الرئيسة \  برق الشرق  \  ألمانيا- حول الاتفاق التركي الروسي لوقف إطلاق النار في سوريا

ألمانيا- حول الاتفاق التركي الروسي لوقف إطلاق النار في سوريا

31.12.2016
هيثم عياش


كاتب ومفكر سياسي
برلين 30‏/12‏/2016
تعتبر الحكومة الالمانية بمقدمة حكومات دول الاتحاد الاوروبي بترحيبها لاتفاقية وقف اطلاق النار في عموم سوريا من خلال اتفاق تم بين اقرة وموسكو يوم أمس الخميس 29 كانون اول / ديسمبر وتم تنفيذها ابتداء من ليلة هذا اليوم الجمعة 30 الشهر الجاري اذ أعربت نائبة ناطق الحكومة الالمانية زابينه ديمر عن الامل التقيد بالاتفاقية اذ ستؤدي التخفيف عن الشعب السوري والتشيجع بالعودة الى المفاوضات السلمية ، بينما أعرب ناطق السياسة الخارجية لدى كتلة المسيحيين  يورجين هاردت عن تشاؤمه استثناء جبهة فتح الشام / النصرة سابقا / من الاتفاقية اضافة الى تنظيم ما يُطلق عليه بـ / الدولة الاسلامية – داعش / التي تعتبر منظمة ارهابية اجرامية يجب مكافحتها بشتى السبل المتاحة . الا ان رئيس معهد العلوم والسياسة فولكر بيرتيلس ، وهو خبير منطقة الشرق الاوسط وعاش ودرس العربية في دمشق ، رأى خلال مقابلة مع المحطة الثانية من الرائي الالماني مساء يوم أمس الخميس 29 الشهر الحالي  اعتبر الاتفاق التركي الروسي هام فالمحاصرين من الشعب السوري بحاجة ماسة الى المساعدات الانسانية مستبعدا صموده لغموض هذه الاتفاقية .
ويرى خبراء الشرق الاوسط ان جميع الفصائل التي تقاتل النظام السوري وميليشيات بشار اسد وحتى روسيا  إضافة الى الشعب السوري بحاجة ماسة الى وقف اطلاق النار وهناك رغبة كبيرة بصمود وقف اطلاق النار واذا ما استطاعت موسكو الضغط على اسد  فانه سيذعن بالتقيد بهذه الاتفاقية الامر الذي يتيح الفرص للعودة الى مباحثات سياسية من جديد لانهاء الحرب في سوريا سلميا .
لقد تم التوصل الى اتفاقيات كثيرة لوقف اطلاق النار في سوريا ، فمنذ بداية عام 2016 الحالي وصل عدد الاتفاقيات الى اكثر من عشرة اتفاقيات كان أهمها اتفاقية مدينة ميونيخ التي شارك فيها اكثر من خمسين وزيرا وذلك يوم الجمعة من 12 شباط / فبراير على هامش مؤتمر ميونيخ الثاني والخمسين الدولي للامن والسياسة الاستراتيجية ، فقد اعتبر وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير الاتفاقية بمثابة بداية النهاية لمأساة الشعب السوري الا ان الاتفاقية لم تصمد سوى ساعات قليلة .
صحيح ان روسيا لها تأثير سياسي وعسكري على بشار اسد الا ان ايران تملك تأثيرا أكبر عليه فهي ترى ببسط تأثيرها الديني والسياسي على سوريا نجاح تحقيق اطماعها بمنطقة الخليج العربي فاذا ما نعرضت طهران لنكسة سياسية في سوريا فاطماعها ستبوء بالفشل وهي ترى بالاتفاقية ضربة موجعة لها فلذلك ستعمل على إفشالها من خلال إمداد ميليشياتها مثل ما يُطلق عليه ب/ حزب الله / اللبناني والميلشيات الشيعية الاخرى  من العراق وافغانستان والباكتسان اضافة الى ما يُطلق عليه بحرس الثورة وغيرهم عدم التقيد بهذه الاتفاقية ، كما ان ادعاءات سقوط حلب بيد مرتزقة بشار اسد تعتبر بالنسبة للمدافعين عن الشعب السوري مأساة فهدفهم الرئيسي استعادتها فتجاربهم مع اتفاقيات وقف اطلاق النار أثبتت ان الاتفاقيات ساهمت بإمداد طاغية سوريا قوة اكثر للمضي بالبطش وإبادة الشعب الشعب السوري وهدم مدنه وتشريده .
تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو التي اشار فيها الى الموافقة المبدئية ببقاء بشار اسد الى عام 2021  بمنصبه دون ان يكون له اي دور وحول لن تلفى قبولا من أحد فالمملكة العربية السعودية  كانت قد أكدت انه لا مستقبل لاسد في سوريا ولن تقبل به كممثل شرعي للشعب السوري واكثر دول العالم يقف مع السعودية وقطر في ذلك فالجرائم التي يرتكبها اسد ومرتزقته وجعل من سوريا تحت احتلال ايراني وروسي فمن الصعب قبوله من جديد بالمجتمع الدولي .
تصريحات اوغلو كانت بمثابة تتمة لتصريحات الرئيس التركي رجب الطيب اردغان الذي اشار  في وقت سابق انه ابدى موافقته بقاء اسد الى عام 2021 بمنصب الرئاسة السورية شريطة عدم وجود اي دور سياسي له في بلاده ومغادرة منصبه طوعا خلال حلول ذلك العام ، فيرى مراقبو ما يجري على الساحة في سوريا وتركيا وكأن الاتراك قد ضاقوا ذرعا من السوريين وان تركيا تريد من خلال موافقتها على بقاء بشار أسد العودة الى الانزواء عن الصراع في سوريا والشرق الاوسط برمته .
وتعتبر هذه النظرية ضرب خيال بالرغم من وجود تكهنات بذلك ، فحكومة العدالة والتنمية وفي مقدمتها الرئيس التركي رجب الطيب اردوغان استطاعا ابراز تركيا لقوتها السياسية والدينية ، فوقوفها الى جانب الشعب السوري والفلسطيني وغيرهما كسب شعبية كبيرة لدى مسلمي العالم وبالتالي ارتفاع نبرة العداء لتركيا في اوروبا .