الرئيسة \  واحة اللقاء  \  4 حكومات تجني المليارات في سوريا.. أين تنفقها؟

4 حكومات تجني المليارات في سوريا.. أين تنفقها؟

04.03.2021
رامز الحمصي



ساسة بوست 
الاربعاء 3/3/2021 
يقول محمد عماد النازح في ريف حلب لـ"ساسة بوست": "إن النازح لا يهمه مساعدات حول برامج المرأة أو إدماج النوع الاجتماعي، أو تنمية الإدارات المحلية، نحن نريد غذاء وماء وسكنًا ولو أن هذه المساعدات صرفت في هذا الشأن لم تر المخيمات في السنة العاشرة ما زالت تغرق". 
كلام "عماد" كان عن تضرر أكثر من 1600 خيمة بشكل كامل وجزئي، خلال العاصفة المطرية التي ضربت سوريا منذ أيام، وقدرت فيها الأمم المتحدة عدد العائلات المتضررة بـ1700 عائلة، فعدد المخيمات على الشريط الحدودي مع تركيا في ريفي إدلب وحلب نحو 1300 مخيم، ويقطنها أكثر من مليون نازح داخليًّا، بحسب الدفاع المدني. 
لن يكون هناك مخرج من الوضع الاقتصادي المنهار في البلاد، إلا من خلال حل سياسي يحقق العدالة، هكذا يقول المجتمع الدولي، فوفق ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، أكجمال ماجتيموفا، يعيش تحت خط الفقر في سوريا 90% من السكان، 9 ملايين و300 ألف شخص في سوريا يفتقرون إلى الغذاء الكافي، وخط الفقر الدولي محدد عند مبلغ 1.90 دولار للشخص الواحد في اليوم، بحسب البنك الدولي، وهو الجهة المخولة بتحديده. 
هذا التقرير يسرد بعض الأرقام لإيرادات أربع حكومات في سوريا، متهمين من قبل العديد من المراقبين بتخصيص معظم الأموال في الإنفاق العسكري دون النظر بشكل كافٍ إلى معاناة المواطنين. 
4 حكومات.. لزيادة الفقراء 
يخضع السوريون في الوقت الحاضر، لسيطرة أربع حكومات: حكومة نظام الأسد، التي باتت تبسط سيادتها على معظم البلاد، وحكومة الإنقاذ التي تبسط سيطرتها على جزء واسع من الشمال الغربي لمحافظتي إدلب وحلب، والحكومة المعينة من قبل الائتلاف السوري المعارض وتسمى بالحكومة السورية المؤقتة التي تمثل الفصائل الموالية رسميًّا لأنقرة، وحكومة الأكراد في شمالي وشرقي البلاد، ممثلة بالإدارة الذاتية لقوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من واشنطن، والحاضنة لما تبقى من قوات أمريكية في سوريا. 
في ظل الحكومات الأربعة في سوريا خلال الحرب المستمرة منذ 2011 حتى الآن، زاد عدد فقراء البلاد مقارنة بأرقام ما قبل الحرب؛ إذ بات ثلث عدد السكان غير آمنين غذائيًّا، فيما صنَّفت سوريا في قائمة الدول الأكثر فقرًا بالعالم، بنسبة بلغت 82.5%، بحسب بيانات موقع "World By Map" العالمي. 
تعاقبت سبع حكومات للنظام في عهد الأسد الابن تشكلت منذ ربيع 2011، جرى تعيين 149 وزيرًا، منهم 41 وزيرًا تولوا أكثر من حقيبة وزارية، فيما حافظ ثلاثة وزراء على حقائبهم في جميع تلك الحكومات، واعتبر مدير منظمة سوريون "مسيحيون من أجل السلام"، المهندس أيمن عبد النور، في حديثه لموقع "سوريا على طول" أن تلك الحكومات كانت ميسِّرًا بسيطًا للأمور الخدمية فقط، بينما قضايا البلاد الكبرى تدار من قبل الأسد وحاشيته في القصر الجمهوري. 
وتذكر "هيومن رايتس ووتش" أن النظام السوري تلاعب بنظام تقديم المساعدات الإنسانية، لضمان أن تحل فائدة الدولة محل احتياجات السكان، حيث قيدت حكومة النظام وصول الموظفين الدوليين في المنظمات الإنسانية ووكالات الأمم المتحدة العاملة في البلاد. 
