الرئيسة \  واحة اللقاء  \  هل أصبح دي مستورا شريكا مضاربا في قتل أطفال سوريا؟

هل أصبح دي مستورا شريكا مضاربا في قتل أطفال سوريا؟

06.02.2016
الطاهر إبراهيم



القدس العربي
الخميس 4-2-2016
فاجأنا المندوب الدولي إلى المفاوضات السورية ستيفان دي مستورا بشريط مصور بالإنكليزية مع تسجيل صوتي مرفق بالعربية مناشدا الجائعين والمرضى السوريين مساء يوم 29 كانون الثاني/يناير: "إلى كل رجل، إلى كل امرأة، إلى كل طفل وطفلة من سوريا، سواء كانوا بداخل سوريا أو خارجها، في مخيمات اللاجئين أو في أي مكان كان. ستنعقد خلال الأيام القليلة المقبلة ما نسميها بالمحادثات السورية أو المفاوضات، ولا يمكن لهذا المؤتمر أن يفشل". نسي دي مستورا أنه ومنذ أن عينته واشنطن وموسكو في منصبه لم يترك لحظة واحدة إلا ووضع نفسه في خدمة القاتل بشار أسد، وهو اليوم يكمل ما بدأه بشار في قتل السوريين وتجويعهم.
شعر دي مستورا أنه احتقر عندما رفضت المعارضة السورية حضور مؤتمر جنيف إذ رفضت ابتداء الحضور ما لم تنفذ البنود الإنسانية في القرار 2254، فأراد أن يستجدي الذين جوعهم، وكان قد نسي أن دماء السوريين وتشريدهم لم يحركا فيه عرقا.
يأتي دي مستورا اليوم ليستجدي السوريين ويتوسل إليهم بعدما شارك في تجويعهم، بل وشارك في قتلهم عندما أغمض عينيه على قصف طائرات روسيا، حيث لم يضع في برنامجه فرض وقف هذا القصف الروسي اليومي الذي أهلك الحرث والنسل قبل مؤتمر جنيف وما يزال.
بل إن دي مستورا خذل السوريين لأنه لم يعمل على تطبيق ما جاء في قرار مجلس الأمن الرقم 2254 في بنوده 12و13، وهو السياسي المخضرم الذي يفهم القرارات الدولية المعتمدة بإجماع أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر وأن الفقرتين 12و13اللتين وضعهما مجلس الأمن إنما وضعهما لتنفذا لا ليتفاوض عليهما. لكن دي مستورا أراد إكمال ما بدأه المجرمون الثلاثة بشار أسد وحسن نصر الله، ومؤخرا الرئيس الروسي فلاديمير بوتن.
إذا كان الشعب السوري لم يستشر في تعيين دي مستورا وسيطا دوليا،ولا من جاء قبله الوسطاء كوفي أنان والأخضر الإبراهيمي، لكنه عندما جرب دي مستورا ترحم على "النباش الأول".
الوسيط الدولي يجب أن يكون حكما عدلا بين من توسط بينهم دون أن ينحاز إلى أحد الطرفين ،لا كما فعل دي مستورا الذي انحاز كليا، وكان قد جعل قبلته قصر بشار يذهب إليه ويجيء منه "سري مري"، بينما لم يحظ منه الشعب السوري الذي دمرته براميل بشار بالتفاتة واحدة. أما في جنيف فهو يقول لمفاوضي المعارضة في اللقاءات المغلقة إن البنود الإنسانية في القرار 2254 هي أمور فوق التفاوض، وإذا خرج إلى الصحافيين قال إنها فوق اختصاصه.
نزل المفاوضون السوريون عند تأكيدات كيري وذهبوا إلى جنيف بعد أن استشاروا أصدقاءهم القلائل (وهي ثلاث دول فقط)، ولا نرى قرار الذهاب إلى جنيف سوءا كله. على الأقل عليهم "الذهاب وراء الكذاب إلى الباب". وبعدها لكل حادث حديث! لكن عليهم أن يعودوا من حيث أتوا إذا ما رأوا دي مستورا يرفض تنفيذ البندين 12 و 13، وإلا يكونوا فرطوا في الأمانة.
استطرادا فإن الشعب السوري لن يخسر كثيرا إذا فشلت هذه الجولة، وسيكمل طريقه كما فعل يوم ثار على الأحمق بشار الأسد وضحالته السياسية وأجندته الطائفية، وما ورثه عن أبيه حافظ الأسد من حقد دفين حيث ورطه ضباط علويون أن يسير في درب شائك موحش مغلق من الأمام ومن الخلف فلم يعد يبصر طريقه. كما أنه قد سلّط شقيقه ماهر الأسد، المملوء عقدا نفسية، على مقدرات الجيش، وهو المعروف عنه انعزاله، ما جعل الجيش السوري يتفكك ويبدأ ضباطه الأكفاء ينشقون عنه. هذا الشعب يعرف كيف يقاتل بشار وحزب الله وإيران وميليشياتها مرة ثانية إذا وجدوا أن دي مستورا يريد أن يخدعهم.
إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يراقب الساحة السورية عن كثب فيظنها فرصة سانحة أن يحاول فرض أجندته الصليبية في سوريا، وتبدأ طائراته تحصد المدنيين السوريين لا تفرق بين امرأة وطفل وشيخ،ويزعم أنه إنما يقصف الإرهابيين فتخضع واشنطن لابتزازه، فأراد أن يجرب حظه. فكان بوتين هذا ثالثة الأثافي، وقد اكتمل به عقد المجرمين الثلاثة: بشار الأسد وحسن نصر الله، وبوتين.
تبقى الكلمة الأخيرة للشعب السوري، الذي ليس من طبعه الاستسلام.