والفقهاء والمجتهدين بما صقله ذلك العالم بغزارة مادته وسعة اطلاعه ودقة منهجه، مما جعله غرة ناصعة في جبين النحو العربي ودرة نفيسة في أجواء المكتبة العربية لا النحوية فحسب.
========================
وليد الشرفا :كتاب يعيد قراءة رؤية إدوارد سعيد للاستشراق
بيروت ــ البيان
التاريخ:13 سبتمبر 2016
في كتابه «إدوارد سعيد ونقد تناسخ الاستشراق، الخطاب، الآخر، الصورة»، الصادر عن «المؤسسة العربية للدراسات والنشر»، وبالتعاون مع «مكتبة كل شيء في حيفا»، ينتقد الدكتور وليد الشرفا التناسخ الذي حدث في إعادة إنتاج الشرق اعتماداً على الأطروحات النظرية الكبرى التي أنجزها المفكر الكبير إدوارد سعيد، في كتابه «العالم والنص والناقد» الذي شكل المرجعية التأسيسية للنظرية النقدية التي أنجزها سعيد.
والتي ترفض الانفصال بين اللحظة التاريخية واللحظة الإبداعية، بتأكيد أنها جزء من العالم الاجتماعي، بعد مناقشة مستفيضة لأطروحات ميشيل فوكو، وجاك دريدا، ومدارس النقد المعاصر التي حاولت إغلاق النص عن هذه الدنيوية.
ويبدأ الكتاب بتوضيح معالم تأسيس واختراع الأنا «الغربي» بصفته معياراً يعود مخترقاً وفاحصاً لجوهر ذلك الكيان المرعب الذي وصل أوروبا واقتحمها.
========================
مسلم تسابحجى  :كتاب "أبناؤنا جواهر لكننا حدادون" الطرق المختلفة للوصول لقلب ابنك وعقله
2016-09-15 الخميس 07:09 ص
تختلف طرق تربية الأطفال وتتنوع، فنرى البعض يفرطون فى محاولة الحماية ويخافون على الابن من نسمة الهواء، ويخافون عليه من أى شىء، فينشأ الابن ضعيف الثقة بنفسه، وفى المقابل نرى أبا ثانى يهمل الطفل ويتركه دون مكافآت أو تشجيع أو كلمات رضا واستحسان وقبول، لذلك يفقد الطفل الحاجز والدافع للعمل والدراسة ويصبح كسولا خاملا، أما حين يستخدم المربون أساليب القسوة والعنف البدنى والنفسى فينشأ الطفل خائفا مترددا ويُزرع فى قلبه الخوف والرعب الذى يولد الحقد والكراهية، وحين يكثر المربون من محاولة إصلاح الابن عن طريق الإقناع والحوار المنطقى يمل الابن وتفقد النصائح والمواعظ معناها ويصبح الابن متنمرا هازئا لامباليا بكل ما يلقى على مسامعه من حكم ومواعظ، هكذا يعرض الدكتور مسلم تسابحجى فى كتابه "أبناؤنا جواهر لكننا حدادون" والصادر عن دار الفكر هذه الأفكار التربوية الشائكة. والكتاب يدخل فى دائرة أصول التربية ويقدم آراء حديثة لبناء شخصية الطفل السوية، ويبدأ بمقدمة تحدث المؤلف فيها عن أخطاء التربية مع مقارنة بين ماضيه وحاضره وملابسات ذلك، وكيف خرج من تلك الأخطاء إلى القناعة بالتربية الفعالة القائمة على ثلاث نقاط، بناء الثقة واصطياد الإيجابيات وإعادة توجيه السلبيات، ثم ذكر قصة الكتاب وأسباب تأليفه وتحدث عن أثر حياته الشخصية فى اكتمال الكتاب وردود الأفعال التى صاحبته. أما فيما يتعلق ببناء الثقة فتحدث "مسلم" عن طريقة بنائها التى تكون بإزالة الخوف، وبالكف عن محاولة التحكم، وباللعب والمرح، وبمصادقة الأولاد، وبالحب من غير شروط، وبالتفهم، وبالاحترام، وبلمسات الحنان، وبالقدوة الصالحة. وفى نقطة اصطياد الإيجابيات، بحث فى كيفية اصطياد تلك الإيجابيات، ورأى ذلك فى التركيز على الشىء المراد اصطياده، وفى الإحسان إلى الآخرين، وفى الكف عن محاولة ضبط أطفالنا متلبسين بفعل الأخطاء، وفى التخلى عن القوقعات القديمة، وفى التعزيز وترك الانتقاد وفى التركيز على النفس والذات لا على الآخرين وفى تقوية العلاقة بالآخرين ومحبتهم. ويقول مسلم الكتاب مجموعة إضاءات مهمة وجدتها مفيدة حين طبقت عمليا، وتركز على تبنى منظومة من المفاهيم التربوية القائمة على التربية بالحب والثقة والقدوة والتعاطف وعدم الإكراه بدلا من المنظومة التقليدية المنتشرة فى بيوتنا ومدارسنا والقائمة على العنف واللوم والعقاب والشدة والقسوة والإكراه. وفى النقطة الأخيرة وهى كيفية إعادة توجيه السلبيات وضع "مسلم" الخطوات اللازمة لتجاوز هذه السلبيات من أجل الخروج إلى نتائج تربوية سليمة تبنى الفرد، وذكر الوجه الإيجابى للسلبيات قائلا: ليس من امرؤ يخلو من نقائص نهبها لفضائله، فضلا عن أن السلبيات هى التى تعلم الإنسان وتبنيه إذا استفاد منها، ومن يعمل يخطئ، ثم ختم الكتاب بذكر نصائح ودروس مفيدة. والكتاب بهذه الطريقة يعتمد المناهج الحديثة فى تربية الأطفال ويحاول الخروج بهم من منطقة النمطية ويسعى لتطوير طرق تعاملنا مع أبنائنا خاصة بعد التطور التكنولوجى الكبير الذى أصاب العالم كله وجعله مطالب بتعديل وتطوير تقنياته فى التعامل مع الحياة بوجه عام ومن ذلك أسرته خاصة أبناءه.
========================
يوسف حسن السلامة  :استراتيجية الإدارة… كتاب يؤكد أهمية التخطيط الاستراتيجي
2016-09-17
 
دمشق-سانا
يتابع الباحث الدكتور يوسف حسن السلامة في كتابه الصادر حديثا بعنوان “استراتيجية الإدارة” مسعاه في توضيح علوم الإدارة وتبسيط ارتباطاتها المتشعبة بالعلوم الأخرى وضرورتها في بناء المجتمعات والدول.
وبين السلامة في كتابه أن اعتماد النهج أو التخطيط الاستراتيجي في الإدارة من شأنه أن يزود المؤسسات بالفكر الخاص بها كما يساعدها على توجيه وتكامل الأنشطة الإدارية والتنفيذية ويفيد في إعداد كوادر للإدارة العليا وفي توقع أحداث أو قضايا مستقبلية فضلا عن أنه يحقق تكامل الأهداف بين المؤسسة الأم والوحدات الفرعية التابعة لها واظهار نقاط التعارض بينها تمهيدا لتلافيها.
ويرى المؤءلف أن الواقع ذا الطبيعة المتغيرة والمتبدلة الذي طبع الحياة المعاصرة إضافة إلى التنافس الحاد بين الدول والمؤسسات وتغير البيئة السياسية في انحاء العالم نحو الاتجاه إلى المزيد من الديمقراطية والتشاركية فرضت على الدول والمنظمات العامة والخاصة ضرورة الاهتمام بالتخطيط الاستراتيجي الذي يسعى لدراسة المستقبل البعيد والمتغيرات المختلفة بهدف الحفاظ على الكيان المعني كوحدة متكاملة وتعزيز قدرتها في أي صراع متوقع.
ويؤكد السلامة أهمية العنصر البشري في العمل الإداري لأنه عنصر التغيير داخل المنظمات الحكومية والسبيل لإحداث التغييرات المطلوبة وزرع ثقافة جديدة تحث على الانتاج وتعزز قيم الشفافية والرقابة الذاتية والسعي الجاد لخدمة العموم.
ويضم الكتاب مجموعة من المقالات التي تناقش جملة المواصفات التي على القائد الإداري التحلي بها تحت عناوين مختلفة مثل “فن الاستماع وصفة أخلاقية ومهارة ضرورية” و”فن التعامل مع من لا تطيقهم” و”فن الحوار” و”كيف تجذب انتباه من حولك” و”كيف تحفز الموظفين” وغيرها.
يقوم البحث على كتاب استراتيجية الإدارة الذي يقع في 129 صفحة من القطع الكبير على أسلوب تطبيقي يقوم على مناقشة الآراء المختلفة حول القضية مثار النقاش ثم يصل إلى النتيجة التي يحقق بها الكاتب هدفه في تعزيز الاعتماد على منهجية الإدارة وتطويرها بصورة دائمة.
يذكر أن يوسف حسن السلامة حائز على شهادة دكتوراه في الإدارة وعلى شهادة إدارة الأزمات الحديثة من مؤلفاته “الإدارة والقيادة” وألقى العديد من المحاضرات في عدد من المراكز الثقافية.
محمد خالد الخضر
========================
خالد الجواريش : “خبرات الأجيال في كفايات التدريب الفعّال
معايعة: الخليل مدينة حرفية عالمية للعام 2016
رام الله/PNN – صدر عن مركز السنابل للدراسات والتراث الشعبي كتاب “خبرات الأجيال في كفايات التدريب الفعّال” للدكتور خالد الجواريش ضمن سلسلة الأدلة والبوسترات : سنابل تدريبية مستوحاة من الخبرة في العمل الميداني، بحجم 95 صفحة من القطع المتوسط.
ضمّ الكتاب ثلاثة فصول الفصل الأول: أساليب متنوعة في كسر الجليد (25) أسلوباً، والفصل الثاني: شذرات تربوية منشورة في الصحف المحلية للكاتب (7) مقالات، والفصل الثالث: مقتطفات من الأدب التربوي التربوي العالمي (15) قصة، وكذلك ضم صور ورش عمل تدريبية، و ملحق بشهادات التّقدير والتّكريم التي حصل عليها المؤلف وشهادة عضوية شرف من مركز السنابل للدراسات والتراث الشعبي.
وكان الهدف من إصدار الكتاب : ترجمة الشعارات التربوية التي تزخر بها المواد التدريبية إلى واقع عملي معاش ومؤثَر داخل قاعة التدريب، حيث يكون الابتعاد عن التلقين في جو تفاعلي نشط هو السَمة المميَزة في استخدام أساليب تدريب متنوعة وفق الموقف التدريبي، ومتابعة المستجدات التربوية فيما يتعلق بمهارات التدريب المبنية على توظيف عناصر التفكير الإبداعي والتفكير الناقد ومهارات الاتصال والتواصل والقدرة على اتخاذ القرار، وكذلك إثراء المادة التدريبية بما يحقق جودة التدريب وربطه بالواقع وتعزيز القيم والاتجاهات والسلوكيات الإيجابية إضافة للمعارف.
كما أشار د. ادريس جرادات مدير مركز السّنابل والذي قام بمتابعة المادة والمحتوى وأشرف على إصداره قال: “إنّه عمل دؤوب لمركز السّنابل للاستمرار بإصدار سلسلة الأدلة والبوسترات لتشجيع ودعم ومساندة المتميزين والمبدعين من أبناء المجتمع الفلسطيني والعربي والإسلامي حسب الإمكانات المتاحة فأيّ مجتمع بلا موهوبين ومبدعين لا حاضر ولا مستقبل له.
أما د. نهى عطير من جامعة فلسطين التقنية-خضوري- أشارت في تصديرها للكتاب: “حتى يضمن مُعِد الدليل جودة التدريب وتحقيق جانبي التدريب الرئيسين المتعة والفائدة : إستخدم منحى التدريب المتمركز حول المتدرب فجعله تارة مستكشفاُ للمعرفة من خلال التجوال بين أعمال المجموعات التي تثير لديه تساؤلات، تشجعه على التقصي والتحري، يحلل موقفاً، ويدير نقاشاُ، ويدخل في مناظرات واستفتاءات، وتارة أخرى تجده متأملا، صامتاً أو يقرأ نصاً وقد يكون في رحلة مع الطبيعة أو في رحاب الجامعة او مبرقاً نظراته وفكره بين صفحات الإنترنت، ولم ينس الكاتب في هذا الدليل أن يعط المشارك بعض الاستراحات الدماغية التي تعيد للدماغ نشاطه وتفتح أمام المشارك ردهات تجعله يختار الأمتع من بينها فيعمل دماغه فيها، إنها الأحاجي والألغاز والأحداث المتناقضة التي تعمل على استرخاء الدماغ ويعشقها الكبير والصغير، ولم ينسَ الكاتب هنا، الإشارة إلى أهمية تجسير هذه الأساليب إلى المتعلمين داخل المدارس.
========================
محمود جابرية :«إدارة الأزمات» كتاب جديد لمحمود جابرية
 عمان - الدستور - ياسر العلاوين
صدر حديثا كتاب «إدارة الأزمات بين النظرية والتطبيق» للكاتب محمود جابرية، عن دار يافا العلمية لللنشر والتوزيع في عمان، وجاء الكتاب في «158» صفحة من القطع الصغير في سبعة فصول.
تعرض الكاتب الى خصائص ادارة الازمات اذ تهتم المنظمات الادارية في دول العالم المتقدمة بتطبيق منهج علم إدارة الأزمات في كافة مجالات العمل، موضحا مفهوم وتطور وخصائص الأزمات ومراحل تكوين الأزمة، كما تطرق في فصل اخر الى دور المؤسسات الحكومية في ادارة الازمات، ينبغي الاعتراف بان عالم اليوم هو عالم الازمات لاسباب تتعلق بالتغييرات الكثيرة التي حدثت في مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والسكانية والبيئية التي أثرت في حياة الانسان داخل الكيان الاجتماعي والتنظيمي.
واستعرض جابرية دراسة مقارنة لتجارب وزارات الداخلية العربية في إدارة الازمات والمقارنة بينها من أجل الوصول الى تجمع الطرق لحل هذه المشكلة، في عدة دول عربية، ففي الاردن كان للمملكة الدور الكبير مع الازمات والتي يعد من اكثر الدول العربية تأثرا بالازمات العالمية، أما السعودية التي لها تجربة كبيرة التي انشات مركزا لادارة الازمات وخاصة في موسم الحج والعمرة التي تشهد اعدادا هائلة مما يطلب الاستعداد والجهد من الاجهزة الحكومية، وعرض نماذج لدول اخرى كالعراق والامارات العربية المتحدة وكيفية التعامل مع ازمة البريمي وايضا ازمة الجزر»طنب الكبرى والصغرى.
وتناول جابرية آفاق تطوير فاعلية ادارة الازمات في الاردن، ورؤية الملك عبدالله الثاني وتصميمه على تحويل الاردن الى نموذج حيوي في المنطقة ومحفزا لبناء الشرق الاوسط وفعلا كانت التنمية بكافة جوانبها والنمو الاقتصادي والرعاية الاجتماعية للاستقرار السياسي في راس اولويات الاجندة الوطنية من اجل تزويد الاردنيين بالادوات المتوفرة للمساهمة في تطوير الاردن، وحث المسؤولين بتوجيهاته الملكية السامية عن عمق الاخطار المحيطة بالدولة ومبادراته من اجل تعزيز اسس الديمقراطية بهدف تاسيس منظور وطني شامل يستند الى بناء وتطوير الاردن وتغليب مصلحته عبر مشاركة واسعة من مكونات المجتمع الاردني، وعرض الكاتب ايضا تجارب عالمية واقليمية.
========================
سعد الدين العثماني: الدولة المدنية في ظلال مقاصد الشريعة الإسلامية
يدافع الباحث سعد الدين العثماني في كتابه "الدولة المدنية في ظلال مقاصد الشريعة الإسلامية" عن أطروحته القائلة بالتمييز بين الديني والسياسي، منطلقاً من مسلمة أساسية وهي أن الدولة الإسلامية تجربة تاريخية قد مرت وإنتهت.
ركز الباحث سعد الدين العثماني في طرحه لمفاهيم، مدنية المجال الدنيوي ومدنية الممارسة السياسية في الإسلام، ودور مقاصد الشريعة في مدنية الدولة، على التمييز بين مجالين مهمين جدا، وهما المجال الديني والدنيوي، مؤكدا على أن للدنيا سياستها، وللدين سياسته.
ويدخل هذا التمييز في إطار الطرح الذي قدمه في أطروحته "الدولة المدنية في ظلال مقاصد الشريعة الإسلامية"، والتي ألقاها في رحاب مؤسسة "مؤمنون بلا حدود" للدراسات والأبحاث بمعية مجموعة من الباحثين المغاربية، الذين ناقشوه في طرحه، مبدين آراءهم وأفكارهم حول الأطروحة.
في بداية طرحه، عرف العثماني الدولة المدنية ككيان معنوي، قبل أن ينطلق في اللبنات المؤسسة لنظريته في أهمية الدولة المدنية في ظل مقاصد الشريعة، موضحا أن مفهوم الدولة المدنية موجود في الإسلام، وأن ما نحتاجه اليوم، ما هو إلا سبر أغوار الشريعة لاستخلاص كل المفاهيم المؤسسة لهذا المفهوم، موضحا بذلك  مدنية الدولة من منظور إسلامي.