واستخدمت نظام الموافقة على المشروعات التي استهدفت مناطق كانت تخضع سابقًا لسيطرة المعارضة بحجبها عن سكانها؛ وذلك لمعاقبتهم على رأيهم السياسي، وفي الواقع، شكلت هذه المساعدات أحد المصادر الرئيسية لإيرادات الاقتصاد السوري بشقيه سواءً للمعارضة السورية أو النظام السوري، وفقًا لـ"دائرة التتبع المالي"، التي قالت إن 2.2 مليارات دولار أنفقت على خُطَّة الاستجابة الإنسانية في سوريا لعام 2018، بينما ارتفعت النفقات الدولية في عام 2020 إلى 2.5 مليارات دولار. 
أما في مناطق ريفي إدلب وحلب شمال سوريا التي تقبع تحت سيطرة "هيئة تحرير الشام" المصنفة في أكثر من دولة بوصفها "منظمة إرهابية"، تأسست آخر حكومة التي سميت بـ"حكومة الإنقاذ" في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، وبدأت الحكومة بفرض سيطرتها على المنطقة، ووجهت إنذارًا إلى "الحكومة السورية المؤقتة" يقضي بإمهالها 72 ساعة لإغلاق مكاتبها في محافظة إدلب شمالي سوريا والخروج من المنطقة، وأحدثت مكاتب زراعية وتعليمية واقتصادية، وبدأت بإقامة مشروعات خدمية داخل مدينة إدلب. 
وبالرجوع إلى نوفمبر 2013، توصل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية إلى اتفاق على تشكيل أول حكومة انتقالية للمعارضة، بعد عملية انتخاب اختير فيها ثمانية مرشحين إضافة إلى نائب رئيس الوزراء، وهذه الحكومة في الوقت الحالي تعمل في مناطق انتزعتها تركيا بالتعاون مع "الجيش الوطني السوري" الموالي لها، من الأكراد وتنظيم "الدولة الإسلامية" أي شمالي حلب والرقة وجزء من محافظة الحسكة. 
وعلى المقابل في الضفة الشرقية من نهر الفرات، سيطر حزب الاتحاد الديمقراطي على بنيتَي الأمن والحكومة في شمال شرق سوريا عقب انسحاب النظام في يوليو (تموز) 2012، ثم أنشأ الإدارة الذاتية الديمقراطية في يناير (كانون الثاني) 2014، وتضم أجزاء من محافظات الحسكة والرقة ودير الزور، وتمتد على مساحة أكثر من 50 ألف كيلومتر مربَّع، في حين يبلغ عدد سكانها 3.2 ملايين نسمة، علمًا بأن المنطقة، تشكل سلة سوريا الغذائية؛ إذ تنتج معظم القمح، والقطن، والشعير، والماشية، وتضم معظم الثروة الحيوانية في البلاد، ناهيك عن أنها تحوي 80% من نفط البلاد ومواردها من الغاز الطبيعي. 
المعابر سلة الإيرادات 
ساهمت المعابر السورية في رفد خزائن المؤسسات التي تسيطر عليها بملايين الدولارات، ففي سوريا يوجد 22 معبرًا حدوديًّا رسميًّا مع الدول المجاورة، ثلاثة مع العراق، و12 مع تركيا، وخمسة مع لبنان، ومعبرين مع الأردن، ويسيطر النظام السوري على 10 معابر فقط، خمسة مع لبنان (جديدة يابوس، والدبوسية، وجوسية، وتلكلخ، والعريضة)، ومع الأردن (نصيب، والجمرك القديم)، ومعبر واحد مع العراق (البوكمال)، ومعبران مع تركيا (كسب، والقامشلي). 
قبل بداية الحرب في سوريا، وتحديدًا في عام 2010، بلغت إيرادات الضرائب والرسوم للنظام السوري في ذلك العام، 278 مليار ليرة سورية، بينما قدرت إيرادات المعابر في موازنة 2019 بـ14 مليارًا و420 مليون ليرة، أي ما يشكل نسبة 2.5% من إجمالي إيرادات الضرائب والرسوم، المقدرة في العام نفسه بـ563 مليار و50 مليون ليرة. 
وفي المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، تقسم المعابر إلى خارجية مع تركيا والعراق، وأخرى داخلية تربط مناطق سيطرة المعارضة بمناطق النظام السوري، ووفق بيانات منظمة "UNOCHA" في ديسمبر (كانون الأول) 2020، فإن معبر باب الهوى المنفذ الرئيسي من تركيا إلى إدلب تديره "هيئة تحرير الشام"، التي تحكمت أيضًا في المعابر المفتوحة بشكل مقيِّد لعمليات الإجلاء الطبي وتسليم المساعدات الإنسانية، مثل معابر خربة الجوز وحارم ودركوش وأطمة، في إدلب، حيث سعت إلى استلام إدارة المعابر سواء مع تركيا أو مع مناطق النظام بهدف الحصول على موارد مالية. 
