الرئيسة \  تقارير  \  4 سيناريوهات تعرقل رغبة واشنطن في خفض قواتها بالشرق الأوسطمحمد المنشاوي

4 سيناريوهات تعرقل رغبة واشنطن في خفض قواتها بالشرق الأوسطمحمد المنشاوي

26.05.2022
القدس العربي


القدس العربي
الاربعاء 25-5-2022
واشنطن- حافظت الإدارات الأميركية المتعاقبة على وجود كبير لقواتها في الشرق الأوسط على مدى 25 عاما الأخيرة. ورغم تركيز الرئيسين السابقين باراك أوباما ودونالد ترامب على منطقة المحيطين الهندي والهادي، ومحاولة تصفية الحروب في الشرق الأوسط؛ يبقى لواشنطن ما بين 40 و50 ألف جندي في المنطقة اليوم.
وتنتشر النسبة الأكبر من القوات الأميركية في دول الخليج العربي ومياهه، ويُقدر عددها بنحو 35 ألف عسكري، إضافة إلى نحو 7 آلاف عسكري يتوزعون على العراق وتركيا وسوريا والأردن ومصر.
ومع تجدد الدعوات لخفض الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط عقب الهجوم الروسي على أوكرانيا، الذي جاء في وقت يتراجع فيه اعتماد واشنطن على النفط والغاز الخليجيين، وانخفاض تهديد ما تسميها الولايات المتحدة "الجماعات الإرهابية"؛ تجددت المطالب بالتركيز على المخاطر المتمثلة في التهديدات الروسية والصينية.
من هنا أصدر مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية (CSIS) بواشنطن قبل أيام تقريرا مفصلا في 97 صفحة حول بدائل الانتشار العسكري الأميركي في المنطقة، ووضع عدة سيناريوهات مستقبلية قد تدفع متخذي القرار في واشنطن إلى إعادة حساباتهم، وفي الوقت ذاته حذّر التقرير من مخاطر الخفض غير المحسوب في أعداد هذه القوات وتسليحها وقدراتها.
تجدد الجدل بشأن جدوى بقائها
تنقسم آراء الخبراء الأميركيين بشأن مستقبل انتشار قوات بلادهم في الشرق الأوسط، ويجادل مؤيدو التخفيض الكبير لأعدادها وعدّتها بأنه ضروري بسبب المنافسة المتزايدة مع الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادي، وللتحدي الروسي في أوروبا، إضافة إلى تراجع اعتماد الولايات المتحدة على النفط والغاز الخليجيين، وانخفاض تهديد "الجماعات الإرهابية" مثل تنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة.
ومع ذلك، يؤكد آخرون أن الولايات المتحدة بحاجة إلى الحفاظ على وجود قوي في الشرق الأوسط لردع مزيج معقد من "الخصوم النشطين" في المنطقة والرد عليهم، من الصين وروسيا إلى إيران و"الجماعات الإرهابية".
في الوقت ذاته، يرى التقرير أن المصالح العالمية والإقليمية للولايات المتحدة ستتطور وتتغير في الوقت الذي يشهد أيضا تطوير الخصوم إستراتيجياتهم تجاه الشرق الأوسط.
مخاطر خفض الأعداد
ركز التقرير على أن هناك مخاطر جدية ستنجم عن الخفض الكبير في الوجود العسكري الأميركي بالشرق الأوسط على المدى القريب، مما قد يقلل من نفوذ واشنطن ويفيد المنافسين، ويضعف إستراتيجية "ردع الأعداء".
وقلل خفض القوات من ردع الصين عن توسيع وجودها في الشرق الأوسط، وردع روسيا التي لها وجود وقدرات متنامية في المنطقة، كما يستمر النفوذ الإيراني في لبنان وسوريا والعراق وأفغانستان واليمن.
ومن المرجّح أن يؤدي انسحاب واشنطن عسكريا من الشرق الأوسط إلى زيادة المنافسة بين إيران ودول مثل إسرائيل والسعودية، وهو ما قد يرفع احتمال الانتشار النووي.
ومن شأن خفض الوجود الأميركي أيضا أن يضعف قدرة واشنطن على حماية نقاط التدفق الحر للنفط والغاز إلى الأسواق العالمية.
ورغم استقلال الولايات المتحدة إلى حد كبير في مجال الطاقة، فإن حلفاءها وشركاءها يمكن أن يتأثروا بشدة بأزمة الوقود وسلسلة التوريد التي تعتمد على واردات النفط والغاز الطبيعي من الخليج، ومنهم اليابان والهند وكوريا الجنوبية وبعض دول الاتحاد الأوروبي.
