الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل منح الجنسية التركية للسوريين يقلق الأتراك؟

هل منح الجنسية التركية للسوريين يقلق الأتراك؟

15.01.2017
وائل عصام


القدس العربي
السبت 14/1/2017
يرمق أحد الموظفين الأتراك شابا سوريا بنظرة امتعاض، ثم يسأله في أحد المصارف التركية في إنطاكيا.. هل حصلت على الجنسية التركية أم لا؟ غدا ستمنحك الحكومة التركية الجنسية وقد تصبح رئيس بلديتنا ربما..
لا يتعلق الأمر بالقلق على المنافسة في الوظائف والسوق التجاري فقط، وهو عامل قد يظهر في المناطق التركية عموما، بل أن هناك ما هو أكثر أهمية وحساسية بالنسبة لبعض شرائح المجتمع التركي، وهو التوازن العرقي والطائفي. فبالنسبة للعلويين خصوصا في إنطاكيا، فإن موضوع تجنيس السوريين السنة يثير حفيظة الأغلبية منهم، تماما كما يثير موارنة لبنان عندما تطرح أي قضية تتعلق بدمج الفلسطينيين بالمجتمع اللبناني .
ورغم أن نسبة الاتراك السنة غالبة في تركيا، إلا أن بعض المحافظات تعيش حالة استقطاب مع العلويين، خصوصا عندما يتساوى أو يقترب عدد المنتمين لكل طائفة، كما في إنطاكيا، التي أدى تحشد العلويين خلف قائمة حزب الشعب الجمهوري المعارض لفوزه في انتخابات المحافظة الأخيرة، رغم ان نسبة السنة اعلى، لكنهم تفرقوا، كالعادة، على قائمتي حزب العدالة، والقومي ليخسر الحزبان. وهو الأمر الذي انعكس في الانتخابات البرلمانية الأخيرة عندما انضم نصف جمهور الحزب القومي لحزب العدالة في سبيل تعزيز فرصه بالفوز، وهو ما حصل .
وبسبب هذه الاعتبارات والحساسيات، منعت الحكومة التركية منح الإقامات للأجانب في محافظات حدودية تشهد توترات كإنطاكيا، لكن مخاوف العلويين وبعض قادة المعارضة تبدو ماثلة على المدى الطويل، اذ يتهم بعض السياسيين والمعلقين وبعض السكان المحليين حزب العدالة بسعيه لاستثمار قضية تجنيس السوريين لتعزيز قاعدته الحزبية، على الرغم من أن الأرقام تشير بوضوح إلى أن قاعدة حزب العدالة الواسعة لن تتاثر بشكل فارق لو أضيف لها بضع آلاف من اللاجئين المجنسين..
وعلى الرغم من ان عملية منح الجنسية للسوريين ما زالت بطيئة، واعداد المجنسين لا تكاد تذكر مقارنة بمئات الالاف من السوريين في تركيا، إلا أن الفترة المقبلة قد تشهد ازدياد وتيرة التجنيس لشريحتين، أصحاب الكفاءات، والأموال، وطبعا اصحاب الواسطات. وقد حصل بالفعل عدد من الشباب المتميزين في مجالات عدة على الجنسية، وبدأ آخرون من اصحاب الكفاءات بتجهيز ملفاتهم للتقديم. أما اصحاب الاموال ورجال الاستثمار فقد منحتهم الحكومة التركية حق الحصول على الجنسية بمجرد إيداع مبلغ ثلاثة ملايين دولار في مصرف تركي لثلاث سنوات، أو شراء عقار في تركيا بمبلغ مليون دولار، في حزمة قوانين أصدرتها الحكومة ونشرتها قبل يومين فقط في الصحف العامة .
قضية التجنيس ستبقى مسألة تثير المخاوف في البلدان المنقسمة عرقيا وطائفيا، حيث تعيش الأقليات خوفا مزمنا من تزايد عزلتها وتضاؤل دورها بين الاكثرية، على الرغم من أن الكثير من هذه الجماعات وفدت للبلاد يوما ما في الماضي وحصلت على المواطنة وحقوق الإقامة دون اعتراض من أصحاب البلاد الاصليين.
كاتب فلسطيني من أسرة "القدس العربي