وبالانتقال إلى الحكومة المؤقتة، فإن المعابر التي تتحكم فيها هي (معابر غصن الزيتون في عفرين، وباب السلامة قرب اعزاز، ومعبري الراعي وجرابلس، في حلب، ومعبرا تل أبيض ورأس العين في الرقة والحسكة)، وتدير الجهات الرسمية التركية كل هذه المعابر من الطرف التركي، أما في الشرق فمعبر سيمالكا بين سوريا والعراق تديره "الإدارة الذاتية" الكردية. 
وخلال تسع سنوات من الأزمة السورية بقيت تركيا مصدرًا أساسيًّا لتوريد البضائع إلى سوريا، ولم تتراجع البضائع التركية الموردة إلى سوريا إلا بنسبة 24% تقريبًا، فلم تقل الصادرات من تركيا إلى البلاد عن مليار دولار، ووفقًا لجريدة "قاسيون" التي تصدر عن حزب الإرادة الشعبية المعارض الذي أسس في ديسمبر 2011، فإن المعابر التي تقع تحت سيطرة المعارضة السورية تحقق دخلًا وسطيًّا تقريبيًّا يفوق 540 مليون دولار سنويًّا، ولكن هذه الإيرادات ليست من البضائع التركية فقط، ولكن أيضًا من رسوم العبور والدخول فضلًا عن الضرائب للمواد الأخرى المستوردة لتجار محللين. 
ويشير التقرير أيضًا إلى أن ما يقارب 2.7 مليارات دولار دخلت إيرادات خلال المدَّة بين 2015-2019، وتصل إلى 3.5 مليارات دولار إذا ما ابتدأ العد منذ عام 2013 عندما استقرت سيطرة فصائل المعارضة السورية على المعابر الشَّمالية مع تركيا، وهذا ما نفاه وزير المالية في الحكومة السورية المؤقتة، الدكتور عبد الحكيم المصري، خلال حديثه لـ"ساسة بوست"، وقال: "إن الإيرادات التي تصل للوزارة من الضرائب الجمركية في المعابر لا تتجاوز مليون دولار". 
وتابع "المصري" "أن جميع هذه الإيرادات تذهب رواتب لموظفي الحكومة المؤقتة"، في حين لم يكشف الوزير عن التقرير المالي السنوي الخاص بالحكومة المؤقتة عند طلبه، واكتفى بأن التقرير اطلع عليه الائتلاف السوري وربما يصدر في الأيام القادمة، وفي العموم فإن المواقع الخاصة بالجهتين لم تنشرا التقارير المالية منذ سنوات على المواقع الخاصة بهما. 
وبالانتقال لمعبر "سيمالكا" على الحدود العراقية، والذي تعتمد عليه المناطق التي تسيطر عليها الإدارة الكردية في جلب المواد، كما ذكر نائب رئيس هيئة الاقتصاد التابعة للإدارة الذاتية، جمال حمو، لموقع "المونيتور"، فقد أكد لـ"ساسة بوست" عضو المكتب الإعلامي للإدارة الذاتية، عامر مراد، أن واردات الإدارة من المعبر في عام 2019 قدرت بـ72 مليونًا و570 ألفًا و763 ليرة سورية. 
الذهب الأسود غنيمة ليست للشعب 
منذ عام 1980 ولغاية عام 2010 كان القطاع النفطي السوري في قبضة عائلة الأسد، ولم تكن كميات الإنتاج تسجل بمنظمة الأوبك، كما لم يكشف للسوريين عن الأعداد الحقيقية لحقول إنتاج النفط، ما عدا بضعة حقول كبرى، بحسب خبير اقتصادي سوري لـ"الشرق الأوسط". 
وزارة الدفاع الأمريكية قدرت عائدات "تنظيم الدولة الإسلامية" من النفط السوري 40 مليون دولار شهريًّا عام 2015، لكن بعد عامين جرى طرد التنظيم من معظم المناطق الشرقية استولت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) الذراع العسكرية للـ"إدارة الذاتية" المدعومة من واشنطن على حقول النفط. 
بلغت قيمة الواردات النفطية التي حصلت عليها "الإدارة الذاتية" لعام 2019، أكثر من 155 مليار ليرة سورية، وفق ما كشفته "هيئة المالية"، وكانت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" ذكرت في تقرير لها، نُشر في سبتمبر (أيلول) 2019، أن الحقول النفطية الخاضعة لسيطرة "قسد" تنتج ما يقارب 14 ألف برميل يوميًّا وهو ربع ما كان ينتجه تنظيم الدولة يوميًّا. 