ومن غير المرجح أن يملأ حلفاء الولايات المتحدة وشركاؤها هذا الفراغ، على الأقل في المستقبل المنظور، كما أن خفض القوات الأميركية يؤدي إلى مخاطر عودة "الإرهاب"، وهو أمر مثير للقلق في أعقاب الانسحاب الأميركي من أفغانستان واستمرار عدم الاستقرار في سوريا والعراق ولبنان واليمن وليبيا.
بدائل للتواجد العسكري الأميركي في المنطقة
يطرح التقرير الإستراتيجي 3 بدائل لمستقبل التواجد الأميركي في الشرق الأوسط:
بديل الحد الأدنى: ويشمل انسحاب جميع القوات الأميركية تقريبا من الشرق الأوسط، باستثناء قوة صغيرة قوامها أقل من 5 آلاف جندي للتعامل مع أية تهديدات قد ينتج عنها تهديد مستقبلي للمصالح الأميركية.
بديل المشاركة المحدودة: وينطوي على وجود عسكري أميركي يُقدّر بنحو 20 إلى 30 ألف عسكري، بهدف التعامل مع مجموعة من المصالح الأميركية المرتبطة بمراقبة الدول المنافسة في المنطقة ومواجهتها، مثل الصين وروسيا وإيران.بديل المشاركة القوية: ويشمل وجودا أميركيا يتراوح بين 40 و50 ألف عسكري لردع إيران و"التهديدات الإرهابية" والرد عليها، ومراقبة النشاط الروسي والصيني ومواجهته، وضمان حرية الملاحة.
وبعد تقييم فوائد هذه الخيارات ومخاطرها، يصل التقرير إلى استنتاج رئيسي يتمثل في أن مصالح واشنطن في الشرق الأوسط ليست بالأهمية نفسها التي كانت عليها قبل عقد من الزمان، لكن لا يزال لديها العديد من المصالح الأساسية.
سيناريوهات ومهام
تطرق التقرير لـ4 سيناريوهات قد تدفع واشنطن لزيادة تواجدها العسكري في المنطقة:
صراع مع إيران في الخليج.
عودة النشاط "السلفي الجهادي".
صراع بالوكالة مع روسيا في المشرق العربي.
عودة ظهور "الجماعات الإرهابية" انطلاقا من أفغانستان.
كما تضمن التقرير مراجعة لمصالح واشنطن بالمنطقة، وطالب التقرير الجيش الأميركي بضرورة التركيز على 4 مهام:
مراقبة النشاط الصيني والروسي ومواجهته.
مساعدة الشركاء في الرد على ما وصفه "بالعدوان الإيراني" وردعه.
تعطيل وإضعاف ما يصفها "بالمنظمات الإرهابية" التي تهدد مصالح واشنطن.
حماية حرية الملاحة والوصول إلى النفط.
وجود متوسط مع دعم تقني
ويخلص التقرير إلى أن الولايات المتحدة يجب أن تحافظ على وجود متوسط العدد، لكنه مصمم خصيصا لظروف وأزمات المنطقة، حيث يتراوح مجموع القوات بين 20 و30 ألف عسكري.
وطالب التقرير بالإبقاء على القوات الأميركية في العراق، البالغ عددها نحو 2500 جندي يشاركون أساسا في تقديم الدعم الجوي والتدريب وتقديم المشورة والمساعدة للقوات العراقية.
كما أشار التقرير إلى ضرورة الإبقاء على الوجود الأميركي العسكري المحدود في سوريا لمواجهة النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة، والحفاظ على توازن القوى الإقليمية.
ونصح التقرير الإدارة الأميركية بالاستمرار في تدعيم قدراتها السيبرانية (التقنية والإلكترونية) التي تتكامل مع الشركاء والحلفاء، خاصة مع امتلاك الصين وروسيا قدرات سيبرانية وفضائية مضادة كبيرة يمكن استخدامها في الشرق الأوسط ضد الولايات المتحدة وشركائها.
كما أن إيران ضاعفت قدراتها السيبرانية الهجومية، وتمتلك بعض القدرات الفضائية المضادة بقيادة القوة الجوية الفضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني.
وفي النهاية، يشير التقرير إلى أنه -وعلى المدى الطويل- لا ينبغي أن يكون موقف الولايات المتحدة بخصوص انتشار قواتها في الشرق الأوسط جامدا ثابتا؛ فقد تدفع تطورات مختلفة -مثل التوصل لاتفاق نووي مع إيران، أو عدم سعي الصين للبحث عن نفوذ عسكري في المنطقة، أو استمرار إضعاف "الجماعات الإرهابية"- الولايات المتحدة إلى تبنبي إستراتيجية خفض أعداد قواتها في الشرق الأوسط.
المصدر : الجزيرة