الرئيسة \  واحة اللقاء  \  عقيدة "التعفيش" المنظم أو جيش التعفيش الأسدي

عقيدة "التعفيش" المنظم أو جيش التعفيش الأسدي

10.05.2018
فادي آدم


القدس العربي
الاربعاء 9/5/2018
ظهرت في الحرب السورية مصطلحات لم يعرفها السوريون من قبل مثالها مصطلح التعفيش ويقصد به السرقة الجماعية للبيوت التي يهجرها اهلها بفعل الحرب أو التهجير الجماعي أو الهجرة الجماعية.
تحول التعفيش في الحرب السورية وعلى صفحات التواصل الاجتماعي إلى ظاهرة ترعب ملايين السوريين الذين سرقت بيوتهم أو الذين ينتظرون سرقتها ..
التعفيش أو النهب في الحرب السورية لم تنج منه منطقة سورية شهدت صراعا عسكريا كان بدا على شكل سرقات محدودة وتوسع لاحقا ليصبح تعفيشا منهجيا معلنا وله أسواق معروفة دائمة أو مؤقتة… وكاد يصبح نوعا جديدا من اقتصاد الحرب إلى جانب تجارة السلاح والمخدرات والرقيق الأبيض أو النساء السبايا
ولهذه الظاهرة أسبابها المادية والنفسية بالطبع فقبل الحرب السورية بوقت طويل كانت السرقة في الجيش الأسدي ظاهرة متفشية بل كانت أمرا طبيعيا يتباهى به بعض الضباط والعناصر مستخدمين كلمة "فائدة" بدلا من كلمة سرقة والضباط الذين لم يسرقوا أموال الجيش وآلياته قلة .
وفي الحرب السورية وبعد الهزائم والخسائر الكبيرة المتوالية للجيش الذي فقد صوابه راح يستخدم أسلوب الميليشيات أو العصابات في قتاله للمعارضة وتحركاته ومواجهته للشعب السوري، فلم يكن هذا الأسلوب الميليشياوي ببعيد عن نفسية وذهنية قادته الذين لا يردهم قانون أو خلق أو دين أو أفراده وأغلبهم بسبب فقرهم أو لعدم حصولهم على طعامهم من الجيش .. .
بدأ التعفيش في حرب لبنان و ظهرت للعلن قصص وفضائح التعفيش التي قام بها عناصر وضباط الجيش الأسدي السوري فمن نبش بلاط البيوت وسيراميك الحمامات وثريات الكنائس ومكتبات الجامعات والبيوت وصولا إلى سرقة البنوك .. أدى الجيش العقائدي الأسدي دوره في نهب اللبنانيين دون تفرقة بين طائفة وأخرى أو تيار سياسي وآخر
واشتهر رفعت الأسد بنهب حلب إبان أحداث الإخوان المسلمين وإخراجه منها اثنتي عشرة سيارة شاحنة مليئة بالمنهوبات الثمينة .
ولربما استفاد جيش صدام من تجربة جيش الأسد فنهب أسواق الكويت بعدما غزاها 1990.
في الحرب السورية تحول التعفيش إلى أقنوم من أقانيم الجيش العقائدي الأسدي إلى اجانب أقانيم "عسكري دبر راسك" والعدمية الوطنية والعنف المفرط وعبادة الزعيم بشار وإباحة كل شيء… الأمر الذي جعله أمرا بدهيا مباحا بقوة الواقع والحرب رغم أننا لم نحصل على وثائق أو معلومات شفهية تشرع التعفيش من قبل ضباط أو صف ضباط
التعفيش لم يقتصر طبعا على قوات النظام التي مارسته في كل مكان من سوريا تقريبا خاضت فيه حروبا أو معارك انتهت بتدمير مدن وبلدات وتهجير أهاليها بل مارسته قوات المعارضة وكان أشهره في مدينة حلب وأخيرا في مدينة عفرين.
الإعلام الموالي للنظام أدلى بدلوه في ظاهرة التعفيش فقد قالت قناة "سما" في تحقيق لها عن التعفيش في مدينة حلب أن مجموعة من أعضاء مجلس الشعب السوري يمثلون المدينة تقدموا بمذكرة إلى رئاسة مجلس الوزراء بخصوص الأمر وقالت القناة إن التعفيش ظاهرة تسيء إلى انتصارات الجيش ومناقبه واتهمت لصوص وشذاذ آفاق ومجموعات فقدت الحس الوطني بارتكاب السرقات.
والطريف أن كاميرات القناة صورت أسواق التعفيش في حلب واعترف محافظ حلب بالقبض على عناصر من الشبيحة بتهمة التعفيش
ورغما عن فتاوى تحريم شراء السلع المعفشة صدرت من رجال دين في مناطق مختلفة غير أن بعض الفقراء يضطرون لشراء بضائع معفشة لرخص أسعارها.
يعتقد أحد ناشطي الفيسبوك السوري أن التعفيش المتوالي باصرار وما نجم عنه من افتتاح أسواق لبيع المسروقات " المعفشة " لاسيما تلك التي تتخذ لها اسما طائفيا معلنا أو مضمرا ربما تؤدي مستقبلا إلى رسم حدود نار ستنتشر على طولها قوات سلام دولية أو جدران عالية مادية أو نفسية تحدد خطوط تقسيم سوريا المستقبل… لكن آخرين يذهبون إلى القول إن هذه رؤية شديدة التشاؤم وإن التعفيش لا يعدو عن كونه ظاهرة سلطوية مرتبطة بعصابات النظام وعصابات الحرب من كافة التوجهات السياسية موالية ومعارضة. وهي ظاهرة عرفتها كل الحروب وكل الأنظمة الفاشية القهرية في التاريخ وإن هذه الظاهرة وسواها من ظواهر الحرب وما قبلها ستنتهي حالما تضع الحرب أوزارها ويجري الانتقال السياسي والثقافي إلى مرحلة القانون والشرعية
 
كاتب سوري