تسيطر الإدارة في الحسكة على حقل الرميلان الذي ينتج النفط الخام الثقيل، إضافة إلى مليوني متر مكعب من الغاز في اليوم، وحقل السويدية الذي ينتج الخام الثقيل، ويضم حوالي 25 بئرًا للغاز، وحقل الجبسة الذي ينتج 1.6 مليون متر مكعب من الغاز يوميًّا، وحقل اليوسفية. أما في دير الزور، فتسيطر على حقل العمر الذي ينتج الخام الخفيف، ولكن يقدِّر أن هذا الإنتاج تراجع إلى الخُمس بسبب قصف التحالف الدولي وروسيا البنية التحتية للحقل؛ إضافة إلى حقل التنك الذي ينتج الخام الخفيف، والذي يُعد ثاني أهم حقل نفطي في دير الزور؛ وحقل الجفرة؛ وحقل كونوكو. 
وتعد مجموعة "قاطرجي الدولية" إحدى أبرز الشركات المسؤولة عن استئجار النفط من الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وإضافةً إلى قاطرجي، تضطلع أيضًا شركة عمار السوسي، الحاصلة على عقد بقيمة 11 مليون يورو لتشغيل معمل غاز الجبسة وصيانته، بدور مهم في شراء الغاز المنتج في الحسكة لصالح النظام السوري. 
وتستورد مناطق المعارضة في غرب سوريا كافة النفط من تركيا عبر شركة واحدة فقط، سواء إدلب أو حلب، بحسب ما تحدث به مدير المكتب الإعلامي في شركة "وتد" للمحروقات، صفوان الأحمد، وتعد شركة "وتد" إحدى الأذرع الاقتصادية لـ"هيئة تحرير الشام"، وأداتها للسيطرة على قطاع المحروقات والتحكم به، بما يحقق المكاسب الاقتصادية لها، وفق الباحث الاقتصادي في مركز "عمران للدراسات" محمد العبد الله، حيث أدخلت خلال الثماني أشهر الأولى في عام 2020، ما يقارب 66 ألف طن من المحروقات وقدرت عائداتها بما يقارب 80 مليون دولار. 
الموارد الطبيعية حكرًا للفصائل 
تشكل الزراعة 17.6% الناتج المحلي الإجمالي في سوريا، ويعد القمح والزيتون من أهم المحاصيل التي يعمل فيها المزارعون بالبلاد، يبدو موسم عام 2020 مختلفًا بالنسبة لنظام الأسد، الذي كان يتوقع أن تمتلئ مخازنه بأكثر من 3 ملايين طن من القمح، لكن انهيار الليرة السورية وهبوطها المتسارع أفشل مخططاته، ولم يستطع النظام فعليًّا مجاراة الحكومات الثلاثة من ناحية الأسعار التي جرى تحديدها. 
خصصت حكومة النظام حوالي 650 مليون دولار (400 مليار ليرة سورية) تقريبًا وهي 10% من الموازنة العامة، لشراء القمح من داخل البلاد وخارجها، ودأبت على شراء القمح من المزارعين السوريين مباشرة بأسعار مرتفعة، أعلى من أسعار استيراد القمح الروسي. بينما خصصت الإدارة الذاتية الحاكمة للشمال الشرقي في سوريا مبلغ 200 مليون دولار لمحاولة شراء كامل قمح الجزيرة السورية، ولو بسعر أقل بحوالي 10% من سعر حكومة النظام، مع العلم أن الكمية تزيد على حاجة سكان منطقة الشمال الشرقي. 
وحسب الكاتب السوري سنان حتاحت، في دراسته المعنونة بـ"الاقتصاد السياسي للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" والمنشورة على موقع "مسارات الشرق الأوسط"، فإن هيئة الاقتصاد والزراعة في "الإدارة الذاتية" تسعى إلى تنظيم أسعار القمح والشعير، وتشير التقديرات إلى أن "الإدارة الذاتية" اشترت في العام 2019 مليون طن تقريبًا من القمح، إضافة إلى الشعير والقطن، ما يمثل حوالي 40% من مجموع توقعات الإنتاج البالغ 2.7 مليون طن. 
أما "الحكومة المؤقتة" حددت سعر الطن الواحد من مادة القمح 220 دولارًا أمريكيًّا، بعد أن أصبح لدى المؤسسة العامة للحبوب عدد من مراكز تخزين، ويتبع لها ثلاثة مطاحن على الأقل، في إعزاز وعين البيضا وبزاعة، وهو إجراء بدأ في 2020 بعد أن أوردت تقارير عن استيلاء "الجيش الوطني السوري" على ثماني صوامع مملوءة بمخزون الحبوب الإستراتيجي وقام ببيعه "غنائم حرب". 
