الرئيسة \  واحة اللقاء  \  أميركا.. واللعب "بذيل الأسد"

أميركا.. واللعب "بذيل الأسد"

09.08.2018
أحمد الحوسني


الاتحاد
الاربعاء 8/8/2018
أجواء السياسة الدولية والإقليمية، تشهد حرارة متقلبة، بقدوم دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية. وتعليق كسينجر على مرحلة دونالد ترامب، بأنها تمثل حقبة دولية جديدة. ما نشهده هي تهديدات من القيادات الإيرانية والأميركية، ترامب قرر إصدار عقوبات مالية ابتداء من 7 أغسطس الحالي، وفي 11 نوفمبر المقبل، سيتم وقف التعامل المالي والاقتصادي بفرض عقوبات على الدول التي تستورد نفطها من إيران ووقف التصدير لها، وفرض عقوبات على الشركات العاملة في إيران.
إيران صعدّت من لهجتها، على لسان رئيسها بالتهديد بإغلاق مضيق هرمز ومنع تصدير النفط، كما صدرت عدة تهديدات من السيد خامنئي وقاسم سليماني، فيما حذّر روحاني الرئيس ترامب من اللعب بالنار وإلا سيندم وحذر من عواقب "اللعب بذيل الأسد" وإلا ستكون أم الحروب!
كما حذّر ترامب، حسن روحاني بعدم تكرار تهديداته، وحذّره من تداعيات لم يسبق إلا لقلة قليلة عبر التاريخ أن عانوا منها. فيما وصف "مايك بومبيو" في كلمته أمام الجالية الإيرانية في كاليفورنيا، المسؤولين لنظام الملالي بالخداع وأنهم كابوس على الشعب الإيراني، وأن أميركا ليست خائفة من فرض عقوبات تستهدف النظام على أعلى مستوى. لا بد أن يُظهر الرئيس ترامب للقيادة في طهران أنه من غير المقبول أن تستمر في ممارسة الألاعيب والحيل القديمة نفسها، سواء من المخادعة والتراجع أو المقاومة المصطنعة. والهدف هو مساعدة إيران على "شفاء الذات" من علة "الخمينية"، وتعافي صحتها السياسية كدولة قومية. دعائياً يلوح الإيرانيون بأنهم لن يقبلوا حواراً تحت التهديد، غير أن تصريحات الجنرال ماتيس قد تعزز من فكرة الباب الموارب للدخول منه، فقد أشار إلى أن أميرك لا تسعى إلى تغيير النظام الإيراني، وإنما دفعه إلى تغيير أسلوبه، ومن تهديداته في المنطقة وتغيير أسلوب وكلائه، وهو ما قد يهدئ من المخاوف في إيران.
إزاء هذه الحزمات من التهديدات، أين تكمن حقيقتها على الأرض!؟ فيما يبدو أن ضرب ناقلة النفط السعودية، جاءت بعد قمة "هلسنكي" بين الرئيس ترامب وبوتين، وربما في ذلك استشفت إيران أنه قد تم الاتفاق على إخراجها من سوريا، وهذه الضربة لتشتيت الجهود ورسالة موجهة للجميع أنها، بوساطة أذرعها المنتشرة في عدة مناطق، قادرة على الإيذاء، إذا ما تعرضت مصالحها للضرر. والمملكة العربية السعودية، كان ردها استراتيجياً وحكيماً، برميها الكرة في الملعب الأميركي، التي لا تريد ارتفاع أسعار النفط جراء استهداف طريق باب المندب الذي تهدده مليشيات "الحوثي" الإيراني، ومسؤولية المجتمع الدولي، وهي معضلة دولية، لارتباطها العضوي والعقائدي بإيران، والأمر لا يخص السعودية فقط، بتعرض الملاحة الدولية في باب المندب للخطر. ومن جهة أخرى، تريد إيران بهذه الضربة، تشتيت الجهد الدولي الذي يركز على ما يدور داخل إيران من احتجاجات ومظاهرات، ونقل المعركة من الداخل إلى البحر الأحمر، كما وصفته إيران بأن البحر الأحمر "لم يكن آمناً". والقانون الدولي يستدعي أن يقوم تحالف دولي بمكافحة الميليشيات العابرة للحدود، فليس بمقدور دولة بمفردها أن تقوم بذلك، ما يتطلب من مجلس الأمن الدولي، سحب ورقة "الحوثيين" من يد إيران لتحرير ميناء "الُحديدة"، وجعل حرية الملاحة في باب المندب آمنةً. ما نراه من تراشق إعلامي، يصفه بعض المراقبين بجعجعة، لا تمثل موقفاً عملياً على الأرض. هناك إيقاع منضبط في العلاقة بين أميركا وإيران في سوريا، لبنان واليمن، وليس هناك صراع بالمطلق، هناك نوع من التفاهم لمعالجة أية مشكلة تهدد كل طرف التي استمرت لسنوات، بالرغم مما نشاهده من تهديدات. أما العقوبات فتجريها أميركا حتى على الدول الصديقة. قد يغري الإيرانيين، المزاج السياسي لترامب، ولا أعتقد أنهم من الغباء أن يكرروا مع ترامب لعبتهم التي مارسوها مع أوباما، عبر المماطلة، فترامب لهذا التاريخ لم يتراجع عن الوعود التي قطعها، وسيعمل مع المجتمع الدولي على التركيز على الداخل الإيراني ومساعدة الإيرانيين على التخلص من نظامهم وتقليص تصدير البترول الذي تذهب عوائده لصالح ولاية الفقيه، سيفقد النظام الإيراني قوامته، وسيأتي ليوقع اتفاقاً جديداً مع واشنطن بشروط جديدة، وعندها سيلعب ترامب بذيل الأسد بعد ترويضه، وذلك يأخذ وقتاً قد يطول.
* سفير سابق