ولأجل ذلك اعتمد على المفهوم الجديد للدولة المدنية، فمفهوم الدولة اليوم يختلف جدا عما نجده في أدبيات ما قبل القرن السابع عشر، كما قال العثماني، فهذا المفهوم انقلب انقلابا جذريا، إذ أصبحت الدولة تجسيدا لقانون أمة ذات سيادة، والأهم، يضيف العثماني، أن اليوم أصبحت الدولة شخصية قانونية، معنوية مستقلة، حتى عن المجتمع وتتمتع بالدوام والاستمرار، يتغير الحاكمون ولا تتغير الدولة. خلافا للفكر السياسي التقليدي قبل القرن الثاني عشر، فبتغير الحكام تتغير الدولة، لذلك نقول الدولة العباسية الدولة الأموية...وهذا أمر عاشه العالم كله، لأنه كان فكرا سياسيا سائدا آنذاك.
الفكر الإسلامي في المجال السياسي
وأيضا فالفكر السياسي الإسلامي القديم، كان يربط بين الانتماء السياسي من جهة والانتماء العرقي من جهة أخرى، حيث كانت الدولة هي دولة مسلمين أو دولة فرس، ولم تكن الدولة لها حدود جغرافية متعارف عليها، لكن إن امتد الجيش لدولة معينة تمتد حدود الدولة معه. وهذا هو الفكر السياسي التقليدي القائم قديما؛ أي أن الدولة والفكر السياسي المنفذ كان واحدا، لم يكن هناك تمييز بينهما كما نعيشه اليوم.
ندوة قراءة علمية في أطروحة "الدولة المدنية في ظلال مقاصد الشريعة الإسلامية" للدكتور سعد الدين العثماني
تتقوم السلطة السياسية على تنازل مؤقت عن جانب من الحقوق الفردية والجماعية، مقابل توفير الأمن وضمان حقوق الملكية الخاصّة والعامة، و الحقوق الأساسية، وتأخذ السلطة مشروعيتها من إرادة الشعب، على صورة انتداب مؤقّت، لفترة محدّدة، يستعيد فيها الشعب حقّه في اختيار مَن يمثله. بهذا المعنى، لا يمكن احتكار السلطة لزمان غير محدّد، أو لصالح فاعل واحد، وإلّا فإنّه يُعدُّ استبداداً يتناقض وأسس ومرتكزات الدولة المدنية.
ومع الأسف، يضيف العثماني،  فجزء من الفكر الإسلامي في المجال السياسي اليوم انبنى على أسس الفكر السياسي التقليدي السابق ذكره، وحافظ على نفس المفهوم التقليديي، على الرغم من أن مفهوم الدولة انقلب جذريا، مما يدعو لإعادة النظر في ما تتبنى النظريات الإسلاماوية لمفهوم الدولة، التي اعتمدت في فكرها السياسي على نظرية سياسية صيغت عبر  قرون، معتبرة أن الأمة الإسلامية هي الدولة الإسلامية، ويعود ذلك لأنه لم يكن آنذاك أي تفكير سياسي مبرر للفصل بينهما.  كما أن أساس الرابطة داخل الدولة كان أساسا دينيا، والذي لا ينتمي لنفس الدين المؤسس لهذه الدولة، فيكون تابعا فقط، الشيء الذي يدعو اليوم إلى إعادة النظر في الكثير من المفردات المتداولة، فيما يخص الفكر السياسي الذي يسمى إسلاميا.
لكن إذا رجعنا إلى أسس النظرة الإسلامية للدولة، يمكننا أن نجدها عموما على الشكل التالي؛ أي أن فقه الدولة مثل الفقه السياسي، وهو منطقة مفوضة للإنسان لاجتهاده وابتكاره وتجاربه، ولذلك ليست هناك أي أحكام ولا نظام سياسي محدد، النظام هو شبكة متكاملة من العلاقات والأسس الواضحة.
دعا العثماني كل من يعمل العقل أن يعتمد على الفكر المختمر للمفكرين؛ أي أن يأخذه في مراحله النهائية، قبل الوقوف عند نصوص ابن تيمية التي اعتمدها في طرحه،  فإذا أردنا أن نقرأ لأي مفكر من أرسطو إلى أفلاطون إلى مفكرين اليوم، يجب أن نعتمد على آخر ما كتبوا. ابن تيمية كتب عقودا طويلة من الزمن، وما كتبه في البداية قد يتراجع عنه في الوسط وقد يكون في مرحلة النضج من حياته قد غير الكثير من أفكاره، لذلك يجب أن ننتبه عندما نقرأ لمفكر معين أو عالم معين، وأن نأخذ بعين الاعتبار كيف يتطور تاريخ الفكر.
وأضاف أنه ليست هناك انتقائية في فكر مفكر، الناس يقرؤون ما يريدون، لذلك يجب أن نأخذ الأمور بشمولية وننظر. أول من نظر في  قضية التمييز، هو ابن تيمية، فهناك  عبادات تصلح في الدين وعادات يحتاج الإنسان إليها باستقراء.  ولذلك يقول ابن تيمية في أحد نصوصه أصل الضرر في أهل الأرض الخلط بين العادات والعبادات" اتخاد دين لم يشرعه الله، أو تحريم ما لم يحرمه الله"، وهذا الأصل الذي عمل عليه مجموعة من الأئمة .
واختتم قوله بكوننا اليوم بحاجة إلى تدقيق للمفاهيم لفك الاشتباك في عقل الإنسان المسلم، الملاذ في كل هذا هو التشبث بمقاصد الشريعة بدلا من الغرق في الأحكام الجزئية، وهذا سبق التطرق إليه من قبل الذين كتبوا في السياسة الشرعية، خلافا للكتب السلطانية التي تصف النظام السياسي لحكمها، السياسة الشرعية هي نوع من الكبد الفكري لتطوير المنظورات الشرعية الموجودة، لتواكب التطورات التي وقعت عبر القرون. والسياسة الشرعية هي كل ما يسعى لتقريب الناس إلى الصلاح وإبعادهم عن الفساد.
 
من جهته قال الدكتور العبدلاوي، أستاذ جامعي ومدير مركز مدى، في قراءته لما قدمه العثماني، إن العمل لاتجاه بناء الدولة المدنية وفي نفس الوقت تمدين للممارسة السياسية بالمعنى الذي استعمله الشهيد بن بركة، أي "نحن نبني الطريق وهي تبنينا"، هو تأسيس لكتلة وسطية تلغي الإسلاماويين والمتطرفين، وتدعو إلى مشروع يقصي المتطرفين، وهنا تكون الإسلاماوية المغاربية خاصة في المغرب وتونس، نموذجا يؤكد إمكانية التجاوز والاستيعاب الفكري.
وأضاف ماذا يعني أن نتحدث عن الطاعات العقلية؟ كأننا نتحدث عن الشموس الليلية، العقل هو سؤال هو استشكال هو إضافة هو نقد، لا يمكن أن نخاطب العقل بلغة الطاعة، لذلك فالعقل الذي يتحدث عنه ابن تيمية لا علاقة له بالعقل الذي نتحدث عنه اليوم.
وفي طرحه لأول إشكالية واجهته عند قراءة العمل الذي قدمه العثماني، هو بعض الاحترازات المنهجية، التي تعود لاختلاف في المرجعيات والأيديولوجيات مع الآخر وتحكم عليه، ما يعد أمرا عقيما موضوعيا، والأرجح يقول العبدلاوي، هو أن ينبني الحكم على السياق، عوض الغرق في المفارقات الأيديولوجية، خاصة وأن  بؤرة عمل السيد العثماني هي الدولة المدنية التي يتطلب تعريفها،  يجب تحديد مفهومها في سياقها الرئيس، وهي التسلط الذي استقر وتطور منذ عصر الأنوار الفرنسي ومنذ تمييز فلسفة التعاقد والنظرية السياسية عند جون جاك روسو، بين حالة الطبيعة السابقة عن الانتظار وبين المجتمع الجديد.
أما محمد بن صالح، الأستاذ الجامعي الباحث، والأمين العام لمركز مغارب للدراسات في الاجتماع الإنساني، فقد أوضح أن  ثمة إشكالات تفرض نفسها بقوة، وينبغي الإجابة عنها في سياق الدولة المدنية من قبيل، كيف يتم إنزالها؟ هل القصد هو اعتماد القانون الوضعي المتوافق مع مبادئ الشرع؟ وإذا ما تعارضت هذه القوانين مع الشريعة ما الحل؟
فقد نحا بن صالح نحو فتح أفق التفكير في ما بعد سؤال المواءمة بين الإسلام و"الدولة المدنية"، متفاعلة مع أطروحة "الدولة المدنية في ظل مقاصد الشريعة" من خلال مداخل معرفية توزعت بين المنهاجي والمفاهيمي والسياسي والتاريخي والمقاصدي، إذ نوّه إلى أن الأطروحة تندرج في إطار "فكر المراجعات" الذي عبّرت عنه بعض الكتابات في الصفّ الإسلامي بشأن مواقفها من مفاهيم طالما اعتبرت أسلحة للغزو الفكري والمسخ الثقافي، باعتبار أنها تتموضع في سياق تجاوز رؤية الإسلاميين التقليدية لما يسمّى بالدولة المدنية، والتي أنتجت في سياق الاستجابة للتحدي الكولونيالي والتفاعل مع ما سمي صدمة الحداثة، والتي ازدادت حدّة مع سقوط ما كانت تعتبره الذاكرة الجمعية في عديد المناطق العربية "دولة الخلافة الإسلامية".
========================
أنور قاسم الخضري  :كتاب السياسةِ الشرعيّة في أزمنة الوهن والاستضعاف
تم النشر: 10:50 01/09/2016 AST تم التحديث: 10:50 01/09/2016 AST
أنور قاسم الخضري، دار الوعي للنشر والتوزيع، 1436ه، الطبعة الأولى
يحاول الباحث إسقاط النور على الآراء والاجتهادات الفقهية الحاصلة في أزمنة ضعف الأمة وتقهقرها وفي احتمالاتها كافة، وأنّها ليست حِكراً على زماننا هذا، فيقول في مقدمة الكتاب:
"وإذ إن قَدَرُ اللهِ تعالى سبقَ بأن يقعَ في هذه الأمّة الإسلاميّة ما وقع في الأمم السابقة من الانحرافات والمحدثات، فكان من الطَبْعِي أنْ ينحرفَ حالها في الحكم أو أن يغيب بالأساس، فتَقَعَ بما وَقَع فيه اليهود والنصارى من تسلّطِ أعدائها عليها، وجَور السلّطانِ بها، فإنَّ شمول الشريعةِ لهذه الحالات توجيهاً للفرد المسلم والجماعة المسلمة أمرٌ طبعيٌّ. فليس من صلاح الشريعة للفرد أو الجماعة في حال كانت هي المهيمنة ولها السلطان؛ لأن هذا الحال في تاريخ البشرية -قبل الإسلام وبعده- ليس هو السائدَ والغالبَ، بل صلاحها يمتدُّ في كونها حيّةً مؤثرةً وموجِّهةً للفرد والجماعة حتى مع غيابِ السلطانِ والحكم، ولولا ذلك لاندثرت واضمحلّت، شأنُها في ذلك شأنُ الأديان التي حُرِّفَت أو الأفكار البشريّة الوضعيّةِ السياسيّةِ التي لا تعرفُ توجيه النّاس إلا من موقع الحكم، فإذا ما غابت عن الحكم غابت عن ميادين الحياة ووجدان البشر.
من هنا كان التفكير في بيان صلاحيّة الشريعة الإسلاميّة سياسيّاً، للفرد والأمّةِ حتى مع غياب السلطان والحكم، هو مقصد هذا البحث المتواضع في سبيل بيان مدى الأفق الذي تتيحه الشريعةُ لأهل الإسلام؛ ليتحرّكوا في الواقعِ، تمكيناً لدينهم، وجلباً لمصالحهم، وطلباً لمنافعهم حتّى مع غياب سلطانهم.
ولولا هذه السَّعَةُ لوقع في الأمة ما وقع للأمم من قبلها من انطماس دينها واندثار آثارها" (ص 5 و6).
فـ"إنّ من بين الإشكالات التي خلّفَت نزاعاً وأنتجت فساداً بين المسلمين غيابُ الحُكمِ الإسلاميِّ، وقيامُ أنظمة تدّعي الإسلام وهي تنتمي لغيره فكراً ووِجداناً وسلوكاً. فأصبحت الأمّةُ بلا خلافةٍ جامعةٍ ولا ولاية شرعيّةٍ صالحةٍ، تتعدّدُ فيها نظريّات الحُكمِ وأنظمة السلطةِ ومشاربُ التَّشريعِ، في حينِ عَجِزِ ووهنِ وخلافِ الصالحينَ، وجهل وغثائيّة الأمّة، وهيمنةِ وشوكةِ أهل النِّفاقِ والزندقَةِ، وتكالب أعداء الخارجِ من كل جنسٍ ومِلَّةٍ " (ص 7).
وتكلّم على أهمية دور العلماء ومسيس الحاجةِ إليه، خاصة في مثل هذه الأزمنة، وأشار إلى كلام ابن تيميّة -رحمه الله- عن الفساد الذي ظهرَ نتيجةَ ضعف العلماء في زمن بني العبّاس.
فهذه الأزمنة غالباً ما تَدفعُ بنهرِ الاجتهادات قُدماً؛ لِتغيّر الأزمان ولتغيّر الوقائِع أو يكون البديل الأحكام الوضعية الفاسدة، يقول الخضريّ:
"إنّ تخلُّف حرَكَة الاجتهاد والتجديد لدى شريحةٍ من العلماء أصابَ الأمّةَ في وقتٍ مبكّرٍ من تاريخها، إذ إنهم عَجَزوا عن مواكبة الحوادثِ والمستجداتِ، ما ألجأ الحكّامَ إلى وَضعِ قوانينَ لا تَمُتُّ إلى أحكام الشَّريعةِ أو مقاصدها بصلَةٍ، فنتجَ عن ذلك شر طويلٌ وفسادٌ عريضٌ، حتّى تفاقمَ الأمر وتعذَّرَ استدراكُه كما أشار إلى ذلك الشيخان ابن تيميّةَ وابنُ القيّم.
واستيعاب الشريعةِ للمستجدات إنما يُعبِّر عنه العلماءُ الرَّبانيّونَ باجتهادهم وآرائهم التي تُمثِّلُ امتداداً لخطاب الشارع، ولذلك وَجبَت طاعتهم كما في قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً" (النساء: 59)، ووَجَبَ الرجوع إليهم كما في قوله تعالى: "وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأمن أو الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إلى الرَّسُولِ وَإِلَى أولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً" (النساء: 83)، ولو أنّ الشرعَ استوعبَ بنصوصه كلَّ المسائل الحادثةِ لما كان للاجتهاد والنَّظَرِ معنى، فشموله إنّما هو بالمقاصد التي ينطلق منها والقواعد التي يُقاسُ بها، والأصول التي يُردُّ إليها، ومناهج الاستدلال والنّظَر وموازين الحُكمِ والتقييمِ، وأما الإيقاعُ والتنزيلُ فموكَلٌ لورثة الأنبياء.
ومن ثمّ يجبُ أن تُعطى المسائلُ الحادثةُ حقّها من النظر والتأملِ والفهم والفقه، مع استيعابِ أبعادها وآثارها ومظاهرها ومآلاتها، واستيعاب كل النصوص والقواعدِ والمقاصدِ التي يجبُ أن تُرَدَّ إليها قياساً وإعمالاً وتحكيماً، دونَ القطعِ على المُخالِف في اجتهاده بالتضليل والطَّعنِ، بل يجبُ أن يلتزمَ في مثل هذه المسائل الحادثة بقول الشافعيّ: "قولي صوابٌ يحتملُ الخطأ، وقول غيري خطأٌ يحتملُ الصَّوابَ" لا أنْ تُجْعَلَ ابتداءً مِن مسائل الإجماع أو المسائل القطعيّة التي لا اجتهاد معها" (ص 12).
ويؤكّد المؤلف على القاعدة الفقهيّة في المصالح والمفاسد، والحُكْمُ في ذلك الاستطاعة والقدرةُ، غير أنّه لا يُتَعَذَّرُ بالمفقود عن فعل الموجود.
ثُمَّ يَذكرُ فصولاً في سنن الاجتماع البشري وحاجةِ الإنسان إلى الاجتماع، وأنّه اجتماعي بطبعه ثمّ عرّج على القوانين التي يُحتاجُ إليها نتيجةً لهذه العلاقات وتنظيماً لها والأثرِ الكبير للعلماءِ وللوُلاة على الأمّة: "ولمّا كانَ قيامُ الإسلام بطائِفَتَي العُلماءِ والأمراءِ، وكان النّاسُ كُلُّهم لهم تبَعاً، كان انصلاحُ العالَم بانصلاحِ هاتين الطائفَتَينِ، وفساده بفسادهِما، كما قال عبد الله بن المبارك وغيره من السلف: صنفان من النّاس إذا صلحا صلح النّاسُ، وإذا فسدا فسدَ النّاسُ، قيل من هم؟ قال: الملوكُ والعلماءُ... [ورُوي عنه] قولُ:
وهل أفسدَ الدينَ إلا الملوكُ وأحبارُ سوءٍ ورهبانُها" (ص 18).
