الرئيسة \  واحة اللقاء  \  يحاصرون غزة ليرموا لها صفقة القرن

يحاصرون غزة ليرموا لها صفقة القرن

17.07.2018
رأفت عسليه


القدس العربي
الاثنين 16/7/2018
تابعنا قبل أيام الإجراءات الإسرائيلية العقابية الجديدة بحق قطاع غزة ، والتي أعلن عنها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ، وأوضح بأن إجراءاته تشمل إغلاقا للمعابر، ومنع إدخال الكثير من السلع الأساسية التي يحتاجها سكان القطاع ، وتقليص مساحة الصيد ، زاعما أن هذه الخطوة جاءت للرد على اطلاق الطائرات الورقية من غزة ، واستمرار مسيرات العودة الكبرى المنتشرة على الحدود الشرقية للقطاع ،والتي قطعت شوطا كبيرا من خلال صمودها لأكثر من مئة يوم ، وتحقيقها انجازات عديدة أبرزها التخبط الإسرائيلي ، وإعادة غزة لسلم أولويات المجتمع الدولي.
قبل أن نخوض في عمق الإجراءات الإسرائيلية التي بدأت إسرائيل فعليا بتنفيذها ، وكان أولها تقليص مساحة الصيد في بحر غزة من 9 أميال إلى 6 أميال ، لا بد أن نشير أن الطائرات الورقية هي وسيلة للمقاومة السلمية ، ويجب التعامل معها على هذا الأساس ، فهذا يعطي أهمية بأن إجراءات الاحتلال لا علاقة لها بهذه الطائرات ، فالاحتلال لم يقدم على مثل هذه الخطوات في غمار المواجهة العسكرية مع غزة ، وتكبده الخسائر في معارك خاضها جيشه المنهزم مع القطاع الذي أثبت جدارته بالحياة ، وقدرته على الدفاع عن نفسه في كل وقت . أما المغزى من إجراءات نتنياهو بحق القطاع ، سياسية بحتة ، وجاءت بعد لقاءات مكثفة مع المسؤولين الأمريكيين ، ومن يدعمون صفقة القرن ، كونهم يعتقدون أن إحكام الخناق ، والحصار على غزة ، من شأنه بث روح اليأس في قلوب سكان القطاع ، المليء بالأزمات ، وهذا يساعد بشكل أساسي في قبول أي عرض أمريكي سيطرح فيما بعد للتخفيف عن السكان لتمرير صفقة القرن التي يجزم ترامب والإدارة الأمريكية بأنها ستتحطم على صخرة الصمود الغزية ، التي رفضت على مدار الصراع مع إسرائيل أي صفقات أو إغراءات تمس بالمشروع الوطني والثوابت الوطنية الفلسطينية غير القابلة للتصرف أو التنازل . الإدارة الأمريكية تعتقد أن الضغط يولد الانفجار ، وأن مزيدا من الإجراءات العقابية سيثقل كاهل غزة وأهلها ، ما يجعلهم يقبلون بما يطرح عليهم من صفقات ولو جاءت على حساب ثوابتهم، وما ناضلوا من اجل منذ احتلال فلسطين. الجوع من أفتك أنواع الأسلحة التي يمكن أن تقضي على إرادة الشعوب ، وتغيير مصير دول ، وهنا يجب على أصحاب القرار الانتباه الجيد ، بما يتربص قضيتنا الوطنية ، ويجعل القبول بأي، خطوة من الصعب العودة عنها كما حدث في اتفاق أوسلو المذل ، الذي يدفع شعبنا ثمنه حتى يومنا هذا من خلال ما يحمله من بنود تفرض الهيمنة الاقتصادية ، والأمنية الإسرائيلية على المناطق الفلسطينية حتى تلك التي تخضع لحكم السلطة الفلسطينية.
درسنا التاريخ الفلسطيني بشكل جيد ، ولم يكتب يوما أن المقاومة تنازلت عن ثوابتها حينما تجوع ، وتربينا جميعا على أن الفدائي إذا ما جاع ينهش من لحم مغتصبه ، دون أن يرفع الراية البيضاء ، فحصار بيروت ، وحصار مخيم جنين ، والحروب المتلاحقة الفتاكة على غزة خير شاهد على عدم تفريط المقاومة بأي حق من حقوق شعبنا الصابر ، ولكن يجدر بنا التحذير من الطرق الالتفافية ، والخبيثة التي قد تنتهجها الإدارة الأمريكية وإسرائيل لتنفيذ صفقة القرن بطرق غير مباشرة ، كتلك الطرق التي حاولت العصابات الصهيونية شراء أراضي الفلسطينيين منهم قبل النكبة بطرق غير مباشرة وغير شرعية ، ولكن سرعان ما تصدى شعبنا لهذه الأمور واستطاع أن يلجم سماسرة الأوطان ومن يتعاون معهم. وهذا ما نأمله من الفصائل الفلسطينية ، وأصحاب القرار وذوي الاهتمام بضرورة التحذير وتوعية المجتمع الفلسطيني بمخاطر المرحلة المقبلة ، وأن لا يكون آخر همنا الحصول على إغراءات مادية مقابل بيع الوطن بصورة مباشرة أو غير مباشرة.