الرئيسة \  واحة اللقاء  \  " السوخوي " تفتح المشهد أمام كل الاحتمالات

" السوخوي " تفتح المشهد أمام كل الاحتمالات

28.11.2015
محمد كعوش



الرأي الاردنية
الخميس 26/11/2015
عندما كنت اتابع تطورات الاحداث الساخنة في المنطقة يوم امس ، تذكرت ذلك القول البريطاني المأثور ، ما معناه :" قبل ان تصل الكأس الى الشفتين تحدث امور كثيرة " ، وأنا ارى ان الامور كثيرة وخطيرة في المشهدين الاقليمي والدولي ، خصوصا بعد اسقاط الطائرة الروسية فوق الاراضي السورية قرب الحدود مع تركيا ، والتي وصفها الرئيس الروسي بوتن بانها " طعنة في الظهر سيكون لها عواقب وخيمة ".
الحقيقة أن لا احد يعرف متى وكيف وأين ستنتهي تداعيات هذا الحادث الخطير الذي فجّر ازمة لا حدود لها ، كما لا نعرف ماذا كان يدور في بال الرئيس التركي اردوغان  عندما قامت طائراته باسقاط طائرة السوخوي الروسية ، وهو يعلم انها تقصف مواقع التنظيمات الارهابية ولا تهدد امن تركيا.
الثابت أن اردوغان يعرف مدى خطورة اللعب مع روسيا ، أو "ممازحة الدب الروسي" ، لذلك اسرع الرئيس التركي بالذهاب الى حلف الاطلسي "الناتو" مستجيرا خوفا من تبعات هذه العملية العسكرية الخطيرة. واللافت أن الرئيس الاميركي سارع الى الاعلان ان من حق تركيا الدفاع عن اجوائها ، ولكنه اضاف فأشار الى حدوث تقدم في الحرب على تنظيم "داعش"، على الرغم من عدم انضمام الولايات المتحدة الى جانب روسيا في الحملة ضد الارهاب ، وليس لها حتى الان اي دور عسكري فاعل في ضرب المنظمات الارهابية.
اما بالنسبة لموقف روسيا ، فالقادة في الكرملين يعرفون نوايا واهداف ومقاصد الرئيس اردوغان من هذه العملية الخطيرة ، خصوصا من حيث التوقيت ، ومن خلال الربط بين أحداث كثيرة حصلت ، في مقدمتها ، في مؤتمر العشرين في اسطنبول ، اشار الرئيس بوتن باصابع الاتهام الى دول ، ومن بينها تركيا ، تقوم بتدريب وتمويل التنظيمات الارهابية. وعقب ذلك بدأت الطائرات الروسية بقصف اسطول الصهاريج الذي يستخدمه " داعش " في تهريب النفط السوري الى تركيا ، كما قصفت الطائرات خزانات النفط في الحقول التي يسيطر عليها " داعش ".
هذه التطورات في الموقف ، لا شك انها اثارت غضب الحكومة التركية ، كما استفزت اردوغان بذاته ، خصوصا أن القصف الجوي الروسي لمواقع الارهابيين قد حقق نجاحا كبيرا وسريعا انعكست نتائجه على الارض ، حيث بدأ الجيش السوري بالتقدم والتوسع في الارياف ، وعلى كافة الجبهات ، بعد دحر المسلحين المتطرفين. وبالتالي هذه النتائج انعكست بشكل ايجابي مشجع على صعيد الجهود الروسية الساعية الى حل سياسي للازمة السورية عبر التفاوض والحوار بين الاطراف السورية المعنية ، وهو الواقع الجديد الذي لا يرضي تركيا واهدافها واحلامها ونواياها.
في خضم هذا البحر من التصعيد قد يكون في بال اردوغان جر روسيا الى مواجهة عسكرية مع حلف الناتو ، او أنه اراد خلط الاوراق بنشوب حرب اقليمية مفتوحة تستنزف الجيش الروسي ، ولكن حلف شمال الاطلسي اكتفى ، بعد التشاور والتداول ، الى الدعوة لعدم التصعيد واستئناف الاتصالات العسكرية بين البلدين ، الا ان هيئة الاركان في موسكو اوقفت كل الاتصالات والتنسيق العسكري مع انقرة ، وهددت بتدمير كل هدف يحاول استهداف عملياتها في سوريا ، كما الغى وزير الخارجية لافروف زيارته المقررة الى تركيا.
في النهاية ، وفي ضوء هذه التطورات المتسارعة ، لا أعتقد ان موسكو التي عزمت أمرها ، واتخذت موقفها الحازم النهائي ، بالتقدم الى آخر الطريق ، ستكتفي بهذه الخطوات ، لأن الرد يجب ان يتناسب مع اندفاع الرئيس بوتن في حربه ضد الارهاب في سوريا ، والعودة الى المنطقة بقوة. لذلك ربما ستغير حادثة طائرة السوخوي قواعد المواجهة في سوريا ، وقد يشهد الشمال السوري حربا جديدة في نوعها ، تستهدف منطقة النفوذ التركي في سوريا.
قادة الكرملين يرون اليوم ، أن الوقت قد حان لتسمية الاشياء باسمائها ، وعدم ترك الامور عائمة بهدف التمويه وتضليل الشعوب ، وبالتالي سيكشفون الغطاء عن المواقف الحقيقية للدول والتحالفات امام الامم والشعوب ، وليسهل الفصل والتمييز بين من هو جاد وفاعل في محاربة الارهاب وبين من يدعم الارهاب ويقوم بتدريبه وتمويله ودعمه اعلاميا وسياسيا على الصعيدين الاقليمي والدولي .