ويرى خطأ انسحاب العلماء والمصلحين عن مواقعِ صنع القرار والتأثير فيقول:
"ولقد كان من نتائج انسحاب كثيرٍ من العلماء والمصلحينَ عن مواقعِ صُنعِ القرار والتأثير والتوجيه، لقناعتهم بأنّ في تولّيها مفاسدَ عليهم في دينهم، أو أنَّ فيه إقراراً بالباطل القائمِ وتجميلاً لصورته، أو غيرَ ذلك من العلل التي يستندون عليها في تورُّعهم... دخولَ عموم الأمة في انحرافاتِ الحكّامِ وجورهم، وخضوعها للضلالات والباطل في غالبيّةِ شؤون الحياة كما هو حال الأمّة اليوم في ظلّ الأنظمة الفاسدة الجائرة، حيثُ يُصاغُ الإعلام والتعليم والثقافةُ والأدب والتاريخ والفكرُ صياغةً منحرفةً " (ص 19).
واستدلّ بقول الله تعالى على لسان يوسف عليه السلام: "قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأرض إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ" (يوسف: 55) على جوازِ وأحياناً وجوب طلبِ المنصبِ إذا أَنِسَ الطالبُ من نفسهِ القوّة والأمانة.
ثم يبسط القولَ والاجتهادات الفقهية في الحالات التاليّة:
1 - غياب الحكم الإسلاميّ.
2 - وجود مجتمع مسلم مع غياب الدولة المسلمة جزئياً.
3 - وجود مجتمع مسلم في دولةٍ كافرةٍ.
4 - وجود مجتمعٍ مسلمٍ مع غياب الدولةِ كليّاً.
5 - وجود حاكمٍ مسلم في دولةٍ كافرة.
6 - هل يجوز للمسلم أن يحكم غيرَ المسلمين.
7 - غياب دولةٍ مسلمةٍ وجماعةٍ مسلمةٍ
========================
كاظم هاشم نعمة :روسيا والشرق الأوسط
المركز العربي للابحاث | الأربعاء 31/08/2016 شارك المقال : 9Google +00
يبني كاظم هاشم نعمة دراسته روسيا والشرق الأوسط بعد الحرب الباردة - فرص وتحديات، الصادرة كتاباً عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (في 176 صفحة بالقطع الصغير)، على افتراضات عدة في معالجته العلاقات الروسية الشرق أوسطية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، ومنها أنّ النفعية الواقعية الهجومية الدفاعية، لا المثالية الغربية الليبرالية أو الأيديولوجيا السوفياتية - الروسية، هي الدافع الرئيس لحركة - مجال السياسة الخارجية الروسية بعد الحرب الباردة، وأنّ التحولات الجذرية في الوطن العربي - الشرق الأوسط أفضت إلى واقع بنيوي لما بعد الحرب الباردة، يؤثر في صوغ سياسة خارجية روسية تبقى رهينة العلاقات الروسية - الأميركية وقدرات القوة الشاملة الروسية القومية، خصوصاً الاقتصادية.
يقع هذا الكتاب في سبعة فصول وخاتمة. يصور نعمة في أولها، وعنوانه روسيا ما بعد السوفياتية، السجال الذي استعر في شأن هوية روسيا ما بعد السوفياتية بين تيارات فكرية وفئات سياسية ومراكز قوى، إضافة إلى الكنيسة الروسية، وانكماش روسيا على ذاتها في الاتجاهات كلها، وتعمق جرحها النفسي، وشعورها بالضياع والخذلان والإذلال بين صفوف الفئات السياسية والاجتماعية والعسكرية. ويلفت المؤلف في هذا الفصل إلى أنّ روسيا قدّمت العالم الإسلامي على الوطن العربي في اهتمامها، لأنّ التحدي الإسلامي لروسيا بعد الربيع العربي والأزمة السورية مثّل مصدر تهديد أمني للقوقاز ووسط آسيا، علماً أنّ المنطقة العربية كانت تحل في المرتبة شبه الأخيرة في سلّم اهتمامات السياسة الخارجية الروسية.
في الفصل الثاني، بوريس يلتسين: عهد الإهمال والإغفال، يبحث المؤلف التوجه الروسي غرباً الذي انتهجه الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين، والذي أدركت موسكو في منتصف تسعينيات القرن الماضي أنه لم يدرك أهدافه. حينها، خابت توقعات يلتسين والليبراليين في أن يكون التعاون مع الولايات المتحدة تعاوناً بين قوتين كبيرتين إستراتيجيتين عالمياً، "وبعدما حسب يلتسين أنّ نهاية الحرب الباردة شكلت قسمة عادلة، خرجت روسيا والولايات المتحدة منها بمكاسب، كانت النتيجة أقرب إلى معادلة صفرية".
في عهد يلتسين، سادت سياسة خارجية روسية مرتبكة، إذ انصرف الروس إلى ترتيب علاقاتهم الثنائية بالولايات المتحدة والغرب، بسبب ضعفهم الاقتصادي والمنظومة الفكرية للمدرسة الأطلسية. ويأتي الموقف الروسي من أزمة الخليج العربي في الإطار نفسه، إذ لم تقف موسكو في طريق السياسة الأميركية في المشكلة العراقية، ولم تعترض على حصار العراق، بل اكتفت بخطاب سياسي طالب برفع الحصار لا أكثر. وحين قدمت مبادرة وساطة، أتت مبادرتها ضمن هيكل العلاقات الروسية – الأميركية، لا خارجه.
يبحث نعمة في الفصل الثالث، تناوب السياسات في تناول الأزمات، عهدي فلاديمير بوتين وبينهما عهد ديمتري ميدفيديف، فيسمي الحقبة البوتينية الأولى "عهد السياسة الحذرة"، إذ شاب الحذر العلاقات الروسية - الأميركية بعد حوادث 11 سبتمبر 2001، خصوصاً حيال التدخل الأميركي في العراق، مع أنّ  موسكو قد سخّرت أجواءها وقواعدها في وسط آسيا لخدمة واشنطن، وعودتها إلى التعاون مع حلف الناتو بعد توقف سبّبه الصراع على يوغسلافيا.
يسمي نعمة عهد ميدفيدف "عهد التطبيع والإعادة"، إذ عاد فيه التوتر بسبب قرار واشنطن ضم جورجيا وأوكرانيا إلى حلف الناتو، واستخدام روسيا القوة العسكرية في أبخازيا وأوسيتيا. لكن ما لبثت سياسة "الإعادة" في العلاقات الروسية - الأميركية أن انطلقت في ظل إدارة باراك أوباما، واستعداد واشنطن "للاعتراف بمصالح روسيا واحترامها"، لتتعثر هذه الإعادة بسبب أزمات إدوارد سنودن وسورية وأوكرانيا والعقوبات الاقتصادية.
في عهد بوتين الثاني، أو "عهد السياسة الناشطة"، عادت روسيا لترى نفسها خليفة الاتحاد السوفياتي لا ركامه، ورسمت حدودها الجيوسياسية وأهدافها في إطار عقيدة سياسة خارجية وأمنية وعسكرية معيّنة، وانتهجت سياسة ناشطة تحمي أمنها القومي وتحفظ هيبتها وتوسع مصالحها الاقتصادية.
يعرض المؤلف في الفصل الرابع، وعنوانه تحديات عربية لأمن روسيا، قناعة صنّاع القرار الروس أنّ الغرب يستخدم الظاهرة الإسلاموية لإضعاف روسيا وتفكيك فدراليتها، وأنّ السياسة الأميركية تقف وراء تفشي هذه الظاهرة، وأنّ الغرب يتعامل معها بطريقة انتقائية توجهها أجندة جيوسياسية تستهدف أمن روسيا، خصوصاً أنّ الغرب يدرك خشية روسيا من تسرّب الإسلامية الراديكالية "أكثر مما تخشى خسارة مصالح اقتصادية وعقود تسليح ومواقع تستخدمها منصات لعرض قوتها عالمياً أو توسيع نفوذها في مواجهة الولايات المتحدة والغرب". وقرّبت ظاهرتا الإرهاب والتطرف الإسلامي روسيا من دول عربية ليس لها فيها فرص عقود تسليح أو تجارة، كالأردن مثلاً، "لكن فيها جالية شيشانية يمكنها أن تمد الحركة الشيشانية بالدعم المادي والتأييد وغيرها". وبقي بوتين مصراً على التفريق بين الإسلام والإسلام السياسي، فيُنسب إليه قوله "إنّ روسيا هي المدافع الأمين والموثوق به عن مصالح العالم الإسلامي، وهي أفضل شريك وصديق لهذا العالم".
في الفصل الخامس، وعنوانه روسيا والصراع العربي – الإسرائيلي، يرصد نعمة تحول موقف روسيا من هذا الصراع بعد انحدار مرتبتها من قوة عظمى إلى قوة تبحث عن هوية، وبعد اتفاق أوسلو الذي جعل فلسطين وإسرائيل طرفين متساويين قانونياً. وبحسب المؤلف، "يخطئ من يظن أنّ موسكو مستعدة لتبني سياسة تغيّر الوضع القائم اليوم، فالسوفيات أخفقوا في ذلك وكانوا في أوج قوتهم. ويدرك الروس أنّ التفوق الإستراتيجي التقليدي والنووي الإسرائيلي يحول دون نشوب حرب عربية - إسرائيلية، وهم لن يخطوا خطوة يمكن أن تربك هذا التفوق، أو أن تحقق توازن قوة في المنطقة، لذا ينادون دائماً بالحل السلمي، ويسمونه بديلاً إستراتيجياً بعدما أقرّه العرب في مبادرتهم الجماعية، وحصل على التأييد الدولي".
في الفصل السادس، روسيا والربيع العربي: خصوصية الحالة السورية، يقول نعمة إنّ روسيا رأت في الربيع العربي نتاجاً لعوامل داخلية طرأت عليها عوامل خارجية مع تطور الحوادث، وتطوراً اجتماعياً نضج فأنشأ بيئة جديدة لحركة السياسة الخارجية الروسية، لكنه في الوقت نفسه عبّد الطريق أمام الهيمنة الإسلامية على المنطقة. وبحسب نعمة، أتاحت الأزمة السورية لروسيا فرصة كي تعزّز موقفها التفاوضي في السعي الجدّي إلى صوغ قواعد جديدة للعبة الدولية، غير التي أرستها الولايات المتحدة حين افترضت أنها القوة العظمى الوحيدة في العالم، وأنّ روسيا ضعيفة ومعزولة. وموسكو لا تعارض تغيير نظام دمشق، بل تعارض الطريقة التي اختارها الغرب لتحقيق ذلك. فالهدف الأميركي هو الهيمنة على المنطقة وتطويق روسيا إقليمياً، وهذا لا يختلف عن الاقتراب من الحرم الأمني الروسي المباشر. وأرادت روسيا من تدخلها في سورية أن يدرك الغرب أنّ محدودية خياراته في الحرم الأمني الروسي لا تعني حريته في أقاليم فيها مصالح روسية.
في الفصل السابع، مثلث روسيا - إيران – تركيا، يشرّح نعمة العلاقات الثنائية داخل هذا المثلث. فموسكو ترى في إيران شريكاً "في مواجهة جبهة تركية – سعودية - أميركية في الأزمة السورية، وجبهة سنّية –تركية – خليجية في المنطقة لها نفوذ في القوقاز الكبير وفي وسط آسيا، وجبهة نفطية في مواجهة حلف سعودي - أميركي يسعى إلى إنهاك الاقتصاد الروسي للضغط على موسكو كي تقدم تنازلات في أوروبا وسورية وإيران". وفي الوقت نفسه، تسعى موسكو إلى جذب أنقرة إذ تدرك قيمتها أمنياً واقتصادياً وسياسياً وفي بنية العلاقات الروسية – الأميركية. فهي حارس بوابة الدردنيل التي يمكن منها خنق روسيا أو جعلها قوة بحرية كبرى في البحر الأسود. كما يجعلها موقعها ممراً بديلاً للطاقة الروسية للإفلات من تطويق أميركا والغرب.
في خاتمة وتوصيات الكتاب، يوصي نعمة بأن تبلور جامعة الدول العربية سياسة عربية تجاه روسيا تقوم على مصالح الأمن القومي العربي، فلا تبقى السياسة العربية وظيفةً في العلاقات العربية – الأميركية – الغربية، ولا ترتبط العلاقة الروسية العربية بقضية واحدة، كالقضية الفلسطينية أو الأزمة السورية. يشدد نعمة على ضرورة الحوار مع روسيا في قضايا النظام الدولي ودور الأمم المتحدة، والتطلع إلى نسق جديد من العلاقات بعد تسوية فيينا للبرنامج النووي الإيراني، مع تأكيد مبدأ عدم التدخل في مسائل الأمن الروسي في القوقاز، والتزام الحياد في الخلافات الروسية – الأميركية – الغربية، والتعاون مع روسيا في مكافحة الإرهاب، وتوسيع نطاق الاستثمار العربي فيها.
========================
كتاب لرصد العلاقة بين وسائل التواصل الاجتماعي والتحولات السياسية فى المنطقة
محليات  الأربعاء 31-08-2016 الساعة 06:43 م
الدوحة - الشرق
* الكتاب أصدره مركز الدراسات الدولية والاقليمية في جورجتاون
أظهر انتقال صدى الانتفاضات العربية من المحيط إلى الخليج عبر وسائل تجاوزت استعمال رسائل "تويتر"، كما تجاوزت أيضا مظاهر الاحتجاج في الساحات العامة، وجود حاجةٍ ماسةٍ لتحليلٍ أعمق لتلك الظاهرة على ضوء العلاقة المعقدة والتشابك الحاصل بين تطور التكنولوجيات الرقمية والسياسات الإقليمية.
في هذا الصدد، أصدر مركز الدراسات الدولية والاقليمية التابع لجامعة جورجتاون في قطر كتاباً جديداً، يهدف من خلاله الباحثون إلى تعميق فهم هذه اللحظة الفاصلة في تاريخ الشرق الأوسط المعاصر.
ويركز الكتاب الذي يحمل عنوان"رصاص ونشرات : وسائل الإعلام والسياسة في أعقاب الانتفاضات العربية"، على العلاقة بين وسائل التواصل الاجتماعي والتحولات السياسية والاجتماعية التي شهدتها المنطقة منذ بداية الانتفاضات العربية عام 2011.
وقد جاء هذا الإصدار، الذي نشرته دار الكتب لجامعة أكسفورد هيرست، تتويجاً لسنواتٍ من البحوث قام بها مركز الدراسات الدولية والاقليمية في إطار مبادرته البحثية "السياسة والإعلام في الشرق الأوسط بعد الربيع العربي".
قام بتحرير كتاب "رصاص ونشرات" كلا من الدكتور محمد زياني الأستاذ في جامعة جورجتاون في قطر والأستاذة سوزي ميرغني من مركز الدراسات الدولية والاقليمية.
وقد تبنى الكتاب مقاربةً متعددة التخصصات لهذا الموضوع، حيث ينظر إلى الأحداث والتطورات والآثار المترتبة عليها في العديد من الدول مثل تونس وليبيا ومصر وسوريا والبحرين.
ويناقش الكتاب الدور الذي لعبته وسائل الإعلام التقليدية والجديدة في العالم العربي المتغير، مع إعطاء اهتمامٍ خاصٍ للتحول الذي طرأ على علاقات القوة بين الحكومات ومواطنيها.
ويقول الدكتور زياني، أستاذ النظرية النقدية ومدير برنامج الإعلام والسياسة في جامعة جورجتاون في قطر: "مع تزايد الاعتماد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أصبح الشرق الأوسط أكثر ارتباطاً من أي وقتٍ مضى، وأضحى الناس أكثر اطلاعاً والمواطنون أكثر تمكيناً، إلا أنه في الوقت نفسه صارت العلاقات بين وسائل الإعلام والسياسة أكثر تعقيداً".
وأضاف: "يعطي هذا الكتاب نظرةً ثاقبةً، ليس فقط حول الدور المثير للجدل الذي لعبته وسائل التواصل الاجتماعي خلال الانتفاضات العربية، ولكن أيضاً حول إعادة تشكيل الحياة العامة، وإعادة صياغة متغيرات القوة، وتجديد مضمون الوعي السياسي داخل فضاء معلوماتي تعرض للتغيير."
تحد مقنع
وفي معرض تعليقها على الكتاب، قالت الدكتورة كارين ويلكنز، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة تكساس، أوستن: "إن هذا الكتاب يقدم تحدياً مقنعاً لعلماء الاتصال الذين وضعوا افتراضات ساذجة حول الآليات السياسية والاستراتيجيات المتعارف عليها إعلاميا".
