الرئيسة \  برق الشرق  \  ألمانيا- الإسلام والغرب وإيران

ألمانيا- الإسلام والغرب وإيران

27.02.2017
هيثم عياش


كاتب ومفكر سياسي
برلين 26‏/02‏/2017
ساهم الرئيس الامريكي دونالد ترامب بحملته الانتخابية المعادية للمسلمين ثم اعلانه بعيد استلامه مفاتيح البيت الابيض رسميا اصدار قرار يمنع مسلمي سبع دول اسلامية بالمجيء الى الولايات المتحدة الامريكية يشمل ايضا المسلمين الذين ينحدرون من تلك الدول بحملون جنسية ثانية اضافة الى جنسية بلادهم الاصلية . وبالرغم من تراجع ترامب عن قراره بحملة الجنسيتين جراء الانتقادات على سياسته الا انه لا يزال مصرا على قرار منع مسلمي سبع دول اسلامية بالرغم من قرار المحاكم الامريكية بطلان قراره هذا ، بتشجيع الحملة المعادية للاسلام .
سياسة ترامب المعادية للاسلام ساهمت الى حد كبير بدعم  الاحزاب القومية الاوروبية المعادية للاسلام وخاصة تلك الاحزاب التي تشارك حاليا بحملة انتخابية ضخمة في بلادها مثل هولندا والمانيا وفرنسا إما للحصول على مقاعد ببرلمان بلدها مثل المانيا او استلامها حكم بلادها مثل فرنسا وهولندا . صحيح ان مواطني ايران من ضمن تلك الدول التي وضعها ترامب في لائحته بمنع مواطنيها المجيء الى الولايات المتحدة الامريكية ، الا أن ايران تحظى بعاطفة ودعم من الاحزاب القومية  المعادية للاسلام في اوروبا ، فالشيعة بالنسبة لهذه الاحزاب واحزاب شعبية اخرى ليبراليون ، أي انهم غير متعصبون متفتحون على الثقافة الغربية ولا يوجد عندهم حقد على الغرب باطنيا بالرغم أن ظاهرهم  معاد للولايات المتحدة الامريكية ، فالشيعة على اختلاف مذاهبهم كانوا ردءً للغرب  في الحروب الصليبية وكانوا حجر عثرة امام فتوحات دولة الخافة الاسلامية العثمانية في اوروبا ولعبوا دورا كبيرا للقضاء على الخلافة العباسية والاموية ايضا . وهذا ما يؤكده المؤرخون المسلمون والغربيون والسياسيون قديما وحديثا ، وعندما يصف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ايران / فارس / بأنها مصدرة للارهاب وتأكيد نظيره التركي مولود جاويش اوغلو بأنها وراء تصدير الحرب الطائفية بمنطقة  الشرق الاوسط بمؤتمر ميونيخ للامن والسلام الدوليين الاخير الذي عقد يومي 17 و 19 شباط / فبراير لم يكن اتهاما مجحفا بل واقعا ملموسا ،  ذلك لما تعانيه منطقة الشرق الاوسط والخليج العربي من هجمة فارسية شرسة .
وهو ما أكدته ندوة حول الاسلام عقدت بتنظيم المعهد الاوروبي للدراسات السياسية والاستراتيجية الذي يتخذ من لندن وبرلين مقرا له بالتعاون مع معهد بيترلسمان للدراسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الذي يشرف على دار اعلامية تعتبر من اكبر دور النشر والاعلام باوروبا والعالم ، وذلك بمدينة كوتبوس التي تبعد عن برلين حوالي ثمانين كلم يوم أمس السبت 25 شباط / فبراير بمشاركة خبراء بدراسات الاسلام والسياسة الاستراتيجية .
فقد أكد الخبراء بان مسلمي اهل السنة والجماعة وبدون استثناء   في اوروبا والولايات المتحدة الامريكية متهمون بالارهاب ولا يوجد مسلم متدين بدون وصفه بالارهاب وخاصة الذين يعتقدون بانفسهم انهم من المدرسة  السلفية ، بل وأكدت دراسة وزعها رؤساء مدينة قم الدينيين على المشاركين بالندوة ان أتباع المدرسة السلفية سواء كانوا من السلفية الجهادية وغير الجهادية أميون جاهلون بالاسلام وتعاليمه محذرين من استلام مسلمو السنة والجماعة الحكم في سوريا اذ سيستهدفون الامن والسلام الدوليين .
