الرئيسة \  قطوف وتأملات  \  أمنيات لويس التاسع وواقعنا المعاصر

أمنيات لويس التاسع وواقعنا المعاصر

25.07.2019
يحيى حاج يحيى




قال لويس التاسع ملك فرنسا الذي أسر في دار ابن لقمان بالمنصورة في وثيقة محفوظة في دار الوثائق القومية في باريس :
إنه لا يمكن الانتصار على المسلمين من خلال حرب ، و إنما يمكن الانتصار عليهم بواسطة السياسة باتباع ما يلي :
- إشاعة الفرقة بين قادة المسلمين ، و إذا حدثت فليعمل على توسيع شقتها ما أمكن حتى يكون هذا الخلاف عاملا في إضعاف المسلمين .
- الحيلولة دون قيام جيش مؤمن بحق وطنه عليه ، يضحي في سبيل مبادئه .
- إفساد أنظمة الحكم في البلاد الإسلامية بالرشوة و الفساد و النساء حتى تنفصل القاعدة عن القمة.
- العمل عل الحيلولة دون قيام وحدة عربية في المنطقة .
- العمل على قيام دولة غربية في المنطقة العربية تمتد ما بين غزة جنوبا وأنطاكية شمالا ، ثم تتجه شرقا ، وتمتد حتى تصل إلى الغرب .
ترى هل كان لويس التاسع يستشرف آفاق المستقبل بأمنيات يمني بها نفسه التي أرهقتها الهزائم أمام المسلمين ، و أذلتها الخسائر التي لحقت بجيوشه ، فلجأ إلى الأماني من باب التعويض أم أنه كان يرسم خططا مستقبلية مبنية على تجارب مريرة عبر تاريخ طويل من الصراع ؟ أيا كان الأمر ، و بنظرة إلى ما دعا إليه من خطوات ، نجد أن أمنيات لويس امتزجت بالواقع الذي نعيش حتى كأنهما شيء واحد فنحن في فرقة تزداد هوتها يوما بعد يوم ، لم تدفعنا إلى الضعف فحسب ، و لكن إلى مهاوي الذل و الاستكانة .
و بلغ الفساد و الرشوة في بعض أجزاء أمتنا حتى كاد يصبح عرفا وغدا عدد من الجيوش سياطا تلهب ظهور الشعوب ، و تهدم المدن على ساكنيها ، و أصبحت عبئا ثقيلا على الوطن لا على أعدائه . و لم نستطع أن نحقق أي نوع من الوحدة  أو الاتحاد ، بل أن هذا الأمل الحبيب غدا شعارات جوفاء ، فرغت من محتواها بأيدي فئات تجري الإقليمية في عروقها ، و تفرخ الطائفية في قلوبها ، و هي بدورها تقف حاجزا في وجه قيام حكم صالح ، يعز الأمة بعد هوان ، و قامت في ربوعنا دولة الصهاينة الغريبة لتكون مثلا يحتذى للطامعين في المنطقة ، فماذا بعد يا لويس ؟