وقالت الأستاذة سوزي ميرغني، مدير ورئيس تحرير منشورات مركز الدراسات الدولية والاقليمية: " لقد أوضح العديد من المساهمين في هذا الكتاب أن الفاصل بين الإعلام القديم والإعلام الجديد هو حاجز زائف".
وأردفت قائلة: " تستخدم كلا من السلطات الحكومية والجماهير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات منذ فترة طويلة كأدوات إما لإسكات صوت المعارضة أو لتضخيمه. وخلال الأشهر القليلة الأولى من الانتفاضات الجماهيرية، أدى استخدام ذلك العدد الهائل من المتظاهرين لجميع وسائل الإعلام المتاحة، سواء التقليدية منها أو ما يسمى بالإعلام الجديد، إلى تغيير في موازين القوى ".
وللعلم، فإن "رصاص ونشرات" هو أحدث إصدار لمركز الدراسات الدولية والاقليمية في شراكة مع دار كتب جامعة أكسفورد هيرست، ويتوقع نشر كتاب آخر في وقت لاحق هذا العام.
وتجدر الإشارة إلى أن الكتاب السابق الذي أصدره مركز الدراسات الدولية والاقليمية تحت عنوان "الجماهير المتصلة والخلاف الرقمي: سياسة الحياة اليومية في تونس"، كان قد ألفه الدكتور زياني وفاز بالجائزة العالمية لأفضل كتاب حول الاتصال والتغيير الاجتماعي لعام 2016 من قبل المنظمة الدولية للاتصالات.
========================
مركز الأهرام يصدر كتاب "الإنسان والفيزياء" لـ"مجدى مصطفى"
كتب أحمد جودة
وقع الدكتور مجدي مصطفي رئيس الجمعية العربية لجراحة القلب عقد كتابه "الإنسان وفيزياء الكون علاقة أبدية.. علم أغرب من الخيال" مع مدير مركز الأهرام للنشر الكاتب الصحفي محمد الشاذلى.
وقاد بحث الدكتور مجدي مصطفي عن نشأة الكون إلى الفيزياء ونظرياتها كانت هذه هى البداية لكنه كلما تعمق ازدادت رغبته فى المزيد، فيما وجد آيات الله فى الكون، وفى كل شىء سخره للإنسان ليحيا ويتدبر فى آياته, وأثناء قراءته للقرآن الكريم وجد إدراكًا أوضح لمعانى بعض الآيات على ضوء ما تعلم.
والكتاب الذي يصدر قريبا عن مركز الأهرام للنشر محاولة لنقل ما توصلت إليه العلوم الحديثة عن نشأة وتطور الكون، وما أبدعته عقول العلماء فى الفيزياء والفلك والعلوم العصبية والنفسية والفلسفة حتى وقتنا الحاضر، بشكل علمى مبسط، ودون الدخول فى معادلات علمية معقدة، في الوقت الذي تفتقر المكتبة العربية إلى كتب تغطى هذا المجال بنظرة شمولية، خارج نطاق المتخصصين.
ويخرج الكتاب بنتيجة مؤداها أن كل ما فى الكون قد خُلِقَ ليسمح للحياة أن توجد، وللوعى الإنسانى أن يدرك ما حوله فى عالمه، وبالتالى يدرك أن كل ما فى الكون قد سخر لأجله, وأن الوعى الإنسانى متصل عبر طاقات عديدة وقنوات اتصال بالوعى الكلى الشامل وهما فى حالة تفاعل مستمر يدوم ما دامت الحياة, وأخيرا أن هناك طاقات كامنة زود بها الإنسان بعضها معروف والبعض قيد البحث وبعضها لم يكشف عنها الستار بعد.
========================
صدور كتاب "الإسلام والقانون الدولي الإنساني دراسات مقارنة"
الاثنين 29 آب 2016 - 08:45
ما بين الفقه الإسلامي وما يشتمل عليه من أفكار وقواعد ومعايير، وبين القانون الدولي الإنساني، نقاط لقاء وافتراق، تشكل، مجتمعة، مسألة، حاول معالجتها، بالمقارنة والدرس، عدة باحثين، في سبع عشرة دراسة، يجمعها الكتاب الذي يحمل عنوان: "الإسلام والقانون الدولي الإنساني: دراسات مقارنة". (لمجموعة من الباحثين).
هذا الكتاب، الذي ترجمه إلى العربية رعد الحجاج وعلي عباس الموسوي، هو كتاب من منشورات "مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي" في بيروت، وقد صدر مؤخرا وفي طبعة ثانية في ال2016. (ضمن سلسلة الدراسات الحضارية التي يصدرها المركز).
========================
صدر حديثا كتاب «علم التاريخ» للمؤلف شوقي الجمل
نشر 30 آب/أغسطس 2016 - 03:18 بتوقيت جرينتش
كتاب «علم التاريخ» للمؤلف شوقي الجملكتاب «علم التاريخ» للمؤلف شوقي الجمل
صدر حديثا عن المكتب المصري للمطبوعات كتاب «علم التاريخ» للمؤلف شوقي الجمل، حاول الكاتب في هذا الكتاب الذي يقدمه للباحثين في مجال التاريخ أن يعالج موضوعين مترابطين ومتكاملين يصعب فصل أحدهما عن الآخر.
والموضوع الأول في الكتاب عن نشأة علم التاريخ منذ بدأ على شكل قصص وروايات، ثم تطور مع تطور المعرفة الإنسانية، وتعرض الكاتب لدور العرب في هذا المجال والشوط الذي قطعوه فيه فخصص فصلًا لذلك.
كذلك تعرض لوضع علم التاريخ بين العلوم الأخرى والآراء المختلفة التي أثيرت حول هذا الموضوع، وأشار للعلوم الأخرى الوثيقة الصلة بعلم التاريخ، وبما يجب أن تتوفر في الباحث التاريخي من صفات ومميزات ليمارس هذا العمل بمفهومه الصحيح السليم.
أما عن الموضوع الثاني فهو يتعلق بالمنهج الذي يجب أن يلتزم به الباحث في هذا الميدان حيث بدأ الكتاب مع الباحث منذ اختياره لموضوع بحثه وحتى تنسيق المادة التاريخية تمهيدًا لعرضها على هيئة موضوع متكامل متجانس ومترابط.
واعتمد الكاتب في كل ذلك على القواعد المتعارف عليها والتي أصبحت الأسس الرئيسية التي يقوم عليها البحث التاريخي.
كما عرض الكاتب آراء وأفكار العديد من المؤرخين الذين برزوا في هذا الميدان واهتموا بهذه الدراسة، وهي دراسة منهج البحث التاريخي.
========================
د. أحمد حسين حسن :الطبقة الوسطى والتغير الاجتماعي في مصر
التاريخ:02 سبتمبر 2016
كتاب «الطبقة الوسطى والتغير الاجتماعي في مصر»، للدكتور أحمد حسين حسن، يبحث اتجاهات التغير في تكوين وحجم المواقع الوسطى الحضرية وأدوارها وفاعليتها أو وعيها الطبقي، وأنساقها القيمية في المجتمع المصري خلال الربع الأخير من القرن المنصرم.
وذلك بالكشف عن أهم السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي اتبعتها الدولة المصرية وتأثيراتها في أوضاع المواقع الوسطى الحضرية، وتحديد أهم تجليات التغير واتجاهاته التي طرأت على هذه المواقع الوسطى من حيث تكوينها وحجم شرائحها البينية وظروف عملها وآليات حراكها.
ثم أدوارها الاجتماعية ومواقفها وفاعليتها السياسية والطبقية، وأيضاً الكشف عن أهم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تواجهها هذه المواقع وآليات مواجهتها لتلك المشكلات، مع رصد أنماط استجابة هذه المواقع الوسطى لسياسات الدولة وبرامجها وما أفرزته من تغيرات أي بمعنى آخر تعيين أهم الآليات والميكانيزمات التكيفية التي أوجدتها الطبقة للحفاظ على بقائها أو إعادة إنتاج وجودها الاجتماعي.
ويصيغ الكتاب من هذه الأهداف تساؤلاً عاماً مفاده: ما اتجاهات التغير في بنية المواقع الوسطى الحضرية وأدوارها خلال الربع الأخير من القرن المنصرم؟ ويفكك الباحث هذا التساؤل إلى مجموعة من التساؤلات كالتالي: ما أهم التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي خبرها التكوين الاجتماعي المصري ما بين 1975 و2000؟ وما أهم السياسات الاجتماعية في النطاقات الحضرية.
ويؤكد الباحث على أن زمرة من التحولات الجذرية في السياسات والبرامج شكلت الانفتاح الاقتصادي، ثم بعد ذلك ما عرف بسياسات التكيف الهيكلي مع الرأسمالية؛ التحول الأهم الذي مثل نكوصاً شديداً عما شهدته الستينيات من سياسات انحازت اجتماعياً وطبقياً إلى المواقع الوسطى والعاملة، فدعمت كثيراً من مواقعهما الطبقية.
وقد انطوى الانفتاح والتكيف على برامج وإجراءات كثيرة اقتصادية واجتماعية وتشريعية وسياسية، من قبيل تفكيك القطاع العام وإهماله ثم بيعه وتسريح الغالبية العظمى من عماله وموظفيه «الخصخصة»، ثم التخلي عن سياسة تشغيل الخريجين، وما ارتبط بها من تراجع شديد في معدلات التشغيل
ويشير إلى أن المستوى الإجمالي لكل المواقع الوسطى شهد على مدار السنوات العشر الفاصلة بين عامي 1996 ـ 2006 تراجعاً شديداً في الحجم الكلي للمواقع الوسطى وفي حجمها النسبي الإجمالي لقوة العمل مقارنة بالموقع العمالي، فرغم تضاعف الحجم الإجمالي للمواقع الوسطى خلال عشرين عاماً من 31% إلى 61% فيما بين 1976 إلى 1996 تراجع بمقدار 20% خلال السنوات العشر الأخيرة.
وبالطبع كان الانكماش لصالح زيادة حجم المواقع العمالية خلال السنوات نفسها بمقدار 22% تقريباً، ويضاف إلى عمليات الفرز والإحلال المشار إليها، أن حدثت تغيرات في تكوين بعض الشرائح الداخلية، إذ انكمشت أحجام الشريحة البيروقراطية التي كانت متمركزة في قطاعات الدولة وأجهزتها وكذا الشريحة البرجوازية الصغيرة التقليدية في حين بزغت شرائح حديثة بفعل التطورات.أما من حيث اتجاهات التغير في خصائص العمل والتعليم والمهارة فيرى الباحث أن المواقع الوسطى شهدت تغيرات جذرية مهمة في علاقات عملها ومستوى تعليمها وحيازتها المهارية وفي سوق العمل.
المؤلف في سطور
د. أحمد حسين حسن باحث وأكاديمي مهتم بالمجتمع المدني المصري وما يعتمل فيه من تغيرات ومن مؤلفاته «الجماعات السياسية الإسلامية والمجتمع المدني».
الكتاب:
الطبقة الوسطى والتغير الاجتماعي في مصر
تأليف:
د. أحمد حسين حسن
الناشر:
مركز المحروسة للنشر - 2016
الصفحات:388 صفحة
القطع:المتوسط
========================
وائل عبد العال  :حماس والإعلام.. السياسة والإستراتيجيا
عرض/عدنان أبو عامر
منذ إنشاء حركة المقاومة الإسلامية حماس أواخر العام 1987، استخدمت على نطاق واسع وسائل الإعلام كوسيلة للتعبئة والتحشيد لأفكارها سياسيا وأيديولوجيا، وشهدت تكتيكاتها تطورا واضحا منذ أن استخدمت وسائل إعلام بدائية كالكتابة على الجدران إلى أن أنشأت قنوات البث الفضائي ووظفت وسائل الإعلام الجديد، وكونت ما يمكن اعتباره مؤسسات إعلامية أحدثت صدى مهما على الساحتين المحلية والإقليمية، في معركتها لكسب القلوب والعقول.
يعتبر هذا الكتاب أول دراسة منظمة لتطور إستراتيجية إعلام حماس في سياقيها المنهجي والتاريخي، ويحدد الكتاب ثلاث مراحل رئيسية لتطور إستراتيجية حماس الإعلامية هي: الأولى في الانتفاضة الأولى 1987 وحتى نهايتها، والثانية بعد اتفاق أوسلو 1993 وصولا إلى انتفاضة الأقصى 2000، والثالثة الانتخابات التشريعية 2006، وما تبعها من سيطرة لحماس على قطاع غزة.
الإستراتيجية الإعلامية
اعتمد الكاتب في مصادره على عشرات المقابلات الأكاديمية مع مسئولين في حماس، عاصروا الأحداث الإعلامية في المراحل المختلفة التي تناولها الكتاب، وقام بتحليل نصوص البيانات الصادرة عن المكتب الإعلامي، ومحتويات وسائل الإعلام التابعة لحماس.
-العنوان: حماس والإعلام.. السياسة والإستراتيجيا
-اسم المؤلف: وائل عبد العال
-عدد الصفحات: 240 صفحة
-الناشر: روتلديج، لندن
-تاريخ النشر: يونيو/حزيران 2016
يتناول الكتاب بالدراسة والتحليل إستراتيجية إعلام حماس القائمة على عدة عناصر، أولها البنية التحتية للإعلام، حيث تتبع تطوير حماس لبنيتها التحتية الإعلامية منذ الانتفاضة الأولى، واستخدامها لوسائل إعلام بدائية كالغرافيتي والمنشورات والكتيبات والملصقات ومكبرات الصوت، حتى شكلت مجموعة كبيرة من المؤسسات الإعلامية تشمل وسائل الإعلام العصرية، كالإذاعة والتلفزيون والصحافة المطبوعة والإعلام الجديد.
وهناك العنصر الثاني المتمثل بالخطاب الإعلامي، حيث نجح إعلام حماس بإرساء قائمة طويلة من المصطلحات التي قدمت بديلا عن المصطلحات السائدة، واعتبرت على مدى سنوات تزييفا للوعي وتشويها للمقاومة، ضمن الأهداف الإستراتيجية لإعلام حماس، المتمثلة بترسيخ شرعية المقاومة الإسلامية، ونزع شرعية الاحتلال الإسرائيلي، وتأكيد ثقافة المقاومة في المجتمع الفلسطيني، وزيادة الالتفاف حول مشروع المقاومة.
عرض الكتاب ما قال إنها دوائر الجمهور المستهدف لوسائل إعلام حماس التي يشمل الأعضاء، الأنصار والمؤيدين، الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، والجمهور العربي والإسلامي، والرأي العام الدولي، والدائرة الأخيرة الرأي العام الإسرائيلي، عبر مخاطبته وتوجيه رسائل من أجل الضغط على حكومته.
تكون الكتاب من ثمانية فصول، تناول الفصلان الأول والثاني الأطر النظرية للدراسة، وصولا إلى مشروع حماس في الإعلام والمقاومة، عبر التعريف بمشروع المقاومة الذي تعتبره حماس مشروعا شاملا للتحرير والخلاص من الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية وفقا لرؤيتها.
ويوضح الفصل الثالث من الكتاب أن الدافع الرئيسي الذي يقود مشروع حماس الإعلامي هو وجود الاحتلال الإسرائيلي، فهو مشروع أخلاقي إنساني؛ ويقع في سياق مواجهة الاحتلال، مقابل شعب يعاني منه، ويرغب في وضع حد للظلم، وتخليص الشعب الفلسطيني من الاحتلال الذي ابتليت به حياتهم، وحاول اغتصاب هوياتهم، كأفراد وجماعات.
الإعلام المقاوم
حاول الجزء الثاني من هذا الفصل التعريف بمفهوم الإعلام المقاوم من وجهة نظر حماس، وتبيان أهمية استخدام حماس لهذه الوسائل، وتكريس الجهد والمال من أجلها، وأظهر الكتاب أن استخدام الإعلام لدى حماس يحتل أولوية قصوى في أجندتها.
"نجح إعلام حماس بإرساء قائمة طويلة من المصطلحات التي قدمت بديلا عن المصطلحات السائدة، واعتبرت على مدى سنوات تزييفا للوعي وتشويها للمقاومة، ضمن الأهداف الإستراتيجية لإعلام حماس، المتمثلة بترسيخ شرعية المقاومة الإسلامية، ونزع شرعية الاحتلال الإسرائيلي، وتأكيد ثقافة المقاومة"
فإلى جانب المقاومة المسلحة، تعتبر حماس أن القوة الناعمة بما فيها الإعلام، لا تقل أهمية عن الرصاص والقنابل، وأظهر الكتاب أن الهدف الأساس لإعلام حماس هو تعزيز ثقافة المقاومة لدى المجتمع بغية خلق مجتمع مقاوم لاحتضان وحماية مشروع المقاومة.
تناول الفصل الرابع من الكتاب ما قال إنها الإستراتيجية الإعلامية لحماس، موضحا المرحلة الأولى من إنشاء جهاز الإعلام لحماس، حيث كان أحد أعمدة حماس الرئيسية، واعتبره الكتاب أداة أساسية، ليست أقل أهمية من غيرها من الأدوات، مثل المقاومة المسلحة أو العمل الاجتماعي.