واشار معهد بيرتسلمان بدراسة عرضها بالندوة ان المسلمين في اوروبا موضوعين بسلة واحدة من اتهامهم بالارهاب فلا يوجد تمييز بين المسلم المندد بالارهاب والمسلم الذي يؤيده فالكل سواء فالخوف من الاسلام مستفحل في اوروبا وان عشر دول عضوة بالاتحاد الاوروبي وضعت الاسلام والمسلمين ضمن قائمة الارهاب وخطره على زعزعة الامن العام ، مشيرا ان نسبة المعاداة للاسلام  بهنغاريا تصل الى 76 وببولندا وصلت الى  71 بلمائة وفي المانيا الى 61 بالمائة وهولندا الى 61 بالمائة أيضا، بينما وصلت نسبة العداء للاسلام بالولايات المتحدة الامريكية الى 33 بالمائة الى قبيل استلام ترامب مفاتيح البيت الابيض وربما تصل الى 45 بالمائة على مدى الاربعة اعوام القادمة .
الاسلام كعدو اول للغرب لم يكن نتيجة حوادث 11 ايلول / سبتمبر من عام 2001 ، فالاسلام كان الى ما قبيل استلام الشيوعيون في روسيا الحكم عدوا رئيسيا للغرب ، الا ان مصالح الغرب التي تكمن بالقضاء على الشيوعية كانت وراء مصالحة الغرب للمسلمين من اجل اخذ دعمهم بمحاربة الشيوعية ، فالمستشرق الالماني ماكس فون اوبنهايم الذي عاش في سوريا والعراق لمدة تصل الى اكثر من خمسين عاما افتتح مكتبا للجهاد خاصا للمسلمين اثناء الحرب العالمية الاولى ليشاركوا المانيا ودولة الخلافة العثمانية الحرب وهو كان قد نصح  اوروبا بالتصالح مع المسلمين اذا ما ارادت اوروبا القضاء على الشيوعية .
وما ان وضعت الحرب البادرة اوزارها عام 1989 عاد  الاسلام العدو الاول للغرب وهو ما تنبأ به قائد فرق حلف شمال الاطلسي / الناتو / جون مكاين بآخر ندوة له في ذلك العام اذ أشار بانتصار الغرب على الشرق ولكن الغرب سيعود الى خلافه التقليدي مع المسلمين .
الخوف من الاسلام لم يأت جراء العمليات الارهابية التي وقعت بنيويورك وما تبعها من اعمال ارهابية استهدفت فرنسا وبلجيكا والمانيا واسبانيا وبريطانيا بل جراء الدعايات المناوئة للاسلام  التي يصفها خبراء الاسلام والسياسة الاجتماعية نوع جديد من المعاداة للسامية والتمييز الديني ، فالدعايات المناوئة للاسلام ساهمت الى حد كبير بانتشار الخوف من المسلمين فقد وصلت الخوف في المانيا الى 24 بالمائة بينما تؤكد نسبة تصل الى  65 بالمائة بان الاسلام لا يناسب المانيا . أما على مستوى الاتحاد الاوروبي فترى نسبة تصل الى  65 بالمائة بالاسلام خطرا على اوروبا والامن والسلام الدوليين وتصف نسبة تصل الى 22 بالمائة من الاوروبيين ان نسبة تصل الى 37 بالمائة من المسلمين الذين يعيشون في اوروبا مؤيدون للارهاب .
ومن أجل الخروج من مأزق المعاداة للاسلام في اوروبا والحيلولة دون وقوع حرب عالمية ثالثة فيرى هؤلاء الخبراء حوارا عمليا صادقا فالارهاب يهدد الجميع وهناك من يشحذ المدية للوقيعة بين الاسلام والمسيحية فاسباب الحروب الصليبية الافتراء على الاسلام والحربين العالميتين الاولى والثانية كانت جراء حب النفوذ والسيطرة والدعايات المناهضة لليهود والدعايات المناهضة للمسلمين  أشد خطرا على الدعايات المناهضة لليهود ، صحيح ان المسلمين لا يملكون إعلاما قويا مثل اليهود ولكن دينهم حيوي .
الارهاب ضد الجميع ، فقد عانت اوروبا من الارهاب فقد وصل عدد ضحايا منظمات الارهاب الاوروبية في المانيا وايطاليا وفرنسا وايرلندا بين عامي 1970 و 2000 الى حوالي 6 آلاف و 900  شخصا . أما ضحايا المسلمين بالبلقان من ارهاب الصرب والكروات  فقد وصل خلال عامي 1990 و 2000 الى حوالي 45 الف نسمة وضحايا المسلمين من ارهاب تنظيم ما يُطلق عليه بـ / الدولة الاسلامية – داعش / وما يُطلق عليه بـ / حزب الله / اللبناني والميليشيات الشيعية الاخرى في سوريا  خلال الفترة ما بين 2011 و ونهاية عام 2016 الماضي الى  حوالي مليون شخصا وفي  العراق ما بين عامي 2003 ونهاية عام 2016 الماضي الى حوالي  800 الف نسمة ولا أحد ينسى قتلى الارهاب في الجزائر الذي نجم عن طلب اوروبا من الجيش الجزائري الانقلاب على جبهة الخلاص الاسلامي فقد راح ضحية الارهاب اكثر من 200 الف نسمة لا يعرف القاتل لماذا قتل والمقتول سبب مقتله ، وبالرغم من ارهاب الشيعة فهم بمنأى عن وصفهم بالارهاب في اوروبا ومنظمة الامم المتحدة .