الرئيسة \  برق الشرق  \  ألمانيا- الأكراد والغرب

ألمانيا- الأكراد والغرب

24.10.2017
هيثم عياش


كاتب ومفكر سياسي
برلين / ‏22‏/10‏/2017
أعلنت قيادة الالماني في وقت سابق من بداية الاسبوع المنصرم انها أصدرت اوامرها للفرقة العسكرية التي تقوم بتدريب عناصر جيش الاكراد بالعراق وذلك جراء الاعمال العسكرية التي وقعت بين الجيش العراقي  والاكراد ، الا أن قيادة الجيش الالماني عاد وأعلن بعيد تمديد الحكومة الالمانية لفرقتها العسكرية في السليمانية من خلال اجتماعها يوم الاربعاء من 18 تشرين أول أكتوبر استئناف فرقته العسكرية بالسليمانية تدريبهم البشمركيه من جديد   بعد سيطرة الجيش العراقي النظامي على كركوك التي تعتبر شريان الاقتصاد العراقي لاحتوائها على النفط  وبالتالي الحيلولة دون إتمام تحقيق الاكراد حلمهم بدولة مستقلة لهم عن العراق المركزي ، هذا الحلم الذي يمتد لأكثر من مائة عام وفقا لاتفاقيات سايكس بيكو التي كان منها قيام دويلة للاكراد بالمناطق الاهلة بهم في سوريا والعراق وتركيا. فاتفاقيات  سايكس بيكو وعلى حسب وثائق محفوظات وزارة الخارجية الالمانية عن دبلوماسيها الذين كانوا يراقبون الوضع بمنطقة الشرق الاوسط قبيل وأثناء وبعيد الحرب العالمية الأولى / 1914 – 1918 / ان أوروبا لا تستطيع فرض هيمنتها على منطقة الشرق الاوسط الا بتفتيتها الى دويلات مذهبية وعرقية ، الا ان زعماء الاكراد في ذلك الوقت رفضوا قيام دويلة لهم مؤكدين انتماءهم الى جسد الامة الاسلامية وشعوب الدول التي يعيشون فيها معلنين بالوقت نفسه رغبتهم  مناطقهم  الآهله بهم تحت ادارتهم ذاتيا .
الإكراد كانوا وراء إفشال مخطط سايكس بيكو بعزل مناطقهم عن الشعوب التي يعيشون معها منذ مئات السنين ان لم نقل آلاف السنين ، فالتاريخ يؤكد الى وجود قبائل عربية كانت تعيش بمناطق الاكراد في العراق وسوريا وتركيا قبل الاسلام فالمناذرة والغساسنة والكلبيين وقبائل بكر وغيرها لا تزال آثارهم موجود بتلك النواحي . إفشال الاكراد لمخطط سايكس بيكو لم يوضع بسلة المهملات بل بأحد  أدراج  طاولات السياسة الدولية .
ويعتقد خبراء الشرق الاوسط بندوة حول تطورات الاوضاع الامنية والسياسية بمنطقة الشرق الاوسط برمته دعا اليها المركز الاوروبي للعلاقات الاستراتيجية والدراسات السياسية ومقره الرئيسي لندن وبرلين ان الأكراد بالعراق لم يستطيعوا الدعوة الى استفتاء للاستقلال عن العراق المركزي الا بدعم من اوروبا بمقدمتهم المانيا وفرنسا والولايات المتحدة الامريكية اضافة الى روسيا ، فألمانيا كانت اول من بادر بإرسال الاسلحة الثقيلة والعتاد الحربي الى اكراد العراق بحجة دعمهم لمحاربة ما يطلق عليه بتنظيم / الدولة الاسلامية / وتبعتها الولايات المتحدة الامريكية التي تدعم أكراد سوريا بشكل مباشر لقيام دويلة لهم وتدعم اوروبا اكراد تركيا بشكل غير رسمي / فالاحزاب القومية وبدعم ايضا من الاحزاب الشعبية باوروبا تؤيد قيام دويلات مستقلة للاكراد في تركيا والعراق وسوريا تنفيذا لمخطط تفتيت منطقة الشرق الاوسط وعدم وجود حكومات دول متوحدة قوية على مقدرة مواجهة المجهول .
صحيح ان الغرب يعلن علانية بانه ضد قيام دويلة للاكراد في العراق وهو ما أشارت اليه وزيرة الدفاع الالمانية اورزولا فون در لاين التي زارت مرات عديدة السليمانية كما زارت بغداد  ، كما طالب وزير الخارجية الالمانية زيغمار جابرييل الاكراد والعراقيين انهاء المشاكل بينهما على طاولة الحوار والغاء الاستفتاء لنه سيؤدي الى عواقب وخيمة في مقدمتها استمرار الاضطرابات بمنطقة الشرق الاوسط ولا سيما سحب المجتمع الدولي اهتماماته لإنهاء الحرب في سوريا ومأساة الشعب السوري ليهتم بالحرب بين الاكراد والعراقيين والاتراك ، فأزمة الخليج العربي التي تكمن بالقطيعة بين المملكة العربية السعودية وبين قطر أثرت تأثيرا سلبيا على  مأساة الشعب السوري الذي يتطلع مبادرة المجتمع الدولي لإنهاء مأساته مؤكدا رغبة الحكومة الالمانية بالتوسط بين بغداد واربيل لأنهاء الخلاف بينهما ، كما طالبت رئيسة العلاقات الخارجية بالمفوضية الاوروبية فيدريسيا موغيريني بغداد واربيل بحوار مباشر وعدم تدهور الوضع بينهما الى حد القطيعة ومواجهة عسكرية حقيقية  لا أحد يعلم ما الذي سينجم عنها . هذه التصريحات الرسمية المعتبرة عن قلق أوروبا تجاه تدهور الاوضاع بين الاكراد والعراقيين وتطالب بالحوار تعتبر مرآة واشنطن الرسمية من خلال تصريحات رئيس الادارة الامريكية دونالد ترامب الذي يعلن تأييده للاكراد بدولة مستقلة لهم اذ أكد على علاقات وثيقة بين واشنطن والاكراد الا انه اعلن رفضه للمواجهة العسكرية بين اربيل وبغداد والضرورة ملحة للحوار .
هذه التصريحات يرى فيها خبير منطقة الشرق الاوسط اودو شتاينباخ بانها بمثابة من يحرض شخصا ما على القتل فلما أقدم على جريمته  أعلن براءته منه مشيرا انه اذا كانت واشنطن وبرلين وبروكسل ترفض تفتيت منطقة الشرق الاوسط وعدم وقوع مواجهات عسكرية بين العراقيين والاكراد فعليهم التوقف عن مد الاكراد  بالعتاد العسكري والضغط بالوقت نفسه على الحكومة العراقية اعطاء الأكراد ما يريدون .
بينما يعتقد خبراء آخرون بفشل جميع الجهود السياسية التي تسعى للحيلولة دون تفتيت منطقة الشرق الاوسط فاذا ما قامت دويلة مستقلة للاكراد في العراق فستقوم ايضا دويلة مستقلة لهم في سوريا وتركيا وسيؤدي الى تشجيع الاقليات العرقية والمذهبية الاخرى بالمناداة لقيام دويلات مستقلة لهم ستلحق اضرارها بالغرب جراء تشجيعه  على تفتيت منطقة الشرق الاوسط .
فالغرب يعيش في بأزمة جراء تأييده ورفضه لدويلة كردية .