تألفت البنية التحتية لإعلام حماس في بداياتها الأولى من وسائل الإعلام البدائية جدا، مثل الغرافيتي، والملصقات، والفيديو والأشرطة السمعية، ومنابر المساجد، وكانت المقاومة الجهادية السمة الرئيسية للخطاب الإعلامي حماس، حيث تضمنت معظم منشوراتها، وعلى نطاق واسع آيات القرآن الكريم والحديث الشريف، وذلك تأكيدا على أن هذه المفاهيم جزء من سياسة متعمدة تهدف إلى ترسيخها في أذهان الفلسطينيين.
ركز الفصل الخامس من الكتاب على إستراتيجية إعلام حماس، وانتقاله من السرية إلى العلنية، في فترتين مهمتين جدا وهما: إنشاء السلطة الفلسطينية، واندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية ذات الطابع المسلح، وأظهر هذا الفصل التحول الجوهري في إستراتيجية إعلام حماس، حيث أنشأت، وبشكل علني أول إذاعة محلية وأول صحيفة محلية، رغم القيود المفروضة من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية.
رأى الكتاب أن حماس وسعت دائرة جمهورها المستهدف للوصول إلى جمهور أكبر في جميع أنحاء العالم من خلال إنشاء صفحة ويب تتحدث عبر عدة لغات، وكانت الرسالة الإعلامية لحماس من بداية حكم السلطة الوطنية الفلسطينية حتى بداية الانتفاضة الثانية مزيجا من الخطاب السياسي المعارض لاتفاقية أوسلو وللسلطة الفلسطينية ذاتها.
المراحل الإعلامية
كما ركزت وسائل إعلام حماس على فشل نهج السلطة الفلسطينية المتمثل بالمفاوضات والتعاون الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه قدمت حماس نفسها خيارا بديلا لنهج السلطة الفلسطينية. وقد تميز خطابها الإعلامي بالتركيز على هموم الفلسطينيين اليومية، بما في ذلك موضوعات الاقتصاد، والتعليم، والمشاكل الاجتماعية، ومع اندلاع الانتفاضة الثانية تعزز نهج إعلام حماس بالتركيز على الخطاب الداعم للمقاومة من خلال التفاعل مع التطورات اليومية للانتفاضة.
"جاء الفصل السادس من الكتاب بالحديث عن إستراتيجية إعلام حماس في المزاوجة بين الحكم والمقاومة، بحيث يبين التطور الاستثنائي في إستراتيجية حماس الإعلامية على جميع المستويات: البنية التحتية، والجمهور المستهدف، الرسالة الإعلامية، وأهداف وسائل الإعلام"
جاء الفصل السادس من الكتاب بالحديث عن إستراتيجية إعلام حماس في المزاوجة بين الحكم والمقاومة، بحيث يبين التطور الاستثنائي في إستراتيجية حماس الإعلامية على جميع المستويات: البنية التحتية، والجمهور المستهدف، الرسالة الإعلامية، وأهداف وسائل الإعلام.
أظهر هذا الفصل أن حماس سعت إلى التوسع في بنيتها التحتية الإعلامية من خلال خلق مؤسسات إعلامية جديدة ومتنوعة، حيث تعتبر قناة الأقصى الفضائية الوسيلة الإعلامية الأكثر أهمية التي تنشر صوت حماس ليس فقط محليا، بل إلى الجمهور في العالم العربي.
كما انبثقت العديد من المؤسسات الإعلامية المقربة من حماس، لكنها تحت عنوان وسائل الإعلام المستقلة، باعتبارها جزءا من إستراتيجية حماس في التكامل، وتبادل الأدوار والمسؤوليات بين مؤسساتها الإعلامية، لأن العمل تحت راية مستقلة سمح لحماس بالاستفادة من المؤسسات الإعلامية في التحديات التي تواجهها وسائل الإعلام واضحة الهوية التابعة للحركة.
تضمن الفصلان السابع والثامن تأملات المؤلف في إستراتيجية إعلام حماس، على اعتبار أن استكشاف الدور الأساسي الذي تلعبه وسائل الإعلام في القضية الفلسطينية يجعل منه مساهمة مهمة، ومصدرا قيما للطلاب والباحثين وصناع القرار العاملين في دراسات الشرق الأوسط.
تجدر الإشارة إلى أن ناشر الكتاب "روتلديج" أدرجه ضمن دراسات الشرق الأوسط (السياسة والعلاقات الدولية، السياسات الدولية، دراسات الإعلام والأفلام، الإعلام والاتصال، الإعلام السياسي).
كما أن مؤلف الكتاب وائل عبد العال، باحث وأكاديمي فلسطيني من مدينة غزة، حاصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية والإعلام من جامعة إكسيتر ببريطانيا، وشارك في العديد من المؤتمرات والندوات المتخصصة في مجال الإعلام، ويرأس حاليا قسم الآداب والعلوم الإنسانية، ويشرف على برنامج الإعلام والاتصال في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية بغزة.
========================
 
فينان نبيل عيسوي  :المواطنة في الفكر الإسلامي..العدالة والمساواة
محمد الحمامصي
التاريخ:26 أغسطس 2016
يتناول هذا الكتاب «المواطنة في الفكر الإسلامي» للدكتورة فينان نبيل عيسوي مفهوم المواطنة وأسسها ومدى ارتباطها ببعض المفاهيم الأخرى مثل الحرية والمساواة، وكذلك مدى تحقق مفهوم المواطنة في تأسيس الدولة الإسلامية الأولى على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثم مدى تحقق أسس المواطنة في الدولة الإسلامية في ظل اتساع الرقعة الجغرافية وتعدد الأجناس والأعراق والعقائد «الدولة العباسية نموذجاً»، وتتنقل المؤلفة إلى دراسة أبعاد مفهوم المواطنة في الفكر الإسلامي الحديث ومدى تأثره بمفهوم المواطنة في الفكر الغربي، وكذلك التغيرات التي طرأت على مفهوم المواطنة نتيجة لعصر ما بعد العولمة.
ورأت المؤلفة أن مفهوم المواطنة بمرتكزاته الحرية والمساواة مطلب قديم قدم البشرية ذاتها، لكن الأمر الجديد في التاريخ البشري هو صياغة هذه الطموحات للحرية في صورة قوانين ملزمة للحكام قبل المحكومين وفي صورة وثائق تصون هذه الحقوق وتمثل معايير للعمل بمقتضاها وفي صورة أساليب وآليات لحمايتها ومؤسسات تسهر على تطبيقها وعدم مخالفتها، ودساتير تلزم الحكومات قبل الأفراد بحقوق الإنسان والمواطن.
والإسلام كان له السبق في صياغة هذه الطموحات حيث انفرد بدرجة من الاحترام للحرية لا يوجد لها، أولاً لأن الإسلام يجعل الإنسان مسؤولاً عن عمله، ومعنى أن تكون مسؤولاً أن تكون بالتالي حراً، وإلا انتفت عدالة التكليف، والإسلام يعرف حرية واحدة ملتزمة وهي أن تكون حقاً واجباً.
كما يرفض الإسلام أي نوع من التفرقة بين أبناء الجنس البشري على أي خلفية دينية أو عرقية. وأن التشريع الإسلامي وضع نظاماً عاماً حدد أبعاد حقوق الإنسان والمجتمع والقيم والحقوق والوجبات وأن شواهد التاريخ تؤكد عظمة الإسلام في صياغة وبناء المجتمع الآمن الذي يحقق أسس المواطنة.
ولفتت إلى أن النهضويين العرب الأوائل أمثال الطهطاوي وخير الدين التونسي وغيرهم حاولوا أن ينقلوا مفاهيم الأمة والمواطن والحرية والدولة والدستور، لتحل مكان المفاهيم المرتبطة بالدولة السلطانية، وصولاً إلى مفهوم المواطنة وما يلزم لتحقيقها من دستور وديمقراطية وانتخاب، غير أن التجربة العربية المريرة مع الاستعمار الغربي وبروز المشروع الصهيوني، قاد الإسلاميين والقوميين إلى الحذر، ليس فقط من سياسة الغرب بل من ثقافته أيضاً.
وقالت «أثر هذا في موقف تلك النخب من نمط الحداثة السياسية الغربية، ومن التجارب الليبرالية الدستورية العربية التي بدأت طريقها في التطبيق، فشهدت السياسة العربية بروز أنماط مركزية عسكرية للحكم، عرفت باسم «الأنظمة التقدمية» تراجعت فيها فكرة المواطنة، والحريات العامة وكرامة الفرد، فلم تستعد فكرة المواطنة ومعها الديمقراطية إلا عقب انهيار التجربة السوفييتية، ووصول طريق التنمية الذي اتبعته تلك النظم لطريق مسدود، غير أن هذه المراجعة الفكرية لم تأخذ طريقها إلى الممارسة الفعلية.
فلا تزال فكرة المواطن العربي مجرد يوتوبيا، على الرغم من ازدياد الاعتقاد بأن المدخل المناسب لخروج العرب من أزمتهم الراهنة هو تحويل المجتمع العربي من رعايا وسكان إلى مواطنين أحرار، وتأسيس سلطات مدنية ديمقراطية على أساس الرابطة الوطنية لأناس أحرار».
وأكدت د. فينان عيسوي أنه إذا كان التطور الحضاري الغربي لم يعرف المواطنة وحقوقها إلا بعد الثورة الفرنسية ـ أواخر القرن الـ 18 بسبب التمييز على أساس الدين ـ بين الكاثوليك والبروتستانت، وعلى أساس العرق ـ بسبب الحروب القومية ـ وعلى أساس الجنس ـ بسبب التمييز ضد النساء، وعلى أساس اللون ـ في التمييز ضد الملونين ـ فإن المواطنة الكاملة والمساواة في الحقوق والواجبات قد اقترنت بظهور الإسلام وتأسيس الدولة الإسلامية الأولى ـ في المدينة في السنة الأولى للهجرة ـ سنة 13 من البعثة الموافقة لسنة 622 ميلادياً ـ في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحت قيادته، وإن لم يكن هناك وجود للمواطنة بوصفها فكرة واقعية ومعيشة وحاضرة في أكثر من نص وأكثر من حادثة في التاريخ.
فلقد وضعت الدولة الإسلامية فلسفة المواطنة هذه في حيز الممارسة والتطبيق وضمنتها في المواثيق والعهود الدستورية منذ اللحظة الأولى لقيام هذه الدولة على أساس التعددية وضمان حقوق الأفراد والجماعات التي اتخذت من المدينة وطناً، المؤمنين واليهود والنصارى وغيرهم مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، بصرف النظر عن المعتقد الديني وهذا يعني ـ بمفهوم المخالفة ـ أن الإسلام لم يعتبر حينها شرطاً في المواطنة.
فالأمة التي تقوم على عاتقها دولة الإسلام يجب أن تقوم على أساس المواطنة والمساواة في الحقوق، وإن مفهوم الأمة لا يجب أن يقوم على أساس العقيدة في دولة الإسلام بل على طبيعة أشمل يدخل ضمنه أصحاب العقائد الأخرى، ليشكلوا مع بقية المؤمنين أمة سياسية واحدة.
المؤلفة في سطور
الدكتورة فينان نبيل عيسوي باحثة أكاديمية حاصلة على درجتي الماجستير والدكتوراه في فلسفة الفكر الإسلامي من قسم الفلسفة كلية الآداب جامعة الإسكندرية، لها العديد من الدراسات والبحوث الفلسفية المنشورة في المجلات المتخصصة.
الكتاب: المواطنة في الفكر الإسلامي
تأليف: د. فينان نبيل عيسوي
الناشر: الهيئة العامة لقصور الثقافة
 
الطبعة الأولى: 2016
الصفحات: 160 صفحة
القطع: المتوسط
========================
عبدالغني داوود  :مبدعون بلا نقاد..وجوه مضيئة في الظلال
القاهرة - أمنية عادل
التاريخ:26 أغسطس 2016
يتناول هذا الكتابُ مجموعة من القراءات لأجيال مختلفة من كُتّاب الرواية والقصة القصيرة، وهي أجيال - في أغلبها - لم تحظ باهتمام النقاد كما حظي غيرهم، وهم المبدعون الكبار سعد مكاوي وعبدالرحمن الشرقاوي ويوسف جوهر وأمين ريان، إضافة إلى كُتّاب موهوبين مثل محمد مستجاب وفؤاد قنديل وغيرهما ممن لم ينالوا حظهم من إعادة القراءة والبحث؛ فهذا الكتاب يقدم لهم بعضًا من الجهد جزاءً لعطائهم، فكانوا نجوم الظل ووجوهه المضيئة.
يقدم المؤلف عبدالغني داوود في كتابه الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب هذه القراءات المختلفة من خلال 25 مقالاً تتناول أعمال هؤلاء المبدعين وإنجازاتهم الأدبية. ويستهل بدايته مع الكاتب سعد مكاوي الذي يصفه أنه عاش فقيرًا رغم موهبته النابضة.
وقد لد مكاوي في 16 أغسطس 1916 وتوفي في 11 أكتوبر 1985، وخلال هذه السنين التسع والستين حاول دراسة الطب في فرنسا لكنه سرعان ما تحول إلى دراسة فلسفة الجمال وعاد إلى مصر ليعمل في الصحافة عبر جرائد المصري والشعب والجمهورية، وقدم العديد من المجموعات القصصية، منها «نساء من خزف» و«قهوة المجاذيب» و«مخالب وأنياب» و«راهبة من الزمالك» وغيرها.
وتعتبر روايته الأشهر «السائرون نياماً» الصادرة عام 1965 رواية كونية سحرية للعالم، حيث يقدم مكاوي رؤية تاريخية تنمحي فيها الحدود بين الأحياء والجماد؛ وتكتسب الظواهر خواص وقدرات مميزة، ملتقطًا الأسرار التي تختفي تحت مظاهر الواقع، محاولًا فك طلاسمه وأحداثه التي لا تخضع للشروط المنطقية أو الاجتماعية، محاولاً التقاط السر الكامن في أحشاء الواقع دون أن يجهد نفسه في تبريره أو شرحه.
أما عن آخر أعماله رواية «لا تسقني وحدي» فهي عمل روائي أشبه بالقصيدة الطويلة، وهي امتداد لبعض أعماله القصصية والروائية التي أبدعها على فترات مختلفة. ويقول مكاوي: «لا تسقني وحدي، فما عودتني أني أشح بها على جلاسي..أنت الكريم ولا يليق تكرما أن يعبر الندماء دور الكأس».
وينتقل الكاتب عبدالغني داوود من عالم سعد مكاوي إلى عالم يوسف جوهر، الروائي وكاتب القصة القصيرة منذ الثلاثينيات، لكنه من جيل المظلومين الذين قاطعهم النقاد وظل الكثير من أعماله الأدبية بعيدًا عن تناول النقاد، ويقول المؤلف: كانت لجوهر علاقة خاصة بالرواية المصرية؛ إذ كان بينهما علاقة عشق منذ بداية حياته الأدبية؛ فقدم أولى رواياته «جراح عميقة» عام 1942، وفجأة هجر الرواية وتوجه إلى السينما بسحرها الخاص.
ويصل مؤلف الكتاب إلى الأديب الشهير عبدالرحمن الشرقاوي الذي آمن منذ بداية حياته الأدبية في أوائل الأربعينيات بأن الكلمة سلاحه الوحيد الذي يخوض به معاركه التي خاضها في العلن وفي وضح النهار دون لجوء إلى نضال سري ينادي بالتقدمية والماركسية؛ حتى أصبح أحد أعلام هذا الاتجاه ومن أشهر شخصياته.
وقال عنه الناقد جلال العشري عام 1975 بمناسبة فوز عبدالرحمن الشرقاوي بجائزة الدولة التقديرية آنذاك: «تصدر أعماله عن خلفية أيديولوجية واعية قادرة على إدراك جدية الصراع بين الظروف التاريخية والاجتماعية وبين وعي الكاتب في التفسير وانفعاله في التعبير.
ذو علاقة إيجابية ودينامية بين الشرقاوي والقرية، وبالتالي بينه وبين الأرض والفلاح، فهو لا يصورها من الخارج، بل يعيها من الداخل، ولا يقدمها كصورة؛ بل كتجربة، ولا يطرحها بقصد الفرجة، ولكن بهدف إثارة الفعل والانفعال ناشدًا للمطالبة بالثورة ولفرض إرادة التغيير».
كما يرصد الكتابُ الروائي والكاتب أمين ريان، الذي نشر روايته الأولى «حافة الليل» في عام 1954، ويصور ريان في هذه الرواية الحياة الحقيقية للفنان العربي في مصر والعقبات التي تقوم في وجهه من البيئة والمجتمع.
المؤلف في سطور
عبدالغني داوود، أديب وناقد مصري صاحب عطاء وافر وإنتاج متميز، قدم للمسرح 15 مسرحية، كما فاز بالعديد من الجوائز الثقافية ذات الصلة بالنقد الأدبي.
