الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل ستهاجم تركيا حزب العمال الكردي في عفرين السورية؟

هل ستهاجم تركيا حزب العمال الكردي في عفرين السورية؟

20.01.2018
رأي القدس
رأي القدس


القدس العربي
الخميس 18/1/2018
أثار إعلان التحالف الدولي الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة الأمريكية العمل على تشكيل جيش قوامه 30 ألف مقاتل يقوده أتباع حزب العمال الكردستاني التركي داخل سوريا، ويقوم بحراسة الحدود السورية مع تركيا والعراق، مجموعة من ردود الفعل الدولية الكبيرة.
أكثر هذه الردود عنفاً تمثل بالتصريحات الرسمية التركية والتي تبعتها مجموعة من الاستعدادات العسكرية للهجوم على مدينة عفرين، المعقل الرئيسي للحزب في سوريا، والحاضنة الشعبية التي وفّرت للحزب على مدى العقود الماضية آلاف العناصر الذين قاتلوا في صفوف الحزب داخل تركيا نفسها.
أسباب تركيا لهذا التوجّه كثيرة أوّلها، بالطبع، اعتبارها القرار الأمريكي تشريعاً لدولة كرديّة مقبلة، وهي دولة تراها السلطات التركيّة خطراً وجوديّاً عليها لأنها ستكون قاعدة ممكنة لشنّ الهجمات داخل تركيا، وربما للتوسّع وضمّ المناطق التي يعتبرها الحزب أراضيه داخل تركيا نفسها.
النقلة الأمريكية الخطيرة استدعت، عمليا، الردّ التركي، ولكنّ بالنظر إلى أن كل خطط السلطات التركية السابقة كانت تواجه برفض أمريكي واضح، فهل وصل الأتراك إلى ما يمكن اعتباره حافّة الهاوية التي لا يمكن قبول السقوط فيها، وباتوا مستعدّين لاجتياز الخطّ الدولي المانع للهجوم على حزب العمال، أم أن هذا الخطّ لم يعد موجوداً بعد تصريحات متحدثين من وزارة الدفاع الأمريكية أمس تؤكد أن قوات الحزب في عفرين "ليست جزءاً من العملية الأمريكية ضد تنظيم الدولة"، وأنها لا تقوم بدعم تلك القوات عسكريا؟
الغطاء العسكريّ/السياسي الأمريكي لحزب العمال الكردستاني على مدار السنوات الماضية لم يكن المتحوّل الوحيد في المعادلة السورية الشديدة التعقيد، فالحزب كان أداة لاستخدام النظام السوري له منذ بدء الثورة عام 2011 ضد كل الأطراف الكردية التي تعاطفت مع تلك الثورة، كما استطاع فتح خطوط على الروس، الذين يريدون مماحكة الأتراك به، ومنافسة رعاته الأمريكيين، وخطوط أخرى مع الإيرانيين بحيث تم تبادل منافع ومصالح الطرفين في سوريا وإيران والعراق، وكذلك مع الأوروبيين الذين سمحوا لمتطوّعين من جنسيات أوروبية بالقتال معه، وزوّدوه بأشكال عديدة من الدعم العسكري.
وفّر كل هؤلاء الرعاة والداعمين لحزب العمال مجالا واسعاً للحركة، لكنّه أجّج مشاعر تاريخية عميقة لدى الأتراك بأن خطة الحلفاء القدامى في الحرب العالمية الأولى (الروس والبريطانيون والفرنسيون) لتحطيم بلادهم قد تمت استعادتها مجدّدا وأن حزب العمال هو أداة تنفيذها الكبرى بعد سقوط محاولة الانقلاب العسكري الأخيرة صيف عام 2016.
الخطّة التركيّة لكسر شوكة الحزب في عفرين تحتاج إلى تخلّي واشنطن عن حليفها الكرديّ هناك، وهو أمر صعب لكنه ممكن إذا اعتبره الأمريكيون ثمناً معقولا للاعتراف التركي بخطتهم للسيطرة على منطقة شرق الفرات، كما يحتاج لموافقة روسيّة، وهو أيضاً أمر صعب لأنه يحتاج إلى هبوط الروس عن شجرة قناعتهم بأن سيطرتهم على سوريا بالكامل اقتربت، ولكنّ الموافقة قد تكون ضرورية لإعادة الأتراك إلى مسار سوتشي، وربّما لانتهاز الفرصة لانتزاع مناطق ما تزال تحت هيمنة فصائل معارضة تدعمها أنقرة.
المعركة، في النهاية، هي معركة تركيّة لأنها تقوم بين طرفين تركيين، أو هي بالأحرى، معركة على تركيا نفسها، ولكنّها، بالضرورة ستؤثر على مسارات الأحداث اللاحقة في سوريا، وبالتالي هي أيضاً معركة على سوريا.