الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ملهاة نتنياهو ومأساة الممانعة

ملهاة نتنياهو ومأساة الممانعة

03.05.2018
رأي القدس
رأي القدس


القدس العربي
الاربعاء 2/5/2018
اختار رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مقرّ الجيش في تل أبيب فعقد مؤتمراً صحافياً أعلن خلاله أن الاستخبارات الإسرائيلية تمكنت من حيازة وتهريب عشرات الآلاف من الوثائق السرية الإيرانية التي تثبت أن طهران تمتلك كامل مكونات تصنيع السلاح النووي، ولديها مشروع سري لتصميم وإنتاج واختبار رؤوس حربية، وبرامج تطوير صواريخ بالستية يبلغ مداها 1300 كيلومتر.
وكعادته، وهو الآتي إلى السياسة عبر شاشات التلفزة في الأصل، اختار نتنياهو العرض المسرحي والتشويق البوليسي، لكنه بدل أن يقدم صورة لمدفع يتصاعد منه الدخان، اكتفى بتقديم صورة فوتوغرافية لمدفع عفا عليها الزمان، حسب الخلاصة الساخرة التي اقترحها أحد المعلقين الإسرائيليين في صحيفة "هآرتس". أو، كما كتبت كاثرين فيليب في صحيفة "التايمز" البريطانية، انساق نتنياهو إلى تقديم "استعراض مسرحي لا جديد فيه"، لأن وكالة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة كانت على علم بتفاصيل هذه الوثائق منذ عام 2011.
وخلف التوقيت الذي اختاره نتنياهو لعقد هذا الفاصل، تكمن ثلاثة سياقات على الأقل:
السياق الأول: أن المهلة المتبقية أمام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإعلان قراره البقاء ضمن الاتفاق النووي مع إيران أو الانسحاب منه، باتت مسألة أيام. ومن الطبيعي أن تشارك دولة الاحتلال في تسخين الأجواء واختلاق مناخات دراماتيكية تبرر قرار الانسحاب، ولتحقيق هذا الغرض انخرط كبار المسؤولين الإسرائيليين في جولات مكوكية على العواصم الغربية لشرح عواقب تجديد الاتفاق. كذلك لم يكن غريباً أن ينتظر الرئيس الأمريكي 30 دقيقة فقط كي يعلن أن ما قاله نتنياهو يثبت أن ترامب كان على حق 100٪ في انتقاد الاتفاق.
السياق الثاني: هو حاجة نتنياهو إلى استيحاء طراز من المرجعية التاريخية حول السلوك الواجب على إسرائيل اتباعه إزاء البرامج النووية في محيطها العربي والإقليمي، وتلك مرجعية يفضل أن تتخذ صفة السابقة التي اقترنت بحزب الليكود أيضاً. من هنا جاء حديثه عن "عقيدة بيغن"، في إشارة إلى قرار مناحيم بيغن قصف المفاعل النووي العراقي سنة 1981، والذي كان في واقع الأمر يستكمل عملية "سيف ديموقليس" التي اعتمدتها حكومة إسحق رابين منذ الستينيات.
السياق الثالث: يتمثل في أن استطلاعات الرأي الأخيرة أخذت تشير إلى تآكل شعبية الليكود وشخص نتنياهو تحديداً، الأمر الذي يقتضي استثارة المخاوف الأمنية الأكثر تأثيراً على مزاج الناخب الإسرائيلي، وخاصة تلك التي تثير الرعب الأقصى حول كوابيس الأسلحة النووية. ولم تكن صدفة أن إشاعات كثيرة تجتاح الشارع الإسرائيلي حول خيارات طهران العسكرية بصدد الثأر للغارات التي نفذتها إسرائيل ضد مواقع إيرانية داخل سوريا.
لكن ملهاة نتنياهو لا تطمس المأساة المتجسدة في حقيقة أن دولة الاحتلال تواصل العربدة تحت سمع وبصر القوى التي تزعم الممانعة ومعاداة إسرائيل والإمبريالية لكنها منشغلة في مساندة حرب نظام بشار الأسد ضد غالبية الشعب السوري، وكذلك على مرأى من رادارات موسكو المتعامية وصواريخ "إس 300" المتغافلة.