الكتاب: مبدعون بلا نقاد
تأليف: عبدالغني داوود
الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب - 2016
 
الصفحات: 224 صفحة
القطع: متوسط
============================
محمد الملاح :«المسلمون والكهف».. رد اعتبار علماء الحضارة الإسلامية
محمد فتحى
فى هذا الكتاب أكد الدكتور محمد الملاح أنه لم يرد أبدا الحكم على الإسلام من واقع تخلف أتباعه فى الدول الإسلامية,
قائلا: إنه ليس من الإنصاف الحكم عليه من خلال إنجازات أو إخفاقات هؤلاء، فليس كل من يتعاطى الدواء يشفى به, ومن الجائز جدا أن يموت جراء سوء الاستخدام ويحمل المؤلف نفسه مسئولية السعى لرد الاعتبار لرواد الحضارة الإسلامية الذين غمرهم القهر من خلال 280 صفحة من القطع المتوسط هى كتابه «المسلمون والكهف.. محاكم تفتيش الفقهاء لعلماء الحضارة الإسلامية». فتناول المؤلف ما سماه دولة الفقهاء، مؤكدا أن الفقهاء والمتكلمين والفلاسفة أهم الجماعات المتميزة فكريا فى التاريخ الإسلامى. وقد ظل الفقهاء كواحدة من هذه الجماعات فى معارك غير متكافئة ضد الفئتين الأخريين حتى قضت عليهما فى نهاية المطاف. وظل المتداول من العلوم الطبيعية فى عصر الاضمحلال اجترارا لما سبق، فكثرت الموسوعات التى صنف بعضها الوراقون.
واستعرض المؤلف مفهوم الزندقة مؤكدا أن المعنى اتسع منذ طرحه ليشمل كل صاحب بدعة وكل ملحد حتى انتهى الأمر إلى إطلاقه على كل من كان مذهبه مخالفا لأهل السنة, وكان منهم كل ماجن من الشعراء والكتاب. وانتقل الكاتب بعد ذلك لتعريف خصائص العلم ومبادئه، فأكد أن العلم الحقيقى دائما ما يقترن بالحكمة قائلاً: إن التقدم العلمى بقدر حاجة الإنسان له يأتى، وإلا فلا فائدة منه. فقد عملت قوانين نيوتن فى حدود السرعات التى توافرت للإنسان فى هذا الوقت, منتقدا استمرار اعتماد العالم العربى والإسلامى على عقليات طبقة تجار الدين - منهجية العصور الوسطى- واتكالية التخلف بحجة التمسك بالدين, كتيار عارم يجرف كل ما يعترض طريقه من تجديد وتطوير. وتطرق الكتاب لقضية أسلمة العلوم وإثبات أن كل ما هو متاح من اكتشافات تم التنبؤ به قبل 1400 سنة.
وفى مجال حركة الترجمة قال الملاح: إن العرب لم يترجموا سوى 11000 كتاب تقريبا منذ العصر العباسى أكثر من ألف سنة وحتى وقتنا الحاضر وهذا فى الشرق الإٍسلامي، أما الأندلس والمغرب، فإن إحدى العلامات الفارقة الأساسية التى ميزت التطور الفكرى للجناح الغربى من الحضارة الإسلامية عن جناحها الشرقى، الانعدام التام فيه لحركة الترجمة إلى العربية ولكنه شهد بالمقابل حركة ترجمة معاكسة من العربية إلى العبرية ومنها إلى اللاتينية مما أسهم فى إيقاظ الغرب الأوروبى من سباته فى القرون الوسطى.
وفى باب المعتزلة والعقل الإسلامى، تناول المؤلف آيات قرآنية تتحدث عن العقل, مؤكدا أن القرآن لم يتحدث عن العقل فقط, لكنه عبر أيضا عن أدواته: وهى الفكر والفقه الفهم والبصر والبصيرة والتدبر والتذكر والتعلم والخبرة، وسرد عرضا لظهور المعتزلة، مؤكدا أنه انضم لها عناصر شيعية وسنية كان همهم التوفيق بين الإيمان والمنطق أو النقل والعقل، فأفرز ذلك عقائديا ما سمى علم الكلام الذى ساد الفكر الإسلامى لعدة قرون، وعقب ذلك احتدمت المباريات العقلية بين القدرية, أنصار حرية الإرادة, والجبرية أصحاب القضاء والقدر, وكانت الغلبة للقدرية, ثم أخذ مذهب الأشاعرة الجبرى يسيطر بالتدريج. واستنكر المؤلف تعدد المذاهب، حيث ذهب كل فى طريق عندما رأى البعض الرجوع إلى المعين الأصلى للعقيدة (القرآن والسنة), وأنه ليس هناك سبيل إلا اتباع خطى وأفعال رجال الرعيل الأول من صحابة وتابعين قبل انتشار المذاهب من خوارج وشيعة ومعتزلة ثم أشعرية وماتريدية, فدخلوا فى صراع مذهبى مرير. ولفت الكاتب إلى أن السلفية احتكرت فى العصر الحديث لقب أهل السنة وأنهم الفرقة الناجية ومن خالفهم فهو من الفرق الضالة.
وعن التصوف قال د. محمد الملاح إنه لا يوجد تعريف للتصوف قبل المائة الثانية من الهجرة, ولم يكن مذهبا روحيا له مدارسه وشيوخه, ولكن الزهد كان باديا فى حياة من عرفوا بالزهاد. ويتفق التصوف مع الدين الإٍسلامى التقليدى فى طهارة الباطن وحب الخير وبغض الشر, وما إلى ذلك مما يتعلق بتخليص النفس البشرية من الصفات الخبيثة.
وعاب المؤلف على المؤرخين عدم تقديرهم لرواد الحضارة الذين انصهروا فى البوتقة الإٍسلامية من عرب وفرس وروم ويهود وصابئة ونصارى ومسلمين ممن شملتهم الدائرة الإسلامية, وذلك مقابل الاهتمام المفرط بالفقهاء.
وفى حديثه عن إصرار المسلمين على التخلف, قال مؤلف الكتاب إن كراهية العلم والخوف منه لم يكن مقصورا على المسلمين العرب ولكنه صار سمة فى كل المسلمين من مختلف الأجناس حتى وصموا الإسلام كلية بهذه الصفة البغيضة التى ما كانت تئول إلى أتباعه لو فهموا مقاصده لا مقاصدهم حيث قال جيسلين دى بوسيك سفير الإمبراطورية الرومانية بإسطنبول عن العثمانيين الأتراك فى رسالة كتبها لا توجد دولة أكثر كسلا فى تبنى اختراعات الآخرين من هذه الدولة، فقد وافقوا على استخدام المدافع الصغيرة والكبيرة، بالإضافة إلى عدد كبير من اختراعاتنا إلا أنهم لم يتمكنوا من طباعة الكتب أو تشييد ساعة فى ميدان عام ويقولون إن كتبهم المقدسة ستفقد قدسيتها إذا طبعت!.
الكتاب: المسلمون والكهف
المؤلف: الدكتور محمد الملاح
الناشر: أوراق للنشر والتوزيع
========================
إسلام أنور:قراءة في كتاب “السلفيون والسياسة
 الثلاثاء, أغسطس 23, 2016 |  إسلام أنور |  3:10:14 م
في ظل الحضور المتنامي للتيارات السلفية في مصر والوطن العربي خلال العقود الماضية، ومع دورهم البارز في الشأن السياسي والاجتماعي عقب ثورات الربيع العربي، يأتي كتاب ” السلفيون والسياسة” الصادر مؤخرًا عن مكتبة الأسرة لأستاذ الأنثروبولوجيا محمد حافظ دياب؛ ليقدم قراءة نقدية للظاهرة السلفية وتداعيتها المجتمعية متتبعًا سياقها التاريخ وواقعها الحالي، راصدًا مستقبلها في ظل المتغيرات والتحديات الكبيرة التي تشهدها الدول العربية.
ينقسم الكتاب إلى بابين، الأول بعنوان “مقدمات نظرية” ويضم ثلاثة فصول يدور أولها حول تعريف مفهوم السلفية، ويتناول الثانى التعرف على بنية الخطاب السلفى من حيث تركيبه خطابيا وإيديولوجيا، ويتحدث الفصل الثالث عن إشكالية تأريخ مفهوم السلفية، أما الباب الثانى “السلفية والسياسة” يتناول عبر فصوله الأربعة الحركة الوهابية، الحالة المغربية، المشروع المصرى، والسلفية الجهادية.
السلفية والسلطة
في البداية يشير الكاتب إلى أن هناك سلفيتان رئيسيتان الأولى سنية مثّلها “أهل السنة والجماعة” تقوم على الاقتداء بمنهج السلف الصالح كله، والثانية شيعية عبر عنها “أهل العصمة والعدالة” وتؤكد على الاقتداء بالإمام علي والأئمة الذين تلوه، ويوضح الكاتب أن الصراع حول السلطة مَثّل نقطة البدء في نشاة هذه السلفية، منذ انقسام المسلمين عقب معركة صفين إلى طوائف وأحزاب ( خوارج، شيعة، أمويون، زبيريون …)، وسرعان ما تحولت هذه الطوائف إلى مذاهب فرضت سلفيات متعددة، وقد ظل الحضور السلفي من حينها وحتى القرن الرابع الهجري قويًا وبارزًا وخاصة مع صفقة أحمد بن حنبل لتقاسم السلطة مع الخليفة العباسي المتوكل.
ويركز الكتاب على دراسة التجربة السلفية “السنية”، ويشير الكاتب إلى أنه رغم تعدد وتباين معنى ودلالة مصطلح السلفية، إلا أن التعريف الأكثر حضورًا وقوة في القرون الماضية هو المرتبط بالمذهب الحنبلي وتصورات ابن تيمة التي أعاد إنتاجها محمد بن عبدالوهاب في القرن الثامن عشر، لتصبح بمثابة “مانيفستو” لمعظم الحركات السلفية في الوطن العربي، “ورغم تباين التعريفات المقدمة حول السلفية، فإن المصطلح قد ادعاه واشتهر به أولئك الذين غلبوا ظاهر النص، على الرأي والقياس وغيرهما من سبل وآليات النظر العقلي، فوقفوا عند الرواية أكثر من وقفوهم عن الدراية. وحرموا في الغالب الاشتغال بعلم الكلام فضلًا عن الفلسفات الوافدة، وهؤلاء من يطلق عليهم أتباع مدرسة الحديث، وإمامها أحمد بن حنبل منذ نهاية القرن الثاني الهجري، لاشتغالهم بصناعة المأثور وعلوم الرواية، ورفضهم علوم النظر العقلي، وهو ما أدى على المدى إلى صوغ منظومة توجهات حكمت مسيرة السلفية، وهى فهم القرآن والسنة احتذاء بما قدمه السلف، الاتباع لا الابتداع، الإجماع كرهان للحقيقة، إغلاق باب الاجتهاد”.
الوهابية وإحياء السلفية
ويوضح الكاتب أنه منذ القرن الرابع عشر الميلادي ولعدة قرون تالية تراجعت السلفية بصورة كبيرة لصالح تحالف ضمني بين المدرسة العقدية الأشعرية والتصوف الذي تزامن مع فتح مدينة القسطنطينية، وكانت ملامح الدول الإسلامية في هذه الفترة تتكون من ثلاث كيانات كبيرة اثنان سنيتان هما: العثمانيون في تركيا، والمغول في الهند، والثالثة شيعية، وهى الدولة الصفوية في إيران، ولكن مع التصدعات الكبيرة التي حدثت للدولة الإسلامية والصراعات بين الدولة العثمانية والصفوية بالإضافة للصراع مع القوى الغربية الصاعدة، عادت من جديد السلفية للظهور، وقامت هذه الدعوة من قلب منطقة الجزيرة العربية وتحديدًا من منطقة نجد في القرن الثامن عشر الميلادي بقيادة محمد بن عبد الوهاب الذي أعاد تقديم أفكار أحمد بن حنبل وابن تيمة من خلال “كتاب التوحيد”، والذي قسمه إلى أبواب، ناقش فيها عقيدة التوحيد، بحسب الأهمية والأسبقية ليقدمها ابن عبد الوهاب بمضامين مستساغة، ومفهومه بالنسبة إلى الخاصة والعامة، ما جعله المرجع الأساسي في مادة العقيدة عند سلفيي العصر الحديث.
وقد أَجْمَلَ محمد بن عبد الوهاب برنامجه الاصلاحي في عبارات مقتضبة ذات دلالات عميقة، حيث قال: “أنا لم آت بجهالة، ولست أدعو إلى منصب، بل أدعو إلى الله وحده وإلى سنة نبيه، وطريقتنا هي طريقة أهل السلف، ومذهبنا في الأصول هو مذهب أهل السنة والجماعة، وفي الفروع مذهب الإمام أحمد بن حنبل”، وقسم عبد الوهاب العالم إلى دارين: الأولى إيمان أو إسلام، والثانية كفر أو حرب، لينطلق من هذا التقسيم بتكوين أول إمارة إسلامية في الجزيرة العربية، تمهيدًا لإقامة الخلافة الإسلامية، حيث وجوب إفراد الله بالحكم والتشريع، ورفض أي صورة للدولة المدنية القائمة على القوانين الوضعية، ما يعني أن الدعوة الوهابية نقلت الرؤية السلفية إلى التطبيق، وهو المصطلح الذى ينطبق حتى يومنا هذا.
ويقول الكاتب في هذا السياق “لقد أعادت دعوة السلفية الوهابية الفكرة الدينية إلى واجهة السياسة منذ منتصف القرن الثامن عشر، بعدما أقام ابن عبد الوهاب عام 1747 تحالفًا ترجمه ميثاق تعاقدي ليس مكتوبًا على الأرجح مع الأمير محمد بن سعود، الذي تعهد بحمل راية الدعوة الوهابية وحمايتها بالقوة إن استدعى الأمر؛ ليتقاسم ابن عبد الوهاب المجال العام بين آل سعود القبلية، حيث حمل الأول عبء قيادة الدعوة الدينية، وتحمل الثاني آل سعود الحكم، فالأول سعى عن قوة تحمي المذهب الوهابي من أجل سلامة الدعوة ونشر مبادئها، في حين كان آل سعود بحاجة إلى مظلة دينية وشرعية تسوغ تطلعاتهم، وقضي بالتحالف بأن تبقى الشئون السياسية وتسيير أمور الجماعة العامة في يد ابن سعود وأبنائه، فيما احتكر ابن عبد الوهاب وسلالته الشئون الدينية، وبخاصة مسألة التوحيد والعبودية لله، والمراقبة الصارمة على التصرّفات المجتمعية والأحوال الشخصية، ومن هنا اتخذت السياسة بطابع ديني، في الوقت نفسه قامت الدولة السعودية بتوسيع رقعة سيطرتها على القبائل وتوحيدها، من باب اتباع السلفية الوهابية، بغية قطع الطريق على التوجهات القومية أو الشيعية أو اليسارية أو الليبرالية”.
السلفية والحداثة
يوضح الكاتب أن واحدة من الأزمات الكبيرة التي يواجهها الإنسان المسلم المعاصر في ظل منظومة الحداثة القائمة على التعدد والتنوع والتغير والتطور المستمر، تكمن في منظومة الفكر السلفي الأحادية، المتمركزة حول ذاتها وماضيها والتي تريد أن تفرض هذه الماضي على الواقع المعاش والمستقبل، وفي هذا السياق يقول الكاتب ” تنحصر السلفية في مجموعة منغلقة من الواجبات والممنوعات، تقاس عليها شرعية كافة التصرفات والمواقف والأفعال والمقولات، حتى ولو لم تكن بالضرورة دينية، بما يضع أمام المسلم طريقين لا ثالث لهما، فإما أن يكون سلفيًا أو لا يكون مسلمًا بإطلاق، وهو ما يفسر ميل النزعة السلفية إلى الظاهر والتزامها الصارم بحرفية النصوص، ووقوفها عند حدود الألفاظ دون نظر إلى سياق ورودها ودلالاتها القريبة والبعيدة، واعتبارها أن إجماع السلف هو بمثابة السلطة التي تمنح النصوص الدينية قوتها التشريعية”.
ويشير الكاتب إلى أن السلفيون في علاقتهم بمنظومة الحداثة يمكن تصنيفهم إلى ثلاث فصائل بحسب المفكر المغربي محمد عابد الجابري، أولها سلفيون رافضون لكل نظم العصر ومؤسساته وفكره وثقافته باعتباره عصر الجاهلية، ومن ثم يجب تركه جملة وتفصيلاً والعودة إلى النهج الأصيل، وثانيها سلفيون معتدلون يمكنهم أن يقبلوا من حضارة العصر ومؤسساته ما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، أو ما يمكن تبريره داخلها، وفي ذات الوقت يوسعون من دائرة السلف الصالح لتشمل كل العصور الإسلامية المزدهرة، وثالثها سلفيون يدعون إلى البحث في نظم الحضارة العربية الإسلامية وقيمها عن أشباه ونظائر لمؤسسات الحضارة المعاصرة وقيمها، والأخذ بها بوصفها أسماء أو صيغاً جديدة لمؤسسات وقيم عربية إسلامية أصلية، ما يعني تأويل النظم النيابية الليبرالية بالشورى الإسلامية، وربط الاشتراكية بمعناها العام بفريضة الزكاة وحق الفقراء في أموال الأغنياء۔
السلفية والدولة القومية
واحدة أيضًا من الاشكاليات التي يطرحها المنهج السلفي في علاقته بالسلطة والسياسة يرتبط بكون السياسة لا تتأسس عند السلفية وفق برنامج اقتصادي اجتماعي محدد، كالحال لدى الحركات والأحزاب السياسية التقليدية، وإنما وفق منطق مغاير يعتبر السياسة استكمالاً للمشروع الدعوي، كما أن مفهوم الدولة في السلفية يختلف تمامًا عن المفهوم الوطني، حيث يشدد الخطاب السلفي على مفهوم الأمة كإطار جغرافي وبشري متمدد، ومرتبط بديناميكية الدعوة، وبهذه الكيفية ينشق المفهوم السلفي عن فكرة الدولة الوطنية المرتكزة على تراث الفكر السياسي الحديث، والقائمة على أساس علمنة السياسة، وتكريس مبدأ المواطنة، وإشاعة الحرية السياسية كأساس للديمقراطية، والتعددية، والمشاركة في القرار، وهذا يفسر إلحاحهم على استعادة دولة الخلافة، باعتبارها الترجمة الصحيحة للإسلام، والكيان السياسي الأوحد الذي يتجسد فيه، وتقوم من خلاله شريعة الله كاملة.
