الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل يطول بنا الانتظار يا ثوار مدينة حماة؟

هل يطول بنا الانتظار يا ثوار مدينة حماة؟

28.03.2017
الطاهر إبراهيم


القدس العربي
الاثنين 27/3/2017
بداية أستعجل فأقول: إن سوريا جسد واحد ومدنها وبلداتها أعضاء فيه لا يستغنى عن واحدة منها. اشتركت جميعها في التاريخ النضالي في عهد الاستعمار الفرنسي.
ومنذ أن انطلقت ثورة آذار المباركة وحتى اليوم، لم تتوان أي بلدة، كبيرة كانت أو صغيرة، عن المشاركة في عبء هذه الثورة وإن تأخر بعضها عن البعض الآخر في الثورة، لكن هامش المشاركة لم يتأخر إلا لأشهر قليلة حسب ظروف كل مدينة وبلدة.
كنا نقول قبل انطلاق الثورة أن درعا هي مدينة النافذين في حزب البعث، لكنها كانت المدينة الأولى بتقديم الشهداء للثورة، وتبعتها مدينة دوما، ثم الرستن ثم قرى جبل الزاوية، ثم انتشرت الثورة انتشار النار في الهشيم في كافة محافظات القطر وبلداته. لقد كانت قلوب كل السوريين تمتلئ ألما وغيظا على حكم الطائفة وحكم العائلة واحتكار أسرة الأسد ومخلوف وشاليش خيرات سوريا، رافقه إفقار وتجويع واستعباد للشعب السوري.
في خضم هذا الإعصار الذي عصف بسوريا وانتظمها كلها بما فيها محافظات الساحل إلا بؤرا محصورة حول القرداحة وطرطوس، كانت الأنظار تتجه نحو «حماة» المدينة التي ضربت أروع الأمثلة في ميدان الشهادة والموت في عام1982عندما حاصرتها قوات البطش والتنكيل ممثلة بسرايا دفاع رفعت الأسد والوحدات الخاصة التي يقودها الضابط النصيري «علي حيدر» وفروع المخابرات العسكرية، وذلك خلال شهر كامل وما رافق ذلك من تعتيم إعلامي ضربته واشنطن حول سوريا، إلا ما كان من جريدة «التيمز» اللندنية التي دخل محررها روبرت فيسك إلى حماة المحاصرة ونقل التقارير من داخل حماة المحاصرة. أقول كانت الأنظار تتجه نحو حماة التي أصبحت انشودة القاشوش (ارحل يا بشار) على كل شفة ولسان وعمت المظاهرات حماة وانخراطت في الثورة التي عمت سوريا كلها من أقصاها إلى أقصاها.
لكن نظام بشار قابل مظاهرات السوريين بالقمع والقتل والاعتقال، وأصبحت المدن والبلدات مسرحا لمذابح يقيمها شبيحة بشار في كل المدن. لم يكذّب ريف حماة خبرا. فقد انطلقت بلداته تشارك في الثورة. فانضم ريف حماة الجنوبي إلى ريف حمص الذي تقوده الرستن وتلبيسة، كما ساهمت بلدات الغاب مع ريف إدلب في محاصرة قرى سفوح جبل العلويين، وانضمت مورك وحيش وصوران وماجاورها إلى خان شيخون وباقي ريف إدلب الجنوبي. حاصر الثوار مدينة حماة من كل الجوانب حتى اقتربوا من مطار حماة الذي كان يزود الطائرات بالبراميل التي أهلكت الحرث والنسل وكادوا يوقفـون حركة الطيران فيه. كان ثوار ريف حمـاة يتطلعون إلى قيادات العمل الوطني في مدينة حمـاة لـيرفدوا إخـوانهم في الـريف بالـشباب الحـموي الذي كان يتحـرق للدخـول فـي المعركة. لـكن طال الانتظـار.
كانت الحاجة ماسة لمشاركة مدينة حماة عندما حوصرت أحياء حلب القديمة. وقام جيش الفتح مرتين بمحاولة فك الطوق عن أحياء حلب القديمة أواخر عام 2016 واستطاع جيش الفتح أن يتصل بالمحاصرين داخل المدينة القديمة. سحب النظام عناصره من حماة ودمشق وزجها في قتال جيش الفتح. وانتهى الأمر بفشل المحاولتين، بعد أن تضافرت قوات إيران مع الميليشيات الممولة منه مع بقايا جيش النظام وبقايا حزب الله وتعززها طائرات المجرمين الروس لإجهاض جيش الفتح، وتم تهجير أهالي حلب القديمة.
اليوم تقاتل فصائل غوطة ومعسكر القابون، وتشن هجوما واسعا عبر ساحات العباسيين وعبر شارع فارس الخوري في دمشق، وتقوم بهجمات جريئة على نظام الفساد والجريمة، وتقاتله يحدوها إيمان بالله أن تنال من عدوها الذي توحش وأفحش في ظلم السوريين.
وحتى لا يكون مصير هجوم هذه الفصائل كمصير جيش الفتح في حلب، قام ريف حماة بهجمات صاعقة استعاد فيها بلدة صوران وبلدة معردس وحاصر بلدة القمحانة على تخوم مدينة حماة.كما قصف جيش «العزة» مطار حماة وصار على بعد كيلومترات قليلة منه، واضطر النظام أن يسحب قواته التي تحرس مداخل حماة الجنـوبية.
ودخل فيلق الرحمن وجيش الإسلام وهيئة تحرير الشام في معارك كر وفر مع النظام في غوطة دمشق، واستعاد الثوار بعض المواقع وردوا بهجوم معاكس استعادوا فيه ما خسروه وأضافوا إليه مواقع الشركات الوطنية التي كانت ترفد اقتصاد سوريا بالكثير من المنتجات مثل الشركة الخماسية وسيرونيكس وشركة توليد الكهرباء التي تغـذي مدينـة دمشـق وضواحيـها.
استطرادا كما قلت سابقا، لو أن الجبهات السورية المقاتلة تحركت وقاتلت النظام كل في جبهته أثناء قيام جيش الفتح بتحرير مدرسة المدفعية والكليات العسكرية في الراموسة، لما استطاع النظام إجهاض تحرك جيش الفتح.
استفرد النظام المجرم بالمدن السورية واحدة بعد الأخرى: خرجت حمص من المعركة بعد أن أثخنتها الجراح. وخرجت داريا بعد أن لم يبق فيها مقاتل واحد.
أما درعا فقد ذهب بعض قادة الفصائل إلى الأردن ولا أحد يدري لماذا ذهبوا وتركوا الساحة؟ أما حلب القديمة فلم تلق السلاح إلا بعد أن لم يبق فيها إلا أصحاب الخوذ البيضاء. وأما حماة وما أدراك ما حماة؟ فما زلنا ننتظر، فهل سيطول الانتظار؟
ومما يؤسف له أن يقف قيادي من مدينة حماة يعيش في المنفى ليقول: «إن قرار مشاركة حماة في القتال لم يحن بعد»،فلماذا لم يحن بعد؟ وهل شاركت كل المدن السورية إلا مضطرة للدفاع عن نفسها؟ لكن:
(إذا لم تكن إلا الأسنة مركبا فما حيلة المضطر إلا ركوبها)
 
كاتب سوري