وأعلنت وزارة الاقتصاد التابعة للإنقاذ في يونيو (حزيران) 2019 عن استلام 4916 طنًّا، مقسمة بين 2441 طنًّا مستلمة في صوامع راعا، و2475 طنًّا في صوامع مدينة إدلب، وبلغت نسبة مجموع القمح القاسي المستلم 73%، إذ اشترت الطن بسعر 240 دولارًا في محاولة منها للاستغناء عن القمح والطحين المستورد والذي يأتي بأسعار أعلى عبر تركيا، في حين أن جميع الحكومات تبيع القمح لاحقًا بأسعار تبدأ بـ300 دولار للطن، كما أفاد "وسيم خضور" أحد تجار مدينة إدلب لـ"ساسة بوست". 
وحول محصول الزيتون، سأل "ساسة بوست" وزير المالية في الحكومة المؤقتة حول إيراداته للحكومة، فأجاب بأنه لا يدخل ضمن ميزانية الحكومة المؤقتة، وإنما يستفيد منه "جهات أخرى" لم يسمها، وهو ما يؤكد اتهام المحلل الاقتصادي جلانك عمر، أن التجار الذين يشترون إنتاج الزيت من الفلاحين الأكراد يعملون تحت إشراف "الجماعات المسلحة" المنتشرة في عفرين في إشارة منه إلى "الجيش الوطني السوري". 
ويوضح "عمر" أن القيمة السوقية لإنتاج الزيتون حوالي 150 مليون دولار حسب تقديره ولم يحصل المزارعون سوى على ثلث هذا المبلغ، هذا وتعد سهول منطقة عفرين التي تنتج زيت الزيتون ويمثل ذلك 70% من دخل أبناء المنطقة ذات الغالبية الكردية، حيث يتجاوز عدد أشجارها 18 مليون شجرة. 
اتهامات باستغلال الأموال للتسليح 
أوضح التقرير المالي لسنة 2019 الصادر عن "الإدارة الذاتية" ونشرته وكالة "هاوار" التابعة لها، أن مجموع النفقات والمصاريف خلال عام 2019، بلغ أكثر من 195 مليار ليرة سورية، منها أكثر من 128 مليارًا نفقات رواتب وميزانية الأقاليم التابعة للإدارة، بينما بلغت ميزانية الذراع العسكرية لها 67 مليارًا و24 مليونًا و546 ألفًا و600 ليرة، أما الفائض من الميزانية في عام 2019 بلغ وفق التقرير، ملياري ليرة. 
ويرى القيادي في "لواء الصقور" التابع للجيش الوطني، العقيد وفيق إدريس، "أن استغلال المعابر وإيرادات المواد الغذائية وغيرها من أنواع التجارة، بما فيها الضرائب، لرفد الجانب المسلح في مناطق المعارضة بكافة نواحيها هو أمر لا بد منه من وجهة نظر القادة، ولا سيما بعد تجفيف منابع الأسلحة من قبل الجهات الدولية التي كانت تتكفل بهذا الموضوع". 
ويضيف "إدريس" لـ"ساسة بوست": "أن المنظمات الدولية لا تدعم الجانب العسكري في سوريا، إنما توجه مشروعاتها نحو النازحين والقطاعات الخدمية، مما سبب إشكالًا لدى الفصائل المسلحة بشأن التسليح، ومن ثم سلكت طريق الاستيلاء على بعض القطاعات كصوامع القمح، وبعض المعابر، لدفع رواتب عناصرها وتذخير نفسها بالسلاح"، ويتماشى ذلك فعلًا مع كلام مصادر لـ"عنب بلدي"، إن عائدات معبر العيس يوزع قسم منها إلى "حكومة الإنقاذ" والآخر للأمور العسكرية الخاصة بـ"تحرير الشام". 
وفي دمشق وكما جرت العادة، تغيب بيانات إنفاق النظام السوري على السلاح خلال السنوات الأخيرة، باستثناء تقرير معهد ستوكهولم عن دفع دمشق عشرات ملايين الدولارات لموسكو وطهران، آخر المذكور منها 22 مليونًا مقابل أسلحة روسية عام 2017، وبحسب مركز "PWC" للأبحاث بالعام ذاته، في تقرير عن الإنفاق العسكري ونسبته بالنسبة للناتج القومي شمل معظم دول العالم، جاءت سوريا في المرتبة الثالثة بنسبة 8.49% وبإنفاق 1.8 مليارات دولار.