وفي هذا السياق يوضح الكاتب أن المواقف السلفية المتباينة من المشاركة السياسية في ظل منظومة حكم وضعية يمكن فهمها من خلال كون معظم التيارات السلفية التي قامت بتدشين أحزاب سياسية لم تعلن صراحة تبنيها للديمقراطية بوصفها نظامًا نهائيًا بل باعتبارها ” نظامًا انتقاليًا ” يسعى نحو تطبيق الشريعة الإسلامية.
مستقبل السلفية السياسي
وفي ظل التغيرات الكبيرة والمتسارعة التي نعيشها في واقعنا العربي المعاصر يشير الكاتب إلى أن القوى السلفية في علاقتها بالسياسة أمام أربعة احتمالات: الأول وهو الإحجام عن احداث تطوير حقيقي وجوهري على خطابها، ما يحدو بها في هذا الحال الاكتفاء بأن تظل جزءًا من اللعبة السياسية، كممثل لجناح يمين اليمين، ضمن الخطاب الديني الإسلامي، على غرار الأحزاب الدينية الإسرائيلية.
أما الاحتمال الثاني، فتدلنا عليه الخبرة السلفية في استثمار السقوط المدوّي لجماعة الإخوان المسلمين، بعد أن عصفت بها الموجة الثورية في 30 يونيو 2013، عبر امتصاص «تشنّجات» المسألة السياسية، أو بتسويتها تحت تأثير مهدئ، وهو ما يقوم به راهناً حزب النور “المشاركة في خارطة الطريق، التقدم كبديل لجماعة الإخوان، ركوب موجة الموافقة على مشروع الدستور، والتهيئة للفكاك من حظر إقامة أحزاب دينية، شراء أغلب المصانع المتعثرة بمنطقة برج العرب لكسب تأييد العاملين بها، الدخول في تحالفات مع تجمعات سلفية أخرى، وصوغ أفكار محايدة”.

أما الاحتمال الثالث، فيتمثل في تجذّر الصراع العلماني– الإسلامي، واتخاذه أبعادًا اجتماعية وسياسية سالبة، ما قد يؤثر في سير العملية الديمقراطية، ويؤدي إلى توقف المسار الديمقراطي أو حظر الأحزاب السلفية، وانكفائها مرة أخرى نحو العمل الاجتماعي والدعوي.
 
أما الاحتمال الرابع، هو انشطار التيارات السلفية ما بين النزعة البرجماتية والمحافظة، وهو احتمال يُغذّيه اعتماد ذراع هذه التيارات السياسية على كبار مشايخها، وعدم وجود تيار قوي داخلها يعمل في الشارع السياسي بحرفية ومهنية
وأخيرًا، هناك احتمال خروج المشهد السياسي برمّته من مأزقه، وهو احتمال لا يتم بصور جديدة خارج الرهان على تكريس نظام ديمقراطي، تشارك فيه القوى والأحزاب السلفية، مع تطوير خطابها السياسي والأيديولوجي للقبول بقيم اللعبة الديمقراطية، ومخرجاتها، وهو ما قد يعزّز احتواء السلفيين، واستدراجهم إلى خطاب أكثر واقعية وبرجماتية.
========================
سعاد العامري :150 سنة "فلسطينية - دمشقية" في كتاب !
الثلاثاء 23/08/2016 - 12:25 مساءً  38  0 Google +0  0  طباعة
رام الله - رايــة:
150 سنة من التاريخ والذكريات جمعتها المهندسة المعمارية سعاد العامري في ثنايا كتابها الذي اطلقت عليه اسم "دمشق".
الكتاب يتحدث في طياته عن الجمال الدمشقي ويعالج المأساة السورية الحالية بالجمال ويضم اجيال كثيرة بدا أولها عام 1860 الاجيال كانت "الجد والجدة والام و الكاتبة ايضا".
وتقول العامري لبرنامج "احلى صباح" عبر "رايــة": "لم يقتصر الكتاب على الجانب الجمالي لدمشق بل تعدى ذلك ليصل الى الحياة الاجتماعية و العائلة بايجابياتها وسلبياتها ومكانة المراة ودورها انذاك، كما تناول الكتاب انفتاح بلاد الشام على بعضها البعض واعتبارها بلد واحد حيث كان التنقل برا بين حوران و طبريا وصولا الى عرابة فلسطين".
وترى العامري في كتابها "دمشق" اختلافا واضحا عن ما كتبته في السابق وتقول :"هذا الكتاب مختلف تماما بالنسبة لي ولأسباب عدة اختصرها في انني نأيت بالكتاب عن الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين والحياة الاجتماعية في ظله كما في كتابي السابق "شارون وحماتي" الذي تحدثت فيه عن الحياة تحت الاحتلال الاسرائيلي".
تأثرت العامري بسوريا التي ولدت بها كونها من ام سورية واب فلسطيني وتضيف:" لأن سوريا اصبحت كما هي فلسطين مربوطة بالحزن والحرب ونكاد ننسى جمال دمشق عالجت المأساة بجمال دمشق وأبيتها وحجارها وقارنت بين البيوت الدمشقية القديمة والفلسطينية ولربما اصبحت كاتبة ومهندسة معمارية لهذا السبب".
وتتمنى العامري ان يتعالج كتابها مستقبلا ليصبح فيلما سينيمائيا متاحا للجميع.
وفي الختام دعت العامري عبر أثير "رايــة" المستمعين الى الانضمام لاحتفالية اصدار كتابها يوم الخميس في مؤسسة رواق الساعه السادسة مساء.
========================
فهد دماس :«سعود الفيصل حكاية مجد» في كتاب جديد
خيرالله زربان - جدة
الخميس 18/08/2016
صدر مؤخرًا كتاب عن صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السابق -يرحمه الله- للمؤلف فهد دماس حيث حمل الكتاب عنوان «سعود الفيصل حكاية مجد»؛ حيث يأتي الإصدار بعد مرور سنة على وفاته -يرحمه الله- وذلك بعد اعتماده ومراجعته من قبل دارة الملك عبدالعزيز، يقع الكتاب في (317) صفحة من القطع المتوسط، ويتناول فيه المؤلف حياة الفقيد -رحمه الله- في كافة الجوانب مع مواقف من حياته وصورًا نادرة، مفردًا جزءًا من كتابه لرصد كافة جوانب حياة الأمير سعود الفيصل السياسية والأزمات التي حدثت في العالم ودوره فيها -رحمه الله-؛ مثل احتلال الاتحاد السوفيتي لأفغانستان، وحرب إيران والعراق، وحرب لبنان، وجهود سموه في اتفاق الطائف، وتحرير الكويت، وأحداث 11 سبتمبر التي وقعت في الولايات المتحدة الأمريكية، كما اشتمل الكتاب على بعض من رحلاته ومقناصه وأشعار قيلت في ذلك، وجهوده في حماية الحياة الفطرية وإنمائها، وما كتب عنه من رثاء بعد وفاته ومواقف لبعض المقربين منه.
========================
خالد القاسم :صدور كتاب حول منهج ابن حزم في «حجة الوداع»
الجمعة, 19 آب/أغسطس 2016 23:33 حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
عمان - السبيل
صدر حديثاً عن الدار العثمانية كتاب "منهج ابن حزم في دراسة مختلف الحديث في كتابه حجة الوداع" لمؤلفه خالد القاسم، الذي أكد أن الكتاب سيكون حلقة في سلسلة طويلة سيصدرها؛ لبيان وتجلية المنهج الظاهري بعامة ومنهجية ابن حزم بخاصة.
وحاول المؤلف في كتابه تجلية جانب من منهجية ابن حزم العلمية الدقيقة في علم مختلف الحديث، وذلك من خلال ما تضمنه كتابه القيم "حجة الوداع" الذي يدرس مروايات حجة وداع النبي صلى الله عليه وسلم دراسة علمية منهجية دقيقة، حيث تجلت في هذا الكتاب - بحسب المؤلف - جميع جوانب التميز لدى ابن حزم، سواء في الفقه، أو الحديث، أو السيرة، وحتى في الفلك والحساب الفلكي، مما جعله مستحقاً للقراءة والدراسة.
========================
ياسمين الجنايني :"دماء اختلطت بالنيل" لرصد قصص حياة الشهداء
السبت 20-08-2016| 05:29م
البوابة نيوز
طه هاشم
تطرح المكتبات، غدًا الأحد، كتاب "دماء اختلطت بالنيل"، للنقيب الشرطة محمود النوبي والكاتبة ياسمين الجنايني.
ويحتوي الكتاب الذي سيطرح للجمهور على قصة حياة 31 شهيدًا من شهداء الجيش والشرطة، كما خصصت لكل شهيد قصيدة شعرية وتخصص عائدات الكتاب لمستشفى سرطان الأطفال57357.
جاءت فكرة الكتاب تخليدًا لذكرى الشهداء الأبطال الذين ضحوا بأرواحهم ليبقى هذا الوطن عزيزًا كريمًا، فضلًا عن أن المؤلف ضابط شرطة واستشهد أمام عينيه عددًا من زملائه وأصدقائه المقربين، والمؤلفة استشهد ابن خالتها ضابط الحماية المدنية "النقيب ضياء فتحي"، أثناء إبطال مفعول عبوة بدائية أمام قسم شرطة الطالبية في يناير .
========================
زكى محمود حسن  :كتاب "الصين وفنون الإسلام"
الأحد، 21 أغسطس 2016 06:00 ص
"الفن الإسلامى أوسع الفنون انتشارا وأطولها عمرا، إذا استثنينا الفن الصينى، فقد امتدت الإمبراطورية الإسلامية، من الهند وآسيا الوسطى شرقا إلى الأندلس والمغرب الأقصى غربا، ومن حوض الطونة وإقليم القوقاز وصقلية شمالا إلى بلاد اليمن جنوبا، وازدهر الفن الإسلامى فى هذه الإمبراطورية واسعة الأرجاء" هكذا يقدم الدكتور زكى محمود حسن كتابه "الصين وفنون الإسلام".
والكتاب يقصد إلى بيان العلاقة بين الصين والشرق الأدنى فى العصر الإسلامى، والتحدث عن وجود التحف الصينية فى المدن الإسلامية فى العصور الوسطى، وإعجاب المسلمين بتلك التحف وتقليدهم إياها ومحاكاتهم بعض الأساليب الفنية فيها وأوجه الشبه بين فنون الشرقيين: الأدنى والأقصى، تلك الأوجه التى مهدت السبيل للتبادل الفنى بينهما.
والكتاب ينطلق من فكرة أن سنة الفنون جميعها أن يؤثر بعضها في بعض، وأن تتوارث الأساليب الفنية المختلفة وتتبادلها، وقد وجد علماء الفنون والآثار أن العناصر الزخرفية، فى كل الفنون، مشتقة من عناصر زخرفية فى فن أعرق منه فى القدم، وأن هذه السلسلة الراجعة تعود بنا إلى أقدم مراحل الفن التى نعرفها فى مصر وبلاد الجزيرة والصين والهند وبلاد الإغريق.
وربما يتساءل البعد عن سبب تسمية أطباق السفرة الخزفية باسم "الصينى"، ويقول الكتاب إن المعروف أن الفن الصينى فن عريق فى القدم، احتفظ بكثير من أساليبه الفنية على مر العصور، وازدهر فى محيط اجتماعى واسع، وكانت له وحده  فنية، منذ الألف الثالثة قبل المسيح إلى العصر الحاضر، وقد عرف المسلمون هذا الفن منذ فجر الإسلام، واعجبوا بمنتجاته فتأثروا به.
 ويرى الأثرى الكبير "زكى" أن من مظاهر تأثر الحضارة الإسلامية بالفنون الصينية استخدام الورق، والمعروف أن الصينيين كانوا ينتجون أحسن أنواع الورق، كما كان للخط الجميل عندهم منزلة عظيمة، فقرنوه بالأعمال الإلهية المقدسة، وقد تعلم العرب صناعة الورق على يد صناع من الصين، أسرهم المصريون حين فتحوا سمرقند ف نهاية القرن الأول الهجرى.
وفى الكتاب أن فنانيى الشرق الإسلامى أقبلوا على تقليد التحف الصينية، وأصابوا، فى بعض الأحيان، نجاحا يتفاوت مداه، ولا ريب فى أن بدء هذا التقلد يرجع إلى فجر الإسلام وقد ظل قائما حتى القرن الثانى عشر الهجرى، حيث وجد فى حفائر الفسطاط إلى جانب الخزف الصينى الصحيح خزف أنتجه الخزفيون المصريون تقليدا للخزف المصنوع فى الشرق الأقصى، ويرجع تقليد الخزف الصينى فى مصر إلى العصر الفاطمى، فقد حاول الخزفى المشهور "سعد" ومن نسج على منواله ان يصنعوا نوعا من الخزف ذى الزخارف المحفورة تحت الدهان كانوا يقلدون به خزف سونج الصينى.

 ثم يعرض الكتاب أوجه التشابه بين العالمين خاصة التأثير الصينى  فمن المعروف أن المسلمين فى الشرق الأدنى لا ينتمون إلى الجنس المغولى الأصفر ومع ذلك كله بعد أن زاد اتصالهم بالشرق الأقصى سياسيا وثقافيا وتجاريا أقبلوا على جعل السحنة فى رسم الأشخاص على تحفهم وفى مخططاتهم مغولية إلى حد كبير جدا، كما نجد أن الإيرانيين أكثر الشعوب الإسلامية مخالفة للتعاليم الإسلامية فيما يتعلق بالتصوير للكائنات الحية،  وذلك يرجع للعلاقة القوية التى تربطهم بالصين، كما أخذ الفنانون المسلمون عن الأساليب الفنية الصينية العمل على محاكاة الطبيعة بدقة واتقان فى رسم الحيوانات والزهور والنباتات.
========================
بسام جاموس :المسارح في سوريا.. أوسع مسارح العالم القديم
د. محمود شاهين
التاريخ:19 أغسطس 2016
يتحدث كتاب «المسارح في سوريا» لمؤلفه الدكتور بسام جاموس، عن أبرز وأهم ثمانية مسارح قديمة في سوريا، يعود إنشاؤها إلى الفترة الرومانية في القرنين الثاني والثالث الميلاديين.
وهي موزعة في عدة أماكن من الأرض السورية، يأتي في طليعتها مسرح أفاميا الذي يعود تاريخه إلى القرن الثاني الميلادي، ويُعتبر أحد أوسع مسارح العالم القديم، حيث يبلغ قطره 139 متراً ويتسع لحوالي 25000 متفرج، ويتألف من واجهة ومدرجات ومداخل. ثم مسرح بصرى الذي تم إنشاؤه في نفس الفترة الزمنية. يقع هذا المسرح في مدينة بصرى، ويعتبر أحد أهم الأوابد المعمارية الترفيهية.
يبلغ قطره 102 متر ويتسع لحوالي 15000 متفرج يمكن إفراغهم من المسرح خلال 15 دقيقة عبر الأدراج الشعاعية الموزعة في طبقات المسرح المؤدية إلى الخارج.
ويتميز هذا المسرح بتقنية انتشار الصوت وسماعه في أية نقطة، دون الاستعانة بمكبرات الصوت، وهذه التقنية القديمة، لا تزال حتى اليوم، مثار دهشة وإعجاب وبحث الاختصاصيين المعاصرين. إلى القرب منه، يقع مسرح درعا البلد العائد إلى القرن الثالث الميلادي ويبلغ قطره 43 متراً، وقطر ساحة الاوركسترا فيه حوالي 23 متراً، ويتسع لحوالي 3000 متفرج.
أما مسرح تدمر الواقع وسط المدينة الأثرية القديمة، فيبلغ قطره 40 متراً، وقد زُودت واجهة منصة التمثيل فيه بخمسة أبواب تفضي إلى الكواليس، وخلافاً لما هو معروف لدى الرومان في حينه، كان يستخدم كمسرح وحلبة مصارعة، وأغلب الظن أن بناءه تم في القرن الثاني الميلادي.
يتميز مسرح تدمر بواجهة جميلة محمولة على أعمدة تحوي محاريب غاية في الدقة والجمال، حيث تُقام عليها تماثيل لربات الفنون والجمال. للمسرح ثلاث بوابات تؤدي إلى الصحن. المسرح الخامس هو مسرح بانياس الواقع ضمن المدينة وقطره 15 متراً. شكله بيضوي مكون من تسع درجات.
يتوسط المدرج درابزون حجري مشغول بعناية فائقة ارتفاعه 80 سم، وترتفع كل درجة عن الأخرى حوالي 50 سم وعرضها 80 سم، وهو مبلط ببلاط حجري له حبيبات بلورية.
أما مسرح «سيروس» الواقع شمال غرب مدينة حلب، فيعود إلى القرن الثاني الميلادي وقطره 115 متراً، ويعتبر ثاني أكبر المسارح في سوريا بعد مسرح أفاميا.
يتألف هذا المسرح من ثلاثة طوابق لم يبق منها إلا الطابق الأول بحالة جيدة، وهو مبني على منحدر طبيعي، في حين بُني الطابقان العلويان بواسطة جدران ضخمة قائمة بذاتها.
وهي من الحجر الدبش والمونة وملبس بالحجر المقصب، ترتكز عليها المدرجات الحجرية، وقد، زُينت واجهته بالزخرف المتنوعة وبالأعمدة والتيجان المصنوعة من الرخام المستورد والغرانيت المصري، ورُصفت أرض الأركسترا فيه بالرخام الأحمر.
مسرح جبلة
مسرح جبلة الواقع في الجهة الشرقية من المدينة القديمة. قطره 115 متراً ويعود للقرن الثاني الميلادي، ولا يزال هذا المسرح بحالة سليمة ومقبولة حتى اليوم، وتُمارس فيه النشاطات الثقافية والفنية منذ العام 2008 ويشابه مسرح بصرى وتدمر وشهبا وأفاميا و«سيروس».
زود المسرح بالعديد من الأدراج والأقبية الشعاعية والدائرية الفاصلة والأدراج الداخلية والخارجية والعديد من الممرات التي تفصل أقسامه وتسهل عملية التنقل داخله. أما مسرح شهبا وقطره 40 متراً، فيعود للقرن الثاني الميلادي، ويقع وسط مدينة شهبا في محافظة السويداء قرب المعبد الذي خصصه الإمبراطور فيليب العربي لأبيه.
بقي من هذا المسرح درجاته وبعض أقواسه وممراته المؤدية إلى الطابق الأعلى وقسم منها متصل بالأبواب.
المؤلف في سطور
د. بسام جاموس، باحث سوري متخصص في الآثار، يحمل شهادة الدكتوراه، وله العديد من المؤلفات والدراسات في هذا الحقل، شغل منصب المدير العام للمتاحف والآثار في سوريا، وقام بتدريس مادة تاريخ الفن في جامعة دمشق. من مؤلفاته: مملكة ايمار، مواقع الجرف الأحمر.
========================
شوقي عطية  :الوجه الآخر للإعلام.. الاتصال بين الرسالة والتسويق
بيار شلهوب
التاريخ:12 أغسطس 2016
يعرضُ كتاب «الوجه الآخر للإعلام» بكثير من الدقة والتفصيل لما آلت إليه العلاقةُ المفترضة بين الإنسان ومُختلف وسائل الاتصال، فيكشف عن ماهية الخدمات التي تُقدمها بعد التطور الصاروخي الذي طرأ على آلية وظائفها، فهو ما إن يعتاد على آخر مُبتكراتها ويطمئن إلى كيفية إلمامه بها، حتى يجد نفسه مضطراً إلى خوض معركة جديدة مع البرامج والخدمات المستحدثة، بوصفها حدثاً مُستجداً لا بُد من إتقان طرق تشغيله وكيفية استخدامه.
يقدّم الفصل الأول لمحة تاريخية عن مفهوم الإعلام والتواصل، مُتتبعاً تطورهما وصولاً إلى ما هما عليه اليوم. وتحديداً منذ أن حلّ التدوين كبديل عن الإشارات والرموز والحركات وأشكال التواصل الشفهي، وفرض نفسه كشكل أوّلي للتواصل بين الناس..
حيث تجلّت مظاهره الأساسية في إصدار مطبوعات ورقية، أعقبها اختراع التلغراف بين العقد الأخير من القرن الثامن عشر والنصف الأوّل من القرن التاسع عشر، تبعهُ ظهور الراديو والتلفزيون، ليدخل العالم في عصر المعلوماتية والتواصل المباشر مع اختراع الإنترنت.يهتم الفصل الثاني بعرض وسائل التواصل عبر الإنترنت..
فيبحث في أهمها ويصنفها بين مواقع تواصل وبرامج تواصل، حيث أدّى التحوّل الحاصل في طريقة تصميم الصفحات الإلكترونية إلى إنشاء مواقعَ وصفحات جديدة اختصت بتوفير خدمات التعبير عن «الذات» لمتصفحي شبكة الإنترنت.
آلية
يأتي في سياق بحثه على توضيح آلية عمل المواقع الإلكترونية وخصائصها وأهمها «الفايسبوك»، الذي يُعتبر الموقع الأول بالنسبة للمواقع المخصصة للصفحات الشخصية، والتعارف بين المتصفحين، حيث زاد عدد مُستخدميه عبر العالم على مليار نسمة، يليه من حيث الأهمية موقع تويتر..
حيث يُمكن للمغرد أن يطلق عدداً غير محدود من التغريدات، مع إمكانية ارفاقها ببعض الصور، ومن مميزاته الأساسية أنه يُتيح للمستخدم أن يُتابع أي مُستخدم آخر. من رواده سياسيون ومفكرون وفنانون، وصولاً إلى الجمعيات والمنظمات الإرهابية، وهذه التغريدات سهّلت انتقال المعلومات بين الأفراد وصولاً إلى الصحافة ووكالات الإعلام.
وفي الفصل الثالث يتناول المؤلف خفايا الجانب المرئي من عالم الإنترنت، ويبحث الفصل الرابع في السياسات التي تتبعها صناعة الصوت والصورة بهدف زيادة أرباحها. وهذا ما جعل المنافسة بين التلفزيون والصورة تقوم على ابتداع أساليب حديثة ومبتكرة للتطور والترقي للسيطرة على أكبر جزء ممكن من السوق والمشاهدين.
إحصاء
يلحظ الباحث استناداً إلى الإحصاءات المقدمة أن عائدات الأفلام المنتجة في هوليود، تُقدّر بمليارات الدولارات سنويا ويُثبت إحصاء بعائدات العديد من الأفلام التي لاقت شهرة واسعة. هذا ما يدفع شركات التسويق إلى إنتاج أفلام دعائية جديدة، تُعرض لمرة واحدة وتتميز بكونها مســــلية ومُضحكة أو حتى صادمة للجمهور.
أما بالنسبة لمحطات التلفزيون فإن تاريخها شهد تحولات أساسية، وتحديدا بعد ولادة محطّات الكابل المتخصصة واستطاع أن يتحول إلى منافس حقيقي للإنتاج السينمائي.
فهل هناك إمكانية للهرب من التطور التكنولوجي؟ يخطئ من يظن ذلك، وإن اقتصرت علاقة البشر بالإنترنت على أمور محددة لعل أهمها يكمن في أهمية تواصل مستخدميه عبر الرسائل الصوتية والفيديوهات المصورة وتبادل المعلومات والأخبار..
كما أن الغد القريب سيشهد تطوراً بارزاً بعد أن بات البشر متصلين بالإنترنت من خلال الهواتف الذكية وانسحاب ذلك على عدد كبير من الخدمات التي تُسهل على الإنسان أموره الحياتية.
وليس ببعيد اليوم الذي ستصبح المنازل بأنوارها وحماماتها وبراداتها ومكيفاتها كلها مُتصلة بما يُعرف بإنترنت الأشياء.
تواصل اجتماعي
لفتت الدراسة إلى أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، بات شبه مُتاح للجميع، وهذا ما شجّع الناس على التفاعل مع شبكات وتطبيقات التواصل الاجتماعي بشكل فعّال..
ويشير الباحث إلى المكانة التي احتلتها هذه الوسائل في حياة البشر، حتى باتت جزءاً من حياتهم اليومية، فكما قرّبت المسافات فقد غرّبت البشر بعضهم عن بعض، ويوضح أثرها على التقاليد الاجتماعية، التي مُنيت بخسارة فادحة، فانتفت الزيارات المتبادلة بين الناس، وهي بأحسن الأحوال باتت مُقتصرة على مُناسبات مهمة ومحدودة.
المؤلف في سطور
الدكتور شوقي عطية كاتب وباحث لبناني صدرت باكورته الأولى «السكان في لبنان من الواقع السياسي إلى التغير الاقتصادي والاجتماعي» وكتابه «الوجه الآخر للإعلام».
========================
جعفر كرار أحمد :الصين والسودان.. من «كوش» إلى «النووي»!
تاريخ النشر: الجمعة 19 أغسطس 2016
وافقت جمهورية الصين الشعبية في مايو الماضي على إنشاء محطة نووية للاستخدام السلمي في السودان، مؤذنة بفتح صفحة جديدة لبناء استراتيجية واضحة في مجال الطاقة ومعالجة العقبات التي تعترض التعاون الاقتصادي بين البلدين. ويأتي هذا الاتفاق النووي بعد سلسلة شراكات ممتدة بين الخرطوم وبكين، في مقدمتها الشراكة في مجال استغلال وتصدير النفط، والذي شكل لبنة قوية لتعزيز قدرات السودان الاقتصادية إزاء الصعوبات جراء المقاطعات المفروضة عليه من قبل القوى الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية.
وفي كتابه «العلاقات السودانية الصينية 1956 -2011»، يقسم الأكاديمي والدبلوماسي السوداني السابق المقيم في الصين، الدكتور جعفر كرار أحمد، العلاقات السودانية الصينية إلى حقبتين رئيسيتين الأولى من يناير 1956 (تاريخ استقلال السودان) إلى يونيو 1989 (تاريخ استيلاء «الجبهة القومية الإسلامية» على السلطة في الخرطوم). أما الثانية فتبدأ من عام 1989 حتى عام 2011 (تاريخ انقسام السودان إلى دولتين).
لكن المؤلف يرى أن العلاقات بين البلدين تعود إلى الماضي البعيد؛ فقد ربط الطريق التجاري البحري (طريق الحرير البحري) موانئ السودان الشرقية بالتجارة مع الشرق الأقصى منذ ما قبل الميلاد، بل إن منتجات سودانية مثل الزمرد والزبرجد، كانت تصل إلى الصين منذ حقبة أمنحوتب (1379-1417 ق.م). ولم يمنع بُعد المسافة بين السودان والصين واختلاف اللغات والثقافات من الاتصال بينهما، حيث يؤكد الباحثون الصينيون أن حكامهم الأوائل (خصوصاً أسرة «هان») الذين مارسوا التجارة مع بلدان بعيدة خلال مراحل تاريخية طويلة، كانوا بالفعل على اتصال مع مملكة كوش القائمة في مروي بشمال السودان. وهنا يلفت الدكتور كرار إلى أن العثور على خزف وقطع نقدية صينية في الموانئ السودانية (باضع، عيذاب، سواكن) وفي سنار، تعود إلى أسر ملكية صينية، يدل على انتعاش التجارة والاتصالات بين البلدين، على الأقل لألف عام مضت.
أما في الحقبة المعاصرة فتعود العلاقات السودانية الصينية إلى عام 1955 عندما التقى رئيس الوزراء السوداني إسماعيل الأزهري مع رئيس الوزراء الصيني «تشو آن لاي» في مدينة باندونج خلال المؤتمر التأسيسي لحركة عدم الانحياز، حيث أظهر الزعيمان تقارباً سياسياً ملحوظاً، مؤكدين التزامهما بمبادئ «باندونج» وتوصياته. وقد سارعت الصين إلى الاعتراف باستقلال السودان، وأعلنت استعدادها لتقديم الدعم السياسي والاقتصادي للدولة الوليدة، لكن حكومة الأزهري لم تقم بجهد كافٍ للاعتراف بجمهورية الصين الشعبية. وهي المهمة التي قامت بها حكومة إبراهيم عبود عام 1959. ورغم ذلك لم تشهد العلاقات السودانية الصينية تطوراً كبيرا خلال السنين القليلة اللاحقة وصولاً إلى عام 1969، تاريخ انقلاب جعفر نميري وقيام نظام مايو.
ويعتقد المؤلف أن الفترة من 1969 إلى 1985 كانت الأكثر استقراراً وسلاسة وازدهاراً في العلاقات بين البلدين، إذ لم تقتصر علاقاتهما على التعاون الاقتصادي والفني، وإنما تعدته إلى تعاون سياسي وثيق على الساحتين الإقليمية والدولية، إذ نسّقا مواقفهما بشكل واضح في مواجهة النفوذ السوفييتي. وعلى صعيد التعاون الاقتصادي خلال هذه الفترة (1969 -1985)، قدمت الصين للسودان قروضاً بلا فوائد، خصصت معظمها لتنفيذ 25 مشروعاً مهماً، وكانت بحلول سبتمبر 1984 قد أنهت العمل في 14 مشروعاً منها. كما حظيت العلاقات السودانية الصينية آنذاك بدعم شعبي ورسمي، وترسخت صورة الصين لدى السودانيين كدولة صديقة يمكن الاعتماد عليها. ورغم مرور ثلاثة عقود على انهيار نظام نميري، لا تزال الآثار الثقافية لهذه الفترة، يقول المؤلف، تقفز إلى الأذهان كلما عزفت موسيقى فرقة الأكروبات السودانية، كما لا تزال ذاكرة السودانيين تحتفظ بذكريات مع الأطباء الصينيين الذين وصلوا إليهم في قراهم البعيدة في أنحاء السودان وشاطروهم شظف العيش وخففوا عنهم آلام المرض.
ويلاحظ المؤلف أن أحد الأسباب الرئيسية وراء تراجع الزخم في علاقات البلدين خلال فترات الحكم المدني الثلاث في السودان، (1956 -1958) و(1964 -1969) و(1985 -1989)، يعود إلى قصر هذه الفترات، حيث لم يتمكن البلدان خلالها من وضع برامج ورؤى للتقدم بعلاقاتهما إلى الأمام.
ويعتبر المؤلف عهد الرئيس السوداني الحالي، عمر حسن البشير، أطول فترات العلاقات السودانية الصينية وأكثرها دينامية وإثارة للجدل، إذ اتسمت بالتعقيد والغموض في بعض جوانبها، حيث تعاملت الصين مع «نظام عقائدي، يرفع شعارات إسلامية، محاصر دولياً ومرفوض داخلياً، يجيد المناورات على الصعيدين الداخلي والخارجي». وعلى ضوء ذلك أدرك النظام السوداني أنه لا منفذ لكسر الحصار الدولي والإقليمي المضروب حوله، سوى بالتوجه شرقاً وترسيخ علاقته مع الصين، في وقت شهدت فيه الصين أيضاً من جانبها، تغيّرات كبيرة حتمت عليها تعزيز علاقاتها بالدول النامية وفي مقدمتها السودان.
وفي هذا السياق أيضاً يوضح المؤلف أن الصين تعاطفت بدايةً مع حكومة الخرطوم ضد الحصار الغربي وعارضت قرار الولايات المتحدة وضع السودان على القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، لكن بعد الاتهامات التي وجهتها القاهرة إلى الخرطوم بالضلوع في محاولة اغتيال حسني مبارك في يوليو 1995، بدأت الصين تنأى بنفسها سياسياً عن حكومة الخرطوم، كما اشتركت مع المجتمع الدولي في معاقبة السودان.
ورغم وصف المسؤولين والمؤسسات الرسمية في الخرطوم طبيعة العلاقات السودانية الصينية بأنها علاقات استراتيجية، فإن المؤلف ينفي وجود أي اتفاق للتعاون الاستراتيجي الشامل بين الصين والسودان؛ كالاتفاق الموقّع بين الصين وجمهورية مصر العربية، أو بين الصين وجنوب أفريقيا، أو غيرهما، بل يلاحظ أن استراتيجية الصين في القارة الأفريقية تبدو أحياناً شديدة التضارب مع توجهات الحكومة السودانية في أفريقيا. وإلى ذلك يعتقد الدكتور كرار أن حصيلة العلاقات السودانية الصينية المتواضعة، والضغوط الدولية الهائلة، والأضرار التي لحقت بصورة الصين في القارة جراء علاقتها بالسودان.. تكشف خللاً واضحاً في سياسة الصين الخارجية في أفريقيا، وهي سياسة تعطي الأولوية للاعتبارات الاقتصادية والمصالح التجارية للشركات الصينية، دون النظر الفاحص لطبيعة نظام الحكم واستراتيجيته ورؤاه وطموحاته وارتباطاته!
محمد ولد المنى
الكتاب: العلاقات السودانية الصينية 1956 -2011
المؤلف: د. جعفر كرار أحمد
الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية
تاريخ النشر: 2016
=======================